
5 سيناريوهات افتراضية تنتظر سقوط النظام الإيراني
مع استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران، ووسط التكهنات بتدخل أميركي، تبرز العديد من السيناريوهات الافتراضية في حال أدت الحملة العسكرية إلى سقوط النظام الإيراني بقيادة المرشد علي خامنئي، ومعظمها مرتبط بحركات المعارضة الإيرانية المنقسمة في الداخل والخارج بين جماعات وفصائل أيديولوجية، نستعرض في ما يلي أبرزها:
1. عودة الحكم الملكي وتصدير رضا بهلوي
يبرز ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي المقيم في الولايات المتحدة كأحد الأصوات المعارضة للنظام الإيراني منذ مغادرته إيران في 1979 بعد سقوط نظام والده، وقد يحظى بدعم داخلي وخارجي لمحاولة إعادة النظام الملكي أو تأسيس نظام دستوري جديد. على رغم ذلك، يواجه هذا الخيار عقبات تتمثل في قلة القبول الشعبي للحكم الملكي بعد عقود من التغييرات، وكذلك التحديات المرتبطة بالهوية الوطنية والسيادة.
فبعد أيام من اندلاع الحرب، كشف بهلوي عن خطة انتقالية مدتها 100 يوم تحضيراً لليوم التالي لسقوط النظام، وقال في مقطع فيديو نشره عبر منصة "إكس" إن "الجمهورية الإسلامية انتهت وهي في طريقها إلى السقوط، وقلل من مخاوف الفوضى بعد سقوط النظام، قائلاً "لن تنزلق إيران إلى حرب أهلية أو حالة من عدم الاستقرار. نحن مستعدون لإقامة حكومة وطنية وديمقراطية من الشعب الإيراني ولمصلحته".
لكن بهلوي المستند إلى رصيد عائلته السياسي لا يحظى بقبول شرائح عديدة في الداخل الإيراني، كما يشير الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني نبيل العتوم قائلاً إن شعبية بلهوي محدودة بخاصة بين الشباب والفقراء والطبقات المتدينة، فعلى رغم حضوره الإعلامي في الخارج والدعم الذي يلقاه من بعض اللوبيات الإيرانية في المنفى، إلا أنه يفتقر إلى تنظيم فعّال داخل البلاد.
وتجلّت شعبية بهلوي الضئيلة في ردود الفعل العنيفة ضد خطابه المتصالح مع الحرب الإسرائيلية على بلاده، إذ انتقد بعض المعارضين بهلوي لوصفه الهجمات بأنها "فرصة ذهبية" لإطاحة النظام، وطالبوا بوقف الحرب، رافضين تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "معركة إسرائيل ليست مع الشعب الإيراني".
2. صعود "مجاهدي خلق" وتصدير مريم رجوي
على الضفة الأخرى تبرز منظمة "مجاهدي خلق" ووجهها السياسي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقوده مريم رجوي صاحبة الوجود النشط في العواصم الأوروبية، لكنها مثل بهلوي لا يزال وجودها في الداخل ضعيفاً، مما يعكس تحدي اليوم التالي لسقوط النظام، وهو غياب الزعيم القادر على قيادة التغيير كما يقول الباحث في الشأن الإيراني هاني سليمان، مشيراً إلى إشكاليات تتعلق بالشرعية والشعبية، فبينما تحظى رجوي بقبول نسبي في الداخل وتاريخ من النضال، فإنها لا تحظى بإجماع واسع.
رجوي التي تناهض نظامي الشاه والملالي قالت في خطاب أمام البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء 17 يونيو (حزيران) إن الحرب الإسرائيلية تمثّل بداية مرحلة خطيرة في وضع إيران وتحوّلات المنطقة، لافتةً إلى أن الحرب الحقيقية "بدأت قبل 44 عاماً، وتحديداً في 20 يونيو 1981، وهي حرب الشعب الإيراني ومقاومته ضد حكم الفاشية الدينية، وحلّها الوحيد هو إسقاط هذا النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية".
