
البوصلة الترمبية صوب إيران بين الحرب والصفقة
مع وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن واستمرار دونالد ترمب في الضغط على طهران من أجل عقد مفاوضات مباشرة بالتوازي مع مضاعفة الحشد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، يدفع الرئيس الأميركي القادة الإيرانيين إلى النقطة التي يمكن أن يدركوا فيها أن البرنامج النووي لا يفشل فحسب في تحقيق أهدافه بل يعرض الأمن القومي للبلاد للخطر.
والسؤال الآن، هل تنجح التكتيكات التي يستخدمها ترمب ويصل إلى صفقة تنتهي باتفاق جديد مع إيران أم أن جهوده وضغوطه المتواصلة لن تجدي نفعاً ولن يكون أمامه سوى خيار واحد فقط وهو الحرب؟
ضغوط عسكرية
على مدى الأيام الأخيرة استعرض دونالد ترمب القوة العسكرية الأميركية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط، سواء عبر الضربات الجوية والبحرية المستمرة ضد الحوثيين في اليمن التي تحمل رسالة واضحة لإيران، أو من خلال تعزيز القوة الاستراتيجية الضاربة بإرسال ست من القاذفات الشبحية المتطورة "بي 2" إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي (أميركا تمتلك 20 طائرة فقط من هذا النوع).
كذلك عززت الولايات المتحدة دفاعاتها الجوية بإرسال بطاريتين من طراز "باتريوت" وأخرى من نوع "ثاد" تحسباً لضربات انتقامية إيرانية حال اندلاع الحرب، تزامناً مع إرسال البنتاغون حاملة الطائرات "كارل فينسون" لتنضم إلى حاملة الطائرات "هاري ترومان" التي تستخدم حالياً كقاعدة انطلاق رئيسة في ضرب الحوثيين، مما يشير إلى أن واشنطن تضع الخيار العسكري في المقدمة للضغط على إيران كي تتراجع عن موقفها برفض المفاوضات المباشرة مع الأميركيين تحت تهديد القوة العسكرية.
ووسط هذا الحشد العسكري يلتقي ترمب مع بنيامين نتنياهو لبحث أفضل سبل التعامل مع إيران، التي يبذل فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي جهوداً مضاعفة لحث ترمب على عدم تضييع الوقت في التفاوض مع الإيرانيين وتسريع جهود توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.
خلاف استراتيجي
منذ تنصيب ترمب في يناير (كانون الثاني) الماضي تزايدت الخلافات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول التعامل مع إيران، إذ أعرب الرئيس عن نفوره من العمل العسكري في بداية خطاب تنصيبه، قائلاً إنه يريد قياس النجاح بالحروب التي لا تخوضها أميركا أبداً وهو ما يفسر تفضيل ترمب الآن الحل الدبلوماسي لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية، الذي انعكس في رسالته الأخيرة التي عرض فيها المفاوضات على المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي.
في المقابل يفضل النهج الإسرائيلي العمل العسكري الوقائي، إذ ذكرت تقارير أن نتنياهو أصدر تعليمات للجيش بالاستعداد لضرب إيران بحلول منتصف عام 2025، وأظهرت أفعال إسرائيل السابقة دعمها الضربات الجوية الاستباقية (العراق 1981، سوريا 2007، وإيران 2024)، فضلاً عن قيادة إسرائيل حملات التخريب السرية ضد إيران خلال يوليو (تموز) 2020، وأبريل (نيسان) 2021، ومايو (أيار) 2022.
وتثير هذه الاختلافات الواضحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تساؤلات جوهرية لصانعي السياسات الأميركيين حول ما إذا كانت هذه الإشارات المتباينة ستعوق التوافق الاستراتيجي والثقة، بل وحتى التنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل في شأن إيران.
