
العالم الخفي في أجسادنا
العالم الخفي في أجسادنا - خبر صح, اليوم الخميس 13 مارس 2025 04:12 صباحاً
يخيل إلى كثيرين أن أجسامنا ملك لنا وحدنا، في حين أننا في الحقيقة نحمل على عاتقنا كائنات لا تحصى تعيش وتتعايش في كل جزء منا، بدءا بالجلد ووصولا إلى الأمعاء، وتشمل البكتيريا والفطريات والفيروسات وغيرها ما يسمى بالميكروبيوم، وقد أخذت البحوث العلمية الحديثة تكشف النقاب عن دور أساسي تؤديه في رسم معالم الصحة والمرض معا.
فمنذ انطلاق مشروع الجينوم البشري، اتجهت الأنظار نحو فك شفرة الحمض النووي للإنسان، ظنا بأن اكتشاف أسرار علم الجينات البشري سيقود إلى فهم أفضل للأمراض وتطوير علاجات رائدة. ولكن عزيزي القارئ ما لبث العلماء أن لاحظوا قصورا في تفسير التعقيد الهائل لجسم الإنسان بهذا العدد المحدود من الجينات. وحين ألقت الدراسات الحديثة الضوء على الجينات البكتيرية المرافقة لنا، جاءت النتائج لتثير الدهشة. فهنالك دراسة أجريت في جامعة هارفارد عام 2019 أشارت إلى رصد نحو 46 مليون جين بكتيري في عينات محدودة مأخوذة من الفم والأمعاء فحسب. وعند مقارنة هذه الأرقام على المجموع البشري، قد يتجاوز عدد الجينات الميكروبية في أجسادنا عدد النجوم في الكون المرئي، ما يفتح تساؤلات هائلة حول طبيعة علاقتنا بهذه الكائنات المجهرية.
إن كلمة «الميكروبات» قد توحي للبعض بمجموعة من الكائنات التي ينبغي استئصالها، لكن الواقع أكثر تعقيدا بكثير. فالبكتيريا الموجودة في أجسادنا ليست متطابقة ولا متماثلة في وظائفها، بل تتنوع لتشمل سلالات مختلفة تقوم بأدوار مهمة في هضم الطعام، وإنتاج بعض الفيتامينات، وتقوية نظام المناعة وغيرها. ولكن حين يختل توازنها، يصبح من المحتمل أن تشارك في ظهور أمراض مثل التهابات اللثة، وأمراض الأمعاء الالتهابية، وحتى اضطرابات المناعة الذاتية كالسكري من النمط الثاني.
ويبدو من المدهش أن معدلات الأمراض المعدية آخذة في التراجع خلال العقود الأخيرة بفضل تطور العلوم والطب واستعمال اللقاحات والمضادات الحيوية، في حين يشهد العالم في الوقت ذاته ازديادا ملحوظا في أمراض مزمنة؛ كالسكري وأمراض المناعة الذاتية ومتلازمات الأمعاء الالتهابية. هنا عزيزي القارئ، بدأ الباحثون يركزون على العلاقة الوثيقة بين الميكروبيوم وهذه الأمراض، طارحين فرضية مفادها بأن الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية، واتباع أنماط الحياة الحديثة التي تتسم بكثرة الأغذية المصنعة وقلة الحركة والضغوط النفسية، قد أدى إلى اختلال التوازن الميكروبي لدى كثير من الناس.
تزداد أهمية هذه الفرضية عندما نعلم أن جزءا كبيرا من جهاز المناعة لدينا يوجد في الأمعاء، التي هي موطن الغالبية العظمى من الميكروبات في أجسامنا. هذا التداخل بين الجهاز المناعي والميكروبات المعوية يشير إلى علاقة متبادلة: إذ تدرب الميكروبات الجهاز المناعي على التمييز بين ما هو نافع وما هو ضار، وتتعلم الخلايا المناعية آليات مخصصة للتعامل مع الكائنات الغريبة من دون المساس بالأنواع المفيدة. ولكن، عندما تحدث حالة اختلال تسمى «الديسبايوزس» (Dysbiosis)، حيث يضطرب توازن الميكروبيوم، تصبح أجسامنا أقل قدرة على تنظيم الاستجابات المناعية، ما قد يؤدي إلى مشكلات تتراوح من اضطرابات الهضم البسيطة إلى أمراض مناعية ومزمنة خطيرة.
