logo
قصة إثيوبية في اليمن تختزل معاناة المهاجرين الأفارقة

قصة إثيوبية في اليمن تختزل معاناة المهاجرين الأفارقة

الشرق الأوسط٣١-٠٧-٢٠٢٥
تختزل قصة مهاجرة أفريقية في اليمن معاناة آلاف يعبرون البحر قادمين من القرن الأفريقي.
وتقدر منظمة الهجرة الدولية بأن أكثر من 200 ألف مهاجر، غالبيتهم من القرن الأفريقي، يعبرون إلى اليمن في كل سنة، والعديد منهم من النساء اللاتي يسافرن بمفردهن ويواجهن خطر الاستغلال بشكل كبير.
ومع استمرار تدفق المهاجرين غير الشرعيين على السواحل اليمنية بهدف الوصول إلى دول الخليج العربي، أبرزت المنظمة الأممية حالة شابة إثيوبية مثالاً على المخاطر والاستغلال والمعاناة التي يواجهها النساء خلال رحلات الموت التي تبدأ من السواحل الصومالية أو الجيبوتية.
فضمن مجموعة تضم أربعة عشر رجلاً وأربع نساء انطلقوا من القرن الأفريقي، يحملهم البحر نحو المجهول، كانت هناك شابةٌ إثيوبيةٌ في العشرين من عمرها، يَجثُمُ على قلبها حزنٌ على وفاة والدها، وجراحٌ خلّفتها الرحلة المروّعة من قريتها إلى مدينة بوصاصو الصومالية، حيث كانت تعيش حياة بسيطة، تذهب إلى المدرسة، وتضحك مع صديقاتها، وتساعد والدها في مزرعتهم الصغيرة، لكن بعد وفاته تغيّر كل شيء.
تقول الشابة إنها شعرت بفراغ في الحياة، ووجدت نفسها وحيدةً في هذا العالم، وبعدها شدتها قصص الهجرة التي سمعتها عن فرص عمل أفضل في الخارج، واتخذت قراراً اعتقدت أنه سينقذ أسرتها، وبصحبة ثلاث من صديقاتها، باعت ما تملكه أسرتها من ماعز، وجمعت ما تقدر عليه من المال، وأخبرت والدتها بيقينٍ يجهل مخاطر هذه المغامرة أنها ستجد عملاً في دول الخليج وسترسل لها المال.
هذا الأمل سرعان ما تحول إلى خطر، حين قام المهربون بتفريق الفتيات، ووضعوهن في مجموعة أصغر، وسارت لمدة أربعة أسابيع عبر الصحراء باتجاه ميناء بوصاصو، الذي يتجمع فيه المهاجرون لمواصلة رحلتهم بحراً، وهناك، آلت بها الأمور إلى منعطف آخر مظلم، فقد أسرها المتاجرون بالبشر وطالبوا بمزيد من المال. وفق رواية المنظمة الأممية.
لم تستطع الشابة دفع المبلغ الذي طلبوه، وعندما توسلت طلباً للرحمة، تعرضت للاعتداء والعنف الجنسي، ومثل غيرها على طريق الهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن، كانت ضحية للمتاجرين بالبشر الذين يستغلون الضعفاء، حيث تعتمد هذه الشبكات على العنف والابتزاز والترهيب للسيطرة على من هاجروا بحثاً عن الأمان.
عقب تعرضها لهذه الانتهاكات، تعاون معها أحد المهربين، وكان يتحدث لغتها، وساعدها على الصعود على قارب متجه إلى اليمن، وهناك، التقت صديقاتها، فسالت دموعهن جميعاً، لكن لم تُحدّث إحداهن الأخرى عمّا حصل لها، فقد كُنَّ في حال خوف شديدة من القادم.