خيارات إسرائيل المفضلة
تنظر إسرائيل إلى البرنامج النووي الإيراني كتهديد وجودي، مما أدى إلى استراتيجية متعددة الجوانب لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية، بما في ذلك العمل العسكري والعمليات السرية. وعلى سبيل المثال يؤكد ما يسمى "مبدأ مناحيم بيغن" الذي أُرسي بعد ضرب المفاعل النووي العراقي أوزيراك عام 1981، التزام إسرائيل تحييد التهديدات النووية المحتملة في الشرق الأوسط بشكل استباقي.
ومع تطوير إيران قدراتها النووية في الأشهر الأخيرة، استغل نتنياهو تغير الأجواء في إسرائيل بعد هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ليكثف الإجراءات الوقائية، ويشن في الـ26 من أكتوبر 2024 غارة جوية ألحقت أضراراً بالغة بالدفاعات الجوية الإيرانية، ودمرت أحدث الدفاعات الروسية لديها من بطاريات "أس 300"، وبعد الهجوم أظهرت إسرائيل استعدادها لاستخدام القوة مجدداً عند الضرورة.
تاريخياً ظلت إسرائيل متشككة في الحلول الدبلوماسية مثل خطة العمل الشاملة المشتركة التي توصل إليها عام 2025 وعرفت باسم الاتفاق النووي الإيراني، فقد كانت تعتقد أن بند انقضاء موعد المعاهدة سيسمح بانتهاء قيود رئيسة ستقيد وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت النووية الإيرانية، وأن السماح بتخصيب اليورانيوم سيشكل سابقة خطرة في شأنها تشجيع الانتشار النووي في المنطقة، ولهذا اعتبر نتنياهو الاتفاق النووي والنهج الدبلوماسي "خطأ تاريخياً"، مما أدى إلى خلاف مرير مع إدارة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما توترت معه العلاقات الأميركية - الإسرائيلية.
ولم تتغير آراء نتنياهو في شأن الدبلوماسية مع إيران كثيراً منذ ذلك الحين، بل أكد نفوره من الترتيبات التي لا تفكك البنية التحتية النووية الإيرانية ولا توقف برنامجها النووي، وهو ما يفسر رغبة إسرائيل في دفع إدارة ترمب إلى إجراءات أكثر حزماً، بما في ذلك الخيارات العسكرية، بخاصة أن توجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الإيرانية المحصنة تحت الجبال والمتفرقة عبر الأراضي الإيرانية الواسعة يتطلب هجمات مستمرة، وهو أمر يمكن لإسرائيل تنفيذه منفردة، إذ يتطلب تدخلاً أميركياً ليكون فعالاً، لا سيما في ظل الحاجة إلى مواجهة أي رد انتقامي إيراني.
احتمالات المواجهة
لا يبدو أن مبيعات الأسلحة الأميركية الأخيرة لإسرائيل تتوافق دائماً مع تفضيل الرئيس ترمب الدبلوماسية مع إيران، فقد سمح في أحد أوامره التنفيذية الأولى بشحنات قنابل (أم كيه 84) الخارقة للتحصينات لإسرائيل التي تزن 20 ألف رطل، بعدما حجبتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن بسبب مخاوف من استخدامها المحتمل في رفح بقطاع غزة.
وفي حين تفتقر هذه القنابل إلى القدرة على اختراق مواقع مدفونة أو محصنة على عمق كبير، مثل منشأتي فوردو أو نطنز، يمكن استخدامها في حملة جوية مشتركة لاستهداف منشآت فوق الأرض أو محصنة بصورة أقل مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني (مثل أجهزة الطرد المركزي، أو إنتاج مكونات الصواريخ الباليستية، أو مواقع الأبحاث).
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع نشر الولايات المتحدة ست قاذفات استراتيجية في الأقل من طراز "بي 2" الشبحية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، ثارت تساؤلات حول احتمالات مواجهة الولايات المتحدة لإيران، إذ إن تزويد هذه الطائرات بقنابل اختراق الذخائر الضخمة من طراز (جي بي يو 57) يجعلها قادرة على تدمير مواقع نووية محصنة بشدة في ضربات متتالية متعددة.
