
مشروع ترامب للضرائب خطوة محفوفة بالتحديات الاقتصادية
يتسم ذلك المشهد بتداخل الأبعاد السياسية والاقتصادية، ما يجعل أي خطوة على هذا الصعيد تحمل انعكاسات بعيدة المدى.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تتصاعد فيه الضغوط على الحكومة الفيدرالية بسبب ارتفاع الدين العام وعجز الميزانية ، في ظل توقعات متباينة حول قدرة الاقتصاد الأميركي على استيعاب هذه التغييرات دون التأثير سلباً على معدلات النمو والاستثمار.
وعلى الرغم من الطموحات الكبيرة لهذه السياسات، لا تخلو من انتقادات حادة من خبراء اقتصاديين ومستثمرين بارزين، ما يعكس حالة انقسام داخل المجتمع الاقتصادي والسياسي حول جدوى هذه التحركات.
وقد أقر مجلس النواب الشهر الماضي المشروع الذي يتضمن تخفيضات ضريبية ضخمة والمزيد من الإنفاق الدفاعي، وينظر فيه الآن أعضاء مجلس الشيوخ.
يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحلفاؤه الجمهوريون في الكونغرس تنفيذ أجندته لخفض الضرائب في مسعى سياسي تخلى إلى حد كبير عن مزاعم الحزب القديمة بالانضباط المالي، وذلك من خلال إنكار تحذيرات من أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تضخم الدين الفيدرالي.
أثارت هذه الحملة غضب إيلون ماسك، الحليف الوثيق لترامب والمانح الأكبر للجمهوريين في انتخابات 2024.
لكن كبار الجمهوريين في الكونغرس ما زالوا عازمين على الضغط من أجل تنفيذ وعود حملة ترامب من خلال أغلبيتهم الضئيلة في مجلس الشيوخ ومجلس النواب بحلول الرابع من يوليو، في حين يتجاهلون التحذيرات الصادرة عن مكتب الميزانية الرسمي في الكونجرس ومجموعة من خبراء الاقتصاد والميزانية من الخارج.
وقال رئيس لجنة المالية في مجلس الشيوخ مايك كرابو للصحافيين بعد اجتماع مع ترامب الأسبوع الماضي: "كل الحديث عن كيف سيؤدي هذا المشروع إلى زيادة عجزنا خاطئ تماما"، وفق ما نقلته رويترز.
أثارت الأسواق المالية مخاوف بشأن ارتفاع ديون البلاد، لا سيما عندما خفضت وكالة موديز تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة.
وبينما يتسابقون لإقرار مشروع قانون الضرائب "الضخم والجميل " كما وصفه ترامب، يستخدم الجمهوريون في الكونغرس عبارات مألوفة -بحسب تعبير تقرير لصحيفة الغارديان- لتبرير التخفيضات الهائلة في شبكة الأمان الاجتماعي، والتي ستترك ملايين الأطفال والأسر ذات الدخل المحدود دون رعاية صحية أو غذاء كافٍ.
ويجادلون بأن هذه البرامج تعج بالهدر والاحتيال وسوء الاستخدام، وأن مستخدميها لا يعملون بجد كافٍ. لذا، فإن متطلبات العمل ضرورية لإجبار "الأصحاء" الذين يبدون كسالى على الذهاب إلى العمل.
إيجابيات وسلبيات
يقول استراتيجي الأسواق المالية في شركة First Financial Markets، جاد حريري، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
"قانون ترامب الضريبي يُعد قانوناً مثيراً للجدل، لما يحمله من إيجابيات وسلبيات مختلفة".
"من وجهة نظري، هو مفيد على المدى القصير، خاصة لأصحاب الدخل المرتفع والشركات التي تعتمد بشكل أساسي على تخفيض الضرائب لتعزيز أرباحها.. لكن على المدى المتوسط والبعيد، أرى أن تأثيره سلبي؛ لأنه لا يشجع على الاستثمار، ويضعف الثقة بالاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى رفع تكلفة الديون وزيادة العجز المالي".
