
تقرير أحداث الساحل السوري: إقرار بالجرائم وإفلات من المحاسبة
وتزامن صدور التقرير أيضاً مع تغيّر المزاج التشريعي في الكونغرس الأميركي، الذي بات ميّالاً أكثر إلى التدرج في رفع العقوبات، خلافاً لتعهدات الرئيس دونالد ترامب. كما تعثّر مسار التقارب بين دمشق وتل أبيب، بعد سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت مبنى هيئة الأركان وقصر الشعب في دمشق.
ورأى الكاتب والناشط السياسي عمر منيب إدلبي أن الإعلان عن ملخّص نتائج تقرير لجنة التحقيق يشكّل "نقطة فارقة في تعاطي الدولة السورية مع مسؤوليتها تجاه أخطائها"، مشيداً، في منشور على "فايسبوك"، بحرية الإعلام في طرح الأسئلة دون قيود، وباللغة القانونية الموضوعية التي صيغ بها التقرير، إضافة إلى تحميله مؤسسات الدولة مسؤولية الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها عناصر عسكرية وأمنية تابعة لها ضد المدنيين.
ونوّه إدلبي إلى أهمية التوصيات التي تضمّنها التقرير، والتي اعتبرها ضرورية لمنع تكرار مثل هذه المجازر وضبط سلوك أجهزة الدولة، ومنع إفلات عناصرها وغيرهم من المجرمين من العقاب. وشدّد على أنه ليس من صلاحية اللجنة أو أي لجنة مماثلة الإعلان عن أسماء المشتبه بهم في ارتكاب الجرائم، حفاظاً على سرية التحقيق وسمعة الأفراد، مؤكداً أن توجيه الاتهامات الرسمية من اختصاص النيابة العامة فقط.
من جهته، علّق أحمد بنشمسي، مدير التواصل في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، على التقرير بالقول: "نحن لا نحكم على النوايا بل على النتائج. وأعمال اللجنة تمثل اعترافاً رسمياً نادراً – والحق يُقال – بحجم العنف ووقوع انتهاكات، بما في ذلك تلك التي ارتكبتها جهات حكومية، وهذا وحده يميّز اللجنة عن العديد من اللجان السابقة التي أجرت تحقيقات مماثلة في سوريا".
وأضاف بنشمسي أن اللجنة عقدت بالفعل اجتماعات مع منظمات شريكة، منها "هيومن رايتس ووتش"، لكنّها فشلت في التعامل مع الديناميكيات المؤسساتية التي سمحت بوقوع هذه الفظائع، معتبراً أن "مساءلة الأفراد ضرورية لكنها غير كافية"، مؤكداً أن "ما غاب عن التقرير هو الاعتراف بالهيكل الأمني الأوسع الذي سهّل ارتكاب الانتهاكات في أكثر من 30 موقعاً في اللاذقية وطرطوس وحماة وغيرها".
من جانبه، يقول أستاذ القانون الدستوري الدكتور سام دلا، في حديث إلى "النهار"، إن "مضمون التقرير جاء سياسياً بامتياز، بل تجاوز في بعض خلاصاته السردية الرسمية للسلطة"، مشيراً إلى أن إحدى الخلاصات زعمت أن "هدف الفلول كان إقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وتنفيذ من مجموعات مدرّبة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية"، دون أن تقدّم اللجنة أي دليل ملموس يدعم هذا الادعاء.
ويرى دلا أن التقرير يهدف إلى تبرئة القيادات العليا من المسؤولية، وإلقائها فقط على العناصر الميدانية، وذلك لتجنّب تطبيق القانون الجنائي الدولي، خصوصاً المادة 28 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تنص على مسؤولية القادة العسكريين عن الجرائم التي ترتكبها القوات الخاضعة لإمرتهم، في حال لم يتخذوا إجراءات فعالة لمنع وقوع الجرائم أو لم يحاسبوا مرتكبيها.
