
بيوت بلا سقوف.. وأحكام بلا تنفيذ
كم من بحرينيٍ قضى سنواتٍ وهو يدّخر، يعيش على هامش أقساط القروض، ويقلّص نفقاته لبناء 'بيت العمر'، ليصبح في النهاية ضحية لمقاولٍ يأخذ المال ويفرّ، أو يماطل إلى الأبد، أو يعلن إفلاسه؟ وكأن عرق المواطن لا قيمة له، وكأن الشرف لم يعد رفيقًا للكدّ والتعب.
اليوم، أضع صوتي إلى جانب السلطة التشريعية، ممثلةً في النائب حمد الدوي، الذي ارتفع صوته صادقًا وجريئًا ليضمد جرحًا طال نزيفه. وكإعلام، نحن لا نقف متفرجين، فالصحافة ليست على الهامش، نحن لا نكتب من باب المعارضة، بل من باب المسئوليه، ومن باب الأخلاق في وجه مواطن نُهبت مدخراته بعد عمرٍ من الكفاح.
المشكلة ليست في غياب 'الضمان البنكي'، فجميع شركات المقاولات المرخصة تملك ضمانًا وسجلًا تجاريًا عند التأسيس. إنما المشكلة أن هذا غير كافٍ لمنع الاحتيال. الخلل لا يكمن في وجود الضمان، بل في كيفية تفعيله، وفي المساحة التي تتيح التلاعب، وفي المرونة التي تُستغل للنفاذ من الالتزام.
ومن الخطوات الإيجابية التي يمكن اتخاذها: إنشاء سجل وطني لتقييم المقاولين، يُحدّث بشكل دوري، ويعرض أداء كل شركة، ومدى التزامها بالمواعيد، وجودة تنفيذ المشاريع، وعدد الشكاوى الصادرة بحقها، والأحكام القضائية ذات الصلة. للمواطن الحق في أن يعرف من يسلّمه حلم العمر.
نحن نُقرّ بأن القضاء البحريني، بقيادته النزيهة وأحكامه العادلة، هو الضامن الأول للحقوق. ولسنا هنا بصدد انتقاد الأحكام، بل نسلّط الضوء على ما يقوله أهل القانون أنفسهم: 'التنفيذ هو مقبرة الأحكام'. وعندما يقول المقاول بثقة متعالية للمواطن: 'اذهب واشتكِ'، يشعر الأخير أنه عالقٌ في حلقة لا مخرج منها.
العدالة تقتضي أن الشركات التي يثبت تورطها في الاحتيال بحكم قضائي نهائي، لا ينبغي أن يُسمح لها بمواصلة نشاطها. إلغاء سجلها التجاري يجب ألا يكون الاستثناء، بل هو القاعدة. السوق لم يعد يحتمل مزيدًا من الانتهاكات، والمصداقية لا تُمنح لمن لا يستحقها.
كما أن من الأهمية بمكان تفعيل الغرامات اليومية تلقائيًا عن كل يوم تأخير غير مبرر في تنفيذ المشروع. هذا إجراء بسيط لكنه فعّال، لا يحتاج إلى شكوى أو جدال، فالزمن وحده كفيل بإثبات الالتزام، والغرامة لا تُظلم أحدًا، بل تردع.
ولكل ما سبق، ومن منطلق حبنا للبحرين وأهلها، نرفع نداءً صادقًا إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ليتكرم بتوجيهاته الحاسمه إلى وزاره العدل والجهات المختصة نحو سنّ تشريعات أكثر صرامة، تُغلق كل الثغرات التي يتسلل منها المقاولون غير الأمناء.
ويبقى التحدي الأكبر في عدم ترك المواطن يواجه فراغًا قانونيًا حين يُقال له: 'لا يمكن فعل شيء، فالمقاول لا يملك شيئًا باسمه.' فبطبيعة الحال، السارق لا يترك وراءه ما يُثبت عليه شيئًا. ما يجب فعله هو إيقاف هذا المقاول عن العمل فورًا، وإذا كان أجنبيًا، منعه من مغادرة البلاد حتى تُرد الحقوق ويُعاد الإنصاف.
