logo
هل يُشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لإمدادات المياه؟

هل يُشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لإمدادات المياه؟

مصراويمنذ يوم واحد
(بي بي سي)
يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، لكنه في ذات الوقت يعتبر تقنية متعطشة للمياه، إذ يحتاج إليها في عمليات التبريد وتوليد كميات هائلة من الكهرباء.
ووفقاً للأمم المتحدة، يعاني نصف سكان العالم من ندرة المياه، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة بسبب الطلب المتزايد على الماء وتغيرات المناخ. فهل سيزيد التوسع السريع للذكاء الاصطناعي، من سوء وضع إمدادات المياه أيضاً؟
ما كمية المياه التي يستهلكها الذكاء الاصطناعي؟
يقول سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أي آي، إن كل استفسار على منصة تشات جي بي تي يستهلك خُمس ملعقة صغيرة من الماء.
ومع ذلك، خلصت دراسة أجراها أكاديميون أمريكيون في كاليفورنيا وتكساس إلى أن 10-50 إجابة من النموذج الثالث من تشات جي بي تي GPT-3، تستهلك نصف لتر من الماء - أي ما بين ملعقتين صغيرتين وعشر ملاعق صغيرة من الماء لكل إجابة.
وتختلف تقديرات كمية المياه المستخدمة تبعاً لعوامل مثل نوع الاستعلام (السؤال المطروح)، ومدة الاستجابة له، ومكان معالجة الاستجابة، والعوامل المُراعاة لإعطاء الإجابة.
ويشمل تقدير الأكاديميين الأمريكيين - 500 مليلتر لحوالي 10-50 إجابة - أيضاً المياه المستخدمة لتوليد الطاقة، مثل البخار الذي يُشغّل توربينات محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أو الغاز أو الطاقة النووية.
وقد لا يشمل الرقم الذي قدمه ألتمان هذه الكمية الإضافية المستخدمة من الماء، إذ أنه لم يٌقدّم لبي بي سي أي تفاصيل حول الحسابات التي استخدمتها أوبن أي آي لمعرفة كمية الماء المستخدم.
ومع ذلك، فإن استخدام المياه يتزايد، إذ تقول شركة أوبن أي آي إن منصة تشات جي بي تي تُجيب على مليار استفسار يومياً - وهو مجرد واحد من بين العديد من روبوتات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها سكان الأرض.
وتقدر الدراسة الأمريكية أنه بحلول عام 2027، سيستخدم قطاع الذكاء الاصطناعي سنوياً ما بين أربعة إلى ستة أضعاف كمية المياه التي تستهلكها دولة الدنمارك بأكملها.
ويقول أحد مؤلفي الدراسة، البروفيسور شاولي رين من جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، إنه "كلما زاد استخدامنا للذكاء الاصطناعي، زاد استهلاكنا للمياه".
كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي الماء؟
تتم معالجة الأنشطة عبر الإنترنت، من رسائل البريد الإلكتروني والبث المباشر إلى إنشاء المقالات أو صناعة مقاطع الفيديو، بواسطة رفوف ضخمة من خوادم الكمبيوتر في منشآت ضخمة تُسمى مراكز البيانات - بعضها يصل حجمه إلى حجم عدة ملاعب كرة قدم.
وترتفع درجة حرارة هذه الخوادم مع سريان الكهرباء عبر الحواسيب.
ويُعد الماء - الذي عادةً ما يكون ماءً عذباً نظيفاً - عنصراً أساسياً في أنظمة التبريد المستخدمة لتبريد تلك الخوادم والحواسيب، وعلى الرغم من أن طرق التبريد بالماء قد تتنوع، إلاّ أن أغلبها قادر على تبخير ما يصل إلى 80 في المئة من الماء المستخدم وإطلاقه في الغلاف الجوي.
وتتطلب مهام الذكاء الاصطناعي قوة حوسبة أكبر بكثير من المهام التقليدية عبر الإنترنت، مثل التسوق أو البحث على الإنترنت - وخاصةً للأنشطة المعقدة مثل إنشاء الصور أو مقاطع الفيديو. لذا، فإنها تستهلك المزيد من الكهرباء.
ويصعب تحديد الفرق كمياً، لكن تقديراً لوكالة الطاقة الدولية (IEA) يشير إلى أن سؤالاً او استفساراً واحداً على منصة تشات جي بي تي، يستهلك ما يقرب من عشرة أضعاف كمية الكهرباء التي يستهلكها سؤال او استفسار بحثي واحد على غوغل.
