
آن أوان العقوبات على إسرائيل مثل جنوب افريقيا زمن الفصل العنصري
محمد كريشان نشر في 27 مايو 2025 الساعة 23 و 10 دقيقة
إيطاليا تلغراف
محمد كريشان
كاتب وإعلامي تونسي
علّها تكون ضربة البداية: مفوّض الرياضة بالاتحاد الأوروبي يلمّح إلى ضرورة استبعاد إسرائيل من المنافسات بسبب حرب غزة ويدين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
لم يعد هناك من مجال للحديث عن ضرورة استبعاد السياسة من الرياضة، خاصة وأن لدينا سوابق فيما يتعلّق بتعامل العالم مع دولة جنوب إفريقيا حين كانت سياستها الرسمية المعتمدة من 1948 إلى 1990 هي الفصل العنصري بين البيض الذين توافدوا عليها والسود أصحاب الأرض الأصليين.
لقد كان عام 1986 عام العقوبات الكبرى على جنوب إفريقيا بعد سنوات من التنكيل بالسود وسقوط آلاف القتلى منهم، وبعد تردد طويل من قبل الدول الغربية الكبرى التي كانت تحتفظ بعلاقات متميّزة مع نظام الفصل العنصري رغم التناقض الصارخ في القيم والسياسات. كانت وقتها الولايات المتحدة على رأس تلك الدول، وكذلك المملكة المتحدة وألمانيا الغربية وفرنسا، مما جعل «السوق الأوروبية المشتركة»، قبل قيام الاتحاد الأوروبي، تمثل لوحدها ما بين 60 إلى 75في المئة من الاستثمارات الأجنبية في جنوب إفريقيا.
كان الغرب عموما هو رافعة جنوب إفريقيا رغم فداحة ما كانت تمارسه من سياسات، تماما كما هي الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا لسنوات مع إسرائيل، وإن كان التململ من الوحشية الإسرائيلية بدأ يتسرّب تدريجيا إلى معظم هذه الدول الأوروبية. أما الولايات المتحدة فقد ظل حكامها كما هم دائما رغم كل الوحشية في غزة التي بلغت حدا لا يطاق حتى غدا القتل هناك، ليس فقط «هواية»، على رأي رئيس الحزب الديمقراطي الإسرائيلي يائير غولان، وإنما تسلية لأناس معقّدين ومرضى مغرورين.
ومثلما كان عام 1986 عام المنعرج في التعامل الدولي مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا فإن الأمل ما زال معقودا، ولو نسبيا، على أن يكون عامنا الحالي هو عام بداية مثل هذا المنعرج مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
بداية من ذلك العام تراكمت العقوبات على جنوب إفريقيا فقد استبعدت من الألعاب الأولمبية ومن المباريات الدولية بما فيها لعبة «الرغبي» صاحبة مئات الآلاف من العشاق في صفوف «الأفريكانز البيض» عماد الحزب الحاكم العنصري. لم تصل الأمور مع إسرائيل بعد إلى هذا المستوى ولكن ذلك لا يقلل من قيمة ما شهدته مباريات أقيمت في إسكتلندا وإسبانيا وتشيلي وتركيا وإيطاليا وإندونيسيا وبلجيكا وغيرها، من رفع للافتات متضامنة مع الفلسطينيين وبعضها يحمل رسالة «أشهر بطاقة حمراء في وجه إسرائيل».
في مقال نشره قبل ثلاث سنوات كريس ماغريل مراسل صحيفة «الغارديان» البريطانية في إسرائيل من عام 2002 إلى عام 2006، وعمل كذلك في جوهانسبورغ منذ 1990، قارن بين نظامي الفصل العنصري في جنوب إفريقيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي فخلص إلى نقاط تشابه رهيبة. استعرض ما جرى من مقاطعة رياضية، وموسيقية كذلك، فذكّر مثلا بمنع اتحاد الموسيقيين البريطاني، الفنانين من جنوب أفريقيا من الظهور في «بي بي سي» وكيف أن المقاطعة الثقافية منعت معظم الفنانين البريطانيين من المشاركة بمناسبات في جنوب أفريقيا. هنا ما زالت الأمور مع إسرائيل محتشمة جدا ومحدودة بدليل مشاركة إسرائيل في مسابقة «الأوروفيزيون» الأخيرة في فرنسا.
