logo
يونس مجاهد يكتب:'جمهورية الريف.. السيبة والوطن'

يونس مجاهد يكتب:'جمهورية الريف.. السيبة والوطن'

تليكسبريس١٣-٠٢-٢٠٢٥
من بين الأساطير التي يحاول البعض ترويجها، أسطورة جمهورية الريف، كدولة مستقلة عن المغرب، التي يبدو أن خصومه، يعملون جاهدين على توظيفها لافتعال بعض التشويش، في إطار حرب نفسية ودعائية، لا تجد أي صدى لها في الداخل أو الخارج.
لكن ما يهمنا هنا، هو أن نجادل بعض المتياسرين المتأخرين، الذين يتهافتون على كل ما يمكن أن يغطي عن فشلهم السياسي وعجزهم في 'التجذر بين الجماهير'، (وهو تعبير عزيز عليهم)، لكن انعزالهم عن الشعب يقودهم إلى البحث عن أي شيء مهما كان تافها للاستمرار في التواجد.
ويبدو أن اسطورة جمهورية الريف، التي يحاولون قراءتها كمحاولة للإنفصال عن الوطن المغربي، تدغدغ خيالهم، بينما يؤكد البحث التاريخي الجدي، المستند على الوثائق والتقصي، حقائق أخرى، مثلما قام به محمد العربي المساري، في كتابه 'محمد بن الكريم الخطابي، من القبيلة إلى الوطن'، الذي قال إن تسمية 'لا ريبوليك'، التي كانت تجري على ألسنة بني ورياغل، تحمل معنى التحرر من السلطة المركزية و أيضا من الفوضى التي تخلقها السيبة، لا أقل و لا أكثر، ويعتمد المساري على الدراسة التي أنجزها مونتغوميري هارت حول هذا الموضوع، وعلى مراجع أخرى، تدحض مزاعم إنفصال الريف.
ومن بين المراجع الهامة، أيضا، الندوة الشهيرة التي نظمت في باريس سنة 1973، حول 'عبد الكريم وجمهورية الريف'، التي نشرتها ككتاب دار 'ماسبيرو'، وكتب تقديمه المؤرخ الشهير شارل آندري جوليان.
ومن بين المساهمين في هذه الندوة عبد الرحمن اليوسفي، الذي كان في المنفى آنذاك، كما ساهم فيها أيضا مفكرون وعلماء اجتماع ومؤرخون، من أمثال جاك بيرك وعبد الله العروي وإبراهيم بوطالب ومحمد زنيبر… وغيرهم.
وفي مناقشات هذه الندوة، يتحدث روني كاليسو عن استجواب لمحمد بن عبد الكريم الخطابي، مع صحيفة أمريكية يقول فيها إننا لم نفكر أبدا في جمهورية، فهذا المصطلح كان يستعمل لتسمية مجموعات محلية، أصغر من القبيلة.
أما عبد الرحمن اليوسفي، فاعتبر في عرضه، أن الخطابي حاول أن ينظم الريف، بشكل جديد، حيث رفض التنظيم المخزني وفوضى السيبة، وقام بتركيب جدلي سمي الجمهورية، ويضيف أن بلاد السيبة كانت تتشكل من مجموعات تتوحد على شكل جمهوريات، الرافضة للتحكم المطلق لبلاد المخزن.
لذلك فالأمر لا يتعلق بجمهورية انفصالية عن المغرب، بل بتنظيم قبلي، مستمد من تاريخ السيبة، التي اتخذت عدة اشكال، كما درسها عبد الله العروي، في العديد من مؤلفاته، والتي لا تصل إلى حد القطيعة والانفصال عن الوطن، بل ظلت في علاقة مد وجزر مع الدولة المركزية، تتغير في السياقات والظروف التاريخية. ويعتبر اليوسفي أن العمل الكبير الذي قام به الخطابي هو توحيد القبائل والمجموعات الصغيرة، التي تنتمي لبلاد السيبة في منطقة شمال المغرب، لمقاومة الإستعمار بالسلاح، لذلك فجمهوريته كانت دولة ظرفية، فرضتها شروط تنظيم العمل المسلح، تزول بزوال الظروف التي فرضت قيامها.
وكان لصدور هذه الكتاب القيم، صدى كبير في أوساط اليسار آنذاك، حيث اعتبر مرجعا هاما في موضوع حرب الريف والملحمة التي قادها الخطابي، التي لم تعتبرها هذه الأوساط اليسارية دعوة إنفصالية، بل إن المنظمات الماركسية اللينينية، المغربية، كانت تطالب باستكمال الوحدة الترابية، واسترجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، التي جعلتها من بين المهام الثورية. وهو الشعار الذي رفعته أيضا منظمة 'إلى الأمام'، رغم أنها ساندت حق تقرير المصير في نزاع الصحراء المغربية، لكن موقفها يشوبه الغموض، حيث اعتبرت أن 'الصحراء مغربية، تاريخيا، لكن الواقع الإستعماري خلق نوعا من الهوة، تتطلب إعادة الوحدة بناء على أسس ديمقراطية'.
فهي لا تنكر أن الصحراء كانت تحت السيادة المغربية، قبل دخول الإستعمار. وما كان يهم هذه المنظمة هو القيام بثورة ضد النظام، لذلك اعتبرت أن الصحراء يمكن أن تشكل 'بؤرة ثورية'، للإنطلاق منها نحو باقي الوطن، وهو نفس منطق بلاد السيبة، الي اعتمد في السابق، فهو إذن حساب تاكتيكي، وليس مبدئيا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'انتفاضة الريف 1958.. نهاية حلم الخطابي'.. كتاب يسلط الضوء على الصراع بين رؤية الخطابي وتسوية الحركة الوطنية
'انتفاضة الريف 1958.. نهاية حلم الخطابي'.. كتاب يسلط الضوء على الصراع بين رؤية الخطابي وتسوية الحركة الوطنية