وزيادة الكهرباء تعني المزيد من الحرارة - لذا هناك حاجة إلى المزيد من التبريد.
ما مدى سرعة نمو استخدام المياه في الذكاء الاصطناعي؟
ولا تُقدم شركات تقنيات الذكاء الاصطناعي الكبرى أرقاماً عن استخدام المياه في أنشطتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن إجمالي استخدامها للمياه يرتفع تدريجياً.
وشهدت كل من غوغل وميتا ومايكروسوفت - وهي شركات مستثمرة رئيسية ومساهمة في شركة أوبن أي آي - زيادات كبيرة في استخدام المياه منذ عام 2020، وفقاً لتقاريرها البيئية.
وقد تضاعف استخدام غوغل للمياه تقريباً خلال تلك الفترة، أما خدمات أمازون ويب (AWS) فلم تُقدم أي أرقام.
ومع توقع نمو الطلب على الذكاء الاصطناعي، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتضاعف استخدام مراكز البيانات للمياه بحلول عام 2030، بما في ذلك استخدام المياه في توليد الطاقة وتصنيع رقائق الكمبيوتر.
وتقول غوغل إن مراكز بياناتها سحبت 37 مليار لتر من المياه من مصادرها في عام 2024، "استُهلك" منها 29 مليار لتر - وهو ما يُشير إلى حد كبير إلى تبخر تلك المياه.
لكن، هل هذا كثير؟ الإجابة تعتمد على الشيء الذي ما تُقارن به.
فهذه الكمية ستوفر الحد الأدنى اليومي من المياه للبشر، الموصى به من الأمم المتحدة، وهو 50 لتراً يومياً، لـ 1.6 مليون شخص لمدة عام كامل – أو بحسب غوغل، يمكن استخدامها لريّ 51 ملعب غولف في جنوب غرب الولايات المتحدة لمدة عام.
لماذا تُبني مراكز بيانات في المناطق الجافة؟
تصدرت المعارضة المحلية لوجود مراكز البيانات عناوين الصحف في السنوات الأخيرة في بعض المناطق المعرضة للجفاف في العالم، بما في ذلك أوروبا وأمريكا اللاتينية وولايات أمريكية مثل أريزونا.
وفي إسبانيا، شُكّلت مجموعة بيئية تُدعى "سحابتك تجفف نهري" لمكافحة توسع مراكز البيانات.
وفي تشيلي وأوروغواي، المتضررتين من الجفاف الشديد، أوقفت غوغل خططها لبناء مراكز بيانات وعدلت بعضها بعد احتجاجات حول صعوبات الوصول إلى المياه.
ويقول أبيجيت دوبي، الرئيس التنفيذي لشركة إن تي تي داتا NTT Data، التي تُدير أكثر من 150 مركز بيانات حول العالم، إن هناك "اهتماماً متزايداً" ببناء مراكز في المناطق الحارة والجافة.
ويوضح أن عوامل مثل توافر الأراضي، والبنية التحتية للطاقة، والطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى اللوائح التنظيمية المواتية، يمكن أن تجعل هذه المناطق جذابة.
ويشير الخبراء أيضاً إلى أن الرطوبة تزيد من التآكل، ما يعني الحاجة إلى طاقة أكبر للتبريد، وهو سبب يزيد من فوائد بناء مراكز البيانات في المناطق الجافة.
وتؤكد كل من غوغل ومايكروسوفت وميتا في تقاريرها البيئية أنها تستخدم المياه في المناطق الجافة أيضاً.
ووفقًا لأحدث التقارير البيئية للشركات، تُشير غوغل إلى أن 14 في المئة من المياه التي تسحبها تأتي من مناطق معرضة بشكل كبير لخطر ندرة المياه، و14 في المئة أخرى من مناطق نسبة الخطر فيها "متوسطة"، بينما تُشير مايكروسوفت إلى أنها تسحب 46 في المئة من مياهها من مناطق "تعاني من إجهاد مائي"، وتُشير ميتا إلى أنها تسحب 26 في المئة من مياهها من مناطق ذات إجهاد مائي "عالي" أو "عالي جداً". بينما لم تكشف أمازون ويب أي أرقام.
هل هناك خيارات أخرى للتبريد؟
يُمكن استخدام أنظمة التبريد الجاف أو الهوائي، ولكنها عادةً ما تستهلك كهرباءً أكثر من الأنظمة القائمة على الماء، كما يقول البروفيسور رين.
وتُشير مايكروسوفت وميتا وأمازون إلى أنها تُطور أنظمة "حلقة مغلقة" تعمل على تدوير الماء - أو أي سائل آخر - دون تبخيره أو استبداله.
ويعتقد دوبي أنه من المُرجح أن تكون هذه الأنظمة مطلوبة على نطاق واسع في المناطق الجافة في المستقبل، لكنه يُشير إلى أن النظام لا يزال في مرحلة "مبكرة جدًا" على اعتماده.