استعرض الكاتب الذي عاين التجربتين عن كثب كيف ضغط الأوروبيون العاديون على متاجرهم للتوقف عن بيع المنتجات المنتجة في جنوب إفريقيا، وكيف أجبر مثلا الطلاب البريطانيون بنك «باركليز» على إغلاق فروعه في جنوب إفريقيا. على هذا المستوى، بدأت بعض المؤشرات المشجعة تأخذ طريقها تدريجيا، سواء على الصعيد الجماعي في الاتحاد الأوروبي الذي لم يعد الحديث داخله عن تعليق أو إلغاء اتفاقية الشراكة التجارية من المحرّمات أو على صعيد كل دولة حيث تتفاوت جرأة القرارات من دولة إلى أخرى. علّقت إسبانيا مبيعات الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية وذهبت دولة مثل أيرلندا إلى العمل على تشريع يحظر التجارة مع شركاتها ردا على جرائمها في غزة أو التهديد بإجراءات لم تحدّد بعد على غرار ما قاله وزير الخارجية الهولندي من أن ما يحدث في غزة فظيع ولا يمكن تجاهله.
يفترض أن تكون الأولوية حاليا لوقف مبيعات الأسلحة، على الأقل، لأن بائعها شريك كامل في الجريمة ولكن إسرائيل لن ترتدع عن غيّها في كل الأحوال ما لم تشعر بأن سياساتها العدوانية ضد الفلسطينيين، وبهذه الوحشية سيكون لها ثمن باهظ ليس فقط من سمعتها الدولية، وهو ما حصل فعلا اليوم لأنها بنظر أكثر دول العالم ورأيها العام دولة بلطجية فوق القانون الدولي، وإنما أيضا من اقتصادها وماليتها التي ستتضرر إلى أن تصل الأمور إلى ما حد لا يطاق.
المؤلم هنا أن بعض الدول الإسلامية لم تر ضرورة لوقف مبادلاتها التجارية مع دولة الاحتلال وبعضها من أكثر مزوّديه بما يحتاجه، أما الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية معها فلم تر ضرورة حتى لخطوة رمزية محدودة مثل دعوة سفيرها للاحتجاج أو دعوة سفرائها هناك إلى العودة!!
السابق
زيلينسكي: روسيا تريد حربا طويلة الأمد ولا تعتزم إنهاءها
التالي
أضحية العيد بين فقه الاجتهاد وضرورات تجديد هندسة مسارات القيّم..
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جزايرس
منذ 14 ساعات
- جزايرس
هل يمكن للاتحاد الأوروبي ريادة الغرب
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. بقلم: حسين مجدوبي مع تراجع دور الولايات المتحدة في قيادة العالم الغربي بدأ الأوروبيون يطرحون سؤالا عريضا وهو: هل يمكن للاتحاد الأوروبي قيادة العالم الغربي بمبادئه الديمقراطية واستعادة الدور التاريخي الذي كانت عليه القارة منذ النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية؟ إلا أن هذا الطرح يبقى صعبا في ظل الضعف الذي يعاني منه الاتحاد نتيجة ظهور قوى كبرى ولكنه ليس مستحيلا. ومثل هذه التساؤلات التي تدور في أوروبا يفترض أنها مقدمة لتغيير تاريخي وسط الغرب أو فقط ما يسمى بهواجس صدمة اللحظة بسبب مواقف واشنطن في قضايا مبدئية وملفات دولية بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية. وعمليا يوجد رأيان وسط العائلة الأوروبية حول العلاقة الحالية والمستقبلية مع واشنطن فريق يعتقد أن ترامب ظاهرة مؤقتة سيتراجع تأثيره بمجرد رحيله عن كرسي البيت الأبيض وسيأتي رئيس ديمقراطي وسيعيد النظر في كل المواقف والملفات أو سيأتي رئيس جمهوري أقل حدة في مواقفه وأكثر تفهما لطبيعة العلاقات مع القارة الأوروبية. هذا الفريق يؤكد بدء تراجع ترامب عن الكثير من القرارات التي اتخذها وكونه سيبقى ظاهرة إعلامية محدودة التأثير في القرارات الغربية. ويرى فريق ثان أن الفكر القومي المتشدد والمنغلق على نفسه سيصبح معطى ثابتا في المشهد السياسي الأمريكي الأمر الذي سيجعل العلاقات بين ضفتي الأطلسي تترنح وغير مستقرة. ويطرح هذا الفريق كيف ارتكب ترامب خيانة حقيقية عندما تخلى عن أوروبا في مواجهة روسيا بسبب الملف الأوكراني وفضل التحاور مع زعيم الكرملين الرئيس فلاديمير بوتين بدلا من التحاور ككتلة غربية موحدة مع موسكو.* ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب وتميل الكفة الى الفريق الثاني لسببين الأول هو بدء فقدان الثقة في الولايات المتحدة مع إدارة ترامب كحليف ناضج وعلى الرغم من أنه في الماضي مع وجود رؤساء محافظين مثل الرئيس رونالد ريغان إلا أنه حافظ على العلاقات مع الأطلسي وبدوره حافظ كل من الرئيس جورج بوش الابن والرئيس باراك أوباما الديمقراطيين على العلاقات الأطلسية على الرغم من أنهما شرعا إبان رئاستيهما في تغيير الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط والبحر المتوسط ونسبيا أوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ – الهندي لمحاصرة الصين. والثاني هو أن ترامب ما هو إلا تجل لجماعات تريد تطبيق سياسة مختلفة ومنها جماعة مؤسسة إريتاج التي دعمت برنامج الرئيس الجديد. وعمليا توجد عوامل كثيرة تساعد الاتحاد الأوروبي على قيادة الغرب بعدما بدأت واشنطن تتخلى عن هذه القيادة وتؤمن بقيادتها للعالم من دون حلفائها الأوروبيين. وعلى رأس هذه العوامل نجد: إرادة سياسية متزايدة في أوروبا لزيادة الإنفاق الدفاعي وتنسيق القدرات العسكرية. ثم الوعي بأنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي وحده أن يضمن دفاعا موثوقا به وهذا ما يجعل الاتحاد الأوروبي منفتحا على التنسيق مع دول مثل كندا وبريطانيا وتركيا وهي دول ذات قدرات عسكرية كبيرة ولاسيما بريطانيا وتركيا. في الوقت ذاته بدأ الاتحاد الأوروبي في استدراك الشرخ الصناعي خاصة في الصناعات الدقيقة حتى لا يفوته قطار المنافسة العالمية مع الصين والولايات المتحدة ودول مرشحة للعب دور أكثر مثل الهند. غير أن الأمر لا يتعلق فقط بتحقيق الدفاع الذاتي والتقدم في الصناعات الدقيقة فهذه ليست مبادئ بقدر ما هي أدوات تنفيذية لتصورات سياسية وفلسفية في العلاقات الدولية وهذا هو الجوهري وهل سيقبل الآخر الاتحاد الأوروبي رائدا للمبادئ التي قامت عليها النهضة الأوروبية. وهكذا من زاوية جيوبوليتيك من الجنوب أي رؤية قائمة على تصورات شعوب ومثقفي الجنوب نعتقد أن ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب ولاحقا للعالم تتطلب مجموعة من الإجراءات والتعهدات المعنوية والأخلاقية والمادية وعلى رأسها: *التحديات العالمية في المقام الأول لتحقيق هذه الريادة والتي ستكون نسبية نظرا للتحديات العالمية يجب على الاتحاد الأوروبي الانفتاح على محيطه بسياسة حقيقية وليس ظرفية. ونعني حقيقية سياسة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات المالية لدول جنوب المتوسط ورغبتها في التنمية وبالتالي تأسيس لمشروع مارشال حقيقي وليس مجرد قمم خطابية. في المقام الثاني التحول إلى فضاء مفتوح ليس فقط بين أعضائها كما يقول المحلل جو زاميت مؤسس مركز راديكس الاستراتيجي ولكن أيضا مع الحلفاء ذوي التفكير المماثل خارج الاتحاد في المجالات الاقتصادية والصناعية والدفاعية. في المقام الثالث كما يتضمن دفاعا عن حقوق الإنسان بنية حسنة وليس للتوظيف السياسي بين الحين والآخر