
رئيس «تأسيسية الدستور» الليبية يتهم البعثة الأممية بـ«تجاهل مسوّدة 2017»
وبشكل مفاجئ، انتخبت الهيئة رئيساً لها في جلسة «مكتملة النصاب»، عُقدت الثلاثاء الماضي في مدينة البيضاء (شرقاً). وهذا هو أول اجتماع رسمي للهيئة بعد 8 أعوام من إقرار مسوَّدة الدستور، الذي وصفه الرئيس المنتخب بأنه «حراك مطلوب راهناً»؛ ردّاً على ما يعتقد أنه «عبث من البعثة».
تجاوزات «اللجنة الاستشارية»
منذ منتصف الشهر الماضي، انخرطت البعثة الأممية في سلسلة مشاورات حول توصيات اللجنة الاستشارية، التي تشمل مقترحات عدة، من بينها «إنشاء هيئة تأسيسية تحلّ محل الأجسام السياسية الحالية؛ لوضع اللمسات الأخيرة على القوانين الانتخابية، والسلطة التنفيذية، والدستور الدائم».
لكن نوح يرى أن «اللجنة الاستشارية، التي شكَّلتها البعثة الأممية، خالفت المهمة التي أُنشئت من أجلها، وهي إيجاد حلول للخلافات في قانون الانتخابات، المُعد من قبل اللجان المختارة من مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)».
والتأمت اجتماعات الهيئة التأسيسية مجدداً في المدينة نفسها، التي شهدت التصويت على المسوَّدة، وسط حالة من الجدل انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي بشأن «تقاضي الأعضاء مكافآت شهرية رغم توقف اجتماعاتهم».
ولم ينفِ نوح استمرار تقاضي أعضاء «تأسيسية الدستور» مكافآتهم، مفسراً ذلك بأنه «نتاج نصوص قانونية، منها قانون 17 لعام 2013 المنظّم لأعمال الهيئة، والذي ألزم الأعضاء بالتفرغ التام، وعدم العمل لدى جهات أخرى إلى حين الاستفتاء على مسوّدة الدستور»، كما استدل أيضاً بـ«فتوى أصدرتها إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء بأحقيتهم في الحصول على مرتبات؛ نتيجة تفرغ العضو ومنعه من العمل»، مشيراً إلى أن «جل أعضاء الهيئة التأسيسية يتذمرون من شرط التفرغ»، عادّاً أن «بعضهم رجال قانون لديهم مكاتب محاماة، ومنهم مَن يعمل مستشاراً في جهات رسمية وخاصة، أو في مجالات أخرى مثل الهندسة والطب، بالتالي فإن إيراداتهم الشهرية تفوق ما يتقاضونه من الهيئة التأسيسية».
وسيكون إحياء المسار الدستوري على رأس مهام الهيئة التأسيسية الجديدة، بحسب رئيسها المنتخب، الذي أوضح أن المسار المستقبلي «سيركز على التوعية الدستورية، عبر التواصل مع مراكز الأبحاث في الجامعات الليبية، والمجلس الأعلى للقضاء، ومنظمات المجتمع المدني وغيرها».
وفي هذا السياق، يعيد نوح التذكير بأن الهيئة سبق أن تواصلت مع «المفوضية الوطنية للانتخابات» بشأن الاستفتاء على الدستور، عادّاً أن «الخطوة الأهم كانت مراسلة نائب رئيس مجلس النواب الليبي؛ للمطالبة بالاستفتاء، أو توضيح الأسباب المانعة».
عقدة رئيسية
في هذه الأثناء، تبدو العقدة الرئيسية والمستمرة في مادتين خلافيتين بمشروع الدستور، تتعلقان بـ«منع ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين» في الانتخابات الرئاسية، وفق قانونيين.
وفي هذا السياق، يشير نوح إلى أن مناقشة هاتين المادتين «شأن يخص أعضاء الهيئة التأسيسية؛ لأنه يتطلب نصاباً معيناً لحضور الأعضاء، وإرادة الفعل من قبلهم». ويرى أن «مشروع الدستور الليبي يتمتع بنظرة دستورية متقدمة، وفَّر من خلالها حلولاً لتحديات مختلفة في إطار التنوع، لا في إطار الاختلاف، فضلاً عن استجابته للمواثيق الدولية الحقوقية».
