
المسيحيون قي سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس – DW – 2025/6/25
جاءت ردود الفعل على الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في دمشق متوافقة، فالكل أدانه واعتبره تربصا بعملية التحول وبناء سوريا الجديدة. لكن ما الذي يقلق المسيحيين في سوريا اليوم؟ وكيف يرون تفاعل حكومتهم مع الهجوم؟
أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا رسيما عقب الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق مباشرة، وذكرت الوزارة في بيانها أن الهجوم "محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني". وأكدت الخارجية أن "العمل الإجرامي الذي استهدف أبناء الطائفة المسيحية محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني وزعزعة الاستقرار"، معتبرة إياه بمثابة "اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة".
,حمّلت وزارة الداخلية تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق، وأعلنت عن مقتل 25 شخصًا وجُرح 63 آخرين في الهجوم.
الأب فادي غطاس، كاهن في كنيسة مار إلياس، روى في تصريح لـ DW عربية ما حدث قائلا: "كنا نصلي في أمان، فدخل علينا شخص وأطلق النار فجأة، تصدى له الشباب ليخرجوه، لكن حين وصل إلى باب الكنيسة، فجر نفسه".
وبالنسبة للأب أنطونيوس رأفت أبو النصر، رئيس ومرشد شبيبة ومكتب شبيبة أبرشية دمشق وريفها، فإن "المسيحيين تعبوا وتحملوا الكثير منذ أكثر من 15 سنة، نريد أن نتمسك بأرضنا، لكنها تلفظنا خارجا".
وأضاف المتحدث أن "الخطابات والردود التي تصل مخزية للأسف، لا تعبر عن الثقافة السورية. ليس هناك سوري بمنأى عن الخوف المنتشر من قلة الأمن". وأوضح أنه "قد تم تعليق الصلوات خوفا على سلامة الناس"، مشددا على أن "سوريا في حاجة للأمان، ليس لنا مكان نلجأ إليه، فكل الدول الأوروبية أوصدت الأبواب في وجهنا".
إدانة وزارة الداخلية ووعودها بتقصي الحقائق حول الحادث، لم تقنع الكثير من الأصوات من الطائفة المسيحية السورية، ومن بينهم القس ميتالوس شطاح، الذي صرح لـ DW عربية قائلا "رغم أن هذه الهجمات تبقى تصرفات فردية، إلا أن دولتنا لم تكن تحمينا، وهو ما أعطانا انطباعا بأنها أصبحت تصرفات مؤسساتية".
وبالنسبة للصحفي السوري نضال معلوف، رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، المستقر في تركيا، "فإن الوضع الأمني الهش في سوريا كان يشير إلى أن شيئا ما سيحدث، وذلك بسبب غياب مؤسسات الدولة التي يمكن أن تعزز الاستقرار لمنع مثل هذه الحوادث".
نضال معلوف قارن أيضا بين صياغة السلطات لبيان إدانة العمل الإرهابي في الكنيسة الذي "لم تتم صياغته بالطريقة نفسها كما يصف بلاغهم أحداث تفجير في منبج السورية شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث تمت تسمية الضحايا بالشهداء وتم الترحم عليهم".
وأوضح المتحدث أن "ما يريده السوريون جميعا هو تعزيز قوة الدولة السورية بالتفاهم مع كل المكونات، ومشاركة جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع السوري في السلطة، هذا ما سيكون أساس استقرار سوريا".
يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت، إن الهجوم له أبعاد سياسية، موضحا أن سوريا شهدت خلال الأشهر الأخيرة حوادث عنف متكررة ضد الأقليات الدينية، كالعلويين والدروز. و"الهجوم الأخير، على فظاعته، لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد بأسرها، بالإضافة إلى العملية الانتقالية. ويُراد من هجمات كهذه أن تُزعزع استقرارها".
كثير من المسيحيين السوريين عبروا عن قلقهم في حديثهم لـ DW، إذ قالت سيدرا، وهي مسيحية سورية تبلغ من العمر 21 عاما، إن والدتها حضرت القداس، وأنها كانت محظوظة إذ لم تُصب إلا بجروح طفيفة. وأضافت: "لكن صديقتي توفيت في الهجوم". وأضافت سيدرا: "على السلطات السورية أن تتدخل الآن. يجب على الحكومة السورية ضمان أمننا. لأنه بدونها، قد لا نتمكن نحن المسيحيون من العيش هنا بعد الآن".
