logo
الاتفاق التجاري بين ترمب والاتحاد الأوروبي: يضحكون على من؟

الاتفاق التجاري بين ترمب والاتحاد الأوروبي: يضحكون على من؟

Independent عربيةمنذ 6 أيام
وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاتفاق التجاري الذي جرى الأحد الماضي بأنه "أكبر اتفاق تجاري على الإطلاق"، وهكذا فإن هدف ترمب هو خفض أو إلغاء العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي، إذ إن صادرات الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة أكبر بكثير من واردات الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة، وترمب يريد زيادة صادرات النفط والغاز المسال إلى الاتحاد الأوروبي لتعديل الميزان التجاري.
وجاء إعلان الاتفاق بعد مفاوضات مكثفة أُجريت في اسكتلندا مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ضمن خطوة أنهت أشهراً من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها، ولكن بالنظر إلى تفاصيل الاتفاق نجد أنه يحوي بذور عدم تطبيقه، إذ يتضمن نقاطاً رئيسة عدة تهدف إلى إعادة توازن العلاقات التجارية بين الطرفين، وأهمها فرض الولايات المتحدة ضرائب جمركية مقدارها 15 في المئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي، بينما ليس هناك أية ضرائب جمركية على واردات الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة، ومن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي فإن الـ 15 في المئة كضرائب جمركية أفضل بكثير مما هو مفروض حالياً وهو 27.5 في المئة على واردات السيارات، إضافة إلى ضرائب قريبة من ذلك على أشباه الموصلات والأدوية، وكان هناك تهديد من ترمب برفع الضريبة الجمركية إلى 200 في المئة، وبخاصة على الخمور المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي.
كما تعهد الاتحاد الأوروبي بشراء معدات عسكرية أميركية بمليارات الدولارات مما يعزز الصناعات الدفاعية الأميركية، واستثمار الشركات الأوروبية بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال ولاية ترمب الثانية، وما يهمنا في هذه المقالة هو تعهد الاتحاد الأوروبي بشراء ما قيمته 250 مليار دولار سنوياً ولمدة ثلاثة أعوام من مصادر الطاقة الأميركية، وهذا يشمل النفط والغاز والفحم والوقود النووي، بحجة خفض الاعتماد على الغاز الروسي، وهذا أدى إلى ارتفاع أسهم شركات الغاز الأميركية بصورة ملاحظة، وكذلك يتضمن شراء مفاعلات نووية معيارية صغيرة.
ما مدى واقعية تطبيق الاتفاق؟
الملاحظ على الاتفاقات التي يعقدها الرئيس ترمب أن الأطراف المختلفة تصر على مدة الأعوام الثلاثة، والسبب هو أن فترة ترمب الرئاسية تنتهي عندها ويأتي رئيس آخر قد يغير كل هذه الاتفاقات، والملاحظ كذلك أن هدفها الأساس هو تهدئة ترمب وعدم التصعيد، فالمشكلة الأولى في اتفاق الأحد أنه جرى مع الاتحاد الأوروبي، ولكن هل تلتزم الدول بما تعهدت به قيادة الاتحاد الأوروبي؟ وهل تلتزم فرنسا مثلاً؟ إذ إنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي على الإطلاق أن يستهلك الكميات التي يمكن شراؤها بـ 250 مليار دولار سنوياً، والمثير في الأمر أنه كلما انخفضت أسعار النفط والغاز زادت الكميات ولكن لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يستهلكها، فقد بلغت واردات الاتحاد الأوروبي الطاقية من الولايات المتحدة أقل من 80 مليار دولار خلال العام الماضي، فكيف سترتفع إلى 250 مليار دولار، كما أن ارتفاع الأسعار يعني استيراد كميات أقل، ولكن ترمب لا يريد ارتفاع هذه الأسعار على الإطلاق.
