logo
"فورين بوليسي": هجمات ترامب على هارفرد تثير القلق في الصين

"فورين بوليسي": هجمات ترامب على هارفرد تثير القلق في الصين

الميادينمنذ 2 أيام

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً يتناول تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب منع جامعة هارفرد من قبول الطلاب الدوليين، وخصوصاً من الصين.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
أثار قرار إدارة ترامب الأسبوع الماضي منع جامعة هارفرد من قبول الطلاب الدوليين استياءً في الصين، حيث لطالما حظيت الجامعة بمكانة شبه أسطورية بين الطلاب الطموحين وأولياء أمورهم.
يوجد حالياً 1282 طالباً صينياً في هارفرد، أي ما يقارب 12.6% من إجمالي طلابها الدوليين. وبموجب القواعد الجديدة، المُعلّقة حالياً بأمر قضائي، سيُجبر هؤلاء الطلاب على الانتقال إلى جامعات أخرى.
تُرسل الصين طلاباً إلى الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى. وكان العام الدراسي 2023-2024 استثناءً، حيث تصدّرت الهند القائمة. في ذلك العام، بلغ عدد الطلاب الصينيين المسجلين في الجامعات الأميركية 277,398 طالباً، بانخفاض ملحوظ عن العام الدراسي 2019-2020، قبل أن تُعيق جائحة كوفيد-19 استقبال الطلاب الدوليين الجدد.
خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، حاول كبير مستشاريه ستيفن ميلر إقناعه بإلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين كلياً، متذرعاً بمخاوف التجسس. لكن السفير الأميركي لدى الصين آنذاك تيري برانستاد أقنع الرئيس بخلاف ذلك، إذ جادل بأن فقدان الطلاب الصينيين سيُشكل ضربة مالية موجعة للجامعات الصغيرة، بما في ذلك تلك الموجودة في ولايته آيوا. 29 أيار 12:53
29 أيار 12:32
أثبتت حجة برانستاد صحتها: فقد كلف انخفاض أعداد الطلاب الدوليين بعد الجائحة الجامعات الأميركية حوالى 10 مليارات دولار، وفقاً للتقديرات الأولية. معظم هؤلاء الطلاب، وخاصةً الصينيين منهم، ما زالوا يدرسون في الخارج، لكنهم اختاروا الدراسة في بلدان أخرى.
مع ذلك، قد ترى إدارة ترامب الثانية، التي كثّفت هجماتها على الهجرة والتعليم العالي، في الضربات التي تعرّضت لها الجامعات انتصاراً لأجندتها هذه المرة. ويوسّع البيت الأبيض نطاق هجومه على الطلاب بشكل أكبر: ففي 27 أيار/مايو، أمر وزير الخارجية ماركو روبيو سفارات الولايات المتحدة حول العالم بوقف جميع مقابلات تأشيرات الطلاب مؤقتاً.
بينما يبدو أنّ الإدارة مدفوعة في المقام الأول بعداء أوسع نطاقاً ضد التعليم العالي والهجرة، إلا أنّ هناك أيضاً مخاوف محددة من تجسس الطلاب الصينيين. وقد صوّر بعض المتشددين المتطرفين الطلاب الصينيين على أنهم طابور خامس أو حصان طروادة داخل الولايات المتحدة. وتنتشر نظريات المؤامرة الأوسع نطاقاً حول التسلل الصيني المزعوم بين اليمين؛ وقد روّج ترامب نفسه لبعضها، واتهم " كل" طالب صيني تقريباً بالتجسس.
في الواقع، إنّ المخاوف بشأن التجسس الصيني عبر الطلاب ليست جديدة أو حكراً على طرف واحد. فقد أُجريت بالفعل تحقيقات في عدة جامعات، واستُهدف بعض طلاب الدراسات العليا الصينيين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وجرى ترحيلهم. حتى الرئيس السابق جو بايدن أصر على حظر ترامب لطلاب الدراسات العليا من الجامعات المرتبطة بالجيش الصيني.
صحيحٌ أن عدداً قليلاً من الطلاب الصينيين وُجِّهت إليه تهمٌ بالتجسس، لكن العدد الإجمالي للحالات ضئيلٌ مقارنةً بتدفق الطلاب الصينيين. إضافةً إلى ذلك، كانت آخر محاولة أميركية لاستهداف التفاعل الأكاديمي مع الصين، مبادرة الصين الأولى لإدارة ترامب، كارثيةً وأسفرت عن العديد من القضايا الفاشلة واتهاماتٍ بالعنصرية.
لكن رغم تركيز واشنطن على التجسس، فإنّ اهتمام بكين الرئيسي لا ينصب على التجسس بقدر ما ينصب على ضمان ولاء الطلاب أيديولوجياً ومراقبتهم، بحثاً عن أي معارضة أثناء دراستهم في الخارج. وكما وثّقت المراسلة بيثاني ألين، تُنفق بكين موارد كبيرة في محاولة السيطرة على جمعيات الطلاب والباحثين الصينيين في الجامعات الأجنبية، وذلك لمخاوفها الراسخة من أنّ الدراسة في الخارج تُشكّل بيئة خصبة للتمرد.
حتى لو تراجعت إدارة ترامب عن حملتها ضد الطلاب الدوليين، فقد وقع ضرر كبير بالفعل. يظل إرسال أبنائها إلى الخارج خياراً مكلفاً للغاية بالنسبة للعائلات الصينية، وهو خيار لا ترغب في تحمّل الكثير من المخاطرة بشأنه.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فورين أفيرز": نهاية القرن الأميركي الطويل
"فورين أفيرز": نهاية القرن الأميركي الطويل