ويقول باور إن "الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، تُدرك على الأرجح أن البلاد بحاجة إلى عملية تحول جذري تشمل جميع فئات السكان. لكن لا بد من الافتراض أن القوات الحكومية تضم أيضا مقاتلين سابقين من الميليشيات الجهادية لا يتفقون مع هذا التطور، وهذا تحدٍّ كبير".
يتورط مقاتلون أجانب متطرفون في أعمال عنف ضد الأقليات السورية، وتجد الحكومة صعوبة بالغة في السيطرة عليهم بسبب نقص التمويل. ووفقا لتقديرات وكالة المعلومات الاقتصادية الألمانية للتجارة والاستثمار (GTAI)، سينكمش الاقتصاد السوري مجددا في عام 2025 للعام الثالث على التوالي، مما يُصعّب تطوير قوات أمنية موثوقة.
نوال، البالغة من العمر 58 عاما، أصيبت أيضا في هجوم الأحد. ترى أن "الهجوم يعكس أيديولوجية، وإن كانت موجهة ضد المسيحيين، إلا أنها تمتد في نهاية المطاف إلى أبعد من ذلك بكثير". وتقول: "نحن شعب واحد، مسيحيون ومسلمون، وأبناء جميع الأديان والطوائف. من ارتكب هذا الفعل، هذه المرة أصاب المسيحيين، لكنه غدا سيصيب أي سوري آخر".جدير بالذكر أن السوريين المسيحيين ينتشرون في كل مناطق البلاد، كانوا يمثلون حوالي سبعة بالمائة من السكان قبل اندلاع الحرب عام 2011، وفقا لتقرير صادر عن وكالة أنباء الفاتيكان. لكنهم الآن لا يتجاوزون اثنين في المائة، نصفهم من الروم الأرثودوكس، بينما تشكل سائر الطوائف الأخرى النصف الآخر، ومثل كثيرين من مواطنيهم، غادر العديد من المسيحيين سوريا أيضا.
يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت "من حيث المبدأ، يعيش المسيحيون السوريون في علاقة منسجمة مع الطوائف الأخرى في البلاد. فبينما توجد بعض الأحياء ذات الأغلبية المسيحية في دمشق، كما توجد بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية في الريف، إلا أنه في الوقت نفسه، يتواجد المسيحيون في مناطق مختلفة من البلاد".
تأمل سيدرا، البالغة من العمر 21 عاما، أن تبقى سوريا "بلد المسيحيين أيضا، وسنبقى فيها ما دامت خالية من الاستفزازات الطائفية والإساءة للأديان الأخرى".
ووفقا لتقارير إعلامية، أدان رؤساء دول وحكومات العديد من الدول العربية الهجوم أيضا، من بينهم الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي دعا إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات وحماية أماكن العبادة ومؤمنيها وجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم"، وأكد أن وحدة الشعب السوري هي أساس منع الاضطرابات.
تحرير: عارف جابو

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 4 ساعات
- DW
المسيحيون في سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس – DW – 2025/6/25
جاءت ردود الفعل على الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في دمشق متوافقة، فالكل أدانه واعتبره تربصا بعملية التحول وبناء سوريا الجديدة. لكن ما الذي يقلق المسيحيين في سوريا اليوم؟ وكيف يرون تفاعل حكومتهم مع الهجوم؟ أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا رسيما عقب الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق مباشرة، وذكرت الوزارة في بيانها أن الهجوم "محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني". وأكدت الخارجية أن "العمل الإجرامي الذي استهدف أبناء الطائفة المسيحية محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني وزعزعة الاستقرار"، معتبرة إياه بمثابة "اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة". ,حمّلت وزارة الداخلية تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق، وأعلنت عن مقتل 25 شخصًا وجُرح 63 آخرين في