لماذا عاد الحديث يتردد عن ضرب إيران؟
بالرغم من أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي سارع إلى نفي التقرير الذي ورد في صحيفة «نيويورك تايمز» من أن هناك تقارير استخبارية تفيد بأن دولة الاحتلال «تفكر» بتوجيه ضربة «محدودة» لبعض المفاعلات النووية الإيرانية دون حصولها على إذن مسبق من الولايات المتحدة، إلّا أن وجود شخصيات كبيرة إسرائيلية هذه الأيام في واشنطن يوحي بأن تلك التقارير ليست مجرد تكهنات أو إشاعات.
فوجود رئيس جهاز «الموساد»، وعدة مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار لا بدّ وأن يعكس صحة الأنباء التي وردت في تلك التقارير أو بعضها على الأقل.
وحتى لو أن مكتب نتنياهو هو الذي سرّب التقرير إلى الصحيفة الأميركية، وهو نفسه الذي نفى الخبر، فإن هذا يعني أن «الحوار» الدائر في واشنطن هو حول الملف النووي الإيراني، وربما، أيضاً، حول مقترحات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
لهذا فإن الحديث حول «ضربة» محدودة، ومنفردة هو حديث لا يحتمل «اللعب»، وهو يمكن أن ينطوي على خطورة كبيرة على كل حال.
لنبدأ بالسؤال الخاص حول قدرة دولة الاحتلال على الوصول إلى بعض المفاعلات النووية الإيرانية وتدميرها.
من الزاوية الفنية، الجواب هو: نعم.
والسبب هو أن دونالد ترامب كان في بداية تولّيه لمنصبه في بداية العام الجاري قد قام بالإفراج عن تقنيات خاصة ترتبط بقدرات طائرات «اف 35»، كما أفرج عن بعض القذائف الخاصة باختراق التحصينات كانت إدارة سلفه جو بايدن قد أوقفت تزويد دولة الاحتلال بها، وبهذا فإن لدى الأخيرة الآن مثل هذه القدرة الفنية.
وإذا أضفنا إلى ذلك التدريبات و»المحاكاة» التي أجرتها دولة الاحتلال على مثل هذا النوع من العمليات فإن المسألة الفنية لم تعد عائقاً حقيقياً على القدرة الإسرائيلية على هذا الصعيد.
أما لماذا محدودة فالمسألة كما هو معروف لا يتم حلها مهما كانت مناطق الاستهداف محدودة إلّا من خلال عشرات الغارات المتواصلة، وربما لعدة أيام متواصلة، ولا يمكن الحديث عن تحقيق أهداف «الضربة» المحدودة من خلال غارة أو عدة غارات فقط، وذلك لأن اختراق التحصينات يحتاج إلى عدة مراحل، خصوصاً وأن المفاعلات النووية الإيرانية هي من أكثر المفاعلات النووية تحصينا في العالم بسبب عدم قدرة إيران على حمايتها بالكامل بوساطة الدفاعات الجوية.
طبعاً إذا كان التسريب هو إسرائيلي، أو أنّ الاستخبارات الأميركية هي التي سرّبت الخبر لتحذير دولة الاحتلال، ولإفهامها بأن اللعب بهذا الملف هو لعب خطير، وله عواقب خطيرة فليس هناك فرق جوهري في الواقع، لأن اللعب هنا لم يعد سرّاً، والمسألة باتت تُلعب على المكشوف.
دولة الاحتلال تعرف أن المحادثات بين أميركا وإيران قطعت شوطاً كبيراً نحو اتفاق جديد، إمّا هو نهائي، أو اتفاق إطار هو بمثابة القواعد الناظمة لأي اتفاق تفصيلي قادم.
وتعرف دولة الاحتلال أن الشوط الذي قطعته المحادثات هو من «الخطورة» بمكان ــ من وجهة النظر الإسرائيلية ــ بحيث باتت المحادثات محصورة في نسب التخصيب، وبالمخزون مما تم تخصيبه حتى الآن.
معنى هذا الأمر هو أن إيران تستطيع في ظروف خاصة، وفي ظروف تعرّضها لهجمات عسكرية أو أمنية على منشآتها النووية أن تذهب مباشرة إلى تصنيع القنبلة النووية، والرؤوس النووية المحمّلة على طائرات أو على صواريخ باليستية كبيرة وخاصة.
لدى إيران طرق ومسالك مختلفة للوصول إلى هذا الهدف. فحسب المعلومات المعروفة لوكالة الطاقة الذرية تمتلك إيران الآن 70 كغم من اليورانيوم المخصّب.
إذا رفعت إيران نسبة التخصيب إلى 90% فإن كل قنبلة نووية تحتاج إلى 15 كغم لكل قنبلة، أي أن بمقدورها في هذه الحالة أن تصنع 4 قنابل في أي وقت تحدده هي.