لكم

time٠٩-٠٨-٢٠٢٥

  • لكم

'انتفاضة الريف 1958.. نهاية حلم الخطابي'.. كتاب يسلط الضوء على الصراع بين رؤية الخطابي وتسوية الحركة الوطنية

صدر حديثًا عن دار النشر سيلكي أخوين مؤلَّف جديد للباحث مصطفى أعراب بعنوان 'انتفاضة الريف 1958، نهاية حلم الخطابي'، في 212 صفحة من الحجم العادي. يتناول الكتاب إحدى أكثر الفترات تعقيدًا في تاريخ المغرب الحديث، مرحلة ما قبل وما بعد الاستقلال، من خلال تسليط الضوء على الدور المحوري لمحمد بن عبد الكريم الخطابي، والصراع الذي احتدم بين مشروعين لمستقبل البلاد: مشروع الحركة الوطنية المرتبط بالتسوية مع فرنسا، ومشروع الخطابي الداعي إلى التحرير الكامل دون قيد أو شرط. يعرض المؤلف خلفيات الصراع بين القوى الوطنية وحلفائها الاستعماريين، والمناورة الفرنسية التي رعتها حكومة إدغار فور لتطويق الخطر الثوري القادم من القاهرة، حيث كان الخطابي ينشط سياسيًا وعسكريًا إلى جانب مناضلين مغاربة وتونسيين وجزائريين. كما يوثق لسياقات اندلاع انتفاضة الريف سنة 1958، التي كانت بمثابة محاولة ثانية لاستكمال مشروع التحرير بعد تجربة 1921-1926. يأتي هذا الإصدار ليغني رصيد الكتابة التاريخية حول الريف، مؤكدًا على أهمية قضايا الذاكرة والتاريخ في حفظ الوعي الجماعي وصون إرث المقاومة، بما يتيح للأجيال الجديدة قراءة أحداث الماضي بعيدًا عن الروايات الرسمية الناقصة أو الموجهة.

بعد مائة عام من صدوره.. كتاب 'فرنسا إسبانيا وحرب الريف' يصدر لأول مرة بالعربية
بعد مائة عام من صدوره.. كتاب 'فرنسا إسبانيا وحرب الريف' يصدر لأول مرة بالعربية