الهجوم. الأب فادي غطاس، كاهن في كنيسة مار إلياس، روى في تصريح لـ DW عربية ما حدث قائلا: "كنا نصلي في أمان، فدخل علينا شخص وأطلق النار فجأة، تصدى له الشباب ليخرجوه، لكن حين وصل إلى باب الكنيسة، فجر نفسه". وبالنسبة للأب أنطونيوس رأفت أبو النصر، رئيس ومرشد شبيبة ومكتب شبيبة أبرشية دمشق وريفها، فإن "المسيحيين تعبوا وتحملوا الكثير منذ أكثر من 15 سنة، نريد أن نتمسك بأرضنا، لكنها تلفظنا خارجا". وأضاف المتحدث أن "الخطابات والردود التي تصل مخزية للأسف، لا تعبر عن الثقافة السورية. ليس هناك سوري بمنأى عن الخوف المنتشر من قلة الأمن". وأوضح أنه "قد تم تعليق الصلوات خوفا على سلامة الناس"، مشددا على أن "سوريا في حاجة للأمان، ليس لنا مكان نلجأ إليه، فكل الدول الأوروبية أوصدت الأبواب في وجهنا". إدانة وزارة الداخلية ووعودها بتقصي الحقائق حول الحادث، لم تقنع الكثير من الأصوات من الطائفة المسيحية السورية، ومن بينهم القس ميتالوس شطاح، الذي صرح لـ DW عربية قائلا "رغم أن هذه الهجمات تبقى تصرفات فردية، إلا أن دولتنا لم تكن تحمينا، وهو ما أعطانا انطباعا بأنها أصبحت تصرفات مؤسساتية". وبالنسبة للصحفي السوري نضال معلوف، رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، المستقر في تركيا، "فإن الوضع الأمني الهش في سوريا كان يشير إلى أن شيئا ما سيحدث، وذلك بسبب غياب مؤسسات الدولة التي يمكن أن تعزز الاستقرار لمنع مثل هذه الحوادث". نضال معلوف قارن أيضا بين صياغة السلطات لبيان إدانة العمل الإرهابي في الكنيسة الذي "لم تتم صياغته بالطريقة نفسها كما يصف بلاغهم أحداث تفجير في منبج السورية شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث تمت تسمية الضحايا بالشهداء وتم الترحم عليهم". وأوضح المتحدث أن "ما يريده السوريون جميعا هو تعزيز قوة الدولة السورية بالتفاهم مع كل المكونات، ومشاركة جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع السوري في السلطة، هذا ما سيكون أساس استقرار سوريا". يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت، إن الهجوم له أبعاد سياسية، موضحا أن سوريا شهدت خلال الأشهر الأخيرة حوادث عنف متكررة ضد الأقليات الدينية، كالعلويين والدروز. و"الهجوم الأخير، على فظاعته، لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد بأسرها، بالإضافة إلى العملية الانتقالية. ويُراد من هجمات كهذه أن تُزعزع استقرارها". كثير من المسيحيين السوريين عبروا عن قلقهم في حديثهم لـ DW، إذ قالت سيدرا، وهي مسيحية سورية تبلغ من العمر 21 عاما، إن والدتها حضرت القداس، وأنها كانت محظوظة إذ لم تُصب إلا بجروح طفيفة. وأضافت: "لكن صديقتي توفيت في الهجوم". وأضافت سيدرا: "على السلطات السورية أن تتدخل الآن. يجب على الحكومة السورية ضمان أمننا. لأنه بدونها، قد لا نتمكن نحن المسيحيون من العيش هنا بعد الآن". ويقول باور إن "الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، تُدرك على الأرجح أن البلاد بحاجة إلى عملية تحول جذري تشمل جميع فئات السكان. لكن لا بد من الافتراض أن القوات الحكومية تضم أيضا مقاتلين سابقين من الميليشيات الجهادية لا يتفقون مع هذا التطور، وهذا تحدٍّ كبير". يتورط مقاتلون أجانب متطرفون في أعمال عنف ضد الأقليات السورية، وتجد الحكومة صعوبة بالغة في السيطرة عليهم بسبب نقص التمويل. ووفقا لتقديرات وكالة المعلومات الاقتصادية الألمانية للتجارة والاستثمار (GTAI)، سينكمش الاقتصاد السوري مجددا في عام 2025 للعام الثالث على التوالي، مما يُصعّب تطوير قوات أمنية موثوقة. نوال، البالغة من العمر 58 عاما، أصيبت أيضا في هجوم الأحد. ترى أن "الهجوم يعكس أيديولوجية، وإن كانت موجهة ضد المسيحيين، إلا أنها تمتد في نهاية المطاف إلى أبعد من ذلك بكثير". وتقول: "نحن شعب واحد، مسيحيون ومسلمون، وأبناء جميع الأديان والطوائف. من ارتكب هذا الفعل، هذه المرة أصاب المسيحيين، لكنه غدا سيصيب أي سوري آخر".