
دبلوماسية ملك المغرب الرائدة!
اسماعيل الحلوتي
في الوقت الذي ما انفكت فيه الجزائر تراكم خيباتها على جميع الأصعدة، وتسير نحو الباب المسدود في المجال الدبلوماسي، لما باتت تعرفه علاقاتها الدولية في السنوات الأخيرة من توترات متصاعدة، جراء مواقف نظامها العسكري المتشنجة وسياساته التصعيدية ليس فقط نحو المغرب، بل كذلك تجاه عديد الدول الإفريقية والأوربية، وعلى رأسها فرنسا إثر موقفها المنحاز لمقترح المغرب بخصوص الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، فضلا عما تواجهه من إدانة دولية واسعة بسبب انتهاك حقوق الإنسان، قمع الحريات وعدم احترام القوانين الدولية…
يواصل المغرب انتصاراته الدبلوماسية وخاصة فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، الذي أصبح يحظى بزخم كبير من الدعم الدولي، حيث يعود الفضل في ذلك إلى ما يميز قائده الملك محمد السادس من حنكة وحكمة وتحل بقيم التسامح والتعاون، لدرجة أضحت سياسته الرامية إلى تعزيز العلاقات الدولية وتطويرها، تتمتع بإشعاع إقليمي ودولي وسط إجماع المراقبين على سعيها الدؤوب صوب دعم التنمية في البلدان الإفريقية، والانخراط في عدة قضايا عالمية بغية الإسهام في اجتراح الحلول الملائمة لها، بعيدا عن أسباب التصعيد…
وليس هذا بالأمر الغريب على من تلقى منذ صغره تربية تتميز بعدة قواعد ومهارات في المعاملات، وتفرض احترام الآخرين له، ولاسيما أنها مرتبطة بقائد من السلالة العلوية التي يعود نسبها إلى الحسن بن علي بن أبي طالب، تحكم المغرب منذ سنة 1666 ميلادية، ويلقب الحاكم منهم بأمير المؤمنين. وفي هذا الصدد يجب التمييز بين البروتوكول كعلم قائم بين الملوك ورؤساء الدول وبين الدبلوماسية التي تحدد القواعد الأساسية المرتبطة بالعلاقات العامة بين الدول. وبشكل عام، يعد الملك (بضم الميم) وراثة وقواعد وسلوك وتربية على القيم النبيلة والمبادرات الإنسانية الرفيعة، وهو ما لا يتوفر عليه في الوقت الراهن قادة الجزائر ممن تربوا على ممارسة العنف والقمع وانتهاك حقوق الإنسان ونهب وتبديد المال العام…
ففي إطار دبلوماسيته الرائدة والمعهودة، استطاع الملك محمد السادس عبر تدخلاته ومواقفه الحاسمة، تحقيق النجاح في إقناع إسرائيل بالإفراج عن زهاء ملياري دولار من أموال السلطة الفلسطينية، التي ظلت محتجزة لشهور بلا موجب حق، ودون أن يتمكن أي نظام آخر من القيام بهكذا خطوة إيجابية في هذا المنحى، وخاصة تلك الأنظمة العسكرية التي ما فتئت تردد تلك الأسطوانة المشروخة « نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة »، خاصة أن هذه الخطوة سمحت لآلاف الموظفين الفلسطينيين بتلقي أجورهم.