عند النظر إلى المعادلة ما بين الإنفاق الحكومي وإيرادات الدولة، نرى بوضوح أن هناك عجزاً في التوازن المالي؛ وبالتالي فإن تخفيض الضرائب يؤدي بالضرورة إلى زيادة في النفقات دون وجود إيرادات تغطي هذا الفرق، مما يحمّل الحكومة الأميركية عبء تمويل هذا العجز.
نحن نتحدث اليوم عن عجز تجاوز التريليون دولار، وهو رقم يجب التعامل معه بجدية، حيث ستكون الحكومة مضطرة إلى تغطيته.
ويضيف: "على الجانب الآخر، هناك شركات ستستفيد من هذا القانون، لكن في المقابل هناك شركات ستتضرر.. هذا التفاوت قد يؤدي إلى انخفاض في أسعار الأصول وهروب بعض المستثمرين نحو أسواق بديلة بعيداً عن الاقتصاد الأميركي، لا سيما في ظل التوقعات المرتفعة لنمو الاقتصاد الأميركي. بالتالي، فإن قانون الضرائب هو سلاح ذو حدين: يخدم فئات معينة على المدى القصير، لكنه قد يُضعف الاقتصاد على المدى البعيد".
2.4 تريليون دولار
ويشير تقرير لـ "أسوشيتد برس"، إلى أن:
مشروع القانون الضخم الذي طرحه الرئيس دونالد ترامب في الكونغرس من شأنه أن يُطلق العنان لتخفيضات ضريبية بمليارات الدولارات ويُقلّص الإنفاق.
لكنه أيضاً سيرفع العجز في الميزانية بمقدار 2.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل (استناداً لتقرير مكتب الميزانية في الكونغرس)، ويترك نحو 10.9 مليون شخص إضافي دون تأمين صحي، ما يرفع من المخاطر السياسية المرتبطة بأبرز أولويات الحزب الجمهوري المحلية.
وبحسب التقرير، فإن قادة الجمهوريين في الكونغرس، المصممين على دفع هذا المشروع الشامل قدمًا، لم يُدلوا بتعليقات كثيرة بعد صدور التحليل يوم الأربعاء من مكتب الميزانية في الكونغرس، وهو جهة مستقلة غير حزبية.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثيون، من ولاية ساوث داكوتا: "نحن ملتزمون بصنع قانون يجعل حياة الشعب الأميركي أفضل". وتعهد قائلاً: "سنعمل على إنجازه بطريقة أو بأخرى".
لكن الديمقراطيين، الذين يسعون إلى وقف مشروع القانوصعّدوا من معارضتهم الشديدة للمشروع. وقال النائب الديمقراطي بريندان بويل من ولاية بنسلفانيا، كبير الديمقراطيين في لجنة الميزانية بمجلس النواب: "بكلمات إيلون ماسك نفسه، هذا المشروع هو "تشويه مقزز"، مستحضرًا انتقاد الملياردير والمستشار السابق لترامب لهذا المشروع.
يقول كبير محللي الأسواق المالية في شركة FXPro، ميشال صليبي، في تصريح خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
"لا شك أن مشروع قانون الضرائب الذي يطرحه الرئيس دونالد ترامب يُعد امتداداً للسياسات السابقة المتعلقة بالتخفيضات الضريبية والنمو الاقتصادي".
"يكمن جوهر هذا المشروع في تمديد هذه التخفيضات، إلى جانب إدخال إجراءات جديدة تنسجم مع رؤيته الاقتصادية وتوجهاته في التعامل مع السوق، بهدف تحفيز النمو".
"من الطبيعي أن تُسهم هذه الخطوة، على المدى القصير، في تحفيز الاستثمارات، لا سيما أن خفض الضرائب على الشركات يدفعها إلى توسيع عملياتها، وتوظيف المزيد من العاملين، وزيادة الإنفاق على البحث والتطوير".