وإذا أرادت أن تصنّع قنبلة نووية من خلال النسبة الحالية للتخصيب وهي 60% فإنها تستطيع إنتاج قنبلتين على الأقل، لأن الكمية التي لديها تكفي بواقع 30 كغم للقنبلة الواحدة.
وحتى لو عادت إيران إلى نسبة 20% من التخصيب فإنها تظلّ قادرة على إنتاج قنبلة إن هي أرادت لأن كل قنبلة تحتاج إلى 45 كغم.
وطالما أن المحادثات بين إيران وأميركا باتت تقتصر على «شكل» الضمانات التي ستقدمها إيران باتجاه عدم تحوّل برنامجها إلى الوجهة العسكرية، وليس إلى منع التخصيب، أو منع التخزين فإن الدولة العبرية في هذه الحالة تعتبر نفسها قد خسرت المعركة خسارة مدوّية.
أقصد أن الأخيرة الآن ليس لديها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي سوى أن تقبل بالضمانات التي ستقدّمها إيران في الاتفاقية الجديدة، أو أن تذهب هي بنفسها وتحاول تعطيل البرنامج كلّه، أو تخريب الاتفاق من خلال المراهنة على أن تقوم إيران بالرد الذي سيغيّر مسار البرنامج، وربما يغيّر مسار الوضع الإقليمي كلّه.
هذه هي المراهنة الإسرائيلية في حال إن كانت فعلاً تفكّر في توجيه «الضربة» التي أشارت إليها التقارير. لكن مشكلة دولة الاحتلال لا تقتصر على ذلك كلّه.
المشكلة أن برنامج الصواريخ الإيرانية هو جزء عضوي من مفهوم دولة الاحتلال لأمنها «القومي» من زاوية التهديد الذي تمثله إيران عليها.
وهذه المسألة بالذات لها في الواقع القائم اليوم عدّة أبعاد لعلّ من أهمها على الإطلاق هو أن أي تطوير للبرنامج النووي الإيراني بالاتجاه العسكري سيحتاج حتماً إلى منظومات صواريخ قادرة على الوصول إلى أهدافها، وقادرة قبل ذلك على أن تكون محمّلة بالرؤوس النووية.
كذلك فإن التطور الكبير الذي شهدته صناعة الصواريخ الإيرانية يبقى تطوراً «خطراً» حتى دون حمل الرؤوس النووية.
في هذا الإطار هنا كما هو معروف للمختصين والمتابعين منظومة «شهاب» بمستويات مختلفة.
دولة الاحتلال، بصرف النظر عن اعترافها العلني من عدمه تعرف أن هذه المنظومة في نسخها الحديثة، والحديثة جداً، قد وصلت إلى درجات متقدمة من السرعة والدقة والفعالية. وهذه المنظومات تشهد تسارعاً كبيراً في تطورها، وهي في حالة اندلاع حرب مفتوحة بين دولة الاحتلال وإيران ستكون من حيث دقة إصاباتها قادرة على «شلّ» الدولة العبرية لفترات قد لا تكون في مقدرتها على تحمّلها.
ولهذا فإن تحديدات «معهد الأمن القومي الإسرائيلي» ومنذ عدة سنوات، وبصورة متكرّرة، ودون أي استثناء بأن إيران هي التهديد «الوجودي» الأول ليست مسألة دعائية أو «سياسية»، أو للاستخدام السياسي أو التوظيف السياسي.
لا يمكن أن تبني دولة الاحتلال إستراتيجيتها الدفاعية، وخططها، ومشترياتها من السلاح، وإصرارها على امتلاك الأدوات والمعدات، والأسلحة الخاصة بشكل محدّد، والمصممة على أساس ما تمثله إيران من خطر وجودي على اعتبارات التوظيف السياسي أو الدعاية السياسية.
ولا يمكن أن تكون إستراتيجية دولة الاحتلال تتركّز على الأذرع الإيرانية، ويتم خوض الحروب، حرباً وراء أخرى من أجل «خداع» المجتمع الإسرائيلي، وخلق مناخ من المشاعر الجماهيرية بالأخطار.
ذلك لو أن المسألة كانت بهذه الأهداف، وفي هذا الإطار لما كانت الإستراتيجية الإسرائيلية على هذه الشاكلة من التركيز على الخطر الإيراني.
أقصد أن المؤسسات الإسرائيلية، ودون أي استثناء يذكر تجمع على هذا الخطر، وليس هناك في المنظومة السياسية والحزبية، ولا في المنظومات الأمنية والعسكرية من لا يرى مثل هذا الخطر. والخلاف أو الاختلاف الوحيد ليس على وجود الخطر، وإنما على الشكل الأمثل لمواجهته.
