logo
الحكومة اللبنانية تكلّف الجيش بوضع خطة لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية"، فهل هذه مقدمة لنزع سلاح حزب الله؟

الحكومة اللبنانية تكلّف الجيش بوضع خطة لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية"، فهل هذه مقدمة لنزع سلاح حزب الله؟

الوسطمنذ 19 ساعات
EPA-EFE
لطالما كان ملف سلاح حزب الله موضع جدل داخل الأوساط السياسية اللبنانية
كلّفت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، الجيش بوضع خطة تطبيقية لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية" قبل نهاية العام الحالي، وفق ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام.
وأضاف سلام أنه من المقرر عرض الخطة على مجلس الوزراء قبل نهاية شهر أغسطس/آب الجاري لنقاشها وإقرارها.
كما قرر مجلس الوزراء استكمال النقاش فيما يتعلق بالخطة التي طرحها المبعوث الأمريكي إلى لبنان توم براك، والتي تضمنت جدولاً زمنياً لنزع سلاح حزب الله.
جاء ذلك في ختام اجتماع عقده مجلس الوزراء اللبناني، الثلاثاء 5 أغسطس/آب، برئاسة رئيس الجهورية جوزاف عون، وحضور رئيس الوزراء نوّاف سلام، وناقش ملفات على رأسها سلاح حزب الله.
واكتسب هذا الاجتماع أهمية كبيرة نظراً لتصاعد الحديث عن ملف سلاح حزب الله، وانعقاده بعد زيارات عدة أجراها المبعوث الأمريكي براك، طرح خلالها خارطة طريق تتضمن وقف الضربات الإسرائيلية على لبنان، التي لم تتوقف رغم التوصل لوقف إطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل نهاية عام 2024، إضافة إلى دعم لبنان اقتصادياً.
وشملت خارطة الطريق الأمريكية في المقابل مطالبات صريحة بنزع سلاح حزب الله مع تحديد موعد زمني لذلك، وهو الملف الذي لطالما كان جدلياً في لبنان خلال العقود الأخيرة.
وبالتزامن مع الاجتماع، رفض حزب الله "أي جدول زمني" لتسليم سلاحه مع استمرار ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي" على لبنان.
وقال الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، في كلمة مصوّرة، إن على الدولة اللبنانية أن "تضع خططاً لمواجهة الضغط والتهديد وتأمين الحماية، وليس تجريد مقاومتها من قدرتها وقوتها"، على حدّ وصفه.
Reuters
مجلس الوزراء اللبناني يجتمع لمناقشة ملف سلاح حزب الله
وأوضح وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، أن الوزيرَين ركان ناصر الدين وتمارا الزين المحسوبَين على حزب الله وحليفته حركة أمل، "انسحبا من الجلسة لعدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء" الذي تلاه رئيس الوزراء.
وشهد لبنان في الأسابيع الأخيرة شداً وجذباً فيما يتعلق بالتجاوب مع طرح المبعوث الأمريكي، فموقف حزب الله تفاوت بين إبداء الانفتاح على النقاش في البداية، وبين رفض تقديم تنازلات في هذا الملف استجابة لـ"ضغوط أمريكية وإسرائيلية"، تبع ذلك تصعيد في لهجة المبعوث الأمريكي تجاه الحكومة اللبنانية وحزب الله في الأيام الأخيرة.
كيف تطور ملف سلاح حزب الله؟
Getty Images
في عام 1989، وُقّع ما عُرف باتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وتضمّن الاتفاق نزح سلاح جميع الفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب، لكن، ولاعتبارات إقليمية وسياسية عديدة، لم يُنزع سلاح حزب الله الذي كان يُصوّر من قِبل كثيرين على أنه "قوة مقاومة" في وجه إسرائيل التي كانت لا تزال تحتل شريطاً بعرض عدة كيلومترات على طول الحدود الجنوبية للبنان.
لكن وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان سنة 2000، كان يُطرح بين الحين والآخر ملف سلاح حزب الله، ولطالما اتهمه خصومه باستخدام سلاحه في الداخل اللبناني، لفرض إرادته السياسية. وقبل الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان الحزب صاحب النفوذ الأوسع على الساحة اللبنانية.
وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي شنته حركة حماس ضد بلدات حدودية ومواقع جنوبي إسرائيل، أعاد حزب الله فتح الجبهة مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من الهدوء، معللاً ذلك بـ"إسناد غزة".