وإذا ما أُخذت هذه العمليات لنقل الأسلحة ونشر القاذفات والضربات الأخيرة في الاعتبار، فإنها تمثل جزئياً موقفاً استراتيجياً يهدف إلى الضغط على إيران للدخول في مفاوضات نووية قبل انقضاء مهلة الشهرين التي حددها الرئيس ترمب في السابع من مارس (آذار) الماضي.
الغموض الاستراتيجي
بتعزيز صدقية استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة، وفي الوقت نفسه إظهار درجة من التسامح مع ضربة إسرائيلية دقيقة على البرنامج النووي الإيراني، يبدو أن الإدارة الأميركية تستغل خطر التصعيد كورقة مساومة كما تقول كبيرة الباحثين في مشروع القضايا النووية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، دورين هورشيغ.
ونظراً إلى أن أسلوب ترمب التفاوضي غالباً ما يركز على الغموض الاستراتيجي، وعدم القدرة على التنبؤ، والمطالب المبالغ فيها، فمن المرجح أنه ينظر إلى الموقف العسكري الأكثر حزماً على أنه مصدر ضغط لا تناقض، ويتجلى هذا المنظور بوضوح في تهديداته الأخيرة التي قال فيها "إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق فسيكون هناك قصف لم يروا مثله من قبل".
ومع ذلك لا يزال ترمب راغباً في استنفاد جميع السبل الدبلوماسية قبل اللجوء للخيار العسكري، إذ يبدو أنه يميل إلى دفع الإيرانيين إلى نقطة يدرك فيها النظام أنه لا يفشل في تحقيق أهدافه فحسب، بل يعرض الأمن القومي الإيراني للخطر، ولهذا منح ترمب الإيرانيين مهلة شهرين لمنح ضغوطه صدقية أكثر، وإجبار طهران على التعامل مع تهديداته على محمل الجد.
هل ينجح نتنياهو؟
يحاول بنيامين نتنياهو تبرير الإجراءات الوقائية الهجومية، بما في ذلك الضربات العسكرية والعمليات السرية ضد إيران عبر إقناع ترمب بأن إيران حاولت قتله مثلما سعت إلى قتل الإسرائيليين، وربط وكلاء طهران مباشرة بالهجمات على كلا البلدين، والتزام إسرائيل صد دورها المزعزع للاستقرار في المنطقة وضمان عدم تطويرها سلاحاً نووياً في أي وقت، ومع ذلك لم يأخذ الرئيس الأميركي منذ بدء ولايته الثانية بنصيحة نتنياهو في شأن كيفية التعامل مع إيران كما فعل في الماضي.
عام 2018 أعرب كلاهما عن اعتراضه على خطة العمل الشاملة المشتركة بعدما تلقى ترمب معلومات استخباراتية إسرائيلية حصل عليها "الموساد" من خلال مداهمة ملفات نووية إيرانية سرية، ولهذا وثق الرئيس برأي نتنياهو بأن الانسحاب من الاتفاق هو الخيار الأفضل، بينما سعى في الوقت نفسه إلى التراجع شخصياً عنه باعتباره إنجازاً بارزاً في السياسة الخارجية لأوباما.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، كثفت إيران من تطوير عملياتها النووية، فرفعت سقف مخزونها من اليورانيوم، ووسعت قدراتها على التخصيب، واستأنفت الأنشطة في منشآتها النووية، مما دفع ترمب إلى إعادة النظر في الدبلوماسية كوسيلة ممكنة خلال ولايته الثانية، وهو ما يشير إلى تحول في الموقف المتوافق سابقاً بين أميركا وإسرائيل القائل بأن المفاوضات غير فعالة.