بمعنى شجب نظام معين بسبب مواقفه وغض النظر عن الآخر على الرغم من أن الاثنين متورطان في خروقات حقوق الإنسان. وعلاقة بحقوق الإنسان لا يمكن للاتحاد الأوروبي الريادة الأخلاقية للغرب من دون تقديم اعتذار عن جرائم الاستعمار التي ارتكبها في الماضي وتعويض الشعوب التي نهبها. إذ ما زالت ذاكرة أمم الجنوب تحتفظ كيف أن الأوروبيين أعلنوا مبادئ حقوق الإنسان والحرية في القرن التاسع عشر ليشرعوا بعدها في نهب وقتل واستعمار شعوب أخرى اعتبروها أقل منهم تحضرا. ولعل الامتحان الأول هو الذي يبدأ بالاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية والتنديد بالمجازر الوحشية لإسرائيل وليس مجاملة الكيان. في المقام الرابع يجب على الاتحاد الأوروبي الكف عن سياسته القديمة التي تعمل على تقسيم الدول وتشجيع النعرات الإثنية تطبيقا لفكرة فرق تسد فعلى الرغم من استقلال أمم الجنوب يستمر بطريقة صامتة في تطبيق هذه الاستراتيجية كما أراد أن يفعل في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي بتقسيمها إلى قسمين وهو ما نجح فيه نسبيا بسبب وجود سلطتين. نعم تتوفر كل الشروط في ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب رغم التحديات الكبرى بسبب بروز دور قوى كبرى أخرى مثل الصين. غير أن هذه الريادة ليجب أن لا تركز على ما هو سياسي وعسكري واقتصادي بل يجب أن تكون أخلاقية ولو نسبيا.


أخبار اليوم الجزائرية
منذ 15 ساعات
- أخبار اليوم الجزائرية
هل يمكن للاتحاد الأوروبي ريادة الغرب
بقلم: حسين مجدوبي مع تراجع دور الولايات المتحدة في قيادة العالم الغربي بدأ الأوروبيون يطرحون سؤالا عريضا وهو: هل يمكن للاتحاد الأوروبي قيادة العالم الغربي بمبادئه الديمقراطية واستعادة الدور التاريخي الذي كانت عليه القارة منذ النهضة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية؟ إلا أن هذا الطرح يبقى صعبا في ظل الضعف الذي يعاني منه الاتحاد نتيجة ظهور قوى كبرى ولكنه ليس مستحيلا. ومثل هذه التساؤلات التي تدور في أوروبا يفترض أنها مقدمة لتغيير تاريخي وسط الغرب أو فقط ما يسمى بهواجس صدمة اللحظة بسبب مواقف واشنطن في قضايا مبدئية وملفات دولية بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية. وعمليا يوجد رأيان وسط العائلة الأوروبية حول العلاقة الحالية والمستقبلية مع واشنطن فريق يعتقد أن ترامب ظاهرة مؤقتة سيتراجع تأثيره بمجرد رحيله عن كرسي البيت الأبيض وسيأتي رئيس ديمقراطي وسيعيد النظر في كل المواقف والملفات أو سيأتي رئيس جمهوري أقل حدة في مواقفه وأكثر تفهما لطبيعة العلاقات مع القارة الأوروبية. هذا الفريق يؤكد بدء تراجع ترامب عن الكثير من القرارات التي اتخذها وكونه سيبقى ظاهرة إعلامية محدودة التأثير في القرارات الغربية. ويرى فريق ثان أن الفكر القومي المتشدد والمنغلق على نفسه سيصبح معطى ثابتا في المشهد السياسي الأمريكي الأمر الذي سيجعل العلاقات بين ضفتي الأطلسي تترنح وغير مستقرة. ويطرح هذا الفريق كيف ارتكب ترامب خيانة حقيقية عندما تخلى عن أوروبا في مواجهة روسيا بسبب الملف الأوكراني وفضل التحاور مع زعيم الكرملين الرئيس فلاديمير بوتين بدلا من التحاور ككتلة غربية موحدة مع موسكو. * ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب وتميل الكفة الى الفريق الثاني لسببين الأول هو بدء فقدان الثقة في الولايات المتحدة مع إدارة ترامب كحليف ناضج وعلى