
خبراء لـ«العين الإخبارية»: أقصى اليمين الفرنسي يغازل «صرامة بروكسل»
اعتبر خبراء سياسيون أن ما يجري داخل أروقة حزب التجمع الوطني الفرنسي (أقصى اليمين) "ثورة صامتة" تهز أسس اقتصادية طالما تمسك بها التيار.
فرئيسة كتلة الحزب في البرلمان، مارين لوبان، تبدو حائرة في تبرير هذا التحول الجذري، بعد أن بدأ حزبها في تبني قواعد الانضباط المالي الأوروبي التي طالما وصفها بـ"القيود الديمقراطية المفروضة من بروكسل".
لوبان تتعثر في التبرير
وعلى إذاعة "فرانس إنتر"، حاولت زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطني التقليل من شأن هذا الانقلاب السياسي بشأن قاعدة العجز المالي البالغة 3%.
وقال الدكتور أرمان بوسكيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نانت، متخصص في الحركات الشعبوية لـ"العين الإخبارية" إن "ما نراه اليوم هو تطبيع تدريجي لحزب لوبان، لكن بثمن سياسي باهظ. إذ أن التحول نحو قواعد بروكسل المالية يعني تفكيك إحدى آخر ركائز خطابه المعادي للنظام، ما قد يؤدي إلى انقسام داخلي في قواعده الصلبة، خاصة تلك المعادية للمؤسسات الأوروبية".
وأضاف:" إنه تغيير جذري في العقيدة الاقتصادية لحزب لوبان. ويبدو أن مارين لوبان تجد صعوبة في تقبّله، نظرًا لأنه يقلب مفاهيم الحزب رأسًا على عقب.
ففي 11 يونيو/حزيران، أعلن نائب الحزب عن دائرة "السوم"، جان-فيليب تانغي، أن حزب التجمع الوطني بدأ "تفكيرًا داخليًا" حول اعتماد "قاعدة ذهبية" في الميزانية، تهدف إلى "احترام حد 3%" من عجز الموازنة.
هذا الحد هو نفسه الذي حدده الاتحاد الأوروبي في إطار "الميثاق المالي الأوروبي"، والذي لطالما وصفه حزب لوبان على مدى سنوات بأنه قيد تكنوقراطي يفرضه بيروقراطيو بروكسل، ويجرد الدول الأعضاء من سيادتها المالية. لدرجة أن مارين لوبان اعتبرت في عام 2012 أن هذه القاعدة تمثل "اغتصابًا ديمقراطيًا".
لكن اليوم، وفي وقت يسعى فيه الحزب الذي يصف نفسه بـ"المنادي بالخروج من النظام" إلى طمأنة النخب الاقتصادية، نراه يعود ليغازل الانضباط المالي الأوروبي.
وإذا كان جان-فيليب تانغي يصر على أن هذا التحول "ليس محاولة لإرضاء بروكسل"، بل لتطمين الأسواق المالية، فإنه يعترف في الوقت نفسه بأن هذه القاعدة "أداة فعالة لمناقشة الفرق بين ما يبني المستقبل وما يدمره".
من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي، المتخصص في اليمين المتطرف الأوروبي جون إيف كامو لـ"العين الإخبارية" إن "لوبان تحاول ارتداء قناع الجدية الاقتصادية لاستمالة رجال الأعمال والأسواق، استعدادًا لانتخابات 2027. لكنها بذلك تفرغ سرديتها القومية من مضمونها الحقيقي، ما يفتح المجال أمام أطراف يمينية أكثر تطرفًا لتقديم نفسها كبديل أصلي لا يساوم على السيادة".
لوبان تناور
وخلال استضافتها في 12 يونيو/حزيران على إذاعة "فرانس إنتر"، نفت مارين لوبان أن يكون الحزب قد تبنى الانضباط المالي الأوروبي عن قناعة، وقالت: "الـ3% تم تحديدها بشكل اعتباطي، كان من الممكن أن تكون 4%"، معتبرة أن القضية طرحت بسبب "انزلاق العجز" المالي.
وبررت التغيير بالقول: "نحن بحاجة للتفكير في قاعدة ذهبية تساعدنا على موازنة الإنفاق التشغيلي من أجل الحفاظ على استثمارات الدولة"، وأضافت أنها تؤيد خفض ما وصفته بـ"الإنفاق السيئ".
