logo
شبكة رقمية تغذي خطاب الكراهية ضد المهاجرين بعد طعن شرطي في أيرلندا

شبكة رقمية تغذي خطاب الكراهية ضد المهاجرين بعد طعن شرطي في أيرلندا

الجزيرةمنذ 6 أيام
في أعقاب محاولة طعن استهدفت أحد أفراد الشرطة الأيرلندية وسط العاصمة دبلن الأسبوع الماضي، اشتعلت منصات التواصل بسيل من المنشورات المتضاربة والمضللة، في مشهد بدا كأنه يتجاوز حادثة فردية إلى حملة رقمية منظمة.
وركزت الحملة الرقمية -التي قادتها حسابات مؤثرة على منصة "إكس"- على تأجيج الخطاب المعادي للمهاجرين، من خلال روايات مشككة في هوية المهاجم ودوافعه، وربطه بأجندات دينية وعرقية، وتوظيف حوادث مشابهة في أوروبا، بهدف تكوين سردية عامة تُحمّل المهاجرين مسؤولية عنف ممنهج.
في هذا التقرير، تتبعت "الجزيرة تحقق" مضمون هذه الادعاءات، وحللت الشبكة الاجتماعية التي أسهمت في تضخيمها، وطبيعة الحسابات المشاركة، لفهم ما إذا كانت ردود فعل فردية أم حملة منسقة لتأجيج الكراهية تجاه المهاجرين عبر سرديات مضللة.
فيديو الحادثة يتصدر المنصات
في 29 يوليو/تموز الماضي، انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو يظهر رجلا يحاول طعن عناصر من الشرطة الأيرلندية خلال دورية وسط دبلن، في هجوم مفاجئ بسكين.
وأظهر المقطع -الذي حصد ملايين المشاهدات- محاولات عناصر الشرطة السيطرة على الشاب باستخدام العصي ورذاذ الفلفل، قبل أن يتمكنوا من اعتقاله.
وتمكنت وكالة سند للتحقق التابعة لشبكة الجزيرة من تحديد الموقع بدقة عبر أداة "التجول الافتراضي" (Street View) في خرائط غوغل، باستخدام صور التقطت في أبريل/نيسان من العام الجاري.
Shocking new footage of yesterday's attack on a Garda in Dublin.
The attacker is a second generation immigrant named Abdullah Kahn.
The media, gardai and politicians all told us he was "Irish born and bred". pic.twitter.com/uLLfCppbSK
— MichaeloKeeffe (@Mick_O_Keeffe) July 31, 2025
تضليل وخطاب تحريضي
ترافقت مشاهد الهجوم مع موجة من التعليقات التحريضية على منصات التواصل، استهدفت المهاجرين ووصفتهم بأنهم "تهديد وجودي"، مع ربط الحادث بخلفيات دينية وعرقية. من بين العبارات المتداولة: "هل يبدو اسم عبد الله خان أيرلنديا؟"، و"الإسلامي عبد الله خان يطعن شرطيا والشرطة تلقنه درسا".
🚨 BREAKING!
The media told you the man who stabbed the garda was an Irish man, does Abdullah Khan sound Irish to you? pic.twitter.com/pdd5NL6vak
— MichaeloKeeffe (@Mick_O_Keeffe) July 31, 2025
Islamist Abdullah Khan stabs an Irish policeman to prove he's boss. Eventually, other officers give him a proper education. Education is important. pic.twitter.com/5g91i1ivxn
— RadioGenoa (@RadioGenoa) August 1, 2025
وامتد الخطاب التحريضي ليشمل مقارنات بحوادث في دول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا، في محاولة لبناء سردية أوسع مفادها أن السلطات الأوروبية تتكتّم على جرائم يُنفّذها مهاجرون، ولا سيما من أصول إسلامية.
إعلان
وسعت حسابات مؤثرة إلى ترسيخ صورة نمطية للمهاجر باعتباره "تهديدا داخليا"، من خلال مزاعم تفتقر إلى دليل. فقد زعمت حسابات أن المهاجم "عبد الله خان" دخل المملكة المتحدة بشكل غير قانوني عبر قارب صغير، وحصل لاحقا على "امتيازات قانونية تفوق ما يناله المواطنون"، في محاولة لتأجيج الغضب الشعبي تجاه سياسات الهجرة.
WOW‼️Watch as migrant Abdullah Khan STABS a policeman in the back. The incident took place in Dublin on Tuesday.
Fortunately, a stab vest saved the officer's life.
Khan, 23-who entered the UK illegally via small boat-was arrested at the scene. He's now been granted Legal Aid. pic.twitter.com/10mvLSlgKS
