فعلها ترامب.. ماذا سيفعل خامنئي؟
ماذا وراء الهجوم الأميركيّ على المنشآت النّوويّة الإيرانيّة؟ وما هي خيارات الرّدّ الإيرانيّ على الهجوم الأوّل من نوعهِ الذي يطال البرنامج النّوويّ؟
نفّذَ الرّئيس الأميركيّ دونالد ترامب تهديداته، واستهدَف المنشآت النّوويّة الإيرانيّة الأساسيّة في 'فردو' و'أصفهان' و'نطنز'. سرعانَ ما أعلنَ رئيس الولايات المُتّحدة عبر تغريدة على منصّة 'تروث سوشيل' خبرَ الضّربة، وختمها بأنّ الوقتَ حانَ للسّلام. وهو ما يُشيرُ إلى أنّ ترامب يحاول أن تكونَ الضّربة التي نفّذتها واشنطن ضدّ منشآت طهران النّوويّة الأولى والأخيرة، وأن يكونَ بذلكَ جرّدَ طهران من جزءٍ أساسيّ ممّا تُسمّيه واشنطن 'خطوات صناعة السّلاح النّوويّ'.
تضليل ما قبل الضّربة..
باتَ واضحاً أنّه قبل أيّ خطوة أساسيّة في الهجوم على إيران، تعمد الولايات المُتّحدة وإسرائيل إلى بثّ معلومات وتصريحات تهدُف إلى تضليل الجانب الإيرانيّ:
أعلَنَت الولايات المُتّحدة أنّ وجهة طائرات الـB2 Spirit الشّبحيّة التي انطلقَت من 'ميسوري' الأميركيّة هي قاعدة 'غوام' في المحيط الهادئ. وهي قاعدة ٌبعيدةٌ عن إيران.
أعلنَت وزارة الدّفاع (البنتاغون) أنّ الطّائرات نُقِلَت وليسَ هُناك أيّ أمرٍ للهجوم من قِبَل الرّئيس الأميركيّ، بل هي لتعزيز موقفه السّياسيّ عبر إضافة أدواتٍ جديدةٍ بين يدَيه.
كانَت هيئة البثّ الإسرائيليّة قد نقلت عن مسؤولين قولهم إنّ تل أبيب قادرة لوحدها على حسمِ الضّربةِ ضدّ المنشآت النّوويّة، خصوصاً منشأة فردو المُحصّنة في جِبال منطقة 'قُم'.
نقلَت صحيفة 'وول ستريت جورنال' عن مسؤولٍ إسرائيليّ قوله إنّ بلاده قد تلجأ إلى عمليّة 'كوماندوس' لتدمير أو إخراج منشأة 'فردو' من الخدمة.
قالَ الرّئيس الأميركيّ قبل يومَين إنّه بحاجة إلى فترة أسبوعَين لحسمِ قراره بشأن التّدخّل العسكريّ ضدّ المنشآت النوويّة.
لا يُمكن الجزمُ في احتمال انطلاء التضليل الأميركيّ – الإسرائيليّ على إيران هذه المرّة. لكنّ الواقِعَ يقول إنّ إيران تتعامل في الأسبوع الأخير بفائضٍ من الحذر تجاه الخطوات السّياسيّة الأميركيّة، وقد نقلَت رسائل للولايات المُتّحدة مُفادها أنّ ضربَ منشآت تخصيب اليورانيوم سيكونُ أسهل على النّظام الإيرانيّ من تفكيكها أمام أعيُن العالم.
يُعتبَر رضوخ إيران للضربات العسكريّة وموافقتها على تفكيك منشأة 'فردو' أو 'نطنز' هزّةً كبيرةً لصورتِها أمام الدّاخل المُترنّح بفعل العقوبات والضّربات العسكريّة. أمّا الضّربات للمنشآت فقد تسمح للنّظام الإيرانيّ بالإيحاء لداخلهِ أنّه 'قاتل' من أجلِ الحفاظ عليها.