وفتح ذلك الباب أمام أشهر طويلة من تبادل الضربات بين الطرفين، لكن الأمور اتخذت منحنى تصاعدياً كبيراً في سبتمبر/أيلول 2024، حين شنت إسرائيل هجوماً جوياً واسعاً، وهجوماً آخر بأجهزة اتصالات مفخخة، استهدف عناصر وقادة الحزب وبنيته التحتية في أرجاء لبنان، أُتبع بهجوم برّي في الجنوب.
وأدى الهجوم إلى تكبّد الحزب خسائر كبيرة في صفوفه وبين قادته، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، كما خسر جزءاً كبيراً من ترسانته العسكرية.
وانتهت المواجهة بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
تطورات متتابعة
EPA-EFE/REX/Shutterstock
استمرت الضربات الإسرائيلية في لبنان رغم التوصل لاتفاق هدنة مع حزب الله
خرج حزب الله من المواجهة مع إسرائيل منهكاً، وتزامن ذلك مع تطوّرات أخرى في المنطقة، تمثّلت في سقوط نظام بشار الأسد في سوريا نهاية 2024، الذي كان يُعد أحد أهم حلفاء حزب الله. وأدت كل تلك المعطيات إلى تراجع نفوذ الحزب في لبنان.
وبداية عام 2025، انتخب مجلس النواب اللبناني، قائد الجيش، جوزاف عون، رئيساً للبلاد، بعد أكثر من عامين من شغور المنصب.
ورغم سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تُبقي إسرائيل على وجودها في خمس نقاط حدودية، كما تشن ضربات شبه يومية، مستهدفة ما تقول إنه بنى تحتية ومقاتلون تابعون لحزب الله، الذي يمتنع عن الرد عليها.
وتوعدت اسرائيل، التي تتهم الحزب بالعمل على إعادة ترميم بناه العسكرية، بمواصلة شنّ ضرباتها ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاحه.
وأخيراً، تحركّت واشنطن عبر تقديم خطة مفصّلة لنزع سلاح الحزب مقابل انسحاب إسرائيل ووقف ضرباتها الجوية، إضافة إلى مساعدات اقتصادية للبنان.
وهي خطة حرّكت المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وفاقمت الضغوط على الحكومة والحزب على حدّ سواء.
وكان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، قد أكّد يوم الخميس الالتزام بـ"سحب سلاح جميع القوى المسلّحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه إلى الجيش اللبناني".
وشدّد على أن "المرحلة مصيرية ولا تحتمل استفزازاً من أي جهة كانت"، وصاغ موقفه بعبارة قوية: "علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار"، وذلك في ظل ربط المجتمع الدولي مساعداته للبنان بنزع سلاح الحزب.
ومن غير الواضح حتى الآن مدى إمكانية تطبيق ما تمخض عن اجتماع مجلس الوزراء اللبناني.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر لبناني، أن واشنطن "تضغط على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني"، لكن المصدر أكّد أن "حزب الله لن يُقدم على تسليم سلاحه بلا مقابل، وهو ما يدركه الأمريكيون جيداً".
وهذا يتوافق مع ما نقله تلفزيون المنار التابع لحزب الله عن "مصادر مطلعة"، بأن "الطلب الأمريكي، باختصار، هو استسلام لبناني كامل أمام العدو الإسرائيلي، من دون أي ضمانات تلزمه بالتقيّد" باتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب وكالة فرانس برس، فإن حزب الله يطالب بأن تنسحب اسرائيل من النقاط الخمس الحدودية، وأن توقف الضربات التي تنفّذها رغم وقف إطلاق النار، وأن تعيد عدداً من أسرى الحزب الذين اعتقلتهم خلال الحرب، وبدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، قبل الحديث عن مصير السلاح.
ويبدو هذا الموقف قريباً من الرد الذي قدمته الحكومة اللبنانية بداية يوليو/تموز على الخطة الأمريكية، وركزت فيه على مبدأ التزامن بين الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات في لبنان من جهة، وبحث مصير سلاح حزب الله من جهة أخرى.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"وعد إقامة دولة فلسطينية فارغ ومتأخر جداً" – مقال في نيويورك تايمز
"وعد إقامة دولة فلسطينية فارغ ومتأخر جداً" – مقال في نيويورك تايمز

