
المنازل الجاهزة... ملاذ أهالي الجنوب والبقاع في لبنان بعد الحرب
تحولت المنازل الجاهزة التي كانت بديلاً للسكن في انتظار خطة
إعادة إعمار
جنوب لبنان
، إلى هدف مباشر لجيش
الاحتلال
الذي يحاول منع عودة أهل الجنوب إلى قراهم بعدما استهدف بيوتهم الحجرية
بعد دخول اتفاق
وقف إطلاق النار
بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والانسحاب الإسرائيلي من البلدات الحدودية في 18 فبراير/ شباط الماضي، قرر مواطنون في جنوب لبنان شراء منازل جاهزة كي تكون حلاً مؤقتاً للسكن والعودة سريعاً إلى قراهم المدمرة.
بدأت جمعية "وتعاونوا"، المقربة من حزب الله، تركيب منازل جاهزة في بلدة رامية (قضاء بنت جبيل)، ضمن مشروع لإعادة الحياة إلى القرى الحدودية بشكل تدريجي في ظل تأخر إعادة الإعمار. يقول أسامة نور الدين، وهو أحد متطوعي الجمعية، لـ"العربي الجديد": "تم تأمين نحو 45 بيتاً جاهزاً عبر متبرعين وفعاليات محلية، وكانت الأولوية للمزارعين كي يعودوا إلى أرضهم ويباشروا زراعتها. الفكرة طرحتها الجمعية بمشاركة مختصين في الهندسة على عدد من البلديات الجنوبية، ولاقت قبولاً، فالبيوت الجاهزة صالحة للسكن، ليست كالبيوت التقليدية، لكنها حل مناسب للأشخاص الذين يتوجب عليهم البقاء في منطقة لا توجد فيها منازل، ومع بعض الإضافات تصبح حلاً مؤقتاً لمن يعملون في الأرض".
يضيف نور الدين: "كلفة المنزل الجاهز المؤلف من غرفة ومطبخ وحمام تبدأ من خمسة آلاف دولار أميركي، ويزداد السعر بحسب المساحة لتصل إلى حدود 15 ألف دولار. كلفة المشروع يوفرها متبرعون، وليسوا بالضرورة من أهل الجنوب، وفي بعض القرى تواصل أهلها الميسورون مادياً مع الجمعية للمساهمة في تمويل المنازل الجاهزة لأبناء قريتهم. لكن العدو الإسرائيلي الذي يراقب كيف تحاول البلدات استعادة عافيتها، دخلت قواته إلى بلدة رامية وعمدت إلى خلع أقفال البيوت الجاهزة وعبثت بمحتوياتها".
ويقول رئيس بلدية رامية علي مرعي، لـ"العربي الجديد": "حاولنا أن تستعيد القرية حياتها الطبيعية عبر تأمين منازل للمزارعين الذين تضرروا خلال الحرب، لكن بعد الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة، أصبح من الخطر المبيت فيها. حالياً، يأتي المزارعون من المناطق التي نزحوا إليها لمتابعة مزروعاتهم، علهم يعوضون بعض خسائرهم، فالضرر كبير، وأي محاولة لتثبيت عودتهم واستقرارهم تطاولها مخاطر بسبب الاعتداءات المتكررة".
ونفذ العدو الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت المنازل الجاهزة في كفركلا، ويارون، ومحيبيب، وحولا، وبلدات أخرى، كما دمر منزلاً استحدثته بلدية الناقورة لتسهيل أمور أبناء البلدة، في محاولة لتأكيد أن أي ترميم للحياة سيقابل بالنار.
