
هل تسقط رسوم ترامب في «يوم التحرير»؟
سام فليمنج - فالنتينا رومي
تشكل الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أطلق عليها اسم «يوم التحرير»، مخاطر جسيمة على الاقتصاد الأمريكي، الذي يشهد بالفعل تباطؤاً متسارعاً. وقد أطلق خبراء الاقتصاد تحذيرات قوية من ارتفاع الأسعار الذي سيثقل كاهل الأسر الأمريكية، ومن تزايد احتمالات الركود الاقتصادي عقب هذه القرارات الرئاسية.
ويؤكد محللون أن تطبيق الرسوم الأساسية بنسبة 10 % إلى جانب الرسوم التكميلية ذات الأرقام المزدوجة على الشركاء التجاريين الرئيسين، وخاصة الصين والاتحاد الأوروبي، سيقود إلى سلسلة من التداعيات الاقتصادية الخطيرة، تتمثل في ارتفاع ملموس لأسعار تشكيلة واسعة من المنتجات المستوردة، وإلحاق ضرر بالغ بالاستثمارات التجارية، وتعميق مخاطر الدخول في فترة مظلمة يتجاذبها التضخم المرتفع والنمو المتعثر.
وقد صرح أولو سونولا، مدير أبحاث الاقتصاد الأمريكي في وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني، بأن معدل الرسوم الجمركية الأمريكية على جميع الواردات سيرتفع إلى 22 % مقارنة بـ2.5 % العام الماضي، ليصل إلى أعلى مستوى منذ عام 1910، مؤكداً أن هذا يمثل نقطة تحول جذرية للاقتصاد الأمريكي والعالم بأسره، فيما توقع محللو بنك باركليز تراجع الإنتاج الأمريكي خلال الربع الأخير من العام الجاري. وأوضح سيمون فرنش، كبير الاقتصاديين في «بانمور ليبيروم» أن احتمالات دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود خلال الأشهر الـ12 المقبلة ارتفعت بشكل ملموس نتيجة للقرارات التي اتخذت.
وتسلم ترامب مقاليد اقتصاد متنامٍ وأسواق مالية منتعشة نتيجة توقعات بأن سياساته التي ستهدف إلى تخفيف القيود التنظيمية وخفض الضرائب ستعزز نمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن هذه التوقعات شهدت انخفاضاً حاداً مع تقلب نهج الرئيس في السياسة التجارية، ما دفع الشركات إلى تأجيل قراراتها الاستثمارية. وفي أعقاب إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية الجديدة، تراجع الدولار بنسبة 1.7 % مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين حتى ظهر الخميس بالتوقيت الأوروبي، ما يعكس تزايد المخاوف بشأن آفاق النمو الأمريكي.
وتتوقف حدة الأثر الاقتصادي لتعريفات الولايات المتحدة بدرجة كبيرة على ثلاثة عوامل حاسمة، وهي مدى تطبيق حزمة الرسوم بشكل فعلي، وسرعة التراجع عن بعض بنودها في ضوء المفاوضات مع الشركاء التجاريين، وكيفية تعامل السياسة النقدية الأمريكية مع معادلة صعبة لمواجهة تضخم متصاعد ونمو متراجع في آن.
وحذر ستيفن بليتز، الخبير الاقتصادي في مؤسسة «تي إس لومبارد» الاستشارية، من مغبة الاستمرار في هذا المسار قائلاً: ما نشهده ليس مجرد ظاهرة ركود تضخمي عابرة، بل هو منعطف سيقود حتماً إلى ركود اقتصادي حقيقي - إذا استمر سريان هذه الرسوم الجمركية.
وحذر خبراء الاقتصاد من أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب ستنعكس على الاقتصاد الأمريكي عبر مسارات متعددة، ورغم أن الشركات لن تنقل كامل التكاليف الإضافية للمستهلكين، إلا أن المواطنين الأمريكيين سيتجرعون مرارة هذه الرسوم واسعة النطاق.