الوسط

timeمنذ 9 ساعات

  • الوسط

"وعد إقامة دولة فلسطينية فارغ ومتأخر جداً" – مقال في نيويورك تايمز

Getty Images نستعرض في عرض صحف اليوم، مجموعة من مقالات الرأي من بينها مقال عن قيمة الوعود التي أطلقتها دول للاعتراف بدولة فلسطينية، ومقال عن تراجع نفوذ الاتحاد الأوروبي غير المبرر أمام طموحات ترامب، وأخيراً مقال عن تنامي تأثير مرض ألزهايمر بشكل ملحوظ ومساعي العلماء إلى حل لغزه. وفي صحيفة نيويورك تايمز كتبت زينايدا ميلر، أستاذ القانون والشؤون الدولية في جامعة نورث إيسترن، مقالاً بعنوان "وعد إقامة دولة فلسطينية يفتقد للمصداقية". وقالت الكاتبة إن فرنسا وبريطانيا وكندا كشفت عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية، في وقت تقترب فيه المجاعة من قطاع غزة، مشيرة إلى أن رد إسرائيل والولايات المتحدة على الخطوة "مقلق"، بعد أن قال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن القرار بمثابة "مكافأة" لحماس، فيما أدان مسؤولون أمريكيون الخطوة. لكنها لفتت إلى أن موجة الاعتراف الجديدة "ستشكّل تأكيداً واضحاً على الاستقلال السياسي الفلسطيني ووحدة الأراضي الفلسطينية" معتبرة أنها "مسألة ليست هينة، بعد عقود من الغموض الدبلوماسي والانتهاك الإسرائيلي لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم". ورأت أن "الخطوة قد تمنح المدافعين عن حقوق الفلسطينيين مزيداً من القوة لدفع حكوماتهم إلى الالتزام بالقانون الدولي فيما يخص إسرائيل". وقالت ميلر إن انضمام 3 قوى غربية، هم حلفاء رئيسيون لإسرائيل، إلى 147 تعترف بدولة فلسطين "خطوة كبيرة"، وستصبح الولايات المتحدة "أكثر عزلة" بصفتها الداعم الرئيسي لإسرائيل. غير أنها قالت إن خطوة الاعتراف "متأخرة ومحدودة جداً" ورد "غير كافٍ على المجاعة في غزة". وانتقدت ميلر ربط الاعتراف بشروط. ولفتت الكتابة إلى أن إسرائيل، رغم الإجماع، بـ "ارتكابها جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان، إلا أنها تواجه قيوداً أو شروطاً قليلة على المليارات التي تتلقاها كمساعدات عسكرية" على حد تعبيرها. بيد أنها قالت إن إعلان نيويورك الهادف إلى إحياء حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "جعل إسرائيل أكثر عزلة من أي وقت مضى في المجتمع الدولي". وقالت الكتابة إن الإعلان "يُبرز حقيقة أن لعبة السيادة تُدار وفق قواعد مختلفة بحسب الأطراف، إذ تُفرض مطالب تكنوقراطية ومؤسساتية على شعب تُدمَّر بنيته التحتية وسكانه بشكل ممنهج، في حين تُوجَّه مطالب أقل بكثير إلى من يقودون هذا التدمير". ومستندة إلى الإعلان فإنه "يُتوقع من الفلسطينيين أن يرفضوا العنف، والالتزام بدولة منزوعة السلاح، والمحافظة على نظام أمني يخدم جميع الأطراف، وإجراء انتخابات وتطوير حكم رشيد وشفافية واستدامة مالية" بحسب ما نقلت الكتابة. وفي المقابل، "يطلب من إسرائيل فقط الالتزام بالقواعد الأساسية للقانون الدولي، والإعلان عن دعمها لحل الدولتين، وسحب قواتها من غزة" وفق وصف ميلر. وأشارت الكاتبة إلى "الالتزام الفلسطيني بعملية السلام وحل الدولتين منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، لكن السيادة الفلسطينية ظلت بعيدة المنال واستمر الاحتلال". وقالت زينايدا ميلر "إلى أن يؤدي الاعتراف بدولة إلى اتخاذ إجراءات - حظر الأسلحة والعقوبات وإنفاذ القانون الدولي - فإنه سيظل وعداً فارغاً في معظمه، يهدف بالأساس إلى صرف الانتباه عن التواطؤ الغربي في تدمير غزة". "لماذا يرتعد الاتحاد الأوروبي أمام ترامب كالفأر؟"رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أثناء لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي ننتقل إلى صحيفة "الغارديان" البريطانية ومقال رأي كتبه أليكسندر هورست بعنوان "الاتحاد الأوروبي كيان عملاق، فلماذا يرتعد أمام ترامب كالفأر؟"، ويستهل الكاتب مقاله مشيراً إلى أن دول أوروبا، قررت أن تُغرق سفينتها طوعاً، خشية إثارة المتاعب خلال مفاوضاتها التجارية مع إدارة ترامب. ويقول الكاتب إن دول أوروبا "بدلاً من السعي نحو استقلالية استراتيجية، فإنها ستنفق مئات المليارات من الدولارات على شراء الأسلحة الأمريكية، وبدلاً من الالتزام بأهداف المناخ المستقبلية، ستستثمر تلك المبالغ في الغاز الطبيعي الأمريكي، وبدلاً من السعي لتقليص الرسوم الجمركية من الطرفين، ستتكبد خسائر فادحة تُضعف صادراتها، وبدلاً من التمسك بكرامتها، ستنحني في خضوع مهين". ويطرح الكاتب عدداً من الأسئلة بشأن الاتفاق التجاري "الجديد" الذي أُعلن عنه الشهر الماضي بين ترامب ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين: لماذا يرى الاتحاد الأوروبي، وهو كيان بحجم القارة، نفسه ككائن صغير خائف؟ لماذا يكتفي بالدور الثانوي ولا يجرؤ على ممارسة نفوذه؟ ومتى سيحترم نفسه كما فعلت الصين، التي واجهت قرارات ترامب بالمثل حتى تراجع؟ ولماذا لا يدرك الساسة الأوروبيون أن الشعوب تنشد قادة يدافعون عنها؟ وأنه كما أثبتت تجارب كل من مارك كارني في كندا ولولا دا سيلفا في البرازيل، يمكن لكاريزما الحزم أن تحقق مكاسب انتخابية؟ ولماذا، رغم تجربة بريكست، لا يتعلمون أن الشعوب تولي المشاعر والانتماء أولوية على الحسابات الاقتصادية المجردة؟ ويرى الكاتب أنه كان بمقدور الاتحاد الأوروبي أن يكشف تكتيكات ترامب، إلا أن المشكلة تكمن في أن الاتحاد، كما أقر ماكرون، "ليس مخيفاً بالدرجة الكافية"، مع أن أوراق النفوذ التي يملكها تفوق ما لدى الصين في تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي. ويضيف الكاتب أنه لو استخدم الاتحاد أداة "مكافحة الإكراه"، لأمكنه وقف تصنيع أشباه الموصلات المتقدمة في الولايات المتحدة، كما بوسعه تقويض هيمنة التكنولوجيا الأمريكية من خلال فرض ضرائب على عمالقة وادي السيليكون، وحظر دخولهم إلى السوق الأوروبية، وإلغاء حماية ملكيتهم الفكرية، ويمكنه حتى تعطيل إمدادات العقاقير الأمريكية الشهيرة. ويقول الكاتب إنه على الرغم من أن أوروبا قد لا ترغب في الاعتراف بذلك، فإن النظام العالمي قد تغيّر، ففي هذه المرحلة، تتطلع روسيا، والصين، والولايات المتحدة إلى استعادة مفهوم "مناطق النفوذ" واستخدام سيادة القوة بدلاً من سيادة القانون، وإن اختلفت في درجة ميلها إلى الفوضى (كما في حالة روسيا) أو الاستقرار (كما في الصين)، ووسط هذا الواقع الجديد، يتميز ترامب بقدرته على التلاعب بالمشاعر، رغم افتقاره للمعرفة واتسام رؤيته بالغموض والتناقض، مما يجعله يمارس سلطته على غرار "أساليب المافيا"، ويفشل في النهاية في الحفاظ عليها. ويرى الكاتب أنه على مدار عقود "استسلمت أوروبا للرواية الأمريكية، وهي الآن في قبضة رواية قاتمة تنسجها أمريكا في عهد ترامب"، وهذا وضع يراه مقلق، ليس اقتصادياً فحسب، بل جيوسياسياً أيضاً، لأن هذه التبعية لأمريكا، والخوف من تخلي ترامب المفاجئ عن أوكرانيا، تضع أوروبا في موقف مزدوج المعايير، فهي غير مستعدة لإدانة جرائم بنيامين نتنياهو في غزة كإبادة جماعية، بينما تصر على المطالبة بتطبيق القانون الدولي على قصف بوتين للمدنيين في أوكرانيا، وفقاً للكاتب. ويختتم الكاتب أليكسندر هورست مقاله بأن الاتحاد الأوروبي ينبغي له تبنّي عنصر واحد فقط من أساليب ترامب ألا وهو "اللامبالاة"، أو بتعبير أكثر تهذيباً: "الاهتمام بدرجة أقل"، فإذا كان أحد المتحدثين باسم فون دير لاين يقرأ هذا المقال، فقد يكون من المناسب في المؤتمر الصحفي القادم أن يرد على الانتقادات العلنية بالقول: "قد لا تكون رئيسة المفوضية الأوروبية بارعة في التفاوض، لكنها على الأقل ليست متحرشة جنسياً أو مجرمة مدانة". هل ينجح العلماء في معرفة "لغز" ألزهايمر؟ Getty Images مسح بالأشعة تحت الحمراء لدماغ يظهر الخرف المبكر/الزهايمر نختتم جولتنا بصحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية ومقال علمي كتبته أنجانا أهوجا بعنوان "الصورة الكبيرة لمرض ألزهايمر تفتقد إلى تفاصيل صغيرة"، وتستهله الكاتبة بالإشارة إلى دراسة نُشرت الشهر الماضي في مجلة "ساينس أدفانسيس" العلمية تعد إسهاماً جديداً يكشف عن وجود عدد أكبر من البروتينات قد تكون "متورطة في حدوث التدهور الإدراكي" مما كان يُعتقد سابقاً. وتقول الكاتبة إنه على الرغم من أن الدراسة أُجريت على الفئران لا البشر، إلا أن النتائج الأولية جديرة بالاهتمام لسببين: الأول، أن تحديد المزيد من البروتينات المعيبة قد يسهم في تحديد أهداف دوائية جديدة، والثاني، أنها تشير إلى أن التفسيرات الواضحة ليست بالضرورة تمثل القصة الكاملة للمرض، فبينما يمكن رصد تشابكات بسهولة في المختبر، إلا أن التغيرات الأدق التي تسهم في التدهور العقلي قد تمر دون ملاحظة. ويقول المشرف على الدراسة، إن الباحثين في مرض ألزهايمر منفتحون على الفكرة التي تقول بأن المرض يتعدى مجرد تراكم اللويحات والتشابكات، وأضاف: "لطالما كانت لويحة الأميلويد هي الرواية السائدة، وهي بلا شك علامة قوية لأغراض التشخيص، لكنها قد لا تكون الهدف الوظيفي الأكثر أهمية، مما قد يفسر قلة فعالية الأدوية المتوفرة"، ويلفت إلى أن الأدوية الجديدة باهظة الثمن، مثل "ليكانيماب"، يمكن أن تبطئ من التدهور، لكن تأثيرها محدود، أما العلاجات الأكثر انتشاراً فهي تركز على التحكم في الأعراض فقط. ووصفت جوليا دادلي، رئيسة قسم الأبحاث في مؤسسة أبحاث ألزهايمر في المملكة المتحدة، تلك الدراسات بأنها "خطوات هامة نحو تعزيز الفهم وتحسين العلاجات"، مشيرة إلى أن الأبحاث "تستمر في الكشف عن تعقيدات أوسع لكيفية تسبب مرض ألزهايمر في الخرف، التي تتجاوز تراكم بروتينات الأميلويد والتاو المعيبة"، لكنها أكدت على ضرورة إجراء مزيد من الدراسات لتحديد العلاقة السببية وتقييم مدى صلتها بالبشر. وتقول الكاتبة إن باحثين في جامعة جونز هوبكنز يعتزمون التأكد مما إذا كانت هناك مؤشرات لبروتينات معيبة في الدم قد تسهم في الإصابة بالمرض، مما قد يفتح آفاقاً لتطوير اختبارات تشخيصية، كما يعتزمون دراسة البروتيازوم، وهو نوع من البروتينات تقوم بتفكيك البروتينات المعيبة أو غير الضرورية وإعادة تدوير مكوناتها، ويُعتقد أن هذه العملية "التنظيفية" تتراجع مع تقدم العمر، مما يسمح بتراكم البروتينات المعيبة دون ملاحظة. وتختتم الكاتبة أنجانا أهوجا مقالها مؤكدة على أهمية هذه الدراسات، فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يشكل مرض ألزهايمر نحو 70 في المئة من حالات الخرف الـ57 مليوناً التي سُجلت في عام 2021، كما يُضاف سنوياً نحو 10 ملايين حالة خرف جديدة، كل حالة منها تمثل دماراً هائلاً لشخصية الإنسان، "ولا تزال الحاجة ملحة لابتكار علاجات أفضل وربما حتى علاج شافٍ في المستقبل القريب".

