
مقاتلو العمال الكردستاني يبدؤون تسليم أسلحتهم في العراق
وتمثّل مراسم نزع السلاح نقطة تحول في انتقال حزب العمال الكردستاني من التمرد المسلح إلى السياسة الديموقراطية، في إطار جهود أوسع لإنهاء أحد أطول الصراعات في المنطقة وقد خلّف أكثر من 40 ألف قتيل منذ 1984.
وكان الحزب الذي أسسه عبدالله أوجلان في نهاية سبعينات القرن المنصرم، أعلن في 12 مايو/ مايو حل نفسه وإلقاء السلاح، منهيا بذلك نزاعا تسبب لفترة طويلة في توتر علاقات السلطات التركية مع الأقلية الكردية والدول المجاورة.
وجاء ذلك تلبية لدعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير/ شباط من سجنه في جزيرة إيمرالي قبالة اسطنبول.
وفي الأول من مارس/ مارس، أعلن الحزب الذي تصنّفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة "إرهابية"، وقف إطلاق النار.
ولجأ معظم مقاتلي الحزب في السنوات العشر الماضية إلى مناطق جبلية في شمال العراق، حيث تقيم تركيا منذ 25 عاما قواعد عسكرية لمواجهتهم، وشنّت بانتظام عمليات برية وجوية ضدّهم.
بداية رمزية
وقال مسؤول في حزب العمال الكردستاني مطلع يوليو/ تموز إن حوالي 30 مقاتلا سيدمرون أسلحتهم ثم يعودون إلى الجبال.وأوضح المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته "بهدف إظهار حسن النية، سيقوم عدد من مقاتلي الحزب الذين شاركوا في القتال في السنوات الماضية ضد القوات التركية، بكسر أو حرق أسلحتهم في مراسم خاصة في الأيام المقبلة".
وتمثل هذه الخطوة محطة رئيسية في المفاوضات غير المباشرة المستمرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول بين أوجلان وأنقرة برعاية الرئيس رجب طيب إردوغان.
واضطلع حزب المساواة وديموقراطية الشعوب، هو ثالث أكبر فصيل سياسي في تركيا، بدور رئيسي في الوساطة بين أنقرة وأوجلان الذي يمضي عقوبة بالحبس مدى الحياة منذ 1999.
إعلان
ومن المتوقع أن يحضر مراسم الجمعة عدد من نواب هذا الحزب وصلوا الخميس إلى السليمانية، بالإضافة إلى عدد من الصحافيين.
وفي مقطع مصوّر مؤرخ في 19 يونيو/حزيران لكن بُثّ الأربعاء، قال أوجلان "في إطار الإيفاء بالوعود التي التزمنا بها، ينبغي … إنشاء آلية لإلقاء السلاح تُسهم في تحقيق تقدم في العملية، وانتهاء الكفاح المسلح بشكل طوعي والانتقال إلى المرحلة القانونية والسياسة الديمقراطية".
وأضاف الزعيم الكردي البالغ 76 عاما "بخصوص إلقاء السلاح سيتم تحديد الطرق المناسبة والقيام بخطوات عملية سريعة".
عملية طويلة
من جهته، قال إردوغان السبت للصحافيين في طريق عودته من قمة اقتصادية في أذربيجان إنّ جهود السلام مع الأكراد "ستتسارع قليلا عندما تبدأ المنظمة الإرهابية تنفيذ قرارها بإلقاء السلاح".
وفي تصريح آخر، قال أمام أعضاء في حزبه الحاكم الأربعاء "ندخل مرحلة جديدة سنتلقى فيها أخبارا إيجابية في الأيام المقبلة"، مضيفا "نأمل بأن تنتهي هذه العملية بنجاح في أسرع وقت، من دون أي حوادث أو محاولات تخريب".
وقال مصدر أمني عراقي إن عملية نزع السلاح "يُتوقّع أن تنتهي في العام 2026، على أن يتشكّل بذلك حزب سياسي جديد في تركيا".
