
ترامب لاتفاق نووي مع إيران: «أفضل من اتفاق أوباما»
فريق التفاوض التابع لباراك أوباما كان ينبغي عليه ببساطة أن ينهض من على الطاولة ويغادر غاضباً، بحسب ترامب. الإيرانيّون كانوا سيَعودون متوسّلين. وأوضح ترامب لمراسلَي «نيويورك تايمز»: «كان من الممكن أن يكون الاتفاق أفضل بكثير لو أنّهم انسحبوا مرّتَين فقط. لقد تفاوضوا بشكل سيّئ للغاية».
الآن، في وقت باتت إيران فيه أقرب بكثير إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي ممّا كانت عليه عندما تمّ التفاوض على الاتفاق الأخير - جزئياً بسبب تمزيق ترامب الاتفاق في عام 2018 - أتيحت له الفرصة لإظهار كيف كان ينبغي أن يتمّ الأمر.
حتى الآن، يبدو أنّ الفجوة بين الطرفَين شاسعة. يبدو أنّ الإيرانيِّين يسعون إلى نسخة محدّثة من الاتفاق الذي أُبرِم في عهد أوباما، الذي حدّ من مخزونات إيران من المواد النووية. في المقابل، يُريد الأميركيّون تفكيك بنية تحتية هائلة لتخصيب الوقود النووي، بالإضافة إلى برنامج الصواريخ الإيراني ودعم طهران المستمر لـ»حماس» و»حزب الله» وقوات أخرى بالوكالة.
ما ينقص هو الوقت. رأت السيناتورة جين شاهين من نيوهامبشير، وهي أعلى ديمقراطية في لجنة العلاقات الخارجية، ووصفت قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بأنّه «خطأ جسيم»: «من الضروري أن نتوصّل إلى اتفاق بسرعة. برنامج إيران النووي يتقدّم كل يوم، ومع اقتراب انتهاء صلاحية آلية العقوبات الفورية، فإنّنا نخاطر بفقدان أحد أهم أوراق الضغط لدينا».
تسمح العقوبات الفورية بإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بسرعة. ومن المقرّر أن تنتهي صلاحيّتها في 18 تشرين الأول.
الضغط الآن على ترامب لإبرام اتفاق أشدّ صرامة بكثير تجاه إيران، مقارنة بما اتُفِق عليه خلال إدارة أوباما، سيكون المعيار الذي يُقاس به ما إذا كان ترامب قد حقّق أهدافه أم لا. وكوسيلة للضغط، فإنّ إدارته تُهدِّد بإمكانية توجيه ضربات عسكرية إذا لم تسِر المحادثات بشكل جيد، على رغم من أنّ ذلك يترك الغموض قائماً حول ما إذا كانت الولايات المتحدة أو إسرائيل أو قوة مشتركة ستنفّذ تلك الضربات.
وعدت كارولين ليفيت، المتحدّثة باسم البيت الأبيض، بأنّ «الثمن سيكون باهظاً» إذا لم يتفاوض الإيرانيّون مع ترامب.
وأوضح السيناتور جيم ريش، الجمهوري من ولاية أيداهو ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، مشيراً إلى وزير الخارجية جون كيري الذي قاد المفاوضات الأميركية: «سيُفاجَأ الإيرانيّون عندما يكتشفون أنّهم لا يتعاملون مع باراك أوباما أو جون كيري. هذه لعبة مختلفة تماماً».
تبدأ المفاوضات السبت، ويقود الفريق الأميركي ستيف ويتكوف، صديق الرئيس وزميله في مجال التطوير العقاري في نيويورك. ويتكوف، الذي يتولّى أيضاً المفاوضات المتعلقة بغزة وأوكرانيا، ليس لديه أي خلفية معروفة في تكنولوجيا تخصيب الوقود النووي المعقّدة، أو في المراحل العديدة لصناعة القنبلة النووية.
أول سؤال سيواجهه هو نطاق المفاوضات. فالاتفاق الذي أُبرم في عهد أوباما تناول البرنامج النووي فقط. ولم يتطرّق إلى برنامج الصواريخ الإيراني، الذي كان خاضعاً لقيود منفصلة من الأمم المتحدة تجاهلتها طهران، أو إلى دعمها للإرهاب.