وذكرت رجوي أن تغيير النظام يجب أن يكون على يد الشعب والمقاومة الشعبية، مشيرةً إلى أن "الحل لا يمكن في المساومة أو الحرب"، مضيفةً بأن "هناك بديلاً يملك برنامجاً واضحاً وسجلاً طويلاً من النضال المتواصل ضد هذا النظام الديني الاستبدادي، وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يدخل عامه الرابع والأربعين هذا العام".
وفيما لا تبدي بعض أطياف المعارضة حماسة لعودة نظام الشاه وصلات رضا بهلوي مع إسرائيل، يبدي كثيرون أيضاً توجساً من منظمة "مجاهدي خلق" التي وقفت إلى جانب العراق ضد إيران خلال الحرب بين 1980 و1988. وعُرفت المنظمة بتنفيذ هجمات ضد حكومة الشاه وأهداف أميركية في السبعينيات قبل أن تختلف مع الفصائل الأخرى، وتنقلب على النظام الإيراني الحالي. وهي أول من كشف علناً في عام 2002 عن امتلاك إيران برنامجاً سرياً لتخصيب اليورانيوم، لكن الحركة لم تظهر أي علامة تذكر على أي وجود نشط داخل إيران لسنوات.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
3. التغيير من الداخل عبر نجوم "الحركة الخضراء"
من السيناريوهات المطروحة لما بعد سقوط النظام الإيراني أن تتبنّى قوى خارجية نهجاً يهدف إلى إحداث التغيير من الداخل عبر دعم شخصيات إصلاحية كانت يوماً ما جزءاً من النظام، لكنها اصطدمت به لاحقاً بسبب مواقفها المعتدلة.
وفي هذا السياق، تبرز شخصيات "الحركة الخضراء" وعلى رأسها مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق في عهد الخميني، ومهدي كروبي، رجل الدين البارز ورئيس البرلمان السابق. وقد فُرضت عليهما الإقامة الجبرية منذ عام 2011، بعد قيادتهما للاحتجاجات التي اندلعت عقب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009، والتي اتُّهمت فيها الحكومة بتزوير النتائج لمصلحة محمود أحمدي نجاد ضد موسوي.
كانت تلك الاحتجاجات الخضراء أكبر موجة احتجاجية تشهدها إيران منذ عام 1979، وتصدى لها النظام بالقمع. وعلى رغم تراجع زخم "الحركة الخضراء" بفعل التضييق الأمني، لا تزال رموزها تتمتع برصيد معنوي وشعبي، بخاصة في أوساط الطبقات الباحثة عن بديل إصلاحي لا ينتمي للمشروع الثوري المتشدد ولا للمطالب الانفصالية أو المسلحة.
لكن هذا السيناريو لا يخلو من تحديات، فنجاح التيار الإصلاحي في قيادة المرحلة الانتقالية يتطلب توحيد الصفوف الداخلية، وكسب شرعية شعبية واسعة، وبناء تحالفات سياسية ومدنية قوية داخل إيران وخارجها. كذلك يحتاج إلى تجاوز حالة الانقسام وفقدان الثقة التي خلفتها سنوات من الإقصاء والتهميش، فضلاً عن مواجهة الشكوك المحيطة بعلاقة هذه الرموز السابقة بالنظام نفسه.
4. ثورة الأقليات العرقية
تتكوّن إيران من تركيبة سكانية متعددة الأعراق والمذاهب، من أبرزها الأكراد، والبلوش، والعرب، والتركمان، والآذريون، إلى جانب الأقليات الدينية مثل السنّة والبهائيين. في حال سقوط النظام الحالي، يُطرح سيناريو محتمل يتمثل في سعي بعض هذه الأقليات إلى انتزاع نفوذ أكبر داخل النظام الجديد، أو حتى المطالبة بالحكم الذاتي أو الانفصال الجغرافي، بخاصة في المناطق ذات الغالبية العرقية.
لكن غياب القيادة المؤثرة بحسب مراقبين قد يفتح الباب أمام نزعات انفصالية تهدد وحدة إيران، وهو سيناريو ربما تدفع نحوه واشنطن وتل أبيب لإشغال طهران عن تهديد مصالحهما.