وهي المبادرة الإنسانية التي لقيت استحسانا واسعا ليس فقط داخل الأراضي الفلسطينية، بل حتى خارجها، حيث هناك من اعتبرها وساطة من مستوى عال، بلا طبول ولا مزامير ولا استعراضات. إذ لم يعلن عنها عبر القنوات الرسمية في المملكة المغربية، وإنما عن طريق تدوينة رسمية ل »حسين الشيخ » أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية « فتح »، يقول فيها « نتوجه بالشكر والتقدير الكبير لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، وللحكومة المغربية على جهدهم المتواصل في حل أزمة الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل ». كما تفاعل معها عدد آخر من نشطاء الفضاء الأزرق، الذين نوهوا بالدبلوماسية المغربية، وقد قال أحدهم: « المغرب يبحث عن حل جدي وواقعي للقضية الفلسطينية، ولا يتاجر بها كما يفعل الكثيرون »، مما يؤكد الدعم المغربي الدائم والمستمر للقضية الفلسطينية، والالتزام الأخلاقي والتاريخي لملكه رئيس لجنة القدس، بعيدا عن الشعارات البراقة والضجيج الإعلامي المزعج…
ثم إنها ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها المغرب على المستوى الدبلوماسي من أجل حل أزمة سياسية أو معالجة إحدى القضايا الدولية الشائكة، فقد سبق له الانخراط في وساطة لدى السلطات البوركينابية من أجل إطلاق سراح أربعة فرنسيين كانوا محتجزين لما يقارب عاما كاملا بتهمة التجسس من طرف رئيس جمهورية بوركينا فاسو إبراهيم تراوري. فالرهائن الأربعة هم مسؤولون تقنيون في القسم الفني المكلف بإدارة أنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالاستخبارات الخارجية الفرنسية، كانوا قد سافروا إلى العاصمة « واغادوغو » في 23 نونبر 2023، حسب ما أوردته صحيفة لوموند الفرنسية.
وبالإضافة إلى ذلك أفادت أسبوعية « جون أفريك » الفرنسية أن المخابرات المغربية ساهمت خلال شهر غشت 2023 في إطلاق سراح رهينة روماني، كان مختطفا في منطقة الساحل جنوب الصحراء الإفريقية قرب الحدود بين مالي والنيجر منذ حوالي ثماني سنوات، ويتعلق الأمر هنا بضابط أمن يدعى « يوليان غيرغوت »، مما أدى بوزارة الخارجية الرومانية إلى نشر بيان صحفي توجه من خلاله الشكر للمملكة المغربية على ما دأبت عليه من وساطات ناجحة في هذا المضمار…
إن المملكة المغربية الشريفة ليست دولة بدون هيبة ولا وزن ولا مواقف، كما هو الحال بالنسبة لدولة « الكابرانات »، بل هي بلاد ذات إشعاع دولي كبير بفضل الدبلوماسية الرائدة لعاهلها، الذي جعلت منه رمزا للقائد الحكيم والحريص ليس فقط على مصالح بلده وشعبه، بل على مصالح بلدان وشعوب العالم، وهو ما يتضح عبر وساطاته الناجحة سواء في الإفراج عن المواطنين الفرنسيين الأربعة أو الرهينة الروماني، وحضوره القوي في عديد الأزمات الدولية، حيث لم ينفك يواصل سياسة اليد الممدودة، وتوفير مختلف الإمكانيات في حل الخلاف بين الفرقاء الليبيين، كما كان سباقا للدعوة في السودان إلى وقف إطلاق النار بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وغير ذلك كثير…

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت العدالة
منذ 4 ساعات
- صوت العدالة
الخميسات: حفل رسمي لتوديع حجاج بيت الله الحرام في أجواء روحانية مميزة
حفيظ المخروبي – صوت العدالة في أجواء مفعمة بالإيمان والروحانية، ترأس عامل إقليم الخميسات، السيد عبد اللطيف النحلي، صباح يوم الخميس 22 ماي 2025، بمقر العمالة، حفلاً رسمياً لتوديع حجاج الإقليم المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج لموسم 1446 هـ، بحضور عدد من المسؤولين المحليين، والسلطات الأمنية، والمجالس المنتخبة. افتُتح الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، أعقبها توجيه كلمة توعوية من عامل الإقليم، هنأ فيها الحجاج، مذكراً إياهم بقدسية الركن الخامس من أركان الإسلام، وداعياً إياهم إلى التسلح بالصبر، والالتزام بالتعليمات الصحية والتنظيمية، وحسن تمثيل المملكة المغربية في البقاع المقدسة، انسجاماً مع التوجيهات السامية لأمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله. كما دعا الحجاج إلى التضرع إلى الله عز وجل أن يحفظ جلالة الملك، ويقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد، وأن يتغمد جدي جلالته، المغفور لهما الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، بواسع رحمته. وقد تخلل الحفل تقديم توجيهات دينية وصحية من قبل المجلس العلمي المحلي، ومندوبية الشؤون الإسلامية، ومندوبية الصحة، شملت أهم الإرشادات المتعلقة بأداء المناسك في أمن وسلام. واختُتم الحفل بتوزيع الوثائق الرسمية على الحجاج، الذين بلغ عددهم هذا الموسم 127 حاجاً وحاجة، وسط أجواء من الفرح والدعاء، معبرين عن امتنانهم لهذه الالتفاتة الطيبة من السلطات الإقليمية. نسأل الله تعالى أن يتقبل من حجاجنا الكرام مناسكهم، ويكتب لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وأن يعودوا إلى وطنهم سالمين غانمين.


