
بسبب أخنوش.. جمود إداري يضرب وكالات عمومية حيوية بالمغرب
تشهد مؤسسات ووكالات عمومية حيوية في المغرب حالة من الجمود الإداري وضعف في التسيير، نتيجة تعثر انعقاد مجالسها الإدارية التي تعتبر ركيزة أساسية لاتخاذ القرارات الاستراتيجية والمصادقة على المشاريع الكبرى. هذا الشلل التنظيمي بات يهدد بشكل مباشر تنفيذ عدد من البرامج الحيوية ذات البعد التنموي والاقتصادي.
وتواجه هذه المؤسسات صعوبات كبيرة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتراخيص أو الصفقات أو البرامج التشغيلية، نتيجة غياب المجالس الإدارية التي يُفترض أن تعقد دوراتها بشكل منتظم. ويترأس هذه المجالس عادة رئيس الحكومة أو أحد الوزراء، ما يجعل التأخر في الدعوة لانعقادها يُلقي بظلاله على النجاعة الإدارية لهذه المؤسسات.
وكالات عمومية استراتيجية خارج الخدمة
من أبرز المؤسسات التي تعيش حالة 'الفراغ الإداري' نجد الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، المكلفة بملفات حساسة في قطاع الاتصالات مثل منح تراخيص الجيل الخامس وتدبير سوق الاتصالات. وتعيش هذه الوكالة منذ أشهر حالة شلل، بسبب غياب انعقاد مجلس إدارتها الذي يرأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، رغم الطابع الاستراتيجي لمهامها في عصر الرقمنة والتحول التكنولوجي.
وفي السياق ذاته، تسجل الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة غياباً واضحاً على مستوى التفاعل مع رهانات إصلاح المؤسسات العمومية، رغم أنها الجهاز الرسمي المكلف بمتابعة حسن تدبير الدولة لمساهماتها في الشركات العمومية وشبه العمومية.
وتشمل القائمة أيضاً الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، التي يرأس مجلسها الإداري محمد الكروج، والتي لم ينعقد مجلسها منذ عدة أشهر، رغم حساسية المهام المرتبطة بتنزيل الإطار التنظيمي الجديد المرتبط بتقنين الاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي.
أزمة حكامة وتداعيات محتملة
يرى متابعون أن هذا التعثر الإداري يعكس ضعف الحكامة داخل بعض مؤسسات الدولة، خاصة في ظل غياب آليات واضحة تفرض انتظام انعقاد المجالس الإدارية وتفعيل اختصاصاتها. ويُحذر خبراء من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يُضعف أداء القطاعات المعنية ويؤخر مشاريع تنموية استراتيجية، لا سيما في ظل التزامات وطنية كبرى مثل التحضير لاحتضان كأس العالم 2030 وتحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد.
في المقابل، تُطالب بعض الأصوات داخل المجتمع المدني والهيئات الرقابية بضرورة تفعيل آلية المحاسبة والتتبع، وإخراج هذه المؤسسات من دائرة الجمود، من خلال احترام آجال انعقاد المجالس الإدارية وتعزيز استقلالية القرار داخل هذه الأجهزة العمومية.
الجمود الذي تعرفه بعض الوكالات العمومية اليوم لا يتعلق فقط بتأخر تقني أو إداري، بل يعكس خللاً هيكلياً في تدبير شؤون مؤسسات يُفترض أن تكون في طليعة الفاعلين في إنجاح الأوراش الوطنية. فبدون حكامة فعالة ومجالس إدارية نشطة، يبقى أي إصلاح مجرد شعار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 4 ساعات
- بلبريس
700 مليون درهم لمربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني
ترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الأربعاء 25 يونيو 2025 بالرباط، اجتماعاً لمجلس الرقابة للقرض الفلاحي للمغرب، والذي خُصص لاستعراض نتائج البنك والمصادقة على برنامج عمله المستقبلي. وأسفر الاجتماع عن الإعلان عن برنامج لدعم 50 ألفاً من مربي الماشية، إلى جانب الإشادة بالأداء المالي المتميز للمؤسسة. وفي بداية الاجتماع، أشاد رئيس الحكومة بالدور المحوري الذي يلعبه القرض الفلاحي في دعم وتنمية العالم القروي، مشيراً إلى أن عمل البنك يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بتنزيل برنامج دعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني، والذي يشكل تخفيف وإعادة جدولة ديون المربين أحد أبرز محاوره. وخلال الاجتماع، تم استعراض الأداء المالي القوي للبنك، حيث حقق ناتجاً بنكياً صافياً بلغ 4.5 مليار درهم بنهاية عام 2024، مع تحكم جيد في تكاليف الاستغلال. وسجل الناتج البنكي الصافي الموطد نمواً بنسبة 28%، فيما ارتفع الناتج البنكي الصافي الاجتماعي بنسبة 32%، وهو أداء إيجابي تأكد استمراره خلال الربع الأول من عام 2025. وفيما يتعلق ببرنامج الدعم الجديد، أكد مجلس الرقابة أن تكلفته ستتم تغطيتها من ميزانية الدولة بما يفوق 700 مليون درهم. ويستهدف البرنامج 50 ألف مربٍّ من زبناء القرض الفلاحي للمغرب، حيث سيستفيدون من مجموعة من التسهيلات المتعلقة بقروضهم. وقد صادق المجلس على برنامج عمل البنك الذي يهدف إلى تعزيز متانته المالية مع مواصلة دوره في الخدمة العمومية، وسيتم تنزيله في إطار اتفاق ثلاثي يجمع بين الدولة والقرض الفلاحي والوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة.