وبعد يومين شاقين في البحر، وصلن أخيراً إلى الساحل، حيث هزّ المهربون القارب بعنف، ليجبروا الناس على القفز منه، فهرعن إلى مكان مقفر، وحيدات، تائهات، ومشين حتى صادفن قرويات يمنيات قدمن لهن الطعام والملابس، وحتى تلك اللحظة، كنّ يحسبن أنهن قد وصلن إلى دول الخليج، لكن بعد معرفة الحقيقة واصلن السير لا يدرين أين وجهتهن، قبل أن يتوقف رجل يمني وينقلهن بسيارته إلى عدن، وأعطاهن بعض المال وتمنى لهن السلامة.
هناك في عدن، استضافتهن امرأة سبق لها أن قطعت نفس الرحلة، وبعد ثلاثة أيام، ساعدتهن في الترتيب لسفرهن إلى صنعاء، على أمل أن يجدن عملاً أو دعماً. ولكن بمجرد أن وصلن إلى هناك، تفرقت الصديقات للبحث عن عمل، حيث التقت الشابة رجلاً عرّفها على امرأة إثيوبية قدّمت لها مكاناً للإقامة وعملاً في متجرها.
بعد أشهر لاحظت المرأة التي تملك المتجر انتفاخاً في بطن الشابة، فشعرت بالقلق، وأخذتها لزيارة المستشفى، وتبيّن أنها حامل في شهرها السادس، فانفجرت بالبكاء، لأنها لم تكن تعرف حتى أنها حامل، ولم يكن لديها أدنى فكرة عمّا سيحدث بعد ذلك، وقد ساعدتها صديقتها في الانتقال إلى منزل أختها للراحة، لكن الضغوط المالية استمرت في الازدياد، وفي النهاية، أخذتها الأسرة إلى المنظمة الدولية للهجرة، وعندما وصلت إلى هناك، تحدثت عن كل شيء، الألم والخوف، وكل ما كتمته في داخلها منذ أن غادرت أسرتها.
وضعت الشابة العشرينية مولودها في نقطة الاستجابة التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في صنعاء، وإلى الآن -حسب منظمة الهجرة الدولية- لا تزال هي وطفلها يتلقيان الرعاية الطبية والمشورات والدعم الضروري، مما يساعدهما على العيش بكرامة، لكن من دون وثائق هوية، كما أن حصول طفلها على التعليم وحقوقه الأساسية غير مؤكد.
وتقدّم نقطة الاستجابة التابعة للمنظمة الدولية للهجرة -حسب المنظمة- مساعدات منقذة للحياة للمهاجرين الضعفاء، كما توفّر لهم مساحة للتشافي والتعافي وتساعدهم على العودة إلى ديارهم، وهذا ما تأمل الشابة الإثيوبية تحقيقه الآن من خلال برنامج العودة الإنسانية الطوعية، وتقول إنها لو أخبرها أحدهم بأنه يخطط لخوض هذه الرحلة لَتوسلت إليه أن يعيد النظر، لأن الأمر لا يستحق كل ذلك الخوف والألم وكل ما فقدته.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير: الصين تحتجز دبلوماسياً بارزاً "ساهم في تحسين العلاقات مع واشنطن"
تقرير: الصين تحتجز دبلوماسياً بارزاً "ساهم في تحسين العلاقات مع واشنطن"