الرغم من أنه في الماضي مع وجود رؤساء محافظين مثل الرئيس رونالد ريغان إلا أنه حافظ على العلاقات مع الأطلسي وبدوره حافظ كل من الرئيس جورج بوش الابن والرئيس باراك أوباما الديمقراطيين على العلاقات الأطلسية على الرغم من أنهما شرعا إبان رئاستيهما في تغيير الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط والبحر المتوسط ونسبيا أوروبا إلى منطقة المحيط الهادئ – الهندي لمحاصرة الصين. والثاني هو أن ترامب ما هو إلا تجل لجماعات تريد تطبيق سياسة مختلفة ومنها جماعة مؤسسة إريتاج التي دعمت برنامج الرئيس الجديد. وعمليا توجد عوامل كثيرة تساعد الاتحاد الأوروبي على قيادة الغرب بعدما بدأت واشنطن تتخلى عن هذه القيادة وتؤمن بقيادتها للعالم من دون حلفائها الأوروبيين. وعلى رأس هذه العوامل نجد: إرادة سياسية متزايدة في أوروبا لزيادة الإنفاق الدفاعي وتنسيق القدرات العسكرية. ثم الوعي بأنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي وحده أن يضمن دفاعا موثوقا به وهذا ما يجعل الاتحاد الأوروبي منفتحا على التنسيق مع دول مثل كندا وبريطانيا وتركيا وهي دول ذات قدرات عسكرية كبيرة ولاسيما بريطانيا وتركيا. في الوقت ذاته بدأ الاتحاد الأوروبي في استدراك الشرخ الصناعي خاصة في الصناعات الدقيقة حتى لا يفوته قطار المنافسة العالمية مع الصين والولايات المتحدة ودول مرشحة للعب دور أكثر مثل الهند. غير أن الأمر لا يتعلق فقط بتحقيق الدفاع الذاتي والتقدم في الصناعات الدقيقة فهذه ليست مبادئ بقدر ما هي أدوات تنفيذية لتصورات سياسية وفلسفية في العلاقات الدولية وهذا هو الجوهري وهل سيقبل الآخر الاتحاد الأوروبي رائدا للمبادئ التي قامت عليها النهضة الأوروبية. وهكذا من زاوية جيوبوليتيك من الجنوب أي رؤية قائمة على تصورات شعوب ومثقفي الجنوب نعتقد أن ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب ولاحقا للعالم تتطلب مجموعة من الإجراءات والتعهدات المعنوية والأخلاقية والمادية وعلى رأسها: *التحديات العالمية في المقام الأول لتحقيق هذه الريادة والتي ستكون نسبية نظرا للتحديات العالمية يجب على الاتحاد الأوروبي الانفتاح على محيطه بسياسة حقيقية وليس ظرفية. ونعني حقيقية سياسة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات المالية لدول جنوب المتوسط ورغبتها في التنمية وبالتالي تأسيس لمشروع مارشال حقيقي وليس مجرد قمم خطابية. في المقام الثاني التحول إلى فضاء مفتوح ليس فقط بين أعضائها كما يقول المحلل جو زاميت مؤسس مركز راديكس الاستراتيجي ولكن أيضا مع الحلفاء ذوي التفكير المماثل خارج الاتحاد في المجالات الاقتصادية والصناعية والدفاعية. في المقام الثالث كما يتضمن دفاعا عن حقوق الإنسان بنية حسنة وليس للتوظيف السياسي بين الحين والآخر بمعنى شجب نظام معين بسبب مواقفه وغض النظر عن الآخر على الرغم من أن الاثنين متورطان في خروقات حقوق الإنسان. وعلاقة بحقوق الإنسان لا يمكن للاتحاد الأوروبي الريادة الأخلاقية للغرب من دون تقديم اعتذار عن جرائم الاستعمار التي ارتكبها في الماضي وتعويض الشعوب التي نهبها. إذ ما زالت ذاكرة أمم الجنوب تحتفظ كيف أن الأوروبيين أعلنوا مبادئ حقوق الإنسان والحرية في القرن التاسع عشر ليشرعوا بعدها في نهب وقتل واستعمار شعوب أخرى اعتبروها أقل منهم تحضرا. ولعل الامتحان الأول هو الذي يبدأ بالاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية والتنديد بالمجازر الوحشية لإسرائيل وليس مجاملة الكيان. في المقام الرابع يجب على الاتحاد الأوروبي الكف عن سياسته القديمة التي تعمل على تقسيم الدول وتشجيع النعرات الإثنية تطبيقا لفكرة فرق تسد فعلى الرغم من استقلال أمم الجنوب يستمر بطريقة صامتة في تطبيق هذه الاستراتيجية كما أراد أن يفعل في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي بتقسيمها إلى قسمين وهو ما نجح فيه نسبيا بسبب وجود سلطتين. نعم تتوفر كل الشروط في ريادة الاتحاد الأوروبي للغرب رغم التحديات الكبرى بسبب بروز دور قوى كبرى أخرى مثل الصين. غير أن هذه الريادة ليجب أن لا تركز على ما هو سياسي وعسكري واقتصادي بل يجب أن تكون أخلاقية ولو نسبيا. حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


حدث كم
منذ يوم واحد
- حدث كم
نوال المتوكل : تنظيم كأس العالم 2030 رافعة لتسريع وتيرة المشاريع الكبرى بالمغرب
أكدت البطلة الأولمبية المغربية السابقة ونائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، نوال المتوكل، اليوم الأربعاء بمراكش، أن تنظيم كأس العالم 2030 من شأنه أن يسرع من وتيرة حزمة المشاريع التنموية الكبرى التي يشهدها المغرب حاليا. وأوضحت السيدة المتوكل، في كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العامة لرابطة وكالات الأنباء المتوسطية (أمان)، أن المغرب الذي يستضيف أيضا كأس أمم إفريقيا سنة 2025، سيشهد تسارعا غير مسبوق في مشاريعه المتعلقة بالبنى التحتية. واستعادت السيدة المتوكل، أول امرأة عربية وإفريقية تحرز ميدالية ذهبية أولمبية، لحظات فارقة في مسيرتها الطويلة وتجربتها مع الأحداث الرياضية الكبرى، منذ مشاركتها في الألعاب الأولمبية بلوس أنجلوس عام 1984، وصولا إلى حضورها في أزيد من 22 دورة أولمبية صيفية وشتوية. وقالت 'لقد عاينت عن كثب تأثير الرياضة وتعقيدات تنظيم حدث عالمي كبير على غرار كأس العالم'، لافتة إلى أن المغرب مستعد لاستضافة تظاهرة رياضية بهذا الحجم العالمي. كما سلطت الضوء على الدور المهم الذي تضطلع به الرياضة في تنمية المجتمع، مشيرة في ذات الصدد إلى تجربتها الشخصية. وأضافت أنه 'بفضل قوة الرياضة، تغيرت حياتي. لم يستغرق الأمر سوى 54 ثانية و61 جزءا من الثانية للانتقال من الظل إلى النور'. وختمت السيدة المتوكل كلمتها بالتنويه ب 'اللفتة الذكية' للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بتوحيد أوروبا وإفريقيا ضمن ملف ترشيح مشترك، معتبرة أن الأمر يتعلق بمنصة مثالية لإبراز دور الرياضة في التنمية. وتعرف أشغال الدورة الثالثة والثلاثين للجمعية العامة لرابطة وكالات أنباء البحر الأبيض المتوسط (أمان)، مشاركة مدراء عامين وعدد من المسؤولين الممثلين لوكالات الأنباء الأعضاء في هذه الرابطة. وقد تميزت الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة المنعقدة تحت شعار 'كرة القدم والإعلام في منطقة المتوسط.. بناء جسور تتجاوز الحدود'، على الخصوص، بكلمات ألقاها كل من وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ورئيس 'لجنة كأس العالم 2030″، فوزي لقجع. وتشكل هذه الجمعية العامة التي تتولى وكالة المغرب العربي للأنباء رئاستها لمدة سنة، مناسبة لإبراز المشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في إطار التحضيرات لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030. ح/م