جدير بالذكر أن السوريين المسيحيين ينتشرون في كل مناطق البلاد، كانوا يمثلون حوالي سبعة بالمائة من السكان قبل اندلاع الحرب عام 2011، وفقا لتقرير صادر عن وكالة أنباء الفاتيكان. لكنهم الآن لا يتجاوزون اثنين في المائة، نصفهم من الروم الأرثودوكس، بينما تشكل سائر الطوائف الأخرى النصف الآخر، ومثل كثيرين من مواطنيهم، غادر العديد من المسيحيين سوريا أيضا. يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت "من حيث المبدأ، يعيش المسيحيون السوريون في علاقة منسجمة مع الطوائف الأخرى في البلاد. فبينما توجد بعض الأحياء ذات الأغلبية المسيحية في دمشق، كما توجد بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية في الريف، إلا أنه في الوقت نفسه، يتواجد المسيحيون في مناطق مختلفة من البلاد". تأمل سيدرا، البالغة من العمر 21 عاما، أن تبقى سوريا "بلد المسيحيين أيضا، وسنبقى فيها ما دامت خالية من الاستفزازات الطائفية والإساءة للأديان الأخرى". ووفقا لتقارير إعلامية، أدان رؤساء دول وحكومات العديد من الدول العربية الهجوم أيضا، من بينهم الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي دعا إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات وحماية أماكن العبادة ومؤمنيها وجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم"، وأكد أن وحدة الشعب السوري هي أساس منع الاضطرابات. تحرير: عارف جابو


DW
منذ 7 ساعات
- DW
المسيحيون قي سوريا.. قلق وتخوف بعد هجوم كنيسة مار الياس – DW – 2025/6/25
جاءت ردود الفعل على الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في دمشق متوافقة، فالكل أدانه واعتبره تربصا بعملية التحول وبناء سوريا الجديدة. لكن ما الذي يقلق المسيحيين في سوريا اليوم؟ وكيف يرون تفاعل حكومتهم مع الهجوم؟ أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا رسيما عقب الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق مباشرة، وذكرت الوزارة في بيانها أن الهجوم "محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني". وأكدت الخارجية أن "العمل الإجرامي الذي استهدف أبناء الطائفة المسيحية محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني وزعزعة الاستقرار"، معتبرة إياه بمثابة "اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة". ,حمّلت وزارة الداخلية تنظيم داعش الإرهابي مسؤولية الهجوم على كنيسة مار إلياس بدمشق، وأعلنت عن مقتل 25 شخصًا وجُرح 63 آخرين في الهجوم. الأب فادي غطاس، كاهن في كنيسة مار إلياس، روى في تصريح لـ DW عربية ما حدث قائلا: "كنا نصلي في أمان، فدخل علينا شخص وأطلق النار فجأة، تصدى له الشباب ليخرجوه، لكن حين وصل إلى باب الكنيسة، فجر نفسه". وبالنسبة للأب أنطونيوس رأفت أبو النصر، رئيس ومرشد شبيبة ومكتب شبيبة أبرشية دمشق وريفها، فإن "المسيحيين تعبوا وتحملوا الكثير منذ أكثر من 15 سنة، نريد أن نتمسك بأرضنا، لكنها تلفظنا خارجا". وأضاف المتحدث أن "الخطابات والردود التي تصل مخزية للأسف، لا تعبر عن الثقافة السورية. ليس هناك سوري بمنأى عن الخوف المنتشر من قلة الأمن". وأوضح أنه "قد تم تعليق الصلوات خوفا على سلامة الناس"، مشددا على أن "سوريا في حاجة للأمان، ليس لنا مكان نلجأ إليه، فكل الدول الأوروبية أوصدت الأبواب في وجهنا". إدانة وزارة