أما فيما يتعلق بالموقف الأميركي من هذه التسريبات فالأرجح أن ترامب لن يسمح لنتنياهو بتهديد خطط الإدارة الأميركية، والأرجح أن عواقب «الضربة المنفردة» مهما كانت محدودة ستؤدي إلى إعادة خلط أوراق الإقليم، ويمكن أن تراه الإدارة الأميركية محاولة إسرائيلية جديدة لجرّ أميركا إلى ساحة الصراع مع إيران من زاوية سياسة «الأمر الواقع» الذي تهدف دولة الاحتلال لفرضه على أجندة الإقليم، وهذا الأمر بحدّ ذاته لا يتوافق مع المصالح العليا لأميركا من زاوية رؤية إدارتها «الترامبية».
أما الحديث عن أن إدارة ترامب ربما ستسمح لدولة الاحتلال بأن تجرّب خطتها بمثل ضربة كهذه فهذه مسألة ساذجة تماماً إذا كانت صحيحة أو ممكنة، لأن الحظوظ والاحتمالات يمكن أن تلعبها الإدارة الأميركية في ملفّات، وفي ساحات أقلّ خطراً من ملف الصراع مع إيران.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جريدة الايام
منذ 8 ساعات
- جريدة الايام
هل تهاجم إسرائيل إيران رغم تحذيرات ترامب؟
قبل يومين، صرح الرئيس ترامب بأنه حث نتنياهو على عدم شن هجوم عسكري منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، قائلاً إنه أبلغ نتنياهو بأن «هذا سيكون غير مناسب الآن لأننا قريبون جداً من حل»، موضحاً ذلك بالقول: «إذا تمكنا من تسوية الأمر بوثيقة قوية مع عمليات تفتيش، فسيكون ذلك أفضل بكثير من القصف». لكن ترامب نفسه أضاف: «إن جميع الخيارات، بما في ذلك العمل العسكري، لا تزال مطروحة إذا فشلت المحادثات في منع إيران من تطوير أسلحة نووية». تأتي تصريحات ترامب العلنية بعدم رغبته في أن تقوم إسرائيل بعمل عسكري مُنفرد ضد منشآت إيران النووية عشية تقارير استخباراتية تُفيد بأن إسرائيل تُعد نفسها للقيام بذلك بصرف النظر عن نتائج المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، آخذين بعين الاعتبار أن هذه النتائج، أيا كانت، لن تكون قريبة مما تريده هي. إسرائيل تريد تفكيك البرنامج النووي الإيراني على الطريقة الليبية، بينما أكثر ما يُمكن أن تُقدمه إيران للولايات المتحدة هو اتفاق شبيه بما تم توقيعه مع الرئيس أوباما ومُلخصه تقليص قدراتها على تخصيب اليورانيوم إلى الحدود الدنيا، بالإضافة إلى تقليص عدد أجهزة الطرد المركزي لديها ومخزونها من اليورانيوم المُخصب، والسماح برقابة مشددة على برنامجها النووي، وكل ذلك مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. إسرائيل رفضت سابقاً اتفاقاً كهذا، وهي من حرض الرئيس ترامب في ولايته الأولى على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، لذلك من المؤكد أن إسرائيل اليوم لن تقبل باتفاق شبيه مع إيران حتى لو كان «بَطله» الرئيس ترامب، وحتى لو تضمن إجراءات رقابية أشد على البرنامج النووي الإيراني. هنا يُصبح السؤال الآتي مشروعاً: هل تهاجم إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية وحدها رغم تحذيرات الرئيس ترامب بعدم القيام بذلك؟ يجادل الخبراء في الشؤون الإسرائيلية بما يأتي: أولاً: إذا كانت الولايات المتحدة تعتبر القضية الفلسطينية شأناً داخلياً إسرائيلياً، وأن لها حرية التصرف في هذا الموضوع، فإن أيديها مُقيدة عندما تتعلق المسألة بالشرق الأوسط ككل لأن مصالح أميركا فيه لها الأولوية على المصالح الإسرائيلية. بمعنى يُمكن لدولة الاحتلال إبادة الشعب الفلسطيني دون أن يؤثر ذلك على علاقاتها مع أميركا، لكن لا يُمكنها التحرك ضد إيران دون رغبة أميركا أو موافقتها. ثانياً: يقول هؤلاء إن إسرائيل لا يُمكنها تدمير البرنامج النووي الإيراني وحدها، فهي لا تمتلك اللوجستيات الكافية والضرورية للقيام بذلك لأن تدمير هذا البرنامج لا يتوقف على «ضربة واحدة» تشنها الطائرات الإسرائيلية ولكن يحتاج إلى حملة جوية قد تستمر لمدة أسبوع، حتى تُؤتي هذه الضربات ثمارها وتحقق إلحاق أكبر دمار ممكن بهذا البرنامج. ولذلك فإن