logo
«الوجه الخفي» لإعادة تدوير البلاستيك... مواد سامة تتسرب إلى المياه

«الوجه الخفي» لإعادة تدوير البلاستيك... مواد سامة تتسرب إلى المياه

الشرق الأوسطمنذ 5 أيام
تُعدّ الملوثات البلاستيكية من أكثر القضايا البيئية إثارة للقلق عالمياً؛ إذ ترتبط ارتباطاً وثيقاً بازدياد إنتاج البلاستيك، الذي تجاوز 500 مليون طن في عام 2022 وحده. وبينما يُنظر إلى إعادة التدوير بوصفها حلاً رئيسياً للحد من هذه الملوثات، تُظهر دراسات حديثة أن إعادة تدوير البلاستيك لا تخلو من المخاطر، بل قد تُسهم في إعادة تدوير المواد الكيميائية الخطرة إلى منتجات جديدة.
وفي ظل استخدام أكثر من 16 ألف مادة كيميائية في تصنيع البلاستيك، منها 4200 مصنفة كمركبات خطرة، تكشف الدراسة الجديدة عن فجوة تنظيمية كبيرة في تتبع هذه المواد، ما يهدد سلامة الإنسان والنظم البيئية. والأسوأ من ذلك أن عملية إعادة التدوير نفسها قد تولد مركبات كيميائية جديدة وسامة؛ ما يضع علامات استفهام حول جودة البلاستيك المعاد تدويره مقارنة بالمواد البكر.
في هذا السياق، ركز فريق بحثي سويدي، على الجانب المجهول من مشكلة التلوث البلاستيكي، وما مدى تسرب المواد الكيميائية من البلاستيك المعاد تدويره إلى المياه، وما التأثيرات الصحية المحتملة لهذه المركبات على الكائنات الحية؟
وعبر اختبار تأثير هذه المواد، وتحليل الاستجابات الجزيئية والسلوكية الناتجة، قدمت الدراسة فهماً معمقاً لمخاطر المواد الكيميائية المرتبطة بالبلاستيك المُعاد تدويره، ودورها المحتمل كمُعطل لنظام الغدد الصماء ومسببات السمنة، في خطوة قد تسهم في تطوير تشريعات أكثر صرامة لحماية الإنسان والبيئة، ونُشرت النتائج، بعدد 23 يونيو (حزيران) 2025 من دورية (Journal of Hazardous Materials).
مواد سامة
خلال التجربة، قام الباحثون بشراء حبيبات بلاستيكية مُعاد تدويرها من مادة البولي إيثيلين، تم جمعها من أماكن عدة حول العالم، ثم وضعوها في الماء لمدة 48 ساعة. وأظهر التحليل الكيميائي أن هذه الحبيبات قد تحتوي على أكثر من 80 مادة كيميائية مختلفة، تمثل خليطاً معقداً من المواد.
وبعد نقعها في الماء لمدة يومين، انتقلت هذه المواد إلى الوسط المائي، ما يؤكد قدرة البلاستيك المعاد تدويره على إطلاق مواد كيميائية في بيئات مختلفة. بعد ذلك، تم تعريض يرقات أسماك الزرد، التي تشترك مع البشر في كثير من الجينات، للمياه الناتجة لمدة 5 أيام.
وأظهرت النتائج زيادة في التعبير الجيني المرتبط بعمليات أيض الدهون، وتكوين الخلايا الدهنية، وتنظيم عمل الغدد الصماء، ما يؤثر سلباً على أنظمة الهرمونات والتمثيل الغذائي للدهون لدى الكائنات الحية.
تقول الدكتورة آزورا كونيج كاردغار، الباحثة الرئيسية للدراسة بجامعة غوتنبرغ السويدية: «حددنا عدداً من المواد الكيميائية الخطرة التي يمكن أن تتسرب من البلاستيك المعاد تدويره إلى الماء، بعضها يُستخدم كمضافات في صناعة البلاستيك، مثل مثبتات الأشعة فوق البنفسجية، والملدنات التي تُضاف لتحسين خصائص البلاستيك، بينما وُجدت مواد أخرى لا علاقة لها بالبلاستيك مثل بقايا مبيدات الآفات، وأصباغ، وهذه المواد ربما تكون قد تسربت خلال عمليات التدوير نفسها».
وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم أن «تركيزات معظم هذه المواد كانت أقل من الحدود السامة المعروفة لكل مادة على حدة، فإن مزيجها أظهر تأثيراً واضحاً على الأسماك في التجارب؛ ما يدل على أن التركيز على كل مادة وحدها ليس كافياً، وعلينا أن ننظر إلى السمية الناتجة عن الخليط الكامل من المواد الكيميائية، والذي يمكن أن يكون ضاراً حتى لو بدت المواد آمنة بشكل فردي».
ووفق كاردغار، فإن «بعض هذه المواد تؤثر في مسارات بيولوجية لدى الأسماك مرتبطة بالهرمونات، مثل مستقبلات (الإستروجين) و(الأندروجين)، وكذلك إشارات الغدة الدرقية والجينات المتعلقة بالسمنة»، وهذا يدعم فكرة أن بعض هذه المواد تُعرف بكونها «مواد مسببة للسمنة»، وربما تسهم في زيادة الوزن لدى البشر.
توصيات علمية
بناء على النتائج، قدمت كاردغار مجموعة من التوصيات للحكومات والجهات التنظيمية، أبرزها فرض الشفافية والإبلاغ الإجباري عن جميع المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع البلاستيك، نظراً لتشابك سلاسل التوريد على المستوى العالمي. كما دعت إلى تحسين تصميم المنتجات من البداية، عبر تقليل عدد المواد الكيميائية المستخدمة، وضمان أن تكون أقل سمّية.
وأشارت إلى أهمية تبنّي معايير موحّدة على المستوى الدولي تضمن سلامة واستدامة البلاستيك المعاد تدويره، وتمنع استخدام بدائل قد تكون ضارة أيضاً، وضرورة تعزيز أنظمة تتبّع المواد الكيميائية عبر سلسلة الإنتاج، من مرحلة التصنيع وحتى إعادة التدوير، إلى جانب تصميم المنتجات مع الأخذ في الحسبان نهاية دورة حياتها، بما يُسهل إعادة تدويرها بطريقة آمنة.
وشددت على ضرورة تطوير أنظمة فعالة لإدارة النفايات، مثل تحسين آليات فصل أنواع النفايات؛ لتقليل فرص التلوث الكيميائي المتبادل بين المواد المختلفة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"علاج فعال 100%".. أوروبا توافق على حقن نصف سنوية للوقاية من "الإيدز"
"علاج فعال 100%".. أوروبا توافق على حقن نصف سنوية للوقاية من "الإيدز"