الداخلية ووعودها بتقصي الحقائق حول الحادث، لم تقنع الكثير من الأصوات من الطائفة المسيحية السورية، ومن بينهم القس ميتالوس شطاح، الذي صرح لـ DW عربية قائلا "رغم أن هذه الهجمات تبقى تصرفات فردية، إلا أن دولتنا لم تكن تحمينا، وهو ما أعطانا انطباعا بأنها أصبحت تصرفات مؤسساتية". وبالنسبة للصحفي السوري نضال معلوف، رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، المستقر في تركيا، "فإن الوضع الأمني الهش في سوريا كان يشير إلى أن شيئا ما سيحدث، وذلك بسبب غياب مؤسسات الدولة التي يمكن أن تعزز الاستقرار لمنع مثل هذه الحوادث". نضال معلوف قارن أيضا بين صياغة السلطات لبيان إدانة العمل الإرهابي في الكنيسة الذي "لم تتم صياغته بالطريقة نفسها كما يصف بلاغهم أحداث تفجير في منبج السورية شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث تمت تسمية الضحايا بالشهداء وتم الترحم عليهم". وأوضح المتحدث أن "ما يريده السوريون جميعا هو تعزيز قوة الدولة السورية بالتفاهم مع كل المكونات، ومشاركة جميع القوى السياسية ومكونات المجتمع السوري في السلطة، هذا ما سيكون أساس استقرار سوريا". يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت، إن الهجوم له أبعاد سياسية، موضحا أن سوريا شهدت خلال الأشهر الأخيرة حوادث عنف متكررة ضد الأقليات الدينية، كالعلويين والدروز. و"الهجوم الأخير، على فظاعته، لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي للبلاد بأسرها، بالإضافة إلى العملية الانتقالية. ويُراد من هجمات كهذه أن تُزعزع استقرارها". كثير من المسيحيين السوريين عبروا عن قلقهم في حديثهم لـ DW، إذ قالت سيدرا، وهي مسيحية سورية تبلغ من العمر 21 عاما، إن والدتها حضرت القداس، وأنها كانت محظوظة إذ لم تُصب إلا بجروح طفيفة. وأضافت: "لكن صديقتي توفيت في الهجوم". وأضافت سيدرا: "على السلطات السورية أن تتدخل الآن. يجب على الحكومة السورية ضمان أمننا. لأنه بدونها، قد لا نتمكن نحن المسيحيون من العيش هنا بعد الآن". ويقول باور إن "الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، تُدرك على الأرجح أن البلاد بحاجة إلى عملية تحول جذري تشمل جميع فئات السكان. لكن لا بد من الافتراض أن القوات الحكومية تضم أيضا مقاتلين سابقين من الميليشيات الجهادية لا يتفقون مع هذا التطور، وهذا تحدٍّ كبير". يتورط مقاتلون أجانب متطرفون في أعمال عنف ضد الأقليات السورية، وتجد الحكومة صعوبة بالغة في السيطرة عليهم بسبب نقص التمويل. ووفقا لتقديرات وكالة المعلومات الاقتصادية الألمانية للتجارة والاستثمار (GTAI)، سينكمش الاقتصاد السوري مجددا في عام 2025 للعام الثالث على التوالي، مما يُصعّب تطوير قوات أمنية موثوقة. نوال، البالغة من العمر 58 عاما، أصيبت أيضا في هجوم الأحد. ترى أن "الهجوم يعكس أيديولوجية، وإن كانت موجهة ضد المسيحيين، إلا أنها تمتد في نهاية المطاف إلى أبعد من ذلك بكثير". وتقول: "نحن شعب واحد، مسيحيون ومسلمون، وأبناء جميع الأديان والطوائف. من ارتكب هذا الفعل، هذه المرة أصاب المسيحيين، لكنه غدا سيصيب أي سوري آخر".جدير بالذكر أن السوريين المسيحيين ينتشرون في كل مناطق البلاد، كانوا يمثلون حوالي سبعة بالمائة من السكان قبل اندلاع الحرب عام 2011، وفقا لتقرير صادر عن وكالة أنباء الفاتيكان. لكنهم الآن لا يتجاوزون اثنين في المائة، نصفهم من الروم الأرثودوكس، بينما تشكل سائر الطوائف الأخرى النصف الآخر، ومثل كثيرين من مواطنيهم، غادر العديد من المسيحيين سوريا أيضا. يقول ميشائل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور في بيروت "من حيث المبدأ، يعيش المسيحيون السوريون