وهناك مشاريع جارية أو تمّ التخطيط لها لاستخدام الحرارة من مراكز البيانات في المنازل في دول مثل ألمانيا وفنلندا والدنمارك.
ويقول الخبراء إن الشركات تُفضل عادةً استخدام المياه النظيفة والعذبة - مثل تلك المستخدمة للشرب - لأنها تُقلل من خطر نمو البكتيريا والانسدادات والتآكل.
ومع ذلك، تعتمد بعض الشركات على مصادر مياه غير صالحة للشرب مثل مياه البحر أو مياه الصرف الصناعي للتبريد.
هل تستحق النتيجة كل هذه التكلفة البيئية؟
يُستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تقليل الضغط على كوكب الأرض، على سبيل المثال للمساعدة في العثور على تسربات غاز الميثان المُسبب للاحتباس الحراري، أو لإعادة توجيه حركة المرور عبر طرق محددة لتوفير الوقود.
يقول توماس دافين، المدير العالمي لمكتب الابتكار في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحدث "تغييراً جذرياً" للأطفال حول العالم في مجالات التعليم والصحة، وربما تغير المناخ.
لكنه أعرب عن رغبته في رؤية الشركات تتسابق نحو "الكفاءة والشفافية"، بدلاً من مجرد "البحث عن النموذج الأقوى والأكثر تقدماً"، داعياً الشركات إلى جعل نماذجها وبرامجها مفتوحة المصدر، وإتاحتها للجميع لاستخدامها وتكييفها.
ويرى دافين أن هذا من شأنه أن يُقلل من الحاجة إلى عملية تدريب البرامج المكثفة - التي تزودها بكميات ضخمة من البيانات لتقوم بمعالجتها وبناء ردودها بناءً عليها - والتي تتطلب الطاقة والماء.
ومع ذلك، تقول لورينا جاومي-بالاسي، الباحثة المستقلة التي قدمت استشارات للعديد من الحكومات الأوروبية وهيئات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتدير شبكة تُسمى "جمعية التكنولوجيا الأخلاقية"، إنه "لا توجد طريقة" لجعل النمو الهائل للذكاء الاصطناعي مستداماً بيئياً.
وتضيف: "يمكننا جعله فعالاً، لكن زيادة كفاءته تعني أننا سنزيد من استخدامه"، موضحة أنه "على المدى الطويل، ليس لدينا ما يكفي من المواد الخام لدعم هذه المنافسة على إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكبر وأسرع".
ماذا تقول شركات التكنولوجيا؟
تؤكد كل من غوغل ومايكروسوفت وأمازون ويب وميتا أنها تختار تقنيات التبريد بعناية بناءً على الظروف المحلية.
وقد حددت جميع هذه الشركات أهدافاً لتكون "إيجابية في مجال المياه" بحلول عام 2030، وهذا يعني أنها تهدف - في المتوسط - إلى إعادة توفير كمية من المياه تفوق ما تسحبه في جميع عملياتها.
ولتحقيق ذلك، تموّل هذه الشركات، وتدعم مشاريع للحفاظ على إمدادات المياه أو تجديدها في المناطق التي تعمل فيها - على سبيل المثال من خلال استعادة الغابات أو الأراضي الرطبة وتحديد مواقع التسريبات، أو تحسين الري.
تقول شركة أمازون ويب إنها قطعت 41 في المئة من الطريق نحو هدفها، بينما تقول مايكروسوفت إنها "على المسار الصحيح".
وتُظهر الأرقام التي نشرتها غوغل وميتا زيادة كبيرة في كمية المياه التي تقومان بإعادة تدويرها، لكن دافين يقول إنه لا يزال هناك "طريق طويل لنقطعه" لتحقيق هذه الأهداف.
وتقول شركة أوبن أي آي إنها "تعمل بجد" على كفاءة استخدام المياه والطاقة، مضيفة أن "التفكير المستمر في الطريقة الأفضل لاستخدام قوة الحوسبة لا يزال بالغ الأهمية".
لكن البروفيسور رين يقول إن هناك حاجة إلى تقارير أكثر اتساقاً وتوحيداً في قطاع التكنولوجيا حول استخدام المياه، وأضاف: "إذا لم نتمكن من قياس استخدام الماء، فلن نتمكن من إدارته".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر للمعلوماتية تحافظ على تصنيفها في "تايمز للتأثير 2025"
مصر للمعلوماتية تحافظ على تصنيفها في "تايمز للتأثير 2025"