قضايا وناس
التحديثات الحية
مساعدات مالية قطرية لـ3000 عائلة لبنانية فقيرة
من بلدة كفركلا (قضاء مرجعيون)، يقول خضر عواضة لـ"العربي الجديد"، إنه اشترى منزلاً جاهزاً كي يعود للاستقرار في بلدته وإنهاء نزوحه في منطقة زبدين (قضاء النبطية). يتابع: "وضعت المنزل في مكان غير مواجه لأي موقع عسكري في البلدة، بل على الحدود مع بلدة الطيبة. لم يستهدف العدو منزلي مع مجموعة المنازل التي استهدفها في البلدة، بل انتظرني حتى أنهي العمل، واستهدفه قبل شهر. لا يكفي أن منزلي المكون من ثلاث طبقات دُمر بالكامل، وخسرت المقهى التي كنت أملكه، حتى المنزل الجاهز المتواضع دمرته إسرائيل، وكدت أفقد الأمل في العودة إلى البلدة. إنهم يمنعوننا من مواصلة الحياة، في حين لا أحد ينظر إلى أحوالنا".
واشترى عدد من أهالي الجنوب والبقاع منازل جاهزة على نفقتهم الخاصة، وآخرون استغلوا مبلغ تعويض الإيواء الذي يدفعه حزب الله لأصحاب المنازل المتضررة في الشراء، كي يكون مسكناً مستداماً في حال تأخرت إعادة الإعمار.
ثلاثة بيوت جاهزة بديلاً للبيت المدمر (العربي الجديد)
لجأ علي زعيتر إلى شراء بيت جاهز في بلدة الكنيسة (قضاء بعلبك)، بعد انتهاء الحرب نظراً لتهدم منزله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ويقول لـ"العربي الجديد": "البيت الجاهز أوفر من تشييد منزل تقليدي، فالمنزل الإسمنتي يكلف بحدود عشرة آلاف دولار، من دون كلفة الشبابيك والكهرباء والفرش والدهان والصرف الصحي. فيما البيت الجاهز هو حسب التوصية، وقد اخترت منزلاً بعرض عشرة أمتار وطول ثلاثة أمتار، أي ما يوازي غرفتين ومطبخاً وحماماً، وكانت الكلفة ستة آلاف وخمسمائة دولار. البيت الجاهز يمكن أن يبقى لآخر العمر، وهو أفضل من الإيجار".
وتقول ملاك عيسى، من بلدة دير قانون النهر (قضاء صور): "قررنا شراء بيت جاهز بعد العودة إلى البلدة كي نبقى في أرضنا، ووضعناه بين شجر الزيتون كي لا نشعر بالغربة أو بالتهجير. يريد الاحتلال أن ينزعنا من هذه الأرض، لكني مقتنعة بأن البقاء بخيمة في أرضي أحسن من قصر في مكان آخر. فكرة المنزل الجاهز كانت حلاً لتجاوز الإيجار، واستخدمت في الشراء بدل الإيواء والأثاث الذي دفعه حزب الله، والبالغ 12 ألف دولار، فبدلاً من أن ندفع هذه الأموال في الإيجار، يمكننا الاحتفاظ بها عبر هذا البيت الجاهز، وسيبقى لنا بعد إعادة الإعمار، ويمكن الاستفادة منه في مشروع، أو تأجيره، أو بيعه، ما يعني أن الأموال لن تذهب سدى".
البيوت الجاهزة بديل عملي للغاية (العربي الجديد)
تضيف عيسى: "كلفة البيت الجاهز مع الأثاث تكاد تساوي كلفة تجهيز الأساسات للبناء التقليدي، كما توازي كلفة الإيجار، فلو حسبنا متوسط بدل إيجار بيت 500 دولار في الشهر، فسيكون المجموع السنوي ستة آلاف دولار. مع كلفة الهيكل الحديدي وألواح الجدران والأسقف، والإمدادات الصحية والكهرباء، وصلت كلفة البيت الجاهز إلى ثمانية آلاف دولار، وقد دفعت بعض التكاليف الخاصة لإضافة بعض الديكورات، لكن يمكن أن يلتزم الشخص ببدل الإيواء فقط".