برز توجه جديد في مجال الرعاية الصحية يتعامل مع الميكروبيوم على أنه عنصر أساسي في أي خطة علاجية أو وقائية. لم يعد الأمر مقتصرا على استخدام المضادات الحيوية لكبح الميكروبات، بل صار ينطوي على محاولة الحفاظ على توازنها؛ إذ يشجع الأطباء على عدم الإفراط في وصف المضادات الحيوية إلا للضرورة القصوى، والتوصية بزيادة تناول الأغذية الغنية بالألياف والخضراوات والفواكه، واستعمال ما يعرف بـ«البروبيوتيك» (Probiotics) لدعم نمو البكتيريا المفيدة واستعادتها في الأمعاء.
على المدى البعيد تتطلع الأبحاث إلى مستقبل ترسمه تقنيات الهندسة الوراثية وتسلسل الجينوم، إذ يحتمل أن تظهر آفاق لعلاج الأمراض من خلال تعديل الميكروبيوم على نحو دقيق، أو تصميم بكتيريا «ذكية» تكافح بعض الأمراض المعقدة؛ كالأورام السرطانية أو حالات الالتهاب المزمن. وقد يصبح تحليل الميكروبيوم روتينيا جنبا إلى جنب مع قياس ضغط الدم وسكر الدم، ليحدد بناء على نتائجه نوع الغذاء الأمثل أو المكملات اللازمة.
في الختام عزيزي القارئ، يجدر بنا التأمل في علاقتنا بالعالم الخفي في أجسادنا؛ فالفصل التالي من مواجهة الأمراض قد لا يكون بالقضاء على البكتيريا، وإنما بتحقيق تفاهم معها. وربما تبين لنا أن الصحة الحقيقية رهن بمزيج دقيق من العوامل التي تحكم سلوكنا الغذائي ونمط حياتنا، والعلاقة المتبادلة بين جهازنا المناعي والميكروبات المقيمة فينا. ففي نهاية المطاف، قد نكتشف أن فهمنا العلمي الحالي ما هو إلا خطوة على طريق طويل نحو استيعاب أعمق لطبيعة الحياة الإنسانية وقدرتها على العيش في انسجام مع منظومة ميكروبية هائلة قد تحدد مصير صحتنا ومرضنا.
nabilalhakamy@

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 3 أيام
- الدستور
دراسة تقارن بين لحم البقر والدجاج.. أيهما أكثر أمانا لصحة الأمعاء؟
يواصل الباحثون حول العالم دراسة تأثير الأنظمة الغذائية المختلفة على صحة الأمعاء، لا سيما دور اللحوم في تشكيل التوازن الميكروبي داخل الجهاز الهضمي. وفي هذا السياق، أجرى فريق من الباحثين الإسبان دراسة حديثة لمقارنة تأثير تناول نوعين شائعين من البروتين الحيواني – لحم البقر والدجاج – على ميكروبيوم الأمعاء لدى مجموعة من الأفراد الأصحاء. وأظهرت الدراسة المثيرة للجدل أن تناول لحم البقر قليل الدهن قد يكون أقل ضررا على صحة الأمعاء من تناول الدجاج، رغم الاعتقاد السائد بأن الدواجن خيار أكثر أمانا. وفي الدراسة، تمت مقارنة تأثير لحم البقر والدجاج على ميكروبيوم الأمعاء لدى 16 شابا سليما تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما. وطُلب من المشاركين اتباع نظامهم الغذائي المعتاد، ثم وُزعوا عشوائيا لتناول 3 وجبات أسبوعيا من أحد نوعي اللحوم لمدة 8 أسابيع، مع فترة استراحة لمدة 5 أسابيع بين النظامين. وأظهرت النتائج أن النظام الغذائي القائم على الدجاج ارتبط بانخفاض ملحوظ في تنوع وثراء البكتيريا النافعة في الأمعاء، مقارنة بالنظام القائم على لحم البقر. كما تم رصد ارتفاع في مستويات بعض البكتيريا الضارة بعد تناول الدجاج، وهي بكتيريا سبق ربطها بأمراض عديدة، منها سرطان الأمعاء. وعلى الجانب الآخر، أدى تناول لحم البقر إلى زيادة في بكتيريا نافعة تعرف باسم "البلوتيا"، التي تلعب دورا مهما في تقوية الحاجز المخاطي للأمعاء والوقاية من الالتهابات. وكشفت الدراسة أيضا أن النظام القائم على الدجاج أثّر سلبا على قدرة الجسم على تنظيم مستويات الغلوكوز في الدم، كما قلل من إنتاج الأحماض الأمينية الأساسية المهمة لوظائف المناعة وصحة الأمعاء. ورغم هذه النتائج، أقر الباحثون