إسرائيل مُجبرة على الاعتماد على الولايات المتحدة للقيام بمثل هذه الحملة الجوية. ثالثاً: يقولون إن أميركا لن تسمح لإسرائيل بالقيام بالعمل ضد إيران بشكل مُنفرد لأن الأخيرة قد تَعتبر أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية هو هجوم مدعوم من الولايات المتحدة وهي بالتالي قد تستهدف القواعد العسكرية الأميركية الكثيرة في منطقة الخليج والقريبة من حدودها وهو ما لا تريده الولايات المتحدة. هذه الأطروحات وعلى أهميتها تفتقد لرؤية العديد من المتغيرات السياسية التي حدثت في العقدين الأخيرين في كل من إسرائيل والولايات المتحدة، والتي تُشير بوضوح إلى أن إسرائيل قادرة على فرض أجندتها على الولايات المتحدة. هذه المتغيرات تحتاج إلى المزيد من البحث لتدعيمها بالأدلة لكن شواهدها عديدة، ويمكن اختصارها هنا بالآتي: أولاً: في الولايات المتحدة، كما في أوروبا الغربية، لم تعد إسرائيل تكترث بصورتها «كدولة ديمقراطية حريصة على حقوق الإنسان» كما كان الحال في السابق. إسرائيل تعتمد اليوم بشكل كلي على عناصر الضغط التي راكمتها في الولايات المتحدة لتمرير سياساتها بما في ذلك نفوذها الكبير في الكونغرس، وفي مكتب الرئيس الأميركي نفسه، وفي مجالس النواب على مستوى الولايات، والتي تمكنها من فرض تشريعات لمصلحتها ومن التأثير على الرئيس الأميركي نفسه. لاحظوا مثلاً القرار الذي قام بتمريره الكونغرس في 25 تشرين الثاني 2023 بغالبية 412 مقابل 10 أصوات وامتناع 6 عن التصويت والذي يؤكد «على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ويدين هجمات حماس، ويُعبر عن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، بما في ذلك دعم الإمدادات الطارئة لها وزيادة العقوبات على إيران». هنالك عشرة تشريعات على الأقل في السنتين الأخيرتين مرت أو نوقشت في الكونغرس ضد إيران وهي تتراوح ما بين تعميق العقوبات الاقتصادية عليها والسماح للرئيس الأميركي بشن هجمات عسكرية عليها لمنعها من امتلاك سلاح نووي. لاحظوا أيضاً تصريحات ستيف ويتكوف المتناقضة، وهو المكلف من ترامب بالتفاوض مع إيران. هو من جهة قال إن الاتفاق مع إيران ممكن وقريب بعد الجولات الثلاث الأولى من المفاوضات، ثم عاد ليقول بعد أن طالبت إسرائيل بتفكيك البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين «إن أميركا لن تقبل إلا «بصفر» تخصيب في منشآت إيران النووية». لاحظوا أيضاً أن إسرائيل تحدت الرئيس أوباما ووقفت علناً ضد الاتفاق النووي الذي وقعه مع إيران ومنعت تمريره في الكونغرس، وأنها هي من أجبر الرئيس ترامب في ولايته الأولى على مغادرة هذا الاتفاق وفرض العقوبات الاقتصادية القصوى على إيران. حينها قال نتنياهو: «الخيار ليس بين الحرب والاتفاق ولكن هنالك طريق ثالث»، وهو خيار العقوبات القصوى. بالنظر إلى هذه الملاحظات والكثير غيرها ومثلها، لا يبدو لي أن الرئيس ترامب لديه «يد عليا» على إسرائيل يمكنه منعها من القيام بما تريد هي ضد إيران. على العكس، يبدو من المشاهدات السابقة أن ترامب لن يتمكن من فرض أي اتفاق يقوم به مع إيران على إسرائيل أو على الكونغرس (والأخير مطلب إيراني). ثانياً، المشهد الإسرائيلي تغير كثيراً. اليوم هنالك «عصابة دينية أيديولوجية « لها قواعد شعبية كبيرة تحكم إسرائيل ولديها غالبية مُستقرة في الكنيست الإسرائيلي حتى تشرين الأول 2026. هذه العصابة، وخصوصاً بعد السابع من أكتوبر، تريد بسط هيمنتها على الشرق الأوسط ككل. لقد صرح نتنياهو بذلك علناً وعلى الأرض هو يقوم بذلك. في فلسطين تستمر حرب الإبادة في غزة، وتستمر الحرب على المخيمات الفلسطينية في الضفة ومصادرة الأراضي فيها بشكل غير مسبوق. وفي لبنان تستمر إسرائيل بالقيام بضرباتها بشكل شبه يومي. وفي سورية تقوم إسرائيل بتوسيع احتلالها وبضرب ما تراه «تهديداً لأمنها»، وكل ذلك في ظل تأييد ودعم أميركي. السيطرة