وبينما لم يعلق نتنياهو مباشرة على عرض ترمب إشراك إيران في محادثات دبلوماسية، فإن فريقه يضغط بنشاط على الولايات المتحدة لفرض حد زمني لحملة الضغط القصوى قبل النظر في تدابير بديلة، بما في ذلك العمل العسكري، وهو ما يشير إليه زيارة وفد بقيادة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن في أواخر مارس الماضي لمناقشة المخاوف الإسرائيلية، بالتوازي مع زيارة لإسرائيل قام بها الجنرال مايكل كوريلا قائد القيادة المركزية الأميركية لبحث الأمن الإقليمي مع رئيس الأركان الإسرائيلي.
وفي وقت يدير فيه ترمب مبادرات دبلوماسية تجاه إيران، من المرجح أن يثير ذلك تشكك إسرائيل في المفاوضات كما تشير الباحثة في مشروع القضايا النووية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، بايلي تشيف، لا سيما إذا سعت الإدارة إلى اتفاق لا يلبي المطالب الأمنية الإسرائيلية، ومع انقضاء مهلة الشهرين أمام الدبلوماسية، سيكون مدى قدرة الجانبين على تسوية خلافاتهم حاسماً في تحديد ما إذا كان النهج الأميركي سيميل في النهاية نحو الانتظام الدبلوماسي أم التصعيد العسكري.
نهج ترمب
اتسمت سياسة ترمب تجاه إيران بالغموض، ويعزى ذلك على الأرجح إلى الانقسامات داخل حكومته وبين قاعدته الجمهورية، ورغباته المتضاربة في استعراض القوة العسكرية وفي الوقت نفسه رغبته في بناء إرث كصانع سلام، إذ ينقسم مستشارو ترمب حول كيفية التعامل مع إيران سواء من خلال توجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية أو إبرام الصفقات، وكذلك حيال نطاق الاتفاق المحتمل.
على سبيل المثال، أظهر وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز تأييدهما الدبلوماسية المدعومة بالتهديد باستخدام القوة، وأكدا أن جميع الإجراءات مطروحة دائماً، بينما عارض نائب الرئيس جي دي فانس التدخل العسكري الأميركي لمنع إيران من تجاوز العتبة النووية.
أيضاً، دعا والتز إلى تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، في حين أوضح مبعوث ترمب الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن هناك رغبة للتحقق والحصول على تهدئة المخاوف في شأن التسلح النووي، كذلك أبلغ الرئيس ترمب مساعديه أنه يريد أن يتضمن أي اتفاق مستقبلي قيوداً على دعم إيران الجماعات المسلحة الإقليمية.
وعلى رغم أن حملة الضغط القصوى الحالية قد تطمئن الجمهوريين التقليديين بأن العمل العسكري لا يزال خياراً مطروحاً، وتعالج المخاوف الإسرائيلية في شأن تأثير تخفيف العقوبات على وكلاء إيران، فإن هذا التوازن، سواءً كان متعمداً أو نتيجة لانقسام الحكومة، من غير المرجح أن يصمد، فمع انقضاء مهلة الشهرين ستكون الإدارة مجبرة على الاختيار بين التصعيد أو التفاوض أو التراجع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
خطة المليون مستوطن في الضفة الغربية