وأكّد مايكل والتز، مستشار الأمن القومي، أنّ أي اتفاق جديد مع إدارة ترامب يجب أن يتناول كل هذه القضايا، وأنّ على إيران تفكيك منشآتها النووية الضخمة بالكامل، وليس مجرّد إبقائها في وضع التشغيل البطيء كما كان الحال في اتفاق عام 2015.
وتحدّث والتز عن «تفكيك كامل»، وهو وضع من شأنه أن يترك إيران بلا دفاع تقريباً: لا صواريخ، لا قوات بالوكالة، ولا طريق نحو القنبلة.
وأكّد ترامب يوم الاثنين إنّ المحادثات مع إيران ستكون «مباشرة». لكنّ الإيرانيِّين لديهم رواية مختلفة حتى الآن: عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، نشر مقالاً في صحيفة «واشنطن بوست» الثلاثاء، أكّد فيه أنّ بلاده «مستعدة لمفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة»، وأنّ على الولايات المتحدة أولاً أن تتعهّد بإزالة الخيار العسكري من على الطاولة.
بيئة التفاوض هذه المرّة تحمل رهانات أعلى ممّا كانت عليه في عهد أوباما. فقد تقدّم البرنامج النووي الإيراني منذ أن تخلّى ترامب عن الاتفاق السابق؛ واليوم تُنتِج إيران اليورانيوم بنسبة تخصيب تبلغ 60%، أي أقل بقليل من درجة تصنيع القنبلة. وقد خَلُصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أنّ إيران تدرس اتباع نهج أسرع، وإن كان أكثر بدائية، لتطوير سلاح نووي، ممّا سيستغرق أشهراً فقط، بدلاً من سنة أو سنتَين، إذا قرّرت القيادة السعي وراء القنبلة.
لكن من نواحٍ أخرى، فإنّ موقف إيران التفاوضي أضعف. فقد دمّرت إسرائيل في تشرين الأول تقريباً كل الدفاعات الجوية الإيرانية التي تحمي منشآتها النووية. كما أنّ وكيلَي إيران الإقليميَّين، «حزب الله» و»حماس»، أُضعفا بشكل كبير ولا يملكان القدرة على تهديد إسرائيل بالردّ في حال تعرّضت المنشآت الإيرانية إلى هجوم.
هناك عوامل أخرى مؤثرة. يمكن لإيران أن تستخدم علاقتها مع روسيا كورقة ضغط، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة التفاوض لإنهاء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكّد دينيس جيت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة ولاية بنسلفانيا ومؤلف كتاب عن الاتفاق النووي مع إيران، أنّه من غير المرجّح أن يُزيل ترامب خيار الضربات العسكرية من على الطاولة، ممّا يجعل احتمال نجاح المفاوضات ضئيلاً: «أعتقد أنّ المحادثات ستكون قصيرة العمر وغير مثمرة»، مضيفاً أنّ ويتكوف «رجل عقارات من نيويورك، ويبدو أنّه يعتقد أنّ الدبلوماسية مجرّد عقد صفقة. تتفاوض ذهاباً وإياباً ثم توقّع الاتفاق. الأمر ليس بهذه البساطة».