ناظور سيتي

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • ناظور سيتي

بعد مائة عام من صدوره.. كتاب 'فرنسا إسبانيا وحرب الريف' يصدر لأول مرة بالعربية

المزيد من الأخبار بعد مائة عام من صدوره.. كتاب 'فرنسا إسبانيا وحرب الريف' يصدر لأول مرة بالعربية ناظورسيتي: صدر حديثاً عن مركز جسور للدراسات التاريخية والاجتماعية عمل تاريخي بالغ الأهمية في سياق الذاكرة الجماعية الريفية والمغربية، ويتعلق الأمر بالترجمة العربية لكتاب 'فرنسا، إسبانيا وحرب الريف' للكاتب والصحافي البريطاني الشهير والتر هاريس، وهي الترجمة الرابعة للباحث والمترجم حسن الزكري، الذي سبق أن أخرج إلى القارئ العربي أعمالاً أخرى للمؤلف ذاته، مثل 'المغرب الذي كان' و*'أرض سلطان إفريقي'*. يكتسي هذا الإصدار طابعًا خاصًا، كونه لا يسلط الضوء فقط على تفاصيل واحدة من أكثر الحروب استعصاءً في التاريخ الاستعماري بشمال إفريقيا، بل لأنه كُتب بعيون شاهد عيان كان في قلب الأحداث، يراسل من المغرب صحيفة التايمز البريطانية، ويلتقي وجهاً لوجه بأبطال الصراع من الجانبين. كتاب خطير بلغة المؤرخ المعاصر نُشر الكتاب لأول مرة سنة 1927، بعد عام واحد فقط من نهاية حرب الريف التي هزّت 'دعائم إمبراطوريتين مزدوجتين' كما وصفها المؤرخ المغربي جرمان عياش في كتابه 'أصول حرب الريف'. ويمثل بذلك توثيقًا مباشرًا للحرب من داخل الميدان، من خلال قلم رجل عرف المغرب عن قرب، وعاش فيه منذ 1887، بل وكان شاهدًا على دخول الاستعمار، وأحد أهم الأصوات الصحفية التي رسمت صورة المغرب في المخيال الغربي قبل وبعد الحماية. يتكوّن الكتاب من 13 فصلًا تغوص في خلفيات النزاع الاستعماري حول المغرب، متتبعةً سلسلة الأحداث التي مهدت للحرب، من الاتفاق الودي الفرنسي-البريطاني سنة 1904، إلى تدخلات فرنسا وإسبانيا في الريف، وصولاً إلى الإنزال العسكري المشترك في ساحل الحسيمة سنة 1925. تفاصيل الحرب وتكالب القوى الكبرى يتناول هاريس بدايات التدخل الإسباني في الشمال، والمصاعب التي واجهتها القوات الإسبانية أمام مقاومة الريفيين بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي، مسلطاً الضوء على كارثة أنوال التي هزّت إسبانيا، ثم ينتقل إلى الحديث عن منطقة جبالة وزعيمها الشهير أحمد الريسوني، والعلاقات المعقدة بينه وبين الإسبان، وكذلك حصار مدينة شفشاون من قبل القوات الريفية. ويُفرد المؤلف مساحة مهمة للتدخل الفرنسي، بدءًا من معاهدة الحماية سنة 1912، ومروراً بتعيين اليوطي كمقيم عام، ومساهمته في تأسيس إدارة مركزية حديثة، وصولاً إلى المعركة الشهيرة في نهر ورغة بين القوات الفرنسية ومقاتلي الريف سنة 1925. كما يتوقف عند مفاوضات مؤتمر