الميادين

timeمنذ 3 ساعات

  • الميادين

"فورين أفيرز": نهاية القرن الأميركي الطويل

مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً مطوّلاً يناقش وينتقد نهج ترامب في تحويل نقاط القوة الأميركية إلى أدوات تهديد، محذراً من أنّ هذا النهج قد يُضعف موقع الولايات المتحدة عالمياً، خاصة إذا ملأ المنافسون مثل الصين هذا الفراغ بسياسات أكثر استدامة. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: جهد الرئيس دونالد ترامب في فرض الولايات المتحدة على العالم وإبعادها عنه. وبدأ ولايته الثانية بالتلويح بالقوة الأميركية الصارمة، مهدّداً الدنمارك بالسيطرة على جزيرة غرينلاند، ومتوعّداً بأنّه سيستعيد قناة بنما. ونجح في استخدام تهديدات بفرض رسوم جمركية عقابية لإكراه كندا وكولومبيا والمكسيك على اتّخاذ إجراءات بشأن قضايا الهجرة، وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ، ومن منظّمة الصحة العالمية، وأثار حالة من الفوضى في الأسواق العالمية بإعلانه فرض رسوم جمركية شاملة على دول في جميع أنحاء العالم، لكنّه سرعان ما سحب معظمها، بالرغم من استمراره في الحرب التجارية مع الصين، التي تشكّل الجبهة المركزية في هجومه الحالي باعتبارها منافس أميركا الرئيسي. بفعله كلّ هذا، يستطيع ترامب التصرّف من موقع قوة. وتشير محاولاته لاستخدام الرسوم الجمركية للضغط على شركاء الولايات المتحدة التجاريين إلى اعتقاده بأنّ أنماط الترابط المعاصرة تعزّز قوة بلاده، حيث تعتمد دول كثيرة على القوة الشرائية للسوق الأميركية الضخمة، المستندة إلى القوة العسكرية الأميركية. وهذه المزايا تمنح واشنطن هامشاً من الحرية في الضغط على شركائها، وهو أمر طبيعي حيث الترابط غير المتكافئ يمنح الطرف الأقل اعتماداً في العلاقة مزايا كتلك التي تتمتّع بها الولايات المتحدة. ينتقد ترامب العجز التجاري الكبير للولايات المتحدة مع الصين، لكن يبدو أنّه يفهم أيضاً أنّ هذا الخلل يمنح واشنطن نفوذاً على بكين، مع أنّ ترامب قد حدّد بدقّة كيفيّة استخدام قوة الولايات المتحدة، إلّا أنّه يستخدمها بطرق عكسية تماماً. ومن خلال مهاجمة الاعتماد والترابط المتبادل، فإنّه يقوّض أساس القوة الأميركية ذاته، كما أنّ التجارة هي القوة الصلبة الأميركية القائمة على القدرات المادية. وعلى مدى 8 عقود الماضية، راكمت الولايات المتحدة قوة ناعمة تستند إلى الجاذبية بدلاً من الإكراه أو فرض التكاليف العقابية. كما أنّ من مصلحة السياسة الأميركية الحكيمة أن تحافظ على أنماط الاعتماد المتبادل التي تعزّز قوتها، سواء الصلبة المستمدة من العلاقات التجارية، أو الناعمة. كذلك فإنّ سياسة ترامب الخارجية الحالية من شأنها أن تضعف بلاده، وتسرّع من تأكّل النظام الدولي الذي خدم منذ الحرب العالمية الثانية العديد من البلدان بشكل جيد، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة بلا ريب. يقوم مفهوم النظام على توزيع مستقرّ للسلطة بين الدول، ومعايير تؤثّر في سلوك الدول والجهات الفاعلة الأخرى وتشرّعه، ومؤسسات تساهم في دعمه. وقد هزّت إدارة ترامب كلّ هذه الركائز، التي ربما تدخل العالم في فترة من الفوضى لا تهدأ إلا بعد أن يغيّر البيت الأبيض مساره أو بمجرّد ترسيخ نظام جديد في واشنطن. مع أنّ التدهور الحالي قد لا يكون مجرّد ركود مؤقّت، بل انغماساً في المياه العكرة. وفي سعيه المتهوّر والمضلّل لزيادة قوة الولايات المتحدة، قد يدمّر ترامب الهيمنة الأميركية، أو بحسب ما أطلق عليه الناشر الأميركي هنري لوس للمرة الأولى "القرن الأميركي إلى نهاية غير احتفالية". حين كتب عن "القوة والترابط" في العام 1977، كانت محاولة لتوسيع الفهم التقليدي للقوة، بينما كان خبراء السياسة الخارجية ينظرون إلى القوة عادة من خلال عدسة المنافسة العسكرية في الحرب الباردة. وعلى النقيض من ذلك، استكشف البحث آنذاك تأثير التجارة على القوة، و"جادلنا" حينها بأنّ عدم التماثل في العلاقة الاقتصادية المترابطة يمكّن الطرف الأقلّ اعتماداً في هذه العلاقة. وتكمن مفارقة القوة التجارية في أن نجاحها كما يتّضح من وجود فائض تجاري لدولة مع دولة أخرى هو مصدر ضعف على العكس من ذلك، وربّما بشكل يخالف البديهة يعزّز العجز التجاري الموقف التفاوضي للدولة التي تعاني العجز، ويمنحها بعد كلّ شيء فرصة فرض تعريفات جمركية أو حواجز تجارية أخرى على الدولة ذات الفائض التي ستواجه صعوبة في الردّ بسبب نقص الواردات النسبية لديها لفرض عقوبات مقابلة انتقامية. يمكن للتهديد بحظر أو تقييد الواردات