خلافات "غير مسبوقة" في قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تكثيف الغارات على غزة
خلافات "غير مسبوقة" في قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تكثيف الغارات على غزة

الوسط

timeمنذ 9 ساعات

  • الوسط

خلافات "غير مسبوقة" في قيادة الجيش الإسرائيلي بشأن تكثيف الغارات على غزة

Getty Images يشهد الجيش الإسرائيلي خلافاً داخلياً متصاعداً بين قائد سلاح الجو وقائد المنطقة الجنوبية، على خلفية رفض توسيع الغارات الجوية على قطاع غزة. في تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، كُشف عن خلافات حادة بين قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، وقائد المنطقة الجنوبية، اللواء يانيف عاسور، بشأن مطالب الأخير بتكثيف الضربات الجوية على القطاع. وأشارت الصحيفة إلى أن اللواء بار، رفض تلبية مطالب قيادة الجنوب، متذرعاً بارتفاع نسبة استهداف المدنيين، بحسب التقرير، وبأن بعض العمليات "تفتقر إلى الأسس المهنية والعسكرية السليمة". الخلاف بلغ ذروته خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي في مقر هيئة الأركان في مدينة تل أبيب، بحضور أكثر من 20 ضابطاً رفيعاً. وخلال الاجتماع، اتهم عاسور قائد سلاح الجو بعرقلة تنفيذ عمليات هجومية سبق أن وافقت عليها قيادة الجنوب، مطالباً بوقف تدخله المباشر في خطط الهجمات الجوية. الرد جاء حاداً من اللواء بار، الذي برّر رفضه بعض العمليات بـ"سوء الأداء المهني"، وهو ما أثار غضب عاسور الذي قال: "أنتم في تل أبيب منفصلون تماماً عن الميدان". هذا التوتر استدعى تدخل رئيس الأركان، إيال زامير، الذي وجّه انتقاداً صريحاً لقائد المنطقة الجنوبية ، معتبراً لهجته "غير مقبولة" في سياق النقاش العسكري. ويأتي هذا الخلاف في ظل إحباط واسع داخل الجيش الإسرائيلي من نتائج العملية البرية المستمرة في غزة، والمعروفة باسم "عربات جدعون"، والتي أُطلقت بهدف الضغط على حركة حماس لإبرام صفقة تبادل. إلا أن هذه العملية لم تحقق نتائجها، بل زادت من حدة الانتقادات الدولية نتيجة ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين الفلسطينيين. مسؤول أمني وصف لصحيفة يديعوت أحرونوت بعض الغارات الأخيرة بأنها "استهدافات لعناصر منخفضة المستوى في حماس، دون قيمة عسكرية حقيقية، مقابل أضرار جانبية جسيمة"، معتبراً أن "الأذى فاق الفائدة". أزمة قيادة وتصعيد داخلي المصادر العسكرية أشارت إلى أن عاسور، الذي يتولى قيادة الجنوب، دخل في مواجهات متكررة مع قادة آخرين في هيئة الأركان خلال الأشهر الماضية. وبدأ بعض كبار الضباط بتقليص تعاملهم معه، ما يعكس أزمة قيادة حقيقية داخل المؤسسة العسكرية. ويواجه الجيش انتقادات متزايدة من داخل المؤسسة العسكرية نفسها بشأن استمرار العملية البرية رغم ما يُوصف بـ"انعدام الجدوى". كما تم تقليص التغطية الإعلامية من داخل غزة بناءً على توجيهات سياسية عُليا، ما زاد من تعقيد المشهد، في وقت تتعثر فيه محادثات صفقة تبادل، ويُتوقع أن يقدم كل من عاسور وبار خطة عملياتية جديدة خلال الأيام المقبلة. Getty Images "سلاح الجو لا يهاجم دون تأكيد عسكري للهدف" وقال الجنرال الإسرائيلي السابق، غيرشون هاكوهين، لبي بي سي إن سلاح الجو الإسرائيلي "لا ينفذ أي هجوم دون الحصول على تأكيد بأن الهدف هو هدف عسكري، أو أنه هدف يمكن تبريره وفقاً للقانون الدولي". وفي تعليقه على الخلاف العلني بين سلاح الجو وقيادة المنطقة الجنوبية بشأن توسيع الغارات على غزة، أوضح هاكوهين أن "الجهات المعنية تجلس معاً، وهناك ضباط وطاقم مشترك يدير العملية، وهناك دليل واضح ومفصل لكيفية تنفيذ الهجمات". ورأى أن "مثل هذا الخلاف لا يعكس