ويوضح دلا أن هذه المسؤولية "لا تتطلب إثبات صدور أوامر مباشرة، بل يكفي أن يكون القائد على علم، أو من المفترض أن يكون على علم، بما يجري، استناداً إلى موقعه وسلطته والظروف المحيطة. وفي حالة مجازر الساحل، يصعب القبول بزعم اللجنة أن القادة لم يكونوا على علم، أو أنهم لم يصدروا أوامر، خصوصاً أن الأحداث استمرت لأيام، ووثقتها عشرات المقاطع المصورة، ظهر فيها عناصر عسكرية بلباسهم الرسمي يشاركون في أعمال قتل وتنكيل". ويضيف أن بعض هؤلاء العناصر ظهروا لاحقاً في حملات أمنية في مناطق أخرى، مثل مدينة السويداء، ما يدل على أنهم "لم يُحاسبوا أو يُخضعوا لأي تحقيق"، بل ظلوا جزءاً من التشكيلات الأمنية الفاعلة.
ويختم دلا بالقول: "من الواضح أن التقرير لا يؤسّس للمساءلة، بل لسياسة الإفلات من العقاب".
المصدر: "دمشق – "النهار""

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأخبار كندا
منذ 5 ساعات
- الأخبار كندا
الموفد الرئاسي الأميركي الدكتور مسعد بولس في جولة دبلوماسية تشمل باريس والجزائر لتعزيز الشراكات والسلام الإقليمي
في إطار مهمة دبلوماسية موسّعة، يواصل كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، الدكتور مسعد بولس، جولته في شمال إفريقيا، التي تشمل فرنسا والجزائر، بهدف تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق الجهود الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار. استهلّ الدكتور بولس زيارته في باريس، حيث التقى وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو، وجرى خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون بين واشنطن وباريس في القضايا ذات الطابع الإقليمي، خصوصًا في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، مع التأكيد على أهمية الشراكة الأميركية–الفرنسية في دعم السلام والازدهار. كما التقى بولس بالسفير الأميركي في فرنسا، أمبرووز كوشنر، وزوجته سريل، ونشر تغريدة على منصة 'إكس' قال فيها: 'سُررت بلقاء صديقي السفير كوشنر وزوجته سريل خلال زيارتي إلى فرنسا وشمال إفريقيا. أنا ممتنّ لقيادته في دعم العلاقات الأميركية–الفرنسية، وهي شراكة محورية في سعينا المشترك لتعزيز السلام والازدهار.' وفي محطته التالية، وصل الموفد الرئاسي الأميركي مساء اليوم إلى الجزائر، حيث من المقرر أن يجري لقاءات رفيعة المستوى مع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية أحمد عطاف، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، لبحث آفاق التعاون الثنائي، خاصة في المجالات التجارية والاستراتيجية، إضافة إلى تطورات الأوضاع الإقليمية. بُعيد وصوله إلى العاصمة الجزائرية، رحّبت السفيرة الأميركية لدى الجزائر، إليزابيث مور أوبين، بالزيارة، مغرّدة عبر منصة 'إكس': 'سُعدنا باستقبال كبير المستشارين الرئاسيين مسعد بولس في الجزائر لإجراء مناقشات استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأولويات المشتركة بين بلدينا.' وتكتسب جولة الدكتور بولس أهمية خاصة في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، سواء على مستوى أمن الحدود، أو في ملفات الهجرة، والتبادل التجاري، ومكافحة الإرهاب. كما تعكس حرص الإدارة الأميركية الحالية على تكثيف حضورها السياسي والدبلوماسي في شمال إفريقيا، ودفع مسار الاستقرار والتنمية عبر الشراكات الفاعلة. المصدر: "twitter X ,موقع الأخبار كندا"