— Peter Lloyd (@Suffragent_) July 31, 2025
This murderous attack on an innocent Garda member is being suppressed. And the reason? Senior brass don't want the public getting all riled up or being afraid to walk the streets. People like Abdullah Khan are allowed to stab who they like and are effectively innocent until… pic.twitter.com/fqlMJWmNVE
— Edward White (@Editorialz) August 1, 2025
وفي بيان رسمي، أكدت الشرطة الأيرلندية أن أحد عناصرها تعرض لاعتداء "غير مبرر" وسط دبلن، ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وحذر مساعد مفوض الشرطة في دبلن، بول كليري، من انتشار معلومات مضللة عبر المنصات الرقمية، متهما بعض المغردين بمحاولة "تأجيج الموقف لأغراض خاصة"، ومؤكدا أن التحقيق ما زال جاريا لتحديد الدوافع.
في المقابل، فندت وسائل إعلام أيرلندية المزاعم التي ربطت المهاجم بالهجرة أو بالتطرف الديني، إذ أظهرت المعلومات الرسمية أن المشتبه به مواطن أيرلندي ولد في شمال دبلن حيث يقيم، ويبلغ من العمر 23 عاما. كما طلبت محاميته فرض قيود على نشر عنوانه، نظرا لحساسية القضية ومخاوف تتعلق بسلامته.
وأكدت التحقيقات الأولية أن الهجوم لا يحمل أي طابع إرهابي، وأن التهم الموجهة إليه تقتصر على الاعتداء على فرد شرطة وحيازة سكين قد يتسبب بإصابات خطرة.
Gardai confirm the attacker was an Irish citizen and born in Ireland, and can be questioned for up to 24 hours. pic.twitter.com/pzidDu4ylk
— TheIrishWatchdog (@WatchdogTh96012) July 29, 2025
شبكة تضليل عابرة للحدود
عقب انتشار فيديو حادثة الطعن في دبلن، لم تكن موجة التفاعل على "إكس" مجرد ردود فعل فردية، بل بدت كأنها جزء من شبكة رقمية منظمة تنسّق فيما بينها لنشر رواية موحدة تستهدف المهاجرين.
أجرت "الجزيرة تحقق" تحليلا معمقا لبنية هذه الشبكة، فوجدت أن عشرات الحسابات المترابطة -معظمها ذات تأثير واسع- لعبت دورا محوريا في نشر الخطاب التحريضي وتعزيز مصداقيته عبر التكرار والتنسيق.
خلال فترة لا تتجاوز 4 أيام، نشرت أكثر من 4 آلاف تغريدة مرتبطة بالحادثة، عبر نحو 2862 حسابا، وتضمنت آلاف التفاعلات من إعادة نشر وتعليقات وذكر حسابات أخرى.
في قلب هذه الشبكة، برزت أسماء بعينها تعيد التدوير وتوسيع دائرة السردية، وجاء في الصدارة حساب "suffragent"، تلاه "editorialz"، ثم "RadioGenoa" الذي ينتمي إلى مجتمع رقمي مختلف من حيث اللغة والجغرافيا، لكنه يتحرك في الاتجاه نفسه.
إعلان
ولم تكن هذه الحسابات وحدها، فقد كشفت خريطة الشبكة عن مجتمعات رقمية متعددة الجنسيات، من بينها مجموعة إيطالية تتفاعل حول حساب RadioGenoa، وأخرى إسبانية مرتبطة بـacom_es، بالإضافة إلى مجتمع بولندي، ومجتمعات ناطقة بالإنجليزية في بريطانيا وأيرلندا، تتشارك السردية نفسها وتروجها بلغات مختلفة.
ما جمع هذه الأطراف المتباعدة جغرافيا هو إستراتيجية رقمية موحدة: إعادة تغريد ممنهجة، وذكر حسابات مؤثرة، وبناء روابط متقاطعة، في نمط يعرف بتحليل الشبكات باسم "التضخيم المتبادل". كل حساب يعزز الآخر، ويروج لمنشوراته، بما يمنح السردية زخما و"شرعية رقمية" حتى إن كانت مزيفة.
وبهذا الشكل، لم تعد الحادثة مجرد واقعة محلية في أحد شوارع دبلن، بل تحولت إلى مادة مشحونة تعاد صياغتها ونشرها وتضخيمها في فضاءات رقمية متعددة، عبر شبكة تمتد من أيرلندا إلى إيطاليا، ومن إسبانيا إلى بولندا، وتتقاطع عند فكرة واحدة: بناء عدو داخلي اسمه "المهاجر".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقدونيا الشمالية.. هشاشة البلقان في مرمى الجغرافيا والسياسة
مقدونيا الشمالية.. هشاشة البلقان في مرمى الجغرافيا والسياسة