الدستور

timeمنذ يوم واحد

  • الدستور

مصر للمعلوماتية تحافظ على تصنيفها في "تايمز للتأثير 2025"

وتتقدم في ثلاثة من أهداف التنمية المستدامة نجحت جامعة مصر للمعلوماتية في الحفاظ على موقعها ضمن الفئة 1501+ في تصنيف "تايمز للتأثير 2025" الذي يقيس أداء الجامعات ويقيّمها بناءً على التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وذلك على الرغم من اشتداد المنافسة عالميًا هذا العام وارتفاع عدد المؤسسات المشاركة إلى 2526 جامعة من 130 دولة ومنطقة. ومنذ انضمامها إلى التصنيف قبل عامين، تواصل الجامعة تعزيز مساهماتها في دعم أهداف التنمية المستدامة، والسعي إلى تحقيق التميز الأكاديمي والتأثير المجتمعي. وحققت الجامعة في تصنيف عام 2025 النتائج التالية: - الهدف 3: الصحة الجيدة والرفاه – ارتفع ترتيبها إلى الفئة 1501+ - الهدف 5: المساواة بين الجنسين – ارتفع ترتيبها إلى الفئة 801–1000 - الهدف 8: العمل اللائق ونمو الاقتصاد – ارتفع ترتيبها إلى الفئة 1001+ - الهدف 4: التعليم الجيد – حافظت على موقعها ضمن الفئة 1501+ - الهدف 17: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف – حافظت على موقعها ضمن الفئة 1501+ وتعكس هذه النتائج قدرة الجامعة على مواجهة التحديات العالمية، وحرصها على إحداث أثر ملموس من خلال التوسع في برامجها الأكاديمية والبحثية، بما يعزز دورها في دعم التنمية المستدامة في قطاع التعليم العالي على الصعيدين الوطني والدولي.