بعد أن منح الرئيس دونالد ترمب منذ توليه الرئاسة الأميركية الضوء الأخضر لبنيامين نتنياهو لتنفيذ المشاريع الاستيطانية، كانت أول مصادقة لمراضاة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومنعه من مغادرة الحكومة، مقابل موافقته على صفقة الأسرى الأخيرة ووقف النار الموقت. وفتح هذا السيناريو شهية الحكومة وسموتريتش تحديداً على تنفيذ المشاريع الاستيطانية، بل حول أحزاب الائتلاف العمليات الفلسطينية ضد المستوطنين إلى ذريعة لشرعنة الحصول على الموازنات والتهام الأرض الفلسطينية وتحويلها أوسع منطقة فيها إلى استيطان مثبت. لم يمر أسبوع واحد على مقتل المستوطنة تسالا غاز في عملية إطلاق النار على السيارة التي كانت تنقلها هي وزوجها إلى المستشفى للولادة، حتى صودق على خطة "مليون مستوطن في الضفة الغربية" ثم صادق سموتريتش على مطلب وزير الإسكان إسحاق غولدكنوبف من حزب "يهدوت هتوراة"، على 30 مليون شيكل (9 ملايين دولار)، للشروع فوراً ببناء هذه الخطة. الهدف في نهاية الخطة بناء 13 مدينة على أرض الضفة المحتلة وخمس مناطق صناعية كبرى ومستشفى إقليمي وتمديد خطوط قطار إلى وسط إسرائيل وشمالها، وتوسيع طرق بل وحتى فحص إمكانية إقامة مطار. وخلال ذلك ضمان وصول مليون و150 ألفاً و500 مستوطن ويهودي، للسكن على أرض الضفة. خطة تفرض واقعاً على الأرض، وتضع العراقيل والصعوبات أمام أي مقترح تسوية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وكشف أكثر من مسؤول إسرائيلي أن الاستعجال في المصادقة على الموازنة والشروع في تنفيذها جاء أيضاً في أعقاب الجهود الدولية للتقدم نحو تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية، بما في ذلك المؤتمر الذي سيعقد في باريس مطلع يونيو (حزيران) المقبل، تمهيداً للمؤتمر الدولي الذي سيعقبه في الأمم المتحدة وتكون فيه أكثرية دولية داعمة للدولة الفلسطينية. بحسب جهات إسرائيلية، خطة المليون مستوطن ستحدث تغييراً دراماتيكياً في الضفة، ولن يكون أمام أي مقترح للتسوية إلا وضع خريطة مستقبلية لا تتجاهله. وفي الموقع الذي نفذت فيه عملية قتل المستوطنة تسالا غاز، أقام رئيس مجلس مستوطنات الضفة يوسي دغان خيمة كرمز لإطلاق الخطة الخميس. ودعا وزير البناء والإسكان ونواب من أحزاب الائتلاف واليمين المتطرف للإعلان من هناك عن انطلاق الخطة وبصورة فورية، قائلاً "سنغير وجه المنطقة بصورة دراماتيكية". وأوضح دغان من النقطة المركزية للخطة أن "الرد على مقتل تسالا هو البناء. الإرهاب يحاول طردنا ونحن نرد بالنمو والازدهار والسيطرة على مزيد من الأرض، نبني المدن والمناطق الصناعة ونزدهر في الضفة. نضيف نوراً إلى الظلام، ونضيف حياة إلى الموت". من جهته، أوضح وزير البناء والاسكان أنه حصل على دعم مطلق من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لضمان كل ما يتطلب المشروع من موازنات وإنجازه في أسرع وقت ممكن، قائلاً "حيال القتلة الذين يريدون إبادتنا الجواب الواضح الذي لا لبس فيه هو تعزيز الاستيطان وتثبيت سيطرتنا في بلاد إسرائيل عامة، والضفة خصوصاً". وعدَّ الوزير اليميني المتطرف أن "تخطيط البلدات وتوسيعها هو مرسى أمني واقتصادي للمنطقة وبث رسالة حازمة ولا تقبل التأويل: نحن هنا كي نبقى ونتسع". متخصصون ومهنيون من الخارج الخطة التي أطلق عليها "مليون في الضفة"، وضعت قبل أقل من عامين بمشاركة متخصصين إسرائيليين ومن الخارج، بينهم مهندسون ومعماريون وجغرافيون ومستشارون لضمان تنفيذ المخطط، ومن ثم جلب المستوطنين والإسرائيليين. الخطة ستقام في منطقة يسكنها