والمشكلة الثانية أنه مع افتراض إمكان أن يستهلك الاتحاد الأوروبي هذه الكميات فليس لدى الولايات المتحدة الكميات الكافية لتصديرها للاتحاد الأوروبي، فنمو إنتاج النفط الأميركي توقف تقريباً بينما محطات الغاز المسال الجديدة لن تبدأ بالتصدير بعد ثلاثة أعوام من الآن، أي بعد المدة المحددة في الاتفاق، ويكفي أن نذكر هنا أن قيمة صادرات الولايات المتحدة من مصادر الطاقة خلال عام 2024 إلى كل دول العالم تقدر بنحو 330 مليار دولار، منها 250 مليار دولار إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي.
أما المشكلة الثالثة فهي أن هناك قوانين بيئية لدى الاتحاد الأوروبي سيجري تطبيقها قريباً وستمنع وصول النفط والغاز المسال الأميركيين إلا إذا كانا مطابقين للمواصفات، وفريق الرئيس ترمب لم يركز على هذه النقطة خلال المحادثات، إذ ترتبط هذه النقطة بأمور من أهمها أن اعتدال الطقس في أوروبا يعني انخفاض واردات الطاقة الأميركية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والمشكلة الرابعة، كما ذكرت سالفاً، أن الاتفاق أبرم مع قيادة الاتحاد الأوروبي ولكن بعض الدول الأعضاء قد لا تلتزم بالمشتريات لأسباب مختلفة، ففرنسا مثلاً تريد تصنيع المفاعلات النووية محلياً بينما العقود الألمانية مع روسيا بخصوص استيراد الغاز المسال طويلة المدة ولا تستطيع إلغاءها من دون غرامات كبيرة.
والمشكلة الخامسة هي موضوع الـ 15 في المئة كضرائب على الواردات من الاتحاد الأوروبي، فمحطات الغاز المسال الجديدة التي تبنى الآن أو ستبنى مستقبلاً في الولايات المتحدة تحتاج إلى مواد من دول الاتحاد الأوروبي، مما يعني ارتفاع كُلفها من جهة، وهذا قد يؤخر عمليات البناء، وهذا يعني أن هدف ترمب في تصدير الغاز المسال قد تلقى ضربتين من ترمب نفسه، ارتفاع الكُلف وتأخير التصدير.
والمشكلة السادسة أنه عندما وعدت بعض الدول الآسيوية ترمب بأنها ستشتري مزيداً من الغاز المسال لتلافي الضرائب الجمركية، قامت بذلك فعلاً ولكنها أرسلت هذه الشحنات إلى أوروبا بسبب عدم زيادة الاستهلاك في آسيا من جهة، وارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، وبعبارة أخرى فالكل يتنافس على الغاز والنفط نفسه، ومن ناحية أخرى فيمكن لدول الاتحاد الأوروبي شراء مزيد من الغاز الأميركي مثلاً ثم إرساله إلى دول أخرى مثل مصر أو الكويت أو العراق، لتدعي أنها تشتري من ترمب كما وعدته.
أما المشكلة السابعة هي أن الاتفاق سينتهي عام 2028، وأول إنتاج للمفاعلات النووية الصغيرة سيكون عام 2030 بحسب ما هو مخطط له الآن.
وخلاصة القول فإن ما جرى الاتفاق عليه شيء وما سيحدث على أرض الواقع شيء آخر، فلا الاتحاد الأوروبي قادر على شراء ما وعد به، ولا الولايات المتحدة قادرة على تصدير ما جرى الاتفاق عليه.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"مارك" ينتزع لقب ثالث أغنى شخص في العالم
"مارك" ينتزع لقب ثالث أغنى شخص في العالم