بعدة قيود في دراستهم، أبرزها اعتمادهم على تقارير المشاركين الذاتية لتسجيل تناولهم الغذائي، ما قد يؤدي إلى إغفال بعض الأطعمة المؤثرة على الميكروبيوم. وفي سياق مواز، حذّرت دراسة إيطالية من أن تناول أكثر من 300 غرام من لحم الدواجن أسبوعيا – أي نحو 4 حصص – قد يضاعف خطر الوفاة بأنواع متعددة من السرطان، أبرزها سرطان المعدة والأمعاء. ويرجّح الباحثون أن طريقة طهي الدواجن أو نوعية الأعلاف قد تكون وراء هذه العلاقة، رغم عدم وجود دليل قطعي حتى الآن. ووفقا لمركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، فإن نحو 21% من حالات سرطان الأمعاء ترتبط بتناول اللحوم الحمراء والمصنعة، خاصة عند طهيها في درجات حرارة مرتفعة. ومع ذلك، تؤكد هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) أن اللحوم تظل مصدرا مهما للبروتين وفيتامين B12، وتوصي من يتناولون نحو 90 غراما من اللحوم الحمراء يوميا بتقليل الكمية إلى 70 غراما للحفاظ على التوازن الصحي.


الجمهورية
منذ 4 أيام
- الجمهورية
ابتكار روسي جديد لتنقية المياه بكفاءة وبدون تكلفة مرهقة
نجح فريق من العلماء الروس في تطوير طريقة مبتكرة لتنقية المياه من الفطريات و البكتيريا والمواد الضارة، دون الحاجة لاستخدام أجهزة معقدة أو مواد باهظة الثمن، في إنجاز قد يغيّر شكل معالجة المياه للأفضل، خصوصًا في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية المتقدمة. البحث، الذي خرج من جامعة شمال القوقاز الفيدرالية، قدّم تقنية تعتمد على جهاز تحليل كهربائي بسيط، لا يحتاج إلى صيانة دورية أو تدخل بشري مستمر، وهو ما يجعل استخدامه عمليًا في البيوت والمناطق النائية وحتى في الاستخدامات الجماعية. في البداية، كانت بعض الطرق السابقة تعتمد على مرور المياه عبر فلاتر مسامية تحتوي على جزيئات من الفضة والنحاس، وهي فعالة لكنها مكلفة وتحتاج لاستبدال متكرر. أما الطريقة الجديدة فتعتمد على التفاعل الكهروكيميائي، حيث يتم تمرير الماء من مصدره مباشرةً عبر جهاز يحتوي على غشاء شبه نافذ، مصنوع من مواد بسيطة مثل القماش المشمع. هذا الغشاء، إلى جانب التيار الكهربائي ، يؤدي إلى إنتاج مادة مطهّرة وهي هيبوكلوريت الصوديوم، التي تعمل على قتل الميكروبات و البكتيريا داخل الماء. كما أن المجال الكهربائي نفسه يساهم في التعقيم، مما يقلل الحاجة إلى مواد إضافية أو مراحل معالجة معقدة. الميزة اللافتة أيضًا أن النظام لا يكتفي بالتنقية، بل يمنع أيضًا نمو أي كائنات دقيقة جديدة داخل الماء بعد معالجته. كما تتم إزالة المعادن الثقيلة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم من خلال عملية ترسيب طبيعية، مما يحسن من جودة الماء ويقلل من قساوته. ومن التفاصيل الجميلة في هذا النظام أنه لا يهتم فقط بالتعقيم، بل أيضًا بتحسين طعم المياه ، حيث تمر المياه بعد المعالجة عبر رقائق من الرخام أو الدولوميت، لتحويل مذاقها من مر أو مالح إلى طعم خفيف الحلاوة، مما يجعلها أكثر قبولًا للشرب. والأجمل أن هذا الابتكار لا يحتاج إلى شبكة كهرباء تقليدية، بل يمكن تشغيله باستخدام بطاريات سيارات أو ألواح طاقة شمسية، مما يفتح المجال لاستخدامه في المناطق الريفية، وفي حالات الطوارئ، وحتى في الحملات الميدانية. في نهاية الدراسة، أكد العلماء أن استهلاك الكهرباء منخفض جدًا مقارنة بحجم المياه التي يتم تنقيتها، مما يجعله خيارًا اقتصاديًا ومتينًا في آنٍ واحد. باختصار، هو اختراع ذكي وبسيط، يقدم حلًا عمليًا لمشكلة معقدة، ويقرّبنا خطوة من عالم يستطيع فيه كل شخص الحصول على ماء نقي، دون مشقة أو تكلفة عالية.