ويعتقد العتوم الذي تخرج بدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة طهران أن أي تغيير جذري مرجّح أن ينتج من تحالف بين قوى داخلية متعددة، قومية، يسارية، إصلاحية، وربما شخصيات من داخل النظام نفسه، مشيراً إلى أن الحرب والضربات على الداخل الإيراني قد تؤدي إلى انهيار السيطرة المركزية وخلق فراغ سياسي. وإذا تدخلت واشنطن عسكرياً، فقد تنهار مؤسسات الحرس وتفتح الباب أمام إعادة تشكيل النظام.
ويشير العتوم إلى أنه في ظل الانهيار الاقتصادي والحرب، قد يعاود الخطاب اليساري الظهور بقوة بخاصة في صفوف العمال والطلبة، لافتاً إلى أن التيارات اليسارية تعاني من التشرذم وقلة التأثير العملي، لكنها قد تلعب دوراً تحريضياً في التظاهرات أو الإضرابات. كما قد تتحالف مع قوى قومية أو ديمقراطية أو حتى إسلامية إصلاحية ضد الحرس الثوري والنظام الديني.
5. الفوضى والنموذج العراقي
في حال سقوط النظام الإيراني، قد تدخل البلاد مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية تشبه إلى حد كبير ما جرى في العراق بعد عام 2003، فقد شكّل سقوط نظام صدام حسين لحظة فراغ سياسي عميق، لم تُواكبه خطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، ما أتاح المجال لظهور فصائل متناحرة على أسس طائفية وعرقية ومناطقية. في إيران، يهدد تنوعها السكاني وتاريخ التوترات بين المركز والأطراف بتكرار هذا المشهد، وربما بشكل أكثر تعقيداً واتساعاً، ولذلك يحذر الانعزاليون من أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مغبة التدخل العسكري.
من أبرز ملامح هذا السيناريو هو تفكك مؤسسات الدولة المركزية، خصوصاً الجيش والحرس الثوري، مما قد يفتح الباب أمام انتشار السلاح وظهور ميليشيات محلية أو مدعومة خارجياً، تتصارع على السلطة أو النفوذ في المناطق المختلفة. في ظل غياب سلطة موحدة، قد تتوزع إدارة البلاد وفق اعتبارات طائفية أو عرقية، ما يؤدي إلى نظام محاصصة لا يُنتج إلا حكومات ضعيفة وعاجزة عن فرض القانون أو النهوض بالاقتصاد.
ويحذر سليمان من أن دفع إسرائيل والولايات المتحدة باتجاه سيناريو تغيير النظام يحمل تعقيدات سياسية كبيرة، فالمشهد الإيراني داخلياً منقسم عرقياً وقومياً، ولكل مكون تطلعاته السياسية في السلطة والموارد. ويخشى أن يقود غياب توافق على بديل واضح إلى فوضى داخلية بدلاً من تحقيق الاستقرار.