أن يمارس ضغطاً ناجحاً على الشركاء التجاريين. ومن حيث الترابط غير المتكافئ والقوة، تتمتع الولايات المتحدة بوضع تفاوضي إيجابي مع جميع شركائها التجاريين السبعة الأكثر أهمّية، وتجارتها مع الصين غير متكافئة للغاية ومع المكسيك ورابطة دول جنوب شرق آسيا، حيث تتجاوز نسبة صادراتها إلى وارداتها مع الولايات المتحدة نسبة 1 إلى 2. وبالنسبة لليابان نحو 1.8 إلى 1، ومع كوريا الجنوبية 1.4 إلى 1، ومع الاتحاد الأوروبي 1.6 إلى 1. وتعتبر هذه النسب غير متكافئة أيضاً، لكنّ كندا تتمتّع بنسبة أكثر توازناً تبلغ نحو 1.2 إلى 1. بالطبع، لا تستطيع هذه النسب تجسيد الأبعاد الكاملة للعلاقات الاقتصادية بين الدول. فالعوامل المعاكسة، مثل جماعات المصالح المحلّية ذات الروابط العابرة للحدود مع جهات فاعلة أجنبية في أسواق أخرى، أو العلاقات الشخصية والجماعية العابرة للحدود، قد تعقّد الأمور، ممّا يؤدّي أحياناً إلى استثناءات، أو يحدّ من تأثير الترابط غير المتكافئ. في كتاب "القوة والترابط"، وصفنا هذه القنوات المتعدّدة من الروابط بأنّها متشابكة ومعقّدة، وفي تحليل مفصّل للعلاقات الأميركية الكندية من عام 1920 إلى 1970، أظهرنا أنّها غالباً ما عزّزت موقف كندا. على سبيل المثال، جاءت اتّفاقية صناعة السيارات الأميركية الكندية في ستّينيات القرن الماضي بعد عملية تفاوض بدأت بفرض أحادي الجانب من كندا دعماً لصادرات قطع غيار السيارات. تبدو الصين الأضعف في قطاع التجارة، حيث تبلغ نسبة صادراتها إلى وارداتها 3 أضعاف. كما أنّها لا تستطيع الاعتماد على التحالفات أو غيرها من أشكال القوة الناعمة، لكنّها قادرة على الردّ باستغلال العوامل المعاكسة، كمعاقبة الشركات الأميركية المهمة التي تعمل في الصين، مثل آبل وبوينغ، أو جهات سياسية محلّية أميركية مهمّة، مثل مزارعي فول الصويا أو استوديوهات هوليوود. كما يمكن للصين استخدام القوة الصارمة، مثل قطع إمدادات المعادن النادرة. ومع ازدياد دقّة اكتشاف الجانبين لنقاط ضعفهما المتبادلة، سيتحوّل تركيز الحرب التجارية ليعكس عملية التعلّم من الدروس هذه. لدى المكسيك مصادر أقلّ للتأثير المضاد، وهي لا تزال عرضة بشدّة لأهواء الولايات المتحدة. ويمكن لأوروبا ممارسة بعض التأثير المضادّ في قطاع التجارة، نظراً لتوازن تجارتها مع الولايات المتحدة مقارنة بالصين والمكسيك، لكنّها لا تزال تعتمد على حلف "الناتو" أيضاً، لذلك فإنّ تهديدات ترامب بعدم دعم التحالف قد تكون أداة تفاوض فعّالة. كما تتمتّع كندا بتجارة أكثر توازناً مع الولايات المتحدة، وشبكة من العلاقات العابرة للحدود الوطنية مع جماعات المصالح الأميركية، ممّا يجعلها أقلّ عرضة للخطر، لكنّها على الأرجح تخسر في التجارة وحدها، لأنّ اقتصادها يعتمد على الاقتصاد الأميركي أكثر من اعتماده على ذاته. وفي آسيا، تعوّض سياسة التنافس الأميركية مع الصين إلى حدّ ما عن عدم التكافؤ في العلاقات التجارية الأميركية مع اليابان وكوريا الجنوبية ورابطة دول جنوب شرق آسيا. ولطالما استمرّ هذا التنافس، فإنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى حلفائها وشركائها في شرق وجنوب شرق آسيا، ولن تتمكّن من الاستفادة الكاملة من نفوذها التجاري، لذلك، يختلف التأثير النسبي للسياسة التجارية الأميركية تبعاً للسياق الجيوسياسي وأنماط الترابط غير المتكافئ. تغفل إدارة ترامب بعداً رئيسياً من أبعاد القوة، وقدرتها على دفع الآخرين إلى فعل ما يريده مستخدمها، أو يمكن تحقيق الأهداف بالإكراه. وبين هذين النوعين يظهر خيار القوة الناعمة التي على المدى القصير عادة ما تتفوّق عليها القوة الصلبة، ولكن على المدى الطويل غالباً ما تسود القوة الناعمة. سأل جوزيف ستالين ذات مرّة ساخراً، "كم فرقة يملك البابا"، لكنّ الاتحاد السوفياتي من تفكّك وزال منذ زمن، بينما البابوية لا تزال قائمة. يبدو الرئيس ترامب ملتزماً بشدّة بالإكراه وممارسة القوة الصارمة، لكنّه لا يفهم على ما يبدو القوة الناعمة أو دورها في السياسة الخارجية. إنّ إكراه حلفاء ديمقراطيين مثل كندا أو الدنمارك يضعف الثقة بتحالفات الولايات المتحدة على نطاق واسع، كما هو تهديد بنما يجدّد المخاوف من الإمبريالية في جميع أنحاء أميركا اللاتينية. كذلك هو إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية يضعف سمعة الولايات المتحدة كدولة خيريّة، وإسكات إذاعة صوت أميركا يطمس رسالة البلاد. يقول المتشكّكون: وماذا في ذلك؟ السياسة الدولية قاسية وليست سهلة. ونهج ترامب القسري ينتج بالفعل تنازلات تنذر بالمزيد. وكما كتب مكيافيلي عن السلطة، من الأفضل للأمير أن ُيهاب بدل أن ُيحب، مع أنّ الأفضل أن يكون مهاباً ومحبوباً معاً. فكلّ سلطة لديها 3 أبعاد، وبتجاهل خيار القوة الناعمة يهمل ترامب مصدراً رئيسياً من مصادر القوة الأميركية، وعلى المدى الطويل يمضي في استراتيجية خاسرة. وقد لا يكون تراجع أميركا مجرّد تراجع، بل قد يكون سقوطاً حادّاً، فالقوة الناعمة مهمّة حتّى على المدى القصير. وإذا كانت دولة ما جذّابة، فلن تحتاج إلى الاعتماد بالقدر نفسه على الحوافز والعقوبات والضغط لتشكيل سلوك الآخرين. وإذا شعر الحلفاء على أنّ هذه السياسات حميدة وجديرة بالثقة، فسيكونون أكثر قابلية لكي يقتنعوا، ومن المرجّح أن يتّبعوا خطى تلك الدولة، على الرغم من أنّه ممّا لا يمكن إنكاره أنّهم قد يناورون للاستفادة من الموقف الإيجابي من قبل الدولة الأكثر قوة. وقد يمتثلون بمواجهة التنمّر، ولكن إذا رأوا أنّ شريكهم التجاري متنمّر وغير جدير بالثقة، على الغالب سوف يتلكأون ويقلّلون من اعتمادهم المتبادل على المدى الطويل عندما يستطيعون ذلك. كذلك قدّمت أوروبا خلال الحرب الباردة مثالاً جيداً على هذه الديناميكية. ففي عام 1986، وصف المحلل النرويجي غير لوندستاد العالم بأنه منقسم بين الإمبراطوريتين السوفياتية والأميركية، وبينما استخدم السوفيات القوة لبناء إمبراطورياتهم الأوروبية، كان الجانب الأميركي "إمبراطورية بالدعوة". وفي حين اضطر السوفيات إلى إرسال قوات عسكرية إلى بودابست في عام 1956 وبراغ في عام 1968 لإبقاء الحكومتين هناك خاضعتين لموسكو، كان على النقيض من ذلك حلف "الناتو" الذي حافظ على تماسك قوياً طوال الحرب الباردة. أما في آسيا، فقد زادت الصين من استثماراتها العسكرية والاقتصادية الصلبة، ولكنها كانت تعمل أيضاً على تنمية قوى الجذب لديها. ففي عام 2007، أعلن الرئيس هو جينتاو في المؤتمر الوطني الـ 17 للحزب الشيوعي الصيني عن أنّ البلاد بحاجة إلى زيادة قوتها الناعمة. وقد أنفقت الحكومة الصينية عشرات المليارات من الدولارات لتحقيق هذه الغاية. ومن المسلّم به أنّها حقّقت نتائج متباينة في أفضل الأحوال، وذلك بسبب عقبتَي؛ تأجيجها نزاعات إقليمية مع عدد من جيرانها، ومحافظة الحزب الحاكم الصيني على سيطرة صارمة على جميع المنظّمات والآراء في المجتمع المدني. كما تثير الصين الاستياء عندما تتجاهل الحدود المعترف بها دولياً، وهي تظهر على نحو سيّئ للبعض في العديد من البلدان، عندما تسجن محامي حقوق إنسان، وتجبر فنّاناً مشهوراً على ما لا يريده. ومن قبل بدء ولاية ترامب الثانية، كانت الصين أقلّ جاذبية من الولايات المتحدة في الرأي العامّ العالمي، بحسب استطلاع للرأي أجراه "مركز بيو" في 24 دولة في عام 2023، أظهر أنّ غالبية المستجيبين وجدوا أنّ الولايات المتحدة أكثر جاذبية من الصين، بينما كانت أفريقيا القارّة الوحيدة التي كانت نتائجها فيها منقسمة. وفي العام الماضي وجدت مؤسّسة "غالوب" أنّه في 133 دولة شملها الاستطلاع، كانت الولايات المتحدة متفوّقة في 81 دولة والصين في 52. ومع ذلك، إذا استمرّ ترامب في إضعاف القوة الناعمة الأميركية، فقد تتغيّر هذه الأرقام بسرعة ملحوظة. من المؤكّد أنّ القوة الناعمة الأميركية شهدت تقلّبات على مرّ السنين. ولم تكن تحظى بشعبية في العديد من الدول خلال حربها على فيتنام أو على العراق. لكنّ القوة الناعمة تنبع من مجتمع الدولة وثقافتها، وليس فقط من تصرّفات حكوماتها المتعاقبة. وحتّى خلال حرب فيتنام، عندما سارت الحشود في شوارع العالم احتجاجاً على السياسات الأميركية، لم يغنّوا النشيد الشيوعي "الأممي"، بل نشيد الحقوق المدنية الأميركي. كما أنّ المجتمع المدني المنفتح الذي يسمح بالاحتجاج، ويستوعب المعارضة قد يكون مصدر قوة. لكنّ القوة الناعمة المستمدّة من الثقافة الأميركية لن تصمد أمام تجاوزات حكومة الولايات المتحدة في حال استمرّت الديمقراطية الأميركية في التأكّل خلال السنوات المقبلة، وتصرّفت البلاد كقوة متسلّطة في الخارج. من جانبها، تسعى الصين جاهدة لسدّ أيّ فراغات ناتجة عن سياسات ترامب. وترى بكين نفسها قائدة لما يسمّى بالجنوب العالمي، وتهدف إلى إزاحة النظام الأميركي عن عرش التحالفات والمؤسسات الدولية. وبرنامجها للاستثمار في البنية التحتية من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، مصمّم ليس فقط لجذب دول أخرى، بل أيضاً لتوفير قوة اقتصادية صلبة. كما تعدّ الصين أكبر شريك تجاري لعدد أكبر من الدول مقارنة بالولايات المتحدة. وإذا ظنّ ترامب أنّه قادر على