logo
فى تجليات العار الغربى «3»

فى تجليات العار الغربى «3»

بوابة الأهراممنذ 4 أيام
نواصل وضع الغرب فى المرآة أمام نفسه والعالم،عاريا من كل القيم التى يعتنقها وتضمنتها دساتيره بل وأسس تدويلها عبر المنصات العالمية، من خلال بيان ازدواجية مواقفه من القضية الفلسطينية. قد يتساءل البعض عن سبب التركيز على كشف تناقضات مواقف القوى الغربية دون غيرها، ولماذا مثلا لم نتحدث عن القوى الشرقية أو حتى العالمين العربى والإسلامي؟ والإجابة ببساطة هى أنه على الرغم من أن كشف تقاعس الغرب، لا يعفى القوى الأخرى من مسئوليتها، إلا ان القوى الغربية تتحمل العبء الأكبر من المسئولية لعدة أسباب:
أولا:أنها هى التى زرعت «إسرائيل» فى المنطقة حلا لما سمى بـ»المسألة اليهودية».
ثانيا:أنها دأبت على دعم «الكيان» بأشكال عديدة عسكريا ولوجستيا وسياسيا طوال احتلال الأراضى العربية منذ عام 1948.
ثالثا:أن أغلبية الدول التى لديها حق الفيتو بمجلس الأمن غربية، ويستخدم عادة ضد المصالح العربية.
ورابعا: أن الغرب يلعب على مدى عقود عديدة دور المعلم والمؤسس لهذه القيم والمواثيق الدولية والراعى لها فقد نصّبت الدول الغربية، نفسها حامية حمى حقوق الإنسان ومنارة القانون الدولي، عبر تقارير تصدر عن انتهاكات حقوقية هنا وهناك، وعقوبات تُفرض على دول لا تلتزم «بالمعايير الدولية». ولكن، عندما يتعلق الأمر بالعدوان الإسرائيلى على غزة والاحتلال المستمر للأراضى الفلسطينية، تتكشف ازدواجية صادمة تفضح زيف هذه الادعاءات، باستثناء بعض التصريحات الجوفاء الخالية من أى موقف عملي.
كنا قد ذكرنا فى المقالين السابقين تسلسل تجليات العار الغربى تاريخا، والمواقف التى تؤكد ذلك، باعتبارها تاريخٌا من الاصطفافات المتشابهة، ضد المعتدى عليه ما دام عربيا أو مسلما منذ عهد الاستعمار، واليوم نسلط الضوء على تنكره لقيمه ومبادئه الإنسانية حتى مع مواطنيه أنفسهم عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن رأيهم الرافض للعدوان الإسرائيلى على فلسطين. فلا تقتصر ازدواجية المعايير لدى غالبية الدول الغربية على الصمت تجاه الانتهاكات فى غزة فقط، بل تمتد لتشمل قمع الأصوات المعارضة داخل حدودها. فبالرغم من أن دساتير تلك الدول تنص على حرية التعبير والتجمع السلمي، فإن الممارسة فى العديد منها أظهرت تناقضاً صارخاً عندما يتعلق الأمر بالتضامن مع الفلسطينيين ضد جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل بغزة ، ويتجلى ذلك فى عدة شواهد، أبرزها:
- حظر عشرات المظاهرات السلمية المؤيدة للفلسطينيين بعدة دول اوربية، بذريعة «مخاوف أمنية» ففى ألمانيا، مثلا، تم حظر 99 فعالية ومظاهرة موالية للفلسطينيين. بما يناقض الحقوق الدستورية للتجمع السلمي.
- تجريم التعبير عن التضامن من خلال اتهامات فضفاضة بـ»معاداة السامية» أو «دعم الإرهاب»، حتى لو كان التعبير مجرد دعوة لوقف إطلاق النار، وهو ما يخالف صراحة المادة 19 من الإعلان والعهد الدولى والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان .
- قمع نخب ومشاهير بسبب مواقفهم الداعمة لفلسطين. ومنهم فنانون مثل الممثلة الأمريكية سوزان ساراند الحائزة على جائزة الأوسكار التى تعرضت لانتقادات شديدة بعد تصريحاتها فى تجمع مؤيد للفلسطينيين، وتم على إثرها إسقاطها من وكالة المواهب (UTA) بذريعة «المعاداة للسامية» (وهو ما نفته ساراندون)، والممثلة الأمريكية أنجيلينا جولى التى واجهت انتقادات لاذعة من وسائل إعلامية ومنظمات موالية لإسرائيل بعد أن وصفت غزة - على «انستجرام» - بأنها «سجن مفتوح». وتم فصل الممثلة المكسيكية مليسا باريرا - التى كانت نجمة فى سلسلة أفلام- «Scream» من فريق عمل فيلم «Scream 7» عقب وصفها ما يحدث فى غزة بأنه «إبادة جماعية»
وشهدت الجامعات الغربية حالات إيقاف عن العمل وطرد أكاديميين بسبب رفض العدوان على غزة. فقد تعرض العديد من الأساتذة والطلاب بجامعات أمريكية مثل كولومبيا وبنسلفانيا، وهارفارد لتحقيقات داخلية، وللفصل بعد التعبير عن دعمهم الفلسطينيين، وتم اعتقال المئات من الطلاب بجامعتى كولومبيا وكاليفورنيا .كما تم فصل عدد من الإعلاميين، بسبب تغطيتهم القضية الفلسطينية أو تعاطفهم مع الضحايا. مثل إلغاء برنامج الصحفى البريطاني-الأمريكى مهدى حسن على «MSNBC» بسبب انتقاده سياسات إسرائيل وبعض حلفائها الغربيين.
بعد هذا السجل الملطخ بعار ازدواجية المعايير، هل يمكن للغرب أن يستعيد بعضاً من بريقه الأخلاقى الذى خبا تحت أنقاض غزة عبر موقف عملى حقيقى لوقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين وتحقيق حل الدولتين؟!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستعمرين
نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستعمرين

بوابة الأهرام

timeمنذ 29 دقائق

  • بوابة الأهرام

نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستعمرين

أدان 41 نائبا في البرلمان الأوروبي، تصاعد عنف المستعمرين في الضفة الغربية، مطالبين بفرض عقوبات على المستعمرين. موضوعات مقترحة كما طالبوا بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتعليق العلاقات التجارية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ردا على انتهاكاتها المتواصلة للقانون الدولي. جاء ذلك في رسالة وجهوها إلى كل من: رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس. وتطرق النواب في رسالتهم إلى هجوم المستعمرين على قرية كيسان شرق بيت لحم في 25 يوليو الماضي، وإحراق عدد من المنازل، وهجومهم على بلدة الطيبة شرق رام الله في 27 يوليو، بالإضافة إلى قتل الناشط الحقوقي عودة الهذالين، الذي ساهم في الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار "لا أرض أخرى"، خلال هجوم المستعمرين على قرية أم الخير في مسافر يطا جنوب الخليل في 28 يوليو. وأضافت الرسالة أن أعمال العنف بلغت ذروتها في ليلة 30-31 يوليو في بلدة سلواد شرق رام الله، حيث استشهد الشاب خميس عبد اللطيف عياد اختناقا أثناء محاولته إخماد النيران في منزله، والتي اندلعت نتيجة هجوم من قبل مستعمرين. وأكد النواب في رسالتهم أن "هذه الهجمات المتصاعدة تأتي في سياق قرارات سياسية إسرائيلية جديدة تشجّع بشكل صريح على مثل هذه الممارسات؛ إذ اعتمدت الكنيست في 23 يوليو قرارا يؤيد ضم الضفة الغربية". وتابعت الرسالة: بعد أقل من أسبوع، اتسعت طموحات المستعمرين. ففي 30 يوليو، أصدرت حركة "نحالا" الاستعمارية، بقيادة دانييلا فايس، رسالة علنية تدعو وزير الجيش يسرائيل كاتس للسماح بجولات في شمال غزة لاستكشاف إمكانية إقامة مستعمرة جديدة غير قانونية. وقد حظيت هذه الوثيقة بتأييد رسمي من ستة وزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة، من بينهم إيتمار بن غفير، شلومو كرعي، ماي غولان، ميكي زوهر، عميحاي إلياهو، وإسحق فاسرلاف، بالإضافة إلى ثمانية عشر عضوا في الكنيست. ويعكس هذا الدعم اتجاها نحو تحويل خروقات القانون الدولي من حالات فردية إلى سياسة دولة ممنهجة. وبينت الرسالة أنه، "منذ 7 أكتوبر 2023، قُتل أكثر من ألف فلسطيني وأصيب أكثر من سبعة آلاف في الضفة الغربية. أما في غزة، فقد أدى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح إلى مجاعة جماعية ومقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني". وفي ضوء هذه الوقائع، طالب أعضاء البرلمان الأوروبي في رسالتهم، بإعلان وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن جميع الرهائن، وتعليق العلاقات التجارية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، استناداً إلى المادة 2، ردًا على انتهاكات إسرائيل المتواصلة للقانون الدولي؛ وفرض إجراءات شاملة تستهدف جميع المستعمرين الإسرائيليين، لا سيما المتورطين في أعمال عنف، بما يشمل سحب الجنسية المزدوجة حيثما أمكن، وفرض حظر سفر وتجميد الأصول. كما طالبوا، بتطبيق حل الدولتين، باعتباره الإطار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام عادل ودائم، كما أكدت المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية و19 دولة مشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين. وطالبوا بإعادة تمكين الأونروا بشكل كامل باعتبارها الوكالة الشرعية التابعة للأمم المتحدة لتوزيع المساعدات الإنسانية، في ضوء فشل الآليات البديلة الأخيرة والحوادث المأساوية المرتبطة بها. وأكدوا، أن هذه الإجراءات هي السبيل الوحيد لوقف العنف المنهجي الذي يمارسه المستعمرون، وقالوا: "نحن نشهد حاليا حملة دولة شاملة تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني، تتراوح بين تجويع وقصف غزة إلى المضايقة المنهجية وتجريد المجتمعات في الضفة الغربية من أراضيها على يد مستعمرين غير شرعيين". وأضافوا: "على الاتحاد الأوروبي أن يتحرك بحزم، متمسكًا بقيمه الأساسية، وأن يفي بالتزاماته بموجب القانون الدولي". ويمثل النواب الموقّعين على الرسالة دول: إسبانيا، السويد، فرنسا، سلوفينيا، البرتغال، بلجيكا، مالطا، الدنمارك، إيطاليا، جمهورية إيرلندا، رومانيا، فنلندا، اليونان، ليتوانيا، قبرص، سلوفاكيا.

نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستوطنين
نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستوطنين

الدستور

timeمنذ 32 دقائق

  • الدستور

نواب في البرلمان الأوروبي يطالبون بفرض عقوبات على المستوطنين

أدان 41 نائبا في البرلمان الأوروبي، تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية، مطالبين بفرض عقوبات على المستوطنين. كما طالبوا بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وتعليق العلاقات التجارية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ردا على انتهاكاتها المتواصلة للقانون الدولي. جاء ذلك في رسالة وجهوها إلى كل من: رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كايا كالاس. وتطرق النواب في رسالتهم إلى هجوم المستوطنين على قرية كيسان شرق بيت لحم في 25 يوليو الماضي، وإحراق عدد من المنازل، وهجومهم على بلدة الطيبة شرق رام الله في 27 يوليو، بالإضافة إلى قتل الناشط الحقوقي عودة الهذالين، الذي ساهم في الفيلم الوثائقي الحائز على جائزة الأوسكار "لا أرض أخرى"، خلال هجوم المستعمرين على قرية أم الخير في مسافر يطا جنوب الخليل في 28 يوليو. وأضافت الرسالة أن أعمال العنف بلغت ذروتها في ليلة 30-31 يوليو في بلدة سلواد شرق رام الله، حيث استشهد الشاب خميس عبد اللطيف عياد اختناقا أثناء محاولته إخماد النيران في منزله، والتي اندلعت نتيجة هجوم من قبل المستوطنين. وأكد النواب في رسالتهم أن "هذه الهجمات المتصاعدة تأتي في سياق قرارات سياسية إسرائيلية جديدة تشجّع بشكل صريح على مثل هذه الممارسات؛ إذ اعتمدت الكنيست في 23 يوليو قرارا يؤيد ضم الضفة الغربية". وتابعت الرسالة: بعد أقل من أسبوع، اتسعت طموحات المستوطنين. ففي 30 يوليو، أصدرت حركة "نحالا" الاستعمارية، بقيادة دانييلا فايس، رسالة علنية تدعو وزير الجيش يسرائيل كاتس للسماح بجولات في شمال غزة لاستكشاف إمكانية إقامة مستعمرة جديدة غير قانونية. وقد حظيت هذه الوثيقة بتأييد رسمي من ستة وزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة، من بينهم إيتمار بن غفير، شلومو كرعي، ماي غولان، ميكي زوهر، عميحاي إلياهو، وإسحق فاسرلاف، بالإضافة إلى ثمانية عشر عضوا في الكنيست. ويعكس هذا الدعم اتجاها نحو تحويل خروقات القانون الدولي من حالات فردية إلى سياسة دولة ممنهجة. وبينت الرسالة أنه، "منذ 7 أكتوبر 2023، قُتل أكثر من ألف فلسطيني وأصيب أكثر من سبعة آلاف في الضفة الغربية. أما في غزة، فقد أدى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح إلى مجاعة جماعية ومقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني". وفي ضوء هذه الوقائع، طالب أعضاء البرلمان الأوروبي في رسالتهم، بإعلان وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن جميع الرهائن، وتعليق العلاقات التجارية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، استنادًا إلى المادة 2، ردًا على انتهاكات إسرائيل المتواصلة للقانون الدولي؛ وفرض إجراءات شاملة تستهدف جميع المستوطنين الإسرائيليين، لا سيما المتورطين في أعمال عنف، بما يشمل سحب الجنسية المزدوجة حيثما أمكن، وفرض حظر سفر وتجميد الأصول. كما طالبوا، بتطبيق حل الدولتين، باعتباره الإطار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام عادل ودائم، كما أكدت المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية و19 دولة مشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين. وطالبوا بإعادة تمكين الأونروا بشكل كامل باعتبارها الوكالة الشرعية التابعة للأمم المتحدة لتوزيع المساعدات الإنسانية، في ضوء فشل الآليات البديلة الأخيرة والحوادث المأساوية المرتبطة بها.

فى تجليات العار الغربى «3»
فى تجليات العار الغربى «3»

بوابة الأهرام

timeمنذ 4 أيام

  • بوابة الأهرام

فى تجليات العار الغربى «3»