ويأمل الأكراد في تركيا بأن يمهّد قرار الحزب الطريق أمام تسوية سياسية مع أنقرة، تفتح الباب أمام انفتاح جديد تجاه هذه الأقلية التي تُشكل نحو 20% من سكان البلد البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
عبد الكريم قاسم أول رئيس وزراء للعراق بعد إسقاط الملكية
ضابط عسكري وأحد أبرز السياسيين الذين أعادوا تشكيل تاريخ العراق الحديث. ولد عام 1914 ببغداد ، وتوفي في التاسع من فبراير/شباط 1963. انضم إلى حركة الضباط الأحرار عام 1954، وتولى منصب وزير الدفاع إلى جانب رئاسته للوزراء، بعد مشاركته في انقلاب يوليو/تموز 1958 الذي أطاح بالملك فيصل الثاني، ولقب بألقاب عدة من بينها "الضابط الشهم". المولد والنشأة ولد عبد الكريم قاسم محمد البكر الزبيدي في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1914، في محلة المهدية ببغداد عاصمة العراق. وكان والده قاسم محمد البكر ينتمي إلى عشيرة زبيد القحطانية. أما والدته كيفية حسن اليعقوبي فتنتمي إلى عشيرة تميم العدنانية. عاش طفولة صعبة، فقد كان والده نجارا ولم يقدر على إعالة أفراد أسرته فقرر أن يسافر بهم إلى مدينة الصويرة (جنوب العاصمة بغداد) عام 1922. وبعد وصولهم هناك بدأ عبد الكريم ووالده بالعمل في مزرعة خاله علي وعمره آنذاك 7 سنين، وهذا أشعل لديه حسا عاليا بالمسؤولية ورغبة في العمل على نفسه لإخراج عائلته من براثن الفقر. تلقى تعليمه الأول في مدرسة الصويرة الابتدائية وتخرج فيها عام 1927 ثم التحق بالثانوية المركزية ونجح بتفوق رغم إصابته بمرض ألزمه الفراش لأسابيع، وحصل على شهادة في الأدب. وعقب تخرجه من المرحلة الإعدادية، قدم على التوظيف في وزارة المعارف (وزارة التعليم)، وعين معلما في المدرسة الشامية الابتدائية عام 1931. وكان عبد الكريم طفلا منطويا يحب العزلة، فقد قال أستاذه "طالب مشتاق" عنه، إنه تلميذ هادئ يقضي فترة التنفس في زاوية منعزلة، مكتئب النفس وعابس الوجه ضعيف البنية، وأكد شقيقه عبد اللطيف أنه لم يكن يخالط زملاءه في المدرسة إلا في المناسبات العامة، كما أنه كان صبورا جدا. المسيرة العسكرية عام 1932 أعلن الجيش العراقي عن حاجته للضباط وفتح أبواب التطوع لكافة طبقات الشعب، فكان عبد الكريم من الأوائل الذين قدموا أوراقهم، وقبل رسميا بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 1932. عرف داخل الكلية العسكرية بالتزامه وعمله الدؤوب، وكان مثالا للعسكري الجيد الحريص على إتمام عمله على أكمل وجه، لكنه رغم كل هذا ظل محبا للعزلة وقليل المخالطة فلقبه زملاؤه "بكريم أبو جنية". كوّن إلى جانب بعض الطلاب بالكلية مجموعة تعاهدوا فيها على العمل من أجل مصلحة الوطن، ومنها بدأ نشاطه السياسي واتهم أجهزة النظام أنها السبب في الفقر الذي يعيشه الشعب. تخرج من الكلية العسكرية في 15 أبريل/نيسان 1934، وعرف في تلك الفترة بحقده تجاه القومية العربية ودعاتها، كما كان رافضا للوحدة العربية. وفي 1938 أعيد إلى الكلية ليشغل منصب آمر فصيل. في 12 سبتمبر/أيلول 1939 رفع إلى رتبة نقيب، وتوفق في تلك الفترة بامتحان