وجدة، الذي فشل بسبب تعنت الفرنسيين والإسبان، وانتهى بتشكيل تحالف عسكري بينهما للقضاء على جمهورية الريف. محمد بن عبد الكريم: 'الخصم الشرير' في عيون هاريس الكتاب يحمل نبرة أكثر جدية من مؤلفات هاريس السابقة، ويتخلى عن أسلوبه الساخر المعروف، ليحل محله سرد تحليلي صلب، تُقدَّم فيه شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي بوصفه 'الخصم الشرير'، مدفوعاً، حسب هاريس، برغبة في الانتقام من إسبانيا بعد سجنه في مليلية. ويرى هاريس أن انتصار الخطابي كان سيقود إلى مستقبل غامض للريف، مفضلاً 'الحداثة الاستعمارية' التي مثلتها فرنسا وإسبانيا. لكن في المقابل، يتجاهل هاريس بشكل لافت الإصلاحات المؤسساتية التي قام بها الزعيم الريفي في إطار مشروعه الجمهوري، والتي مهّدت لما سيعرف لاحقًا بالحركة الوطنية المغربية. قيمة الترجمة وسياقها تبرز أهمية الترجمة التي أنجزها الزكري في قدرتها على إعادة هذا العمل إلى الضوء بعد قرن على صدوره، في ظرفية لا تزال فيها حرب الريف تشكّل واحدة من أكثر فصول التاريخ المغربي إثارة للجدل، والتأمل، والتحليل. وقد حرص الزكري، وفق ما كتبه، على إبراز نظرة هاريس كمؤرخ معاصر يوثق الحدث من قلبه، ويرافقه بمراسلات وصور نادرة، من بينها مراسلات شخصية مع الزعيم الخطابي. وتفتح الترجمة المجال أمام الباحثين وعموم القرّاء لفهم أعمق للديناميات الاجتماعية والسياسية التي صنعت تلك المرحلة، ولتمثلات الغرب حيال الريف وأبطاله، وللصورة التي رسمتها الصحافة الغربية لمغرب في قبضة الاستعمار والصراع المسلح. من هو والتر هاريس؟ ولد والتر هاريس سنة 1866 بلندن، وبدأ الترحال في سن مبكرة قبل أن يحط رحاله بالمغرب سنة 1887، حيث استقر بمدينة طنجة التي ظلت مقره حتى وفاته سنة 1933. وكان هاريس مراسلًا لصحيفة التايمز، يتمتع بعلاقات وثيقة مع دوائر القرار في المغرب وبريطانيا وفرنسا، وكان صديقًا لآخر سلاطين المغرب المستقل، وفي الآن ذاته على صلة وطيدة بالريسوني، واليوطي، وبن عبد الكريم، ما جعله مصدرًا فريدًا لتوثيق الحقبة. كتب هاريس عدة مؤلفات عن المغرب، من أبرزها: 'المغرب الذي كان' (1921)، و*'أرض سلطان إفريقي'* (1889)، وها هو عمله الأهم والأخير 'فرنسا، إسبانيا وحرب الريف' يعود اليوم في حلة عربية راقية عبر جهود الأستاذ حسن الزكري. أخيرا.. هذا الإصدار ليس مجرد ترجمة لكتاب، بل هو استعادة لذاكرة تاريخية منسية، ورؤية جديدة لحدث هزّ شمال المغرب وغير مجرى تاريخه، بقلم رجل كان هناك، في قلب الحدث. ومن خلال هذه الترجمة، يقدم حسن الزكري خدمة جليلة للباحثين والقراء في المغرب والعالم العربي، بفتح نافذة نادرة على أحد أكثر فصول التاريخ المغربي تعقيدًا وغموضًا

