
'آرمان ملي' الإيرانية تحاول قراءة علاقات مُلّغزة .. إسرائيل و'السويداء' السورية
قبيل أيام؛ اختطفت المليشيا المحسّوبة على 'مجلس السويداء العسكري'؛ بقيادة الشيخ 'حكمت الهجري'، الزعيم المعنوي للطائفة الدُرزية، بعض العشائر العربية في منطقة 'مقوس السويداء'، في المقابل خطفت العشائر عدد: (14) شاب دُرزي واندلعت مواجهات دامية بين المسلحين من الطرفين، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات. بحسّب ما استهل 'صابر گل عنبري'، خبير الشأن الدولي، تحليله المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
وقبل ذلك؛ وقعت أحداث مشَّابهة في هذه المنطقة. ونتيجة للخطف والأسر المتبادل، كشفت وزارتا 'الدفاع' و'الداخلية' السورية عن إرسال وحدات عسكرية لإنهاء المواجهات بين الطرفين، لكن تعرضت هذه القوات إلى كمين قاتل في منطقة 'الزرعة'، راح ضحيته: (18) شخص، ونشر 'المجلس العسكري'؛ بقيادة 'الهجري'، صور للتمثيّل بأجساد العسكرين القتلى.
إسرائيل تدخل على خط 'السويداء'..
في أعقاب ذلك؛ أرسلت 'دمشق' إلى المنطقة معدَّات عسكرية أكبر شملت دبابات وقاذفات صواريخ؛ وكانت التطورات تتجه نحو توسيّع سيّطرة الحكومة المركزية في 'دمشق' على هذه المنطقة بسبب عدم وجود توازن في القوى بين الجانبين.
في هذه الأثناء؛ قررت 'إسرائيل' الدخول على الخط لصالح الدروز والحيلولة دون انهيار المعادلات الأمنية التي تبلورت في 'السويداء' بعد سقوط النظام السابق، وقصفت القوات الحكومية، وقصر رئاسة الجمهورية، ومقر 'وزارة الدفاع' السورية وغيرها.
بعد ذلك تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، وانسحبت القوات العسكرية من 'السويداء'، لكن 'الهجري' لم يقبل ذلك.
إسرائيل تضع حدود أمنية جديدة..
لكن السؤال: لماذا تدخلت 'إسرائيل'؟.. في الواقع وضعت 'تل أبيب' سياسة السيّطرة الأمنية على جنوب 'سورية'؛ بعد سقوط 'الأسد'، على جدول أعمالها، ضمن إطار استراتيجيتها الإقليمية العامة لبلورة ترتيبات أمنية جديدة في نطاق عدة كيلومترات من المحيط الإسرائيلي بجنوب 'سورية'، وجنوب 'الليطاني' بلبنان، و'قطاع غزة' حتى صحراء 'سيناء' في مصر؛ (طرف اتفاقية كامب ديفيد).
وتهدف استراتيجية إقامة هكذا منطقة حول 'إسرائيل'، إلى إنهاء الوجود العسكري لـ (حماس) في الجنوب، و(حزب الله) في الشمال، باعتبارهما ضلعي (محور المقاومة)، وذلك للحيلولة دون تشَّكل وضع مشَّابه في جنوب 'سورية' واستمرار الوضع في 'سيناء' على ما هو عليه.
لكن الجنوب السوري؛ وبخاصة محافظة 'السويداء'، تحظى باهتمام إسرائيلي من عدة أوجه، الأول: موقعها الاستراتيجي بالنظر إلى حلولها ضمن المثُلث الحدودي: 'السوري-الإسرائيلي-اللبناني'، والدور الذي يُمكن أن تلعبه هذه المنطقة مستقبلًا في إعادة تسليح (حزب الله) من جديد.
الثاني: تنظر 'إسرائيل' إلى هذه المنطقة باعتبارها بوابة ضمان نفوذها وتأثيرها على 'دمشق'. لذلك، لا تسعى فقط إلى اجتثاث أي وجود للقوى المعارضة لها في جنوب 'سورية' و'السويداء'، بل تُريد أيضًا عبر وجودها العسكري المباشر وإنشاء وتنظيم تشّكيلات عسكرية متحالفة مع الدروز، فرض سيّطرتها الأمنية على هذه المنطقة إلى الأبد، وأن تتحكم في 'دمشق'، وتغييّر الوجه الأمني والجيوسياسي لبلاد 'الشام والشرق الأوسط' وفقًا لرؤيتها.