المغرب الآن
منذ 6 ساعات
- المغرب الآن
700 مليون درهم لدعم مربي الماشية: هل تصل تمويلات القرض الفلاحي فعليًا إلى الفلاح الصغير؟
في وقت ما زالت فيه آثار الجفاف وتدهور القدرة الشرائية تخنق الفلاحين الصغار في عدد من جهات المغرب، ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يوم الأربعاء بالرباط، اجتماعًا لمجلس الرقابة لمجموعة القرض الفلاحي للمغرب، خُصص لتقييم حصيلة المؤسسة وبرنامج عملها المستقبلي، لا سيما ما يتعلق بمواكبة العالم القروي. في ظاهر الأمر، جاءت الأرقام مطمئنة: ناتج بنكي صاف بلغ 4,5 مليار درهم مع نهاية 2024، وارتفاع في المؤشرات المالية بنسبة تتجاوز 30%. وهي معطيات اعتُبرت داخل المجلس 'أداءً متميزًا' يعكس متانة المؤسسة. لكن خلف هذه المؤشرات، يظل السؤال معلقًا لدى مربّي الماشية في القرى والهضاب: هل يشعر الفاعلون في الميدان فعليًا بثمار هذه النتائج البنكية؟ تمويلات جديدة… لكن لفائدة من؟ من أبرز ما خرج به الاجتماع تأكيد تغطية الدولة لتكلفة برنامج دعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني، بميزانية تفوق 700 مليون درهم. هذا الدعم، حسب البلاغ الرسمي، يستهدف حوالي 50 ألف مربٍ وزبون لدى القرض الفلاحي، عبر تسهيلات في القروض وجدولة الديون المتراكمة. غير أن تجارب سابقة تطرح علامات استفهام حول مدى وصول هذه البرامج إلى الفلاحين الصغار، الذين يعانون من عراقيل المساطر البنكية، وضعف التأطير، وغياب آليات المتابعة الفعلية في المناطق النائية. بين الأرقام والقطيع: الفلاحون ينتظرون أكثر من الوعود رغم الإشارة إلى التوجيهات الملكية في الموضوع، فإن جزءًا من المربين الصغار يعتبرون أن التحديات التي تواجههم أعمق من مجرد جدولة ديون أو دعم ظرفي. ففي الميدان، يواجه هؤلاء غلاء الأعلاف، صعوبة التسويق، وتراجع الثقة في المؤسسات الوسيطة. وهو ما يطرح سؤالًا عمليًا: هل ستصل هذه المبالغ فعلًا إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها، أم أنها ستبقى حبيسة القنوات الإدارية والمصرفية؟ توصيات لربط التمويل بالتأثير الاجتماعي لكي يتحقق الأثر الفعلي لهذا البرنامج، يرى العديد من المتتبعين ضرورة اتخاذ خطوات عملية تضمن نجاعة التوزيع، من بينها: تبسيط الولوج إلى التمويل وتسهيل الشروط الإدارية أمام الفلاحين الصغار. إشراك التعاونيات المحلية كوسيط موثوق بين المؤسسة البنكية والمربي. خلق آلية لتتبع المستفيدين وضمان وصول الدعم إلى الفئة المستهدفة فعلًا. تعيين لجان ميدانية لتقويم تنفيذ البرنامج بشكل دوري وشفاف. خلاصة اجتماع مجلس الرقابة للقرض الفلاحي للمغرب يُظهر وجود رغبة رسمية في مواكبة العالم القروي وتحسين شروط عيشه، لكن هذا الطموح يبقى مرهونًا بمدى تحويل النتائج البنكية الإيجابية إلى واقع ملموس ينعكس على حياة المربين والفلاحين الصغار. في الأثناء، يترقب الميدان إشارات أكثر وضوحًا وقرارات تتجاوز لغة البلاغات نحو خطوات ميدانية تُعيد الثقة للمزارع البسيط في المؤسسات العمومية.