على الشرق الأوسط لا يمكنها أن تتم دون ضرب إيران وإخضاعها. بخلاف ذلك وفي نظر العصابة الحاكمة لإسرائيل اليوم، يُمكن لإيران إعادة بناء قوة «حزب الله» و»حماس» و»أنصار الله» وإعادة عجلة الساعة إلى ما قبل السابع من أكتوبر. فقط من خلال ضرب إيران وإخضاعها، في رأيهم، يُمكن لإسرائيل أن تحقق الهيمنة التي تريدها في المنطقة وعليها. ثالثاً، هنالك أخيراً بعد شخصي يتعلق بنتنياهو والعصابة التي يتحالف معها. السابع من أكتوبر، طوفان الأقصى، يُمثل الهزيمة الأكبر في تاريخ دولة الاحتلال منذ نشأتها، وقد حدث أثناء وجودهم هم في الحكم في إسرائيل. وبالتالي يرى نتنياهو والعصابة التي يحكم من خلالها، أن «الميراث السياسي» الذي يجب أن يتركوه ليس «الهزيمة» التي لحقت بهم في ذلك اليوم، ولكن «الأمن الكبير» التي أصبحت تنعم به إسرائيل من خلال «إبادة» أعدائها في غزة ولبنان، وتوسعة حدودها وتأمينها في سورية. والأهم من كل ذلك، من خلال تدمير البرنامج النووي الإيراني، وهو أهم إنجاز يمكن أن تُقدمه هذه العصابة لجمهورها ولمن يعارضونها في إسرائيل (ضرب إيران وتدمير برنامجها النووي هو أيضاً مطلب للمعارضة الإسرائيلية). وإذا تمكنت من ذلك، فهي لن تُغطي فقط، حسب اعتقادها، على هزيمة السابع من أكتوبر، ولكن ستضمن أن يُعاد انتخابها في السنة القادمة، وتتويج نتنياهو في التاريخ «ملكاً» لإسرائيل، تماماً مثل بن غوريون الذي أنشأها. كل ذلك يعني أن إسرائيل ستقوم بمهاجمة إيران وحدها بصرف النظر عن نتائج المفاوضات بين أميركا وإيران، وهي ستقوم بذلك سواء بالتنسيق مع إدارة ترامب أو بعكس إرادتها. بالتنسيق أفضل لها، لكن إذا كان ذلك غير ممكن فسيكون رغماً عنها، وهي مُطمئنة بما لها من نفوذ في واشنطن بأن أميركا «ستهرول» لنجدتها إن لم تتمكن من الانتصار على إيران وحدها.

جريدة الايام
منذ يوم واحد
- جريدة الايام
لماذا عاد الحديث يتردد عن ضرب إيران؟
بالرغم من أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي سارع إلى نفي التقرير الذي ورد في صحيفة «نيويورك تايمز» من أن هناك تقارير استخبارية تفيد بأن دولة الاحتلال «تفكر» بتوجيه ضربة «محدودة» لبعض المفاعلات النووية الإيرانية دون حصولها على إذن مسبق من الولايات المتحدة، إلّا أن وجود شخصيات كبيرة إسرائيلية هذه الأيام في واشنطن يوحي بأن تلك التقارير ليست مجرد تكهنات أو إشاعات. فوجود رئيس جهاز «الموساد»، وعدة مسؤولين أمنيين وعسكريين كبار لا بدّ وأن يعكس صحة الأنباء التي وردت في تلك التقارير أو بعضها على الأقل. وحتى لو أن مكتب نتنياهو هو الذي سرّب التقرير إلى الصحيفة الأميركية، وهو نفسه الذي نفى الخبر، فإن هذا يعني أن «الحوار» الدائر في واشنطن هو حول الملف النووي الإيراني، وربما، أيضاً، حول مقترحات وقف إطلاق النار في قطاع غزة. لهذا فإن الحديث حول «ضربة» محدودة، ومنفردة هو حديث لا يحتمل «اللعب»، وهو يمكن أن ينطوي على خطورة كبيرة على كل حال. لنبدأ بالسؤال الخاص حول قدرة دولة الاحتلال على الوصول إلى بعض المفاعلات النووية الإيرانية وتدميرها. من الزاوية الفنية، الجواب هو: نعم. والسبب هو أن دونالد ترامب كان في بداية تولّيه لمنصبه في بداية العام الجاري قد قام بالإفراج عن تقنيات خاصة ترتبط بقدرات طائرات «اف 35»، كما أفرج عن بعض القذائف الخاصة باختراق التحصينات كانت إدارة سلفه جو بايدن قد أوقفت تزويد دولة الاحتلال بها، وبهذا فإن لدى الأخيرة الآن مثل هذه القدرة الفنية. وإذا أضفنا إلى ذلك التدريبات و»المحاكاة» التي أجرتها دولة الاحتلال على مثل هذا النوع من العمليات فإن المسألة الفنية لم تعد عائقاً حقيقياً على القدرة الإسرائيلية على هذا الصعيد. أما لماذا محدودة فالمسألة كما هو معروف لا يتم حلها مهما كانت مناطق الاستهداف محدودة إلّا من خلال عشرات الغارات المتواصلة، وربما لعدة أيام متواصلة، ولا يمكن الحديث