"كما أن تقليص العبء الضريبي على المستهلكين، وخاصة الطبقة الوسطى، يعزز من قدرتهم الشرائية ويزيد من الاستهلاك، ما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي، باعتبار الاستهلاك محركاً رئيسيًا للاقتصاد الأميركي، ويؤثر كذلك على الأسواق عموماً، وعلى الأسهم بشكل خاص".
كذلك من المتوقع أن يشكل هذا التوجه دعماً مباشراً للشركات الصغيرة، سواء من حيث تخفيف الأعباء التشغيلية أو من خلال تعزيز التوظيف والنمو المحلي، وهو ما قد ينعكس إيجابياً على مؤشرات مثل Russell 2000.
لكن إذا ما قورن هذا التوجه بحجم الدين العام والعجزين المالي والتجاري، فإن الصورة تبدو مقلقة. فتمديد التخفيضات الضريبية دون تأمين مصادر بديلة للإيرادات من شأنه أن يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الفيدرالي خلال العقد المقبل على أقل تقدير. وهذا ما قد يدفع باتجاه تعزيز السياسات الحمائية، مثل التعريفات الجمركية، كمصدر تمويل بديل للإنفاق الحكومي، ما يزيد من الضغوط على الأسواق.
ويضيف: "كما أن معظم المكاسب الناتجة عن هذه السياسات تذهب في الأساس إلى أصحاب الدخول المرتفعة والشركات الكبرى، ما يعمّق الفجوة الاقتصادية بين شرائح المجتمع المختلفة"، مشدداً على أن الخطر الأكبر يكمن في الضغوط التي قد تطال الإنفاق العام، إذ إن تراجع الإيرادات الضريبية قد يدفع الحكومة إلى توسيع سقف الدين العام أو تقليص الإنفاق في قطاعات أساسية كالتعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية.
ومع استمرار التحديات المرتبطة بالحرب التجارية والتعريفات، من المتوقع أن تتصاعد حدة التأثيرات السلبية على الاقتصاد والأسواق، خاصة إذا لم يتم إيجاد حلول مستدامة لتعويض تراجع الإيرادات.
ووفقًا لصليبي، فإن الأسواق تميل إلى التفاعل الإيجابي مع التخفيضات الضريبية على المدى القصير، كما شهدنا أخيراً في تعافي بعض المؤشرات الأميركية. إلا أن الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى إعادة النظر في مسار أسعار الفائدة في ظل زيادة الإنفاق وتراجع الإيرادات، وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط تضخمية تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
ولا يمكن تجاهل دور وكالات التصنيف الائتماني مثل "موديز" و"فيتش"، حيث خفّضت موديز مؤخرًا التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، في خطوة تعكس القلق من العجز المالي والتجاري، والدين العام الذي تجاوز 36 تريليون دولار، هذا بالإضافة إلى التوتر السياسي والإداري الذي قد يهدد الاستقرار الاقتصادي والأسواق على حد سواء.
ويتابع قائلاً: في المجمل، يمكن القول إن هذه السياسات قد تكون محفزة على المدى القصير، لكنها قد تُحدث اختلالات هيكلية خطيرة على المدى الطويل إذا لم تُعالج بالتوازي مع تحديات العجز والدين العام والفجوة الاجتماعية. ومن الضروري إيجاد توازن دقيق بين التحفيز الاقتصادي والانضباط المالي، بما لا يضر القطاعات الحيوية مثل البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، مع إدارة فعالة للملف التجاري والتعريفات الجمركية.
في سياق متصل، يشير تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن التشريع الضريبي الشامل الذي يسعى الجمهوريون في الكونغرس لإرساله إلى الرئيس دونالد ترامب لتوقيعه يكشف عن تحول لافت في أجندة الحزب الاقتصادية؛ من التركيز على سياسات ضريبية تعزز النمو الاقتصادي إلى منح شعبوية مستوحاة من وعود ترامب الانتخابية.
