
الدين الفيدرالي الأمريكي يتجاوز 36 تريليون دولار: تحذيرات من أزمة مالية ممتدة
لكن ما يثير الدهشة ليس الرقم فحسب، بل السياسات التي قادت إليه؛ إذ تشير تقارير اقتصادية دولية، من بينها دراسات صادرة عن صندوق النقد الدولي (IMF) ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، إلى أن الولايات المتحدة قد وقعت في فخ سياساتها المالية التوسعية غير المستدامة، متجاهلة تحذيرات متكررة من التضخم المالي، واستنزاف الموارد، والانفاق المفرط على حروب خارجية ومشاريع لا تولد عائدًا اقتصاديًا داخليًا.
لقد رصدت تقارير أوروبية وآسيوية، خاصة من الصين وروسيا، أن واشنطن باتت تعتمد بشكل متزايد على طباعة الأموال واقتراضها داخليًا وخارجيًا للحفاظ على نفوذها السياسي والعسكري، دون وجود سياسة اقتصادية متزنة توازن بين النمو الحقيقي والاستدانة الآجلة.
بل إن بعض المحللين وصفوا النموذج الأمريكي الحالي بأنه 'اقتصاد على حافة الانهيار المؤجل'، وأن استمراره بهذه الطريقة يهدد ليس فقط التوازن المالي المحلي، بل يضع الاقتصاد العالمي في مهب أزمة جديدة، خاصة مع الارتباط الوثيق للدولار الأمريكي في الأنظمة النقدية العالمية.
من هنا، فإن أزمة الدين الفيدرالي لم تعد شأناً أمريكياً داخلياً فقط، بل تحوّلت إلى قضية دولية تعكس عمق الخلل في التوجهات الاقتصادية الأمريكية، وتطرح تساؤلات عن استدامة الهيمنة المالية للدولة التي تطالب العالم بالتقشف، بينما تغرق هي في بحر من العجز والديون.
أرقام قياسية غير مسبوقة
سجّل الدين الفيدرالي الأمريكي مع مطلع عام 2025 مستوى قياسيًا بلغ 36.1 تريليون دولار، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية. ويتوزع هذا الدين بين ديون مملوكة للجمهور بقيمة 28.8 تريليون دولار، وديون بين الحسابات الحكومية بقيمة 7.3 تريليون دولار.
وتشير الإحصاءات إلى أن الدين العام ارتفع بنسبة 123% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس حجم الضغط الذي تواجهه الحكومة في ظل عجز مالي متزايد.
جذور الأزمة: تاريخ من التوسع في الإنفاق
منذ تأسيس الولايات المتحدة في عام 1791، بدأت الديون تتراكم تدريجيًا، لكنها شهدت طفرات كبيرة خلال الحروب والأزمات الاقتصادية.
في عام 1835، كانت الولايات المتحدة شبه خالية من الديون، لكن الحرب الأهلية الأمريكية والحربين العالميتين، ثم الأزمات المالية الحديثة، مثل الركود الكبير (2008) وجائحة كوفيد-19 (2020)، أعادت تصعيد مستويات الدين بوتيرة غير مسبوقة.
تسببت السياسات التحفيزية، بما فيها حزم الإنقاذ المالي وتخفيضات الضرائب، في زيادة الفجوة بين الإنفاق والإيرادات.
ففي الفترة ما بين عامي 2019 و2021، ارتفع الإنفاق الفيدرالي بنسبة 50% نتيجة جائحة كوفيد-19، وهو ما دفع الدين إلى مستويات مرتفعة خلال وقت قصير.
الكونغرس يرفع سقف الدين وسط انقسام سياسي
في 22 مايو 2025، أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لرفع سقف الدين بمقدار 4 تريليونات دولار، بأغلبية 215 صوتًا مقابل 214.
ويُقدّر مكتب الميزانية بالكونغرس أن القانون سيرفع العجز بمقدار 3.3 تريليون دولار خلال العقد المقبل، مما يضيف أعباء جديدة على الاقتصاد الفيدرالي.
تكلفة خدمة الدين: الفائدة تلتهم الميزانية
أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى زيادة تكاليف خدمة الدين، حيث يُتوقع أن تضيف هذه التكاليف نحو 2.5 تريليون دولار على مدى العقد القادم.
وتعد هذه التكاليف من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في إدارة الدين العام، خاصة أن أغلب الاستدانة الأمريكية مرتبطة بسندات طويلة الأجل.
برامج الضمان الاجتماعي والتقاعد تحت الضغط
تشير التقارير إلى أن برامج الرعاية الصحية والتقاعد ستشكل ضغطًا طويل الأجل على الميزانية الفيدرالية.
ويُتوقع أن تصل الفجوة بين النفقات والإيرادات إلى نحو 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية السنة المالية 2025، ما يعني أن هذه البرامج قد تصبح غير قابلة للاستدامة دون إصلاحات هيكلية.
خيارات محدودة أمام وزارة الخزانة
بعد تعليق العمل بسقف الدين في يناير 2025، بدأت وزارة الخزانة باستخدام 'إجراءات استثنائية' للحفاظ على قدرتها في الوفاء بالالتزامات المالية.