الضباط في اللغة الإنجليزية، ثم تنقل بين وحدات الجيش المختلفة ودخل في دورات عسكرية عدة، حصل عبرها على درجات عالية. كتب عنه آمر جحفل اللواء الثالث في تقريره السنوي في أكتوبر/تشرين الأول 1945 أنه ضابط شهم ومخلص، وكان ذلك عقب الاشتباكات المسلحة التي جرت بين الحكومة العراقية وثوار "حركة بارزان الثانية" الداعين لإقامة حكم ذاتي للأكراد في منطقة الزيبار بالموصل. وقال عنه آمر لوائه في العام نفسه، إنه رقيق القلب وعفيف النفس ولا يبالي بالمتاعب النفسية والجسدية والفكرية ما دامت متعلقة بالواجب الوطني. تنظيم الضباط الأحرار انضم قاسم إلى اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار في سبتمبر/أيلول 1954، وحضر اجتماعها الأول في دار الرائد محمد سبع، وحينئذ أقسم أنه لا يمتلك لا تنظيما ولا تكتلا بعد اتهامه بعكس ذلك. وكان بعض الضباط قد ذكروا في مذكراتهم أنه كان يرأس تنظيما للضباط الأحرار في المنصورية، إضافة إلى "كتلة بغداد" التي أسسها مدير المخابرات العسكرية في بغداد رفعت الحاج سري، ولم يخبر اللجنة العليا بذلك، إلا أن إسماعيل العارف أكد أنه هو الذي دعا قاسم للانضمام إلى حركة الضباط الأحرار في أواخر 1954. وفي الاجتماع الثاني جاء قاسم رفقة صديقه المقرب عبد السلام عارف ، وهذا الأمر أجبر أعضاء الحركة على قبوله ضمنهم، واعتبر ذلك مخالفة أولى للشروط التنظيمية التي وضعتها الحركة. وفيما يتعلق باجتماع الجادرية الذي عُقد في أغسطس/آب 1957، فقد شارك فيه معظم أعضاء اللجنة العليا، باستثناء عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، اللذين تغيبَا بسبب تمركز وحداتهما العسكرية خارج العاصمة بغداد. وخُصص الاجتماع لمناقشة مسألة قيادة التنظيم، وتم الاتفاق على تعيين عبد الكريم قاسم قائدا له، نظرا لأنه الأقدم رتبة بين أعضاء اللجنة. كما أُقرّ مبدأ "صوت واحد لكل عضو" في اتخاذ القرارات، إلى جانب تعيين نائبين لمساعدته في مهامه. وفي 14 يوليو/تموز 1958 ثار الضباط الأحرار ضد النظام الملكي الهاشمي واقتحموا قصر الرحاب في بغداد وأطاحوا بالعائلة الملكية وقتلوا عددا من أفرادها، وفي اليوم ذاته أعلنوا عبر الإذاعة الوطنية سقوط الحكم الملكي وقيام الجمهورية العراقية. "الثورة التصحيحية" تفكك تنظيم الضباط الأحرار بعد تحقيق الهدف المعلن بـ"تحرير العراق من قبضة الملك فيصل"، وبقيت الصداقة هي الرابط الوحيد بين الضباط. وبرز في تلك الفترة بعض الشخصيات التي تقلدت مناصب سياسية مهمة في الدولة رغم عدم مشاركتها في ثورة يوليو/تموز. شعر الضباط بالاستياء خاصة في ظل استبعاد أغلب الضباط الذين كان لهم دور محوري في الثورة، فقاد ذلك إلى تشكيل تكتل الضباط من جديد حول مدير الاستخبارات العسكرية رفعت الحاج سري، وطالبوه بإعادة تشكيل حركة الضباط الأحرار. وبعد إبعاد عبد السلام عارف من الواجهة السياسية وحبسه، انفرد عبد الكريم قاسم بالحكم وأصبح رئيسا للوزراء بمساعدة حلفائه (منهم شيوعيون) الذين عرفوا بمهاجمتهم القومية العربية ومحاربتهم قادتها، كما وُجّهت اتهامات إلى بعض العناصر المحسوبة