منافسة الصين في الوقت الذي يُضعف فيه الثقة بين حلفاء أميركا، ويؤكّد طموحاته الإمبريالية، ويدمّر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ويهدّد سيادة القانون في الداخل، وينسحب من وكالات الأمم المتحدة، فمن المرجّح أن يصاب بخيبة أمل. اليوم 12:23 اليوم 10:18 يلوح في الأفق شبح العولمة الذي يستحضر كقوة شيطانية، في وجه صعود الشعبويين الغربيين أمثال ترامب. وفي الواقع، يشير هذا المصطلح ببساطة إلى تزايد ترابط المسافات بين القارات. فحين يهدّد ترامب بفرض رسوم جمركية على الصين، فإنه يحاول تقليص الجانب الاقتصادي للترابط العالمي للولايات المتحدة، والذي يُلقي باللوم عليه في مسألة فقدان الصناعات والوظائف الأميركية. من المؤكد أنّ للعولمة آثاراً سلبية وإيجابية. لكن إجراءات ترامب في غير محلّها، لأنها تهاجم أشكال العولمة التي تُفيد الولايات المتحدة والدول كلّها إلى حدّ كبير، بينما تفشل في مواجهة تلك الآثار السيئة. في المحصّلة، عززت العولمة القوة الأميركية، وهجوم ترامب عليها يُضعف البلاد فقط. في بداية القرن الـ 19، أثبت الاقتصادي ورجل الدولة البريطاني ديفيد ريكاردو، حقيقةً شائعةً مفادها أنّ التجارة العالمية قادرة على خلق قيمة من خلال الميزة النسبية. فعندما تكون الدول منفتحة على التجارة، يمكنها التخصّص فيما تتقنه. كذلك أثبت أنّ التجارة تولد مما أسماه الاقتصادي الألماني جوزيف شومبيتر "التدمير الخلّاق"، إذ تُفقد الوظائف في هذه العملية، وتتعرّض الاقتصادات الوطنية لصدمات خارجية، قد تكون أحياناً نتيجة سياسات متعمّدة من الحكومات الأجنبية. لكنّ هذا التدمير الخلّاق يمكن أن يُساعد الاقتصادات على أن تصبح أكثر إنتاجية وكفاءة. وبشكل عام، خلال السنوات الـ 75 الماضية، عزّز التدمير الخلّاق القوة الأميركية. وبصفتها أكبر قوة اقتصادية، استفادت الولايات المتحدة أكثر من غيرها من الابتكار الذي يُولّد النمو، واستفادت أيضاً بشكل غير مباشر من مخلّفات النمو في جميع أنحاء العالم. مع ذلك قد يكون النمو مؤلماً. فقد أظهرت الدراسات أنّ الولايات المتحدة فقدت واكتسبت ملايين الوظائف في القرن الجاري، ممّا فرض تكاليف التكيّف على العمّال، الذين لم يتلقّوا عموماً تعويضات كافية من الحكومة. كما أدّى التطوّر التكنولوجي إلى إلغاء ملايين الوظائف، وولجت الآلات محلّ البشر. ومن الصعب فكّ تشابك الآثار المترابطة للأتمتة والتجارة الخارجية. وقد تفاقمت الضغوط المعتادة للترابط نتيجة لقوة الصادرات الصينية الهائلة، والتي لا تهدأ، رغم أنّ العولمة الاقتصادية تعزّز إنتاجية الاقتصاد العالمي، إلّا أنّ هذه التغييرات قد لا تلقى استحساناً لدى العديد من الأفراد والأسر. فالناس في العديد من المجتمعات يتردّدون في الانتقال إلى أماكن قد يجدون فيها عملاً أسهل، بينما مجموعة أقلّ على استعداد للانتقال إلى نصف الكرة الأرضية بحثاً عن فرص أكبر. لقد اتّسمت العقود القليلة الماضية من العولمة بحركات نزوح جماعية للأفراد عبر الحدود الوطنية، وهو نوع رئيسي آخر من الترابط، لأنّ الهجرة تثري ثقافياً، وتقدّم فوائد اقتصادية كبيرة للدول التي تستقبل المهاجرين من خلال جذب أصحاب المهارات العالية إلى أماكن يمكنهم أن يكونوا فيها أكثر إنتاجية. وقد تستفيد الدول التي يهاجر منها الناس من تخفيف الضغط السكاني، ومن تحويلات المهاجرين المالية. على أي حال، تميل الهجرة إلى توليد المزيد من الحركة. وفي ظلّ غياب الحواجز العالية التي تبنيها الدول، غالباً ما تكون الهجرة في عالمنا المعاصر عملية ذاتية الاستمرار. يلقي ترامب باللوم على المهاجرين في إحداث تغييرات جذرية. ورغم أنّ بعض أشكال الهجرة، على الأقل، مفيدة للاقتصاد على المدى الطويل، إلّا أنّ المنتقدين قد يصفونها بسهولة بأنّها ضارّة على المدى القريب، وقد تثير معارضة سياسية قوية لدى البعض. وتثير الزيادات المفاجئة في الهجرة ردود فعل سياسية قوية، حيث ينظر إلى المهاجرين غالباً على أنهم مسؤولون عن مختلف التغيّرات الاقتصادية والاجتماعية، حتّى عندما يكون من الواضح براءتهم. وقد أصبحت الهجرة القضية السياسية الشعبوية السائدة المستخدمة ضدّ الحكومات القائمة في الديمقراطيات جميعها تقريبا ًفي السنوات الأخيرة. وقد غذّى هذه القضية انتخاب ترامب عام 2016، ومرّة أخرى في العام الماضي. من الأسهل بكثير على القادة الشعبويين إلقاء اللوم على الأجانب في الاضطرابات الاقتصادية بدلاً من فهم الدور الحاسم للتغيّر التكنولوجي وفي رأس المال. كذلك، طرحت العولمة تحدّيات أمام القائمين على السلطات