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

تقرير: الصين تحتجز دبلوماسياً بارزاً "ساهم في تحسين العلاقات مع واشنطن"

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن السلطات الصينية احتجزت الدبلوماسي الصيني البارز ليو جيان تشاو، الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع كمرشح محتمل لوزارة الخارجية، وكان يحظى بـ"ترحيب كبير" خلال زيارته إلى واشنطن، لاستجوابه. ويعد ليو (61 عاماً) من كبار المسؤولين في السلك الدبلوماسي الصيني، وساهم في "الحملة على الفساد"، بصفته أحد أبرز مكافحي الفساد في الحزب الشيوعي، وكان يشغل منصب رئيس الدائرة الدولية للحزب، والتي تُشرف على العلاقات مع الأحزاب السياسية الأجنبية والدول الاشتراكية. وقالت الصحيفة إن ليو اعتقل بعد عودته إلى بكين من رحلة عمل في الخارج، أواخر يوليو الماضي، ولم يتسن تحديد سبب احتجازه، إذ كانت آخر زيارات ليو إلى سنغافورة وجنوب إفريقيا والجزائر بصفته رئيساً للدائرة الدولية. ووفقاً لأشخاص مقربين من مؤسسة السياسة الخارجية الصينية، فإن غياب ليو قد يؤدي إلى "تآكل الخبرة الدبلوماسية" في بكين، حيث يُفضّل الزعيم الصيني شي جين بينج بشكل متزايد "الولاء السياسي"، في تعيينات الموظفين. ويُمثّل احتجاز ليو أعلى مستوى تحقيق معروف يشمل دبلوماسياً صينياً منذ أن أطاحت بكين بتشين جانج من منصب وزير الخارجية عام 2023، بعد سبعة أشهر فقط في المنصب. وخلص تحقيق داخلي في الحزب حينها إلى أن تشين "تورط في علاقة خارج نطاق الزواج"، استمرت طوال فترة عمله سفيراً لبكين في واشنطن. وخلف تشين في منصب وزير الخارجية سلفه، وانج يي، وهو أيضاً أكبر مسؤول في السياسة الخارجية في الحزب الشيوعي وعضو في المكتب السياسي للنخبة المكون من 24 عضواً. واستقال تشين من اللجنة المركزية للحزب العام الماضي، لكنه ظل عضواً في الحزب. وبعد إقالة تشين، اعتُبر ليو مرشحاً قوياً لتولي منصب وزير الخارجية، نظراً لخبرته وأقدميته في الجهاز الدبلوماسي الصيني. إطاحات بتهم "الفساد" وأطاح مسؤولو إنفاذ القانون في الحزب بعشرات كبار المسؤولين في إطار "عمليات التطهير التأديبية"، المتواصلة التي شنّها شي، والتي اتسمت بتشديد الرقابة على موظفي الحزب والدولة بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. ومنذ تولي شي السلطة عام 2012، عاقب مفتشو الحزب أكثر من 6.2 مليون شخص بتهم تشمل الفساد والتقاعس البيروقراطي وتسريب أسرار الدولة، وفق "وول ستريت جورنال". وخلال رحلة إلى واشنطن ونيويورك في أوائل عام 2024، حظي ليو بالثناء على أسلوبه الجذاب في توصيل الرسائل بشأن الحاجة إلى علاقات أميركية صينية مستقرة. وأشار بعض المشاركين الأميركيين إلى استعداد ليو للاستماع إلى المخاوف بشأن سياسات الصين ومعالجتها، بما في ذلك فرض قيود على الشركات الغربية التي تُقيّم مخاطر الاستثمار في البلاد. وخلال تلك الرحلة، تواصل ليو مع مراكز أبحاث أميركية مثل "جمعية آسيا"، ومستثمرين مثل الرئيس التنفيذي لشركة "بلاكستون"، ستيفن شوارتزمان، وراي داليو، مؤسس شركة "بريدج ووتر أسوسيتس"، بالإضافة إلى مسؤولين في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، بمن فيهم وزير الخارجية آنذاك أنتوني بلينكن. لكن الرحلة نفسها أثارت الدهشة في بكين، إذ كان من غير اللائق سياسياً أن يقدم ليو نفسه كوزير خارجية منتظر قبل أي إعلان رسمي عن توليه هذا المنصب. من هو ليو جيان تشاو؟ وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن ليو أمضى الجزء الأكبر من حياته المهنية في السلك الدبلوماسي، حيث شغل مناصب بارزة في وكالات الحزب والدولة التي قادت حملة شي على الفساد. ويقول من التقوا ليو إنه كان شغوفاً بلعبة الجولف وكان يلعبها كثيراً، لكنه على الأرجح توقف عن ممارستها مع بدء الحزب في التعبير عن استيائه من لعب المسؤولين للجولف في ظل حملة شي على الإسراف. وكان نجل ليو يعمل في القطاع المالي بالولايات المتحدة في وقت ما، وهو الآن مقيم في الصين، وانضم ليو، إلى الحزب الشيوعي الصيني ووزارة الخارجية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث أمضى وقتاً في دراسة العلاقات الدولية بجامعة "أكسفورد". وبرز اسم ليو في الأوساط العامة بصفته متحدثاً باسم الوزارة، وهو المنصب الذي شغله خلال دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008. وعيّنته الصين لاحقاً سفيراً لها لدى الفلبين ثم إندونيسيا، قبل ترقيته إلى منصب مساعد وزير الخارجية عام 2013، إذ انتقل ليو إلى مجال مكافحة الفساد عام 2015، عندما عُيّن رئيساً لمكتب التعاون الدولي في اللجنة المركزية لفحص الانضباط التابعة للحزب الشيوعي. وأصبح ليو شخصية رئيسية في "عملية مطاردة الثعالب" التي أطلقها شي، وهي جهد عالمي لملاحقة الصينيين المتهمين بالفساد والذين فروا إلى الخارج. وفي عام 2017، ساعد ليو في قيادة هيئة حكومية جديدة لمكافحة الفساد تُعرف باسم "لجنة الرقابة" في مقاطعة تشجيانج الشرقية، حيث عين كأعلى مسؤول عن تطبيق الانضباط في المنطقة. وعاد ليو إلى السلك الدبلوماسي عام 2018، عندما أصبح مسؤولاً رفيع المستوى في اللجنة المركزية للشؤون الخارجية التابعة للحزب، وهي هيئة يقودها شي وتُوجّه السياسة الدبلوماسية للصين. وفي عام 2022، عيّن الحزب ليو رئيساً للدائرة الدولية، ثم رقّاه إلى العضوية الكاملة في لجنته المركزية النخبوية. وسافر أكثر من سلفه، بما في ذلك رحلات إلى الولايات المتحدة ودول ديمقراطية غربية أخرى لم يزرها عادةً رؤساء الدائرة الدولية السابقون.