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

مقدونيا الشمالية.. هشاشة البلقان في مرمى الجغرافيا والسياسة

تعد مقدونيا الشمالية نموذجا للدولة الهشة ذات البنية المؤسسية الحديثة، لكنها مثقلة بانقسامات عرقية وإثنية تمنع تشكيل هوية وطنية جامعة. وقد أُجبرت هذه الدولة الصغيرة على التفاوض على أسس وجودها الرمزي والسياسي منذ ولادتها في أعقاب تفكك يوغوسلافيا سنة 1991، بدءا من أزمة اسمها مع اليونان، وصولا إلى اضطراباتها الداخلية مع المكوِّن الألباني، وانتهاءً بصراعات التأطير الجيوسياسي بين الغرب وروسيا. ورغم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2020، فإن هشاشتها الداخلية مستمرة، وتظل عرضة للتدخلات الخارجية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية التي زادتها الحرب الروسية الأوكرانية تعقيدا. ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان " مقدونيا الشمالية الدولة والهوية وتوازنات النفوذ في بيئة جيوسياسية متحولة" للباحث المتخصص في شؤون البلقان وأوروبا الشرقية، كريم الماجري، سلطت الضوء على مقدونيا الشمالية كدولة صغيرة تتنازعها هويات متعددة ومتضادة، وتحاول فهم الكيفية التي تتفاعل بها مع الضغوط الجيوسياسية في سياق التحولات التي يشهدها النظام الدولي. كما تسعى لاستشراف السيناريوهات الممكنة لمستقبل هذه الدولة البلقانية، انطلاقا من التحديات التي تواجهها داخليا وخارجيا، وأثر ذلك على استقرارها وتماسكها الوطني. أزمة الهوية الوطنية والتعايش العرقي منذ نشأتها، افتقدت مقدونيا الشمالية إلى إجماع داخلي على هوية وطنية موحدة. فالمجتمع منقسم بين مقدونيين سلاف وألبان، إضافة إلى توتر مع اليونان استمر عقودا بسبب اسم "مقدونيا"، الذي اعتبرته أثينا جزءا من إرثها التاريخي. تم حل الخلاف عبر "اتفاق بريسبا" عام 2018، الذي غيّر الاسم إلى "جمهورية مقدونيا الشمالية" مقابل فتح الطريق نحو الناتو والاتحاد الأوروبي. لكن الاتفاق أثار انقساما داخليا، حيث رآه البعض تنازلا عن الكرامة الوطنية. وشهدت مقدونيا عام 2001 إحدى أخطر أزماتها الداخلية عندما اندلعت مواجهات مسلحة بين القوات الحكومية ومقاتلي "جيش التحرير الوطني" الألباني الذي طالب بمزيد من الحقوق السياسية والثقافية للألبان. وكشفت تلك الأزمة هشاشة الدولة، وأدت إلى "اتفاق أوهريد" الذي منح الألبان حقوقا سياسية ولغوية موسعة، واعتمد لغتهم لغة رسمية ثانية. ورغم ذلك، ظل الاندماج محدودا، والعلاقة بين المكونين تتأرجح بين التعاون التكتيكي والتباعد الهوياتي. البنية السياسية والأمنية بعد اتفاق أوهريد أرسى اتفاق أوهريد نظاما توافقيا قائما على المحاصصة بين المكونات، غير أن هذا الاتفاق -وإن أرسى هدنة سياسية- خلق نظاما توافقيا هشا يقوم على المحاصصة، لا على الاندماج الحقيقي. كما انقسمت الأحزاب السياسية إثنيا؛ فبعضها سلافية، والأخرى ألبانية. وغالبا ما تستثمر النخب الانقسام العرقي انتخابيا، وسط اتهامات بالفساد والمحسوبية. ورغم الانضمام للناتو، ظلت البلاد مكشوفة أمام التأثير الروسي والصيني، وبقيت قدراتها العسكرية والأمنية محدودة. وفي مسار الاتحاد الأوروبي، تعرقل بلغاريا المفاوضات بذريعة خلافات تاريخية ولغوية، وهذا ولّد إحباطا شعبيا من "الخيار الأوروبي". تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية أعادت الحرب تشكيل