وأخيراً، فإن تدخل القوى الإقليمية والدولية سيكون شبه مؤكد في هذا السياق، سواء عبر دعم فصائل محددة، أو سعياً للسيطرة على موارد إيران أو موقعها الجيوسياسي. هذا التدخل، كما في الحالة العراقية، قد يفاقم الأزمة بدلاً من حلّها، ويدخل البلاد في دوامة من الصراع المزمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الموقع بوست
منذ 2 ساعات
- الموقع بوست
جيش إسرائيل يستبيح مستشفيات إيران وغزة ويحتمي خلف سوروكا
رغم أنها دمرت مستشفيات قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الفلسطينيين منذ 21 شهرا، وتستبيح مستشفيات إيران ضمن عدوان متواصل منذ 7 أيام، ادعت تل أبيب الخميس أن إيران قصفت بشكل مباشر "مستشفى سوروكا" جنوب إسرائيل. طهران نفت الرواية الإسرائيلية، وأكدت أن القصف الصاروخي استهدف وأصاب مقر قيادة واستخبارات الجيش الإسرائيلي بجوار المستشفى الذي تعرض لأضرار جانبية جراء موجة الانفجار. والخميس، تبادل الجانبان قصفا جديدا وأصيب 147 إسرائيليا، بينهم 6 جروحهم خطيرة؛ جراء أقوى هجوم صاروخي إيراني منذ يومين، وفق وسائل إعلام عبري بينها صحيفة "يديعوت أحرونوت". وتفرض الرقابة الإسرائيلية حظرا مشددا على تحديد المواقع التي تستهدفها صواريخ إيران، وجرى استحداث دوريات شرطة لمنع البث من جانب الإعلام والأشخاص في هذه المواقع. وادعى الجيش الإسرائيلي عبر منصة "إكس" أنه "تم تحديد إصابات عدة نتيجة القصف الصاروخي، أحدها أصاب أكبر مستشفى جنوب إسرائيل"، دون أن يحدد مواقع سقوط باقي الصواريخ. وحسب هيئة البث العبرية (رسمية) فإن الحديث يدور عن مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع بجنوب إسرائيل. ونقلت عن طبيب في المستشفى لم تسمه قوله إن المبنى المتضرر هو المبنى الجراحي القديم الذي تم إخلاؤه الأربعاء. في المقابل، قال الحرس الثور في بيان، إنه "في هذه العملية استُهدف مركز القيادة والاستخبارات التابع لجيش النظام (الإسرائيلي) بدقة عالية وبضربة دقيقة قرب مستشفى". وأكدت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن البنية التحتية العسكرية المستهدفة "أُصيبت بدقة"، بينما تعرض مستشفى سوروكا لأضرار جانبية بسبب موجة الانفجار. وبتركيزها على الأضرار الجانبية بالمستشفى وادعاءات مهاجمة أهداف مدنية، يبدو أن إسرائيل تحاول استمالة حليفتها الولايات المتحدة للانخراط إلى جانبها في الحرب على إيران، وفق مراقبين. ومنذ بدء عدوانه على إيران فجر 13 يونيو/ حزيران الجاري، استهدف الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر أكثر من مستشفى، بينها مستشفى أطفال بالعاصمة طهران. وأمس الأربعاء، قصف الجيش الإسرائيلي محيط مبنى الهلال الأحمر الإيراني شمال طهران، وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الإيراني تصاعد الدخان من الموقع المستهدف. كما ذكر التلفزيون الإيراني، الاثنين الماضي، أن الجيش الإسرائيلي قصف "مستشفى الفارابي" بمدينة كرمنشاه غرب البلاد. واستهدفت غارات إسرائيلية مستشفى "حكيم" للأطفال في طهران، وفق وزارة الصحة الإيرانية السبت الماضي. وبدعم أمريكي بدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بمقاتلات جوية، فقصفت مباني سكنية ومنشآت نووية وقواعد صواريخ واغتالت قادة عسكريين وعلماء نوويين. ومساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد بسلسلة هجمات بصاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، بلغت عدد موجاتها 14، وخلفت إلى جانب القتلى والجرحى أضرار مادية كبيرة، وفق مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي. وتعتبر تل أبيب وطهران بعضها البعض العدو الألد، ويعد عدوان إسرائيل الراهن على إيران الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا من "حرب الظل"، عبر تفجيرات واغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح. وفي غزة، دمرت إسرائيل معظم المستشفيات والمراكز الصحية، وقتلت وأصابت واعتقلت الكثير من أفراد الكوادر الطبية والإسعاف، وفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة والأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية. وعبر إغلاقها المعابر، تمنع تل أبيب إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة إلى غزة، وترفض إخراج جرحى ومصابين للعلاج بالخارج، في ظل انهيار المنظومة الصحية بالقطاع المحاصر. ومنذ 18 عاما تحاصر إسرائيل غزة، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم. وتشن إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ، حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.