بالضرورة أزمة أعمق في إدارة الحرب"، لكنه أقر بأن "هناك حالات تستدعي توضيح المواقف والخلافات واتخاذ قرارات مشتركة". وعما إذا كان هذا الخلاف هو الأول من نوعه داخل الجيش الإسرائيلي، شدد هاكوهين على أن "هذا ليس جديداً على الإطلاق، لكنه يلقى الآن صدى أكبر لأن الأوضاع حساسة للغاية". وبرر رفض سلاح الجو تنفيذ بعض الضربات بأن "الطيارين لا يملكون المعلومات الكاملة عما يجري على الأرض"، مضيفاً: "سلاح الجو يشبه شخصاً يُطلب منه نقل طرد من مكان إلى آخر دون أن يعرف من هو المتلقي، وبالتالي فهو يعتمد على المعطيات التي يوفرها القادة الميدانيون، ويجب أن يعمل الطرفان معاً من خلال بناء مسؤولية مشتركة". ورأى هاكوهين أن "رفض سلاح الجو تنفيذ بعض العمليات قد يُعتبر في بعض الحالات "غير مهني"، وقد يؤدي إلى نتائج غير مرغوبة". Getty Images وأوضح أن قيادة المنطقة الجنوبية لا تمتلك سلاح الجو وإنما تعتمد عليه، مشيراً إلى أن الأمر يختلف عن عملية عاصفة الصحراء عام 1991، حيث كان الجنرال الأمريكي، نورمان شوارزكوف، يملك السيطرة الكاملة على القوات الجوية. وأضاف أن البنية العميقة للجيش الإسرائيلي تترك صلاحية اتخاذ القرار لرئيس الأركان، مما يجعل التنسيق بين الأذرع العسكرية أمراً ضرورياً. وبيّن أن الأمر يشبه النظر عبر مجهر، حيث تكون التفاصيل الدقيقة والتناغم بين القوات ذات أهمية كبيرة. فيما كشف الطيار الإسرائيلي السابق في سلاح الجو، جاي بوران، لبي بي سي عن خلاف حاد وغير مسبوق في تاريخ الجيش الإسرائيلي بين قائد سلاح الجو وقائد لواء الجنوب، حول نوع الأهداف وطريقة تنفيذ الهجمات في قطاع غزة. وأوضح بوران أن ما كان يُعتبر سابقاً مجرد شائعات أصبح الآن أمراً واضحاً وعلنياً، خاصة بعد الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي مع قائد سلاح الجو والذي شارك فيه. وبحسب بوران، فقد دخل قائد سلاح الجو في جدال كبير مع قائد لواء الجنوب بشأن مشاركة القوات الجوية في هذه العمليات، وهو جدال يحمل أبعاداً عسكرية وسياسية بالغة الأهمية. وأضاف أنه بصدد تنظيم تظاهرة ضخمة يوم الإثنين، المقبل بمشاركة مئات الطيارين أمام مقر الجيش، لدعم موقف رئيس الأركان الذي يعارض خطة الحكومة لاستكمال السيطرة الكاملة على قطاع غزة، وكذلك دعماً لقائد سلاح الجو في اعتراضه على استهداف المدنيين. "من الغرف المغلقة إلى العلن" ويشير جاي بوران، لبي بي سي، إلى أن هذا الخلاف يحمل طابعاً جديدا من حيث ظهوره العلني، حيث كان الخلاف في السابق يُناقش داخل غرف مغلقة بالمقرات العسكرية، أما الآن فقد أصبح موضوعاً يُطرح بشكل واضح أمام الجميع، مما يسبب ارتباكاً وقلقاً بين الطيارين المشاركين في العمليات. ويشرح بوران كيف أن الطيارين، الذين يخضعون لقيادة سلاح الجو مباشرة، يجدون أنفسهم في وضع مربك للغاية، إذ يعلمون بوجود صراع داخلي بين قيادتهم وقائد لواء الجنوب، لكن في الوقت نفسه يُطلب منهم تنفيذ مهام قتالية، مما يثير فيهم حالة من الحيرة والغضب. Getty Images وفيما يخص مسألة رفض سلاح الجو تنفيذ بعض الضربات، يوضح بوران أن الأمر لا يُعتبر تصرفاً غير مهني، بل يأتي ضمن إطار عملية معقدة تبدأ بطلبات من قوات الأرض، مروراً بقيادة الجنوب، وصولاً إلى سلاح الجو الذي كان حتى وقت قريب يوافق تلقائياً على معظم الأهداف المطلوبة. لكنه يوضح أن هذا الوضع تغير منذ أبريل/نيسان 2025، حيث أصبح كل هدف يحتاج إلى تفويض مباشر من قائد سلاح الجو، ما أدى إلى تصاعد الخلاف بينه وبين قيادة الجنوب. ويؤكد بوران أن للقيادة الجوية الكلمة الفصل في إصدار أوامر الضربات، ولا يحق لأي جهة أخرى غير قيادة سلاح الجو أن تصدر تعليمات للطيارين أو للأسراب الجوية.