صحيفة سبق

timeمنذ 3 ساعات

  • صحيفة سبق

"علاج فعال 100%".. أوروبا توافق على حقن نصف سنوية للوقاية من "الإيدز"

أوصت وكالة الأدوية الأوروبية، يوم الجمعة، بالموافقة على استخدام حقن تُعطى مرتين في العام للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، في خطوة اعتُبرت تحولًا كبيرًا في جهود القضاء على الفيروس عالمياً. وأعلنت الهيئة التنظيمية للأدوية في الاتحاد الأوروبي أن عقار "ليناكابافير"، الذي تسوّقه شركة "جيليد ساينسيز" تحت الاسم التجاري "يزتوجو"، أظهر فاعلية شديدة و"يُعد من المصالح الصحية العامة الكبرى"، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشيتد برس". ويعمل العقار على تقوية مناعة الجسم ومنع دخول فيروس HIV، الذي يؤدي — في حال عدم علاجه — إلى متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وهي المرحلة الأكثر تقدمًا من المرض. وبمجرد أن تصادق المفوضية الأوروبية على توصية الهيئة، سيتم السماح باستخدام العقار في جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ27، كوسيلة وقائية متطورة ضد الفيروس. وتستند التوصية إلى دراسات حديثة أُجريت العام الماضي، أظهرت أن "ليناكابافير" نجح بنسبة 100% في الوقاية من العدوى لدى الرجال والنساء على حد سواء، مما يفتح الباب أمام استراتيجية وقائية عالمية مستدامة.

50 ألف طبيب يشلون بريطانيا.. إضراب لـ 5 أيام يهز الخدمات الصحية
50 ألف طبيب يشلون بريطانيا.. إضراب لـ 5 أيام يهز الخدمات الصحية