المدينة

timeمنذ 24 دقائق

  • المدينة

"مارك" ينتزع لقب ثالث أغنى شخص في العالم

تجاوز "مارك زوكربيرج"، مؤسس شركة "ميتا " ورئيسها التنفيذي، جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون، ليصبح ثالث أغنى شخص في العالم اول أمس، بعدما ارتفعت أسهم "ميتا" في أعقاب تحقيق الشركة أرباحًا فاقت التوقعات.وقفزت ثروة "مارك" الصافية بنحو 12% لتصل إلى 268.4 مليار دولار يوم الخميس، بزيادة تُقدر بحوالي 28.4 مليار دولار، بعدما ارتفع سعر سهم "ميتا" بأكثر من 11%.

واشنطن تفرض ضرائب على واردات 'تيمو' و'شي إن' بقرار جديد
واشنطن تفرض ضرائب على واردات 'تيمو' و'شي إن' بقرار جديد

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

واشنطن تفرض ضرائب على واردات 'تيمو' و'شي إن' بقرار جديد

أعلنت الإدارة الأمريكية إلغاء الإعفاء الجمركي المعروف بـ'قاعدة دي مينيميس'، الذي كان يسمح بدخول الشحنات التي تقل قيمتها عن 800 دولار دون رسوم جمركية، وهو ما يشكل ضربة مباشرة لمنصات التجارة الإلكترونية الصينية مثل 'شي إن' و'تيمو'. وابتداءً من 29 أغسطس 2025، ستُفرض رسوم تتراوح بين 80 و200 دولار على كل سلعة مستوردة، مع إلزام الشركات بالإفصاح الكامل عن بلد المنشأ. وقد بدأ تنفيذ القرار جزئيًا في مايو الماضي على الشحنات القادمة من الصين وهونغ كونغ. القرار، الذي يندرج ضمن خطة إصلاح تجاري أوسع أطلق عليها الرئيس الأميركي اسم 'الفاتورة الجميلة الكبيرة'، يهدف إلى تعزيز الرقابة الجمركية وحماية السوق المحلية من البضائع منخفضة السعر. وتتوقع مصادر اقتصادية أن تؤدي هذه الإجراءات إلى ارتفاع أسعار السلع على المنصات الصينية، خصوصًا في المجتمعات الأميركية ذات الدخل المحدود التي تعتمد على التسوق منخفض التكلفة، في ظل تزايد التحديات أمام شركات التجارة الإلكترونية العالمية للتكيف مع النظام الجديد.

أوروبا تتنازل عن مبادئها أمام واشنطن.. الأمن أولًا
أوروبا تتنازل عن مبادئها أمام واشنطن.. الأمن أولًا