نواصل وضع الغرب فى المرآة أمام نفسه والعالم،عاريا من كل القيم التى يعتنقها وتضمنتها دساتيره بل وأسس تدويلها عبر المنصات العالمية، من خلال بيان ازدواجية مواقفه من القضية الفلسطينية. قد يتساءل البعض عن سبب التركيز على كشف تناقضات مواقف القوى الغربية دون غيرها، ولماذا مثلا لم نتحدث عن القوى الشرقية أو حتى العالمين العربى والإسلامي؟ والإجابة ببساطة هى أنه على الرغم من أن كشف تقاعس الغرب، لا يعفى القوى الأخرى من مسئوليتها، إلا ان القوى الغربية تتحمل العبء الأكبر من المسئولية لعدة أسباب: أولا:أنها هى التى زرعت «إسرائيل» فى المنطقة حلا لما سمى بـ»المسألة اليهودية». ثانيا:أنها دأبت على دعم «الكيان» بأشكال عديدة عسكريا ولوجستيا وسياسيا طوال احتلال الأراضى العربية منذ عام 1948. ثالثا:أن أغلبية الدول التى لديها حق الفيتو بمجلس الأمن غربية، ويستخدم عادة ضد المصالح العربية. ورابعا: أن الغرب يلعب على مدى عقود عديدة دور المعلم والمؤسس لهذه القيم والمواثيق الدولية والراعى لها فقد نصّبت الدول الغربية، نفسها حامية حمى حقوق الإنسان ومنارة القانون الدولي، عبر تقارير تصدر عن انتهاكات حقوقية هنا وهناك، وعقوبات تُفرض على دول لا تلتزم «بالمعايير الدولية». ولكن، عندما يتعلق الأمر بالعدوان الإسرائيلى على غزة والاحتلال المستمر للأراضى الفلسطينية، تتكشف ازدواجية صادمة تفضح زيف هذه الادعاءات، باستثناء بعض التصريحات الجوفاء الخالية من أى موقف عملي. كنا قد ذكرنا فى المقالين السابقين تسلسل تجليات العار الغربى تاريخا، والمواقف التى تؤكد ذلك، باعتبارها تاريخٌا من الاصطفافات المتشابهة، ضد المعتدى عليه ما دام عربيا أو مسلما منذ عهد الاستعمار، واليوم نسلط الضوء على تنكره لقيمه ومبادئه الإنسانية حتى مع مواطنيه أنفسهم عندما يتعلق الأمر بالتعبير عن رأيهم الرافض للعدوان الإسرائيلى على فلسطين. فلا تقتصر ازدواجية المعايير لدى غالبية الدول الغربية على الصمت تجاه الانتهاكات فى غزة فقط، بل تمتد لتشمل قمع الأصوات المعارضة داخل حدودها. فبالرغم من أن دساتير تلك الدول تنص على حرية التعبير والتجمع السلمي، فإن الممارسة فى العديد منها أظهرت تناقضاً صارخاً عندما يتعلق الأمر بالتضامن مع الفلسطينيين ضد جرائم الحرب والإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل بغزة ، ويتجلى ذلك فى عدة شواهد، أبرزها: - حظر عشرات المظاهرات السلمية المؤيدة للفلسطينيين بعدة دول اوربية، بذريعة «مخاوف أمنية» ففى ألمانيا، مثلا، تم حظر 99 فعالية ومظاهرة موالية للفلسطينيين. بما يناقض الحقوق الدستورية للتجمع السلمي. - تجريم التعبير عن التضامن من خلال اتهامات فضفاضة بـ»معاداة السامية» أو «دعم الإرهاب»، حتى لو كان التعبير مجرد دعوة لوقف إطلاق النار، وهو ما يخالف صراحة المادة 19 من الإعلان والعهد الدولى والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان . - قمع نخب ومشاهير بسبب مواقفهم الداعمة لفلسطين. ومنهم فنانون مثل الممثلة الأمريكية سوزان ساراند الحائزة على جائزة الأوسكار التى تعرضت لانتقادات شديدة بعد تصريحاتها فى تجمع مؤيد للفلسطينيين، وتم على إثرها إسقاطها من وكالة المواهب (UTA) بذريعة «المعاداة للسامية» (وهو ما نفته ساراندون)، والممثلة الأمريكية أنجيلينا جولى التى واجهت انتقادات لاذعة من وسائل إعلامية ومنظمات موالية لإسرائيل بعد أن وصفت غزة - على «انستجرام» - بأنها «سجن مفتوح». وتم فصل الممثلة المكسيكية مليسا باريرا - التى كانت نجمة فى سلسلة أفلام- «Scream» من فريق عمل فيلم «Scream 7» عقب وصفها ما يحدث فى غزة بأنه «إبادة جماعية» وشهدت الجامعات الغربية حالات إيقاف عن العمل وطرد أكاديميين بسبب رفض العدوان على غزة. فقد تعرض العديد من الأساتذة والطلاب بجامعات أمريكية مثل كولومبيا وبنسلفانيا، وهارفارد لتحقيقات داخلية، وللفصل بعد التعبير عن دعمهم الفلسطينيين، وتم اعتقال المئات من الطلاب بجامعتى كولومبيا وكاليفورنيا .كما تم فصل عدد من الإعلاميين، بسبب تغطيتهم القضية الفلسطينية أو تعاطفهم مع الضحايا. مثل إلغاء برنامج الصحفى البريطاني-الأمريكى مهدى حسن على «MSNBC» بسبب انتقاده سياسات إسرائيل وبعض حلفائها الغربيين. بعد هذا السجل الملطخ بعار ازدواجية المعايير، هل يمكن للغرب أن يستعيد بعضاً من بريقه الأخلاقى الذى خبا تحت أنقاض غزة عبر موقف عملى حقيقى لوقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين وتحقيق حل الدولتين؟!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store