logo
خطوة ترمب... والتداعيات على العالم

خطوة ترمب... والتداعيات على العالم

الشرق الأوسطمنذ 9 ساعات

مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه لم يعد مهتماً باتفاق لوقف إطلاق النار مع إيران، وانتقاله للمطالبة بـ«استسلام غير مشروط»، تدخل الحرب مع إيران مرحلة أكثر خطورة، تنذر بتحولات كبرى على مستوى المنطقة والعالم.
ترمب قال بوضوح إن الهدف لم يعد وقف التصعيد، بل «شيء أكبر»، ملوّحاً بتهديد مبطن للمرشد الإيراني علي خامنئي، بقوله إنهم يعرفون مكانه «بدقة» لكنهم لا ينوون استهدافه «في الوقت الراهن». ما تطالب به واشنطن، هو في جوهره تفكيك البرنامج النووي وإنهاء كامل لبرنامج تخصيب اليورانيوم، ووضع قيود صارمة على برنامج الصواريخ الباليستية، وعلى دعم طهران لوكلائها في المنطقة. أمّا مسألة تغيير النظام فلا تبدو في الوقت الراهن أكثر من مجرد تصريحات لتصعيد الضغط على طهران.
موقف ترمب يتماشى مع نهجه الذي بات معروفاً: تصعيد التهديدات والتصريحات، للحصول على تنازلات كبيرة. وفي هذا الصدد أعلن علناً رفضه لتقييم مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد التي كانت قد قالت في شهادة أمام الكونغرس إن طهران ليست قريبة من امتلاك سلاح نووي وإنها لا تعمل لذلك في الوقت الراهن. وفي الوقت ذاته، أعادت الولايات المتحدة نشر قواتها وطائرات التزود بالوقود في المنطقة، في إشارة إلى الاستعداد لخوض مواجهة مباشرة، واستخدام القنابل الخارقة للتحصينات لتوجيه ضربة قاصمة لبرنامج إيران النووي.
خطورة هذا التوجه تكمن في كونه يترك إيران بلا خيار سوى القتال أو الانهيار. فالقادة الإيرانيون طالما رفضوا مطلب «تصفير التخصيب»، ولا يثقون بأي وعود أميركية أو إسرائيلية بعدم مهاجمة النظام مجدداً إذا تخلى عن طموحاته النووية والصاروخية. وقد أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي، أمس، أن بلاده «لن تستسلم»، وأن أي تدخل عسكري أميركي سيقود إلى عواقب لا يمكن إصلاحها. فالنظام الإيراني يرى أن خطر الاستسلام يفوق بكثير كلفة خوض حرب طويلة.
صحيح أنه لا يمكن استبعاد إمكانية تسوية بشكل كلي، في شكل «صفقة القرن» مع إيران، تقوم على وقف عمليات التخصيب، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً الآن، ما يترك الباب مفتوحاً أمام خيار التصعيد.
إقليمياً، فإن اتساع رقعة الحرب سيهدد مصالح كبرى وحيوية، وقد يدفع إيران إلى الرد عبر استهداف القوات الأميركية في المنطقة، أو حتى إغلاق مضيق هرمز، ما سيقود إلى أزمة طاقة عالمية.
التداعيات بالتأكيد تتجاوز المنطقة، والعالم كله يتابع التطورات، لا سيما الصين وروسيا، اللتين تريان في هذا الصراع تحدياً وفرصة.
موسكو قلقة من احتمال خسارة حليف مهم آخر بعد سقوط نظام الأسد في سوريا. ورغم ذلك، فإنها قد ترى في الحرب فرصة للتوسع الجيوسياسي بتصدير المزيد من السلاح لطهران مقابل النفط الرخيص والطائرات المسيّرة، والاستفادة من انهيار صادرات إيران النفطية لتصبح روسيا المورد الأهم للصين والهند.
أمّا بكين، فأكبر مخاوفها هو تعطل إمدادات النفط، إذ تستورد 30 - 40 في المائة من حاجتها من المنطقة، وأي تصعيد في مضيق هرمز سيضرب اقتصادها وصناعاتها ويؤجج التضخم.
ولتفادي ذلك، قد تسرع الصين في تنويع مصادر الطاقة عبر زيادة وارداتها من النفط الروسي، أو استغلال احتياطاتها الاستراتيجية، أو حتى شراء النفط الإيراني «تحت الطاولة» بأسعار منخفضة.
في المقابل، فإنه كلما طال بقاء القوات الأميركية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، زاد هامش الحركة لبكين في معركتها التجارية والاستراتيجية مع واشنطن، إضافة إلى أنها يمكن أن تعرض نفسها كوسيط سلام، ما يعزز نفوذها الإقليمي.
بالنسبة إلى ترمب فإنه إذا حقق أهدافه من مجازفة دخول الحرب، فسوف يعزز صورته كما يريدها: زعيم قوي يحصل على ما يريد بالقوة والضغط، وفي الوقت ذاته سيضعف المحور المناوئ لأميركا على أساس أن إيران هي حجر الزاوية لتحالفات روسيا، وإلى حد ما الصين، في المنطقة.
لكن المخاطر على العالم تبقى أكبر من المكاسب في حال إطالة أمد الحرب، أو حدوث اضطرابات وفوضى غير محسوبة. فالنظام العالمي كما نعرفه سيكون مهدداً بالتصدع، مع سيادة منطق القوة، وتراجع مفهوم احترام سيادة الدول، ما قد يفتح الباب لتدخلات مستقبلية من قوى مثل روسيا والصين والهند. وإذا فشلت مقامرة ترمب ورهان إسرائيل ولم يسقط النظام في طهران، فإنه سيسرع خطواته نحو امتلاك سلاح نووي، وهو أمر سيؤدي بالضرورة إلى سباق تسلح نووي خطير، وتعزيز محور روسيا والصين وإيران، وإضعاف المنظمات الدولية كالأمم المتحدة.
إنه صراع لا يعيد رسم خريطة المنطقة فقط، بل قد يسرّع تفكك النظام العالمي، ويمهد لعالم أكثر عنفاً... وأقل استقراراً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تباين في أسعار النفط.. وبرنت ينخفض عند 76.57 دولار للبرميل
تباين في أسعار النفط.. وبرنت ينخفض عند 76.57 دولار للبرميل