على التيار الحليف له بالتطاول على الدين، عبر نشر كتب ذات طابع مادي تناولت الذات الإلهية والنبي الكريم ﷺ بأسلوب وُصف بأنه مسيء للتاريخ الإسلامي. وقد تصاعدت تلك الممارسات إلى حد الاعتداء على المصلين داخل المساجد، بما في ذلك رشقهم بروث الحيوانات أثناء أداء الصلاة، إلى جانب تعرّضهم للتهديد والضرب. وبحلول 1959 تجمع الضباط القوميون من الحركة تحت قيادة مدير المخابرات العسكرية في بغداد وقائد الفرقة الثانية ناظم الطبقجلي في كركوك وأطاحوا بحكم اللواء عبد الكريم قاسم. وانضم بعد ذلك عدد كبير من الضباط القوميين إلى حركتهما، وأعاد الضباط الثائرون بناء حركتهم في الموصل شمال غربي العراق، بقيادة الرائد الركن محمود عزيز بهدف وصفوه بأنه "تصحيح لمسار ثورة يوليو/تموز". انقلاب فبراير/شباط 1963 قاد حزب البعث العربي الاشتراكي بالتعاون مع ضباط قوميين في الثامن من فبراير/شباط 1963، انقلابا عسكريا للإطاحة بعبد الكريم قاسم، وجاء ذلك نتيجة تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية ورفضه للانضمام إلى المشاريع القومية العربية مثل الوحدة مع مصر وسوريا. وفي صباح التاسع من فبراير/شباط 1963، وبعد يوم من الانقلاب تحصن عبد الكريم قاسم في مبنى وزارة الدفاع ببغداد، وبعد مواجهة بينه وبين الانقلابيين التي استمرت حتى ظهيرة اليوم التالي، تمكن الانقلابيون من السيطرة على المبنى واعتقال رئيس الوزراء وبعض مساعديه. ونقل المعتقلون إلى قاعة الشعب المجاورة، وحينئذ أجرى عبد الكريم قاسم اتصالا هاتفيا مع نائبه عبد السلام عارف، وطلب منه التفاوض أو السماح له بمغادرة العراق، لكن عارف أنكر علاقته بالانقلاب مؤكدا عدم قدرته على تنفيذ مطالبه. سلم عبد الكريم قاسم نفسه، ونقل إلى دار الإذاعة والتلفزيون حيث أجريت محاكمة صورية لم تعلم بها السلطات العليا إلا بعد انعقادها، وصدر بحقه حكم بالإعدام رميا بالرصاص، ونفذ في التاسع من فبراير/شباط 1963.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
كيف نجح أردوغان في إنهاء أزمة تركيا مع العمال الكردستاني؟
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن دخول تركيا عهدًا جديدًا قائمًا على الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية، مؤكدًا بدء مرحلة جديدة في مشروع "تركيا بلا إرهاب" الذي شمل حل حزب العمال الكردستاني، ووقف العمليات الإرهابية، وإلقاء السلاح بشكل نهائي. عوامل النجاح جاءت تصريحات أردوغان في الاجتماع التشاوري الـ 32 لحزبه العدالة والتنمية يوم السبت 12 يوليو/ تموز 2025 في أنقرة، وبعد يوم واحد من بدء تسليم حزب العمال الكردستاني أسلحته وحرقها في مشهد رمزي شمال العراق. تشكّل تصريحات الرئيس التركي تبنيًا رسميًا للمسار السياسي الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت مع دعوة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، حيث بقيت التصريحات الرسمية التركية حذرة ومتحفظة وتركز على فكرة متابعة الخطوات العملية على الأرض. سبب هذا التحفظ هو الفشل الذي جلل كافة التجارب المشابهة