الحكومة اللبنانية تكلّف الجيش بوضع خطة لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية"، فهل هذه مقدمة لنزع سلاح حزب الله؟
الحكومة اللبنانية تكلّف الجيش بوضع خطة لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية"، فهل هذه مقدمة لنزع سلاح حزب الله؟

الوسط

timeمنذ 19 ساعات

  • الوسط

الحكومة اللبنانية تكلّف الجيش بوضع خطة لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية"، فهل هذه مقدمة لنزع سلاح حزب الله؟

EPA-EFE لطالما كان ملف سلاح حزب الله موضع جدل داخل الأوساط السياسية اللبنانية كلّفت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء، الجيش بوضع خطة تطبيقية لـ"حصر السلاح بيد القوى الشرعية" قبل نهاية العام الحالي، وفق ما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام. وأضاف سلام أنه من المقرر عرض الخطة على مجلس الوزراء قبل نهاية شهر أغسطس/آب الجاري لنقاشها وإقرارها. كما قرر مجلس الوزراء استكمال النقاش فيما يتعلق بالخطة التي طرحها المبعوث الأمريكي إلى لبنان توم براك، والتي تضمنت جدولاً زمنياً لنزع سلاح حزب الله. جاء ذلك في ختام اجتماع عقده مجلس الوزراء اللبناني، الثلاثاء 5 أغسطس/آب، برئاسة رئيس الجهورية جوزاف عون، وحضور رئيس الوزراء نوّاف سلام، وناقش ملفات على رأسها سلاح حزب الله. واكتسب هذا الاجتماع أهمية كبيرة نظراً لتصاعد الحديث عن ملف سلاح حزب الله، وانعقاده بعد زيارات عدة أجراها المبعوث الأمريكي براك، طرح خلالها خارطة طريق تتضمن وقف الضربات الإسرائيلية على لبنان، التي لم تتوقف رغم التوصل لوقف إطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل نهاية عام 2024، إضافة إلى دعم لبنان اقتصادياً. وشملت خارطة الطريق الأمريكية في المقابل مطالبات صريحة بنزع سلاح حزب الله مع تحديد موعد زمني لذلك، وهو الملف الذي لطالما كان جدلياً في لبنان خلال العقود الأخيرة. وبالتزامن مع الاجتماع، رفض حزب الله "أي جدول زمني" لتسليم سلاحه مع استمرار ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي" على لبنان. وقال الأمين العام للحزب، نعيم قاسم، في كلمة مصوّرة، إن على الدولة اللبنانية أن "تضع خططاً لمواجهة الضغط والتهديد وتأمين الحماية، وليس تجريد مقاومتها من قدرتها وقوتها"، على حدّ وصفه. Reuters مجلس الوزراء اللبناني يجتمع لمناقشة ملف سلاح حزب الله وأوضح وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، أن الوزيرَين ركان ناصر الدين وتمارا الزين المحسوبَين على حزب الله وحليفته حركة أمل، "انسحبا من الجلسة لعدم موافقتهما على قرار مجلس الوزراء" الذي تلاه رئيس الوزراء. وشهد لبنان في الأسابيع الأخيرة شداً وجذباً فيما يتعلق بالتجاوب مع طرح المبعوث الأمريكي، فموقف حزب الله تفاوت بين إبداء الانفتاح على النقاش في البداية، وبين رفض تقديم تنازلات في هذا الملف استجابة لـ"ضغوط أمريكية وإسرائيلية"، تبع ذلك تصعيد في لهجة المبعوث الأمريكي تجاه الحكومة اللبنانية وحزب الله في الأيام الأخيرة. كيف تطور ملف سلاح حزب الله؟ Getty Images في عام 1989، وُقّع ما عُرف باتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وتضمّن الاتفاق نزح سلاح جميع الفصائل المسلحة التي شاركت في الحرب، لكن، ولاعتبارات إقليمية وسياسية عديدة، لم يُنزع سلاح حزب الله الذي كان يُصوّر من قِبل كثيرين على أنه "قوة مقاومة" في وجه إسرائيل التي كانت لا تزال تحتل شريطاً بعرض عدة كيلومترات على طول الحدود الجنوبية للبنان. لكن وبعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان سنة 2000، كان يُطرح بين الحين والآخر ملف سلاح حزب الله، ولطالما اتهمه خصومه باستخدام سلاحه في الداخل اللبناني، لفرض إرادته السياسية. وقبل الحرب الأخيرة مع إسرائيل، كان الحزب صاحب النفوذ الأوسع على الساحة اللبنانية. وفي