ويعتقد كريم سجادبور، المحلّل السياسي الإيراني الأميركي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أنّ هناك خطراً من أن يكون فريق التفاوض التابع لترامب خارج مجال خبرته: «أنت لا تتفاوض على سعر نهائي أو صفقة كبرى، بل على قضايا تقنية عالية الدقّة مثل مستويات تخصيب اليورانيوم، ومواصفات أجهزة الطرد المركزي، ونظم التفتيش. هناك فجوة هائلة بين القول إنّ إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً، وبين القول إنّ برنامجها النووي يجب أن يُفكّك كلياً مثلما حدث مع ليبيا. هناك خطر من أن يُهزم الجانب الأميركي في المفاوضات، لأنّه يفتقر حالياً إلى الخبرة الواضحة والرؤية النهائية المحدّدة، بينما يمتلك الجانب الإيراني كلَيهما».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ 9 دقائق
- MTV
لافتة "ضخمة" تُثير جدلاً
أثارت لافتة ضخمة مثبة على مبنى وزارة الزراعة الأميركية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حالة من الجدل بين الأميركيين. وقد تم تركيب اللافتة الأسبوع الماضي، إلى جانب أخرى للرئيس الأسبق أبراهام لينكولن، وذلك احتفالا بالذكرى 163 لتأسيس الوزارة، وستبقى "لبضعة أشهر مقبلة"، وفق ما ذكره مدير الاتصالات في الوزارة سيث دبليو كريستنسن لصحيفة "واشنطن بوست". وقال كريستنسن: "وزارة الزراعة لديها الكثير لتتذكره"، مشيرا إلى احتفالات يوم الذكرى، ويوم العلم، والرابع من تموز، بالإضافة إلى عيد تأسيس الوزارة. وأضاف: "اللافتات على واجهة المبنى تخلد هذه اللحظات في التاريخ الأميركي، وتُقر برؤية وقيادة مؤسس الوزارة، أبراهام لينكولن، وأفضل من دافع عن المزارعين ومربي الماشية الأميركيين، الرئيس ترامب". ويظهر الرئيسان على الحديقة التي تمتد من مبنى الكابيتول إلى نصب واشنطن التذكاري، والتي تستقطب أكثر من خمسة وعشرين مليون زيارة سنويا. تراوحت ردود الفعل تجاه المشهد الجديد بين الحيرة والاشمئزاز والإعجاب، خارج مبنى وزارة الزراعة. وعلّق البيت الأبيض، الشهر الماضي، لوحة لترامب وهو يرفع قبضته بعد محاولة اغتياله العام الماضي خلال حملته في باتلر، بنسلفانيا، لتحل محل صورة للرئيس السابق باراك أوباما. كما وُضعت نسخة من صورة ترامب الجنائية على غلاف صحيفة "نيويورك بوست" داخل إطار ذهبي قرب المكتب البيضاوي.


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
إعادة إعمار الجنوب: فضل الله يعلن اقتراب نهاية المرحلة الأولى
قال النائب حسن فضل الله إن المرحلة الاولى من اعادة الاعمار والتي قام بها حزب الله شملت "400 ألف اسرة بين إيواء أي تأمين ايجار لمدة سنة وتأمين بدل أثاث المنزل للذين تهدمت منازلهم بشكل كامل واصلاح الأضرار من خلال دفع قيمة بدل ترميم المنازل المتضررة مهما كان مستوى الضرر". وفي تصريح لوكالة "رويتر"، أوضح فضل الله أنَّ "المرحلة الأولى من إعادة الأعمار أصبحت تشارف على نهايتها رغم محاولات العرقلة من جهات خارجية وأيضا أحيانا من خلال بعض الإجراءات الداخلية، وهذه العرقلة هي لمنع وصول الأموال إلى المتضررين لأن هذا المال الذي سيصل إلى لبنان هو للناس والذين يحاولون تعطيل وصول هذا المال انما هم يمنعونه عن مواطنين لبنانيين تضررت منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي". وأشار إلى أن "ملف إعادة الاعمار هو بالأساس من مسؤولية الحكومة اللبنانية وعليها تأمين الأموال اللازمة لتدفع إلى المتضررين، ولكن الحكومة الحالية لم تجر أي تحركات فعالة في هذا السياق". وقال: "لا يمكن للدولة أن تبنى وأن تنجح وأن تستقر في الوقت الذي تترك مئات الآلاف من الشعب اللبناني يعانون جراء استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات الإسرائيلية وعدم إعادة الإعمار، نحن نتحدث عن عشرات آلاف البيوت المهدمة يسكنها مئات آلاف اللبنانيين، هؤلاء إذا بقوا خارج بيوتهم وإذا شعروا أن الدولة تخلت عنهم فلا يمكن لهذه الدولة حينها أن تستقر، هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يتألم؟ هذا لا يستقيم".