الاصطفافات في أوروبا، وانعكست أيضا على داخل مقدونيا: انقسم الرأي العام بين موالين للغرب وآخرين متأثرين بالدعاية الروسية. رُصدت حملات تضليل سيبرانية تستهدف زعزعة الثقة بالمؤسسات، مع استغلال الانقسام الإثني. أزمة طاقة ناتجة عن الحرب، الأمر الذي ضاعف الأعباء الاقتصادية، ورفع التضخم و البطالة. ورغم تبني العقوبات الأوروبية على موسكو ، أبدت شرائح سياسية واقتصادية تحفظات على هذا الموقف لما له من تبعات سلبية. البعد الإثني.. العلاقة بين المقدونيين والألبان يشكّل البعد الإثني أحد المفاتيح الجوهرية لفهم مأزق الدولة في مقدونيا الشمالية. فالتعايش بين المقدونيين السلاف والألبان مستمر ضمن إطار القانون، لكنه يعاني من غياب الثقة المتبادلة، وتفاوت في فرص النفاذ إلى السلطة والموارد؛ ما يُبقي وحدة الدولة في حالة تعليق دائم. ويقوم التعايش السياسي على تفاهمات حزبية لا على اندماج مجتمعي، مع استمرار العزلة بين المكونات في التعليم والإعلام والسكن. ورغم أن الأحزاب الألبانية رسخت نفوذها، إلا أنها لم تحقق تحسينا جوهريا لأوضاع القاعدة الشعبية، ما أفسح المجال أمام تيارات شبابية أكثر راديكالية. أزمة الثقة مستمرة، ويُنظر إلى ارتباط ألبان مقدونيا بألبانيا وكوسوفو كعامل حساس أمنيا، خصوصا عند تصاعد خطاب "ألبانيا الكبرى" في المنطقة. تجاذبات النفوذ الإقليمي والدولي روسيا: تحافظ على نفوذ رمزي عبر الإعلام والأحزاب القومية والكنيسة الأرثوذكسية، مستفيدة من خطاب "القيم السلافية المسيحية" ومن أزمات الثقة مع الغرب. الاتحاد الأوروبي: رغم جهود مقدونيا للإصلاح، أضعفت النزاعات الثنائية (مع اليونان وبلغاريا) الثقة بالمسار الأوروبي، وأعطت انطباعا بازدواجية المعايير. الولايات المتحدة: داعم أمني رئيسي منذ الاستقلال، لعبت دورا في اتفاق أوهريد وانضمام الناتو، لكن حضورها الاقتصادي والثقافي محدود. تركيا: تركز على الروابط الدينية والثقافية في المناطق المسلمة، وتتبنى خطاب حماية المسلمين مع استثمارات في البنية والخدمات. الهوية الوطنية: غياب مشروع ثقافي جامع، واستمرار الخلافات حول التاريخ واللغة والانتماء. الاقتصاد: اعتماد على تحويلات المغتربين واستثمارات محدودة، مع بطالة وفقر مرتفعين وفجوة تنموية بين المناطق. الهجرة: نزيف الكفاءات نحو أوروبا الغربية، ما يهدد البنية الديمغرافية والاقتصادية. الفساد: عائق رئيسي أمام الانضمام الأوروبي، متجذر في القضاء والوظائف العمومية والعقود. السيناريوهات المستقبلية اندماج أوروبي كامل: يفترض هذا السيناريو تجاوز الخلاف مع بلغاريا، وإصلاحات جذرية، وبناء هوية وطنية جامعة. وهو سيناريو متفائل لكنه يواجه عقبات سياسية واقتصادية. استمرار الوضع الراهن: يمثل هذا السيناريو بقاء الدولة بين نفوذ الغرب وروسيا، مع استقطاب داخلي مزمن دون انهيار شامل. تفكك أو تدهور الاستقرار: يفترض هذا السيناريو الأسوأ أن تتفاقم الأزمات الداخلية والنزاعات الإثنية، بما قد يقود إلى نموذج شبيه بالبوسنة أو لبنان ، مع بقاء الدولة شكلية. خاتمة مقدونيا الشمالية ليست مجرد دولة صغيرة في البلقان، بل ساحة اختبار لقدرة الكيانات ما بعد اليوغوسلافية على بناء دولة وطنية حديثة وسط انقسامات داخلية وتجاذبات دولية. مستقبلها يتوقف على قدرتها على إصلاح مؤسساتها، معالجة الانقسامات الإثنية، واستثمار موقعها الإستراتيجي ضمن بيئة أوروبية مضطربة.