خلايا تهريب الأسلحة تفضح الحوثي.. وأمن لحج يحبط تهريب معدات ثقيلة
خلايا تهريب الأسلحة تفضح الحوثي.. وأمن لحج يحبط تهريب معدات ثقيلة

عكاظ

timeمنذ 13 ساعات

  • عكاظ

خلايا تهريب الأسلحة تفضح الحوثي.. وأمن لحج يحبط تهريب معدات ثقيلة

فيما نشرت القوات اليمنية اعترافات خلية تهريب الأسلحة التي ضبطت الشهر الماضي قبالة السواحل اليمنية، كشف مصدر أمني يمني في محافظة لحج اليوم (السبت) عن إحباط محاولة لتهريب معدات بحرية حساسة ورافعات مخصصة لإنزال حاويات السفن إلى مناطق الحوثي. وقال المصدر إنه أثناء التفتيش الاعتيادي في نقطة الحسيني الأمنية شمال مدينة الحوطة، اشتبه أفراد النقطة بإحدى الشاحنات ليتم توقيفها وتفتيشها بدقة، والعثور بداخلها على رافعات مخفية بإحكام تحت «طرابيل» ثقيلة، في محاولة لإخفاء طبيعة الحمولة، مبيناً أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الشحنة تم تحميلها من أحد «الهناجر» في منطقة الرباط، وتجهيزها للنقل باتجاه صنعاء، على أن تُسلك طريقها لاحقاً إلى الحديدة. وأشار المصدر إلى أن السائق ومرافقيه أقروا بتفاصيل الحمولة والوجهة النهائية، وهو ما دفع الأجهزة الأمنية إلى مباشرة الإجراءات القانونية، وفتح تحقيق موسّع لتحديد الأطراف المتورطة في عملية النقل، سواء من داخل المناطق المحررة أو خارجها. من جهة أخرى، أعلنت المقاومة الوطنية (إحدى فصائل الجيش اليمني) أن طاقم سفينة «الشروا» المضبوطة أخيراً التي كانت تحمل أسلحة تزن 750 طناً أقروا بأدوات ومسارات التهريب ونوعية الأسلحة الإستراتيجية والكيمائية، ومعسكرات الحوثي وأسماء القيادات المتورطة داخل اليمن وخارجه في عملية التهريب والتجنيد للمهربين، وتتكون خلية التهريب المضبوطة من 7 عناصر. وأكد عناصر الخلية (المهربون) الطرق التي سلكوها للوصول إلى الدولة ومصدر الأسلحة ووجهتهم النهائية المتمثلة بـ«ميناء الصليف»، مؤكدين أنهم هربوا شحنات من دول عدة إلى اليمن. وعرض المتهمون أساليب تجنيدهم من قبل الحوثيين وطرق سفرهم الجوية والبحرية والبرية، واستقبال «حزب الله» لهم ونقلهم إلى سورية ومنها إلى دول أخرى. وأشاروا إلى أنه يقودهم القيادي الحوثي محمد جعفر الطالبي، مؤكدين أن هناك ثلاثة مسارات للتهريب أحدها إلى الصومال ومن إحدى الدول الأفريقية، وأنهم يستخدمون طرقاً وأساليب للتمويه من بينها عدم المرور من الطريق الدولي بباب المندب، وإنما من الجانب الغربي باتجاه إرتيريا، موضحين أن جميع عملياتهم تتم بغطاء تجاري ومموهة في أجسام معدات ورش ومولدات ومحولات كهربائية ومضخات هواء وأعمدة هيدروليك، موضحين أن الحوثيون يقودون خلايا التهريب من مدينة الحديدة ويتولى التنسيق والقيادة من سواحل الحديدة القيادات؛ حسين حامد حمزة محسن العطاس، ومحمد درهم قاسم المؤيد المعروف بـ«إبراهيم المؤيد»، ويحيى محمد حسن قاسم العراقي المعروف بـ«يحيى جنية»، وفيصل أحمد غالب الحمزي، فيما يعمل إياد محمد عمر مقبول عطيني، ووائل محمد سعيد عبدالودود، وعمر أحمد عمر حاج مساعدون للعطاس. أخبار ذات صلة

