
لماذا نفشل في تحويل 'الثقافة' إلى اقتصاد؟!
من بين أبرز القضايا التي طُرحت في منتدى «تواصل» الأخير، برزت الصناعات الثقافية والإبداعية بوصفها مجالًا واعدًا، يجمع بين الاقتصاد والهوية والمستقبل. هذا القطاع، الذي يشكّل رافعة أساسية للناتج المحلي الإجمالي في العديد من دول العالم، لا يزال في الأردن في طور التأسيس، على الرغم من إمكاناته الكبيرة ودوره المحوري في استيعاب الطاقات الشبابية، وفتح نوافذ جديدة للعمل والإنتاج.
تنبّهنا في الأردن لأهمية هذه الصناعات متأخرًا، لكنّنا بدأنا نسلك الطريق الصحيح، إذ وردت الصناعات الثقافية والإبداعية في خطة التحديث الاقتصادي (2022–2033)، كما نُص عليها بوضوح في الاستراتيجية الوطنية للثقافة (2023–2027). غير أن ما تحقق حتى الآن لا يزال متواضعًا، ولم يتبلور بعدُ في سياسات فاعلة تُخرج هذا القطاع من الهامش إلى القلب، وتربط بين مكوناته المتعددة: السياحة، والتعليم، والهوية، والإبداع الشبابي.
الصناعات الثقافية، كما توضّحها الأدبيات العالمية، تشمل طيفًا واسعًا من الأنشطة: التراث والحرف اليدوية، المتاحف والآثار، الإنتاج الفني والدرامي، المسرح والموسيقى، الإعلام الرقمي، الألعاب، النشر، التصميم، والكتب. وتُعد هذه الصناعات اليوم جزءًا من اقتصاد المعرفة في الدول المتقدمة، إذ تصل مساهمتها إلى نسب عالية من الناتج المحلي، كما هو الحال في الولايات المتحدة (هوليوود والصناعات الرقمية)، فرنسا، كوريا الجنوبية، وإسبانيا.
في الأردن، قدّرت خطة التحديث الاقتصادي حجم هذا القطاع بنحو 600 مليون دينار في عام 2021، مع هدف لرفعه إلى 1.4 مليار دينار في 2033. ورغم أن هذا التوجه يعكس وعيًا رسميًا متناميًا، إلا أن الأرقام لا تزال دون الطموح، لا سيّما في ظل غياب دراسات دقيقة، وضعف التمويل، وانفصال السياسات القطاعية، بخاصة بين وزارات الثقافة والسياحة والاستثمار والتعليم.
القصور الأكبر يتمثل في غياب «النظرة الاقتصادية للثقافة». لا تزال الثقافة في الوعي الرسمي محصورة ضمن الفولكلور، فيما تُدار الفنون كمجالات دعم لا إنتاج. في المقابل، تمثل الهوية الثقافية للمدن في دول كثيرة أساسًا لصناعة اقتصادية متكاملة؛ فالتراث المعماري، والعادات المحلية، والمطبخ، واللهجات، والفن، والحكاية الشعبية، تتحول إلى منتجات وخدمات، تُخلق منها فرص عمل، وتُصنع عبرها رواية محلية قابلة للتصدير.
هذا ما بدأنا نلمحه في بعض المبادرات الفردية. في السلط، أعاد شباب استثمار السوق القديم والمباني التراثية، عبر المقاهي والمطاعم والأنشطة السياحية، فخلقوا نموذجًا محليًا واعدًا. وفي عجلون، ظهرت مشاريع سياحية صغيرة تقوم على الطبيعة والهوية الريفية. هذه النماذج لا تنتظر الدولة، بل تسبقها، وتكشف عن إمكانيات هائلة يمكن توسيعها بدعم رسمي وتشريعي.
ولعلّ ما نحتاجه اليوم ليس فقط خططًا على الورق، بل بناء منظومة متكاملة تبدأ من المدارس، وترتبط بالتعليم المهني والفني، وتغذّي سوق العمل بروّاد أعمال ومبدعين يمتلكون أدوات الإنتاج الثقافي الحديث. فالثقافة ليست فقط ما نرثه، بل ما نصنعه ونحوّله إلى قيمة مضافة، تعزز اقتصادنا وتعبّر عنّا.