عن تحقيق أهداف «الضربة» المحدودة من خلال غارة أو عدة غارات فقط، وذلك لأن اختراق التحصينات يحتاج إلى عدة مراحل، خصوصاً وأن المفاعلات النووية الإيرانية هي من أكثر المفاعلات النووية تحصينا في العالم بسبب عدم قدرة إيران على حمايتها بالكامل بوساطة الدفاعات الجوية. طبعاً إذا كان التسريب هو إسرائيلي، أو أنّ الاستخبارات الأميركية هي التي سرّبت الخبر لتحذير دولة الاحتلال، ولإفهامها بأن اللعب بهذا الملف هو لعب خطير، وله عواقب خطيرة فليس هناك فرق جوهري في الواقع، لأن اللعب هنا لم يعد سرّاً، والمسألة باتت تُلعب على المكشوف. دولة الاحتلال تعرف أن المحادثات بين أميركا وإيران قطعت شوطاً كبيراً نحو اتفاق جديد، إمّا هو نهائي، أو اتفاق إطار هو بمثابة القواعد الناظمة لأي اتفاق تفصيلي قادم. وتعرف دولة الاحتلال أن الشوط الذي قطعته المحادثات هو من «الخطورة» بمكان ــ من وجهة النظر الإسرائيلية ــ بحيث باتت المحادثات محصورة في نسب التخصيب، وبالمخزون مما تم تخصيبه حتى الآن. معنى هذا الأمر هو أن إيران تستطيع في ظروف خاصة، وفي ظروف تعرّضها لهجمات عسكرية أو أمنية على منشآتها النووية أن تذهب مباشرة إلى تصنيع القنبلة النووية، والرؤوس النووية المحمّلة على طائرات أو على صواريخ باليستية كبيرة وخاصة. لدى إيران طرق ومسالك مختلفة للوصول إلى هذا الهدف. فحسب المعلومات المعروفة لوكالة الطاقة الذرية تمتلك إيران الآن 70 كغم من اليورانيوم المخصّب. إذا رفعت إيران نسبة التخصيب إلى 90% فإن كل قنبلة نووية تحتاج إلى 15 كغم لكل قنبلة، أي أن بمقدورها في هذه الحالة أن تصنع 4 قنابل في أي وقت تحدده هي. وإذا أرادت أن تصنّع قنبلة نووية من خلال النسبة الحالية للتخصيب وهي 60% فإنها تستطيع إنتاج قنبلتين على الأقل، لأن الكمية التي لديها تكفي بواقع 30 كغم للقنبلة الواحدة. وحتى لو عادت إيران إلى نسبة 20% من التخصيب فإنها تظلّ قادرة على إنتاج قنبلة إن هي أرادت لأن كل قنبلة تحتاج إلى 45 كغم. وطالما أن المحادثات بين إيران وأميركا باتت تقتصر على «شكل» الضمانات التي ستقدمها إيران باتجاه عدم تحوّل برنامجها إلى الوجهة العسكرية، وليس إلى منع التخصيب، أو منع التخزين فإن الدولة العبرية في هذه الحالة تعتبر نفسها قد خسرت المعركة خسارة مدوّية. أقصد أن الأخيرة الآن ليس لديها لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي سوى أن تقبل بالضمانات التي ستقدّمها إيران في الاتفاقية الجديدة، أو أن تذهب هي بنفسها وتحاول تعطيل البرنامج كلّه، أو تخريب الاتفاق من خلال المراهنة على أن تقوم إيران بالرد الذي سيغيّر مسار البرنامج، وربما يغيّر مسار الوضع الإقليمي كلّه. هذه هي المراهنة الإسرائيلية في حال إن كانت فعلاً تفكّر في توجيه «الضربة» التي أشارت إليها التقارير. لكن مشكلة دولة الاحتلال لا تقتصر على ذلك كلّه. المشكلة أن برنامج الصواريخ الإيرانية هو جزء عضوي من مفهوم دولة الاحتلال لأمنها «القومي» من زاوية التهديد الذي تمثله إيران عليها. وهذه المسألة بالذات لها في الواقع القائم اليوم عدّة أبعاد لعلّ من أهمها على الإطلاق هو أن أي تطوير للبرنامج النووي الإيراني بالاتجاه العسكري سيحتاج حتماً إلى منظومات صواريخ قادرة على الوصول إلى أهدافها، وقادرة قبل ذلك على أن تكون محمّلة بالرؤوس النووية. كذلك فإن التطور الكبير الذي شهدته صناعة الصواريخ الإيرانية يبقى تطوراً «خطراً» حتى دون حمل الرؤوس النووية. في هذا الإطار هنا كما هو معروف للمختصين والمتابعين منظومة «شهاب» بمستويات مختلفة. دولة الاحتلال، بصرف النظر عن اعترافها العلني من عدمه تعرف أن هذه المنظومة في نسخها الحديثة، والحديثة جداً، قد وصلت إلى درجات متقدمة من السرعة والدقة والفعالية. وهذه المنظومات تشهد تسارعاً كبيراً في تطورها، وهي في حالة اندلاع حرب مفتوحة بين دولة الاحتلال وإيران ستكون من حيث