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

أوروبا تتنازل عن مبادئها أمام واشنطن.. الأمن أولًا

ترسم أوروبا ملامح مرحلة جديدة، تقرّ فيها، ولو همسًا، أن اعتمادها على الولايات المتحدة أكبر مما تريد الاعتراف به، وأن الحرب في أوكرانيا أعادت تعريف معادلة القوة والسيادة في القارة العجوز. بينما ينهار الخطاب المثالي حول 'قواعد التجارة العادلة'، تتقدّم المخاوف الأمنية لتعيد ترتيب الأولويات. وفي قلب هذا التغير، تقف صفقة تجارية 'غير متوازنة' مع واشنطن، تثير الجدل، لكنها تمرّ لأنها ضرورة. الاقتصاد رهينة البندقية في أواخر مايو، وقّع سفراء الاتحاد الأوروبي اتفاقًا مثيرًا للجدل مع الولايات المتحدة يتضمّن فرض تعرفة جمركية بنسبة 15% على بعض المنتجات الأوروبية. وبينما اعتُبر الاتفاق تنازلاً مؤلمًا عن مبادئ التجارة الحرة، لم يجد القادة الأوروبيون بُدًا من القبول به، مبررين ذلك بالظرف الأمني القائم. الحرب على حدودهم الشرقية فرضت واقعية جديدة: لا وقت للمواجهة مع الحليف الأمريكي، حتى إن كانت صفقة التجارة مجحفة. مستشار ألمانيا فريديش ميرتس، رغم إشادته المبدئية بالصفقة، عاد ليصفها بأنها 'عبء ثقيل'، بينما شنّت أحزاب الخضر الألمانية هجومًا لاذعًا على القيادة الأوروبية، متهمة إياها ببيع المبادئ بثمن بخس. ومع ذلك، مرّ الاتفاق، لأن البديل قد يكون أسوأ. أوروبا المسلحة على وقع هذا التحول، تستعد أوروبا لاقتراض ما يصل إلى 150 مليار دولار ضمن مبادرة 'SAFE' (أمن أوروبا)، وهي خطة دفاعية تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية لدول الاتحاد. لكن المفارقة أن جزءًا كبيرًا من هذه القروض لن يُستخدم فقط لتسليح الجيوش الأوروبية، بل أيضًا لتزويد أوكرانيا بالسلاح، وشراء الأسلحة من مصانع أوكرانية لدعم اقتصادها الحربي. في رسالة موجهة إلى الدول الأعضاء، دعا المفوضان الأوروبيان أندريوس كوبليوس وفالديس دومبروفسكيس إلى 'دمج أوكرانيا في منظومة الأمن الأوروبي'، عبر التوريد والتصنيع المشترك. 'التوريد لأوكرانيا، مع أوكرانيا، ومن أوكرانيا، سيُحدث فارقًا في أمننا الجماعي'، كما جاء في الرسالة. الخطاب المزدوج وفق ما نشر معهد كوينسي الأمريكي يتحدث القادة الأوروبيون عن القيم والديمقراطية، لكن قراراتهم الأخيرة تفضح هشاشة هذه المبادئ أمام ضغوط الواقع. كما تقول الباحثة مها رفي عطال من جامعة جلاسكو، فإن ما ميّز هذه المرحلة من المفاوضات هو 'أن أوروبا لم تعد تملك رفاهية العناد'. فالمخاطر الجيوسياسية الآن، وليس المبادئ، هي من تحدد الاتجاه. مفوض التجارة الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش لخص الأمر ببساطة: 'الأمر لا يتعلق بالتجارة فقط، بل بالأمن، وبأوكرانيا، وبالتقلبات الجيوسياسية'. وهو ما يفسر استعداد أوروبا لتقديم تنازلات اقتصادية مؤلمة في سبيل كسب دعم واشنطن وضمان استمرار التحالف الغربي في مواجهة روسيا. التصدعات داخل أوكرانيا بعيدًا عن غرف التفاوض في بروكسل، تعاني أوكرانيا داخليًا من أزمات متتالية. فقد دفعت موجة احتجاجات شعبية الرئيس زيلينسكي إلى التراجع عن تشريعات مثيرة للجدل كانت تهدف إلى السيطرة على الهيئات المستقلة لمكافحة الفساد. القانون الجديد الذي وقّعه زيلينسكي هذا الأسبوع يُعيد لتلك المؤسسات استقلاليتها، بعد أن تعرّض لضغط داخلي وشعبي غير مسبوق. 'هذا القرار يضمن العمل الطبيعي والمستقل للهيئات القانونية في بلدنا'، قال زيلينسكي، في محاولة لإعادة التوازن بين الحرب والشرعية الديمقراطية. لكنه يعلم أن الضغوط لا تأتي فقط من الداخل، بل من داعميه في الغرب الذين يطالبون بإصلاحات ملموسة كمقابل للدعم العسكري والاقتصادي المستمر. الجبهة المشتعلة بلا توقف في الميدان، تتواصل المعارك بوتيرة دامية. هذا الأسبوع، أسفرت غارة أوكرانية بطائرة مسيرة على مدينة سالسك الروسية عن مقتل ثلاثة أشخاص وتدمير عشرات الوحدات السكنية. وفي الوقت نفسه، زعمت روسيا سيطرتها على بلدة تشاسيف يار الاستراتيجية في منطقة دونيتسك، ما يمنحها تفوقًا عسكريًا في منطقة 'حزام الحصون' الأوكرانية. الجيش الأوكراني نفى فقدانه السيطرة على البلدة، لكن مجرد الإعلان الروسي يعكس تصعيدًا قد يُعيد خلط الأوراق ميدانيًا وسياسيًا. ترمب يُقلّص المهلة ويزيد الضغط أما على الجانب الأمريكي، فقد أعلن الرئيس دونالد ترمب تقليص مهلة 'السلام أو التعرفة' التي منحها لروسيا من 50 يومًا إلى 10 فقط، مهددًا بفرض تعرفة جديدة إذا لم تتجه موسكو نحو تسوية سلمية. المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس أكدت أن 'الرئيس يدرك تمامًا ما يجري'، وأن هذه المهلة 'قد تكون رمزية' لكنها تحمل رسالة واضحة للكرملين: لا مزيد من الوقت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store