ليس من المبالغة القول إن الثقافة قد تكون «نفط الأردن» إذا ما استثمرنا في موروثه الحضاري، وتنوعه الطبيعي، واستقراره السياسي، وموقعه الجغرافي. لكن ذلك يتطلب رؤية وطنية متكاملة تدمج الثقافة بالسياحة، وتربط التعليم بالإبداع، وتستثمر في الشباب بوصفهم صانعي الهوية لا مجرد مستهلكيها.
في مواجهة بطالة الشباب، لا يكفي أن نشكو. المطلوب اليوم هو أن نعيد تعريف الثقافة باعتبارها موردًا اقتصاديًا لا عبئًا، وأن ننتقل من مرحلة التقدير الرمزي إلى التخطيط العملي. فالثقافة، حين ترتبط بالمدينة، وتُعاد صياغتها بإبداع الشباب، تصبح صناعة، بل مستقبلًا ممكنًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 4 ساعات
- رؤيا نيوز
الدولار يتجه نحو تسجيل خسارة للأسبوع الثاني
يتجه الدولار الأميركي نحو تسجيل خسارة أسبوعية جديدة اليوم الجمعة، وذلك وسط مؤشرات متزايدة على تباطؤ اقتصادي، في وقت تتعثر فيه المفاوضات التجارية بين واشنطن وشركائها دون تقدم ملموس، رغم اقتراب موعد نهائي حاسم. وتترقب الأسواق باهتمام بالغ صدور تقرير الوظائف في القطاع غير الزراعي بالولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم، بعد أسبوع من البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال والتي سلطت الضوء على تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على الاقتصاد الأميركي، وفقا لشبكة (سي إن بي سي). وتداولت العملات الرئيسية ضمن نطاقات ضيقة في التعاملات الآسيوية، مع ترقب المستثمرين لبيانات الوظائف. وسجل اليورو في أحدث التعاملات 1.1436 دولار، بعد أن بلغ في الجلسة السابقة أعلى مستوى له منذ شهر ونصف، مدعومًا بنبرة متشددة من البنك المركزي الأوروبي عقب اجتماعه الأخير. واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.3576 دولار، بعد أن سجل أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات في الجلسة السابقة، ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 0.9 بالمئة. ومن جهته، انخفض الين الياباني بنسبة 0.27 بالمئة إلى 143.93 مقابل الدولار. وكانت العملات قد سجلت مكاسب مقابل الدولار في وقت متأخر من يوم أمس، على خلفية مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ، استمرت لأكثر من ساعة، إلا أن التفاؤل تراجع لاحقًا بسبب استمرار الغموض. وما زاد من ضبابية المشهد، أن الاتصال لم يُفضِ إلى نتائج واضحة، وسرعان ما خفت تأثيره مع تصاعد الخلاف العلني بين ترمب وإيلون ماسك. وارتفع مؤشر الدولار بشكل طفيف إلى 98.85، ولكنه يتجه لتكبد خسارة أسبوعية بنسبة 0.6 بالمئة.


رؤيا نيوز
منذ 6 ساعات
- رؤيا نيوز
النفط يتجه لأول مكاسب أسبوعية منذ 3 أسابيع
تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الجمعة، لكنها تتجه لتحقيق أول مكاسب أسبوعية منذ 3 أسابيع، وسط مؤشرات على تحسن في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين؛ مما عزز الآمال بانتعاش اقتصادي في أكبر اقتصادين في العالم. وانخفض خام برنت بمقدار 19 سنتًا أو 0.3 بالمئة ليصل إلى 65.15 دولار للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 20 سنتًا أو 0.3 بالمئة أيضًا ليسجل 63.17 دولارًا للبرميل، وفقا لشبكة (سي إن بي سي). وعلى مدار الأسبوع، يتجه الخامان القياسيان لتحقيق مكاسب، حيث يرتفع خام برنت بنسبة 2.1 بالمئة، ويصعد خام غرب تكساس بنسبة 4 بالمئة. وشهدت أسعار النفط تذبذبًا في الفترة الأخيرة بفعل تطورات الحرب التجارية والرسوم الجمركية وتأثيرها على الطلب العالمي.