ما حقيقة إيقاف الجيش السوري دورية لبنانية على الحدود وإهانة عناصرها؟
ما حقيقة إيقاف الجيش السوري دورية لبنانية على الحدود وإهانة عناصرها؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

ما حقيقة إيقاف الجيش السوري دورية لبنانية على الحدود وإهانة عناصرها؟

تداول رواد منصات التواصل مقطع فيديو، زعموا أنه يوثق لحظة توقيف عناصر من الجيش اللبناني على يد قوات الجيش السوري الجديد على الحدود بين البلدين، وسط اتهامات بالإهانة ومصادرة السلاح. المشهد الذي انتشر في التاسع من أغسطس/آب الجاري، بدا مثيرا ورافقته تعليقات حادة عن توتر ميداني بين جيشين على خط حدودي ملتهب، ليتلقفه مستخدمون محليون ونشطاء أعادوا نشره بعناوين مثيرة زادت من حدة السردية المتداولة. لكن خلف هذه اللقطات، ثمة تفاصيل مغايرة وزمن مختلف عن الرواية المنشورة، فمتى تم تصوير الفيديو؟ وما الظروف التي أحاطت بالمشهد؟ فريق "الجزيرة تحقق" تتبّع مسار المقطع ومصدره لكشف القصة الكاملة. التحقق أجرينا بحثا تقنيا عن الفيديو باستخدام أدوات التحقق البصري والزمني، وتبين أنه يعود إلى عام 2013، ونشر حينها على قناة بموقع "يوتيوب" تابعة للمعارضة السورية المسلحة آنذاك. ورافق المادة الأصلية وقتها مزاعم بأن دورية تابعة للجيش اللبناني دخلت الأراضي السورية لدعم قوات النظام السوري -التي وصفتها القناة بـ"العصابة"- قبل أن تقع في كمين للجيش السوري الحر، إذ جرى أسر جميع أفرادها ومصادرة أسلحتهم وعتادهم العسكري. وبالعودة إلى الأرشيف الإعلامي اللبناني ظهر أن قيادة الجيش اللبناني كانت أصدرت في سبتمبر/أيلول 2012 بيانا يوضح أن الحادثة وقعت في منطقة "وشل القريص" بجرود عرسال، التي تقع على الحدود مع سوريا. وأوضحت أن المجموعة العسكرية التابعة لها، تعرضت لكمين مسلح نصبه الجيش السوري الحر "آنذاك"، وليس الجيش السوري النظامي، وأن الواقعة حدثت على الأراضي اللبنانية وليس داخل سوريا. وقد شهدت تلك الفترة تداول عدد من المقاطع والصور التي حاك مروجوها قصصا، اتضح لاحقا أنها بعيدة عن الواقع.

هل شيدت سنغافورة أول سجن عائم في العالم؟
هل شيدت سنغافورة أول سجن عائم في العالم؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