رد الجميل للدروز..
من ثم شنّت 'إسرائيل' هجماتها على 'سورية' في خضّم المفاوضات بين الحكومة السورية والمسؤولين الإسرائيليين، لكن دعم 'إسرائيل' الكامل للدروز السوريين في مواجهة الحكومة المركزية، بالإضافة إلى الأسباب المذكورة سابقًا وعدم الثقة بالنظام السوري الجديد، يُعتبر نوعًا من رد الجميل للدروز؛ الذين أغلقوا شوارعًا في 'إسرائيل'، خلال الأيام الماضية، وذهب بعضهم إلى داخل 'سورية' مطالبين بالحرب ضد 'دمشق'.
بشكلٍ عام؛ ورُغم معارضة بعض التيارات الدُرزية في بلاد 'الشام'؛ لـ'إسرائيل'، إلا أن هذه الطائفة تُعتبر الحليف الأكثر ولاءً لـ'إسرائيل'. ويتمتع الدروز في 'إسرائيل' نفسها، على عكس المسيحيين والمسلمين، بحضور قوي في أجهزة الدولة، خاصة في الجيش والمؤسسات الأمنية، وأبرز مثال على ذلك هو: 'غسان عليان'؛ أول قائد غير يهودي للواء (غولاني) النخبوي.
وفي الواقع؛ فقد تحولت القوات الأمنية والعسكرية الدُرزية إلى جزءٍ مهم من آلة العنف والقمع ضد الفلسطينيين، خاصة في 'القدس والضفة الغربية'، وقد يكون سلوكهم أحيانًا أكثر عنفًا من الجنود اليهود أنفسهم.
إعادة بناء الأمن الشامي كمدخل لـ'شرق أوسط جديد'..
بشكلٍ عام؛ فإن السياسة الدولية بقيادة 'الولايات المتحدة' والغرب تجاه 'سورية'، وحتى المنطقة ككل، لا تقوم على الفوضى وعدم الاستقرار الواسع، لأن ذلك لن يكون في صالح 'إسرائيل'، بل على إعادة بناء الأمن في بلاد 'الشام' تدريجيًا كمدخل لخلق نظام جديد في الشرق الأوسط.
وتتُابع تنفيذ هذا الهدف في 'سورية' بطريقتين متوازيتين، الأولى: خلق ترتيبات أمنية مستَّقرة في الجنوب. الثانية: محاولة مواءمة النظام السوري الجديد.
وحتى الآن؛ تمَّكن نظام 'الشّرع' بكسّب دعم ثلاث كتل: 'الإمارات، والسعودية، وقطر' و'تركيا'، من الحصول على اعتراف دولي ورفع العقوبات.
وبالفعل من غير المُرجّح اتخاذ خطوات لإسقاط النظم السوري الجديد، طالما لا تدخل 'دمشق' في مواجهة جادة مع 'إسرائيل'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 2 أيام
- موقع كتابات
'اسكناس' الإيرانية تكشف .. الهجوم على سورية ضمن تفعيل مشروع 'الشرق الأوسط الكبير'
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: الهجوم الإسرائيلي على 'سورية' واستهداف مقر الرئاسة بذريعة حماية الدروز، أثار حيرة المحللين السياسيين بشأن جرأة رئيس الوزراء الصهيوني؛ 'بنيامين نتانياهو'، على تنفيذ عمليات بالغة الأهمية تجاه منافسيّه في الإقليم، بعد وصول؛ 'دونالد ترمب'، إلى الرئاسة في 'الولايات المتحدة'، وتساءل المحللون: عن أهداف 'نتانياهو' المستقبلية؟.. بحسّب ما استهل 'إحسان أنصاري'؛ تقريره المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية. وكان رئيس الوزراء الصهيوني قد أعلن؛ بتاريخ 08 آذار/مارس 2024م، أي بعد (طوفان الأقصى)، سعيّه لتغيّير حدود الشرق الأوسط، وأن التطورات الجديدة بالمنطقة تصَّب في صالح 'إسرائيل'. وربما أمكن تفسيّر بعض تصريحاته آنذاك؛ في إطار توهم القوة، لكن بمرور الوقت تبيّن أنه يسّعى عمليًا مقترح: 'الشرق الأوسط الكبير'. محاور المشروع.. والمشروع يُشيّر إلى مفهومين؛ الأول: 'خطة ينون'، والثاني: 'الشرق الأوسط الكبير'. 