فقد أقرّ الجمهوريون في مجلس النواب الشهر الماضي مقترحاً بقيمة 2.4 تريليون دولار، تضمن بنوداً لافتة مثل إعفاء الإكراميات وساعات العمل الإضافية من ضريبة الدخل، وإقرار خصم ضريبي جديد لكبار السن. ويستند مشروع القانون أساساً إلى التمديد الدائم للتخفيضات الضريبية الفردية التي تضمنها قانون الضرائب الجمهوري لعام 2017، والتي خفّضت معدلات الضرائب عبر مختلف الشرائح.
لكن، وبحسب التقرير، فإن حجم هذه السياسات له ثمن. فالنقاد، بمن فيهم العديد من الخبراء المحافظين الذين دعموا قانون ترامب الضريبي الأول، يقولون إن مشروع القانون الجديد يضحي بالنمو الاقتصادي على المدى الطويل في سبيل الوفاء بوعود سياسية قصيرة الأجل. وعلى عكس قانون 2017، الذي تمحور حول خفض ضريبي كبير للشركات بهدف تحفيز الاستثمار، فإن مشروع هذا العام يوزع مبالغ نقدية أقل نسبياً على عشرات الملايين من الأسر من خلال تخفيضات ضريبية وخصومات أكبر.
والنتيجة هي مشروع قانون ضريبي يعتبره العديد من مؤيدي قانون 2017 فرصة ضائعة جزئياً على الأقل. ويضيف التقرير: صحيح أن هناك بنوداً في المشروع يراها المحافظون محفزة للنمو - مثل الخصومات على الاستثمارات في التكنولوجيا الجديدة أو الشركات - لكنها، في نسختها الحالية، ستنتهي صلاحيتها خلال بضع سنوات.
خطوة ذات أثر مزدوج
من جانبه، يلفت خبير أسواق المال، هيثم فهمي، في تصريحات لموقع"اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن مشروع القانون يُعدّ خطوة ذات أثر مزدوج، على النحو التالي:
من ناحية، يؤدي تخفيض الضرائب إلى تقلّص الإيرادات الحكومية، وبالتالي زيادة عجز الموازنة، وهذا يعدّ أثراً سلبياً واضحاً.
لكن، من الناحية الأخرى، فإن الأثر الإيجابي يكمن في تحفيز النمو الاقتصادي، إذ يزيد التخفيض من القدرة الشرائية للأفراد، ما يدفعهم نحو زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
وبالنسبة للشركات، تؤدي السياسة الضريبية التفضيلية إلى زيادة الربحية وقدرات التوسع من خلال توجيه هذه الوفرة نحو استثمارات مستقبلية.
ويضيف: تحقيق السيناريو الإيجابي مرهون بقدرة الحكومة الأميركية على تعويض النقص في الإيرادات الضريبية من مصادر بديلة، ما يُمكّنها من دعم النمو دون الاضطرار لزيادة العجز. وإذا لم تتمكن من ذلك، فإن النتيجة المرجّحة ستكون زيادة العجز، وبالتالي تكبّد ميزانية البلاد أعباءً إضافية.
كما يلفت إلى أن الأثر النهائي للسياسة الضريبية يعتمد بشكل كبير على سلوك المستهلكين، خاصة الفئات المستهدفة، متأثراً بعدة عوامل مثل معدلات التضخم وأي تكاليف إضافية قد تعترضهم. وفي حالة عدم ترجمة التخفيض الضريبي إلى رفع ملموس في الاستهلاك، فلن يتمكّن القانون حينها من تحقيق أثر إيجابي ملموس.
ويستطرد: من جانب المؤسسات، فإن قدرة الشركات على استغلال التخفيضات الضريبية لزيادة أرباحها، ثم إعادة توظيفها في التوسّع والاستثمار يُعدّ عاملاً أساسياً لضمان النمو الاقتصادي.