ويذهب نوح إلى الاعتقاد بأن مسوَّدة الدستور «تعدّت أحياناً المواثيق الدولية بشأن حقوق الأقليات، ووضعت منهجيةً للعدالة الاجتماعية والانتقالية، وترسيخ التوازن المكاني والمؤسسي، والشفافية، والتأكيد على استقلالية القضاء من خلال آليات محكمة»، وفق قوله.
ولا تتوقف شكاوى الأقليات، خصوصاً الأمازيغ، من مخرجات «تأسيسية الدستور»، لكن نوح يقول إن «الهيئة التأسيسية أعطت للأقليات جميع حقوقها، بل تعدَّت إعلان باريس للأقليات الصادر عام 1992 على نحو إيجابي»، محملاً مسؤولية تعطيل الدستور وعرقلته طيلة 8 أعوام إلى «أطراف داخلية وخارجية»، واصفاً الطرف الليبي الأكثر رفضاً للمسوَّدة بأنه «غير مستوعب لمحتواها».
ويستبعد نوح صحة ما يتردد بشأن رفض القائد العام للجيش الوطني، المشير خليفة حفتر، مسوَّدة الدستور الحالية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا أظن ذلك».
ورداً على سؤال بشأن سيناريوهات ترشح المشير حفتر، ورئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، في الانتخابات الرئاسية، قال نوح: «حق الترشح والانتخاب من الحقوق السياسية، حيث يحق لكل مواطن تنطبق عليه شروط الترشح. وهو ما ينطبق أيضاً على سيف الإسلام، نجل العقيد القذافي»، مضيفاً: «بالتأكيد، لا تمييز بين الليبيين».
وتعثرت العملية السياسية في ليبيا منذ انهيار الانتخابات الرئاسية، التي كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول) 2021، وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين.
وشدَّد نوح على أن «الهيئة التأسيسية لا يمكن أن تركن إلى القوى الدولية الأجنبية، وأقصد بها (غير العربية)، حتى لا تَتَّخذ ذلك ذريعةً للضغط على مؤسساتنا السياسية»، مضيفاً: «نحن متمسكون بالملكية الوطنية للدستور». ورحَّب «بالجهود العربية، خاصة مصر؛ للاستفادة من خبرتها ومجالها السياسي والدستوري».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 9 ساعات
- عكاظ
نفي قاطع من السفارة الأمريكية: لا صحة لتوطين سكان غزة في ليبيا
أصدرت السفارة الأمريكية في ليبيا بياناً رسمياً، اليوم (الجمعة)، نفت فيه بشكل قاطع التقارير التي تحدثت عن خطط أمريكية مزعومة لنقل سكان قطاع غزة إلى ليبيا، ووصفت السفارة هذه الادعاءات بأنها «تحريضية وكاذبة تماماً»، مؤكدة أن الولايات المتحدة ليست طرفاً في أي ترتيبات من هذا النوع. وجاء البيان رداً على تقارير إعلامية، من بينها تقرير نشرته شبكة «إن بي سي نيوز» الأمريكية، زعم أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ناقشت خطة لإعادة توطين ما يصل إلى مليون فلسطيني من قطاع غزة في ليبيا بشكل دائم، مقابل رفع تجميد أموال محتجزة منذ سنوات. وأشار التقرير إلى مناقشات مع مسؤولين ليبيين، دون تحديد الجهة الليبية المعنية، سواء كانت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس أو حكومة مجلس النواب في بنغازي. وتأتي هذه التطورات في سياق التوترات الإقليمية المستمرة، حيث تواجه غزة حصاراً وقصفاً إسرائيلياً متواصلاً منذ أكتوبر 2023، ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، معظمهم من الأطفال والنساء، وتدمير واسع للبنية التحتية. وقد أثارت فكرة «النقل الطوعي» أو «التهجير القسري» لسكان غزة جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها خبراء قانونيون انتهاكاً محتملاً للقانون الدولي قد يرقى إلى مستوى جريمة الحرب بسبب محاولات إفراغ القطاع من سكانه تحت ضغط غير مشروع. وفي