البوابة
منذ 12 ساعات
- البوابة
تكريم الشيف صدقي ندّاف بوسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية
في إنجاز هام، تسلم الشيف صدقي ندّاف، وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية، وذلك ضمن الحفل الرسمي الذي أقيم بمناسبة عيد استقلال المملكة التاسع والسبعين، والذي شرفه جلالة الملك برعايته، كما حضره سمو ولي العهد الأمير الحسين وعدد من أصحاب السمو الأمراء والأميرات والسادة الأشراف وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين. وقد جاء الإنعام على الشيف ندّاف بهذا الوسام الذي يعد من أرفع الأوسمة في المملكة، تقديراً لمسيرته المتميزة في مجال فنون الطهي الذي تخطو المملكة خطوات واثقة نحو تصدر مشهده العالمي، ولدوره الريادي في تطوير هذا المجال بنقل المطبخ الأردني إلى مستوى احترافي عالمي وتقديم مأكولاته بابتكارية عالية وبروح عصرية، مقدماً نموذجاً مشرفاً للكفاءات والمواهب الطهوية الأردنية أمام ضيوف المملكة وخلال تمثيلها على الساحة الدولية وحصوله على العديد من الجوائز العالمية المرموقة التي أبرزت قدرة المملكة على المنافسة في الصفوف الأولى عالمياً. ويعكس هذا التكريم مدى كفاءة فندق الريتز-كارلتون، عمّان في مجال استقطاب الكفاءات والمواهب الخلاقة، حيث يشغل الشيف ندّاف حالياً منصب رئيس الطهاة التنفيذي لديه، متولياً قيادة فرق العمل المعنية في مختلف مرافق الفندق. وفي تعليق له على نيل هذا الوسام، قال الشيف ندّاف: "أرفع إلى مقام جلالة الملك أسمى آيات الشكر والتقدير على هذا التكريم رفيع المستوى، الذي أعتبره تكريماً للمشهد الطهوي الأردني بأكمله كونه يؤكد على أن فنون الطهي باتت تعد من الروافد المهمة لصورة الأردن الحضارية والثقافية دولياً، والذي أنظر إليه كحافز لمواصلة المسيرة والعطاء والاستمرار في إعلاء مكانة الأردن والمساهمة في رفعته." ويعرف الشيف ندّاف بخبرته الكبيرة في عالم الطهي وفنونه، وببصمته الخاصة في تقديم رحلة تذوق غنية وأنيقة، قوامها مزيج من الشغف وإتقان كل النكهات المبتكرة والتقليدية، الأمر الذي أهله لشغل العديد من المناصب الرئيسة لدى عدة مؤسسات فندقية مرموقة على مستوى الشرق الأوسط، كما وقف إلى جانب تفانيه وجهوده نحو التميز وراء تحقيقه لسمعة عالمية واختياره ضمن أفضل 50 شيفاً في العالم من قبل مجلة Global Gourmet شنغهاي-الصين لثلاثة أعوام متتالية، إلى جانب نيل لقب "شيف العام" عام 2017 ضمن جوائز القادة في عالم الضيافة – الشرق الأوسط، ونيل الجائزة الذهبية لشيف العام عام 2018 ضمن جائزة الشيف المتميز في عالم الضيافة، فضلاً عن نيل لقب "أفضل شيف لعام 2023" في قطر والشرق الأوسط ضمن جوائز الريادة في الضيافة التي نظمتها مجلة Hotel & Catering News Middle East، وتسميته ضمن قائمة أفضل طهاة الفنادق لعام 2024 من مجلة Hotelier Middle East، مؤكداً مكانته كأحد أبرز الطهاة في المنطقة والعالم.