الآن 140 ألف مستوطن. المرحلة الأولى منها ستركز على توسيع مستوطنات إلى مدن كبرى، وإقامة مدن جديدة تتجاوز حدود الخط الأخضر بل ستصل إلى مناطق سبق وجرى إخلاؤها لمصلحة الفلسطينيين. في إطار إقامة 13 مدينة التي جرى التصديق على موازنتها الكاملة ستقام 180 ألف وحدة سكنية لـ"المجلس الإقليمي السامرة"، إلى جانب ذلك سيجري استئناف الاستيطان في مستوطنتي سانور وحومش اللتين أخليتا في فك الارتباط، وستقام في مركز الضفة نحو 10 آلاف وحدة سكنية، وستضاف نحو 40 ألف وحدة أخرى شمال الضفة ونحو 8 آلاف وحدة سكنية في مستوطنات ظهر الجبل. وستقام نقاط استيطانية جديدة في جبل عيبال، الذي يعده رئيس "المجلس الإقليمي السامرة"، ذي أهمية تاريخية توراتية وقومية للشعب اليهودي، على حد تعبيره. الوهم يتحول إلى واقع اليوم، وفي ظل تعزيز مكانة اليمين المتطرف وأحزاب الائتلاف في حكومة بنيامين نتنياهو، يرى أكثر من سياسي ومسؤول مطلع على الخطة ودعمها من داخل الحكومة، أن ما كان يعتقد قبل سنوات طويلة وهماً في كيفية السيطرة الواسعة على الضفة، أصبح اليوم وفي أعقاب التطورات الأخيرة منذ انطلاق حرب غزة، ومصادقة الوزارة على مختلف المشاريع الاستيطانية وبدعم أميركي، بحسب مسؤولين الإسرائيليين، "بات الوهم الذي تحدث عنه الكثر في إمكانية تنفيذ الاستيطان الواسع في الضفة إلى حقيقة سهلة التنفيذ"، يقول دغان. يضيف أحد أبرز المستوطنين الناشطين في تنفيذ هذه الخطة أفراهام شافوت أن المنطقة التي يجري الحديث عنها لتنفيذ الخطة تعد منطقة فقيرة من الناحية الاستيطانية ومنذ عام ونصف العام ونحن نعمل بالتعاون مع "المجلس الإقليمي السامرة" على إخراج الخطة إلى حيز التنفيذ، وهي خطة لمبادرة طموحة للغاية تسعى إلى تطوير حيوي في منطقة يعاني داخلها المستوطنون بسبب نقص الأراضي للبناء ومن جهة أخرى ارتفاع أسعار السكن في مركز البلاد. ويشير إلى أنه قبل المصادقة أمس الخميس على الخطة، أُجري فحص لمعطيات حول الوضع القائم "من دون علاقة بالأيديولوجيا أو السياسة"، وتبين أنه إذا تعاونت جميع هيئات التخطيط سيكون بالإمكان الوصول إلى أرقام كبيرة خلال وقت قصير. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويتابع "يدور الحديث عن منطقة تعاني خلال هذه الأيام واقعاً أمنياً بالغ التحدي، وتشمل في جزء منها مستوطنات معزولة نسبياً، ولم تنجح في النهوض والتحول إلى مستوطنات كبيرة بسبب موقعها". وفي ألون موريه على سبيل المثال، وهي المستوطنة التي بدأت لإطلاق وتوسيع وتعزيز الاستيطان في الضفة ويسكنها اليوم أقل من ألفي مستوطن فحسب، يضطرون إلى المرور عبر قرية حوارة الفلسطينية للوصول إلى بيوتهم، لذلك الخطة الحالية ستفصل هؤلاء عن أي ةمنطقة فلسطينية، وسيكون الهدف هو تحويل ألون موريه إلى مستوطنة كبيرة يسكنها 28 ألف نسمة. المخطط سيلتهم مئات الآلاف من الدونمات الفلسطينية، وتبين أن مشروع شبكة الشوارع الضخمة التي بوشر فيها أخيراً هي بداية بناء البنى التحتية لهذا المشروع الأكبر، كاشفاً عن أنه جرى استثمار مليون شيكل (270 ألف دولار) فقط لتخطيط وترسيم الخطة الاستراتيجية هذه. الخطة في المناطق الأكثر تحدياً بحسب رئيس المجلس الإقليمي دغان فإن الخطة