خبراء يرجحون ثوران براكين بحرية في وقتٍ قريبٍ، فهل يدعو ذلك للقلق؟
خبراء يرجحون ثوران براكين بحرية في وقتٍ قريبٍ، فهل يدعو ذلك للقلق؟

مصراوي

timeمنذ يوم واحد

  • مصراوي

خبراء يرجحون ثوران براكين بحرية في وقتٍ قريبٍ، فهل يدعو ذلك للقلق؟

(بي بي سي) قد تكون البراكين البحرية بعيدة عن الأنظار، وبالتالي فهي بعيدة عن التفكير بالنسبة للكثيرين، لكن التحذيرات الأخيرة التي أثارها العلماء بشأن احتمالية حدوث ثوران وشيك لبراكين بحرية دفعت البعض إلى أخذ الأمر على محمل الجد. ويتعلق أحد هذه التحذيرات ببركان أكسيال سيمونت، الواقع على بُعد حوالي 300 ميل قبالة سواحل ولاية أوريغون الأمريكية؛ إذ يؤكد الخبراء أنه يشهد ارتفاعاً في حرارته، وتظهر مؤشرات احتمال ثورانه خلال العام المقبل. ودفعت الزلازل الأخيرة التي ضربت جزيرة سانتوريني اليونانية العلماء إلى فحص "فوهة" الجزيرة، وهي فوهة بركانية ضخمة، بالإضافة إلى البركان البحري القريب "كولومبو". ويُعتقد أن ثوران أي منهما لن يكون في وقتٍ قريبٍ، لكنها مجرد مسألة وقت. ومع ذلك، لماذا يجب الحذر من البراكين؟ في أعماق المحيط البراكين هي فتحات في قشرة الأرض تسمح بخروج الرماد الساخن والغازات والصخور المنصهرة، المعروفة أيضا "بالماغما" أو المعادن المنصهرة. وغالباً ما يُنظر إلى البراكين على أنها جبال ضخمة مثل جبل فيزوف أو جبل إتنا، تتدفق منها سيول مذهلة من الحمم البرتقالية المتوهجة. لكن يُعتقد أن حوالي ثلثي براكين الأرض تقع تحت سطح المياه، بحسب تقديرات الخبراء. وتخفي أعماق المحيط، التي قد تمتد لآلاف الأمتار، براكين قادرة على توفير بيئة لكائنات غير معروفة، وقد تشكل جزراً جديدة عقب ثورانها. وكما هو الحال مع البراكين البرية، يمكن لتلك الموجودة تحت الماء أن تسبب زلازل وأمواج تسونامي، وأحيانا ما يترتب على ثورانها آثارٌ واسعة النطاق. ففي عام 2022، أدى ثوران بركان هونغا-تونغا هونغا-ها أباي في تونغا إلى تسونامي في المحيط الهادئ، وصلت أمواجه إلى أستراليا ونيوزيلندا واليابان والسواحل الغربية لأمريكا الشمالية والجنوبية. وأسفر ذلك عن وفاة ثلاثة أشخاص، بينما تضررت مئات المنازل، وتسبب في انقطاع تونغا عن العالم لخمسة أسابيع بسبب تدمير كابل الإنترنت البحري. أين توجد البراكين البحرية؟ تتكون البراكين البحرية غالباً في المناطق التي تتباعد فيها الصفائح التكتونية الكبيرة، والتي تُكوِّن الطبقة الخارجية من الأرض، أو تنزلق بجانب بعضها البعض، مما يتيح للماغما أن ترتفع من أعماق القشرة الأرضية. وتغطي هذه الصفائح سطح الكوكب بأكمله، مما يجعل البراكين البحرية موجودة في شتى أنحاء العالم، من المحيطين الأطلسي والهادئ إلى البحر الأبيض المتوسط. وفي بعض الحالات، ترتفع أعمدة حرارية ساخنة من أعماق الأرض بشكل مباشر داخل الصفائح، مُشكِّلةً براكين جديدة. أنواع مختلفة من ثوران البراكين تقول إيزوبيل يوه، خبيرة البراكين البحرية في المركز الوطني البريطاني لعلوم المحيطات (NOC)، إن تفاعل الماغما مع المياه يجعل ثوران البراكين البحرية مختلف عن نظيره على اليابسة. وتوضح يوه: "تخيل أنك تصب الماء في مقلاة ساخنة؛ سيتحول فوراً إلى بخار. هذا بالضبط ما يحدث في أنظمة البراكين الضحلة"، مشيرةً إلى أن هذا ينطبق على البراكين الواقعة على عمق مئات الأمتار تحت سطح الماء. أما تلك الموجودة على أعماق أكبر، فلا تحدث فيها انفجارات بسبب الضغط العالي للمياه. وأضافت يوه أنه في هذه الحالات، تستمر الماغما في الخروج من البراكين لكنها تبرد بسرعة. كما تحدد كمية الغازات داخل المياه مدى عنف ثوران هذه البراكين، فكلما زادت كمية الغاز، ازدادت شدة الانفجار، وفقاً لرأي الخبراء. ما هو معدل ثوران البراكين البحرية؟ وأوضحت يوه أن تحديد العدد الدقيق للبراكين البحرية ومعدل ثورانها صعب جداً نظراً لأن معظمها لا يخضع للرصد المنتظم. وقال خبراء إن مراقبة هذه البراكين قد تتطلب تكلفة باهظة بسبب عدة عوامل، منها تعقيد التكنولوجيا المطلوبة، وتكاليف الغواصات والسفن المستخدمة، وصعوبة العيش في بيئة نائية قد يُضطر العلماء للعمل فيها. ويقدر علماء أن عدد البراكين البحرية حول العالم بالآلاف في حين يعتقد آخرون أنه قد يصل إلى مليون بركان بحري. ويُجمع كثير من الباحثين على أن عدد البراكين البحرية ومرات ثوراتها يتجاوز ما هو موجود على اليابسة. ويرجع ذلك إلى الحسابات الرياضية المعقدة واعتبارات مختلفة، من بينها أن نحو 70 في المئة من سطح الأرض مغطى بالمياه. وتقول ديب كيلي، المتخصصة في علم جيولوجيا البحار بجامعة واشنطن الأمريكية، إن هناك أماكن قليلة فقط في العالم، تتوافر فيها قياسات دقيقة لأنظمة البراكين البحرية. أي الجزر تكونت من أنشطة بركانية؟ تكونت العديد من الجزر حول العالم نتيجة أنشطة بركانية. فعلى سبيل المثال، تُعد جزر هاواي سلسلة متصلة من الجزر البركانية، ويعتقد الخبراء أنها بدأت تتكون قبل حوالي 70 مليون سنة. ويرى العلماء أن الماغما استمرت في الصعود من أعماق المحيط حتى ظهرت فوق مستوى سطح البحر. أما جزيرة سانتوريني الواقعة في بحر إيجه، فقد نشأت عن ثوران بركاني ضخم عام 1630 قبل الميلاد تقريباً، وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA). وتُعد أيسلندا من المواقع الأخرى التي نشأت بفعل النشاط البركاني. وتقول يوه إن "هناك العديد من الأماكن حول العالم التي تحتوي على جزر بركانية. فإذا وجدت الرمال سوداء في مكان ما، فغالباً ما تكون ذات أصل بركاني". وغالباً ما تطرح البراكين البحرية كتلاً أرضية جديدة. فعلى سبيل المثال، أدى ثوران بركاني تحت الماء في عام 2023 إلى تكوُّن جزيرة جديدة قبالة سواحل جزيرة إيووتو بالقرب من اليابان. لكن بعض هذه الجزر الجديدة قد تتعرض للتآكل وتختفي تحت الماء. وأكدت يوه أنه "من المرجح أن نشهد تكوُّن المزيد من الجزر، لكننا قد نرى أيضا بعضها يختفي". أكثر من مجرد براكين وشددت كيلي على أن مراقبة البراكين البحرية أمر بالغ الأهمية لفهم النُظم البيئية البحرية بشكل أعمق. وأوضحت أن "تلك البراكين أشبه بواحات في قاع المحيط، وتزخر بمجتمعات حيوية مذهلة. فعدد الكائنات الحية عليها كبير لدرجةٍ يصعب معها حتى رؤية الصخور". وقالت كيلي إن الحصول على معلومات أكثر عن هذه البيئات يساعد في اتخاذ قرارات مدروسة بشأن أنشطة مثل التعدين في أعماق البحار. وأضافت أنه "من الضروري أن نفهم طبيعة الكائنات التي تعيش هناك، وتأثيرها على باقي المحيط، ومدى استمرار وجودها، إذ لا بد من توافر هذه المعطيات قبل البدء في عمليات التعدين". هل ينبغي أن نقلق؟ تؤكد يوه أن جميع البراكين، سواء كانت على اليابسة أو تحت الماء، تُعد مصدر تهديد. وقالت: "لا أعتقد أننا بحاجة إلى القلق أكثر بشأن البراكين البحرية مقارنة بأي نوع آخر من البراكين". وأضافت: "لكنني أرى أننا ينبغي أن نراقبها، وهو ما لا نقوم به فعلياً". وفي أبريل/ نيسان الماضي، أُجلي السائحون والسكان المحليون بسبب ثوران بركان أرضي في أيسلندا. وأشارت يوه إلى أن "ذلك يجب تطبيقه على حالات ثوران البراكين البحرية". وأوضحت أن مراقبة هذه البراكين أمر ضروري، لأن المخاطر التي تنطوي عليها لا تقتصر على الثوران فقط، إذ يمكن أن تنفصل أجزاء من البركان تحت الماء، ما قد يُحدث موجات تسونامي. ماذا عن بركان أكسيال سيمونت؟ وشاركت كيلي في مراقبة بركان أكسيال سيمونت، الذي تقع قاعدته على عمق نحو 2600 متراً في المحيط الهادئ. وأوضحت أن البركان يُراقب بواسطة كابل يبلغ طوله قرابة 500 كيلو متراً، ويمتد من الساحل مباشرة إلى البركان. وبفضل هذا النظام، لاحظ العلماء أن البركان يشهد ارتفاعاً في الحرارة، وقد تجاوز بالفعل مستويات الانتفاخ التي سبقت ثورانه في المرات الماضية، وفقاً لكيلي. وأضافت أن ذلك قد يعني احتمال ثورانه خلال العام المقبل، لكنه على الأرجح لن يشعر به أحد على اليابسة نظراً لعوامل عدة، من بينها ضغط مياه المحيط. وتعتقد كيلي أن التقنيات الحديثة ستُتيح مستقبلاً مراقبة أدق للبراكين البحرية. وختمت بقولها: "إنه جزء بالغ الأهمية من كوكبنا، وعلينا بالتأكيد أن نعرف عنه المزيد".