أعقاب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي شنته حركة حماس ضد بلدات حدودية ومواقع جنوبي إسرائيل، أعاد حزب الله فتح الجبهة مع إسرائيل بعد سنوات طويلة من الهدوء، معللاً ذلك بـ"إسناد غزة". وفتح ذلك الباب أمام أشهر طويلة من تبادل الضربات بين الطرفين، لكن الأمور اتخذت منحنى تصاعدياً كبيراً في سبتمبر/أيلول 2024، حين شنت إسرائيل هجوماً جوياً واسعاً، وهجوماً آخر بأجهزة اتصالات مفخخة، استهدف عناصر وقادة الحزب وبنيته التحتية في أرجاء لبنان، أُتبع بهجوم برّي في الجنوب. وأدى الهجوم إلى تكبّد الحزب خسائر كبيرة في صفوفه وبين قادته، وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله، كما خسر جزءاً كبيراً من ترسانته العسكرية. وانتهت المواجهة بإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. تطورات متتابعة EPA-EFE/REX/Shutterstock استمرت الضربات الإسرائيلية في لبنان رغم التوصل لاتفاق هدنة مع حزب الله خرج حزب الله من المواجهة مع إسرائيل منهكاً، وتزامن ذلك مع تطوّرات أخرى في المنطقة، تمثّلت في سقوط نظام بشار الأسد في سوريا نهاية 2024، الذي كان يُعد أحد أهم حلفاء حزب الله. وأدت كل تلك المعطيات إلى تراجع نفوذ الحزب في لبنان. وبداية عام 2025، انتخب مجلس النواب اللبناني، قائد الجيش، جوزاف عون، رئيساً للبلاد، بعد أكثر من عامين من شغور المنصب. ورغم سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تُبقي إسرائيل على وجودها في خمس نقاط حدودية، كما تشن ضربات شبه يومية، مستهدفة ما تقول إنه بنى تحتية ومقاتلون تابعون لحزب الله، الذي يمتنع عن الرد عليها. وتوعدت اسرائيل، التي تتهم الحزب بالعمل على إعادة ترميم بناه العسكرية، بمواصلة شنّ ضرباتها ما لم تنزع السلطات اللبنانية سلاحه. وأخيراً، تحركّت واشنطن عبر تقديم خطة مفصّلة لنزع سلاح الحزب مقابل انسحاب إسرائيل ووقف ضرباتها الجوية، إضافة إلى مساعدات اقتصادية للبنان. وهي خطة حرّكت المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وفاقمت الضغوط على الحكومة والحزب على حدّ سواء. وكان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، قد أكّد يوم الخميس الالتزام بـ"سحب سلاح جميع القوى المسلّحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه إلى الجيش اللبناني". وشدّد على أن "المرحلة مصيرية ولا تحتمل استفزازاً من أي جهة كانت"، وصاغ موقفه بعبارة قوية: "علينا اليوم أن نختار، إما الانهيار وإما الاستقرار"، وذلك في ظل ربط المجتمع الدولي مساعداته للبنان بنزع سلاح الحزب. ومن غير الواضح حتى الآن مدى إمكانية تطبيق ما تمخض عن اجتماع مجلس الوزراء اللبناني. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر لبناني، أن واشنطن "تضغط على لبنان ليسلّم حزب الله سلاحه ضمن جدول زمني"، لكن المصدر أكّد أن "حزب الله لن يُقدم على تسليم سلاحه بلا مقابل، وهو ما يدركه الأمريكيون جيداً". وهذا يتوافق مع ما نقله تلفزيون المنار التابع لحزب الله عن "مصادر مطلعة"، بأن "الطلب الأمريكي، باختصار، هو استسلام لبناني كامل أمام العدو الإسرائيلي، من دون أي ضمانات تلزمه بالتقيّد" باتفاق وقف إطلاق النار. وبحسب وكالة فرانس برس، فإن حزب الله يطالب بأن تنسحب اسرائيل من النقاط الخمس الحدودية، وأن توقف الضربات التي تنفّذها رغم وقف إطلاق النار، وأن تعيد عدداً من أسرى الحزب الذين اعتقلتهم خلال الحرب، وبدء عملية إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، قبل الحديث عن مصير السلاح. ويبدو هذا الموقف قريباً من الرد الذي قدمته الحكومة اللبنانية بداية يوليو/تموز على الخطة الأمريكية، وركزت فيه على مبدأ التزامن بين الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات في لبنان من جهة، وبحث مصير سلاح حزب الله من جهة أخرى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store