'خطة ينون'؛ عبارة عن مشروع استراتيجي إسرائيلي يقترح تقسيّم دول المنطقة إلى دويلات أصغر. أما 'الشرق الأوسط الكبير'؛ فهو مصطلح سياسي ابتكرته إدارة؛ 'جورج بوش'، يُشيّر إلى منطقة أكثر اتساعًا من الشرق الأوسط، ويُعرف في الغالب عنوان: 'الشرق الأوسط الجديد' أو 'الشرق الأوسط الكبير'. وكان المحلل الإسرائيلي؛ 'عوديد ينون'، مستشار رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق؛ 'أرئيل شارون'، قد طرح 'خطة ينون' عام 1982م، بهدف تقسيّم دول الشرق الأوسط إلى دويلات أصغر وأضعف، بذريعة أن هذا الأمر سوف يخدم مصلحة 'إسرائيل'، لأن الدول الأضعف تُمثّل خطرًا أقل على 'إسرائيل'. وتشمل هذه الخطة تقسيم دول مثل: 'مصر والعراق ولبنان والأردن'. لكن مشروع 'الشرق الأوسط'؛ هو مقترح من إدارة 'بوش'، كما سبقت الإشارة، ويُستّعمل في وصف منطقة أوسع من الشرق الأوسط تشمل دول 'شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى'. وطُرح الموضوع في البداية بوصفه استراتيجية فرض الديمقراطية في هذه المنطقة وتطويرها اقتصاديًا، لكن عمليًا كان اُستخدم لتبرير للتدخل العسكري الأميركي في المنطقة. مشروع 'القرن الأميركي الجديد'.. والمشروع المعروف باسم: 'الشرق الأوسط الكبير' هو جزء من مشروع 'القرن الأميركي الجديد'، والذي يعتبره الخبراء بمثابة بيان تاريخي للمحافظين الأميركيين. بناءً على هذه الخطة؛ فإن الجيش الأميركي أصغر بكثير من المطلوب للقيام بالمهام الموكلة إليه. ولهذا السبب، يجب توسيّع الجيش الأميركي ليتّمكن من اكتساب القُدرة على التواجد في جميع أنحاء العالم. ومن المراحل المهمة في هذا المشروع، مسألة تأمين الطاقة لـ'الولايات المتحدة الأميركية'. وفي هذا الصدّد يقوم مخطط 'الشرق الأوسط الكبير'؛ بالأساس، على تفتيّت الدول الكبرى بالمنطقة أو تغيّير أنظمتها السياسية. ورغم أن تنفيذ هذه الخطة في إطار خطة 'القرن الأميركي الجديد'، يُنسّب إلى المحافظين الجدَّد الأميركيين الذين غادروا 'البيت الأبيض' الآن، إلا أنه يجب أن نعلم أن المؤسسات والمنَّظرين الذين توقعوا هذه البرامج، وكذلك الرأسماليين الذين يدعمونها، لا يزالون متشبّثين بشدة بتنفيذها خلال الخمسين سنة القادمة. لماذا تعرضت 'سورية' للهجوم الإسرائيلي ؟ الحرب الإسرائيلية على 'إيران'؛ والتي استمرت مدة (12) يومًا، ثم الهجوم الإسرائيلي العشوائي على 'سورية'، يُثبّت أن 'إسرائيل' تحولت إلى أهم أدوات تنفيذ مشروع 'الشرق الأوسط الكبير'، وربما تدخل دول أخرى في اللعبة مستقبلًا. تتزامن العمليات الإسرائيلية الشديدة على 'سورية'، مع صعود 'أبو محمد الجولاني' الجديد والمَّطيع من جميع الجهات. وقد أبدت الدول العربية أيضًا دعمًا ملحوظًا لـ'الجولاني' و'سورية'، مع هذا يبدو أن 'إسرائيل' لا تُريد تشكيل حكومة واحدة في 'سورية'. والأساس بالنسبة للكيان الإسرائيلي؛ تقسيّم 'سورية' وتصعيّد حكومة ضعيفة في 'دمشق'، وضم 'السويداء' والدروز إلى 'إسرائيل'، ومنح الأكراد حكم ذاتي تمهيدًا للاستقلال عن 'تركيا'. كذلك من جُملة أهداف الهجوم؛ فرض السيّطرة الاستخباراتية والعسكرية على 'سورية'، للتحكم في الحدود اللبنانية و(حزب الله)، واستخدام 'سورية' كأداة ضغط في (صفقة القرن)، وإجبار النظام السوري على الابتعاد عن 'تركيا'. النقطة الأهم أن الحكومة الضعيفة والسيّطرة على الحدود العراقية، والسيّطرة على المجال الجوي السوري بهدف التزود بالوقود وتجديد الهجوم على 'إيران'، من جُملة الأهداف الإسرائيلية من الهجوم على 'سورية'. والواقع أن 'إسرائيل' تُريد فرض واقع جديد يُسّاعد في إبقاء مشروع الاحتلال. وتحظى هذه الاستراتيجية باهتمام إسرائيلي خاص؛ لا سيّما خلال السنوات الأخيرة. وتأمل 'إسرائيل' أن يُسّاهم الضعف العسكري في اجبار النظام السوري الجديد على السلام والتطبّيع مع 'إسرائيل'، أو على الأقل تعدم القُدرة على مواجهة 'إسرائيل' عسكريًا.