عبّر
منذ 4 ساعات
- عبّر
هل أصدرت وزارة الداخلية توجيهات لمنع مظاهر شعيرة عيد الأضحى في المغرب بتعليمات ملكية؟
تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية معلومات تفيد بأن وزارة الداخلية المغربية أصدرت توجيهات لمنع مظاهر إحياء شعيرة عيد الأضحى لسنة 2025، وهو ما أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين وأعاد الجدل حول وضعية القطيع الوطني وظروف الجفاف. مصدر رسمي ينفي منع مظاهر شعيرة عيد الأضحى وفي رد مباشر، نفى مصدر مسؤول بوزارة الداخلية، صحة هذه المعطيات بشكل قاطع، مشدداً على أن الوزارة لم تُصدر أي توجيه أو قرار يتعلق بمنع مظاهر شعيرة عيد الأضحى، وأن كل ما يتم تداوله 'لا أساس له من الصحة'. الرسالة الملكية: دعوة للتيسير دون فرض منع وكان الملك محمد السادس قد وجّه رسالة رسمية يوم الأربعاء 26 فبراير 2025، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، خلال نشرة الأخبار بالقناة الأولى، أهاب فيها بالشعب المغربي عدم القيام بذبح الأضحية هذه السنة مراعاة للظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة، خاصة بعد تراجع القطيع الوطني بنسبة 38% حسب ما كشفه وزير الفلاحة أحمد البواري. وجاء في الرسالة الملكية: 'نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة الأضحية لهذه السنة، وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيراً على سنة جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام.' كما أكد الملك في رسالته على أن عيد الأضحى سيُحيى بطقوسه الروحانية والاجتماعية المعتادة، بما فيها: الصدقات وضعية القطيع الوطني تدفع نحو قرارات استثنائية وفي السياق ذاته، أوضح وزير الفلاحة أن عدد الأضاحي المتوفرة تراجع إلى ما بين 130 و150 ألف رأس، بعدما كان المغرب يذبح سنوياً نحو 230 ألف رأس، نتيجة الجفاف المتواصل للسنة السابعة على التوالي، ما أثر سلباً على إنتاج اللحوم والأسعار في السوق الوطنية.