لكن هذه المبررات لا تخفي التحول السياسي والفلسفي الكبير الذي يشهده الحزب، والذي طالما اعتبر قاعدة 3% إحدى قيود معاهدة "ماستريخت" البغيضة، وأنها "سلسلة" تُكبّل البرلمان وتحرم الشعب من سلطة القرار المالي.
ومع هذا التغيير، تقبل مارين لوبان فعليًا بالتنازل عن جزء من السيادة البرلمانية لصالح معايير الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يتناقض مع خطاباتها المتكررة ضد بروكسل، وآخرها في 9 يونيو/حزيران خلال اجتماع اليمين القومي في منطقة لواريه.
aXA6IDEwNC4yNTMuNjQuMTQwIA==
جزيرة ام اند امز
CA
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 4 أيام
- العين الإخبارية
خبراء لـ«العين الإخبارية»: أقصى اليمين الفرنسي يغازل «صرامة بروكسل»
اعتبر خبراء سياسيون أن ما يجري داخل أروقة حزب التجمع الوطني الفرنسي (أقصى اليمين) "ثورة صامتة" تهز أسس اقتصادية طالما تمسك بها التيار. فرئيسة كتلة الحزب في البرلمان، مارين لوبان، تبدو حائرة في تبرير هذا التحول الجذري، بعد أن بدأ حزبها في تبني قواعد الانضباط المالي الأوروبي التي طالما وصفها بـ"القيود الديمقراطية المفروضة من بروكسل". لوبان تتعثر في التبرير وعلى إذاعة "فرانس إنتر"، حاولت زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب التجمع الوطني التقليل من شأن هذا الانقلاب السياسي بشأن قاعدة العجز المالي البالغة 3%. وقال الدكتور أرمان بوسكيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نانت، متخصص في الحركات الشعبوية لـ"العين الإخبارية" إن "ما نراه اليوم هو تطبيع تدريجي لحزب لوبان، لكن بثمن سياسي باهظ. إذ أن التحول نحو قواعد بروكسل المالية يعني تفكيك إحدى آخر ركائز خطابه المعادي للنظام، ما قد يؤدي إلى انقسام داخلي في قواعده الصلبة، خاصة تلك المعادية للمؤسسات الأوروبية". وأضاف:" إنه تغيير جذري في العقيدة الاقتصادية لحزب لوبان. ويبدو أن مارين لوبان تجد صعوبة في تقبّله، نظرًا لأنه يقلب مفاهيم الحزب رأسًا على عقب. ففي 11 يونيو/حزيران، أعلن نائب الحزب عن دائرة "السوم"، جان-فيليب تانغي، أن حزب التجمع الوطني بدأ "تفكيرًا داخليًا" حول اعتماد "قاعدة ذهبية" في الميزانية، تهدف إلى "احترام حد 3%" من عجز الموازنة. هذا الحد هو نفسه الذي حدده الاتحاد الأوروبي في إطار "الميثاق المالي الأوروبي"، والذي لطالما وصفه حزب لوبان على مدى سنوات بأنه قيد تكنوقراطي يفرضه بيروقراطيو بروكسل، ويجرد الدول الأعضاء من سيادتها المالية. لدرجة أن مارين لوبان اعتبرت في عام 2012 أن هذه القاعدة تمثل "اغتصابًا ديمقراطيًا". لكن اليوم، وفي وقت يسعى فيه الحزب الذي يصف نفسه بـ"المنادي بالخروج من النظام" إلى طمأنة النخب الاقتصادية، نراه يعود ليغازل الانضباط المالي الأوروبي. وإذا كان جان-فيليب تانغي يصر على أن هذا التحول "ليس محاولة لإرضاء بروكسل"، بل لتطمين الأسواق المالية، فإنه يعترف في الوقت نفسه بأن هذه القاعدة "أداة فعالة لمناقشة الفرق بين ما يبني المستقبل وما يدمره". من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي، المتخصص في اليمين المتطرف الأوروبي جون إيف كامو لـ"العين الإخبارية" إن "لوبان تحاول ارتداء قناع الجدية الاقتصادية لاستمالة رجال الأعمال والأسواق، استعدادًا لانتخابات 