وقت سابق، رفضت دول مثل مصر والأردن وإندونيسيا أي مقترحات لنقل سكان غزة إلى أراضيها، معتبرة أن ذلك يعادل «التطهير العرقي»، وقد أكدت حكومة مجلس النواب في بنغازي، في بيان منفصل، رفضها القاطع لأي محاولات لتوطين الفلسطينيين في ليبيا، مشددة على دعمها لحق الشعب الفلسطيني في أرضه. وأشار بيان السفارة الأمريكية إلى أن هذه الادعاءات تهدف إلى التحريض ونشر معلومات مضللة، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى تعزيز التعاون مع ليبيا في مجالات أخرى، مثل دعم العملية السياسية والتنمية الاقتصادية. وكان كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية مسعد بولس قد أجرى لقاءات مع مسؤولين ليبيين بارزين في طرابلس وبنغازي خلال الأيام الماضية تناولت قضايا الاستقرار والتعاون الاقتصادي. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية أو مجلس الأمن القومي على طلبات التعليق قبل نشر التقارير، لكن متحدثاً باسم الخارجية أكد لاحقاً أن «هذه التقارير غير صحيحة»، مشيراً إلى أن الوضع في غزة لا يحتمل مثل هذه الخطط. من جانبها، أكدت حركة حماس، عبر عضو المكتب السياسي باسم نعيم، أنها ليست على علم بأي نقاشات تتعلق بتهجير الفلسطينيين إلى ليبيا. أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 10 ساعات
- الشرق الأوسط
مستشار ترمب ينهي زيارته إلى ليبيا تاركاً وراءه «أسئلة وشكوكاً»
ما بين السياسة والاقتصاد، عقد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية، سلسلة لقاءات مع المسؤولين الليبيين في طرابلس وبنغازي، تاركاً وراءه «أسئلة وشكوكاً» متعددة. وفي غضون ذلك، نفت السفارة الأميركية لدى ليبيا، اليوم الجمعة، تقارير في وسائل إعلام بشأن سعي الولايات المتحدة لنقل بعض من سكان قطاع غزة إلى ليبيا، بوصفها ادعاءات «تحريضية وكاذبة». الدبيبة مستقبلاً بولس الأربعاء (مكتب الدبيبة) وفضّل بولس بدء زيارته من العاصمة، ملتقياً محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، قبل أن يذهب إلى بنغازي للقاء المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني»، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دون مقابلة حكومة أسامة حمّاد المكلّفة من البرلمان. تباينت آراء سياسيين ومحللين ليبيين بشأن زيارة بولس، بين من «شكك في هدفها»، وعدّ أنها تُخفي «مخططات واتفاقيات تتعلق بتوطين غزيين في ليبيا، أو استقبال مهاجرين غير نظاميين»، وبين متسائل حول هدفها الحقيقي، وهل ترمي إلى «إعادة ترتيب أوراق اللعبة السياسية؟». صالح مستقبلاً بولس الخميس (مكتب رئيس مجلس النواب الليبي) بداية، يرى المحلل السياسي الليبي، محمد الأمين، أن أميركا تفاوض ليبيا «كجزر سياسية»، وقال إن زيارة بولس إلى بنغازي «لم تكن مجرّد محطة دبلوماسية عابرة، بل تمثل تجلياً صريحاً لتحوّل عميق في مقاربة واشنطن للملف الليبي، قوامه الاعتراف بوقائع التجزئة، بدل الدفاع عن منطق الدولة، والتعامل مع الفاعلين الميدانيين، لا مع المؤسسات الشرعية». وفي ظل تعدد الرؤى والتساؤلات، لم يغب الحديث عما تحقق من مكتسبات للولايات المتحدة مع قدوم مستشار ترمب إلى ليبيا؛ إذ بمجرد انتهائه من لقاء المنفي والدبيبة، انضم إلى اجتماع ضم مسؤولين ليبيين ومسؤولي شركة «هيل إنترناشيونال» الأميركية، تمخض عن «مكاسب اقتصادية» كبيرة. وقال بولس عبر حسابه على منصة «إكس»، إنه انضم إلى اجتماع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الليبية، وشركة «هيل إنترناشيونال» في طرابلس، خلال توقيع اتفاقية بنية تحتية مهمة بقيمة 235 مليون دولار مع «هيل إنترناشيونال»، ملخصاً الأمر في «شراكة تدعم جهود المؤسسة الوطنية للنفط في التحديث، وتعزيز إنتاج وتصدير الغاز». ولا ينفصل توقيع هذه الاتفاقية عن عرض تقدمت به حكومة الدبيبة لشراكة استراتيجية مع أميركا، تقدَّر - بحسب الحكومة - بنحو 70 مليار دولار، وتتضمن مشاريع في قطاعات الطاقة والمعادن والكهرباء، والبنية التحتية والاتصالات. وقالت الحكومة إن ذلك «يتيح دخولاً منظماً ومباشراً للاستثمار الأميركي في السوق الليبية». ويرى متابعون أن مجمل لقاءات بولس مع المسؤولين في شرق ليبيا وغربها اتسمت بالتشعّب؛ إذ طغى عليها الحديث عن الشراكات والتعاون الاقتصادي، وبحث سُبل تعزيز التعاون الاستراتيجي بين طرابلس وواشنطن، من دون التطرق بعمق إلى صلب الأزمة السياسية، لافتين إلى أن كل مسؤول لخص هدف الزيارة «بحسب أجندته». غير أن بولس، الذي حرص هو الآخر على تلخيص لقاءاته عبر حسابه على «إكس»، قال عقب اجتماعه بالمنفي إنه ناقش مع المنفي «العملية السياسية، والجهود المبذولة لضمان السلام والاستقرار في طرابلس وجميع أنحاء ليبيا»، مؤكداً «دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا، ولمسار سياسي قائم على التوافق والحوار». لم يفت سلطات طرابلس أن تنظّم لمستشار ترمب جولة لزيارة السرايا الحمراء، المطلة على «ميدان الشهداء» والبحر المتوسط، والتجول في متحفها رفقة وليد اللافي، وزير الدولة للاتصال السياسي، والصعود إلى أعلاها حيث أطلّ منه الرئيس الراحل معمر القذافي، وألقى منه أحد خطاباته الشهيرة قبيل سقوط نظامه. وليد اللافي وبولس في جولة لمنطقة السرايا الحمراء (متداولة) يقول رمضان التويجر، أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي، عن الرمزية والدلالة التاريخية الكبيرة للسرايا الحمراء، لـ«الشرق الأوسط»: «هي رمز الحكم في ليبيا، ويترسخ في أذهان الليبيين أن من يسيطر عليها يحكم البلد»، معتبراً أن زيارة بولس للسرايا الحمراء «رسالة واضحة من وزير الدولة للأطراف الليبية والدولية كافة أن حكومته هي حكومة البلد». وقالت السفارة الأميركية عبر حسابها على «فيسبوك»، إن بولس أجرى جولة إلى السرايا الحمراء ومتحفها الوطني، رفقة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جوش هاريس، والقائم بالأعمال في السفارة جيريمي برنت. واستغلت السفارة التنويه بالزيارة بالحديث عن محتويات المتحف، وما يضمه من قطع أثرية «أُعيدت إلى ليبيا بفضل اتفاقية التعاون في مجال التراث الثقافي بين الولايات المتحدة وليبيا». صالح ملتقياً الوفد الأميركي برفقة صدام وبالقاسم حفتر الخميس (مكتب صالح) وخلال انتقال بولس إلى بنغازي للقاء حفتر وصالح، تركز الحديث حول «توحيد المؤسسات»، وسُبل تعزيز آفاق التعاون الثنائي بين ليبيا والولايات المتحدة. وبعد لقائه حفتر، قال بولس إنهما ناقشا «دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية، الرامية إلى توحيد المؤسسات، وتعزيز السيادة، وتمهيد الطريق نحو الاستقرار والازدهار من خلال الحوار السياسي». فيما تمحور لقاء صالح وبولس - الذي ضم صدام وبالقاسم نجلي حفتر - حول «سُبل تعزيز آفاق التعاون الثنائي بين ليبيا والولايات المتحدة، بما يعزز الاستقرار، ويدعم مسارات التنمية المستدامة في البلاد». وأجرى بولس محادثات مع الفريق صدام حفتر، رئيس أركان القوات البرية التابعة لـ«الجيش الوطني»، وقال