الحوثيون يخنقون سكان الحديدة بضغوط اقتصادية وإجراءات أمنية
الحوثيون يخنقون سكان الحديدة بضغوط اقتصادية وإجراءات أمنية

الشرق الأوسط

timeمنذ 15 ساعات

  • الشرق الأوسط

الحوثيون يخنقون سكان الحديدة بضغوط اقتصادية وإجراءات أمنية

تزداد معاناة سكان محافظة الحديدة (غربي اليمن) بعد تشديد الجماعة الحوثية إجراءاتها الأمنية وضغوطها الاقتصادية عليهم، وربط حصول النازحين على المساعدات الغذائية بالالتحاق بدوراتها الثقافية، إلى جانب قطع خدمات الماء والكهرباء، وتنفيذ جبايات في قطاع النقل. وأصدرت الجماعة الحوثية، منذ أيام، قراراً بإلغاء مهام التعريف والضمان الموكلة منذ عقود طويلة إلى مسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات» في مختلف المدن اليمنية، ما أثار مخاوف السكان من استبدال قيادات ومشرفي الجماعة بهم؛ خصوصاً أن القرار يتزامن مع إجراءات أمنية مشددة. وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في مدينة الحديدة (مركز المحافظة) أن الجماعة عززت أنشطة الرقابة على السكان، ونصبت مزيداً من نقاط التفتيش في مختلف الشوارع والأحياء، واعتقلت العشرات دون توجيه اتهامات واضحة لهم، ورفضت قبول أي ضمانة للإفراج عنهم، سوى كفالة قيادات الجماعة أو شخصيات موالية لها. وعقال الحارات هم أشخاص مكلَّفون بالوساطة بين السكان والسلطات المحلية، ويتعاونون مع المؤسسات الرسمية في حفظ الأمن والنظام، وتقديم بيانات عن السكان وكفالتهم أمام أجهزة الأمن، والتعاون في مختلف الإجراءات الأمنية. منظر عام لمدينة الحديدة وأكبر متنزهاتها (رويترز) وحسب المصادر، فإن الجماعة نشرت عشرات من عناصرها في الأماكن العامة؛ خصوصاً الشواطئ والحدائق العامة، عقب احتجاجات شهدتها مديرية المراوعة (شرق مركز المحافظة). وكان وزير الإعلام اليمني قد اتهم الجماعة، منتصف الأسبوع الماضي، باختطاف أكثر من 60 من أبناء المديرية، إثر احتجاجات منددة بمقتل أحد السكان على يد أحد قادتها. وطالب المحتجون بمحاسبة القيادي الحوثي محمد هياشة الذي أطلق النار بشكل مباشر أمام العامة، على خالد حميد، وهو أحد سكان المديرية، ويعاني اضطراباً نفسياً، بسبب هتافه الذي اتهم فيه الجماعة بتجويع السكان. وتشير مصادر «الشرق الأوسط» في مدينة الحديدة إلى أن الجماعة وسَّعت من أعمال الرقابة على السكان وفرض إجراءاتها الأمنية، خوفاً من تأثر سكانها باحتجاجات أهالي مديرية المراوعة، والبدء في الاحتجاج؛ خصوصاً بعد زيادة معاناتهم خلال الأشهر الأخيرة. وناشد النازحون في مديرية الزهرة (شمال المحافظة) المنظمات الدولية المعنية، لإنقاذهم من تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة، بعد التراجع الكبير في تقديم المساعدات الإغاثية، وابتزاز الجماعة الحوثية لهم من أجل الحصول على حصصهم الغذائية. #وجع_حد_البكاءصحيت صباح اليوم على رسائل صوتيه تمmزق القلب من أحد النازحين في مديرية الزهرة شمال محافظة #الحديدة.بصوت مخنوق بالبكاء يقسم بالله إنه نام هو وعياله أمس من غير لقمة تسد جوعهم ولا يوجد معه اليوم شي يطعم به أطفاله..