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
ترامب و 'حافة الهاوية'
استمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبعد عودته إلى البيت الأبيض في العام 2025 بإطلاق شعاراته الرنانة المعروفة: 'أمريكا اولاً' و' استعادة هيبة امريكا'. ومن ولايته الأولى وحتى الآن لم يتمكن من ترجمة هذه الشعارات على أرض الواقع ولم تسعفه التصريحات الخارجة عن المألوف ولا التحركات الاستفزازية لحلفائه قبل اعدائه، حيث تراجعت إدارته عن العديد من القرارات الدولية البارزة خوفاً من الضغوط الخارجية واحياناً لحسابات داخلية. من الممكن تفسير هذه التراجعات على أنها مؤشر على سياسة تاجر يرفع سقفه عالياً ليعود ويتنازل رويداً رويداً لتخفيف الكلفة. أما أبرز هذه التراجعات حتى تاريخ كتابة هذا المقال فهي على الشكل التالي. اليمن التكلفة التي تركت 'اسرائيل' وحيدة أعلنت اليمن الحصار البحري على 'اسرائيل' دعماً لغزة ومطالبة بوقف الابادة الجماعية، حيث استهدفت كل السفن الاسرائيلية والسفن التي تتجه نحو الكيان أو تنطلق من الكيان في البحر الأحمر، فبادر ترامب لمحاولة حماية الكيان وحماية السفن من خلال شنّ حرب جوية بضربات يومية بدأت في شباط 2025 ولكن ما لبث أن ظهر عدم جدوى هذه الحرب وبدأت تنعكس سلباً على الرئيس الأميركي بعد تعرض حاملات طائراته إلى القصف وسقوط طائرات الـf18 ما جعل ترامب وإدارته يتراجعون عن قرارهم. وعُزي التراجع إلى وساطات عمانية ودولية، إضافة إلى القلق داخل وزارة الحرب الأمريكية من كلفة التورط الطويل وقال ترامب حينها 'لن نخوض حروبًا لا نهاية لها'، مستعيدًا شعاره من ولايته الأولى، لكنه فعليًا كان يُنهي عملية عسكرية بدأها بنفسه. إيران: من التهديد بالقصف إلى المفاوضات على الطاولة بدأ ترامب ولايته الثانية بتهديد مباشر لايران وبنبرة عالية مستخدماً مصطلح ' الرد الساحق' في حال استمرت ايران بدعم حلفائها في اليمن وفلسطين ولبنان والعراق حتى وصل إلى إمكانية تنفيذ ضربة عسكرية بعد تعرضه لضربات في اربيل وفي البحر الأحمر. ولكن خلف هذا الضجيج كانت قنوات التفاوض تحت الطاولة مستمرة بوساطة اوروبية وعمانية وبعد أن انتشى نتنياهو بدنو الضربة العسكرية للقدرات النووية الايرانية، استدعاه ترامب الى البيت الأبيض ليعلن بأن باب التفاوض مع ايران قد فتح ولتعلن الخارجية الأمريكية بشكل مفاجئ قبولها 'الجلوس مع الإيرانيين دون شروط مسبقة، لمناقشة برنامجهم النووي وسلوكهم الإقليمي'، حسب تعبير الخارجية. هذا التراجع لم يكن مفاجئاً، بل صار امراً واقعاً حيث بدأ ترامب بالمفاوضات مع تعليق بعض العقوبات الثانوية. الخطوة أثارت امتعاض اللوبيات المتشددة، إلا أن ترامب بررها بـ'إعطاء السلام فرصة أخيرة'، ما عُدّ تراجعًا صريحًا عن سياسة المواجهة التي لوّح بها في حملته الانتخابية، واعترافًا عمليًا بقوة الواقع الإقليمي وتشابك المصالح في الخليج. نتنياهو خارج المعادلة كان صادما بالنسبة لنتنياهو خروج الأسير الاسرائيلي ادن الكسندر واطلاق سراحه من قبل حركة حماس بعد اسابيع من المفاوضات الغير المباشرة بينها وبين ادارة ترامب، ومن دون علم نتنياهو ولا مشاركته، ما أظهره ضعيفاً مقابل قوة الادارة الأميركية التي اعتبرت رغم خطابها المتشدد أنها مستعدة للتراجع حين تتطلب المصلحة ذلك ولو حساب الحلفاء المقربين أو التقليديين. كما اظهرت تراجعاً عن اللهجة العدائية التقليدية تجاه حركة حماس واعتبارها جزء أساسي من المشهد في فلسطين بعدما كانت تعتمد نهج الاقصاء