في علاقة منسجمة مع الطوائف الأخرى في البلاد. فبينما توجد بعض الأحياء ذات الأغلبية المسيحية في دمشق، كما توجد بعض القرى ذات الأغلبية المسيحية في الريف، إلا أنه في الوقت نفسه، يتواجد المسيحيون في مناطق مختلفة من البلاد". تأمل سيدرا، البالغة من العمر 21 عاما، أن تبقى سوريا "بلد المسيحيين أيضا، وسنبقى فيها ما دامت خالية من الاستفزازات الطائفية والإساءة للأديان الأخرى". ووفقا لتقارير إعلامية، أدان رؤساء دول وحكومات العديد من الدول العربية الهجوم أيضا، من بينهم الرئيس اللبناني جوزيف عون الذي دعا إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الهجمات وحماية أماكن العبادة ومؤمنيها وجميع المواطنين السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم"، وأكد أن وحدة الشعب السوري هي أساس منع الاضطرابات. تحرير: عارف جابو


DW
منذ 18 ساعات
- DW
حلم "تغيير النظام" الإيراني .. تجارب الشرق الفاشلة نذير شؤم – DW – 2025/6/24
يقول خبراء إنه كلما طال أمد الهجمات على إيران، ازدادت التكهنات بشأن إمكانية سقوط نظام الملالي. ويشير الخبراء إلى أن تجارب تغيير الأنظمة السابقة في منطقة الشرق الأوسط غالبا ما خلّفت تداعيات خطيرة لاتزال قائمة حتى اليوم. تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صراحة عن أن تغيير النظام في إيران "قد يكون حتميا نتيجة" للهجمات الإسرائيلية على إيران، والتي بدأت قبل أكثر من أسبوع. ففي مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، قال نتنياهو إن "النظام الإيراني ضعيف جدا". وبعد مرور أكثر من 24 ساعة على إسقاط قاذفات أمريكية قنابل خارقة للتحصينات على مواقع نووية تحت الأرض، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إمكانية الإطاحة بالحكومة الإيرانية. وقال ترامب في منشور له على منصته الخاصة "تروث سوشيال" إنه "ليس من الصواب سياسيًا استخدام مصطلح 'تغيير النظام'، لكن إن لم يكن النظام الإيراني الحالي قادرا على جعل إيران عظيمة مرة أخرى، فلم لا يكون هناك تغيير للنظام؟" ويشير خبراء إلى أنه كلما طال أمد الحرب مع إيران، ازدادت رغبة إسرائيل والولايات المتحدة في التخلص ليس فقط من البرنامج النووي الإيراني، بل من النظام في الجمهورية الإسلامية أيضا. يرى إيكارت فورتس، رئيس معهد "غيغا" الألماني للدراسات العالمية والإقليمية ومقره هامبورغ، أنه "من المشكوك فيه جدا إمكانية إحداث تغيير في النظام (الإيراني) انطلاقًا من الخارج بكبسة زر". وفي مقابلة مع DW، أضاف: "إذا بلغ الأمر هذا المستوى، فمسألة أن الأمور ستسير في الاتجاه الصحيح، هي قضية أخرى". وتثير قضية إحداث "تغيير في نظام" سياسي انطلاقا من الخارج الكثير من الجدل. وبموجب القانون الدولي، يُعد الأمر انتهاكا واضحا لسيادة الدول التي ترغب أطراف خارجية في تغيير نظامها السياسي. وتشير الوقائع السابقة إلى أن مثل هذه الخطوات لم تؤدِ إلى أي تغيير ديمقراطي، بل كثيرا ما أسفرت عن فراغ في السلطة وأعمال عنف. وفي كثير من الأحيان، تجد الحكومات التي تنشأ من رحم مثل هذه التغيرات نفسها عاجزة عن مواجهة التحديات الكبرى في حل مشاكل البلاد، مما يؤدي إلى المزيد من الأزمات والصراعات. لقد شهد التاريخ الحديث للشرق الأوسط عدة محاولات لإحداث تغيير في النظام من الخارج، ولا تزال عواقب هذه التدخلات قائمة حتى اليوم. وهنا بعض الأمثلة: يُعد النموذج السياسي، الذي نشأ في أفغانستان عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 المثال الأبرز على ذلك. فقبل 24 عاما، فُعّلت المادة الخامسة من اتفاقية تأسيس حلف شمال الأطلسي (الناتو) للمرة الأولى والوحيدة في تاريخ الحلف. وقرّر التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الإطاحة بنظام طالبان ومحاربة تنظيم القاعدة. في البداية، كانت العملية ناجحة للغاية؛ فبحلول نهاية عام 2001، طُردت طالبان من كابول. لكن دول التحالف الغربي تباينت آراؤها بشأن كيفية التعاون في مجالات المساعدات العسكرية والسياسية والتنموية. وبسبب ذلك، ظلّ الوضع الأمني محفوفًا بالمخاطر لأكثر من عشرين عامًا. وظلت الهجمات المتكررة تهز جوانب البلاد، وظلت حركة طالبان تشن هجمات مضادة مرارا وتكرارا. وخلال الفترة بين عامي 2001 و2021، قُتل حوالي 3600 جندي غربي ونحو 50 ألف مدني أفغاني. وبلغت تكاليف القتال المباشر نحو 800 مليار دولار، فضلا عن 85 مليار دولار لتدريب الجيش الأفغاني. وعقب الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة وحلفائها من أفغانستان في صيف 2021، عادت حركة طالبان إلى السلطة. ومنذ ذلك الحين، خسرت أفغانستان تقريبا ما تحقق خلال عشرين عاما، وتتكرر انتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والإعدامات العلنية. وأصبحت البلاد أكثر فقرا وعزلة، حيث يعتمد 23 مليون شخص على المساعدات الإنسانية. في السابق، سلّحت الولايات المتحدة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي حكم العراق لأكثر من عقدين. لكن في عام 2003، قررت واشنطن الإطاحة به عبر "تحالف الراغبين" بقيادتها، دون تفويض من مجلس الأمن الدولي. وبررت واشنطن قرارها بزعم أن صدام كان يدعم تنظيم القاعدة ويمتلك أسلحة دمار شامل – وهي ادعاءات ثبت لاحقا زيفها. وقال إيكارت فورتس: "أُطيح بصدام حسين ليس لأنه امتلك أسلحة دمار شامل، بل لأنه لم يمتلكها، وفي ذلك الوقت، انتبهت إيران إلى الأمر". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وعقب سقوط نظام صدام، شكّلت الولايات المتحدة حكومة انتقالية واجهت انتقادات حادة بسبب سوء إدارتها وافتقارها للخبرة السياسية. وانزلق العراق بين عامي 2006 و2007 نحو حافة حرب أهلية بين السنة والشيعة، وسط هجمات شبه يومية. وتزامن ذلك مع قتال جنود سابقين في الجيش العراقي المنحل ضد القوات الأمريكية. وبعد مرور عشرين عاما على الغزو الأمريكي، لا يزال العراق في طور التغيير. لا تزال ليبيا تعاني من عواقب تغيير نظام معمر القذافي في عام 2011، عقب موجات الربيع العربي. في البداية، اندلعت مظاهرات ضد القذافي، الذي حاول قمعها بالقوة. وتدخل الناتو عسكريا بفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين. صمد نظام القذافي لبضعة أشهر، لكن في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، انتهى النظام بمقتل القذافي. ورغم مرور السنوات، لم تُشكل حكومة موحدة تسيطر على كامل البلاد. ولا تزال ليبيا تعاني من الاقتتال بين الميليشيات، وتفككت الدولة تقريبا، مع وجود حكومتين متناحرتين منذ مارس/ آذار 2022، إلى جانب تدهور سجل حقوق الإنسان. من جانبه، يسلط إيكارت فورتس الضوء على نقطة مهمة، وهي أن فرضية تغيير النظام الإيراني تتطلب وجود قوات على الأرض. وقال: "لا أرى وجود حركة تمرد قوية داخل إيران قادرة على إسقاط النظام الحالي". وأشار رئيس معهد "غيغا" الألماني للدراسات العالمية والإقليمية إلى أن "التغيير الناجح الوحيد في نظام سياسي كان في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، لكنه تطلّب غزوا بريا ومرحلة انتقالية حظيت بدعم شعبي". وأضاف: "من المفيد وجود عدو خارجي مشترك – مثل الكتلة السوفيتية بعد عام 1945 – لتجنب الانقسامات. لكن تغيير النظام لم يحدث قط عن طريق القصف الجوي وحده، لذا لا أعتقد أن إيران ستكون الاستثناء". أعده للعربية: محمد فرحان/ تحرير: صلاح شرارة