عكاظ

timeمنذ 5 ساعات

  • عكاظ

50 ألف طبيب يشلون بريطانيا.. إضراب لـ 5 أيام يهز الخدمات الصحية

بدأ نحو 50 ألف طبيب مقيم في إنجلترا اليوم الجمعة إضراباً يستمر لمدة 5 أيام، من الساعة 7 صباحا اليوم حتى 7 صباحا الأربعاء 30 يوليو، بعد فشل المفاوضات بين الحكومة البريطانية والجمعية الطبية البريطانية التي تمثل الأطباء المقيمين (المعروفين سابقاً باسم الأطباء المبتدئين). ويطالب الأطباء بزيادة أجورهم بنسبة 29% لتعويض انخفاض رواتبهم الحقيقية بنحو 20% مقارنة بعام 2008، بينما وصف وزير الصحة ويس ستريتينغ الإضراب بأنه «غير معقول» و«ضار بالمرضى وجهود إصلاح الخدمات الصحية الوطنية». ويُعد الأطباء المقيمون، الذين يشكلون نحو نصف الأطباء في بريطانيا، جزءاً أساسياً من النظام الصحي، حيث يعملون في مختلف أقسام المستشفيات، بما في ذلك الطوارئ وممارسات الأطباء العامين، ويمر هؤلاء الأطباء بتدريب طويل قد يصل إلى 10 سنوات، ويواجهون تحديات مثل تكاليف امتحانات التدريب الباهظة (تصل إلى آلاف الجنيهات)، وديون الدراسة التي قد تصل إلى 100 ألف جنيه إسترليني، إضافة إلى جداول عمل غير مرنة. وخلال السنوات الأخيرة شهدت العلاقة بين الأطباء المقيمين والحكومة توترات متصاعدة بسبب الخلاف حول الأجور، وفي 2023 و2024 نفذ الأطباء المقيمون 11 إضراباً، تسببت في إلغاء مئات الآلاف من مواعيد المرضى والعمليات الجراحية، وحصل الأطباء على زيادة أجور تراكمية بنسبة 28.9%، بما في ذلك زيادة بنسبة 5.4% لهذا العام، لكن الجمعية الطبية البريطانية تؤكد أن هذه الزيادات لا تعوض الانخفاض الحقيقي في الأجور بسبب التضخم وسنوات من القيود المالية. وقبل الإضراب، أجرى وزير الصحة ويس ستريتينغ محادثات مكثفة مع الجمعية الطبية البريطانية، ركزت على تحسين ظروف العمل مثل تغطية تكاليف الامتحانات، ومنح الأطباء مزيداً من التحكم في جداول العمل، وتسريع التقدم الوظيفي، لكن الجمعية رفضت تأجيل الإضراب، معتبرة أن الحكومة لم تقدم عرضاً «ذا مصداقية» لاستعادة الأجور. وأشار استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إيبسوس» إلى تراجع الدعم العام للإضرابات من 52% العام الماضي إلى 26%، ما زاد الضغط على الطرفين للتوصل إلى حل. ويحذر مسؤولو الصحة من أن الإضراب سيؤدي إلى إلغاء مئات الآلاف من مواعيد المرضى، ما يهدد جهود تقليص قوائم الانتظار في الخدمات الصحية الوطنية، التي تخدم نحو 300 ألف موعد يومياً. أخبار ذات صلة

اكتشاف «حاسة سادسة» تتحكم بالشهية والمزاج
اكتشاف «حاسة سادسة» تتحكم بالشهية والمزاج

عكاظ

timeمنذ 7 ساعات

  • عكاظ

اكتشاف «حاسة سادسة» تتحكم بالشهية والمزاج

كشف فريق بحثي من جامعة «ديوك» الأمريكية عن نظام عصبي غير مسبوق يُمكّن الميكروبات المعوية من التواصل الفوري مع الدماغ البشري. ويحمل هذا الاكتشاف، الذي نُشرت تفاصيله في دورية Nature العلمية، اسم «الحاسة العصبية الميكروبية»، وهو يمثل نظاماً جديداً يؤثر بشكل مباشر في الشهية والسلوك الغذائي والمزاج، عبر تفاعل فوري بين البكتيريا المعوية والخلايا العصبية. ويعتمد هذا النظام العصبي الميكروبي على خلايا متخصصة تسمى «الخلايا العصبية المعوية» التي تبطن جدار القولون. تعمل هذه الخلايا على التقاط بروتين يُدعى «فلاجيلين» تفرزه البكتيريا المعوية أثناء عملية الهضم، ثم ترسل إشارات عصبية إلى الدماغ عبر العصب المبهم، مما يؤثر مباشرة على شعور الإنسان بالشبع. ويشير الباحثون إلى أن هذا النظام العصبي الميكروبي لا يقتصر تأثيره على الشهية فحسب، بل يفسر أيضا العلاقة بين التغذية والحالة النفسية، ما يعزز الفرضية القائلة بأن صحة الأمعاء ترتبط مباشرة بالصحة العقلية. جدير بالذكر أن هذا الاكتشاف يُعد من أبرز الاكتشافات الحديثة التي تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه الميكروبات في تنظيم وظائف الدماغ والجسم، كما يفتح المجال أمام تطوير علاجات مبتكرة، مما قد يشكل نقلة نوعية في علاج العديد من الأمراض المزمنة والاضطرابات النفسية. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store