كيفَ تمّت الضّربة الأميركيّة؟
استخدَمَت الولايات المُتّحدة في هجومها على المنشآت النّوويّة الإيرانيّة 6 قاذفات استراتيجيّة من طراز B2 Spirit عبرت نصفَ العالم من أميركا إلى إيران من دون توقّف. وتزوّدَت هذه القاذفات بالوَقودِ جوّاً في طريقها نحوَ العُمقِ الإيرانيّ. حملَت كُلّ قاذفةٍ قُنبلتَيْن من طراز GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي يبلغُ وزنُ الواحدةِ منها 30 ألف رطل (13 ألف كيلوغرام). وهي المرّة الأولى التي تُستعمَلُ فيها هذه القنابل في ضربةٍ عسكريّة مُعلَنة.
استهدَفت الطّائرات الأميركيّة 3 منشآت نوويّة، وهي 'فردو' و'نطنز' و'أصفهان'، بالإضافة إلى عشرات الصواريخ من طراز 'توماهوك' التي استهدفت هذه المواقع. أرادَ ترامب عبر هذا الهجوم أن يُؤكّدَ التّفوّق العسكريّ الأميركيّ، وأنّ بلادهُ قادرة على بلوغ أيّ بقعةٍ في العالم. وهذا يعني أنّ الضّربة لإيران هي رسالةٌ للعالم بأسرِهِ تبيّن قوّة الجيش الأميركيّ.
لدى واشنطن العديد من القواعِد القريبة من إيران، بما في ذلكَ القاعدة الموجودة في جزيرة 'دييغو غارسيا' في المحيط الهندي. يجعلُ الانطلاق من هذه القاعدة المهمّة أسهلَ من النّاحية العسكريّة. لكنّ انطلاقها من أراضي أميركا يجعل من رسائلها السّياسيّة أقوى. جديرٌ بالذّكر أنّ جزيرة 'دييغو غارسيا' تقع تحت السّيادة البريطانيّة، وهو ما يعني أنّ واشنطن تحتاج إلى إذنٍ بريطانيٍّ لشنّ عمليّة عسكريّة انطلاقاً منها. وبالتّالي يُفضّل ترامب أن تكونَ ضربته أميركيّة خالصة من دون أيّ مشاركة، ولو سياسيّة، من أيّ دولةٍ.
ماهي خيارات إيران؟
ليسَت أمام إيران خيارات واسعة للرّدِّ، خصوصاً أنّ ترامب أرفقَ تغريدته بتحذير مُفادهُ أنّ أيّ استهدافٍ لمصالحِ الولايات المُتّحدة سيواجَهُ بقوّةٍ أكبر من تلكَ التي شوهِدَت في ضربِ المنشآت النّوويّة.
إيران اليوم ليسَت إيران قبل سنة، ولا قبل سنتيْن. فهي شبهُ مُجرّدة من الأدوات بعدَ ضربِ 'حماس' و'الجهاد الإسلاميّ' في غزّة، و'الحزب' في لبنان وسقوط نظام بشّار الأسد في سوريا. وتشهدُ مياه المُتوسّط وبحر العرب والمحيط الهنديّ انتشاراً عسكريّاً أميركيّاً قلّ نظيره في المنطقة.
بالتّالي يُمكنُ اعتبار أيّ خطوةٍ للرّدّ قد تلجأ إليها إيران بمنزلة خطوة إضافيّة نحوَ 'الانتحار'، وهذه بعض السيناريوهات المطروحة:
أن تضربَ إيران القواعد الأميركيّة في العراق وسوريا والخليج العربيّ. لكنّ هذه الخطوة قد تعرِّضها لفقدِ الموقف الخليجيّ الرّافض للضّربات الإسرائيليّة وحتّى الأميركيّة التي طالت إيران. ويُعتبر استهداف القواعد في العراق وسوريا ردّاً محدوداً لا يتناسب مع حجمِ الضّربة التي تعرّضت لها إيران. لكنّ ترامب قد يستوعِب ردّاً إيرانيّاً في العراق وسوريا كما حصلَ بعد اغتيال قاسم سُليماني في 2020.
