logo
هل تسلم أوروبا مفاتيح مجدها الصناعي للصين؟

هل تسلم أوروبا مفاتيح مجدها الصناعي للصين؟

سكاي نيوز عربيةمنذ يوم واحد

في حديث لبرنامج " بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، قدم رئيس رابطة مصنعي السيارات في مصر، خالد سعد، تحليلاً دقيقاً لأسباب الانهيار، مشخّصاً أزمة مركبة تتقاطع فيها عوامل السياسة الدولية، وأعباء التشغيل، وتغير سلوك المستهلك. ويأتي هذا في وقت كشف فيه تقرير أوروبي عن خطة لشطب أكثر من 87 ألف وظيفة في صناعة السيارات خلال السنوات الخمس المقبلة.
تسونامي الإقالات.. نزيف في قلب الصناعة
تشير الأرقام إلى أن شركات أوروبية عملاقة مثل فولكس فاغن ودايملر تتجه إلى شطب عشرات آلاف الوظائف. وحدها فولكس فاغن تعتزم تسريح 35 ألف موظف بحلول 2030، فيما ستشطب دايملر نحو 28 ألف وظيفة. وفي المجمل، تخطط صناعة السيارات الأوروبية للاستغناء عن 87,300 وظيفة، في محاولة لخفض التكاليف وسط منافسة محتدمة.
يرى خالد سعد أن " العمالة في أوروبا مرتفعة أسعارها بشكل مستفز"، ويضيف أن كلفة التوظيف تمثل عبئاً ضخماً على المصانع الأوروبية مقارنة بنظيرتها في آسيا، وعلى رأسها الصين. "نحن نتحدث عن فجوة في تكاليف التشغيل تتجاوز 40% في بعض الحالات"، بحسب سعد.
غزو الصين.. السيارة الذكية على أربع عجلات
أنتجت الصين وحدها خلال عام 2024، نحو 31 مليون سيارة، أي ما يعادل تقريباً إنتاج أوروبا والولايات المتحدة واليابان مجتمعة. وتُظهر الإحصاءات أن الصين لم تكتفِ بالكم، بل تتفوق أيضاً في الكيف: سيارات كهربائية مزودة بذكاء اصطناعي، وسعر تنافسي، ومواصفات تلبي تطلعات المستهلك العصري.
يقول خالد سعد: "الصين الآن لم تعد تصنع سيارات فقط، بل أجهزة ذكية تمشي على أربع عجلات. الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم 40% من مكونات السيارة الصينية ، بينما لا تزال الشركات الأوروبية تصر على نفس النمط التقليدي الذي لم يعد يثير اهتمام المستهلك الحديث".
وبحسب سعد، فإن المستهلك لم يعد يبحث عن علامة تجارية عريقة، بل عن سيارة تقدم له "كل ما يحتاجه من راحة وأمان واتصال وتقنيات، دون معاناة في الاستخدام".
أزمة المعادن النادرة.. منجم الهيمنة الصيني
الضربة القاصمة جاءت من بكين عندما فرضت قيوداً على تصدير 7 من أهم المعادن النادرة ، التي تمثل العمود الفقري لصناعة السيارات الكهربائية. وتلبي الصين أكثر من 90% من الطلب العالمي على هذه المعادن.
هذه الخطوة، وفقاً لتقديرات خبراء الصناعة، تهدد بشلّ خطوط الإنتاج الأوروبية بالكامل. يقول خالد سعد إن هذه الأزمة وحدها قد "تؤخر أوروبا سنوات في سباق التحول إلى المركبات الكهربائية"، ويضيف: "كل هذه العوامل تدفعنا إلى اعتبار الغزو الصيني بمثابة حرب اقتصادية شاملة على الغرب".
ترامب والرسوم.. السلاح الجمركي يعود
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الحديد والصلب والألمنيوم إلى 50%، بدعوى حماية الأمن القومي الأمريكي. ورغم منح استثناءات محدودة، فإن السيارات الأوروبية ستكون من أكبر المتضررين.