موقع كتابات
منذ 3 أيام
- موقع كتابات
وثائق بريطانية سرية حول غزو العراق تكشف .. بلير يخاطب بوش: 'إذا تغيّر النظام ببغداد تغيّر أيضًا في لندن'
وكالات- كتابات: كشفت وثائق بريطانية؛ رُفعت عنها السرية حديثًا، أن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق؛ 'توني بلير'، حذّر إدارة الرئيس الأميركي؛ 'جورج بوش الابن' عام 2003، من أن المُضّي في غزو 'العراق' من دون الحصول على قرار ثانٍ من 'مجلس الأمن' قد يُكلّفه رئاسة الحكومة. الوثائق التي نشرتها صحيفة (الغارديان) البريطانية؛ نقلت عن 'ديفيد مانينغ'، مستشار 'بلير' للسياسة الخارجية، تحذيره لمستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك؛ 'كوندوليزا رايس'، قائلًا إن: 'سعي بوش لتغيّير النظام في بغداد؛ قد يُفضّي إلى تغيّير النظام في لندن أيضًا'. الاجتماع بين 'مانينغ' و'رايس'؛ عُقد قبل زيارة 'بلير'، للرئيس 'بوش'، في 'كامب ديفيد'، بتاريخ 31 كانون ثان/يناير 2003، أي قبل أقل من شهرين من بدء الغزو الأميركي لـ'العراق'. وبحسّب الوثائق؛ كان هدف 'بلير'، في 'كامب ديفيد'، هو إقناع الإدارة الأميركية بالحاجة إلى قرار أممي ثانٍ باعتباره: 'ضرورة سياسية وقانونية للمملكة المتحدة'. موقف 'بلير' الداخلي على المحك.. وفي مذكرة منفصَّلة صنُفت: 'سرية-شخصية بحتة وحساسة للغاية'، بتاريخ 29 كانون ثان/يناير، حذّر 'مانينغ' من أن تجاوز 'مجلس الأمن' سيُضعف موقع 'بلير' أمام البرلمان ومجلس الوزراء، وقد يُجبره على الاستقالة. وأبلغ 'مانينغ'، رئيس الوزراء البريطاني، أن 'بوش' لا يرى في القرار الثاني شرطًا حاسمًا لأنه يمتلك تفويضًا من 'الكونغرس'، لكنه أشار إلى أن هذا الوضع: 'مختلف تمامًا' عن المأزق الداخلي الذي يواجهه 'بلير'. ووفقًا للمذكرة، أقرت 'رايس' بهذا التبَّاين، لكنها شبّهت الوضع بـ'لعبة بوكر'، قائلة: 'تأتي لحظة الحسم، وعلى الجميع كشف أوراقهم'، ليرد 'مانينغ' بالقول إن: 'بوش يُمكنه المغامرة والبقاء على الطاولة، لكن بلير قد يُضطر إلى مغادرتها إذا فشل'. الوثائق كشفت أيضًا أن 'واشنطن' بدأت تفقدّ صبرها تجاه رفض: 'فرنسا وروسيا'، الدولتين اللتين تمتلكان حق النقض في 'مجلس الأمن'، في ظل عجز المفتشين الدوليين عن العثور على أي أدلة تؤكد وجود أسلحة دمار شامل لدى 'العراق'، وهو المبَّرر المفترض للحرب. في السيّاق نفسه؛ قال السفير البريطاني لدى واشنطن؛ 'كريستوفر ماير'، إن خطاب 'بوش' أمام 'الكونغرس'؛ في كانون ثان/يناير 2003، أغلق أي مجال للمناورة السياسية، واصفًا موقف 'بوش': بـ'المخلّص' الذي لا رجعة فيه: 'إلا باستسلام صدام حسين أو اختفائه من المشهد'. وفي برقية أخرى؛ وصف 'ماير' رؤية 'بوش' للعالم بأنها: 'مانوية'، تقوم على تقسيّمه بين الخير والشر، ورسالته هي: 'تطهيره من الأشرار'. كما أظهرت إحدى المذكرات الصادرة عن 'وزارة الدفاع' البريطانية تحذيرها المبَّكر من أن: 'تراخي قبضة صدام على السلطة قد يؤدي إلى مستويات كبيرة من العنف الداخلي'. وتقرير (تشيلكوت) بشأن الحرب على 'العراق'؛ الصادر لاحقًا، أكد صحة هذه التحذيرات، ووجّه انتقادات حادة إلى 'بلير' لتجاهله المخاوف السياسية والأمنية، مشددًا على أن الفوضى التي أعقبت الغزو لم تكن مفاجئة كما زعم.