تواصلت بأشخاص آخرين في نفس المخيم بالزهرة... — علي حميد الأهدل (@AliHamidAlAhdal) August 7, 2025 ويشترط القادة والمشرفون الحوثيون على النازحين في المديرية ومتلقي المساعدات من سكانها، حضور الدورات الثقافية التي تنظمها الجماعة للرجال والنساء، وإلحاق الشباب والأطفال بمعسكرات التجنيد، للحصول على حصصهم الغذائية. وسعى النازحون والسكان لدى مشايخ وأعيان المديرية للتوسط لدى مشرفي الجماعة لإعفائهم من تلك الشروط، إلا أن تلك الوساطات باءت بالفشل. وتنقل مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي وقادة الجماعة أبدوا استغرابهم للوسطاء، وللنازحين أيضاً، من رفض الالتحاق بالدورات الثقافية، وتساءلوا إن كان من يرفض ذلك يتلقى دعماً من الحكومة اليمنية أو دول «تحالف دعم الشرعية» وتوجيهات بالعصيان والتمرد. وفي سياق متصل، لجأت لجنة من عدد من القيادات الحوثية إلى قطع خدمات المياه والكهرباء عن عدد من المساجد التاريخية في مديرية الحوك (جنوبي المدينة)، بسبب رفض القائمين عليها السماح بتنظيم دورات وفعاليات ثقافية للجماعة فيها، وفقاً لمصادر مطلعة. سكان مديرية المراوعة في الحديدة يتظاهرون بعد مقتل شاب على يد قيادي حوثي (إعلام محلي) وبررت اللجنة إجراءاتها التي شملت 8 مساجد على الأقل، بعدم سداد فواتير الماء والكهرباء، وهو ما ينفيه القائمون على هذه المساجد، ويستغربون اتخاذ هذه الإجراءات من قبل لجنة غير قانونية، في حين لم يصدر عن مؤسستي المياه والكهرباء أي موقف، برغم تبعيتها للجماعة، كما نقلت المصادر عنهم. ويشكو سكان مدينة الحديدة من زيادة ساعات انقطاع المياه والكهرباء خلال الأيام الماضية، في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، والأوضاع المعيشية المعقدة التي يعيشها السكان. وتقول مصادر محلية مطلعة، إن الجماعة أجرت خلال الأسابيع الماضية تعيينات جديدة في مؤسسة المياه الخاضعة لسيطرتها، وألحقتها بتغيير نظام الفواتير ورفع أسعار الخدمة، مع زيادة فترات انقطاع المياه كل يوم، والتي تصل إلى أكثر من 10 ساعات في بعض الأحياء. السكان والنازحون في مديرية الزهرة بالحديدة يشكون اشتراط الحوثيين حضور دوراتهم الثقافية للحصول على الطعام (إعلام محلي) ويترافق انقطاع المياه مع انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، ولساعات طويلة؛ خصوصاً خلال النهار؛ حيث تزيد مدة الانقطاع على ساعتين في كل مرة، مكررة 6 مرات على الأقل يومياً. ويبدي نياز عبد الغني -وهو رب عائلة في المدينة- استياءه الشديد من انقطاع الماء والكهرباء، واضطراره وأطفاله الثلاثة إلى حمل عبوات بلاستيكية والتنقل بين عدد من صهاريج المياه التابعة لفاعلي الخير الذين يقدمون المياه مجاناً للسكان، في حين لا يمكن الاستعاضة عن خدمة الكهرباء. ويوضح عبد الغني لـ«الشرق الأوسط» أن معدات الطاقة الشمسية لا تكفي لتشغيل المكيفات أو حتى المراوح، للتخفيف من شدة درجات الحرارة لأوقات طويلة، وهي معدات يعجز كثير من السكان عن امتلاكها. جبايات تزيد على مليون دولار شهريّاً تفرضها الجماعة الحوثية على قطاع النقل في الحديدة (رويترز) وأخيراً، كشفت وثائق مسربة عن أعمال جباية واسعة تنفذها الجماعة في قطاع النقل في المحافظة، منذ أكثر من 10 سنوات. وبيَّنت الوثائق أن الجماعة تفرض مبالغ باهظة على سائقي الشاحنات والشركات والتجار، تُقدَّر بأكثر من مليون دولار (600 مليون ريال يمني؛ حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ535 ريالاً) شهرياً. ويجري جمع هذه المبالغ عبر نقاط تفتيش تابعة لما تسمَّى «نقابة نقل البضائع» التابعة للجماعة في منافذ المدينة؛ حيث تفرض مبالغ كبيرة على الشاحنات والشركات التجارية والسلع الأساسية، مثل القمح والدقيق والسكر والأرز.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store