عبّر
منذ 6 ساعات
- عبّر
بسبب أخنوش.. جمود إداري يضرب وكالات عمومية حيوية بالمغرب
تشهد مؤسسات ووكالات عمومية حيوية في المغرب حالة من الجمود الإداري وضعف في التسيير، نتيجة تعثر انعقاد مجالسها الإدارية التي تعتبر ركيزة أساسية لاتخاذ القرارات الاستراتيجية والمصادقة على المشاريع الكبرى. هذا الشلل التنظيمي بات يهدد بشكل مباشر تنفيذ عدد من البرامج الحيوية ذات البعد التنموي والاقتصادي. وتواجه هذه المؤسسات صعوبات كبيرة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالتراخيص أو الصفقات أو البرامج التشغيلية، نتيجة غياب المجالس الإدارية التي يُفترض أن تعقد دوراتها بشكل منتظم. ويترأس هذه المجالس عادة رئيس الحكومة أو أحد الوزراء، ما يجعل التأخر في الدعوة لانعقادها يُلقي بظلاله على النجاعة الإدارية لهذه المؤسسات. وكالات عمومية استراتيجية خارج الخدمة من أبرز المؤسسات التي تعيش حالة 'الفراغ الإداري' نجد الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، المكلفة بملفات حساسة في قطاع الاتصالات مثل منح تراخيص الجيل الخامس وتدبير سوق الاتصالات. وتعيش هذه الوكالة منذ أشهر حالة شلل، بسبب غياب انعقاد مجلس إدارتها الذي يرأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، رغم الطابع الاستراتيجي لمهامها في عصر الرقمنة والتحول التكنولوجي. وفي السياق ذاته، تسجل الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة غياباً واضحاً على مستوى التفاعل مع رهانات إصلاح المؤسسات العمومية، رغم أنها الجهاز الرسمي المكلف بمتابعة حسن تدبير الدولة لمساهماتها في الشركات العمومية وشبه العمومية. وتشمل القائمة أيضاً الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، التي يرأس مجلسها الإداري محمد الكروج، والتي لم ينعقد مجلسها منذ عدة أشهر، رغم حساسية المهام المرتبطة بتنزيل الإطار التنظيمي الجديد المرتبط بتقنين الاستعمالات الطبية والصناعية للقنب الهندي. أزمة حكامة وتداعيات محتملة يرى متابعون أن هذا التعثر الإداري يعكس ضعف الحكامة داخل بعض مؤسسات الدولة، خاصة في ظل غياب آليات واضحة تفرض انتظام انعقاد المجالس الإدارية وتفعيل اختصاصاتها. ويُحذر خبراء من أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يُضعف أداء القطاعات المعنية ويؤخر مشاريع تنموية استراتيجية، لا سيما في ظل التزامات وطنية كبرى مثل التحضير لاحتضان كأس العالم 2030 وتحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد. في المقابل، تُطالب بعض الأصوات داخل المجتمع المدني والهيئات الرقابية بضرورة تفعيل آلية المحاسبة والتتبع، وإخراج هذه المؤسسات من دائرة الجمود، من خلال احترام آجال انعقاد المجالس الإدارية وتعزيز استقلالية القرار داخل هذه الأجهزة العمومية. الجمود الذي تعرفه بعض الوكالات العمومية اليوم لا يتعلق فقط بتأخر تقني أو إداري، بل يعكس خللاً هيكلياً في تدبير شؤون مؤسسات يُفترض أن تكون في طليعة الفاعلين في إنجاح الأوراش الوطنية. فبدون حكامة فعالة ومجالس إدارية نشطة، يبقى أي إصلاح مجرد شعار.