وتكشف تجربة الحرب التجارية السابقة التي أطلقها دونالد ترامب عام 2018 عن تمرير نحو 60 % من الرسوم المؤقتة البالغة 20 % على الغسالات المستوردة إلى جيوب المستهلكين، وفق حسابات المحللين. وقدر جيمس نايتلي، خبير الاقتصاد الأمريكي في مجموعة «آي إن جي»، أن حزمة ترامب الجديدة قد تضيف أعباء مالية بقيمة 1350 دولاراً لكل أمريكي، وذلك حسب درجة تمرير الشركات هذه التكاليف إلى مستهلكيها.
من جهته، أوضح مارك جيانوني، الاقتصادي في باركليز، أنه يتوقع أن يتجاوز التضخم الأساسي حاجز الـ4 % هذا العام، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وتصاعد معدلات البطالة. وأشار إلى توقعاته بانكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.1 % على أساس سنوي في الربع الأخير من 2025، بما يتماشى مع حالة الركود، مع ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 4.6 % بحلول نهاية العام.
بدوره، قال بول دونوفان، الاقتصادي في مجموعة «يو بي إس»: إذا لم يتراجع ترامب، فستتعامل الأسواق مع سيناريو الركود الأمريكي كأمر واقع. وستفترض الأسواق ضعفاً محتماً في النمو الأمريكي.
وفي ظل تجاوز التضخم مستهدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 % هذا العام، يجد البنك المركزي نفسه أمام معادلة بالغة التعقيد، وهي كبح جماح الأسعار في وقت تتصاعد فيه التوقعات بالتضخم، مع الاستجابة في الوقت نفسه، لمطالبات تخفيف تداعيات النمو المتباطئ الناجم عن اشتعال فتيل الحرب التجارية.
وتلقت ثقة قطاع الأعمال ضربة قاسية بالفعل جراء النهج المتقلب لترامب في سياساته التجارية، فيما ستواصل حالة عدم اليقين تكبيل حركة الاستثمار خلال فترة من المفاوضات الشاقة مع الشركاء التجاريين الأمريكيين التي ستنطلق قريباً.
وتشير توقعات شركة كونسينسيس إيكونوميكس الصادرة في مارس إلى تراجع التوقعات بشأن نمو استثمارات الشركات الأمريكية إلى 1.9 % فقط هذا العام، مقارنة بأكثر من 2.5 % في يناير الماضي.
وحذر المحللون من أن الإجراءات الانتقامية المرتقبة من شركاء أمريكا التجاريين ستوجه ضربة للصادرات الأمريكية، ما سيلقي بظلال كثيفة على الناتج المحلي الإجمالي. وإذا استمر الانخفاض في أسواق الأسهم الذي أثارته قرارات ترامب فسيزيد ذلك تدهور المعنويات الاقتصادية العامة.
وقال مات جيرتكن، كبير الخبراء الاستراتيجيين في الشؤون الجيوسياسية والأمريكية لدى مؤسسة بي سي إيه ريسيرش: ستؤثر الرسوم الجمركية سلباً في الاقتصاد من خلال رفع أسعار الواردات مؤقتاً، وتقليص هامش الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، وتراجع أرباح الشركات واستثماراتها، وتصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتشديد الأوضاع المالية، ودفع الدول الأخرى لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد الصادرات الأمريكية.
وكان خبراء التوقعات الاقتصادية قد خفضوا بالفعل تقديراتهم لمعدلات النمو الأمريكي قبيل إعلان ترامب عن الرسوم الجمركية، حيث انضم الاحتياطي الفيدرالي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى قائمة المؤسسات التي قلصت توقعاتها لنمو الناتج المحلي وحذرت من ارتفاع معدلات التضخم.
وتشير أحدث بيانات مؤشر جي دي بي ناو الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى انكماش بنسبة 1.4 % على أساس سنوي معدل في الربع الأول من العام الجاري، وذلك بعد تعديل البيانات لتأخذ في الاعتبار تأثير التدفقات الكبيرة للذهب إلى الولايات المتحدة.
كما تراجعت معنويات الأسر الأمريكية بشكل ملحوظ، إذ هبط مؤشر ثقة المستهلك الصادر عن مؤسسة كونفرنس بورد بمقدار 7.2 نقاط ليصل إلى 92.9 في مارس، مسجلاً أدنى مستوى منذ يناير 2021، حين كانت بعض قيود الجائحة لا تزال مطبقة.