دقة إصاباتها قادرة على «شلّ» الدولة العبرية لفترات قد لا تكون في مقدرتها على تحمّلها. ولهذا فإن تحديدات «معهد الأمن القومي الإسرائيلي» ومنذ عدة سنوات، وبصورة متكرّرة، ودون أي استثناء بأن إيران هي التهديد «الوجودي» الأول ليست مسألة دعائية أو «سياسية»، أو للاستخدام السياسي أو التوظيف السياسي. لا يمكن أن تبني دولة الاحتلال إستراتيجيتها الدفاعية، وخططها، ومشترياتها من السلاح، وإصرارها على امتلاك الأدوات والمعدات، والأسلحة الخاصة بشكل محدّد، والمصممة على أساس ما تمثله إيران من خطر وجودي على اعتبارات التوظيف السياسي أو الدعاية السياسية. ولا يمكن أن تكون إستراتيجية دولة الاحتلال تتركّز على الأذرع الإيرانية، ويتم خوض الحروب، حرباً وراء أخرى من أجل «خداع» المجتمع الإسرائيلي، وخلق مناخ من المشاعر الجماهيرية بالأخطار. ذلك لو أن المسألة كانت بهذه الأهداف، وفي هذا الإطار لما كانت الإستراتيجية الإسرائيلية على هذه الشاكلة من التركيز على الخطر الإيراني. أقصد أن المؤسسات الإسرائيلية، ودون أي استثناء يذكر تجمع على هذا الخطر، وليس هناك في المنظومة السياسية والحزبية، ولا في المنظومات الأمنية والعسكرية من لا يرى مثل هذا الخطر. والخلاف أو الاختلاف الوحيد ليس على وجود الخطر، وإنما على الشكل الأمثل لمواجهته. أما فيما يتعلق بالموقف الأميركي من هذه التسريبات فالأرجح أن ترامب لن يسمح لنتنياهو بتهديد خطط الإدارة الأميركية، والأرجح أن عواقب «الضربة المنفردة» مهما كانت محدودة ستؤدي إلى إعادة خلط أوراق الإقليم، ويمكن أن تراه الإدارة الأميركية محاولة إسرائيلية جديدة لجرّ أميركا إلى ساحة الصراع مع إيران من زاوية سياسة «الأمر الواقع» الذي تهدف دولة الاحتلال لفرضه على أجندة الإقليم، وهذا الأمر بحدّ ذاته لا يتوافق مع المصالح العليا لأميركا من زاوية رؤية إدارتها «الترامبية». أما الحديث عن أن إدارة ترامب ربما ستسمح لدولة الاحتلال بأن تجرّب خطتها بمثل ضربة كهذه فهذه مسألة ساذجة تماماً إذا كانت صحيحة أو ممكنة، لأن الحظوظ والاحتمالات يمكن أن تلعبها الإدارة الأميركية في ملفّات، وفي ساحات أقلّ خطراً من ملف الصراع مع إيران.


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
اجتماع حكومة الاحتلال في سلوان.. رسائل تلمودية وسياسية
القدس المحتلة-غزة/ محمد الأيوبي في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وتلمودية خطيرة، عقدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي اجتماعًا لافتًا في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، في رسالة واضحة لتكريس السيطرة على القدس المحتلة ودمجها ضمن دولة الاحتلال. الاجتماع الذي جاء أول من أمس في ذكرى الاحتلال الكامل للقدس، ليس مجرد إجراء رمزي، وفق ما يقول مختصون، بل يأتي في إطار خطة استراتيجية تستهدف ترسيخ الرواية التلمودية لتكون أساسًا للسيطرة السياسية على القدس، وفرض وقائع جديدة على الأرض تخدم المشروع الاستيطاني والتهويدي، وسط صمت دولي وتراجع في الموقفين العربي والإسلامي. ومنذ عام 2017 تحرص حكومة الاحتلال على عقد اجتماعها في إحدى قاعات النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك، لكنها قررت هذا العام ولأول مرة عقده فيما تسمى "مدينة داود" الاستيطانية التي أُقيمت بقوة الاحتلال في أقصى شمال سلوان، وتقع بالتحديد في حي وادي حلوة، الملاصق للسور الجنوبي للبلدة القديمة والمسجد الأقصى، ويمتد على مساحة 750 دونما. وورد في موقع "والا" العبري، أن مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "قرر عقد جلسة حكومية خاصة في (ما تسمى) حديقة مدينة داود، في قلب حي سلوان الفلسطيني في شرقي القدس، على الرغم من أن جهاز الأمن العام (الشاباك) أثار صعوبات أمنية جدية في عقد الحدث في قلب حي فلسطيني وفي تأمين طرق الوصول ومرافقة رئيس الوزراء