تتابع: "باعتباري ربة منزل، كان من الضروري استشارة مهندس، فقد لا يلائم البيت الجاهز العائلة إذا لم يكن مخططاً له بشكل صحيح. وجود المهندس معي من اللحظة الأولى ساعدني على التفكير والتخطيط السليم، وتوزيع المساحات والغرف بشكل يناسب احتياجاتي. وأعتقد أن كل مكان حتى لو كان صغيراً، ينبغي أن يخضع لدراسة مسبقة حتى تناسب المساحة الحاجة، ما يوفر تكاليف الإصلاحات لاحقاً، وهذا دور المهندس الأساسي. حُسن التوزيع لم يشعرني للحظة بأن البيت الجاهز ضيق، أو يعيق الحركة، بل أشعر بأني مرتاحة فيه، إذ إن له إيجابيات عدة، من بينها الكلفة المحدودة، وسرعة التنفيذ، والعزل الحراري الذي يوفر استهلاك الطاقة، إضافة إلى أنه يتيح لي البقاء في أرضي. بينما السلبيات تشمل ضيق المساحة، والتي يمكن التأقلم معها".
قضايا وناس
التحديثات الحية
مبادرات فردية تعيد الحياة إلى مدينة صور اللبنانية
من جانبه، يؤكد المهندس مجد حسن لـ"العربي الجديد"، أن "كلفة إنشاء البيوت الجاهزة أقل من نصف كلفة بناء البيوت التقليدية، وتتميز البيوت الجاهزة ببعض المواصفات، لكن من الضروري التنبه، إذ تختلف الجودة تبعاً للمواد المستعملة، وأهمها المواد العازلة للحرارة ومياه الأمطار، وعازل الصوت والحرائق، ومن بين المميزات سرعة التركيب، وكونها مقاومة للزلازل والرياح".
يضيف حسن: "تراعي فكرة البيت الجاهز استغلال المساحات، وهي بالعادة تستخدم أماكن للعاملين في مواقع المشاريع الكبرى، أو مكاتب للمهندسين، ولم تكن مصممة لتلائم العائلات الكبيرة، فالمنزل الجاهز يصمم بمساحة تبدأ من 36 متراً، ويتكون من غرفتي نوم وغرفة جلوس ومطبخ وحمام، مع الإمدادات اللازمة، وهي بالعادة توازي مساحة غرفة في البيت التقليدي. متوسط كلفة البيوت الجاهزة ثمانية آلاف دولار وقد تصل إلى حدود الخمسة عشر ألف دولار، ويمكن أن يكون جاهزاً خلال عشرة أيام، ما يعني أنه يوفر المال والوقت".
ويلفت إلى وجود مشكلة في الطلب المتزايد منذ انتهاء الحرب، ويقول: "الطلب كبير على المنازل الجاهزة، ولا يغطيه المعروض في السوق، ما خلق تجارة رائجة جعلت المواطنين يلجأون إلى أصحاب الأسعار المنخفضة، والتي تبدأ من أربعة آلاف دولار، وهذه البيوت تنفذها بعض ورش الحدادة، والتي تقوم بإعداد الهيكل المعدني، لكن تشوبها عيوب كثيرة، ولا تراعي عادة الشروط الهندسية، إذ لا يمكن تصميم منزل يلائم العائلات سوى بدراسة هندسية، كما يلزم تقديم رخصة بناء، ويجب تأمينه لكي يناسب العائلات، ويراعي متطلبات السكن طويل الأمد. كل هذا يستلزم هيكلاً معدنياً بمواصفات جيدة تراعي الأمن والحماية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
إسرائيل تقصف إيران.. والأسواق العالمية تترقّب وسط "حالة قلق"