هل شيدت سنغافورة أول سجن عائم في العالم؟

تداول ناشطون وحسابات على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة صورا ومقاطع فيديو على نطاق واسع قيل إنها لتشييد أول سجن عائم في العالم، في خطوة نسبت إلى دولة سنغافورة. والمشاهد المتداولة صُوّرت على أنها منشأة بحرية قادرة على استيعاب أكثر من ألفي سجين، ومزودة بتقنيات مراقبة متطورة ووحدات دوريات روبوتية، وقادرة -وفق المزاعم- على إنهاء مشكلة الاكتظاظ وحماية المجتمع من الهروب. وفي هذا التقرير تتبع فريق "الجزيرة تحقق" مصادر هذه المزاعم، وصحة الصور ومقاطع الفيديو المتداولة للمنشأة البحرية التي وُصفت بأنها نموذج لأول سجن يحتذى به. قصة انتشرت بسرعة المقاطع المتداولة -التي وصفت بأنها من داخل "أول سجن عائم" في العالم- شُيّد -وفق المزاعم- على عمق 500 متر من الشاطئ، ليجمع بين التحصين الأمني وتقليص فرص الهروب. ونسج ناشرو هذه المقاطع رواية كاملة عن مرفق متطور يضم أنظمة مراقبة بالذكاء الاصطناعي ودوريات روبوتية و"سياجا جغرافيا افتراضيا" بديلا عن القضبان التقليدية، مؤكدين أن الهدف هو معالجة الاكتظاظ في السجون وضبط الأمن بأقصى درجات الكفاءة. Singapore unveiled the world's first floating prison, a large offshore facility to house hundreds of inmates. It aims to reduce overcrowding and enhance security with AI surveillance, restricted access, and no escape routes—just steel, sea, and total control. — NextBestMe (@Nextbest_me) August 6, 2025 وذهب بعض المدونين أبعد من ذلك، واعتبروا أن سنغافورة تقدم نموذجا جريئا للابتكار في البحر، إذ يركز هذا "السجن العائم" -بحسب الوصف- على إعادة التأهيل عبر التعليم والتدريب المهني، ومساعدة النزلاء على الاندماج مجددا في المجتمع بكرامة، في بلد يعاني من ندرة الأراضي. لكن هذه الرواية -التي أثارت الإعجاب لدى البعض- ولّدت أيضا جدلا حقوقيا، إذ رأى ناشطون أن أي تصميم كهذا يفرض عزلة قاسية قد تؤثر على الصحة النفسية، وحذروا من أن الابتكار لا ينبغي أن يكون على حساب قيم الرحمة والعدالة وصون الكرامة الإنسانية. Singapore's floating prison is a bold, futuristic solution to overcrowding—but it raises deep questions about isolation, rehabilitation, and human dignity. Innovation must be balanced with compassion and justice.#Singapore #FloatingPrison — The vision of JOY (@JoyInterest001) August 6, 2025 🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥 SINGAPORE 🇸🇬 UNLEASH FLOATING PRISON 2,000 Prisoners 500m offshore Not the first floating Prison as the photo suggest, as GITMO had a floating Prison. 🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥🟥 Singapore has unveiled the world's first floating prison—an advanced, purpose-built… — 💙 X_R_P 🦋 V_R_A 💙 (@XRP_DigiGold) August 3, 2025 سجن غير موجود ليست هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها "السجن العائم" عناوين منصات التواصل، إذ رصد فريق "الجزيرة تحقق" صورا ومقاطع مماثلة جرى تداولها في يوليو/تموز الماضي، وقُدّمت بنفس الصياغة المثيرة على أنها توثق منشأة بحرية في سنغافورة. إعلان لكن هيئة السجون السنغافورية (إس بي إس) سارعت حينها إلى إصدار بيان رسمي نفت فيه بشكل قاطع هذه المزاعم، مؤكدة "ندرك وجود منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن سنغافورة أطلقت أول سجن عائم في العالم، وهذا غير صحيح، لم نجرِ أي مناقشات أو نضع أي خطط لمثل هذا المشروع، ولا توجد حاجة إليه". ودعت الهيئة -التي نشرت توضيحها عبر موقعها الرسمي وصفحتها على فيسبوك- الجمهور إلى التوقف عن إعادة نشر هذه الادعاءات أو الانخداع بما وصفتها بـ"القصص غير الواقعية"، في تأكيد واضح على أن ما يتم تداوله لا يعدو كونه جزءا من موجة معلومات مضللة. حقيقة الصور المتداولة وأظهر التحقيق الذي أجراه فريق "الجزيرة تحقق" أن الصور المنسوبة إلى "السجن العائم في سنغافورة" لا علاقة لها بالبلاد مطلقا، بل تعود في الواقع إلى بارجة "بيبي ستوكهولم" الراسية جنوب بريطانيا، والتي خصصتها الحكومة البريطانية في أغسطس/آب 2023 لإيواء طالبي اللجوء ضمن خطة لخفض تكاليف إقامتهم في الفنادق. وباستخدام أداة "التجول الافتراضي" (Street View) في خرائط غوغل قارن الفريق بين صور التقطت للبارجة في مايو/أيار 2024 والمشاهد المتداولة على الإنترنت، ليتضح التطابق الكامل في التفاصيل المعمارية والموقع. كما تبين أن أحد مقاطع الفيديو المنتشرة مأخوذ من تقرير بثته وسائل إعلام بريطانية يوثق لحظة سحب البارجة، وليس من أي مشروع في سنغافورة. The British government has built a floating prison for migrants who entered the country illegally. — S p r i n t e r (@SprinterObserve) July 22, 2023 أما إحدى الصور الأخرى -التي بدت بتصميم مستقبلي مبهر- فقد كشف تحليل تقني باستخدام أداة متخصصة في كشف الزيف العميق أنها صورة مولدة بالكامل بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يؤكد أن المشاهد المتداولة كانت مزيجا من محتوى حقيقي خارج سياقه وصور مصطنعة لتعزيز السردية المضللة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store