صحيفة سبق

timeمنذ 17 دقائق

  • صحيفة سبق

تباين في أسعار النفط.. وبرنت ينخفض عند 76.57 دولار للبرميل

تباينت أسعار النفط خلال تعاملات الخميس، مع تقييم الأسواق ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في هجماتها على إيران، بعد أن دخل الصراع يومه السابع. وانخفضت أسعار العقود الآجلة لخام "برنت" القياسي تسليم أغسطس 0.15% أو 13 سنتًا عند 76.57 دولار للبرميل، في تمام الساعة 08:01 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة. بينما استقرت أسعار العقود الآجلة لخام "نايمكس" الأمريكي تسليم يوليو عند 75.09 دولار للبرميل. يأتي هذا بعدما أشار الرئيس "دونالد ترامب" إلى احتمال تدخل الولايات المتحدة في النزاع، لكنه لم يحسم الأمر، ما خلق حالة عدم يقين في السوق، ودفع المستثمرين إلى تجنب اتخاذ مراكز جديدة في السوق، ما ساهم في تراجع الأسعار، بحسب "رويترز".

إيران تحذر الولايات المتحدة من التدخل لدعم إسرائيل
إيران تحذر الولايات المتحدة من التدخل لدعم إسرائيل

أرقام

timeمنذ 18 دقائق

  • أرقام

إيران تحذر الولايات المتحدة من التدخل لدعم إسرائيل

حذر نائب وزير الخارجية الإيراني "كاظم غريب آبادي" الولايات المتحدة من التدخل في الحرب لدعم إسرائيل، مؤكدًا أن بلاده مستعدة للدفاع عن نفسها حال التصعيد. وحسبما نقل التلفزيون الرسمي، أوضح "آبادي": إذا أرادت الولايات المتحدة التدخل عسكريًا لصالح الكيان الصهيوني، فسيتعين على إيران استخدام أدواتها لتلقين المعتدين درسًا والدفاع عن أمنها القومي ومصالحها الوطنية.