تُظهر التقديرات أن هذه الرسوم قد ترفع سعر بعض السيارات الأوروبية في السوق الأمريكية بنحو 20 ألف دولار، ما يعني خسائر سنوية تتجاوز 30 مليار دولار لهذا القطاع فقط.
وفي هذا السياق، يعلق خالد سعد قائلاً: "العقوبات التجارية من أمريكا والضرائب الجديدة أصبحت عبئاً مزمناً على الصناعة الأوروبية، وجعلت من التصدير إلى الولايات المتحدة مخاطرة غير محمودة العواقب".
فشل الاندماجات.. غياب الرؤية الجماعية
رغم تحذيرات الخبراء بضرورة إجراء اندماجات بين كبرى شركات السيارات الأوروبية لمواجهة التحديات، فإن هذه الخطوة لا تزال متأخرة. يحذر خالد سعد من أن تجاهل خيار الاندماجات سيكون بمثابة انتحار اقتصادي للصناعة الأوروبية، ويقول: "لو كل شركة قررت تواجه الغزو الصيني بمفردها، فالخسائر ستكون كارثية. لا بد من اندماجات واسعة وعاجلة لتقليل الكلفة وزيادة القدرة التنافسية".
ويتابع: "الصين الآن تدخل إلى أوروبا ليس فقط من خلال التصدير، بل أيضاً عبر الاستثمار وإقامة مصانع داخل القارة، مما يمنحها مزايا تنافسية مزدوجة. وبالتالي، على أوروبا أن ترد بنفس المنهجية، وإلا فإنها تخسر السباق".
في خضم هذه الأزمة، تبدو أوروبا وكأنها تركض خلف قطار التحول الكهربائي بعدما انطلق بالفعل. فتكلفة إنتاج السيارة الكهربائية في أوروبا تفوق نظيرتها الصينية بنسبة تتراوح بين 30 و40%، ما يضع الشركات الأوروبية في مأزق حقيقي.
"السوق العالمي الآن يتجه بالكامل نحو الكهرباء، لكن أوروبا لا تزال متأخرة"، يقول خالد سعد، ويضيف: "لا يمكننا الحديث عن منافسة حقيقية ما دامت تكلفة التصنيع مرتفعة، ومصادر المواد الأولية مهددة، والتكنولوجيا متأخرة عن الصين بسنوات".
بحسب البيانات الأوروبية:
يمثل قطاع السيارات 7% من الناتج المحلي الأوروبي.
تصل إيراداته إلى نحو تريليون دولار في عام 2024.
يوفر وظائف مباشرة وغير مباشرة لنحو 14 مليون شخص.
لكن في ظل هذه المعطيات، يبدو أن هذا القطاع يقف عند مفترق طرق: إما أن ينهض برؤية جماعية واستراتيجية عصرية، أو ينهار تحت عجلات المنافسة الصينية والضغوط الأمريكية.
الأزمة التي تضرب صناعة السيارات الأوروبية اليوم ليست مجرد أزمة تكلفة أو طاقة أو ضرائب، بل هي أزمة هوية صناعية وتنافسية عالمية. التصريحات الجريئة والواضحة من رئيس رابطة مصنعي السيارات في مصر، خالد سعد، تكشف عمق الأزمة وتشخّص عناصرها بدقة.
لقد ولّى زمن تفوق العلامات الأوروبية العريقة وحده، وجاء عصر الذكاء الاصطناعي والاندماج الصناعي والابتكار المتكامل. المستقبل لا ينتظر المترددين، وأوروبا مطالبة الآن – أكثر من أي وقت مضى – باتخاذ قرارات استراتيجية جريئة، تضمن لها البقاء على خريطة صناعة السيارات العالمية.
فهل تتحرك أوروبا قبل فوات الأوان، أم نكون شهوداً على نهاية أسطورة السيارات الأوروبية؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دعوات في ألمانيا لإعادة فرض التجنيد الإجباري في الجيش
دعوات في ألمانيا لإعادة فرض التجنيد الإجباري في الجيش