نحن بحاجة إلى قانون يضمن محاسبة حقيقية لا شكلية، يحمي الحالمين لا المتحايلين. ومن فضل الله أن قانوننا البحريني مرن ومتطوّر، وقادر على سدّ هذه الفجوة متى ما وُجد العزم والتوجيه.
دموع المواطنين ليست أرقامًا، وأحلامهم ليست نماذج جامدة.
ما نطلبه ليس بالكثير: أن نحفظ ثمرة العمر، ونمنح المواطن البحريني طمأنينةً وهو يبني بيته بيديه وقلبه.
نحن لا نكتب من أجل اتخاذ موقف، بل للدفاع عن حق، ولنذكّر بأن هذا الوطن الذي نحبه، يجب أن تُصان فيه كرامة كل من وضع لبنةً فيه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 2 ساعات
- البلاد البحرينية
سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يصل إلى الولايات المتحدة الأميركية في زيارة رسمية
وصل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بحفظه الله ورعايته إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية يلتقي خلالها بعددٍ من المسؤولين في الإدارة الأمريكية.


البلاد البحرينية
منذ 2 ساعات
- البلاد البحرينية
جلالة الملك المعظم يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة للجمهورية الفرنسية وزيارة عمل للجمهورية الإيطالية
عاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، إلى أرض الوطن بحفظ الله ورعايته مساء اليوم بعد أن قام بزيارة خاصة للجمهورية الفرنسية الصديقة، أعقبتها زيارة عمل للجمهورية الإيطالية الصديقة، التقى جلالته خلالها مع دولة السيدة جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء بالجمهورية الإيطالية، حيث أجرى جلالة الملك المعظم مباحثات مع رئيسة الوزراء الإيطالية تناولت العلاقات التاريخية الوثيقة، وسبل تعزيزها وتنميتها في المجالات كافة، بالإضافة إلى المستجدات والتطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. وخلال المباحثات، ناقش الجانبان الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، كما هنأت رئيسة الوزراء الإيطالية جلالة الملك المعظم بمناسبة انتخاب مملكة البحرين عضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2026-2027. وقد تناولت المباحثات العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، بما فيها التعاون الاقتصادي، في ضوء الزيارة المرتقبة لصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى روما في شهر سبتمبر المقبل، وما سيتم التوقيع عليه من اتفاقيات بهذه المناسبة.


البلاد البحرينية
منذ 3 ساعات
- البلاد البحرينية
العمل جارٍ لإعداد القائمة النهائية للأسماء المقترحة للأعوام (2025 – 2029)
أعلنت لجنة اختيار أعضاء مجلس مفوضي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، عن تسلم 112 طلبًا للترشح لعضوية مجلس المفوضين خلال الفترة من يوم الثلاثاء الموافق 27 مايو 2025 ولغاية يوم الثلاثاء الموافق 10 يونيو 2025، مشيرةً إلى أن نسبة المتقدمين من الرجال بلغت 47% ومن النساء 53%، منهم 19% يحملون درجة الدكتوراه، و41% من حاملي درجة الماجستير. وأكدت اللجنة أن العمل جارٍ على إعداد القائمة النهائية للأسماء المقترحة لعضوية مجلس المفوضين تمهيدًا لرفعها إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لإصدار أمره الملكي بتعيين أعضاء مجلس المفوضين بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان للأعوام (2025 – 2029). ونوهت اللجنة بما شهدته من إقبالٍ واضح من المواطنين المهتمين والمدافعين عن حقوق الإنسان من مختلف شرائح المجتمع، لافتةً إلى أن الشريحة المتقدمة للعضوية من الأكاديميين من ذوي المؤهلات العليا تؤكد الاهتمام الواسع والحرص على المشاركة الفعّالة في مجلس المفوضين. هذا وقد عملت اللجنة خلال الفترة السابقة على فرز وتصنيف جميع الطلبات التي تم استلامها، والتأكد من استيفائها لشروط ومعايير الترشح، وتم استبعاد الطلبات غير المطابقة لشروط العضوية، وذلك بما يتوافق مع الشروط والضوابط والمعايير المنصوص عليها في القانون، إضافة إلى الملاحظات العامة التي وضعتها اللجنة الفرعية المعنية بالاعتماد في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، والتي تُعتبر مرجعًا قانونيًا تفسيريًا لمبادئ باريس.