في العديد من البلدان بعد انتخاب ترامب، حيث يميل السياسيون، في مواجهة هذه الضغوط، إلى السعي إلى عكس مسار العولمة بفرض رسوم جمركية وحواجز أخرى أمام التبادل الدولي، كما يفعل ترامب. وبينما هجوم ترامب على العولمة يُضعف الولايات المتحدة، إلّا أنّ العولمة الاقتصادية شهدت تراجعاً أيضاً في الماضي. وفي حين تميّز القرن الـ 19 بزيادة سريعة في التجارة والهجرة، إلّا أنّ هذه الزيادة تباطأت بشكل حادّ مع بداية الحرب العالمية الأولى. ولم تتعافَ التجارة، كنسبة مئوية من النشاط الاقتصادي العالمي، إلى مستوياتها عام 1914 حتّى العام 1970 تقريباً. وقد يتكرّر هذا، وإن كان يتطلّب بعض الجهد. فقد نمت التجارة العالمية بسرعة هائلة بين عامي 1950 و2008، ثمّ بوتيرة أبطأ منذ الأزمة المالية في ذاك العام والذي تلاه. إجمالاً، نمت التجارة بنسبة 4400% بين عامي 1950 و2023. لكنّها قد تتراجع مجدّداً، إذا أدّت الإجراءات الأميركية ضدّ الصين إلى حرب تجارية أكثر ضراوة، فمن المرجّح أن يسبّب ذلك ضرراً بالغاً. فالحروب التجارية عموماً قد تتحوّل بسهولة إلى صراعات دائمة ومتصاعدة، مع احتمال حدوث تغييرات كارثية. وعلى الجانب الآخر من الدفتر، من المرجّح أن تؤدّي تكاليف إلغاء أكثر من نصف تريليون دولار من التجارة إلى الحدّ من رغبة البلدان في الانخراط في حروب تجارية، وقد تولّد بعض الحوافز للتوصّل إلى تسوية، رغم أنّ الدول الأخرى قد تتعامل بالمثل مع الولايات المتحدة، إلّا أنّها لن تخفّف بالضرورة من التجارة بينها. كما يمكن للعوامل الجيوسياسية أن تسرّع من انكماش التدفّقات التجارية. فعلى سبيل المثال، قد تؤدّي حرب حول جزيرة تايوان إلى توقّف التجارة بين الولايات المتحدة والصين على نحو مفاجئ. يلقي بعض المحللين باللوم في موجة ردود الفعل القومية الشعبوية في معظم الديمقراطيات تقريباً على تزايد انتشار العولمة وسرعتها، بالتزامن مع تسارع وتيرة التجارة والهجرة بعد نهاية الحرب الباردة، إذ أدّى التغيير السياسي وتطوّر تكنولوجيا الاتصالات إلى خفض تكاليف عبور الحدود والمسافات الطويلة. أمّا الآن، فقد تُبطّئ الرسوم الجمركية وضوابط الحدود هذه التدفّقات، وسيكون ذلك بمثابة نبأ سيّئ للقوة الأميركية، التي تعزّزت بفضل طاقة وإنتاجية المهاجرين على مرّ تاريخها، من ضمنها العقود القليلة الماضية. لا تبرز أيّ أزمة حتمية الترابط أكثر من تغيّر البيئة. ويتوقّع العلماء أن يكون لتغيّرات المناخ تكاليف باهظة مع ذوبان القمم الجليدية العالمية، والفيضانات في المدن الساحلية، وصعود موجات الحرّ، وتبدّل أنماط الطقس على نحو فوضوي في أواخر القرن الماضي. وحتى على المدى القريب، تتفاقم شدّة الأعاصير وحرائق الغابات بسبب تغيّر المناخ. ولقد كانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية صوتاً مهمّاً في توضيح هذه المخاطر ودعت إلى تبادل المعلومات العلمية، وشجّعت على العمل المشترك. ومع ذلك، ألغى ترامب دعم التحرّك الدولي والوطني لمواجهة تغيّر المناخ. ومن المفارقات أنّه في حين تسعى إدارته إلى الحدّ من أشكال العولمة ذات الفوائد، وتقوّض عمداً قدرة البلاد على معالجة أشكال العولمة البيئية، مثل تغيّر المناخ والأوبئة، التي قد تكون تكاليفها باهظة. فقد أودت جائحة كورونا في الولايات المتحدة بحياة أكثر من مليون أميركي، بينما قدّرت مجلّة "ذا لانسيت" عدد الوفيات عالمياً بنحو 18 مليوناً. وكان الوباء قد انتشر بسرعة في جميع أنحاء العالم، وكان بلا جدال ظاهرة عالمية، عزّزها السفر الذي يعدّ جزءاً لا يتجزّأ من العولمة. وفي مجالات أخرى، يظلّ الترابط مصدراً رئيسياً للقوة الأميركية. فعلى سبيل المثال، كان لشبكات التفاعل المهني بين العلماء آثار إيجابية هائلة في تسريع الاكتشافات والابتكار. وحتى وصول إدارة ترامب إلى السلطة، لم يكن توسّع النشاط العلمي والشبكات يثير ردود فعل سياسية سلبية كبيرة. كما أنّ أيّ فهرسة لإيجابيات وسلبيات العولمة على رفاهية الإنسان يجب أن يدرجها في الجانب الإيجابي من المقياس. على سبيل المثال، في الأيام الأولى لانتشار جائحة كورونا في ووهان عام 2020، شارك العلماء الصينيون في فك شفرتهم الجينية لفيروس كورونا الجديد مع نظرائهم الدوليين قبل أن تمنعهم بكين من القيام بذلك. ولهذا السبب فإنّ أحد أغرب جوانب ولاية ترامب الجديدة هو قيام إدارته بتقليص الدعم الفيدرالي للبحث العلمي، بما في ذلك في المجالات التي حقّقت عوائد كبيرة على الاستثمار، ومسؤولة إلى حدّ كبير عن وتيرة الابتكار في العالم الحديث، وعزّزت مكانة