في تصعيدٍ كبير للتوترات الإقليمية، شنّت إسرائيل ضربات على أهداف عسكرية ونووية داخل إيران، فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول حجم الرد الإيراني واحتمالات الانزلاق إلى مواجهة أوسع. وبينما تتأرجح المنطقة على شفير تصعيد محتمل، كانت الأسواق المالية أول من التقط الإشارات، إذ تراجعت شهية المخاطرة، وسجّلت أسعار النفط قفزات حادّة، وتراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم العالمية، فيما عاد الدولار إلى الصعود مع اتجاه المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، وسط حالة من الترقب الشديد. "بلومبيرغ" تنقل تحركات الأسواق كما رآها محللون في بروكسل، اعتبر نيكولا فورست، المدير التنفيذي للاستثمار في "كاندريام"، أن "الهجوم يمثل عامل خطر تقليدي يدفع المستثمرين إلى الخروج من الأسهم والتوجه نحو الأصول الآمنة". وأضاف أن استمرار ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى إضعاف النمو وتعزيز الضغوط التضخمية، وهو ما قد يرسّخ خطر الركود التضخمي، خاصة في ظل الحرب التجارية. وأشار إلى أن هذا الارتفاع السريع في أسعار النفط لا يخدم مصالح إدارة دونالد ترامب. ومن الولايات المتحدة، قالت كيم فورست، مديرة الاستثمار في "بوكه كابيتال بارتنرز"، إن الضربة الإسرائيلية تشكّل تحوّلاً عن الأنماط السابقة، مشيرة إلى أنها تستهدف بشكل مباشر قدرات إيران النووية. وأضافت: "الموقف خطير فعلاً. السوق لم تنخفض بالقدر المتوقع، لكنني أتوقع تراجعاً أكبر في الساعات المقبلة، بحسب من سيدلي بتصريحات، وما سيحدث على الأرض". أما في باريس، فرأى ألكسندر باراديز، كبير المحللين في "آي جي"، أن التصعيد من شأنه أن يجمّد المكاسب الأخيرة في المؤشرات الأوروبية والأميركية، قائلاً: "الأسواق كانت مرتفعة بشكل مبالغ فيه، وقد تدفع هذه التطورات المستثمرين – خصوصاً الأفراد – إلى جني الأرباح". وألكسندر هزّاز، مدير الاستثمار في مجموعة "ريشيليو" في باريس، أشار إلى أن ما جرى "يتناقض مع توقعات البنوك المركزية بشأن استقرار أسعار النفط"، ما قد يدفع تلك البنوك إلى مراجعة سيناريوهاتها في ظل مخاطر التضخم وتباطؤ النمو. أسواق التحديثات الحية ارتفاع أسعار النفط والغاز والذهب إثر العدوان الإسرائيلي على إيران القلق من مضيق هرمز من جهته، لفت مات مالي، كبير المحللين في "ميلر تاباك" في الولايات المتحدة، إلى خطورة تصريحات نتنياهو التي توحي بتحضيرات لمواجهة مطوّلة، قائلاً: "عندما يتحدث عن الدفاع عن النفس ويشير إلى بداية حملة، فهذا يعني أننا أمام مرحلة رد إيراني جاد محتمل". وتساءل مالي عن مصير مضيق هرمز ، الذي تمرّ عبره يومياً نحو 13 مليون برميل من النفط. وقال: "إذا قررت إيران إغلاق المضيق، فإن أسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار بسرعة، ما سيضغط على النمو العالمي بشكل كبير. نحن لا نعرف إن كانت الأمور ستتدهور، لكن المخاطر حقيقية ومرتفعة". مايكل أوروك، المحلل في "جونز تريدينغ" في الولايات المتحدة، أشار إلى أن السوق شهدت ارتفاعات كبيرة من دون تصحيحات تُذكر، ما يجعلها أكثر عرضة لأي تطور مفاجئ. وأضاف: "الأسواق تجاهلت المخاطر طوال فترة الصعود. الآن، الجميع يترقب رد إيران، وهل سيكون أعنف؟ هذا هو السؤال الرئيسي". وذكر أن هناك احتمالاً كبيراً الآن بوقوع حدث انتقامي خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهذا سيجعل المستثمرين أكثر تحفظًا ويجعلهم يقفون على الحياد مؤقتًا. انعكاسات تاريخية وسيناريوهات مقبلة في سيدني، رأى بيلي ليونغ من "غلوبال إكس إي تي إف"، أن ما حدث هو "انقلاب مفاجئ على موجة التفاؤل السابقة التي قادها قطاع التكنولوجيا وتراجع التضخم". وأضاف أن "هذه التطورات تشبه ما حدث عند مقتل سليماني عام 2020 أو الهجمات على ناقلات النفط في 2019، حين شهدت الأسواق ردات فعل مشابهة: ارتفاع النفط، وتوجه إلى الذهب والفرنك السويسري. والتاريخ يُظهر أن الأسواق غالباً ما تتراجع عن ردة الفعل إذا تم احتواء التصعيد". وي ليانغ تشانغ، محلل في "دي بي إس" بسنغافورة، أشار إلى أن الضربة "قد تؤدي إلى رد فعل عاطفي سريع في الأسواق، مع تقييم دقيق لاحتمالات التصعيد في الشرق الأوسط"، متوقعاً تراجع الأصول عالية المخاطر وارتفاع الطلب على الأصول الآمنة مثل الين الياباني وسندات الخزانة الأميركية. اقتصاد دولي التحديثات الحية مخاوف حيال ممرات الشحن الحيوية بعد هجوم إسرائيل على إيران بينما ماثيو هاوبت، مدير محفظة ويلسون لإدارة الأصول في سيدني، قال إن الأسواق شهدت رد فعل كلاسيكياً يتمثل في ارتفاع الذهب والسندات والنفط. وأكد أن "كل شيء سيتوقف الآن على وتيرة وشدة الرد الإيراني، وهو ما سيحدد مدى استمرارية هذه التحركات". أما شارو تشانانا من "ساكسو ماركتس" في سنغاقورة، فشدّدت على أن "الساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة. فإذا جاء رد طهران محدوداً، وبقيت إمدادات الطاقة على حالها، فقد تهدأ الأسواق. أما إذا حصل تصعيد أو تعطّلت الإمدادات، فإن التقلبات ستستمر وترتفع أسعار النفط بشكل أكبر". وأخيراً، رأى رودريغو كاتريل من "بنك أستراليا الوطني"، أن التصعيد قد يكشف عن تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة في الشؤون الجيوسياسية. وقال: "التحركات الأحادية من قبل دول مثل إسرائيل قد تصبح أكثر شيوعاً إذا شعرت الأطراف أن واشنطن لن تتدخل، ويسلط الضوء على احتمال تغير النظام العالمي"، مشيراً إلى أن "الجغرافيا السياسية "باتت تشكّل عاملاً مضطرباً جديداً في الأسواق، مع احتمال تراجع مكانة الدولار ملاذاً آمناً". وأضاف أنه من المواضيع التي يجب مراقبتها هو ما إذا كانت خصائص الدولار بوصفه ملاذاً آمناً قد تأثرت بسياسة الإدارة الأميركية التجارية (الرسوم الجمركية)، والتوسع المالي، وتحدياتها لسيادة القانون. الأدلة حتى الآن تشير إلى أن هذا هو الحال". حتى اللحظة، لم تتضح ملامح الرد الإيراني بشكل كامل، لكن المؤشرات الأولية توحي بأن الأسواق دخلت فعلاً مرحلة "التحوّط العميق"، حيث يقيس المستثمرون كل تطوّر سياسي بميزان من القلق والانكفاء. ورغم أن السيناريوهات لا تزال مفتوحة بين احتواء محدود أو تصعيد طويل الأمد، لكن المؤكد الوحيد هو أن الجغرافيا السياسية عادت لتتصدر قائمة أولويات الأسواق، مع ما يحمله ذلك من اضطرابات وتقلبات قد تفوق حسابات السياسة والاقتصاد معاً.