وانخفض مؤشر توقعات المستهلكين، المبني على نظرة المستهلكين قصيرة المدى للدخل وبيئة الأعمال وأوضاع سوق العمل، إلى 65.2 في مارس، وهو أدنى مستوى خلال 12 عاماً، ويقع بشكل واضح تحت عتبة الـ80 التي تنذر عادة بركود اقتصادي وشيك.
ولفت نيل شيرينج، كبير الاقتصاديين في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، إلى أن السؤال المطروح يتمحور حول كيفية توظيف مئات المليارات من الدولارات من عائدات الرسوم الجمركية الإضافية التي توقعها ترامب، وما إذا كانت ستستخدم للحد من العجز أم سيتم ضخها في الاقتصاد على شكل تخفيضات ضريبية.
وأضاف شيرينج: إذا استخدمت هذه العائدات لخفض عجز الموازنة، فسيكون الاقتصاد الأمريكي محظوظاً إن تمكن من تجنب الركود، أما إذا أُعيدت للمستهلكين عبر تخفيضات ضريبية أخرى، فقد لا يتأثر النمو الاقتصادي بشكل كبير.
غير أن تأثير الرسوم الجمركية في النمو الأمريكي سيعتمد أيضاً بشكل كبير على مدى تأجيل ترامب أو تخفيفه للجزء المتبادل من هذه الرسوم، في ظل مساعي الشركاء التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي لتخفيف حدة الإجراءات من خلال التفاوض.
وبينما ستطبق الرسوم الأساسية البالغة 10 % على الواردات من جميع الدول باستثناء كندا والمكسيك من 5 أبريل، فإن الرسوم الإضافية، التي تحتسب بناء على العجز التجاري الثنائي، ستدخل حيز التنفيذ لاحقاً في 9 أبريل. ويرى الاقتصاديون أن هيكلة الرسوم بشكل منفصل تشير إلى وجود مجال للتفاوض بشأن المكون الأخير.
وأكد نايتلي من مجموعة آي إن جي أن الاقتصاد الأمريكي يواجه خطراً وشيكاً يتمثل في تراجع الإنتاج وارتفاع البطالة وتصاعد التضخم والضغط على الأسواق المالية. واختتم نايتلي متسائلاً: «هل سيغير دونالد ترامب مساره إذا بلغ الألم الاقتصادي ذروته؟».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سبوتنيك بالعربية
منذ ساعة واحدة
- سبوتنيك بالعربية
مصادر أمريكية: إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ
مصادر أمريكية: إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ مصادر أمريكية: إدارة ترامب تطرد عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي بشكل مفاجئ سبوتنيك عربي أعطت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أكثر من 100 مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إجازة إدارية، في إطار إعادة هيكلة تحت قيادة مستشار الأمن القومي... 24.05.2025, سبوتنيك عربي 2025-05-24T03:30+0000 2025-05-24T03:30+0000 2025-05-24T02:30+0000 الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الأخبار أخبار العالم الآن العالم ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين قولهم إن "إدارة ترامب طردت عشرات الموظفين من مجلس الأمن القومي الأمريكي بشكل مفاجئ أمس الجمعة"، مشيرين إلى أن "ترامب يريد إبقاء روبيو في منصب مستشار الأمن القومي بالإنابة لأطول فترة ممكنة".وأضاف المسؤولين أن "خطط إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي الأمريكي تشمل خفض عدد العاملين إلى أقل من 150 موظفا، وتتضمن أيضا تقليص عدد اللجان التابعة للمجلس".وتابع: "ترامب وروبيو يسعيان إلى إجراء إصلاح شامل لمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض"، مشيرين إلى أن "روبيو يخطط لخفض عدد موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى النصف من أصل 350 موظفا حاليا".وأردف المسؤولين، أن "روبيو يخطط لنقل العديد من صلاحيات مجلس الأمن القومي الأمريكي إلى وزارة الخارجية والبنتاغون"، لافتين إلى أن مهام مجلس الأمن القومي بعد إصلاحه ستكون "التنسيق والتشاور" وليس تنفيذ السياسة الأمريكية.وكان نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس صرح، بأن الرئيس دونالد ترامب لم يفقد الثقة في مايك والتز الذي رشحه ممثلًا دائمًا له لدى الأمم المتحدة بعد إعفائه من منصبه كمستشار للأمن القومي.