المصري اليوم
منذ 5 أيام
- المصري اليوم
مواد كيميائية ومسرطنة.. وضع الأطفال المكياج والعطور قد يُعرض صحتهم للخطر
توصّل تحقيق أجرته صحيفة التايمز الأمريكية، إلى أن الأطفال الصغار والرُضع يتعرضون بشكل روتيني لمنتجات التجميل للبالغين، بما في ذلك البخاخات المعطرة، وطلاء الأظافر، وحتى وشم الحناء السوداء. وقد تبدو هذه المنتجات غير ضارة، إلا أن العلم يكشف عن قصة أكثر إثارة للقلق، إذ يختلف جلد الرضيع بيولوجيًا عن جلد البالغين: فهو أرق وأكثر امتصاصًا، ولا يزال في طور النمو. والتعرض لبعض المنتجات قد يؤدي إلى مشاكل فورية مثل التهيج أو ردود الفعل التحسسية، وفي بعض الحالات، قد يحمل مخاطر صحية طويلة الأمد مثل اضطراب الهرمونات. ووجدت دراسة أُجريت عام 2019 أنه كل ساعتين في الولايات المتحدة، يُنقل طفل إلى المستشفى بسبب التعرض العرضي لمنتجات التجميل. ويحتوي جلد حديثي الولادة على نفس عدد طبقات جلد البالغين، إلا أن هذه الطبقات أرق بنسبة تصل إلى 30% ويُسهّل هذا الحاجز الرقيق اختراق المواد، بما فيها المواد الكيميائية، إلى الأنسجة العميقة ومجرى الدم. وتتميز البشرة الشابة أيضًا بمحتوى عالٍ من الماء، وتُنتج كمية أقل من الزهم (الزيت الطبيعي الذي يحمي البشرة ويرطبها)، وهذا يجعلها أكثر عرضة لفقدان الماء والجفاف والتهيج، خاصةً عند تعرضها للعطور أو الكريمات غير المخصصة للأطفال. ويحتاج ميكروبيوم الجلد، وهو الطبقة الواقية من الميكروبات المفيدة، إلى وقت ليتطور أيضًا، وبحلول سن الثالثة، يُكمل جلد الطفل تكوين أول ميكروبيوم له، وقبل ذلك، قد تُخلّ المنتجات المُستخدمة على الجلد بهذا التوازن الدقيق. وعند البلوغ، يتغير هيكل الجلد والميكروبيوم مرة أخرى، مما يغير طريقة استجابته للمنتجات. وكشف التحقيق عن أن استخدام طلاء الأظافر على الأطفال الصغار، غالبًا ما يحتوي على مواد كيميائية ضارة، بل ومسرطنة، مثل الفورمالديهايد والتولوين وفثالات الديبوتيل. والتولوين مادة سامة للأعصاب، وفثالات الديبوتيل مادة كيميائية تُسبب خللًا في الغدد الصماء، ويمكن أن تؤثر على وظائف الهرمونات، مما قد يؤثر على النمو والتطور والخصوبة، وكلتا المادتين تخترقان بسهولة أكبر جلد الرضع الرقيق والأكثر نفاذية. وحتى التعرض لمستويات منخفضة من الفورمالديهايد، مثل التعرض للأثاث أو تلوث الهواء، يرتبط بارتفاع معدلات الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي السفلي عند الأطفال (وهى العدوى التي تؤثر على الرئتين والممرات الهوائية والقصبة الهوائية). المكونات المهيجة للجلد في الولايات المتحدة، يُعاني واحد من كل 3 بالغين من أعراض جلدية أو تنفسية بعد التعرض للمنتجات المعطرة، وإذا كان البالغون يُعانون من رد فعل تحسسي، فليس من الغريب أن يكون حديثو الولادة والأطفال الذين لا يزالون في طور النمو أكثر عُرضةً للخطر. وتحتوي العطور في كثير من الأحيان على الكحول والمركبات المتطايرة التي تسبب جفاف الجلد؛ ما