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
الأسواق الإسرائيلية تتكبد خسائر حادة وسط تصاعد التوترات مع إيران
تكبدت الأسواق الإسرائيلية خسائر كبيرة، إذ خسر سوق تل أبيب نحو 3.64% في تداولات يوم الجمعة، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، مسجلًا نحو 5830 نقطة، بحسب وكالة "رويترز". كما تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بنسبة تجاوزت 5% في تعاملات الجمعة، ليسجل 3.66 مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ3.48 شواكل صباح الخميس، وفقًا لبيانات بنك إسرائيل، في أكبر هبوط يومي للعملة منذ إبريل/نيسان الماضي. وقد عززت هذه التوترات مخاوف المستثمرين الأجانب من اتساع رقعة المواجهة، وهروب رؤوس الأموال قصيرة الأجل نحو عملات الملاذ الآمن، بحسب تقرير لصحيفة "غلوبس". ويُعد الشيكل من أكثر العملات تأثرًا بالمتغيرات السياسية. وكان الشيكل قد سجل أداءً قويًّا مطلع العام بفضل رفع أسعار الفائدة وثقة المستثمرين، قبل أن تتبخر تلك الثقة تدريجيًّا مع تصاعد التهديدات الأمنية وتفاقم العجز في الميزانية نتيجة الإنفاق العسكري. وبسبب قرارات إسرائيل العسكرية بضرب المنشآت الإيرانية، انتشر الذعر في الداخل الإسرائيلي، وتهافت المواطنون على شراء المزيد من احتياجاتهم، تحسبًا لطول أمد الحرب التي قد لا تنتهي قريبًا، مع وعيد إيران بالرد الانتقامي، وتدخل الولايات المتحدة في الرد على تهديدات طهران. وقد انتشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" يُظهر تدافع العملاء في أحد متاجر "كارفور" بإسرائيل لشراء كميات كبيرة من المنتجات. وأفادت "كارفور" بزيادة ملحوظة في عدد المتسوقين صباح اليوم، مشيرة إلى تفريغ رفوف المتجر من الماء، والخبز، وأغذية الأطفال، ومنتجات النظافة، والبطاريات. جاء ذلك بعد تحذيرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الحرب مع إيران ستكون طويلة، مؤكدًا أن "الهدف من هذه العملية غير المسبوقة هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية". وتأتي هذه الأزمات المتلاحقة في ظل معاناة الاقتصاد الإسرائيلي من ارتفاع التضخم، إذ بلغ معدل التضخم السنوي 3.6% في إبريل/نيسان 2025، مقارنة بـ3.3% في مارس/آذار. ارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع في قطاعي النقل والاتصالات (2.3% مقابل 1.1% في مارس)، والخضراوات والفواكه (3.9% مقابل 2.4%). قابل ذلك جزئيًّا تباطؤ في التضخم في أسعار المواد الغذائية باستثناء الخضراوات والفواكه (4.7% مقابل 4.8%)، وانكماش أكبر في أسعار الملابس والأحذية (-2.6% مقابل -2.2%)، بحسب " ترايدينغ أكونومي". أسواق التحديثات الحية إسرائيل جمعت 5 مليارات دولار بسندات أميركية لتمويل عدوانها على غزة وأبقى بنك إسرائيل على سعر الفائدة المرجعي ثابتًا عند 4.5% للاجتماع الحادي عشر على التوالي في 26 مايو/أيار 2025، تماشيًا مع توقعات السوق. وتباطأ النمو الاقتصادي الإسرائيلي إلى 0.9% في عام 2024، مقابل نمو قدره 1.8% في 2023، ويمثل