الأخبار كندا
منذ 5 ساعات
- الأخبار كندا
ترامب يتعهد بكشف مصير 100 مليون دولار مفقودة من مساعدات إطفاء حرائق باسيفيك باليسادس
أعلن الرئيس دونالد ترامب عزمه التحقيق في مصير 100 مليون دولار من أموال المساعدات المخصصة لإطفاء حرائق باسيفيك باليسادس، والتي اختفت في ظروف غامضة. وفي تصريح صحفي، وصف ترامب الوضع بـ'الفظيع'، مؤكداً أنه أحال القضية إلى النائب العام، مشيراً إلى أن السلطات ستتخذ إجراءات صارمة. وألقى ترامب باللوم على حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم، معتبراً إياه المسؤول عن هذا 'الكارثة'. وفي منشور على منصة 'تروث سوشال'، كتب ترامب بحروف كبيرة: 'مساعدات الحرائق كارثة تامة. يبدو أنها عملية احتيال أخرى مستوحاة من الديمقراطيين. 100 مليون دولار مفقودة.' وأشار ترامب إلى أن نيوسوم وزوجته أسسا منظمة غير حكومية جديدة فور وقوع الكارثة، تلقت جزءاً من أموال المساعدات. في المقابل، أعرب سكان المنطقة الذين فقدوا ممتلكاتهم جراء الحرائق عن استيائهم الشديد، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أي دعم مالي حتى الآن. يُذكر أن هذه الاتهامات تأتي في سياق توترات سياسية متصاعدة، حيث يطالب المتضررون بمحاسبة المسؤولين وتوضيح مصير الأموال المفقودة المصدر: "X twittter@


الأخبار كندا
منذ 13 ساعات
- الأخبار كندا
ترامب يثبت نجاح استراتيجيته في فرض التعريفات الجمركية مع اقتراب الموعد النهائي لـ 1 أغسطس
وسط كل التحذيرات المبالغ فيها حول انهيار الاقتصاد بسبب تعريفات الرئيس دونالد ترامب الجمركية، يبدو أن استراتيجيته قد تبدأ في إثبات فعاليتها، وذلك مع اقتراب الموعد النهائي المحدد في 1 أغسطس.خلال الأسبوع الماضي، تمكنت فرق ترامب من التوصل إلى اتفاقيات مع اليابان وإندونيسيا والفلبين، وقد تكون على وشك التوقيع على صفقة مع الاتحاد الأوروبي، حيث أشار الرئيس يوم الجمعة إلى وجود فرصة بنسبة50-50 للوصول إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. العديد من الدول في تهدئة الأسواق وتعزيز الثقة والاستقرار في المجتمع التجاري.أما بالنسبة لتوقعات التضخم، فلم تتحقق بعد: جاء مؤشر أسعار المستهلك في يونيو عند مستوى معقول يبلغ 2.7%، وتذكر أنه وصل إلى 9% خلال إدارة جو بايدن.يرجع ذلك جزئيًا إلى أن الشركات، التي لا تزال غير متأكدة مما إذا كانت التعريفات العالية ستستمر بشكل دائم وقلقة من رفع الأسعار، قد امتصت معظم تكاليف التعريفات حتى الآن. ..أخبار أفضل: جلب التعريفات الجمركية إيرادات بلغت 64 مليار دولار للحكومة خلال الثلاثة أشهر الأولى منذ إعلان ترامب في 2 أبريل "يوم التحرير". وقد اقترح إصدار "استردادات" بناءً على هذه الإيرادات، لكن من الأفضل استخدام هذه الإيرادات الجديدة لتسديد الدين الوطني المتصاعد.مع ذلك، لا يزال هناك الكثير للقيام به: تحتاج فرق ترامب إلى إتمام الاتفاقيات مع كندا والهند والمكسيك، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأصغر، قبل أن تدخل التعريفات المتبادلة الشاملة حيز التنفيذ في 1 أغسطس.لذا، لا تزال توجد قدر كبير من عدم اليقين. لكن الإشارات تبدو إيجابية حتى الآن، رغم جميع التوقعات القاتمة. المصدر: "NEW YORK POST"