الولايات المتحدة وقوتها. ورغم أنّ جامعات الأبحاث الأميركية رائدة عالمياً، وقد سعت الإدارة إلى خنقها من خلال إلغاء التمويل، والسعي إلى الحدّ من استقلاليتها، وجعل من الصعب جذب ألمع الطلاب من جميع أنحاء العالم، يصعب فهم هذا الهجوم إلا باعتباره وابلاً من الشتائم في حرب ثقافية ضدّ النخب المزعومة التي لا تتبنّى الأيديولوجية الشعبوية اليمينية. إنه بمثابة جرح عميق ألحقته بنفسها. تُفكّك إدارة ترامب أيضاً أداة رئيسية أخرى من أدوات القوة الناعمة الأميركية، بينما تبنّت البلاد القيم الديمقراطية الليبرالية منذ وخلال نصف القرن الماضي، حين انتشرت فكرة حقوق الإنسان كقيمة في جميع أنحاء العالم. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، انتشرت المؤسسات والمعايير الديمقراطية في معظم أنحاء أوروبا الشرقية من "ضمنها روسيا لفترة قصيرة"، وفي أميركا اللاتينية أيضاً، واكتسبت موطئ قدم في أفريقيا، وبلغت نسبة الدول التي كانت ديمقراطيات ليبرالية أو انتخابية في العالم ما يزيد قليلاً عن 50% ووصلت إلى أعلى مستوياتها تقريباً عام 2000، ثم انخفضت قليلاً منذ ذلك الحين، وظلّت قريبة من 50%. لقد هدأت الموجة الديمقراطية التي أعقبت الحرب الباردة، إلّا أنّها لا تزال تترك أثراً دائماً. ومن المؤكد أنّ الجاذبية الواسعة التي تتمتّع بها المعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان ساهمت في تعزيز القوة الناعمة للولايات المتحدة. وبينما تقاوم الحكومات الاستبدادية ما تراه تدخّلاً في استقلالها السيادي من جانب الجماعات الداعمة لحقوق الإنسان، والتي غالباً ما يكون مقرّها في الولايات المتحدة وتدعمها موارد حكومية وغير حكومية أميركية. وليس من المستغرب أنّ بعض الحكومات الاستبدادية التي عانت سياسات الولايات المتحدة القسرية، قد أشادت بتخلّي إدارة ترامب عن دعم حقوق الإنسان في الخارج، مثل إغلاق مكتب العدالة الجنائية العالمية التابع لوزارة الخارجية، ومكتب قضايا المرأة العالمية، ومكتب عمليات الصراع والاستقرار التابع لها. ستعيق سياسة إدارة ترامب انتشار الديمقراطية، وتستنزف القوة الناعمة الأميركية، بهدف ضاغط يؤدّي إلى التراجع عن الترابط العالمي. لكن، سيستمرّ هذا الترابط ما دام البشر قادرين على التنقّل، ويبتكرون تقنيات جديدة للاتصال والمواصلات. ففي النهاية ستمتد العولمة لقرون، بجذور تمتدّ إلى طريق الحرير وما بعده. في القرن الـ 15، حفّزت الابتكارات في مجال النقل البحري عصر الاستكشاف، الذي أعقبه الاستعمار الأوروبي الذي شكّل الحدود الوطنية الحالية. وفي القرنين الماضيين، عجّلت السفن البخارية والتلغراف هذه العملية، كما غيّرت الثورة الصناعية الاقتصادات الزراعية. أمّا الآن، فثورة المعلومات تحدث تحوّلاً في الاقتصادات القائمة على الخدمات، بينما اليوم يحمل كلّ شخص من مليارات الأشخاص جهاز كمبيوتر في جيبه يفيض بكمّية من المعلومات كانت لتملأ ناطحة سحاب قبل 50 عاماً. ولقد أدّت الحروب العالمية إلى عكس اتّجاه العولمة الاقتصادية مؤقّتاً وتعطيل الهجرة، ولكن في غياب الحرب العالمية، وطالما استمرّت التكنولوجيا في تقدّمها السريع، فإنّ العولمة الاقتصادية سوف تستمرّ أيضاً. ومن المرجّح أن تستمر العولمة البيئية والنشاط العلمي العالمي والمعايير والمعلومات في الانتقال عبر الحدود. مع أنّه قد تكون آثار بعض أشكال العولمة وخيمة، وتغيّر المناخ مثال بارز على أزمة لا تعرف حدوداً. ولإعادة توجيه العولمة وتشكيلها بما يخدم الصالح العامّ، سيتعيّن على الدول التنسيق الدائم بينها. ولكي يكون هذا التنسيق فعّالاً، سيتعيّن على القادة بناء شبكات من التواصل والمعايير والمؤسّسات والحفاظ عليها. وستعود هذه الشبكات بالنفع على المؤسسات المركزية للدول كلّها. لا تزال الولايات المتحدة الدولة الأقوى اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً وثقافياً في العالم، وهذا يمنحها قوتها الناعمة. لكن للأسف، من المرجّح أن يؤدّي التركيز قصير النظر لإدارة ترامب الثانية، المهووسة بالقوة الصارمة القسرية المرتبطة باختلالات التجارة والعقوبات، إلى تأكّل النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بدلاً من تعزيزه. لقد ركّز ترامب بشدّة على تكاليف استغلال الحلفاء، لدرجة أنّه تجاهل حقيقة أنّ الولايات المتحدة هي من تقود الحافلة، وبالتالي تختار الوجهة والطريق. ترامب لا يدرك أنّ قوة أميركا تكمن في الترابط. وبدلاً من استعادة عظمتها، يقامر برهان مأساوي على الضعف. نقله إلى العربية: حسين قطايا.