وقال فانس في تصريحات لشبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن والتز "موضع ثقة مني ومن الرئيس. والرئيس معجب بوالتز في الواقع".وأضاف أن ترامب يعتقد أن والتز سيكون أكثر فائدة بصفته مندوبًا لواشنطن لدى الأمم المتحدة، مؤكدًا أن تغيير منصبه لا علاقة له بفضيحة الدردشة عبر تطبيق "سيغنال".وأشار فانس أيضًا إلى أن المنصب المعروض على والتز "يمكن اعتباره ترقية"، نظرًا لأن المرشحين لمنصب الممثل الدائم للأمم المتحدة يتم الموافقة عليهم من قبل مجلس الشيوخ، على عكس مستشار الأمن القومي.وعقب قرار ترامب، كتب والتز في منشور على حسابه بمنصة "إكس": "يشرفني أن أواصل خدمتي للرئيس ترامب وأمتنا العظيمة".فيما ذكرت شبكة "سي بي إس" الأمريكية نقلا عن مصادرها أنه من المقرر أن يترك مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، ونائبه أليكس وونغ منصبيهما، وذلك على خلفية تسريب محادثات سرية بين كبار المسؤولين الأمريكيين تتعلق بخطط عسكرية أمريكية حول الضربات على اليمن، فيما بات يعرف إعلاميا بـ"فضيحة سيغنال".وفي وقت سابق، أطلق مكتب المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية تحقيقا في استخدام وزير الدفاع الأمريكي لتطبيق "سيغنال"، في أعقاب الفضيحة التي أحاطت بتسريب مناقشات أجراها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الضربات في اليمن.وفي 24 مارس/آذار الماضي، قال رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك"، جيفري جولدبرغ، إنه تلقى في 11 مارس/آذار طلبًا عبر تطبيق "سيغنال" وانتهى به الأمر في دردشة ناقشت فيها الحكومة الأمريكية توجيه ضربات لجماعة "أنصار الله" في شمال اليمن.وبحسب جولدبرغ، فإن المجموعة التي يطلق عليها "مجموعة الحوثيين المقربة من السياسيين" كانت تستضيف "مناقشة سياسية شملت حسابات تحت أسماء نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيفسيث، ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز، ومسؤولين آخرين". وأكد العديد منهم تواجدهم في الدردشة، لكنهم أصروا على عدم تبادل أي معلومات سرية عبر التطبيق. الولايات المتحدة الأمريكية سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي الولايات المتحدة الأمريكية, دونالد ترامب, الأخبار, أخبار العالم الآن, العالم


سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
نائب ترامب يتحدث عن "اللكمة القاضية".. ويستشهد بالحوثيين
واعتبر فانس أن "الولايات المتحدة تواجه تهديدات خطيرة من الصين وروسيا ودول أخرى، وسيتعين عليها الحفاظ على تفوقها التكنولوجي". وأدلى بتعليقاته خلال كلمة في الأكاديمية البحرية الأميركية في أنابوليس بولاية ماريلاند. وخلال حديثه إلى خريجين سيصبحون ضباطا في البحرية وسلاح مشاة البحرية الأميركية، استشهد فانس بالأمر الذي أصدره ترامب باستخدام القوة ضد الحوثيين في اليمن أدى في نهاية المطاف إلى وقف لإطلاق النار، في إطار اتفاق وافقت فيه الجماعة على وقف الهجمات على السفن الأميركية. وتابع: "يجب أن نكون حذرين عندما نقرر توجيه لكمة، لكن عندما نوجه لكمة تكون قوية وقاضية". وأوضح فانس أن بعض الرؤساء السابقين أقحموا الولايات المتحدة في صراعات "لم تكن ضرورية للأمن القومي الأميركي". ولم يحدد فانس هؤلاء الرؤساء، لكن تعليقاته أشارت إلى أنه يقصد بحديثه الرئيس السابق جورج دبليو بوش، الجمهوري الذي شن حروبا بقيادة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وخلفه باراك أوباما، الديمقراطي الذي واصل الحرب في أفغانستان. ولا يزال الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان عام 2021 في عهد الرئيس السابق جو بايدن، محط انتقادات حادة من ترامب. وأضاف: "لا مزيد من المهام غير المحددة، ولا مزيد من النزاعات المفتوحة". وقال فانس إن الولايات المتحدة تمتعت بفترة من الهيمنة بعد سقوط الإمبراطورية السوفيتية بقيادة روسيا ، وإن السياسات الأميركية الرامية إلى التكامل الاقتصادي لمنافسي الولايات المتحدة أتت بنتائج عكسية.