يؤدي إلى الاحمرار والحكة وعدم الراحة. وتمت دراسة بعض مكونات العناية بالبشرة أيضًا لمعرفة قدرتها على التأثير على الهرمونات أو إثارة الحساسية أو التسبب في مشاكل صحية طويلة الأمد، مثل: قد تؤدي الألكيلفينولز المستخدمة في المنظفات ومستحضرات التجميل إلى تعطيل نشاط الهرمونات. يمكن أن تتداخل مضادات الميكروبات مثل التريكلوسان مع هرمونات الغدة الدرقية وتساهم في مقاومة المضادات الحيوية. ترتبط مادة البيسفينول ( BPA) المستخدمة على نطاق واسع في التغليف باضطرابات الهرمونات. قد تتراكم السيكلوسلوكسانات (D4 وD5) في الجسم وتؤثر على التوازن الهرموني. يمكن أن تتفاعل الإيثانولامينات مع مكونات أخرى لتكوين النيتروزامينات، وبعضها من المواد المسرطنة المحتملة البارابين عبارة عن مواد حافظة تحاكي هرمون الاستروجين، على الرغم من أن بعض الدراسات تشير إلى وجود خطر ضئيل عند الجرعات المنخفضة. ترتبط الفثالات المستخدمة في العطور والبلاستيك بالسمية التناسلية، وخاصة في حالات التعرض في وقت مبكر من الحياة. توجد مادة البنزوفينون في العديد من واقيات الشمس، وقد تعمل بعض أشكالها كمسببات للحساسية ومسببات لاضطرابات الهرمونات. وفي حين أن العديد من هذه المكونات مسموح بها في تركيزات منظمة، فإن بعض الباحثين يحذرون من «تأثير الكوكتيل»: وهو التأثير التراكمي للتعرض اليومي لمواد كيميائية متعددة، وخاصة في الأجسام الشابة النامية. المنتجات الطبيعية لا تعني أنها غير ضارة المنتجات التي تُسوّق على أنها «طبيعية» أو «نظيفة» قد تُسبب أيضًا ردود فعل تحسسية، على سبيل المثال، يوجد البروبوليس (صمغ النحل) في العديد من منتجات العناية بالبشرة الطبيعية، ولكنه يُسبب التهاب الجلد التماسي لدى ما يصل إلى 16% من الأطفال. ووجدت دراسة أن متوسط مسببات الحساسية التلامسية لكل منتج في مجموعات العناية بالبشرة «الطبيعية» يبلغ 4.5، من بين 1651 منتجًا «طبيعيًا» للعناية الشخصية في السوق الأمريكية، كان 96 منتجًا فقط (5.8%) خاليًا من مسببات الحساسية التلامسية. وحتى الادعاءات مثل «تم اختباره من قبل أطباء الجلدية» لا تضمن السلامة؛ فهى تعني ببساطة أن المنتج تم اختباره على الجلد، وليس أنه خالٍ من المواد المسببة للحساسية. والرضع والأطفال الصغار ليسوا مجرد بالغين صغار، جلدهم لا يزال في طور النمو، وهو أكثر عرضة للتهيج وامتصاص المواد الكيميائية والتأثيرات الجهازية: المواد التي تخترق الجلد قد تدخل مجرى الدم، وقد تؤثر على الأعضاء أو الأجهزة الحيوية في جميع أنحاء الجسم. وبناء على ذلك، فإن استخدام المنتجات الموجهة للبالغين، أو حتى البدائل «الطبيعية» الحسنة النية، قد يحمل مخاطر حقيقية. وقد تظهر الآثار الجانبية على شكل طفح جلدي، أو تقشر، أو حكة، وفي الحالات الشديدة، ظهور بثور أو قشور، ويجب دائمًا استشارة طبيب مختص في حال ظهور أعراض تنفسية، مثل السعال أو الصفير. وفي حال الشك، حدِّد ما يُلامس بشرة طفلك، خاصةً في السنوات الأولى.