هذا أضعف نمو منذ عام 2020، حين أثّرت الجائحة بشدة على الاقتصاد. ويُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى الحرب الإسرائيلية على غزة. وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 1.1% في إبريل/نيسان، وهي أعلى زيادة شهرية منذ يوليو/حزيران 2022. كما تجاوز هذا بشكل كبير توقعات السوق بارتفاع قدره 0.6%، وتسارع من زيادة قدرها 0.5% في مارس/آذار. وتعرضت سلاسل البيع الكبرى في تل أبيب وباقي المدن لضغط هائل، فيما اصطفت طوابير طويلة من المتسوقين أمام المتاجر والمولات، وسط تقارير عن نفاد سريع للسلع الأساسية. ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، قدّر مراقبون أن وتيرة التسوق ارتفعت بنسبة 300%، حيث تركز الإقبال الكثيف على المواد الغذائية، والمياه، والمستلزمات الطبية، إلى جانب بطاريات الشحن والمولدات التي سجلت طلبًا قياسيًّا. ولم تصمد المخازن أمام هذا الإقبال المفاجئ، ما أثار مخاوف من نقص واسع في المعروض، في وقت يتصاعد فيه القلق من موجة تضخم مرتقبة بفعل ارتفاع الطلب وضعف الإمدادات. وتؤكد مشاهد الأسواق الإسرائيلية أن تأثير التوترات الجيوسياسية انتقل سريعًا إلى حياة الناس اليومية، وسط مخاوف من تصعيد أوسع. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 21 ساعات
- العربي الجديد
اللاجئون السوريون في تركيا... بين حنين العودة ومرارة الواقع
مع اقتراب انتهاء فترة الإجازات التي منحتها السلطات التركية للاجئين السوريين الراغبين في زيارة مناطقهم داخل سورية ، عاد مئات منهم إلى تركيا بعد قضائهم أسابيع داخل بلادهم، حيث انقسمت آراء العائدين بين من يتحضّر للعودة الطوعية النهائية، ومن قرّر البقاء في تركيا مؤقتاً، نظراً إلى الدمار الواسع في منازلهم، وتدهور مقومات الحياة الأساسية في الداخل السوري. وكانت إدارة الهجرة التركية أعلنت، في يناير/ كانون الثاني 2025، برنامجاً يسمح لأفراد العائلات السورية اللاجئة في تركيا بزيارة سورية حتى ثلاث مرات، شرط عودتهم قبل نهاية يوليو/ تموز من العام الجاري، الأمر الذي شجّع عشرات الآلاف للتوجه إلى الداخل السوري، من أجل تفقد منازلهم وترميمها، تحضيراً لخطوة العودة . حسام كفرسجناوي لاجئ سوري يعمل في نقل المواد الغذائية بين الولايات التركية، عاد مؤخراً من سورية بعد زيارة استمرت ثلاثة أسابيع، قضاها في مسقط رأسه كفرسجنة، الواقعة في ريف إدلب الجنوبي. يروي لـ"العربي الجديد": "ذهبت لترميم منزلي الذي دمرته وسرقته قوات النظام المخلوع. وجدتُ المنزل بلا أبواب ولا نوافذ، ولا حتى الرخام وكابلات الكهرباء (الأسلاك) التي سُرقت أيضاً. تعرّض المنزل لقصف بقذيفتين، وكلّفني ترميمه بشكل جزئي نحو خمسة آلاف دولار أميركي". لجوء واغتراب التحديثات الحية %72 من اللاجئين السوريين في الأردن لا يرغبون في العودة ويضيف رب العائلة المؤلفة من ستة أفراد: "عدتُ إلى تركيا، لكنّني سأعود إلى دياري بشكل طوعي بعد شهر، حين ينهي أطفالي دراستهم، وسأنقل معي أثاث المنزل، إذ لم أعد أملك القدرة على شراء