صحيفة الخليج
منذ 3 ساعات
- صحيفة الخليج
سوريا ورفع العقوبات
استحقت سوريا رفع العقوبات الأوروبية عنها، وقبلها وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعطاء دمشق فرصة في البناء وإعادة تأهيل البلاد بعد سنوات عجاف طويلة وصراع مرير من قتل وتدمير وتهجير ما جعل من سوريا دولة فاشلة رغم أهميتها وثقلها الإقليمي. رفع العقوبات ربما يكون الخطوة الأولى وخط البداية نحو وضع أسس متينة لدولة جديدة تحكمها العدالة والقانون وتسعى لمحو آثار الحرب، وقادرة على إدارة مكوناتها المجتمعية، ومواردها المادية بحكمة واتزان، ومن دون العودة إلى ثارات الماضي، أو تهميش، أو محسوبيات وفساد، وهذا ما يأمله كل سوري وعربي خصوصاً بعدما جربت كل صنوف العذاب والحرمان. لكن القصة لم تنته برفع العقوبات، بل إن الاستفادة من ذلك مرهون بشرط وضع خطط قوية لإعادة تأهيل الاقتصاد يقودها مختصون أكفاء، واستقرار أمني يجذب شركات الإعمار والاستثمار، وانفتاح سياسي على الأسواق العربية والعالمية، ونسج علاقات جيدة على أساس المصالح المتبادلة. ورغم التفاؤل، إلا أن التحديات القادمة كثيرة، والعثرات متتالية، خصوصاً أن الدولة تواجه تشظ داخلي، وعدم ثقة بين العديد من المكونات ما يهدد باشتباك داخلي. فقد حذر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ من أن «تقييمه هو أن السلطة الانتقالية، في ضوء التحديات التي تواجهها، قد تكون على بعد أسابيع - وليس عدة أشهر - من انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد مدمرة، تؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد»، وهو لا يستند إلى قراءات فردية بل إلى رصد استخباراتي وقراءة سياسية عميقة لما يحدث في سوريا. وهذا ما يتحتم الالتفات إليه وقطع الطريق على هذه الحرب، التي لو اندلعت بالفعل، فإنها ستكون مقتلة يكتوي الكل السوري بها، وستدمر المزيد من البلاد المحطمة أصلاً، والتي تعاني الكثير، وهذا ما يسعى إليه المتربصون الكثر، الذين لا يريدون لسوريا تجاوز كبوتها والاستقرار. كما أن سوريا وجدت ظهيراً عربياً يدعمها ويقف معها في أزمتها، وهذه فرصة أخرى مهمة جداً في طريق عودتها إلى حضنها العربي الاستراتيجي، فهي تقوى بهذه العودة، كما العرب يقوون بسوريا قوية يكون لها كلمتها في المنطقة والعالم، فهذه البلاد تمتلك من المقومات ما يجعلها ذا مكانة بكل المجالات، في ظل شعب يعشق الانطلاق والنظر إلى الأمام، إذ إن النجاح كان دوماً رفيقه خلال سنوات الحرب، وما بعدها ستكون الانطلاقة صاروخية نحو النهوض إذا توفرت له الأرضية المناسبة. يقع على عاتق دمشق الآن الكثير، فالمهمة ليست سهلة، والتصرف بحكمة وروية وانضباط يعجل بقطف الثمار، وغير ذلك فإن سوريا التاريخ والحضارة معرضة لمزيد من الانهيار والسقوط، وهذا ما لا يريده أي عربي من المحيط إلى الخليج.