الجاسوس البريطاني الذي هاجم الخطابي: فضح أخطر أسرار حرب الريف؟
الجاسوس البريطاني الذي هاجم الخطابي: فضح أخطر أسرار حرب الريف؟

أريفينو.نت

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • أريفينو.نت

الجاسوس البريطاني الذي هاجم الخطابي: فضح أخطر أسرار حرب الريف؟

أريفينو.نت/خاص صدر حديثاً عن منشورات 'مركز جسور للدراسات التاريخية والاجتماعية' عمل تاريخي بالغ الأهمية، يتمثل في الترجمة العربية لكتاب 'فرنسا وإسبانيا وحرب الريف' للكاتب والصحافي الإنجليزي الشهير والتر هاريس. تأتي هذه الترجمة، التي أنجزها الباحث والمترجم القدير حسن الزكري، بعد قرابة قرن كامل على صدور الطبعة الأصلية للكتاب باللغة الإنجليزية، لتتيح للقارئ العربي فرصة نادرة للغوص في تفاصيل حقبة مفصلية من تاريخ المغرب. شهادة أجنبي من قلب المعارك: هاريس يفكك ألغاز حرب الريف يُعتبر هذا الكتاب، المكون من ثلاثة عشر فصلاً، شهادة حية ومباشرة من عين مراقب أجنبي كان خبيراً بدهاليز السياسة المغربية وأوضاعها الداخلية. يستعرض هاريس في فصوله الأولى بذور الصراع الأوروبي حول المغرب قبيل فرض الحماية، مركزاً بشكل خاص على 'الاتفاق الودي' بين فرنسا وإنجلترا عام 1904، الذي يراه المؤلف أساس كل الترتيبات اللاحقة المتعلقة بمناطق النفوذ في المملكة. ينتقل بعدها لتقديم صورة بانورامية لمنطقة الريف، بجغرافيتها وتاريخها وخصائص سكانها وتقاليدهم وعلاقتهم بالسلطة. من أنوال إلى إنزال الحسيمة: فصول المواجهة الدامية يتعمق الكتاب في تفاصيل التدخل الإسباني في شمال المغرب، وتحديداً في الريف، مسلطاً الضوء على المصاعب الجمة التي واجهها الإسبان، والتي تُوجت بكارثة أنوال على يد القائد محمد بن عبد الكريم الخطابي وتداعياتها المدوية. كما يتناول هاريس منطقة جبالة، وطبائع أهلها، والعلاقة الملتبسة التي جمعتهم بالإسبان وبزعيمهم الشهير أحمد الريسوني، والتي تأرجحت بين المواجهة والمهادنة. ولا يغفل الكتاب حصار شفشاون من قِبل الريفيين، والجهود الإسبانية المضنية لفك الحصار والانسحاب منها، وما تكبدوه من خسائر فادحة، وصولاً إلى عملية إنزال القوات الإسبانية، بقيادة الجنرالين بريمو دي ريبيرا وخوسي سانخورخو وبدعم فرنسي، بساحل الحسيمة في 8 شتنبر 1925، والتي اعتُبرت أول عملية إنزال بحري من نوعها في التاريخ العسكري، بهدف حسم الحرب. ليوطي والفرنسيون: وجه آخر للاستعمار والمواجهة يخصص هاريس جزءاً من كتابه لبدايات التدخل الفرنسي، وتوقيع معاهدة الحماية عام 1912، والدور المحوري للمارشال ليوطي كأول مقيم عام في تنفيذ السياسة الاستعمارية الفرنسية وتحديث هياكل الدولة المغربية. كما يوثق الكتاب توغل الفرنسيين داخل البلاد واصطدامهم بالقبائل الريفية، مما أدى إلى مواجهة عسكرية طاحنة عند نهر ورغة بين ربيع وصيف 1925، انتهت بانسحاب الفرنسيين من المنطقة. ويتطرق الكتاب أيضاً إلى المفاوضات الشاقة بين الإسبان والفرنسيين من جهة والحكومة الريفية من جهة أخرى، وفشل مؤتمر وجدة بسبب رفض الريفيين للشروط المجحفة، وما تلا ذلك من تحالف استعماري أفضى إلى الهجوم الكاسح على معاقل المقاومة في الريف، والاستيلاء على تاركيست، معقل الخطابي، واستسلام الأخير ونفيه. نظرة معاصرة وتحيزات مؤرخ: لماذا 'شرير' الكتاب هو الخطابي؟ نُشر كتاب 'فرنسا وإسبانيا وحرب الريف' عام 1927، أي بعد عام واحد فقط من انتهاء الحرب، مما يمنحه قيمة وثائقية فريدة كونه يقدم رؤية معاصرة للأحداث. وتكمن أهميته الإضافية في العلاقات الشخصية التي ربطت هاريس بأطراف النزاع، ولقاءاته ومراسلاته معهم، وخاصة مع الزعيم الخطابي، والتي ضمن صوراً لبعضها في طبعته الأصلية. إلا أن هذا الكتاب، الذي يُعد آخر ما كتبه هاريس عن المغرب، يختلف في طبيعته عن أعماله السابقة مثل 'المغرب الذي كان' و'أرض سلطان إفريقي'. فقد اختفى فيه الأسلوب الهزلي ليحل محله سرد تاريخي وتحليلي جاد. المثير للجدل أن هاريس، في هذا الكتاب، يصور محمد بن عبد الكريم الخطابي كـ'شرير' القصة، مدفوعاً، حسب زعمه، برغبة شخصية بحتة في الانتقام من إسبانيا بعد سجنه في مليلية. ويجادل بأن مستقبل الريف كان أفضل مع 'القوة التقدمية والحديثة' للحماية الفرنسية أو الإسبانية، متجاهلاً، كما يبدو، الإصلاحات التحديثية التي أدخلها الخطابي في الريف والتي مهدت للحركة الوطنية. ورغم جدية الكتاب، تظل تحيزات هاريس وافتراضاته حول تفوق الحضارة الأوروبية واضحة. والتر هاريس: الصحفي، الرحالة، وشاهد العصر ولد والتر هاريس في لندن عام 1866، وبدأ رحلاته في سن مبكرة قبل أن يستقر في المغرب عام 1887، حيث عمل مراسلاً لصحيفة 'التايمز' لعقود. قضى هاريس معظم حياته في طنجة، وحظي بمكانة مؤثرة في الأوساط الغربية كشاهد عيان على مغرب ما قبل الاستعمار وفي أثنائه. كان مقرباً من آخر سلاطين المغرب المستقل، وفي الوقت ذاته على علاقة وطيدة بالريسوني، كما شارك في الاتصالات خلال المراحل الأخيرة من حرب الريف، وارتبط بعلاقات ودية مع المارشال ليوطي ومسؤولين بريطانيين. توفي هاريس عام 1933 ودُفن في طنجة، تاركاً وراءه إرثاً من الكتابات التي لا تزال تثير النقاش والبحث. وتُعد هذه الترجمة الجديدة لحسن الزكري، وهي رابع عمل له يترجمه لهاريس، إضافة قيمة للمكتبة العربية وللباحثين والمهتمين بتاريخ المغرب المعاصر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store