ويشدد فهمي على أهمية مراقبة الرسوم الجمركية وتأثيرها المحتمل، باعتبارها أحد العوامل الحاسمة التي تحدد خارطة الاقتصاد الأميركي والعالمي في الفترة المقبلة، مردفاً: "بمعطيات اللحظة الراهنة، لا يمكن النزول بحكم قاطع إما إيجابي أو سلبي على أثر القانون، فالمسألة مرهونة بعدّة عوامل مجهولة حتى الآن".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 8 دقائق
- صحيفة الخليج
لم ينضب تفاؤل «وول ستريت»
يُنظر إلى صمود الأسهم الأمريكية، مؤخراً، على أنه أمر لافت بكل المقاييس، حيث تجاوزت «وول ستريت» الكثير من التحديات، لتمحو جميع خسائرها الناجمة عن الرسوم الجمركية، مُحققة أداءً إيجابياً حتى الآن لهذا العام. ورغم أن هذه التحديات لم تنتهِ بعد، إلا أن الارتفاع الحاصل لا يزال يحمل بعض الزخم. ومنذ أن بلغا أدنى مستوياتهما في 7 إبريل/ نيسان، بعد كارثة تعريفات ترامب الجمركية في «يوم التحرير»، ارتفع مؤشرا «ستاندرد آند بورز» و«ناسداك» بنسبة 23% و32% على التوالي. وتصدرت شركات التكنولوجيا الكبرى المشهد، حيث حقق صندوق «راوند هيل ماغنيفيسنت سفن» المتداول في البورصة مكاسب تجاوزت 35%. للوهلة الأولى، يبدو هذا مثيراً للإعجاب، بالنظر إلى أن الكثير من المخاوف التي أشعلت شرارة الأزمة، كالرسوم الجمركية، التي أجّجت التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، وسياسة واشنطن الفوضوية وغير التقليدية، لا تزال قائمة حتى اليوم. ويراهن المتفائلون في أسواق الأسهم بشكل أساسي على انفراج إضافي في المشهد الاقتصادي العام، خلال الأشهر المقبلة، ويتوقعون خفض الفيدرالي لأسعار الفائدة، ودوران عجلة الاقتصاد، وابتعاد شبح التضخم على الرغم من الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى مواصلة شركات التكنولوجيا الأمريكية تحقيق نتائج قوية، ستهدّئ المخاوف المالية في واشنطن. وربما الأهم من ذلك، أن ترامب سيواصل التراجع عن تهديداته الجمركية الأكثر عدائية. ومع ذلك، لا تزال بعض أكبر الأسماء في عالم المال متشككة، لا سيما فيما يتعلق بالتوقعات المالية الأمريكية. وكرّر راي داليو، مؤسس شركة «بريدج ووتر»، وجيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك «جيه بي مورغان»، وكلاهما من أشدّ مؤيدي عجز الموازنة، هذا الأسبوع، تحذيراتهما من أن الدين الأمريكي غير مستدام، لكن هذه الدعوات لم تلقَ آذاناً صاغية، أو ربما يعتقد مستثمرو الأسهم ببساطة أن أي تداعيات مالية، ستستغرق سنوات حتى تتحقق. من ناحية أخرى، يبدو أن المستثمرين، وخاصةً الأفراد منهم، الذين يُعتقد أنهم يقودون هذا الارتفاع، متفائلون بشكل مفرط، ولكن بالنظر إلى الأمر من منظور آخر، قد لا يتجاهل مستثمرو الأسهم الأمريكية المخاطر الكامنة اليوم، بل ينظرون إليها ببساطة بشكل أقل تشاؤماً، مما كانوا عليه قبل بضعة أشهر. في الواقع، مهّدت المشاعر السلبية الساحقة، في وقت سابق من هذا العام، الطريق للانتعاش الأخير. وأظهر استطلاع «بنك أوف أمريكا» لمديري الصناديق لشهر إبريل/ نيسان أن درجة التفاؤل والثقة بين المستثمرين المؤسسيين، وصلت إلى مستويات شديدة من التشاؤم في أعقاب «يوم التحرير»، كما تضخمت مخاوف الركود