التي يجري عرضها، ستقام على منطقة يعدها المستوطنون والإسرائيليون الأكثر تحدياً في مجمل مناطق الضفة. ويقول "بعد أعوام من تحول أجزاء مختلفة من الضفة إلى مناطق شاملة للمستوطنين، ما زالت هناك مستوطنات تشكل تحدياً كبيراً بينها مستوطنات 'ظهر الجبل'"، ومستوطنات "ظهر الجبل" هي سلسلة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وتقع على قمم جبال الضفة. ودغان على ثقة بل يراهن على أنه في "اللحظة التي تبدأ فيها موجة استيطان وتشق الطرق وتبنى السكك الحديد، سيأتي الناس من كل مناطق إسرائيل للسكن وبشروط وأسعار مشجعة". ورداً على سؤال حول خطورة المنطقة من الناحية الأمنية وإذا حقاً يمكن أن يصل إسرائيليون غير مستوطنين، قال دغان "المسألة الأمنية لم تكن أبداً عائقاً أمام الاستيطان، بل العكس. وعندما كان هناك خطر كان الناس يذهبون ليستوطنوا. من يقول إن المسألة الأمنية هي المشكلة، هم فقط أناس يبحثون عن أسباب ليعارضوا". وفي تشجيعه للسكن بعد أن عدَّ العمل في تنفيذ هذا المشروع سيجري بوتيرة عالية، قال "يمثل هذا المشروع حلاً قاطعاً لأزمة السكن، خصوصاً في مركز إسرائيل، حيث لا يمكن الشراء والسكن هناك ولا يدور الحديث فقط عن استجابة أيديولوجية بل عن حل اقتصادي. ومشروع المليون إسرائيلي في الضفة سيوفر حلاً لأزمة أسعار السكن في مركز البلاد". بعض ما يشمله المشروع توسيع بلدتين تقعان الآن على مقربة من الخط الأخضر، ويتوقع أن يسكن فيهما ضمن هذه الخطة غير مستوطنين أيضاً، وهما "روش هعين الشرقية" سيبلغ عدد سكانها 133 ألف نسمة، و"إلعاد العليا" ومخطط أن تتسع لـ39 ألف نسمة. بحسب خريطة المليون مستوطن فإن جدار الفصل يقع بين هاتين المدينتين والضفة وستوسعان إلى ما بعد الجدار، أي الخط الأخضر. وفي المشروع إقامة مدينة جديدة يبلغ عدد سكانها 31 ألف نسمة ستقام أقصى شمال الضفة. وهناك أيضاً مخطط لإقامة مدينة باسم "رحبعام" سيسكنها 23 ألف نسمة على حدود سهل الأردن، في مكان توجد فيه حالياً مزارع. وكذلك مدينة باسم "جلبواع" التي ستقام حسب الخطة على جبل الجلبوع قرب ميراف، موصى بها لتكون مدينة للحريديم (المتشددين دينياً) وستضم 22 ألف نسمة. إضافة إلى إقامة مدينة تضم 46 ألف شخص في منطقة مستوطنتي "غانيم" و"كاديم" اللتين جرى إخلاؤهما ضمن خطة الانفصال، وسيجري توسيع "حوميش" لتتسع لأكثر من 15 ألف مستوطن. أما "شانور" فستتحول إلى قرية للفنانين ومركز سياحي يقطنه 300 شخص، لتكون في ما بعد مركزاً لجذب الإسرائيليين عموماً. وأمام ضخامة هذا المشروع والموازنات الهائلة التي سيجري قضمها على حساب مشاريع وخدمات أخرى، يؤكد معدو ومنفذو وداعمو الخطة أن هذه المنطقة ستصبح مرسى أمنياً واقتصادياً أيضاً للإسرائيليين وازدهاراً للدولة من خلال ضخامة ما سيشمله المشروع سواء من إقامة 10 مناطق صناعية في أنحاء الضفة التي ستوفر وظائف لعشرات آلاف الإسرائيليين قرب "ريحان" و"حرميش" و"مافو دوتان" و"كرنيه شومرون" و"عاليه زهاف" ومناطق أخرى، أو من بنى تحتية ستتيح السكن لمئات الآلاف الذين سينتقلون إلى المنطقة. وسيجري إنشاء خطوط أنابيب غاز طبيعي في المرحلة الأولى من مفرق "كيسم" إلى جامعة "أريئيل"، وخطين إضافيين من محطة الضغط في "حريش" باتجاه شمال الضفة، ومن محطة الضغط "يد حنة" باتجاه "شافيه شومرون". ويوصي معدو الخطة بإكمال شق الطرق لجعل التنقل أكثر فاعلية، وإقامة سكك حديد داخل الضفة.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