أن تُقدِم إيران على إغلاق مضيق هرمز. وهذه الخطوة من شأنها أن تُعرّضَ الاقتصادَ العالميّ لخضّة كبيرة، تجعل إيران في مواجهة العالم بأسره، خصوصاً بعد الخضّة التي تعرّضت لها إمدادات الطّاقة بعد الحرب الرّوسيّة – الأوكرانيّة.
أن تدفعَ 'الحزبَ' في لبنان إلى إطلاق صواريخ ومُسيّرات على إسرائيل. وهذا الخيار أيضاً سيدفع تل أبيب وواشنطن إلى ضربِ 'الحزبِ' حتّى إعلان القضاء عليه بشكلٍ كاملٍ.
أن تنسِحبَ إيران من معاهدة 'الحدّ من انتشار الأسلحة النّوويّة'. وهذه الخطوة ستُعطي إسرائيل مُبرّرات جديدة لدعمِ موقفها حول عدم سلميّة البرنامج النّوويّ الإيرانيّ.
من المُهمّ قراءة التسريبات الإيرانيّة التي تحدّثت عن أنّ المنشآت النّوويّة لم تتعرّض للتدمير إثر الضربة الأميركيّة. فهذا قد يكون لتُخفّف طهران من وطأةِ ردّها تمهيداً للعودة إلى المُفاوضات السّياسيّة باعتبارها الطريق الوحيد المتاح أمامها. أمّا الطّرُق الأخرى فجميعها تُؤدّي إلى نهاية واحدة، وهي 'الانتحار'.
ابراهيم ريحان - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 12 دقائق
- ليبانون 24
صحيفة "The Guardian" تكشف: ترامب وقع في فخ نتنياهو
ذكرت صحيفة "The Guardian" البريطانية أنه "عند انتخابه رئيساً، اقترح دونالد ترامب أنه يمكنه بناء علاقة جديدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لطالما تمكن من تحقيق أهدافه عبر البيت الأبيض. لكن بعد مرور ما يزيد قليلا على 150 يوما على توليه منصبه، يبدو أن ترامب وقع في الفخ عينه الذي وقع فيه أسلافه، وشن الضربة الأكثر أهمية على إيران منذ أجيال. وعلى الرغم من الاقتراحات المبكرة بأن إدارة ترامب سوف تكبح طموحات نتنياهو العسكرية، يبدو الآن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نجح في إقناع الولايات المتحدة بضرب مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية مباشرة بعد سلسلة من الهجمات العسكرية. والآن، تستعد الولايات المتحدة لرد انتقامي قد يدفعها بسهولة إلى حرب شاملة". وبحسب الصحيفة، "قبل أيام من تنصيب ترامب، توجه مبعوثه إلى الشرق الأوسط ، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل بطلب للقاء نتنياهو يوم السبت من أجل إجباره على التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة. واعتبر كبار المسؤولين في ذلك الوقت أن ذلك يعود إلى "عامل ترامب"، في إشارة إلى عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي وبراعته في عقد الصفقات، والذي يمكن أن يوفر أفضلية حاسمة في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي القوي. وفي حين تمكن نتنياهو من مناورة الإدارات السابقة لدعم مغامراته العسكرية في المنطقة، بدأ بعض منتقدي إسرائيل يشيدون بقدرة ترامب على مقاومة نفوذ نتنياهو". وتابعت الصحيفة، "لكن بعد أحداث السبت، عندما قصفت قاذفات أميركية من طراز B-2 أهدافا في إيران لأول مرة منذ بدأت إسرائيل شن الضربات الأسبوع الماضي، أصبح من الواضح أن حدس ترامب قد تغير، كما تحول أعضاء حاشيته الداخلية من النهج الانعزالي لـ "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" في