إلى مستويات تاريخية. في غضون ذلك، أظهر مسح مايو/ أيار أن مديري الصناديق الاستثمارية، يمتلكون أكبر نسبة انخفاض في الوزن الاستثماري للأسهم الأمريكية منذ عامين، فعندما تكون معنويات المستثمرين ومراكزهم الاستثمارية بهذا القدر من التفاوت، لا يتطلب الأمر الكثير لتنعكس الأسعار إلى وضعها السابق. وإذا ما استشهدنا بأحدث مسح لدرجة تفاؤل وثقة المستثمرين الأفراد من «الجمعية الأمريكية للمستثمرين الأفراد»، فإن الانتعاش السريع في الأسهم لا يزال أمامه مجال للاستمرار، فقد ارتفع التشاؤم بشأن التوقعات قصيرة الأجل للأسهم الأمريكية إلى مستوى «مرتفع بشكل غير معتاد»، بلغ 41.9% الأسبوع الماضي، متجاوزاً متوسطه التاريخي البالغ 31.0% للمرة السادسة والعشرين في 28 أسبوعاً. وكما أشار فريق استراتيجية الأصول المتعددة في بنك «إتش إس بي سي» مؤخراً، فإن انخفاضات السوق الآن قصيرة الأجل، لأن هذه المؤشرات العاطفية المتعلقة بالتفاؤل وثقة المستهلك ومراكز الاستثمار تُدار بشكل دقيق، وضمن السيطرة. ومن الجيد أيضاً، أن نتذكر أنه على الرغم من أن «وول ستريت» قد عوّضت خسائرها المبكرة، وارتفعت التقييمات مجدداً نحو أعلى مستوياتها الأخيرة، إلا أن الأسهم الأمريكية لا تزال متأخرة هذا العام. ولم يرتفع مؤشر ستاندرد آند بورز إلا بنسبة 1.5% في عام 2025 حتى الآن، في حين قفز مؤشر «مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال» العالمي لجميع الدول بنحو 6%، مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق الأربعاء الفائت. ويشير هذا إلى احتمال وجود مجال لتفوق أداء الولايات المتحدة نسبياً في الأسابيع والأشهر المقبلة، مع أن مقاييس القيمة النسبية، قد لا تزال تفضل الأسواق غير الأمريكية. كل ما سبق من تفاؤل، لا يعني أنه علينا توقع عودة تدفق رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة، فقد يعيد المستثمرون الدوليون النظر مجدداً في تخصيص استثماراتهم للأصول خارج بلاد العم سام، ما يُشكل خطراً طويل الأجل على الأسهم. ولكن في الوقت الحالي، يُعوض نظراؤهم الأمريكيون محلياً هذا النقص.


العين الإخبارية
منذ 19 دقائق
- العين الإخبارية
رياح احتجاجات لوس أنجلوس... هل تُغير خارطة رئاسيات 2028؟
تم تحديثه الخميس 2025/6/12 07:16 م بتوقيت أبوظبي مع تطور أكبر موجة احتجاجات في ولاية دونالد ترامب الثانية، بات كبار القادة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، تعيد تشكيل السياسة الأمريكية مع تطور أكبر موجة احتجاجات في ولاية دونالد ترامب الثانية، بات كبار القادة في الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يواجهون حسابات محفوفة بالمخاطر وتعديلات سريعة. فمظاهرات لوس أنجلوس، المناهضة للهجرة باتت أكثر من كونها مجرد احتجاجات، مع انعكاساتها على السياسة الأمريكية، بحسب شبكة «سي إن إن» الأمريكية، التي قالت إنها قد تحدد مسار رئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومدى نجاح أو فشل مسيرة الديمقراطيين، فضلا عن كونها أداة قد تُشكل الانتخابات المستقبلية. وفي حين يعتقد البيت الأبيض أنه يمتلك كل الأوراق، يتواصل تصعيد الأحداث في لوس أنجلوس