هل يُشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لإمدادات المياه؟
هل يُشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لإمدادات المياه؟

مصراوي

timeمنذ يوم واحد

  • مصراوي

هل يُشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لإمدادات المياه؟

(بي بي سي) يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي بسرعة هائلة، لكنه في ذات الوقت يعتبر تقنية متعطشة للمياه، إذ يحتاج إليها في عمليات التبريد وتوليد كميات هائلة من الكهرباء. ووفقاً للأمم المتحدة، يعاني نصف سكان العالم من ندرة المياه، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة بسبب الطلب المتزايد على الماء وتغيرات المناخ. فهل سيزيد التوسع السريع للذكاء الاصطناعي، من سوء وضع إمدادات المياه أيضاً؟ ما كمية المياه التي يستهلكها الذكاء الاصطناعي؟ يقول سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أي آي، إن كل استفسار على منصة تشات جي بي تي يستهلك خُمس ملعقة صغيرة من الماء. ومع ذلك، خلصت دراسة أجراها أكاديميون أمريكيون في كاليفورنيا وتكساس إلى أن 10-50 إجابة من النموذج الثالث من تشات جي بي تي GPT-3، تستهلك نصف لتر من الماء - أي ما بين ملعقتين صغيرتين وعشر ملاعق صغيرة من الماء لكل إجابة. وتختلف تقديرات كمية المياه المستخدمة تبعاً لعوامل مثل نوع الاستعلام (السؤال المطروح)، ومدة الاستجابة له، ومكان معالجة الاستجابة، والعوامل المُراعاة لإعطاء الإجابة. ويشمل تقدير الأكاديميين الأمريكيين - 500 مليلتر لحوالي 10-50 إجابة - أيضاً المياه المستخدمة لتوليد الطاقة، مثل البخار الذي يُشغّل توربينات محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أو الغاز أو الطاقة النووية. وقد لا يشمل الرقم الذي قدمه ألتمان هذه الكمية الإضافية المستخدمة من الماء، إذ أنه لم يٌقدّم لبي بي سي أي تفاصيل حول الحسابات التي استخدمتها أوبن أي آي لمعرفة كمية الماء المستخدم. ومع ذلك، فإن استخدام المياه يتزايد، إذ تقول شركة أوبن أي آي إن منصة تشات جي بي تي تُجيب على مليار استفسار يومياً - وهو مجرد واحد من بين العديد من روبوتات الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها سكان الأرض. وتقدر الدراسة الأمريكية أنه بحلول عام 2027، سيستخدم قطاع الذكاء الاصطناعي سنوياً ما بين أربعة إلى ستة أضعاف كمية المياه التي تستهلكها دولة الدنمارك بأكملها. ويقول أحد مؤلفي الدراسة، البروفيسور شاولي رين من جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، إنه "كلما زاد استخدامنا للذكاء الاصطناعي، زاد استهلاكنا للمياه". كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي الماء؟ تتم معالجة الأنشطة عبر الإنترنت، من رسائل البريد الإلكتروني والبث المباشر إلى إنشاء المقالات أو صناعة مقاطع الفيديو، بواسطة رفوف ضخمة من خوادم الكمبيوتر في منشآت ضخمة تُسمى مراكز البيانات - بعضها يصل حجمه إلى حجم عدة ملاعب كرة قدم. وترتفع درجة حرارة هذه الخوادم مع سريان الكهرباء عبر الحواسيب. ويُعد الماء - الذي عادةً ما يكون ماءً عذباً نظيفاً - عنصراً أساسياً في أنظمة التبريد المستخدمة لتبريد تلك الخوادم والحواسيب، وعلى الرغم من أن طرق التبريد بالماء قد تتنوع، إلاّ أن أغلبها قادر على تبخير ما يصل إلى 80 في المئة من الماء المستخدم وإطلاقه في الغلاف الجوي. وتتطلب مهام الذكاء الاصطناعي قوة حوسبة أكبر بكثير من المهام التقليدية عبر الإنترنت، مثل التسوق أو البحث على الإنترنت - وخاصةً للأنشطة المعقدة مثل إنشاء الصور أو مقاطع الفيديو. لذا، فإنها تستهلك المزيد من الكهرباء. ويصعب تحديد الفرق كمياً، لكن تقديراً لوكالة الطاقة الدولية (IEA) يشير إلى أن سؤالاً او استفساراً واحداً على منصة تشات جي بي تي، يستهلك ما يقرب من عشرة أضعاف كمية الكهرباء التي يستهلكها سؤال او استفسار بحثي واحد على غوغل. وزيادة الكهرباء تعني المزيد من الحرارة - لذا هناك حاجة إلى المزيد من التبريد. ما مدى سرعة نمو استخدام المياه في الذكاء الاصطناعي؟ ولا تُقدم شركات تقنيات الذكاء الاصطناعي الكبرى أرقاماً عن استخدام المياه في أنشطتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن إجمالي استخدامها للمياه يرتفع تدريجياً. وشهدت كل من غوغل وميتا ومايكروسوفت - وهي شركات مستثمرة رئيسية ومساهمة في شركة أوبن أي آي - زيادات كبيرة في استخدام المياه منذ عام 2020، وفقاً لتقاريرها البيئية. وقد تضاعف استخدام غوغل للمياه تقريباً خلال تلك الفترة، أما خدمات أمازون ويب (AWS) فلم تُقدم أي أرقام. ومع توقع نمو الطلب على الذكاء الاصطناعي، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يتضاعف استخدام مراكز البيانات للمياه بحلول عام 2030، بما في ذلك استخدام المياه في توليد الطاقة وتصنيع رقائق الكمبيوتر. وتقول غوغل إن مراكز بياناتها سحبت 37 مليار لتر من المياه من مصادرها في عام 2024، "استُهلك" منها 29 مليار لتر - وهو ما يُشير إلى حد كبير إلى تبخر تلك المياه. لكن، هل هذا كثير؟ الإجابة تعتمد على الشيء الذي ما تُقارن به. فهذه الكمية ستوفر الحد الأدنى اليومي من المياه للبشر، الموصى به من الأمم المتحدة، وهو 50 لتراً يومياً، لـ 1.6 مليون شخص لمدة عام كامل – أو بحسب غوغل، يمكن استخدامها لريّ 51 ملعب غولف في جنوب غرب الولايات المتحدة لمدة عام. لماذا تُبني مراكز بيانات في المناطق الجافة؟ تصدرت المعارضة المحلية لوجود مراكز البيانات عناوين الصحف في السنوات الأخيرة في بعض المناطق المعرضة للجفاف في العالم، بما في ذلك أوروبا وأمريكا اللاتينية وولايات أمريكية مثل أريزونا. وفي إسبانيا، شُكّلت مجموعة بيئية تُدعى "سحابتك تجفف نهري" لمكافحة توسع مراكز البيانات. وفي تشيلي وأوروغواي، المتضررتين من الجفاف الشديد، أوقفت غوغل خططها لبناء مراكز بيانات وعدلت بعضها بعد احتجاجات حول صعوبات الوصول إلى المياه. ويقول أبيجيت دوبي، الرئيس التنفيذي لشركة إن تي تي داتا NTT Data، التي تُدير أكثر من 150 مركز بيانات حول العالم، إن هناك "اهتماماً متزايداً" ببناء مراكز في المناطق الحارة والجافة. ويوضح أن عوامل مثل توافر الأراضي، والبنية التحتية للطاقة، والطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى اللوائح التنظيمية المواتية، يمكن أن تجعل هذه المناطق جذابة. ويشير الخبراء أيضاً إلى أن الرطوبة تزيد من التآكل، ما يعني الحاجة إلى طاقة أكبر للتبريد، وهو سبب يزيد من فوائد بناء مراكز البيانات في المناطق الجافة. وتؤكد كل من غوغل ومايكروسوفت وميتا في تقاريرها البيئية أنها تستخدم المياه في المناطق الجافة أيضاً. ووفقًا لأحدث التقارير البيئية للشركات، تُشير غوغل إلى أن 14 في المئة من المياه التي تسحبها تأتي من مناطق معرضة بشكل كبير لخطر ندرة المياه، و14 في المئة أخرى من مناطق نسبة الخطر فيها "متوسطة"، بينما تُشير مايكروسوفت إلى أنها تسحب 46 في المئة من مياهها من مناطق "تعاني من إجهاد مائي"، وتُشير ميتا إلى أنها تسحب 26 في المئة من مياهها من مناطق ذات إجهاد مائي "عالي" أو "عالي جداً". بينما لم تكشف أمازون ويب أي أرقام. هل هناك خيارات أخرى للتبريد؟ يُمكن استخدام أنظمة التبريد الجاف أو الهوائي، ولكنها عادةً ما تستهلك كهرباءً أكثر من الأنظمة القائمة على الماء، كما يقول البروفيسور رين. وتُشير مايكروسوفت وميتا وأمازون إلى أنها تُطور أنظمة "حلقة مغلقة" تعمل على تدوير الماء - أو أي سائل آخر - دون تبخيره أو استبداله. ويعتقد دوبي أنه من المُرجح أن تكون هذه الأنظمة مطلوبة على نطاق واسع في المناطق الجافة في المستقبل، لكنه يُشير إلى أن النظام لا يزال في مرحلة "مبكرة جدًا" على اعتماده. وهناك مشاريع جارية أو تمّ التخطيط لها لاستخدام الحرارة من مراكز البيانات في المنازل في دول مثل ألمانيا وفنلندا والدنمارك. ويقول الخبراء إن الشركات تُفضل عادةً استخدام المياه النظيفة والعذبة - مثل تلك المستخدمة للشرب - لأنها تُقلل من خطر نمو البكتيريا والانسدادات والتآكل. ومع ذلك، تعتمد بعض الشركات على مصادر مياه غير صالحة للشرب مثل مياه البحر أو مياه الصرف الصناعي للتبريد. هل تستحق النتيجة كل هذه التكلفة البيئية؟ يُستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تقليل الضغط على كوكب الأرض، على سبيل المثال للمساعدة في العثور على تسربات غاز الميثان المُسبب للاحتباس الحراري، أو لإعادة توجيه حركة المرور عبر طرق محددة لتوفير الوقود. يقول توماس دافين، المدير العالمي لمكتب الابتكار في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، إن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحدث "تغييراً جذرياً" للأطفال حول العالم في مجالات التعليم والصحة، وربما تغير المناخ. لكنه أعرب عن رغبته في رؤية الشركات تتسابق نحو "الكفاءة والشفافية"، بدلاً من مجرد "البحث عن النموذج الأقوى والأكثر تقدماً"، داعياً الشركات إلى جعل نماذجها وبرامجها مفتوحة المصدر، وإتاحتها للجميع لاستخدامها وتكييفها. ويرى دافين أن هذا من شأنه أن يُقلل من الحاجة إلى عملية تدريب البرامج المكثفة - التي تزودها بكميات ضخمة من البيانات لتقوم بمعالجتها وبناء ردودها بناءً عليها - والتي تتطلب الطاقة والماء. ومع ذلك، تقول لورينا جاومي-بالاسي، الباحثة المستقلة التي قدمت استشارات للعديد من الحكومات الأوروبية وهيئات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتدير شبكة تُسمى "جمعية التكنولوجيا الأخلاقية"، إنه "لا توجد طريقة" لجعل النمو الهائل للذكاء الاصطناعي مستداماً بيئياً. وتضيف: "يمكننا جعله فعالاً، لكن زيادة كفاءته تعني أننا سنزيد من استخدامه"، موضحة أنه "على المدى الطويل، ليس لدينا ما يكفي من المواد الخام لدعم هذه المنافسة على إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكبر وأسرع". ماذا تقول شركات التكنولوجيا؟ تؤكد كل من غوغل ومايكروسوفت وأمازون ويب وميتا أنها تختار تقنيات التبريد بعناية بناءً على الظروف المحلية. وقد حددت جميع هذه الشركات أهدافاً لتكون "إيجابية في مجال المياه" بحلول عام 2030، وهذا يعني أنها تهدف - في المتوسط - إلى إعادة توفير كمية من المياه تفوق ما تسحبه في جميع عملياتها. ولتحقيق ذلك، تموّل هذه الشركات، وتدعم مشاريع للحفاظ على إمدادات المياه أو تجديدها في المناطق التي تعمل فيها - على سبيل المثال من خلال استعادة الغابات أو الأراضي الرطبة وتحديد مواقع التسريبات، أو تحسين الري. تقول شركة أمازون ويب إنها قطعت 41 في المئة من الطريق نحو هدفها، بينما تقول مايكروسوفت إنها "على المسار الصحيح". وتُظهر الأرقام التي نشرتها غوغل وميتا زيادة كبيرة في كمية المياه التي تقومان بإعادة تدويرها، لكن دافين يقول إنه لا يزال هناك "طريق طويل لنقطعه" لتحقيق هذه الأهداف. وتقول شركة أوبن أي آي إنها "تعمل بجد" على كفاءة استخدام المياه والطاقة، مضيفة أن "التفكير المستمر في الطريقة الأفضل لاستخدام قوة الحوسبة لا يزال بالغ الأهمية". لكن البروفيسور رين يقول إن هناك حاجة إلى تقارير أكثر اتساقاً وتوحيداً في قطاع التكنولوجيا حول استخدام المياه، وأضاف: "إذا لم نتمكن من قياس استخدام الماء، فلن نتمكن من إدارته".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store