موقع كتابات
منذ 3 أيام
- موقع كتابات
'آرمان ملي' الإيرانية تحاول قراءة علاقات مُلّغزة .. إسرائيل و'السويداء' السورية
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: قبيل أيام؛ اختطفت المليشيا المحسّوبة على 'مجلس السويداء العسكري'؛ بقيادة الشيخ 'حكمت الهجري'، الزعيم المعنوي للطائفة الدُرزية، بعض العشائر العربية في منطقة 'مقوس السويداء'، في المقابل خطفت العشائر عدد: (14) شاب دُرزي واندلعت مواجهات دامية بين المسلحين من الطرفين، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات. بحسّب ما استهل 'صابر گل عنبري'، خبير الشأن الدولي، تحليله المنشور بصحيفة (آرمان ملي) الإيرانية. وقبل ذلك؛ وقعت أحداث مشَّابهة في هذه المنطقة. ونتيجة للخطف والأسر المتبادل، كشفت وزارتا 'الدفاع' و'الداخلية' السورية عن إرسال وحدات عسكرية لإنهاء المواجهات بين الطرفين، لكن تعرضت هذه القوات إلى كمين قاتل في منطقة 'الزرعة'، راح ضحيته: (18) شخص، ونشر 'المجلس العسكري'؛ بقيادة 'الهجري'، صور للتمثيّل بأجساد العسكرين القتلى. إسرائيل تدخل على خط 'السويداء'.. في أعقاب ذلك؛ أرسلت 'دمشق' إلى المنطقة معدَّات عسكرية أكبر شملت دبابات وقاذفات صواريخ؛ وكانت التطورات تتجه نحو توسيّع سيّطرة الحكومة المركزية في 'دمشق' على هذه المنطقة بسبب عدم وجود توازن في القوى بين الجانبين. في هذه الأثناء؛ قررت 'إسرائيل' الدخول على الخط لصالح الدروز والحيلولة دون انهيار المعادلات الأمنية التي تبلورت في 'السويداء' بعد سقوط النظام السابق، وقصفت القوات الحكومية، وقصر رئاسة الجمهورية، ومقر 'وزارة الدفاع' السورية وغيرها. بعد ذلك تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، وانسحبت القوات العسكرية من 'السويداء'، لكن 'الهجري' لم يقبل ذلك. إسرائيل تضع حدود أمنية جديدة.. لكن السؤال: لماذا تدخلت 'إسرائيل'؟.. في الواقع وضعت 'تل أبيب' سياسة السيّطرة الأمنية على جنوب 'سورية'؛ بعد سقوط 'الأسد'، على جدول أعمالها، ضمن إطار استراتيجيتها الإقليمية العامة لبلورة ترتيبات أمنية جديدة في نطاق عدة كيلومترات من المحيط الإسرائيلي بجنوب 'سورية'، وجنوب 'الليطاني' بلبنان، و'قطاع غزة' حتى صحراء 'سيناء' في مصر؛ (طرف اتفاقية كامب ديفيد). وتهدف استراتيجية إقامة هكذا منطقة حول 'إسرائيل'، إلى إنهاء الوجود العسكري لـ (حماس) في الجنوب، و(حزب الله) في الشمال، باعتبارهما ضلعي (محور المقاومة)، وذلك للحيلولة دون تشَّكل