الإمارات اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • الإمارات اليوم

دعوات في ألمانيا لإعادة فرض التجنيد الإجباري في الجيش

دعا رئيس رابطة الجيش الألماني، أندريه فوستنر، إلى إعادة فرض التجنيد الإجباري لمواجهة المتطلبات الدفاعية الجديدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي تستلزم إضافة ما يصل إلى 60 ألف جندي نشط إلى قوام الجيش الألماني. وأعرب فوستنر، في مقابلة مع إذاعة "دويتشلند فونك" أوردتها وكالة الأنباء الألمانية اليوم، عن شكوكه في إمكانية تحقيق هذا الهدف الضخم عبر التطوع وحده، مطالبا الائتلاف الحكومي بتمهيد الطريق لعودة محتملة للتجنيد. وكان وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، أكد حاجة الجيش لهذا العدد الإضافي من القوات. وشدد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، على أن "الحلف بحاجة إلى المزيد من القوات والقدرات لتنفيذ خططه الدفاعية بالكامل"، محدداً أولويات تتمثل في الدفاع الجوي والصاروخي، والأسلحة بعيدة المدى، ووحدات كبيرة من القوات البرية.

روسيا: يمكن إعادة أو استخدام وقود أميركا النووي في زابوريجيا
روسيا: يمكن إعادة أو استخدام وقود أميركا النووي في زابوريجيا

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

روسيا: يمكن إعادة أو استخدام وقود أميركا النووي في زابوريجيا

وأضاف ليخاتشوف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن تضطلع بدور الوساطة لحل هذه المسألة الحساسة، مشيراً إلى أن الجانبين يبحثان آليات محتملة للتعامل مع هذا الملف. وجاءت هذه التصريحات عقب لقاء جمع ليخاتشوف بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي ، الذي قال بدوره في تصريحات تلفزيونية إن الوكالة، التابعة للأمم المتحدة، مستعدة للقيام بدور الوسيط لتيسير معالجة الوضع في محطة زابوريجيا ، التي تُعد الأكبر من نوعها في أوروبا. زابوريجيا تحت السيطرة الروسية ومصدر قلق دولي تقع محطة زابوريجيا النووية جنوب شرق أوكرانيا ، وهي أكبر منشأة نووية في أوروبا، وتضم ستة مفاعلات نووية. ومنذ مارس 2022، تخضع المحطة لسيطرة القوات الروسية، رغم أنها لا تزال مملوكة من الناحية القانونية لشركة " إنيرغوأتوم" الأوكرانية. وكانت شركة " ويستنغهاوس" الأميركية قد بدأت في تزويد أوكرانيا بالوقود النووي منذ عام 2014 كجزء من مساعي كييف لتقليص اعتمادها على الوقود الروسي، وتم تزويد بعض مفاعلات زابوريجيا بالفعل بوقود أميركي قبل اندلاع الحرب. لكن سيطرة روسيا على المحطة خلقت وضعاً غير مسبوق من الناحية التقنية واللوجستية، حيث بات الوقود الأميركي تحت إشراف روسي، ما يثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية وسلامة تشغيل المفاعلات. مخاوف أمنية وتوترات مستمرة حول الموقع وقد حذّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مراراً من مخاطر محتملة على سلامة المحطة في ظل القصف المتبادل بالقرب منها، وحثت الجانبين الروسي والأوكراني على ضمان عدم تعريضها لأعمال عسكرية. ويقوم خبراء من الوكالة حالياً بزيارات دورية للمحطة لمراقبة وضعها الفني وضمان التزامها بالمعايير الدولية للسلامة النووية. وفي تقريرها الصادر في مايو 2024، أكدت الوكالة وجود مستويات مقبولة من الإشراف الفني داخل المنشأة، لكنها أبدت قلقاً من استمرار الوجود العسكري وتأثيره على بيئة العمل وعمليات الصيانة. البُعد السياسي للمقترح الروسي يشير مقترح "روساتوم" باستخدام الوقود الأميركي أو إعادته إلى واشنطن إلى محاولة لتقليل المخاطر السياسية والتقنية المرتبطة بالمحطة، وقد يمهد لمزيد من التعاون الفني بين الأطراف المعنية. ومع ذلك، تبقى الخطوة مرهونة بموافقة الجانب الأميركي والأوكراني، كما تعتمد على صيغة توافقية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ويأتي هذا التطور في وقت تتزايد فيه المخاوف من استخدام المواقع النووية كورقة تفاوض في النزاع الروسي الأوكراني. وفي وقت سابق، أكدت تقارير لوكالة "رويترز" و"نيويورك تايمز" أن البنية التحتية النووية في أوكرانيا باتت من أبرز بؤر القلق في النزاع، خصوصاً بعد تكرار الاتهامات المتبادلة حول استهداف منشآت محيطة بمحطة زابوريجيا.

الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة خلال شهر مايو
الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة خلال شهر مايو

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

الاقتصاد الأميركي يضيف 139 ألف وظيفة خلال شهر مايو

واستقر معدل البطالة عند 4.2 بالمئة للشهر الثالث على التوالي، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في سوق العمل رغم التحديات الاقتصادية المستمرة. تباطؤ في نمو الوظائف وسط تحديات اقتصادية على الرغم من تجاوز عدد الوظائف المضافة للتوقعات، إلا أن وتيرة النمو تباطأت مقارنة بالشهور السابقة. فقد تم تعديل بيانات أبريل بالخفض إلى 147 ألف وظيفة، بعد أن كانت 177 ألفًا، مما يشير إلى تباطؤ في سوق العمل. هذا التباطؤ يُعزى جزئيًا إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي الناتجة عن السياسات التجارية والرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب ، والتي أثرت على خطط التوظيف لدى الشركات. أداء متباين للقطاعات الاقتصادية شهدت بعض القطاعات زيادات ملحوظة في التوظيف، حيث أضاف قطاع الرعاية الصحية 62 ألف وظيفة، وقطاع الترفيه والضيافة 48 ألفًا، والخدمات الاجتماعية 16 ألفًا. في المقابل، فقد القطاع الحكومي الفيدرالي 22 ألف وظيفة، مما يعكس تأثيرات تقليص الميزانية والتغييرات الإدارية. تأثيرات السياسات التجارية والمالية تسببت السياسات التجارية، بما في ذلك الرسوم الجمركية المرتفعة، في خلق حالة من عدم اليقين لدى الشركات، مما أدى إلى تباطؤ في قرارات التوظيف. كما أن التوترات السياسية بين الرئيس ترامب ورجال الأعمال البارزين، مثل إيلون ماسك ، ساهمت في زيادة الضغوط على الأسواق والشركات، مما أثر على خطط التوظيف والاستثمار. توقعات السياسة النقدية مع استمرار تباطؤ نمو الوظائف واستقرار معدل البطالة، يتوقع المحللون أن يحتفظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي بأسعار الفائدة الحالية في اجتماعه المقبل، مع إمكانية النظر في تخفيضها لاحقًا هذا العام إذا استمر التباطؤ الاقتصادي. هذا التوجه يأتي وسط ضغوط من الإدارة الأميركية لخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي. نظرة مستقبلية رغم التحديات، يرى الخبراء أن سوق العمل الأميركية لا تزال تظهر مرونة نسبية، ومع ذلك، فإن استمرار التوترات التجارية والسياسات الاقتصادية غير المستقرة قد يؤدي إلى مزيد من التباطؤ في التوظيف والنمو الاقتصادي في الأشهر المقبلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store