وقدّرت تقارير الميزانية أن هذه القدرة ستستمر حتى منتصف سبتمبر 2025، قبل أن تبدأ الموارد النقدية في النفاد، ما يستدعي تحركًا عاجلًا من الكونغرس.
يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار هذا الاتجاه دون ضبط للنفقات أو إصلاح ضريبي شامل قد يؤدي إلى أزمة ديون تهدد الاستقرار الاقتصادي للولايات المتحدة.
ووفقًا لمكتب الميزانية، فإن العجز المزمن والمستويات التاريخية من الدين قد يضعفان قدرة البلاد على الاستجابة للأزمات المستقبلية، سواء كانت اقتصادية أو جيوسياسية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 35 دقائق
- نافذة على العالم
إقتصاد : النفط ينهي تعاملات الخميس على تراجع ترقباً لاجتماع "أوبك+"
الجمعة 4 يوليو 2025 01:00 صباحاً نافذة على العالم - مباشر: تراجعت أسعار النفط في الأسواق العالمية عند تسوية تعاملات اليوم الخميس، في ظل ترقب المستثمرين اجتماع الدول الثماني الأعضاء في "أوبك+". وانخفضت العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي بنسبة 0.4%، بما يعادل 31 سنتاً، عند مستوى 68.80 دولار للبرميل. وهبطت العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأمريكي بنسبة 0.7%، بما يعادل 45 سنتاً، إلى 67 دولار للبرميل. ويأتي ذلك مع انحسار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط واحتمال زيادة أخرى في إنتاج مجموعة أوبك+ خلال أغسطس التوقعات بشأن الإمدادات، ولكن في ضوء اضطراب المشهد التجاري مع قرب انتهاء مهلة التفاوض مع الدول التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 9 يوليو. ومن المقرر أن تجتمع أوبك+ في السادس من يوليو تموز وستكون هذه الزيادة الشهرية الخامسة منذ أن بدأت المجموعة في تخفيف تخفيضات الإنتاج خلال أبريل الماضي. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات النواب الأمريكي يقر قانون خفض الضرائب والإنفاق ويُحيله إلى ترامب للتوقيع


نافذة على العالم
منذ 35 دقائق
- نافذة على العالم
إقتصاد : تقرير الوظائف وصعود الدولار يدفعان الذهب للتراجع في ختام تعاملات الخميس
الجمعة 4 يوليو 2025 01:00 صباحاً نافذة على العالم - مباشر: تراجعت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات اليوم الخميس، مع إصدار تقرير الوظائف الشهري في الولايات المتحدة. وانخفض سعر العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.5%، خسائر 17 دولاراً، إلى مستوى 3342 دولاراً للأوقية. وبحلول الساعة 8:18 مساءً بتوقيت جرينتش، تراجع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.9%، إلى 3327 دولاراً للأوقية. وبحلول الساعة 8:19 مساءً بتوقيت جرينتش، ارتفع سعر الدولار أمام اليورو بنسبة 0.4% عند مستوى 1.1751 دولار، وصعدت الورقة الخضراء أمام الين الياباني بنسبة 0.9% عند مستوى 145.0200 ين، وأمام الجنيه الإسترليني بنسبة أكبر من 0.07% عند مستوى 1.3646 دولار. وأظهر تقرير الوظائف الشهري إضافة الاقتصاد الأمريكي 147 ألف وظيفة في يونيو مقابل توقعات إضافته 110 آلاف فقط. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات النفط ينهي تعاملات الخميس على تراجع ترقباً لاجتماع "أوبك+"


الدستور
منذ 44 دقائق
- الدستور
النواب الأمريكى يقر مشروع قانون شامل لخفض الضرائب والإنفاق ويحيله إلى ترامب
صوت مجلس النواب الأمريكى، الذى يسيطر عليه الجمهوريون، لصالح المضى قدما فى إجراءات سن مشروع قانون الرئيس دونالد ترامب الشامل لخفض الضرائب والإنفاق. وذكرت وكالة أنباء "أسوشيتد برس" أن الجمهوريين فى مجلس النواب دفعوا بمشروع قانون الرئيس دونالد ترامب الخاص بالتخفيضات الضريبية البالغة 4.5 تريليون دولار وتخفيضات الإنفاق إلى الموافقة النهائية فى الكونجرس يوم الخميس، متغلبين على انتكاسات متعددة للموافقة على حزمة سياسته الرئيسية فى ولايته الثانية قبل الموعد النهائى فى الرابع من يوليو. وجاء التصويت المتقارب بموافقة 218 صوتا مقابل رفض 214 بتكلفة سياسية محتملة باهظة، حيث انضم جمهوريان إلى الديمقراطيين المعارضين. وعمل قادة الحزب الجمهورى طوال الليل وضغط الرئيس نفسه على عدد قليل من المتشككين للتخلى عن معارضتهم وإرسال مشروع القانون إليه ليوقعه ليصبح قانونًا. وأخر زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز من نيويورك التصويت من خلال احتفاظه بالكلمة لأكثر من ثمانى ساعات بخطاب حطم الرقم القياسى ضد مشروع القانون. وقال رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الجمهورى من لويزيانا: "لدينا عمل كبير لإنجازه. بمشروع قانون واحد كبير وجميل سنجعل هذا البلد أقوى وأكثر أمانًا وازدهارًا من أى وقت مضى".