لماذا قرّر ترامب تغيير صورته الرسميّة المعلّقة في البيت الأبيض؟
لماذا قرّر ترامب تغيير صورته الرسميّة المعلّقة في البيت الأبيض؟

الميادين

timeمنذ 4 ساعات

  • الميادين

لماذا قرّر ترامب تغيير صورته الرسميّة المعلّقة في البيت الأبيض؟

حدّث الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، صورته الرسمية المعلّقة في البيت الأبيض بعد أشهر قليلة من توليه منصبه، في محاولة لـ"يبدو أقل تهديداً"، وفق صحيفة "التلغراف" البريطانية. NEW OFFICIAL PRESIDENTIAL PORTRAIT JUST DROPPED 🔥🇺🇸 الصحيفة أنّ الصورة الجديدة "تسلّط الضوء على ترامب بشكل أكثر دفئاً وتخفّف من تعبيره عن صورته الأولى في خروج عن التقاليد الرئاسية"، على حدّ وصفها. وذكرت أنّ التغييرات في الصورة تشمل استبدال ربطة العنق الفيروزية بربطة العنق الحمراء "المفضّلة لديه"، وتغيير الخلفية من العلم الأميركي إلى اللون الأسود. اليوم 12:56 اليوم 12:39 ولفتت "التلغراف" إلى أنّه من غير المعتاد أن يغيّر الرئيس الأميركي صورته الشخصية بعد فترة وجيزة من توليه منصبه، لكن ترامب "يشتهر باهتمامه بمظهره". وتشرح أنّه في الصورة الأولى التي كانت معلّقة والتي نشرت قبل أيام قليلة من تنصيبه في كانون الثاني/يناير 2025، ظهر ترامب بوجه جامد، وعينه اليمنى ضيّقة وتحدّق، بينما كانت شفتاه مضغوطتين بإحكام. وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذه الصورة أثارت مقارنات مع الصورة التي نشرتها السلطات في جورجيا بعد اعتقاله بتهمة الابتزاز في عام 2023.وبشأن الصورة التي كانت موجودة، ادّعى ترامب أنّها "الأكثر مبيعاً في التاريخ"، ثم ركّبها على جدار المكتب البيضاوي بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي. وذّكرت "التلغراف" أنّ هذه المرة لم تكن الأولى التي يسعى فيها ترامب إلى "إزالة صورة غير لائقة". وكانت ولاية كولورادو قد أزالت صورة ترامب المعلّقة في مبنى الكابيتول في آذار/مارس عندما اشتكى الرئيس من مظهرها ودعا الحاكم جاريد بوليس إلى إزالتها. وقال على منصته "تروث سوشيال": "لا أحد يحب صورة سيئة أو لوحة فنية لنفسه، ولكن تلك الموجودة في كولورادو تمّ تحريفها عمداً إلى مستوى لم أره أنا من قبل، ربما". وكانت هذه اللوحة من رسم الفنانة البريطانية سارة بوردمان، والتي وصفتها بعد تكليفها بهذه القطعة في عام 2018 بأنها تُظهر الرئيس بتعبير "جادّ ومدروس وغير متعارض".

وسط ترقّب لمحادثة ترامب ونظيره الصيني.. الدولار يتعافى والذهب يسجل انخفاضاً
وسط ترقّب لمحادثة ترامب ونظيره الصيني.. الدولار يتعافى والذهب يسجل انخفاضاً

الميادين

timeمنذ 5 ساعات

  • الميادين

وسط ترقّب لمحادثة ترامب ونظيره الصيني.. الدولار يتعافى والذهب يسجل انخفاضاً

انخفضت أسعار الذهب، اليوم الثلاثاء، بعدما اقتربت من أعلى مستوى لها في 4 أسابيع، إذ ضغط ارتفاع طفيف للدولار على المعدن الأصفر، لكن حالة الضبابية بشأن اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والصين أبقت المستثمرين حذرين وحدّت من انخفاض الذهب. ونزل سعر الذهب في المعاملات الفورية 0.4% إلى 3365.22 دولاراً للأوقية (الأونصة)، بعدما بلغ أعلى مستوى له منذ الثامن من أيار/مايو. وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2% إلى 3390.10 دولاراً. وارتفع المعدن الأصفر بنحو 2.7% أمس الإثنين، مسجلاً أقوى أداء يومي له في أكثر من ثلاثة أسابيع. اليوم 12:39 اليوم 09:44 وأوضح المدير العام لشركة "غولد سيلفر سنترال" في سنغافورة برايان لان أن "الدولار تعافى قليلاً، وانخفض الذهب، إذ إن بينهما علاقة عكسية في هذه المرحلة". وقد تعافى مؤشر الدولار قليلاً من أدنى مستوى في 6 أسابيع. وأعلن البيت الأبيض، أمس الإثنين، أنه من المرجح أن يتحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ هذا الأسبوع، بعد أيام من اتهام ترامب لبكين بانتهاك اتفاق لخفض الرسوم الجمركية والقيود التجارية. ومن المقرّر رفع الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم لتصبح 50% بدءاً من غد الأربعاء، وهو الموعد النهائي الذي حدّدته إدارة ترامب للدول لتقديم أفضل اقتراحاتها في المفاوضات التجارية. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستقدّم حججاً قوية هذا الأسبوع للولايات المتحدة لخفض أو إلغاء الرسوم الجمركية رغم قرار ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 1.7% إلى 34.20 دولاراً للأوقية. وزاد البلاتين 0.3% ليصل إلى 1066.63 دولاراً، وارتفع البلاديوم 0.1% إلى 990.25 دولاراً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store