"تراقب وتنتظر".. هل تتغير قريباً حسابات الفصائل الإيرانية؟
"تراقب وتنتظر".. هل تتغير قريباً حسابات الفصائل الإيرانية؟

العربية

timeمنذ 22 دقائق

  • العربية

"تراقب وتنتظر".. هل تتغير قريباً حسابات الفصائل الإيرانية؟

مع استمرار المواجهات العنيفة بين إسرائيل وإيران ، لا تزال الفصائل المسلحة سواء في العراق أو حزب الله في لبنان غائبة عن المشهد. إذ تركز بعض تلك الفصائل حالياً على مصالحها الخاصة وإعادة بناء قدراتها العسكرية، لاسيما أن لديها الكثير لتخسره من حرب آخذة في التوسع مع إسرائيل، مثل بعض "الميليشيات العراقية الذين يراكمون الثروات حاليًا عبر قطاع النفط" وفق ما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" خاصة أن الحرب العنيفة الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله تركت حلفاء إيران في حالة حذر من مواجهة إسرائيل، التي أظهرت تفوقًا كبيراً في القدرات العسكرية والاستخباراتية. وفي السياق، أوضح دبلوماسيون عرب يتواصلون بانتظام مع حزب الله، أن الأخير لا يُبدي رغبة كبيرة في الانجرار إلى حرب جديدة بل يركّز في الوقت الحالي على إعادة بناء قدراته المالية والعسكرية. "انتظر وشاهد ما يجري" وقال مصدر مطّلع على تفكير حزب الله إن إيران قادرة على التعامل مع المواجهة دون الحاجة إلى مساعدة من حلفائها، مضيفًا أن الحزب يتّبع حاليًا نهج "انتظر وشاهد ما يجري". أما في العراق، فقد أضحت الفصائل المسلحة المدعومة إيرانياً أكثر حرصاً في استخدامها للتكنولوجيا. وباتت تستعمل هواتف مؤقتة وتغير أرقام قادتها بانتظام، بل نادرا ما يتصلون بالإنترنت. لاسيما بعدما أظهرت الهجمات الإسرائيلية مدى تسلل الاستخبارات الإسرائيلية داخل إيران وقدرتها على شن هجمات من قلب الأراضي الإيرانية، ما هز حلفاء طهران بشكل خاص. "قد تنقلب الحسابات" إلا أن كل تلك المحاذير قد تتغير، وتنقلب حسابات بعض تلك الفصائل إذا انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل في قصف إيران، وفق ما أكد دبلوماسيون ومحللون. "دور أكبر لحزب الله" وكان مصدر مقرب من حزب الله أوضح مساء أمس الأربعاء، للعربية/الحدث، أنه كان يُعوّل على دور أكبر لحزب الله في الحرب الإسرائيلية الإيرانية، لكن الضربات التي تلقاها منعته من ذلك. كما أشار إلى أن تطورات الأمور ستُظهر لاحقا ما إذا كانت هناك حاجة لانخراط الحزب في الصراع. وأكد أنه في حال دخل الحزب في الحرب إلى جانب إيران فهذا يعني أنه سيستخدم سلاحه الثقيل. ولفت إلى أن دور حزب الله حينها سيكون أكثر من إلهائي، لأنه لا يزال يمتلك قدرات. إلى ذلك، شدد المصدر على أن القضاء على الحرس الثوري يعني حكماً نهاية حزب الله. يشار إلى أن حزب الله كان تلقى ضربات قاصمة الصيف الماضي، إثر المواجهات التي فتحها ضد إسرائيل، تحت مسمى "جبهة الإسناد" لدعمه حركة حماس في قطاع غزة، إذ لقي قادة الصف الأول العسكريين مصرعهم، كما اغتيل أمينه العام حسن نصرالله، وخلفه هاشم صفي الدين، فضلا عن عشرات المسؤولين في صفوفه. فيما لم تتحرك الفصائل العراقية الموالية لإيران عسكرياً خلال الحرب على غزة، مكتفية بالإدانة والشجب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store