2027. لكنها بذلك تفرغ سرديتها القومية من مضمونها الحقيقي، ما يفتح المجال أمام أطراف يمينية أكثر تطرفًا لتقديم نفسها كبديل أصلي لا يساوم على السيادة". لوبان تناور وخلال استضافتها في 12 يونيو/حزيران على إذاعة "فرانس إنتر"، نفت مارين لوبان أن يكون الحزب قد تبنى الانضباط المالي الأوروبي عن قناعة، وقالت: "الـ3% تم تحديدها بشكل اعتباطي، كان من الممكن أن تكون 4%"، معتبرة أن القضية طرحت بسبب "انزلاق العجز" المالي. وبررت التغيير بالقول: "نحن بحاجة للتفكير في قاعدة ذهبية تساعدنا على موازنة الإنفاق التشغيلي من أجل الحفاظ على استثمارات الدولة"، وأضافت أنها تؤيد خفض ما وصفته بـ"الإنفاق السيئ". لكن هذه المبررات لا تخفي التحول السياسي والفلسفي الكبير الذي يشهده الحزب، والذي طالما اعتبر قاعدة 3% إحدى قيود معاهدة "ماستريخت" البغيضة، وأنها "سلسلة" تُكبّل البرلمان وتحرم الشعب من سلطة القرار المالي. ومع هذا التغيير، تقبل مارين لوبان فعليًا بالتنازل عن جزء من السيادة البرلمانية لصالح معايير الاتحاد الأوروبي، وهو أمر يتناقض مع خطاباتها المتكررة ضد بروكسل، وآخرها في 9 يونيو/حزيران خلال اجتماع اليمين القومي في منطقة لواريه. aXA6IDEwNC4yNTMuNjQuMTQwIA== جزيرة ام اند امز CA


العين الإخبارية
منذ 6 أيام
- العين الإخبارية
أثرياء الحكومة الفرنسية.. وزيرا الصناعة والاقتصاد يتصدران القائمة
تم تحديثه الخميس 2025/6/12 06:22 م بتوقيت أبوظبي كشفت الهيئة العليا للشفافية في الحياة العامة في فرنسا، عن التصريحات الرسمية للثروات التي يملكها أعضاء حكومة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، لتسلط الضوء على التفاوتات الكبيرة في ممتلكاتهم، وتُظهر من هم الأوفر حظًا ماليًا في السلطة. مارك فيراتشي وإيريك لومبارد يتصدران القائمة ويتصدر قائمة الوزراء الأكثر ثراءً وزير الصناعة الفرنسي، مارك فيراتشي، ووزير الاقتصاد الفرنسي، إيريك لومبارد، حيث يمتلك الأول ثروة صافية تُقدّر بنحو 23 مليون يورو (26.7 مليون دولار)، مستمدة في معظمها من حصصه في شركة متخصصة في المحاسبة والاستشارات الإدارية، يترأسها والده بيير فيراتشي، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية. أما إيريك لومبارد، فيبلغ صافي ثروته ما يقارب 21 مليون يورو (24.3 مليون دولار)، تتوزع بين أكثر من 11 مليون يورو (12.7 مليون دولار) على شكل حصص في شركة استشارية، وما يزيد عن 8 ملايين يورو (9.3 مليون دولار) من الممتلكات العقارية. رشيدة داتي في المركز الثالث في المرتبة الثالثة جاءت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، بصافي ثروة يُقدّر بنحو 6 ملايين يورو (6.9 مليون دولار). ورغم هذا الرقم الكبير، لم تُدرج داتي في تصريحها أي مجوهرات، رغم أن صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية كانت قد اتهمتها في أبريل/نيسان الماضي بإغفال ذكر مجموعة من قطع المجوهرات التي بحوزتها منذ عام 2017، بقيمة إجمالية تقدّر بـ420 ألف يورو (486.7 ألف دولار). وردت الوزيرة آنذاك عبر إذاعة "فرانس إنتر" قائلة: "لا يوجد ما أحتاج إلى تسويته. لم يسبق لي أن أُخذت على خطأ في أي من تصريحاتي، ولن يكون اليوم بداية لذلك". لورواجي وبارو من بين الأثرياء كما يبرز في قائمة كبار المالكين للثروات، كل من