السابقة، وخصوصًا المسار الأخير في عهد العدالة والتنمية والذي توِّج بدعوات مشابهة من أوجلان لإلقاء السلاح، الأمر الذي بدأ فعلًا قبل أن يتوقف ويستأنف الكردستاني عملياته تأثرًا بالتطورات في سوريا بدءًا من 2014. ما جعل المسار الحالي أقرب للنجاح والفاعلين أكثر تفاؤلًا به ثلاثة متغيرات رئيسة: الأول؛ قدرات الدولة التركية المتقدمة في مكافحة الإرهاب وما حققته من خطوات في مجال الصناعات الدفاعية ولا سيما سلاح المسيّرات الذي حقق فارقًا مهمًا على هذا الصعيد، لتنتقل تركيا خلال سنوات معدودة من خوض حرب مدن وشوارع على أراضيها ضد الإدارات الذاتية التي أعلنها العمال الكردستاني في 2015 إلى حرب استباقية قوضت معظم قدرات الكردستاني والمنظمات المرتبطة به في كل من تركيا والعراق، ونسبيًا في سوريا. الثاني؛ المراجعات الفكرية والسياسية للمنظّر الأول لحزب العمال وزعيمه التاريخي عبدالله أوجلان كنتيجة نهائية لسلسلة من المراجعات والمحطات المهمة، تجلى آخرها في الرسالة التي نقلت عنه من سجنه في جزيرة إيمرالي، حيث أكد فيها تغير الظروف الإقليمية والعالمية اليوم عنها في سنوات تأسيس الحزب (سبعينيات القرن الماضي)، ومقرًّا بأن أيديولوجيا الحزب وبرنامجه وأهدافه لم تعد تحظى بتأييد شعبي، وأن المشاريع الانفصالية ليست الحل الأمثل ولا الممكن اليوم. والثالث؛ هو التغيرات الإقليمية والدولية التي عملت هذه المرة لصالح تركيا وليس ضد مصلحتها، كما حصل في العقد الماضي. فقد تطور التعاون بين تركيا والعراق ليصنّف الأخيرُ العمال الكردستاني منظمة محظورة، ووضعَ تغيُّرُ النظام السوري قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في موقع دفاعي بعد رجحان كفة أنقرة، أحد أكبر الداعمين للنظام الجديد في دمشق. ثم أتت إدارة ترامب الجديدة لتكمل المشهد بسحب جزء من القوات الأميركية في سوريا، وتصريحات مبعوثها إلى سوريا توم باراك قبل أيام بضرورة اندماج عناصر قسد في الجيش السوري ورفض بلاده دعم أي مشاريع انفصالية من أي نوع أو مستوى. المرحلة المقبلة ببدء الخطوات العملية لإلقاء السلاح، تكون أنقرة على مشارف حل الملف الأصعب والأكثر حساسية لها داخليًا وخارجيًا، داخليًا بتأثيراته السلبية أمنيًا واجتماعيًا وسياسيًا، وخارجيًا كورقة ضغط عليها. حرص أردوغان في خطابه، الذي وصف بالتاريخي، على التأكيد أن المسار الحالي ليس نتيجة لمساومات ومحاصصة مع العمال الكردستاني، لكن هذا لا ينفي أن المسار السياسي يحقق مصالح كافة الأطراف كما كان المسار العسكري ضارًا بها جميعًا. فالمسار السياسي يحقق للدولة التركية وقف العمليات الإرهابية، وبالتالي الأمن والاستقرار وتخفيف الضغوط الخارجية بكل ما لذلك من مكاسب اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية وإستراتيجية. ويحقق للطيف الكردي من الشعب التركي مكاسب إضافية تتعلق بالحقوق والحريات والسلم المجتمعي، ستبني على الإصلاحات السابقة. وسيسعى التيار السياسي الكردي لمكاسب أخرى تتعلق بالمشهد السياسي الداخلي بدءًا من المواد الدستورية ووصولًا للإدارات المحلية. ولذلك فإن