مفروشات ومستلزمات جديدة داخل سورية، خصوصاً أن المنزل ما زال في حاجة إلى ترميمات إضافية". حسام، الذي عاش في تركيا نحو ثمانية أعوام، متنقلاً بين بلدة الريحانية الحدودية وغازي عنتاب (جنوب وسط تركيا) ونزب (جنوب تركيا)، يُعرب عن امتنانه لتركيا التي احتضنته، لكنه يرى أن "العودة إلى الوطن، ولو كان مدمّراً، باتت ضرورة لبداية جديدة". من جانبها، تقول إسراء الحلبي، اللاجئة السورية من محافظة حلب ، إنها عادت مؤخراً من زيارتها الثالثة إلى سورية، والتي ستكون الأخيرة بحسب شروط برنامج الإجازات. وتوضح لـ"العربي الجديد": "حاولت أن أعيش في سورية مجدداً، لكنّني لم أستطع. منزلي يحتاج إلى الهدم وإعادة البناء بالكامل، وهو ما يتطلب نحو عشرة آلاف دولار أميركي، وهو مبلغ لا أملكه". وتضيف: "الحياة الاجتماعية في سورية لا تزال الأجمل، فهناك الأقارب والجيران والأصدقاء، لكن الحياة المعيشية صعبة جداً. لا كهرباء ولا ماء ولا إنترنت بشكل منتظم. ربما أعود لاحقاً بشكل طوعي، لكن بعد تحسّن الظروف الأساسية على الأقل". فرحة العودة لا تُثمّن، 11 ديسمبر 2024 (ياسين أكغول/فرانس برس) محمد الأحمد، لاجئ سوري من مدينة معرة النعمان (شمال غرب سورية)، يوضح أن عودته إلى بلاده جاءت تحت ضغط ظروف العمل، إذ انتقل مركز عمله إلى دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، بحسب وصفه. ويقول لـ"العربي الجديد": "زرتُ سورية ضمن برنامج الإجازات، وعدتُ إلى تركيا من أجل تقديم امتحانات الجامعة. بعد انتهائي من الامتحانات، سأفكر جديّاً في العودة الدائمة، لا سيّما في حال أُبرمت اتفاقيات بين الحكومتين السورية والتركية، تضمن نقل الطلاب من دون عقبات مثل حذف المواد أو إعادة السنوات الجامعية". لجوء واغتراب التحديثات الحية العودة إلى سورية... مغتربون غلبهم الشوق رغم الكلفة والأزمات يتحدث الأحمد عن تحديات العيش في دمشق رغم انتقال عمله إليها، إذ يشير إلى الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، ويكشف عن أن "إيجار المنزل في ضواحي دمشق يراوح بين 300 إلى 500 دولار أميركي، وفي قلب العاصمة بين 400 إلى 800 دولار. أما في المناطق الراقية، مثل أحياء أبو رمانة والمالكي وكفرسوسة، فيتجاوز الألف دولار. هذه الأرقام لا تتناسب أبداً مع راتبي، ولهذا أضطر إلى التريّث بانتظار توفر حلول مقبولة". تفتح الإجازات التي سمحت بها السلطات التركية نافذة للمئات من السوريين للعودة إلى وطنهم، ليس فقط بدافع الشوق، بل بدافع تقييم الإمكانيات الحقيقية للعودة النهائية. إلا أن المشهد في الداخل السوري، لا يزال معقداً. الدمار واسع في البنية التحتية، ناهيك عن غياب مقوّمات الحياة الأساسية، وغلاء المعيشة، كل ذلك يدفع الكثيرين إلى تأجيل القرار، أو إلى اتخاذ خطوات تدريجيّة. ومع استمرار التغيّرات السياسية والاقتصادية في سورية، وتعقّد أوضاع اللاجئين في تركيا، يبقى القرار بالعودة الطوعية محاطاً بالتردد، حيث تتقاطع العواطف مع الظروف المعيشية الصعبة، في انتظار بارقة أمل تعيد لسورية شيئاً من استقرارها.