صدى الالكترونية
منذ 5 ساعات
- صدى الالكترونية
محكمة التمييز الكويتية تؤيد براءة الإعلامية فجر السعيد
قضت محكمة التمييز الكويتية بتأييد براءة الإعلامية فجر السعيد من الإساءة للذات الأميرية عبر منشور لها على نصة 'إكس'. وكانت محكمة أيدت في ديسمبر الماضي حكم براءة السعيد من تهمة الإساءة للذات الأميرية، في القضية التي أُثيرت ضدها بسبب مقطع فيديو نُشر خلال عهد الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد. وخلصت محكمة التمييز الى أن العبارات التي أوردتها فجر السعيد في مقطع الفيديو لا تشكل أي جريمة . يذكر أن فجر السعيد لازالت تقضي عقوبة السجن في قضية أخرى هي الدعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني. اقرأ أيضا:


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
5 سيناريوهات افتراضية تنتظر سقوط النظام الإيراني
مع استمرار الحرب الإسرائيلية على إيران، ووسط التكهنات بتدخل أميركي، تبرز العديد من السيناريوهات الافتراضية في حال أدت الحملة العسكرية إلى سقوط النظام الإيراني بقيادة المرشد علي خامنئي، ومعظمها مرتبط بحركات المعارضة الإيرانية المنقسمة في الداخل والخارج بين جماعات وفصائل أيديولوجية، نستعرض في ما يلي أبرزها: 1. عودة الحكم الملكي وتصدير رضا بهلوي يبرز ولي عهد إيران السابق رضا بهلوي المقيم في الولايات المتحدة كأحد الأصوات المعارضة للنظام الإيراني منذ مغادرته إيران في 1979 بعد سقوط نظام والده، وقد يحظى بدعم داخلي وخارجي لمحاولة إعادة النظام الملكي أو تأسيس نظام دستوري جديد. على رغم ذلك، يواجه هذا الخيار عقبات تتمثل في قلة القبول الشعبي للحكم الملكي بعد عقود من التغييرات، وكذلك التحديات المرتبطة بالهوية الوطنية والسيادة. فبعد أيام من اندلاع الحرب، كشف بهلوي عن خطة انتقالية مدتها 100 يوم تحضيراً لليوم التالي لسقوط النظام، وقال في مقطع فيديو نشره عبر منصة "إكس" إن "الجمهورية الإسلامية انتهت وهي في طريقها إلى السقوط، وقلل من مخاوف الفوضى بعد سقوط النظام، قائلاً "لن تنزلق إيران إلى حرب أهلية أو حالة من عدم الاستقرار. نحن مستعدون لإقامة حكومة وطنية وديمقراطية من الشعب الإيراني ولمصلحته". لكن بهلوي المستند إلى رصيد عائلته السياسي لا يحظى بقبول شرائح عديدة في الداخل الإيراني، كما يشير الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني نبيل العتوم قائلاً إن شعبية بلهوي محدودة بخاصة بين الشباب والفقراء والطبقات المتدينة، فعلى رغم حضوره الإعلامي في الخارج والدعم الذي يلقاه من بعض اللوبيات الإيرانية في المنفى، إلا أنه يفتقر إلى تنظيم فعّال داخل البلاد. وتجلّت شعبية بهلوي الضئيلة في ردود الفعل العنيفة ضد خطابه المتصالح مع الحرب الإسرائيلية على بلاده، إذ انتقد بعض المعارضين بهلوي لوصفه الهجمات بأنها "فرصة ذهبية" لإطاحة النظام، وطالبوا بوقف الحرب، رافضين تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "معركة إسرائيل ليست مع الشعب الإيراني". 