السؤال الذي يتكرر حول "على ماذا سيحصل العمال الكردستاني مقابل حل نفسه؟" يجد إجابته أولًا بانسداد الأفق أمام فكرة الدولة الكردية وحتى الإدارات الذاتية كما سبق شرحه، وثانيًا في المسارات الدستورية والقانونية المرتقبة. ولذلك فإن المسار الأبرز الذي يختصر عددًا من استحقاقات المرحلة القادمة هو الدستور، بغض النظر أكان صياغة دستور جديد أم القيام بتعديلات دستورية واسعة. المواد المرتقبة في أي مسار دستوري قادم يفترض أن تشمل ما يتعلق بتعريف المواطنة والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، وما يرتبط بحقوق "الأقليات" في المقام الأول. الأصعب من ذلك هو التشريعات التي ستتعامل مع قيادات وعناصر العمال الكردستاني من حاملي الجنسية التركية بعد حل الحزب، حيث ننتظر مواد قانونية تصنفهم على مجموعات وتتعامل مع كل منها بمسار قانوني مختلف، بين العفو والإدماج في المجتمع والبقاء خارج تركيا وتسويات أوضاع آخرين وفقًا لمناصبهم وأعمالهم خلال سنوات انتسابهم للمنظمة. كما أن المسار القانوني قد يلحظ زيادة صلاحيات الإدارات الذاتية (البلديات تحديدًا)، وهو مطلب ظهر كبديل للإدارات الذاتية وغيرها من المسارات الانفصالية. يتطلب إقرار دستور جديد أو أي تعديل دستوري موافقة ثلثي أعضاء البرلمان أي 400 من أصل 600 نائب، أو تصويت 60% من أعضاء البرلمان بالحد الأدنى لعرضه على استفتاء شعبي، أي 360 نائبًا، وهو ما لا يملكه تحالف الجمهور، حيث يملك العدالة والتنمية 272 والحركة القومية 47 نائبًا في البرلمان. في خطابه الأخير، تحدث أردوغان عن "تحالف جديد" ينضم إليهما فيه حزب ديمقراطية ومساواة الشعوب "الكردي" الذي عمل كوسيط لنقل رسائل أوجلان والذي يملك 56 نائبًا، ما يجعل مجموع نواب الأحزاب الثلاثة 375 نائبًا. من البديهي أن هذا ليس تحالفًا انتخابيًا ولا تحالفًا سياسيًا بالمعنى الشامل، لكنه تحالف سياقي يرتبط بشكل أساسي بإقرار الاستحقاقات القانونية والدستورية للمراحل القادمة في مشروع "تركيا بلا إرهاب". ومن الواضح أن الأحزاب الثلاثة تملك الإرادة السياسية للاستمرار في هذا المسار والكفاية العددية في البرلمان لإنجاحه، كما أنها تدعو الأحزاب الأخرى لتقديم دعمها للمسار- كما جاء على لسان أردوغان نفسه- لكنها ليست رهينة بالضرورة لتأييدها. ما زال يمثُل أمام المسار الحالي عدد من التحديات المفترضة أو المحتملة، من بينها احتمال رفض بعض الأطراف والتيارات في العمال الكردستاني الالتزام بوقف إطلاق النار وحل الحزب وإلقاء السلاح، أو تدخل أطراف خارجية (في مقدمتها "إسرائيل" مثلًا) للتشويش والتخريب بدعم تيارات أو شخصيات غير راضية عن المسار، أو حصول تطورات إقليمية/ دولية غير متوقعة تصب في غير صالح تركيا، أو عدم إقرار الاستفتاء الشعبي (في حال أجري) للتعديلات الدستورية المتوقعة. لكن قدرة أي من هذه السيناريوهات على التأثير السلبي تبدو اليوم محدودة جدًا بعد الخطوات السياسية والعملية الكثيرة التي جرت، والزخم الذي حصل في المسار وصولًا للمرحلة الحالية. أخيرًا، فإن لنجاح مشروع "تركيا بلا إرهاب" تداعيات