فيرونيك لورواجي، وزيرة التجارة والحرف الصغيرة والمؤسسات المتوسطة، بثروة تقدر بنحو 5.5 مليون يورو صافي (6.4 مليون دولار)، وجان-نويل بارو، وزير الخارجية، الذي صرح بثروة تبلغ نحو 5 ملايين يورو صافية (5.8 مليون دولار). أما رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، فقد أعلن عن ثروة تُقدّر بـ1.3 مليون يورو (1.5 مليون دولار)، معظمها متمثل في ممتلكات عقارية. وبحسب ما أوردته الهيئة، فإن المتوسط العام لصافي الثروات المعلنة لجميع أعضاء الحكومة يبلغ نحو 2.62 مليون يورو (2.4 مليون دولار). دارمانان صاحب أقل ثروة صافية من جهة أخرى، فإن الوزير الذي يمتلك أضعف صافي ثروة هو وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، حيث تبلغ ثروته الصافية 77,821 يورو فقط (90170.4 دولار)، بعد خصم الالتزامات المالية، ليأتي خلف شارلوت بارمنتيي-ليكوك، وزيرة شؤون الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صرحت بثروة صافية قدرها 113477 يورو (131468.2 دولار). أما مانويل فالس، وزير الدولة لشؤون ما وراء البحار، فقد صرّح بثروة إجمالية تُعدّ الأقل من حيث الأصول، إذ بلغت نحو 130 ألف يورو (150610.9 دولار)، إلا أن مستوى ديونه جعله يتقدّم على دارمانان من حيث صافي الثروة. وتعكس هذه التصريحات تفاوتات واضحة في الثروات بين أعضاء الحكومة الفرنسية، حيث يجمع بعض الوزراء ملايين اليوروهات من الأصول والاستثمارات، فيما يكتفي آخرون بممتلكات محدودة. خطوة الشفافية هذه، وإن كانت مطلوبة قانونيًا، تفتح نقاشًا مستمرًا حول العلاقة بين الثروة والسلطة في فرنسا. aXA6IDgyLjI0LjIwOS4xMjkg جزيرة ام اند امز FR


العين الإخبارية
منذ 7 أيام
- العين الإخبارية
مقتل مشرفة على يد تلميذ يهز فرنسا.. هل للسوشيال ميديا دور؟
في مشهد هز المجتمع الفرنسي بأسره، تحوّلت مدرسة في مدينة نوجان إلى مسرح لجريمة مأساوية راحت ضحيتها مشرفة مدرسية. طُعنت المشرفة حتى الموت على يد تلميذ يبلغ من العمر 14 عامًا. هذا الحادث الصادم أعاد فتح ملف العنف المتصاعد داخل المدارس، وأطلق جدلًا واسعًا حول مسؤولية المؤسسات، وتأثير الشبكات الاجتماعية، ودور الأسرة، والصحة النفسية في حياة المراهقين. وصرحت وزيرة التربية الوطنية، إليزابيث بورن، يوم الأربعاء ، بأنها طلبت الوقوف دقيقة صمت في جميع المؤسسات التعليمية ظهر الخميس، تكريمًا لروح المراقبة التي قتلت طعنًا على يد تلميذ في مدينة نوجان (منطقة هوت-مارن) يوم الثلاثاء. وقالت الوزيرة عبر إذاعة "فرانس إنتر": "إنها صدمة حقيقية تطال كل أفراد الأسرة التعليمية، بل الأمة بأكملها. ولهذا السبب، طلبت الوقوف دقيقة صمت غدًا الخميس عند الساعة 12 ظهرًا في جميع المؤسسات". وأثار مقتل المراقبة، التي طُعنت بسكين على يد تلميذ يبلغ من العمر 14 عامًا خلال تفتيش الحقائب قرب مدرسة "فرانسواز دولتو"، موجة من الحزن العميق في الأوساط التعليمية والسياسية. وصرّحت الشرطة أن حجز التلميذ تم تمديده لمدة 24 ساعة. من جانبه، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحادث بأنه "موجة عنف غير عقلانية"، بينما أعلن رئيس الوزراء فرانسوا بايرو عن نية الحكومة تجريب تركيب بوابات أمنية على مداخل المدارس، إضافة إلى حظر بيع السكاكين للقاصرين. وقال بايرو، مساء الثلاثاء عبر قناة "تي إف 1" الفرنسية، إن القرار سيدخل حيّز التنفيذ فورًا، مشيرًا إلى أن القانون الحالي لا يمنع إلا بيع الخناجر والسكاكين القتالية. وفي توضيح لاحق، أكدت رئاسة الحكومة أن قرار حظر بيع السكاكين للقاصرين سيُتّخذ رسميًا خلال خمسة عشر يومًا. العنف في المدارس الفرنسية: حين تتحوّل المدارس من "مقدسات تربوية" إلى ساحات للخطر وقالت الوزيرة بورن: "من الضروري أن نحمي المدرسة وكل من يساهم في استمرارها.. هذا أولوية قصوى". ورغم تأكيدها أن التفتيش اليومي أمام جميع المدارس غير ممكن، إلا أنها أبدت انفتاحها على أي وسيلة تحد من دخول الأسلحة إلى المؤسسات، محذرة في الوقت ذاته من فعالية الأجهزة الأمنية في رصد السكاكين المصنوعة من السيراميك التي لا تكتشفها أجهزة الكشف التقليدية. وأضافت: "يجب أن نعمل مع السلطات المحلية لضمان أقصى درجات الأمان داخل المدارس، وأن تظل هذه المؤسسات التعليمية بمثابة مقدسات تربوية.. لا أن تتحول إلى حصون معزولة". وشددت بورن أيضًا على أن القضية تتجاوز حدود الأمن المادي: "إن قيام شاب يبلغ من العمر 14 عامًا بقتل شابة بدم بارد أمام عناصر الدرك هو أمر مرعب... ويعيدنا إلى قضايا أعمق تتعلق بالصحة النفسية". وأكدت أن الحكومة تعمل على رصد علامات الاضطرابات النفسية لدى الشباب، مشيرة كذلك إلى أهمية حمايتهم من التعرض المفرط للشاشات ومن تطبيع العنف. شبكات التواصل والعنف: ما الدور الذي تلعبه؟ أعادت هذه الجريمة إحياء الجدل حول دور الشبكات الاجتماعية وتأثيرها على سلوك الشباب. ووسط الدعوات إلى ضبط استخدامها، قال الرئيس ماكرون إنه يريد حظر الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي لمن هم دون 15 عامًا، بحسب إذاعة "راديو فرانس". لكن الخبراء يحذرون من تحميل الشبكات وحدها المسؤولية، إذ يقول يانيك ليرو، اختصاصي علم النفس: "الشبكات الاجتماعية لا تُسبب العنف، بل تعكسه. الفيديو العنيف لا يجعل الشخص عنيفًا، بل الشخص العنيف هو من ينجذب إلى هذا النوع من المحتوى". وأوضح أن العوامل الحقيقية للعنف تعود إلى السياق الاجتماعي، والشخصية، والصحة النفسية. في المقابل، تعترف جوستين أتلان، المديرة العامة لجمعية "e-Enfance"، أن الشبكات قد تؤدي إلى تضخيم السلوك العنيف عبر خوارزمياتها الإدمانية، التي تغذي المستخدم بمحتوى مشابه لما يشاهده مسبقًا، بما في ذلك مشاهد عنف قد تؤدي إلى تعزيز الشعور بالاغتراب النفسي. وأضافت: "عندما يكون المراهق في وضع نفسي هش، قد تشكل الشبكات دائرة مغلقة تعزز ألمه، بدل أن تساعده. وفي النهاية، يبقى الإنسان هو من يسبق التقنية، وليس العكس". كما أبدت أتلان تحفظها على وعود ماكرون بشأن منع الشبكات، معتبرة أن الآليات الفعّالة لضبط أعمار المستخدمين غير متوفرة حتى الآن. ضحايا آخرون ونقطة تحوّل دقيقة الصمت التي ستُنفذ في عموم المدارس ستُهدى أيضًا لضحايا آخرين للعنف المدرسي، من بينهم لورين، الطالبة التي قتلت طعنًا على يد زميلها في نانت في أبريل/نيسان الماضي، وأنييس لاسال، المدرسة التي لقيت حتفها على يد تلميذها في إقليم الباسك. فرنسا اليوم أمام لحظة فاصلة، فإما أن تُترجم هذه الصدمة إلى إصلاحات ملموسة في السياسات التعليمية والنفسية، أو أن تبقى هذه الجرائم جرس إنذار مكرر بلا استجابة. aXA6IDgyLjI2LjI0My41IA== جزيرة ام اند امز GR