السياسة الخارجية إلى موقف أكثر تشددا. لقد بدأ النفور العلني الذي أبداه ترامب تجاه الحرب ووعوده كمرشح بعدم إقحام الولايات المتحدة في المزيد من الصراعات في الخارج يتبخر بعد أقل من 200 يوم من عودته إلى منصبه. وعندما ظهر علناً، سعى ترامب إلى وضع حد للشائعات حول علاقته المضطربة مع نتنياهو، وحاول أن يظهر أن السياسة الأميركية كانت متوافقة مع سياسة إسرائيل، رافضاً الاقتراحات التي تقول إن إسرائيل فاجأت الولايات المتحدة بمواصلة حملة قصف عدوانية ضد إيران. وقال: "أود أن أشكر وأهنئ رئيس الوزراء نتنياهو. لقد عملنا كفريق واحد كما لم يعمل أي فريق آخر من قبل، وقطعنا شوطًا طويلاً في محو هذا التهديد الرهيب لإسرائيل"." وأضافت الصحيفة، "كان هذا بعيدًا كل البعد عن رد الفعل الأميركي الأولي على الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف في إيران، عندما وصف وزير الخارجية ماركو روبيو الضربات بأنها "أحادية الجانب" وقال إن الولايات المتحدة "لم تشارك في ضربات ضد إيران وأن أولويتنا القصوى هي حماية القوات الأميركية في المنطقة". يا له من فرق يُحدثه أسبوع واحد! يبدو الآن أن الولايات المتحدة قد أيدت الضربات الإسرائيلية بالكامل وانضمت إلى الهجوم، مما قد يُمهّد الطريق لسلسلة من التصعيدات التي قد تُفضي إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط. ولكن، ماذا يعني هذا للمستقبل؟ زعم ترامب في العلن وفي الخفاء أن الضربات الأميركية على مواقع تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان يمكن احتواؤها. وتلقت القوات الأميركية في الشرق الأوسط تحذيرات من احتمال وقوع هجمات انتقامية من جانب إيران، وأبلغ ترامب طهران أن الولايات المتحدة مستعدة لتنفيذ المزيد من الضربات إذا تم استهدافها بشكل مباشر". وبحسب الصحيفة، "مع ذلك، حذر مسؤولون في إدارة ترامب، بما في ذلك نائب الرئيس جيه دي فانس، من احتمال تسلل ضربة محدودة إلى مهمة طويلة الأجل في إيران إذا ردت طهران. في الوقت الحالي، يواصل ترامب محاولة اتخاذ موقف وسط، من خلال شن الضربات، لكنه يشير في الوقت عينه إلى قدرته على منع التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب طويلة الأمد. ومع ذلك، يبدو أن الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لم يكتسب سوى الجرأة بعد غارة ترامب".


LBCI
منذ 13 دقائق
- LBCI
شركة الكهرباء الإسرائيلية: عودة التيار إلى جميع المستهلكين بعد وقوع أضرار بالقرب من موقع إستراتيجي للبنية التحتية في جنوب إسرائيل
الكرملين : لا خطط للقاء بين بوتين وترامب في الوقت الحالي الكرملين : لا خطط للقاء بين بوتين وترامب في الوقت الحالي الكرملين: الوضع على الأرض في إيران بعد الضربات لا يمكن إلا أن يكون مصدر قلق


LBCI
منذ 13 دقائق
- LBCI
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطلب الوصول إلى المنشآت النووية في إيران للكشف على مخزون اليورانيوم العالي التخصيب
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تطلب الوصول إلى المنشآت النووية في إيران للكشف على مخزون اليورانيوم العالي التخصيب خبر عاجل مشاهدات عالية شارك