2. صعود "مجاهدي خلق" وتصدير مريم رجوي على الضفة الأخرى تبرز منظمة "مجاهدي خلق" ووجهها السياسي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقوده مريم رجوي صاحبة الوجود النشط في العواصم الأوروبية، لكنها مثل بهلوي لا يزال وجودها في الداخل ضعيفاً، مما يعكس تحدي اليوم التالي لسقوط النظام، وهو غياب الزعيم القادر على قيادة التغيير كما يقول الباحث في الشأن الإيراني هاني سليمان، مشيراً إلى إشكاليات تتعلق بالشرعية والشعبية، فبينما تحظى رجوي بقبول نسبي في الداخل وتاريخ من النضال، فإنها لا تحظى بإجماع واسع. رجوي التي تناهض نظامي الشاه والملالي قالت في خطاب أمام البرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء 17 يونيو (حزيران) إن الحرب الإسرائيلية تمثّل بداية مرحلة خطيرة في وضع إيران وتحوّلات المنطقة، لافتةً إلى أن الحرب الحقيقية "بدأت قبل 44 عاماً، وتحديداً في 20 يونيو 1981، وهي حرب الشعب الإيراني ومقاومته ضد حكم الفاشية الدينية، وحلّها الوحيد هو إسقاط هذا النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية". وذكرت رجوي أن تغيير النظام يجب أن يكون على يد الشعب والمقاومة الشعبية، مشيرةً إلى أن "الحل لا يمكن في المساومة أو الحرب"، مضيفةً بأن "هناك بديلاً يملك برنامجاً واضحاً وسجلاً طويلاً من النضال المتواصل ضد هذا النظام الديني الاستبدادي، وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يدخل عامه الرابع والأربعين هذا العام". وفيما لا تبدي بعض أطياف المعارضة حماسة لعودة نظام الشاه وصلات رضا بهلوي مع إسرائيل، يبدي كثيرون أيضاً توجساً من منظمة "مجاهدي خلق" التي وقفت إلى جانب العراق ضد إيران خلال الحرب بين 1980 و1988. وعُرفت المنظمة بتنفيذ هجمات ضد حكومة الشاه وأهداف أميركية في السبعينيات قبل أن تختلف مع الفصائل الأخرى، وتنقلب على النظام الإيراني الحالي. وهي أول من كشف علناً في عام 2002 عن امتلاك إيران برنامجاً سرياً لتخصيب اليورانيوم، لكن الحركة لم تظهر أي علامة تذكر على أي وجود نشط داخل إيران لسنوات. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) 3. التغيير من الداخل عبر نجوم "الحركة الخضراء" من السيناريوهات المطروحة لما بعد سقوط النظام الإيراني أن تتبنّى قوى خارجية نهجاً يهدف إلى إحداث التغيير من الداخل عبر دعم شخصيات إصلاحية كانت يوماً ما جزءاً من النظام، لكنها اصطدمت به لاحقاً بسبب مواقفها المعتدلة. وفي هذا السياق، تبرز شخصيات "الحركة الخضراء" وعلى رأسها مير حسين موسوي، رئيس الوزراء السابق في عهد الخميني، ومهدي كروبي، رجل الدين البارز ورئيس البرلمان السابق. وقد فُرضت عليهما الإقامة الجبرية منذ عام 2011، بعد قيادتهما للاحتجاجات التي اندلعت عقب الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009، والتي اتُّهمت فيها الحكومة بتزوير النتائج لمصلحة محمود أحمدي نجاد ضد موسوي. كانت تلك الاحتجاجات الخضراء أكبر موجة احتجاجية تشهدها إيران منذ عام 1979، وتصدى لها النظام بالقمع. وعلى رغم تراجع زخم "الحركة الخضراء" بفعل التضييق الأمني، لا تزال رموزها تتمتع برصيد معنوي وشعبي، بخاصة في أوساط الطبقات الباحثة عن بديل إصلاحي لا ينتمي للمشروع الثوري المتشدد ولا للمطالب الانفصالية أو المسلحة. لكن هذا السيناريو لا يخلو من تحديات، فنجاح التيار الإصلاحي في قيادة المرحلة الانتقالية يتطلب توحيد الصفوف الداخلية، وكسب شرعية شعبية واسعة، وبناء تحالفات سياسية ومدنية قوية داخل إيران وخارجها. كذلك يحتاج إلى تجاوز حالة الانقسام وفقدان الثقة التي خلفتها سنوات من الإقصاء والتهميش، فضلاً عن مواجهة الشكوك المحيطة بعلاقة هذه الرموز السابقة بالنظام نفسه. 4. ثورة