عديدة على المشهد السياسي الداخلي، ستبدو أكثر وضوحًا مع تقدم المرحلة المقبلة وخصوصًا في البعد الدستوري والقانوني. لكن يفترض أن يساهم نجاحه في المقام الأول بزيادة مستوى السلم المجتمعي وتحرير السياسة الداخلية من بعض الضغوط والاستقطاب، ويؤمل أن يساعد على رفع مستوى الحريات في البلاد. لكن يبقى سؤال لم يجد إجابته بعد، وهو: ما ارتباط المسار الحالي بإعادة ترشح الرئيس أردوغان للانتخابات الرئاسية القادمة، بغض النظر أجريت في موعدها أم بكّرت؟، حيث يقول أردوغان إنه لا يهدف لذلك، بينما يؤكد الناطق باسم حزبه عمر تشيليك وحليفه دولت بهتشلي بأن أكبر أهداف الحزبين يتمثل في إعادة انتخاب أردوغان رئيسًا "بعدما أثبت تفرد قيادته ونجاحها في الداخل والخارج". والعامل الرئيس الذي يدفع للاعتقاد بأنه سيترشح مجددًا (مع فرص كبير بالفوز طبعًا) هو – مرة أخرى – الغالبية العددية التي يملكها "التحالف الجديد" في البرلمان بما يمكن أن يحقق انتخابات مبكرة عبر البرلمان (وحينها يحق لأردوغان الترشح تلقائيًا)، أو النص على ذلك في تعديل دستوري جديد.


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
هجمات بمسيرات تستهدف مطار أربيل وحقل خورمالا النفطي بالعراق
شهد إقليم كردستان العراق ، أمس الاثنين، هجمات متزامنة بطائرات مسيّرة مفخخة استهدفت مطار أربيل الدولي وحقل خورمالا النفطي في محافظة أربيل ، من دون تسجيل خسائر بشرية. وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم في بيان أن طائرة مسيّرة مفخخة أُسقطت فجر اليوم في تمام الساعة 02:20 بالتوقيت المحلي، بالقرب من مطار أربيل الدولي. وأكد الجهاز أن العملية لم تسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية. وقال الجهاز إن طائرتين مسيّرتين مفخختين سقطتا في حقل خورمالا النفطي بين الساعة 20:20 و20:25 بالتوقيت المحلي، في هجوم ثانٍ مساء الأمس. وأوضح البيان أن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات بشرية. مصدر مجهول من جانبها، قالت خلية الإعلام الأمني العراقية، الجهة الرسمية المعنية بنشر المعلومات الأمنية، إن المسيّرتين كانتا "مجهولتي المصدر"، موضحة أن الهجوم أدى إلى أضرار مادية فقط في موقع الحقل النفطي القريب من مدينة أربيل، وأن التنسيق جارٍ مع قوات الأمن والاستخبارات في الإقليم للتحقيق في ملابسات الهجوم. ولم تتبنَّ أي جهة حتى الآن المسؤولية عن الهجمات، التي تأتي ضمن سلسلة متكررة من عمليات استهداف بطائرات مسيّرة وصواريخ في العراق خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة في شمال البلاد، وغالبا ما تسقط المسيّرات في مناطق غير مأهولة بالسكان، من دون أن تُعلن أي جهة مسؤوليتها عنها. وكانت سلطات الإقليم قد أعلنت في الثالث من يوليو/تموز الجاري إسقاط مسيّرة مفخخة قرب مطار أربيل الدولي، حيث توجد قاعدة لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية. للحشد الشعبي بالوقوف وراء الهجوم، وهو ما رفضته الحكومة الاتحادية العراقية، واعتبرته اتهاما "مرفوضا وغير مسموح به" من دون أدلة.