مهد الاحتجاجات التي تحدد موضوعين رئيسيين في الولاية الثانية لترامب وهما رغبته في الظهور بمظهر القوي، والاستيلاء على مزيد من السلطة، بحسب الشبكة الأمريكية. وأشارت «سي إن إن» إلى أنه في الوقت الذي يواصل فيه الديمقراطيون البحث عن تفسير لهزيمتهم في انتخابات 2024 والتعامل مع سياسات ترامب الصادمة مع مواجهة خطر الظهور كضعفاء وغير مؤهلين، ظهر حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، ليصبح أخيرا الصوت الذي يدافع عنهم، ويواجه الرئيس الجمهوري، حتى لو كان ذلك بسبب طموحه بشأن انتخابات 2028. ويمتلك الديمقراطيون قاعدة سياسية تتطلع إلى مواجهة الرئيس، لكن على الحزب أن يشعر بالقلق من «ردود الفعل المتطرفة» من جناحه اليساري التي ستؤدي إلى نفور الناخبين الذين صوتوا ضدهم العام الماضي، بحسب الصحيفة الأمريكية. مأزق سياسي وربما يكون البيت الأبيض مقتنعًا بأن أزمة الاحتجاجات ستضع الديمقراطيين في مأزق سياسي حاليا، لكنّ ترامب «يؤجج التوترات بشكل قد يجعل من الصعب السيطرة عليها لاحقا، مع وضع القوات بالقرب من المتظاهرين الأمر الذي يشكل مقامرة يُخاطر خلالها الرئيس باندلاع صدامات قد تتحول إلى مأساة». ويُعيد الجمهوريون إحياء رواية ناجحة ساعدت ترامب على الفوز بالسلطة مرتين، وهي أن الديمقراطيين يكرهون الشرطة؛ فاعتبرت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن معارضة الديمقراطيين لترامب «أجبرتهم على الانحياز إلى جانب المجرمين الأجانب غير الشرعيين في مجتمعاتهم، ومثيري الشغب على حساب ضباط إنفاذ القانون». وهاجمت ليفيت وطنية الديمقراطيين وزعمت أنهم يقفون إلى جانب الأعداء، قائلة: «لم تكن هذه الهجمات تستهدف إنفاذ القانون فحسب، بل الثقافة والمجتمع الأمريكي نفسه. أحرق مثيرو الشغب الأعلام الأمريكية، وهتفوا (الموت لدائرة الهجرة والجمارك) ورسموا شعارات معادية لأمريكا على المباني». هذه الرواية مُصممة لإخفاء أزمة دستورية متفاقمة حول ما إذا كان ترامب يملك سلطة استخدام القوات العاملة على الأراضي الأمريكية. ويبدو أن بعض خطابات الإدارة تهدف -أيضًا- إلى إعطاء زخم لحملة الترحيل، التي خيّب حجمها ظن بعض المسؤولين، وإلى تطبيع استخدام الجيش في هذا الجهد. وفي مقال رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال"، كتب السيناتور الجمهوري توم كوتون "أرسلوا القوات، بكل جدية"، ودعا إلى "استعراض قوة ساحق لإنهاء أعمال الشغب". وفي بودكاست "بود فورس وان" التابع لصحيفة "نيويورك بوست"، قال ترامب: "أستطيع أن أكون أقوى في الهجوم على لوس أنجلوس"، مشيرا إلى هامش الحرية الأكبر الذي يشعر به في ولايته الثانية في حين قالت المدعية العامة بام بوندي: "لسنا خائفين من المضي قدمًا.. إذا لزم الأمر". هل سيحظى ترامب بدعم شعبي؟ وإذا استطاع ترامب إقناع الجمهور بأن الوضع خطير حقًا، فقد يحظى بدعم لانتهاكه أحد المحرمات المتعلقة باستخدام القوات الأمريكية على الأراضي الأمريكية، وغالبا ما حظيت خطابات ترامب الأكثر قوة بأكبر قدر من هتاف ناخبيه حيث تحظى التكتيكات المتشددة ضد المهاجرين والمتظاهرين باستحسان قاعدته الانتخابية. ويعتقد مسؤولو البيت الأبيض -أيضًا- أن سياسة ترامب الصارمة بشأن الحدود وخطته للترحيل قد استحوذت على تأييد شريحة أوسع من الناخبين. ومع ذلك يكمن الخطر في أن الاحتجاجات قد تثير أزمة تخرج عن السيطرة وتُودي بحياة الناس. وإذا تفاقم العنف ستقع المسؤولية على عاتق ترامب بشكل يفقده ثقة الجمهور ويجعل من المستحيل استعادتها، وقد تصل الأمور إلى نقطة الانهيار إذا اتسع نطاق عمليات الترحيل. وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، أنه رغم تأييد الأمريكيين لعمليات الترحيل فإنهم لا يتفقون معها عندما تطال الأصدقاء والجيران والملتزمين بالقانون. وضع ديمقراطي صعب في المقابل، يواجه الديمقراطيون وضعًا سياسيًا بالغ التعقيد في غياب قائد وطني يعترف به معظم أنحاء البلاد. وفي حين بدا خطاب نيوسوم مُخططًا جزئيًا لإضفاء بعض التوجيه والقوة على الحزب وأنصاره، إلا أن كل ما يقوله ويفعله سينعكس في الاعتقاد السائد بأنه يخطط للترشح للرئاسة. وبالنسبة لنيوسوم وغيره من الحكام الديمقراطيين الذين يفكرون أيضًا في الترشح، تُمثل هذه الأزمة فرصة ومخاطرة في آن واحد، حيث يمكن لرد قوي أن يكسبهم رضا الناخبين الأساسيين، إلا أنه نادرا ما يتفوق الديمقراطيون في مواجهة ترامب باستثناء رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي. وسيستخدم ترامب نفوذ منصبه لإيذاء منافسيه، وبالفعل كان يحاول قبل احتجاجات لوس أنجلوس، خفض المساعدات الفيدرالية لكاليفورنيا ساعيًا إلى معاقبة سكان الولاية على طريقة تصويتهم. ومن بين التحديات التي يواجهها نيوسوم وغيره من الديمقراطيين هي معضلة تجنّب إثارة غضب الناخبين المتعاطفين مع المهاجرين، مع حشد الدعم بين الوسطيين والمستقلين والجمهوريين المعتدلين الذين ما زالوا يطالبون بسياسات حدودية أكثر صرامة. وتُشكّل احتجاجات «حياة السود مهمة» في عام 2020 تحذيرًا للديمقراطيين، حين تحوّلت الدعوات إلى "سحب تمويل الشرطة" التي أطلقتها بعض الجهات المعزولة داخل القاعدة التقدمية إلى كارثة سياسية طاردت الحزب في الانتخابات اللاحقة. aXA6IDgyLjI3LjIxMC4xMjcg جزيرة ام اند امز LV


صحيفة الخليج
منذ 20 دقائق
- صحيفة الخليج
بريطانيا: نراقب الوضع في الشرق الأوسط ولا جديد بشأن موظفي السفارات
لندن ـ (رويترز) قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الخميس إن بريطانيا تراقب الوضع في الشرق الأوسط وإنه لا جديد بشأن الموظفين في المنطقة، وذلك بعد أن أعلنت الولايات المتحدة إجلاء بعض الموظفين بسبب مخاوف أمنية. وذكر المتحدث للصحفيين 'سلامة موظفينا قطعاً هي أولويتنا القصوى، لذلك نراقب الوضع عن كثب، لكنني ليس لدي أي جديد.. في ما يتعلق بأي إجلاء جزئي أو غير ذلك لسفاراتنا'. ضربة إسرائيلية محتملة وكشف مسؤولون أمريكيون، عن أن إسرائيل «على أهبة الاستعداد» لشن عملية عسكرية ضد إيران، تزامناً مع تأكيد الرئيس دونالد ترامب، أن إدارته تقوم بنقل موظفين من الشرق الأوسط لأنه قد يكون «مكاناً خطِراً»، فيما اعتبر مسؤول إيراني أن سحب موظفين أمريكيين ليس تهديداً. وتأتي هذه التطورات، في ظل تأكيد سلطنة عمان، أنها ستستضيف، الأحد الجولة السادسة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران.