
هكذا تجنبت كمبوديا وتايلاند الحرب
لكن في غضون أيام، سكتت المدافع. وأدى وقف إطلاق النار- الذي توسطت فيه ماليزيا ودعمته دبلوماسيا كل من الصين، والولايات المتحدة- إلى إنهاء الأزمة. وقد مثل ذلك نجاحا باهرا للدبلوماسية الهادئة متعددة الأطراف في ظل اضطراب عالمي.
ولا شك أن هذا الحل السريع لم يكن من قبيل الصدفة، بل هو انعكاس لاستثمار ماليزيا طويل الأمد في بناء السلام الإقليمي، وانخراط الصين التاريخي والإستراتيجي مع جنوب شرق آسيا، وإعادة تقييم دقيقة لسياسة واشنطن تجاه منطقة المحيطين؛ الهندي، والهادئ، وقد شكّلت هذه الأطراف الثلاثة- ماليزيا/آسيان، والصين، والولايات المتحدة- تحالفا ثلاثيا غير اعتيادي، وقد يُشكّل تعاونها الآن نموذجا عمليا لإدارة الأزمات الناشئة في الجنوب العالمي.
دبلوماسية مدني الماليزية: من الإصلاح الداخلي إلى السلام الإقليمي
ينبع دور رئيس الوزراء أنور إبراهيم في التوسط لوقف إطلاق النار من إطاره الحكومي "مدني"، الذي يدمج الأخلاق الإسلامية بالقيم العالمية، محليا، يُشدد الإطار على ست قيم نبيلة، هي: الاستدامة، والرحمة، والاحترام، والابتكار، والرخاء، والثقة، أما في الخارج، فقد شكّل هذا الإطار موقفا دبلوماسيا قائما على ضبط النفس، والتعددية، والانخراط المبدئي.
ينطلق دور ماليزيا في وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلند من سجلها المتماسك، وإن كان غير معروف على نطاق واسع، كوسيط إقليمي، فقد ساهمت كوالالمبور في التوسط في الاتفاق الشامل بشأن بانغسامورو في الفلبين 2014، وساهمت في تسهيل محادثات السلام مع المتمردين في جنوب تايلند لأكثر من عقدين، وقد أكسبتها هذه الجهود سمعة طيبة داخل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) كجهة فاعلة موثوقة ومحايدة.
وفي وقت ما انفكت فيه التنافسات بين القوى العظمى تشلّ المؤسسات العالمية، كمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن نجاح ماليزيا يُبرز قوة الدبلوماسية الإقليمية وقيادة القوى المتوسطة، كما يُظهر وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلند أن الحلول المحلية- المدعومة من قوى خارجية، دون إملاء منها- قادرة على جعل الأطراف المتنازعة تتجنب الحرب.
صبر الصين الإستراتيجي واستمراريتها التاريخية
يعكس دعم الصين لوقف إطلاق النار حسابات جيوسياسية وخبرة تاريخية عريقة، فكمبوديا تظل واحدة من أقرب شركاء بكين الإقليميين، وهي ما يتجلى في الاستثمارات والبنية التحتية والعلاقات الأمنية، أما تايلند، فرغم كونها حليفا للولايات المتحدة بموجب معاهدة، فإنها تتكامل اقتصاديا بشكل متزايد مع الصين عبر مبادرة الحزام والطريق.
ومع ذلك، لا يمكن النظر إلى دور الصين في هذه المرحلة من منظور إستراتيجي بحت، إذ إن السلالات الصينية الحاكمة- ولا سيما سلالة مينغ- اضطلعت تاريخيا بدور الوسيط في جنوب شرق آسيا من خلال نموذج "الاحترام والتولية وعدم التدخل".
وقد شددت هذه الطقوس على الإقناع الأخلاقي والوئام الإقليمي واحترام "طريق السماء" – وهو تعبير مبكر عن الدبلوماسية غير القسرية، وهو ما لا يختلف عن أخلاقيات "مدني". وفي 2025، استفادت بكين من هذا الإرث من خلال تشجيع ضبط النفس من كلا الجانبين بهدوء، وهو ما يعني تفضيل النظام الإقليمي على المصلحة قصيرة الأجل.
الولايات المتحدة: الواقعية فوق التنافس
يشير دور واشنطن في وقف إطلاق النار إلى تعديل طفيف ولكنه مهم في سياستها تجاه منطقة المحيطين؛ الهندي، والهادئ، فبدلا من استغلال الصراع لزعزعة استقرار محيط الصين أو تكثيف تنافسها الإستراتيجي مع بكين، اختارت الولايات المتحدة نهجا أكثر براغماتية، بالتعاون مع كل من الصين وكوالالمبور للمساعدة في تهدئة التوترات.
ويتناقض هذا النهج مع النبرة الأمنية والصدامية التي اتسمت بها المشاركة الأميركية الأخيرة في المنطقة، كما يعكس وقف إطلاق النار لعام 2025 إدراكا متزايدا في واشنطن لأهمية مركزية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وأن التعاون مع الصين، مهما كان محفوفا بالمخاطر، يمكن أن يكون ضروريا ومثمرا.
في عهد الرئيس دونالد ترامب في فترته الثانية، أفادت التقارير بأن الولايات المتحدة استخدمت الحوافز الاقتصادية بدلا من الأصول العسكرية لتشجيع بنوم بنه وبانكوك بهدوء على ضبط النفس، وتشير هذه الحادثة إلى أنه عندما تُمارس القوة الأميركية إستراتيجيةً، وبما يتماشى مع الأولويات الإقليمية، فإنها لا تزال قادرة على تحقيق نتائج دبلوماسية.
نموذج للسلام في عالم مقسم
في الوقت الذي ينشغل فيه المجتمع الدولي بحروب مطولة في أوكرانيا وغزة ومنطقة الساحل، يُواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلند خطر عدم الانتباه له، لكنه يستحق اهتماما جادا.
يُبرز الاتفاق كيف يمكن للجهات الفاعلة الإقليمية، مثل ماليزيا، وأطر العمل مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، أن تُبادر إلى العمل عندما تتعثر المؤسسات العالمية، كما يُؤكد الاتفاق أن التقاليد الدبلوماسية الأقدم- من الدبلوماسية التقليدية الصينية إلى قيم "مدني" الماليزية إلى الواقعية الأميركية- لا تزال أدوات فعالة لحل النزاعات.
إعلان
ويُظهر الاتفاق أن الولايات المتحدة، عندما تعطي الأولوية للاستقرار على المواجهة، وللتعددية على الأحادية، تظل قادرة على الاضطلاع بدور بنّاء.
ولم يتحقق هذا الاتفاق من خلال الإنذارات النهائية أو العقوبات أو استعراض القوة، بل بُني من خلال العلاقات التجارية، والإرث التاريخي، والثقة، وضبط النفس المتبادل، وفي عالمنا المُستقطب اليوم، يُعدّ هذا وحده أمرا رائعا.
فإذا استمرت الهدنة بين كمبوديا وتايلند، فقد تُصبح مثالا يحتذى في دبلوماسية القرن الحادي والعشرين المُحكمة- ليس من خلال الأيديولوجية أو الهيمنة، بل من خلال التنسيق وضبط النفس والمصلحة المشتركة. إنها تقدم نموذجا بسيطا، ولكنه هادف للتعامل مع عالم أكثر انقساما وتعددا للأقطاب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
اتفاقيات ترامب التجارية.. نفوذ أميركي أم سلوك تكتيكي للشركاء؟
على مدار نحو سبعة أشهر، مضت من ولاية ترامب منذ مطلع عام 2025، شكلت قضية الرسوم الجمركية ، وفرض معدلات جديدة لها من أميركا على شركائها التجاريين، واحدة من قضايا الاقتصاد العالمي المثيرة للجدل. واكتفى المتضررون من قرارات ترامب، بمقولات "خطر الحماية التجارية" وضرورة وجود "نظام اقتصادي عالمي جديد"، بينما أداء ترامب لم يتغير، ومضى في تنفيذ قراراته. بعضهم توقع أن تدفع الأحداث، بما تمثله من أضرار لنظام التجارة العالمي، أو للشركاء التجاريين لأميركا، بأن يولد كيان يمثل المتضررين لمواجهة ترامب، وإجباره على التراجع عن قراراته، ولكن ما حدث، هو أن تباكى بعضهم على منظمة التجارة العالمية ، التي أظهرت الأحداث هشاشة دورها، في فض المنازعات، أو إلزام أميركا باتفاقيات المنظمة. كما راهن بعضهم الآخر على تجمع بريكس ، لكي يكون له دور، وبخاصة أن كبار أعضائه متضررين من قرارات ترامب، وعلى رأسهم الصين التي يعد اقتصادها أكبر اقتصاديات بريكس، وكذلك الهند والبرازيل. وبعد أن أنهى ترامب عبر إدارته، الوصول إلى اتفاقات مع كل من الاتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى والوصول إلى هدنة مع الصين تمهيدًا لاتفاق نهائيًا في الشهور القادمة، وكذلك استمرار المفاوضات مع الهند والمكسيك وكندا، فإن الأمر يجعلنا نطرح تساؤلات لتفسير هذا الواقع الذي فرضه ترامب، ليعكس قوة موقف ونفوذ أميركا. فهل التوصل إلى هذه الاتفاقات المبرمة، والأخرى التي يُنتظر الانتهاء منها في أشهر قليلة، تعكس قوة نفوذ أميركا واستمرارها في اعتلائها قمة خريطة القوى الاقتصادية، ببسط سلطتها ونفوذها على شركائها التجاريين، حتى على الصين؟ أم أن الأمر يأتي في إطار تكتيكي من الشركاء، لتمرير فترة ترامب بأقل خسائر ممكنة، باعتبارها فترة استثنائية في الإدارة الأميركية، ثم يعاد النظر في هذه الاتفاقيات في ظل إدارة أميركية جديدة؟ مبعث التساؤل في الوقت الذي كانت تنحصر فيه المفاوضات على أمر الرسوم الجمركية، وجدنا نتائج المفاوضات المعلن عنها في الإعلام، تتضمن حزمة أخرى من التسهيلات لصالح أميركا. ففي حالة الاتحاد الأوروبي، أعلن الاتحاد التزامه بشراء مواد طاقة من أميركا بـ 750 مليار دولار، إضافة إلى ضخ 600 مليار دولار كاستثمارات هناك، فضلا عن فتح بروكسل أسواقها للمنتجات الأميركية بلا جمارك. وفي اتفاق اليابان، قبلت طوكيو بنسبة جمارك تصل إلى 15%، على أن تقدم لأميركا حزمة استثمارية في شكل قروض وضمانات حكومية بنحو 550 مليار دولار. كما تم التوصل لاتفاق مع بريطانيا، بموجب تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات بريطانيا لأميركا، من أجل استمرار استقرار سلاسل التوريد الخاصة بالصناعة الأميركية. وثمة عروض أخرى من دول فقيرة، تحرص على استمرار تجارتها مع أميركا، منها على سبيل المثال بنغلاديش، التي تعتبر من أهم مصدري الملابس إلى السوق الأميركية. فقد أعلنت بنغلاديش عن استعدادها لشراء 25 طائرة بوينغ أميركية الصنع، مقابل تخفيض الجمارك على صادراتها إلى أميركا. مظاهر النفوذ تصرف الرئيس الأميركي في قضية الرسوم الجمركية مع الشركاء التجاريين، بشكل منفرد، ضاربًا باتفاقيات منظمة التجارة العالمية عرض الحائط، بل يمكن القول، إن تصرفات ترامب بمثابة شهادة وفاة لمنظمة التجارة العالمية. لم يكن لمنظمة التجارة أي دور في قضية الرسوم الجمركية التي فجرها ترامب، وحتى المفاوضات التي تمت، أتت في إطار ثنائي، لم تُستدعَ فيه منظمة التجارة. وحتى خارج إطار منظمة التجارة العالمية، لم تتصرف أميركا مع شركائها، بأي شكل من أشكال التفاوض الجماعي، بل انفردت بكل دولة على حدة. ومن مظاهر النفوذ الأميركي، أن واشنطن هي من حددت سقف المفاوضات ومحاورها، وعليه كل من قبل التفاوض معها، يدخل بتنازلات، ويقبل بشروط، يحاول أن يخفف من حدتها، أو يقدم بدائل من الرسوم الجمركية في شكل استثمارات. وشكل توقيع هذه الاتفاقات، أو الوعد بإنجاز ما تبقى خلال مدة قصيرة، حالة من الزهو لدى ترامب، الذي صرح لوسائل الإعلام، أن لديهم عوائد من رسوم الجمارك، يدرس التصرف بشأنها في مجالين، الأول إصدار شيكات استرداد لصالح محدودي الدخل، أو سداد جزء من الديون الأميركية. ونشرت أخيرًا أرقام تخص عوائد الرسوم الجمركية خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2024 – يونيو/حزيران 2025، حيث قدرت بنحو 113 مليار دولار، وثمة توقعات أن تبلغ الحصيلة الجمركية لأميركا بنهاية 2025 إلى نحو 300 مليار دولار، وفق تصريح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت. إلا أن الأمر يتطلب نظرة كلية لتبعات سياسات ترامب على الاقتصاد الكلي بأميركا، في ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم عند 2.7%، مما حال دون تخفيض المجلس الفدرالي الأميركي سعر الفائدة ، وهي قضية محل خلاف ومؤرقة لترامب، مع المجلس الفدرالي. أداء تجارة أميركا في عهد ترامب تظهر البيانات الرسمية الأميركية المنشورة، أن إجمالي التجارة السلعية لأميركا في مايو/أيار 2025 بلغ 459.5 مليار دولار، وأن العجز التجاري بلغ 93.5 مليار دولار. في ما يخص الـ 15 شريكًا رئيسيا، فقد بلغت قيمة تبادلهم التجاري مع أميركا في الشهر ذاته 337.8 مليار دولار، وبفائض لصالح الشركاء بقيمة 87 مليار دولار. يستحوذ هؤلاء الشركاء على نسبة 73.5% من إجمالي تجارة أميركا الخارجية. وثمة تفاصيل تخص أداء بعض الدول على حدة مع أميركا خلال الفترة من يناير/كانون الثاني – مايو/أيار 2025، منها: إعلان المكسيك صاحبة أكبر تبادل تجاري مع أميركا بنحو 359.5 مليار دولار، وفائض لصالح المكسيك بنحو 79.4 مليار دولار. ثم كندا، بقيمة تبادل تجاري مع أميركا بنحو 311.4 مليار دولار، وفائض تجاري لصالح كندا بقيمة 25.6 مليار دولار. وفي المرتبة الثالثة الصين، بقيمة تبادل تجاري خلال نفس الفترة بنحو 195 مليار دولار، وفائض تجاري لصالح الصين بقيمة 101.9 مليار دولار. ويلاحظ أنه على الرغم من أن الصين تأتي في المرتبة الثالثة من حيث قيمة التجارة مع أميركا خلال الفترة يناير/كانون الثاني –مايو/أيار 2025، إلا أنها صاحبة أكبر فائض تجاري مع أميركا، من بين الـ 15 شريكًا رئيسيا. اليابان بلغت قيمة تجارتها مع أميركا خلال الفترة 96.5 مليار دولار، وبفائض لصالح اليابان 29.2 مليار دولار، ثم بريطانيا التي بلغت قيمة تجارتها مع أميركا 69.2 مليار دولار، وبفائض لصالح بريطانيا 12.7 مليار دولار. رهان تكتيك الشركاء التجاريين لأميركا ولاية ترامب الأولي 2017–2020، اتخذ فيها العديد من القرارات التي تخص المنظمات الدولية، أو الواقع الاقتصادي الداخلي، ثم أتى بايدن ليعيد النظر في كل ما اتخذ من قرارات في عهد ترامب، وعادت أميركا إلى المحيط العالمي من جديد. وتشجع هذه التجربة التاريخية، على توقع انتهاء سياسات وقرارات ترامب بانتهاء ولايته، في عام 2028، خاصة وأن بعض الاتفاقيات تتضمن مبالغ كبيرة في ما يخص الالتزامات الاستثمارية. وقد يساعد سيناريو التكتيك من المتضررين، في أن يسعى رجال الأعمال الأميركيون المتضررون من سياسات ترامب، إلى تغيير هذه السياسات بعد رحيله. كما أن ترامب ما لم يتخذ خطوات متسارعة لتنفيذ سياسة "الإحلال محل الواردات"، فسوف يفقد ثقة الناخب الأميركي، نظرا لما أدت إليه سياسته بشأن رفع الرسوم الجمركية من استمرار معدلات التضخم مرتفعة. لكن ما يساهم في استبعاد هذا السيناريو، أن المتضررين من سياسات ترامب خارج أميركا، لم يجتمعوا على أمر جامع لمواجهته، ولذلك يستبعد بعضهم فرضية، أن ثمة إرهاصات جادة بشأن ميلاد نظام اقتصادي عالمي جديد.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
محادثات غاضبة بين ميرتس ونتنياهو للمطالبة بوقف حرب غزة
أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية اليوم الثلاثاء أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أجرى عدة محادثات هاتفية بعضها كانت حادة وغاضبة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأسابيع الماضية مع تزايد المأساة الإنسانية في قطاع غزة. ووفق مسؤول ألماني نقلت عنه الصحيفة، حث ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والسماح بدخول مساعدات. وذكرت الصحيفة أن ميرتس انضم للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الاثنين الماضي، حثه خلالها على الضغط على نتنياهو. وأضافت أن ميرتس أكد لترامب ضرورة الضغط على إسرائيل للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى غزة التي يموت فيها الناس جوعا. وأشارت الصحيفة إلى أن الموقف الألماني يأتي في ظل انقلاب الرأي العام الألماني بشدة ضد إسرائيل خلال العام الماضي مع تزايد فداحة الحرب المتواصلة على القطاع، في حين تتصاعد دعوات الأحزاب السياسية الألمانية إلى إيقاف تصدير الأسلحة لتل أبيب. يأتي ذلك بعد زيارة وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول إلى إسرائيل الأسبوع الماضي لمقابلة المسؤولين الإسرائيليين بغرض حثهم على تسهيل دخول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر. وسمحت إسرائيل بإلقاء الجيش الألماني للمساعدات جوا فوق قطاع غزة. لكن بعد عودة فادفول إلى برلين، أصدرت الحكومة بيانا أشارت فيه إلى وجود "تقدم أولي طفيف في تقديم المساعدات الإنسانية" إلى غزة، لكنه "بعيد كل البعد عن أن يكون كافيا لتخفيف حدة حالة الطوارئ".


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
الصين تتذكر التاريخ جيداً وستدافع عن الإنصاف والعدالة
يشهد العالم حاليا تغيرات واضطرابات متشابكة، وصراعات إقليمية مطولة، فتواجه الدول المخاطر والتحديات الأمنية الأشد وطأة. إن الحفاظ على السلام وتعزيز التنمية هما الهدفان المشتركان للصين ودول الشرق الأوسط. لقد عانينا جميعا من العدوان والقمع الخارجي، وساعدنا بعضنا البعض على طريق نيل الاستقلال الوطني والتحرر الوطني. في عام 1931، شنّت العسكرية اليابانية حربا عدوانية على الصين، وارتكبت جرائم شنيعة مثل مذبحة نانجينغ، وجلبت كوارث عميقة على الشعب الصيني. بعد 14 عاما من المعارك الشاقة والدموية، هزم الشعب الصيني الغزاة العسكريين اليابانيين، وحقق النصر العظيم في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني، وأعلن النصر الكامل في الحرب العالمية ضد الفاشية. كانت حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني ساحة المعركة الشرقية الرئيسية للحرب العالمية الثانية، وجزءا هاما من الحرب العالمية ضد الفاشية. لذا، فإن انتصار الصين العظيم هو انتصار للشعب الصيني ولشعوب العالم. في الثالث من سبتمبر/ أيلول العام الجاري، ستقيم الصين مؤتمرا لإحياء الذكرى الثمانين لانتصار حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية. ولإحياء ذكرى التاريخ، يجب حماية نتائج انتصار الحرب العالمية الثانية، والنظام الدولي بعد الحرب. إن عودة تايوان إلى الصين جزء مهم من نتائج انتصار الحرب العالمية الثانية والنظام الدولي بعد الحرب، ولا يمكن التشكيك في حقائقها التاريخية والقانونية. إن الصين على استعداد للعمل مع مختلف الدول من أجل الحفاظ على النظام الدولي، وفي قلبه الأمم المتحدة، ومعارضة الهيمنة وسياسات القوة، وممارسة تعددية الأطراف الحقيقية، والعمل معا لبناء عالم يسوده السلام ومجتمع المستقبل المشترك للبشرية. في ظل الوضع الدولي المعقد والمضطرب، تظل الصين قوة عادلة تدافع عن السلام والاستقرار العالمي بكل ثبات. وقد طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة الأمن العالمي، التي تقدم مبادئ توجيهية أساسية لسد العجز الأمني والسعي إلى سلام دائم. منذ اندلاع الصراع في غزة، كانت الصين تلتزم بموقف موضوعي وعادل، وتعمل بجد على تحقيق السلام وإنقاذ الأرواح، ودفع مجلس الأمن لاعتماد أول قرار لوقف إطلاق النار في غزة، ودفع مختلف الفصائل الفلسطينية لإجراء حوار المصالحة وتوقيع "إعلان بكين"، وقدمت دفعات متعددة من المساعدات الإنسانية لغزة. يجب ألا تستمر الكارثة الإنسانية في غزة، ويجب ألا تُهمش القضية الفلسطينية مرة أخرى، ويجب تلبية المطالب المشروعة للأمة العربية في أسرع وقت ممكن، ومن الضروري الاهتمام بالصوت العادل للعالم الإسلامي الواسع. إن "حل الدولتين" هو السبيل الواقعي الوحيد للخروج من الفوضى في الشرق الأوسط، وعلى المجتمع الدولي اتخاذ المزيد من الإجراءات الملموسة والفعالة لتحقيق ذلك. إن الشرق الأوسط هو لشعوبه، وليس ساحة صراع بين الدول الكبرى، ولا ينبغي أن يصبح ضحية للتنافس الجيوسياسي بين الدول خارج المنطقة. الصين شريك إستراتيجي لدول الشرق الأوسط وصديق مخلص للأصدقاء العرب. سيواصل الجانب الصيني السعي وراء العدالة والسلام والتنمية لشعوب الشرق الأوسط بثبات. كما أن الصين على الاستعداد للعمل مع دول الشرق الأوسط، بما فيها قطر، للتحكم بالمستقبل واستكشاف طريق التنمية باستقلالية، والمضي قدما جنبا إلى جنب على طريق الازدهار والنهضة الوطنية. أخيرا، لنتذكّر دروس التاريخ معا: لا شك أن العدالة ستنتصر، السلام سينتصر، الشعب سينتصر!