الأول منذ عقود... استعراض عسكري في واشنطن تزامناً مع عيد ميلاد ترمب
أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أمس الجمعة أن الرئيس دونالد ترمب سيقيم «استعراضاً عسكرياً» في 14 يونيو (حزيران)، وهي ذكرى مرور 250 عاماً على تأسيس الجيش الأميركي، وتتزامن مع عيد ميلاد الرئيس التاسع والسبعين. وقالت آنا كيلي على منصة «إكس» إن الرئيس الجمهوري يعتزم «تكريم المحاربين القدامى الأميركيين، وأعضاء ناشطين في القوات المسلحة». وأدرجت كيلي رابطاً لمقال نشرته شبكة «فوكس نيوز» جاء فيه أن العرض سيشمل مشاركة قوات أميركية، وطلاب من الأكاديميات العسكرية في البلاد، وممثلين، لإحياء الأحداث، ومعدات من نزاعات سابقة، من الحرب الثورية إلى الحرب العالمية على الإرهاب. NEW: To celebrate the U.S. Army's 250th Birthday on June 14, President Trump will honor American Veterans, active-duty servicemembers, and military history with a military parade! — Anna Kelly (@AnnaKelly47) May 2, 2025 وكانت صحيفة «واشنطن سيتي بايبر» قد كشفت الشهر الماضي عن مخطط تنظيم استعراض عسكري أميركي في شوارع العاصمة واشنطن قد يمتد لستة كيلومترات من البنتاغون إلى البيت الأبيض. وطرح ترمب فكرة تنظيم عرض عسكري خلال فترة ولايته الأولى بعد حضوره عرض يوم الباستيل في فرنسا. لكن المشروع لم ير النور بعد أن أعلن البنتاغون أن تكلفته قد تصل إلى 92 مليون دولار، كما أثيرت مخاوف من أن الدبابات والمركبات العسكرية الثقيلة الأخرى قد تلحق أضراراً بشوارع المدينة. وأثارت رئيسة بلدية واشنطن مورييل باوزر مخاوف مماثلة الشهر الماضي عندما سألها الصحافيون عن خطط تنظيم عرض عسكري. وقالت: «لن يكون وجود الدبابات العسكرية في شوارعنا أمراً جيداً. إذا استخدمت الدبابات العسكرية، فيجب أن تخصص ملايين الدولارات لإصلاح الطرق». وأقيم آخر عرض عسكري أميركي في واشنطن عام 1991.


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة، أربعة أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاج الطاقة النووية أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول يناير (كانون الثاني) 2029. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن متوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 سنة. ومع تزايد الاحتياجات على صعيد الكهرباء، والتي يحركها خصوصاً تنامي الذكاء الاصطناعي، ورغبة بعض البلدان في الاستغناء عن الكربون في اقتصاداتها، يزداد الاهتمام بالطاقة النووية في جميع أنحاء العالم. والعام 2022، أعلنت فرنسا التي تبقى صاحبة أعلى معدل طاقة نووية للفرد بواقع 57 مفاعلا، برنامجا جديدا يضم ستة إلى 14 مفاعلا. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول هذه المفاعلات العام 2038. وتظل روسيا المصدر الرئيسي لمحطات الطاقة، إذ لديها 26 مفاعلا قيد الإنشاء، بينها ستة مفاعلات على أراضيها.