اتجاهها. تايوان من المواجهة مع الصين الى التهدئة أما في ملف تايوان، فقد وصلت الأمور بترامب إلى إعلانه نيته إرسال قوات بحرية قرب تايوان، فاتحاً تواصلاً مباشراً مع الحكومة التايوانية في محاولة للقول بأنه مؤيد لمحاولات ابتعادها عن الصين. أثار ذلك غضب بكين التي ردت بتهديدات وبمناورات بحرية وجوية فوق تايوان مما أثار القلق في البورصات العالمية. حينها تفاجأت تايوان بتراجع ترامب وهدوء لهجته وأعلنت وزارة الخارجية أن 'الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان، وتؤكد تمسكها بسياسة الصين الواحدة'. لا لروسيا في مجموعة الدول السبع في بداية الـ 2025 جدد ترامب فكرته القديمة في محاولة لما اعتبره احتواء روسيا، حيث طالب بإعادتها إلى مجموعة الدول السبع الكبرى وحاول الترويج والضغط على الدول الأوروبية للقبول بفكرته ولكنه جوبه برفض حاسم من معظم هذه الدول، بسبب استمرار الحرب بين روسيا واوكرانيا. لكن تراجع ترامب عن طرحه بعد اجتماع الدول السبع في المانيا معللاً ذلك بأنه 'ربما الآن ليس الوقت المناسب'. وجاء هذا التراجع بسبب الضغوط الأوروبية المكثفة على رأسها فرنسا وكندا والمانيا. ترامب من التخلي عن زيلينسكي إلى دعم مشروط قبل توليه الرئاسة، كان ترامب واضحاً التوجه نحو التخلي عن اوكرانيا بخطاباته الانتخابية. وحين تولى الرئاسة أشار بتصريحاته إلى أنه 'ليس من مسؤولية أميركا تمويل حرب الآخرين'، ما أثار قلق كييف وحلفائها الأوروبيين، حيث بدا دونالد ترامب أقرب إلى بوتين من زيلينسكي من حيث التوجه العام والخطاب السياسي. وكان اللقاء الشهير بينه وبين زيلينسكي في البيت الأبيض هو الصورة الحقيقية عن واقع العلاقة بين الرجلين. لكن مع تصاعد الضغط من الكونغرس والبنتاغون، عاد ترامب ليعلن استمرار الدعم 'وفق شروط جديدة'، وأبرزها صفقة المعادن التي حصل عليها، رغم أن ترامب ينظر إلى بوتين باعتباره شريكًا يمكن التفاهم معه تجاريًا وأمنيًا، وليس عدواً أيديولوجيًا، آخذاً بعين الاعتبار ايضاً ميل كفة الحرب في الميدان لصالح موسكو وهو ما أخبر به القادة الأوروبيين مؤخراً، بحسب ما نقلته صحيفة 'وول ستريت جورنال' عن مصادر مطلعة، والتي قالت إن ترامب أخبر قادة أوروبيين، في اتصال هاتفي، أن 'الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس مستعداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لاعتقاده أنه في موقع المنتصر'. وقالت الصحيفة الأميركية إن الاتصال ضم كلاً من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني. وربما يشكّل هذا الاتصال، رسالة لهؤلاء من ترامب بعدم جدوى استمرار الحرب ورفع سقوف المواجهة مع روسيا، خصوصاً مع إعلان رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتّحاد يعمل على حزمة جديدة من العقوبات لزيادة الضّغط على الرئيس الرّوسي، 'إلى أن يصبح مستعدّاً للسّلام'. 'حافة الهاوية' لا زال ترامب يلعب سياسة 'حافة الهاوية' طالما أن الخطابات أقل كلفة من التطبيق، محاولاً تحقيق مطالبه برفع السقوف قبل العودة والتراجع عنها. ويكشف هذا عن نمط متكرر وسياسة تفاوضية في إدارة الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. هو الهجوم حتى تظهر العواقب، فإذا صمدت الجهة المقابلة يبدأ بالتراجع وتُظهر الأمثلة التي ذكرناها حقيقة هذه السياسة. فالصمود والثبات هو الطريقة الوحيدة لمنع ترامب من تحقيق أهدافه، إذ إن ما يطلبه ليس أمراً محسوماً بل يمكن رفضه ومواجهته حتى الوصول الى منع تحققه.