والوزراء". وأوصى جهاز الشاباك بالبحث عن أماكن بديلة، لكن مكتب نتنياهو أصدر تعليماته إلى مسؤولي الأمن بالتحضير والإعداد لخطة أمنية لعقد اللقاء في المكان المحدد وفقا لعدد من المواقع الإخبارية العبرية، التي تحدثت أيضا عن أن جلسة الحكومة هذه ستتضمن الموافقة على القرارات المختلفة المتعلقة بما سمتها "عاصمة (إسرائيل)" المزعومة. ويدير مشروع ما تسمى "مدينة داود" السياحي الاستيطاني جمعية "إلعاد" الاستيطانية، وهي اختصار لـ "إل عير ديفيد"، وتعني بالعربية "نحو مدينة داود"، وتأسست عام 1986، وترمي وفقا لموقعها الإلكتروني لـ "تعزيز العلاقة اليهودية في القدس عبر الأجيال من خلال الجولات، والإرشاد والإسكان وإصدار مواد ترويجية". وتدعي سلطات الاحتلال أن ما تسمى "مدينة داود" التلمودية كانت قد أقيمت في هذه البقعة من حي وادي حلوة، بينما تشير الآثار التي وجدت في هذا الموقع في سلوان إلى أنها تعود إلى حقب زمنية مختلفة لما قبل التاريخ وبعده، وفق تقرير سابق لمؤسسة الحق الفلسطينية. توظيف تلمودي وقال مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، د. خليل تفكجي، إن عقد حكومة الاحتلال اجتماعها في بلدة سلوان، بالتزامن مع ذكرى الاحتلال الكامل للقدس يأتي في سياق تكريس البعد الديني في الصراع على المدينة. وأوضح تفكجي لـ "فلسطين أون لاين"، أن اختيار سلوان ليس عبثياً، بل يستند إلى رواية تلمودية تزعم أن النبي داوود أقام دولته ومركز حكمه في هذه المنطقة، التي يطلق عليها الاحتلال اسم "مدينة داوود"، وتعتبر جزءاً من ما يسمى بـ"الحوض التاريخي المقدس". وأضاف أن هذا الحوض، الذي تزيد مساحته عن 2.5 كيلومتر مربع، يشمل إلى جانب سلوان: نبع سلوان، وقبور الأنبياء، والمقبرة اليهودية، ووادي الربابة، وكلها مواقع تسعى (إسرائيل) لربطها بروايتها التلمودية لتبرير سيطرتها على القدس. وأشار إلى أن الاجتماع الحكومي في سلوان يحمل رسالة سياسية واضحة، مفادها أن القدس، بروايتها التلمودية، هي "عاصمة (ما يسمى) الشعب اليهودي" المزعومة، وأن "(إسرائيل) لم تحتلها بل حررتها"، كما جاء على لسان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع. وأكد تفكجي أن هذا التحرك يُظهر بوضوح كيف توظف حكومة الاحتلال الدين كغطاء لتحقيق أهداف سياسية، ولفرض مزيد من السيطرة على المدينة المقدسة، في ظل استمرار مشاريع التهويد والاستيطان في القدس. رسائل إسرائيلية وأضاف تفكجي أن هذا الاجتماع يوجه عدة رسائل، أبرزها للأردن بوصفه صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، مفادها: "أين هي رعايتكم؟"، وثانيها للعالمين العربي والإسلامي، بأن القدس "غير قابلة للتقسيم"، وأنها "القلب والرأس لـ(ما يسمى) الشعب اليهودي"، بحسب الرواية الصهيونية. وأشار إلى أن توقيت الاجتماع جاء بعد القمة العربية في بغداد، وفي ظل صمت عربي ودولي متصاعد، لافتاً إلى أن الاحتلال يواصل استثمار زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة والتي لم ينجم عنها شيء، إضافة لإعلانه القدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال لتكريس سيطرته عليها. وأشار إلى وجود تناغم واضح بين حكومة الاحتلال والمستوطنين المتطرفين، الذين يشكّلون "الأداة التنفيذية" للمشروع السياسي الإسرائيلي، حيث ينفذون سياسات التهويد والاستيطان تحت غطاء رسمي، رغم أن المستوى السياسي قد لا يعلن ذلك صراحة. وتابع: "الاحتلال يسلّح المستوطنين، ويدعمهم في السيطرة على منازل الفلسطينيين، ويتم كل ذلك في إطار منظومة متكاملة بين السياسي والعسكري والاستيطاني، دون أي ضغوط دولية حقيقية على حكومة الاحتلال". وختم تفكجي بالتأكيد أن حكومة الاحتلال تستغل الأوضاع الإقليمية والدولية لتنفيذ أهداف استراتيجية، في مقدمتها فرض الأمر الواقع بأن القدس هي "عاصمة" مزعومة لدولة الاحتلال فقط. المصدر / فلسطين أون لاين