الأقليات العرقية تتكوّن إيران من تركيبة سكانية متعددة الأعراق والمذاهب، من أبرزها الأكراد، والبلوش، والعرب، والتركمان، والآذريون، إلى جانب الأقليات الدينية مثل السنّة والبهائيين. في حال سقوط النظام الحالي، يُطرح سيناريو محتمل يتمثل في سعي بعض هذه الأقليات إلى انتزاع نفوذ أكبر داخل النظام الجديد، أو حتى المطالبة بالحكم الذاتي أو الانفصال الجغرافي، بخاصة في المناطق ذات الغالبية العرقية. لكن غياب القيادة المؤثرة بحسب مراقبين قد يفتح الباب أمام نزعات انفصالية تهدد وحدة إيران، وهو سيناريو ربما تدفع نحوه واشنطن وتل أبيب لإشغال طهران عن تهديد مصالحهما. ويعتقد العتوم الذي تخرج بدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في جامعة طهران أن أي تغيير جذري مرجّح أن ينتج من تحالف بين قوى داخلية متعددة، قومية، يسارية، إصلاحية، وربما شخصيات من داخل النظام نفسه، مشيراً إلى أن الحرب والضربات على الداخل الإيراني قد تؤدي إلى انهيار السيطرة المركزية وخلق فراغ سياسي. وإذا تدخلت واشنطن عسكرياً، فقد تنهار مؤسسات الحرس وتفتح الباب أمام إعادة تشكيل النظام. ويشير العتوم إلى أنه في ظل الانهيار الاقتصادي والحرب، قد يعاود الخطاب اليساري الظهور بقوة بخاصة في صفوف العمال والطلبة، لافتاً إلى أن التيارات اليسارية تعاني من التشرذم وقلة التأثير العملي، لكنها قد تلعب دوراً تحريضياً في التظاهرات أو الإضرابات. كما قد تتحالف مع قوى قومية أو ديمقراطية أو حتى إسلامية إصلاحية ضد الحرس الثوري والنظام الديني. 5. الفوضى والنموذج العراقي في حال سقوط النظام الإيراني، قد تدخل البلاد مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية تشبه إلى حد كبير ما جرى في العراق بعد عام 2003، فقد شكّل سقوط نظام صدام حسين لحظة فراغ سياسي عميق، لم تُواكبه خطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية، ما أتاح المجال لظهور فصائل متناحرة على أسس طائفية وعرقية ومناطقية. في إيران، يهدد تنوعها السكاني وتاريخ التوترات بين المركز والأطراف بتكرار هذا المشهد، وربما بشكل أكثر تعقيداً واتساعاً، ولذلك يحذر الانعزاليون من أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب من مغبة التدخل العسكري. من أبرز ملامح هذا السيناريو هو تفكك مؤسسات الدولة المركزية، خصوصاً الجيش والحرس الثوري، مما قد يفتح الباب أمام انتشار السلاح وظهور ميليشيات محلية أو مدعومة خارجياً، تتصارع على السلطة أو النفوذ في المناطق المختلفة. في ظل غياب سلطة موحدة، قد تتوزع إدارة البلاد وفق اعتبارات طائفية أو عرقية، ما يؤدي إلى نظام محاصصة لا يُنتج إلا حكومات ضعيفة وعاجزة عن فرض القانون أو النهوض بالاقتصاد. ويحذر سليمان من أن دفع إسرائيل والولايات المتحدة باتجاه سيناريو تغيير النظام يحمل تعقيدات سياسية كبيرة، فالمشهد الإيراني داخلياً منقسم عرقياً وقومياً، ولكل مكون تطلعاته السياسية في السلطة والموارد. ويخشى أن يقود غياب توافق على بديل واضح إلى فوضى داخلية بدلاً من تحقيق الاستقرار. وأخيراً، فإن تدخل القوى الإقليمية والدولية سيكون شبه مؤكد في هذا السياق، سواء عبر دعم فصائل محددة، أو سعياً للسيطرة على موارد إيران أو موقعها الجيوسياسي. هذا التدخل، كما في الحالة العراقية، قد يفاقم الأزمة بدلاً من حلّها، ويدخل البلاد في دوامة من الصراع المزمن.