برلمان
منذ 4 ساعات
- برلمان
تنزيلا للتوجيهات الملكية الصادرة عن المجلس الوزاري الأخير.. الحكومة تعلن برنامجا لدعم مربي الماشية وإعادة تشكيل القطيع الوطني
الخط : A- A+ إستمع للمقال قدّم وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، اليوم الخميس 22 ماي الجاري، تفاصيل البرنامج الذي ستطلقه الحكومة والموجّه لدعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم، وإعادة تشكيل القطيع الوطني بشكل مستدام، وذلك تنفيذًا للتوجيهات الملكية السامية، الصادرة عقب المجلس الوزاري المنعقد يوم الاثنين 12 ماي 2025 بالرباط. وأكد الوزير في عرضه، الذي قدّمه في ختام أشغال مجلس الحكومة، اليوم الخميس، أن توجيهات الملك محمد السادس تشدّد على ضرورة 'الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية، ووفقًا لمعايير موضوعية، وأن يُوكَل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تُشرف عليها السلطات المحلية'، مضيفًا أنه سيتم إصدار دورية مشتركة تُبرز بشكل واضح أدوار مختلف المتدخلين في هذه العملية. وحسب المسؤول الحكومي نفسه، فإن هذا البرنامج، الذي يُضاف إلى الإجراءات الحكومية المتّخذة في هذا الإطار، يروم تثمين الأثر الإيجابي الذي خلّفته التساقطات المطرية الأخيرة، بتوفير ظروف مواتية لإعادة تشكيل القطيع الوطني. ويرتكز هذا البرنامج الجديد، الذي يعكس عناية الملك محمد السادس بالعالم القروي وكل مكونات القطاع الفلاحي، وفق ما أكّده وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، على خمسة محاور أساسية. ويتعلق المحور الأول بإعادة جدولة ديون مربي الماشية، عبر التخفيف من تراكم الديون على حوالي 50 ألف مربي، بكلفة تصل إلى 700 مليون درهم ستتحمّلها ميزانية الدولة، يقول أحمد البوراي، مضيفًا أنه سيتم في هذا الإطار 'إلغاء 50 في المائة من ديون رأس المال والفوائد التي تقل قيمتها عن 100.000 درهم، ويمثّل صغار الكسابين 75% من مجموع المستفيدين'، وكذا 'إلغاء 25 في المائة من ديون رأس المال والفوائد التي تتراوح قيمتها بين 100.000 و200.000 درهم، وتمثل هذه الفئة 11% من مجموع المستفيدين'. علاوة على ذلك، سيتم حسب نفس الوزير 'إعادة جدولة ديون الفلاحين، والإعفاء من الفوائد المترتبة عن تأخير الأداء بالنسبة للقروض التي تتجاوز قيمتها 200.000 درهم'. أما المحور الثاني، وفق ما جاء في عرض الوزير، فيهمّ دعم الأعلاف، وذلك من خلال دعم ثمن بيع الشعير في حدود 7 ملايين قنطار، ليصبح ثمن بيع الكيلوغرام الواحد 1.5 درهم، إضافة إلى دعم ثمن بيع الأعلاف المركبة الموجّهة للأغنام والماعز في حدود 7 ملايين قنطار، ليصبح ثمن بيعها درهمين (2) للكيلوغرام. وسيُخصص لتنزيل هذا الإجراء ما يناهز 2.5 مليار درهم. المحور الثالث، يضيف وزير الفلاحة، يتعلّق بإطلاق عملية ترقيم إناث الماشية، وذلك لتتبع ومواكبة أجرأة منع ذبح الإناث للحفاظ على القطيع الوطني، بهدف بلوغ أزيد من 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز خلال ماي 2026. كما سيتم بحلول التاريخ نفسه تقديم دعم مباشر للمربين بقيمة 400 درهم عن كل رأس من الإناث التي تم ترقيمها ولم يتم ذبحها، وذلك لتعويضهم عن تكلفة الاستمرار في الحفاظ على القطيع. ويتعلق المحور الرابع بإطلاق حملة علاجية وقائية، تهدف إلى حماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز خلال هذه السنة من الأمراض الناتجة عن تداعيات الجفاف، بكلفة مالية تصل إلى 150 مليون درهم. أما المحور الخامس والأخير، فيروم تنظيم عملية تأطير تقني لمربي الماشية، وذلك لتحسين السلالات عبر خلق منصات للتلقيح الاصطناعي والمواكبة التقنية للرفع من الإنتاجية، بكلفة مالية تصل إلى 50 مليون درهم. وخلص الوزير في عرضه إلى أن كلفة هذه التدابير ستبلغ، بحلول نهاية سنة 2025، ما يناهز 3 مليارات درهم، علاوة على تخصيص 3.2 مليارات درهم سنة 2026 ككلفة للدعم المباشر الذي سيُقدَّم للمربين الذين انخرطوا بنجاح في الحفاظ على إناث الماشية لضمان استدامة القطيع الوطني.