وضع مشَّابه في جنوب 'سورية' واستمرار الوضع في 'سيناء' على ما هو عليه. لكن الجنوب السوري؛ وبخاصة محافظة 'السويداء'، تحظى باهتمام إسرائيلي من عدة أوجه، الأول: موقعها الاستراتيجي بالنظر إلى حلولها ضمن المثُلث الحدودي: 'السوري-الإسرائيلي-اللبناني'، والدور الذي يُمكن أن تلعبه هذه المنطقة مستقبلًا في إعادة تسليح (حزب الله) من جديد. الثاني: تنظر 'إسرائيل' إلى هذه المنطقة باعتبارها بوابة ضمان نفوذها وتأثيرها على 'دمشق'. لذلك، لا تسعى فقط إلى اجتثاث أي وجود للقوى المعارضة لها في جنوب 'سورية' و'السويداء'، بل تُريد أيضًا عبر وجودها العسكري المباشر وإنشاء وتنظيم تشّكيلات عسكرية متحالفة مع الدروز، فرض سيّطرتها الأمنية على هذه المنطقة إلى الأبد، وأن تتحكم في 'دمشق'، وتغييّر الوجه الأمني والجيوسياسي لبلاد 'الشام والشرق الأوسط' وفقًا لرؤيتها. رد الجميل للدروز.. من ثم شنّت 'إسرائيل' هجماتها على 'سورية' في خضّم المفاوضات بين الحكومة السورية والمسؤولين الإسرائيليين، لكن دعم 'إسرائيل' الكامل للدروز السوريين في مواجهة الحكومة المركزية، بالإضافة إلى الأسباب المذكورة سابقًا وعدم الثقة بالنظام السوري الجديد، يُعتبر نوعًا من رد الجميل للدروز؛ الذين أغلقوا شوارعًا في 'إسرائيل'، خلال الأيام الماضية، وذهب بعضهم إلى داخل 'سورية' مطالبين بالحرب ضد 'دمشق'. بشكلٍ عام؛ ورُغم معارضة بعض التيارات الدُرزية في بلاد 'الشام'؛ لـ'إسرائيل'، إلا أن هذه الطائفة تُعتبر الحليف الأكثر ولاءً لـ'إسرائيل'. ويتمتع الدروز في 'إسرائيل' نفسها، على عكس المسيحيين والمسلمين، بحضور قوي في أجهزة الدولة، خاصة في الجيش والمؤسسات الأمنية، وأبرز مثال على ذلك هو: 'غسان عليان'؛ أول قائد غير يهودي للواء (غولاني) النخبوي. وفي الواقع؛ فقد تحولت القوات الأمنية والعسكرية الدُرزية إلى جزءٍ مهم من آلة العنف والقمع ضد الفلسطينيين، خاصة في 'القدس والضفة الغربية'، وقد يكون سلوكهم أحيانًا أكثر عنفًا من الجنود اليهود أنفسهم. إعادة بناء الأمن الشامي كمدخل لـ'شرق أوسط جديد'.. بشكلٍ عام؛ فإن السياسة الدولية بقيادة 'الولايات المتحدة' والغرب تجاه 'سورية'، وحتى المنطقة ككل، لا تقوم على الفوضى وعدم الاستقرار الواسع، لأن ذلك لن يكون في صالح 'إسرائيل'، بل على إعادة بناء الأمن في بلاد 'الشام' تدريجيًا كمدخل لخلق نظام جديد في الشرق الأوسط. وتتُابع تنفيذ هذا الهدف في 'سورية' بطريقتين متوازيتين، الأولى: خلق ترتيبات أمنية مستَّقرة في الجنوب. الثانية: محاولة مواءمة النظام السوري الجديد. وحتى الآن؛ تمَّكن نظام 'الشّرع' بكسّب دعم ثلاث كتل: 'الإمارات، والسعودية، وقطر' و'تركيا'، من الحصول على اعتراف دولي ورفع العقوبات. وبالفعل من غير المُرجّح اتخاذ خطوات لإسقاط النظم السوري الجديد، طالما لا تدخل 'دمشق' في مواجهة جادة مع 'إسرائيل'.