إنها تمحورت حول متابعة «زيارته المهمة» إلى واشنطن في أبريل (نيسان) الماضي. وأشار إلى أنهما «ناقشا سُبل تعزيز التعاون، وتعزيز الجهود الليبية لتوحيد الجيش والمؤسسات الرئيسية الأخرى، والتأكيد على دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها». فريق المحللين الذين ينظرون بإيجابية للزيارة، من بينهم الأمين، يرون أنها «ذات مضمون سياسي مُحمّل بالرسائل، أبرزها أنّ أميركا باتت تنظر إلى شرق ليبيا كـ(كيان فعلي) له ممثلوه وجيشه، وصندوق إعمار مستقل، ومداخل للتفاوض والتنسيق منفصلة عن باقي الجسم الليبي». وبخصوص تغيب حمّاد عن لقاءات بولس، يعتقد الأمين أنه لم يكن «سهواً دبلوماسياً، بل رسالة وقراراً يعكس إدراكاً أميركياً بتموضع النفوذ شرقاً، وسعياً لتعزيز الحضور مع من يملكون الفعل لا من يدّعون الشرعية». وانتهى الأمين بطرح مزيد من التساؤلات، قائلاً: «هل نحن أمام مقاربة سلام واقعي، قوامه دعم سلطة محلية تفرض الأمن بالقوة؟ أم أننا بصدد تهيئة الأرض لصيغة تقسيم ناعم، تُدار فيها البلاد كمربّعات مصالح؟». وكان بولس التقى في طرابلس هانا تيتيه المبعوثة الأممية، وقال: «تبادلنا الآراء حول أهمية المضي قدماً في العملية السياسية الليبية، في الوقت الذي يسعى فيه المواطنون إلى بناء مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً».


الشرق الأوسط
منذ 11 ساعات
- الشرق الأوسط
قوى لبنانية مستاءة من إحياء «الترويكا» في مفاوضات «حصرية السلاح»
يتصدر حزب «القوات اللبنانية»، الشريك الأساسي في الحكومة، صفوفَ المعترضين على حصر المفاوضات الحاصلة بملف حصرية السلاح مع الجانب الأميركي، برئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، مستهجناً ما سماه عودة «بدعة الترويكا»، بإشارة إلى تسيير شؤون الدولة بقرارات يتخذها المسؤولون الثلاثة من دون العودة إلى المؤسسات، على رأسها مجلسا الوزراء والنواب. وشاع استخدام مصطلح «الترويكا» في تسعينات القرن الماضي خلال عهد رئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي حين كان ورئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، ورئيس البرلمان نبيه بري، يتخذون القرارات الأساسية ويسيرون شؤون الدولة بالتعاون والتنسيق في ما بينهم. ولاحقاً، أصبحت «الترويكا» تُنتقد بوصفها نوعاً من التحاصص الطائفي والسياسي، وسبباً في ضعف المؤسسات الرسمية. حالياً يحصر الرؤساء الـ3 المفاوضات الحاصلة مع المبعوث الأميركي توم براك بهم وبعدد محدود جداً من مستشاريهم حتى أن وزير الخارجية يوسف رجي ليس شريكاً أو مطلعاً على المباحثات والأوراق التي يتم تبادلها بين الطرفين اللبناني والأميركي ولم يلتقه براك إلا مرة واحدة خلال الزيارات الـ3 التي قام بها إلى بيروت. رئيس حزب «القوات» سمير جعجع (حزب القوات) وعدَّ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أن ما يحصل في هذا المجال «ضرب للدستور والمؤسسات اللبنانية بعرض الحائط، فلا شيء في الدستور اسمه الرؤساء الثلاثة»، مشدداً على أن «مركز القرار التنفيذي في الدستور هو في الحكومة، والمركز التشريعي هو في المجلس النيابي». ومع ارتفاع الأصوات القواتية المعترضة، بدأت التساؤلات ما إذا كانت قيادة «القوات» بصدد اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، إلا أن مصادر قيادية في «القوات» قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ما نقوم به راهناً هو وضع النقاط على الحروف، أما الخطوات التنفيذية فيكون لها وقتها المناسب»، وأضاف: «نحن لسنا في وارد الخروج من الحكومة، فوجودنا في مجلسي الوزراء والنواب يعطي القوة لموقفنا السياسي. ما كنا ولا نزال نطالب به هو عرض خطة براك على الحكومة على أن تحال بعدها إلى المجلس الأعلى للدفاع للتنفيذ». لا ينحصر الاستياء الحاصل بـ«القوات اللبنانية»، إذ يشدد عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» الدكتور سليم الصايغ على أن رئيس الجمهورية وحده مخول التفاوض باسم لبنان، ولا أحد آخر، سواء رئيس الحكومة أو رئيس حركة «أمل»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الرئيس نبيه بري لا يفاوض بصفته رئيساً لمجلس النواب وناطقاً باسمهم إنما باسم «الثنائي الشيعي». ويعدُّ الصايغ أن «على الأميركيين أن يقووا موقع الرئاسة الأولى فلا ينتهكون الدستور والمؤسسات ومبدأ فصل السلطات بالتفاوض مع الرؤساء الـ3»، لافتاً إلى أنه «وبعد إنجاز أي تفاهم يحيل رئيس الجمهورية الأمر للحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة»، ويضيف: «كما على رئيس الجمهورية في خضم المفاوضات الحاصلة توسيع مروحة مشاوراته مع القوى المعنية وتلك السيادية، فلا يكون البحث بمصير لبنان وكأنه من أسرار الآلهة». من جهته، ينبّه عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال دويهي لأن «اختزال المؤسسات السياسيّة بأشخاص ليس فقط غلطة سياسية في هذه الأوقات المصيرية، بل هي أيضاً تلامس الخطيئة الدستورية ومبدأ فصل السلطات»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ما يحصل خطير لأننا لسنا بصدد اتفاقية تجارية أو اتفاقية عادية ولتقوية وحماية أي قرار أو تفاهم يحصل يفترض أن يُتخذ داخل المؤسسات، وهنا بالتحديد نتحدث عن مجلس الوزراء». يشرح الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين المسار الدستوري للموضوع، لافتاً إلى أن «التفاوض في عقد المعاهدات الدولية يخضع، وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور اللبناني، للصلاحية المنفردة لرئيس الجمهورية، إذ يتولى هو شخصياً مهمة التفاوض. أما الإبرام فيتم باتفاق مشترك بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بينما الإبرام الإجرائي فيحصل في الحكومة بموافقة ثلثي عدد الوزراء». ويوضح يمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الإبرام البرلماني الذي يتطلب مصادقة المجلس النيابي، فيكون عند المعاهدات التي تتجدد سنوياً أو تتضمّن أعباء مالية على الدولة أو ذات طابع تجاري»، ويضيف: «أما في ما يخص التفاوض الحاصل راهناً، فهو عملية قد تُفضي إلى تفاهم مباشر أو غير مباشر مع هذا الطرف أو ذاك. وبموجب المادة 52 من الدستور، إضافةً إلى الأعراف السائدة، فإن رئيس الجمهورية هو الجهة التي تتولى التفاوض في المعاهدات والاتفاقات الدولية. ويجوز لرئيس الجمهورية أن يُفوض شخصاً آخر للتفاوض تحت إشرافه وتوجيهاته المباشرة. كما يحق له، إن شاء، أن يستشير من يرغب خلال عملية التفاوض، كأن يتشاور مع رئيس الحكومة، أو رئيس مجلس النواب، أو غيرهما من دون أن يكون مُلزَماً بإجراء هذا التشاور أو بنتيجته». ويلفت يمين إلى أنه «إذا جرى التعامل مع التفاوض وكأنه قرار تتخذه الرئاسات الثلاث مجتمعة، فذلك يُشكّل مخالفة دستورية واضحة لأن الدستور اللبناني يتحدث عن رئيس واحد للدولة، وهو رئيس الجمهورية، أما سائر الرؤساء، فهم رؤساء مؤسسات، لا رؤساء للدولة. بالتالي، لا يجوز الخلط بين دور رئيس الجمهورية ودور هؤلاء».