
تفاصيل الطلاق بين ترامب وماسك: عراك بالأيدي وتآمر مسؤولي البيت الأبيض ضد الملياردير
لندن- 'القدس العربي':
كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' في تقرير أعدته ناتالي أليسون وإليزابيث دوكسين وجيف ستين وإيميلي ديفيس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان مكتئبا بعد انفصاله عن الملياردير إيلون ماسك. ففي أعقاب هجمات ماسك العلنية ودعوته الواضحة لعزله، أجرى ترامب اتصالات هاتفية، متحدثا مع المقربين منه والمعارف على حد سواء.
وقال ترامب في إحدى المرات، وهو يحاول فهم سلوك ماسك، إن حليفه السابق كان 'مدمنا كبيرا للمخدرات'، وفقا لشخص مطلع على المكالمة، والذي تحدث، مثل غيره ممن تمت مقابلتهم لهذا المقال، بشرط عدم الكشف عن هويته.
وأقر ماسك باستخدام الكيتامين، وهو مخدر قوي يقول إنه وصف له لعلاج الاكتئاب. وذكرت صحيفة 'نيويورك تايمز' في تقرير سابق لها أن ماسك كان يستخدم كمية كبيرة من الكيتامين خلال حملة ترامب الانتخابية، لدرجة أنه أخبر الناس أنها تؤثر على مثانته، وأنه كان يسافر ومعه علبة حبوب تحتوي على دواء يحمل علامة أديرال.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن قلق ترامب بشأن تعاطي ماسك للمخدرات، والذي ينبع جزئيا من التقارير الإعلامية، كان أحد العوامل التي أدت إلى الانفصال بين الرجلين. إلا أن الرئيس الذي لم يتردد تاريخيا في إطلاق منشورات لاذعة وشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ضد من أهانوه، كان أكثر هدوءا تجاه ماسك ومما توقعه أصدقاؤه ومستشاروه.
ففي أعقاب مواجهته يوم الخميس مع ماسك، حث من حوله على عدم صب الزيت على النار، وذلك حسب شخصين مطلعين على سلوكه. وطلب من نائبه جيه دي فانس توخي الحذر في حديثه العلني عن قضية حليفه السابق.
ومع أن الخلاف انفجر للعلن يوم الخميس، إلا أن التصدعات في التحالف بين أقوى رجلين في العالم، ظهرت مبكرا. وكانت الطريقة التي تحرك فيها ماسك كمسؤول عن وحدة الكفاءة في الإدارة الأمريكية والذي اتسمت بـ'التحرك سريعا وكسر القواعد' سببا في تعقيد طموحات البيت الأبيض لإعادة تشكيل المجتمع الأمريكي.
وقد نفّرت طريقة ماسك عددا من المسؤولين البارزين في البيت الأبيض، بمن فيهم رئيسة طاقم الموظفين سوزي وايلز، وتشاجر مع أعضاء مجلس الوزراء، ووصل الأمر إلى حد الاشتباك بالأيدي مع أحدهم.
وتشير الصحيفة إلى أن تقريرها عن انهيار التحالف بين ترامب وماسك يقوم على سلسلة من المقابلات مع 17 شخصا على معرفة بالأحداث، طلب عدد منهم عدم الكشف عن هويتهم. وفي وجه التوتر المتزايد، أكد مسؤولو البيت الأبيض أن ترامب ظل يركز على أجندته التشريعية وخفض الضرائب.
وهو ما أكدته كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، في بيان لها، وقالت فيه إن الرئيس وإدارته سيواصلون العمل على إكمال المهمة وهي: 'الحد من الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام من حكومتنا الفيدرالية نيابة عن دافعي الضرائب، ويعد إقرار مشروع القانون الكبير الجميل أمرا بالغ الأهمية للمساعدة في تحقيق هذه المهمة'. ومع ذلك، فإن عملية الانتقام من ماسك كانت تجري خلف الأبواب، وكانت موضوع نقاشات بين مسؤولي الإدارة.
فقد دعا ترامب عبر منصة 'تروث سوشيال'، إلى التدقيق العام في عقود ماسك الحكومية، مما قد يعرّض إمبراطوريته التجارية للخطر. وفي غضون ذلك، يشعر الجمهوريون بالقلق من كيفية استخدام أغنى رجل في العالم لخزانته الغنية للانتقام منهم، خاصة مع طرحه فكرة إطلاق حزب سياسي ثالث.
وقال السناتور الجمهوري عن تكساس تيد كروز في بودكاست له يوم الجمعة: 'أشعر وكأنني طفل وسط طلاقٍ مرير، حيث تقول فقط: أتمنى حقا أن يتوقف أبي وأمي عن الصراخ'.
وقد وصل ماسك إلى واشنطن في كانون الثاني/ يناير كأقوى حليف لترامب، حيث قضى ليالي في غرفة نوم لينكولن أثناء عمله كمستشار كبير في البيت الأبيض.
ولكن لم تكن هناك فترة شهر عسل كبيرة، حيث أدت تكتيكات ماسك العنيفة، وافتقاره إلى الفطنة السياسية، واختلافاته الأيديولوجية مع قاعدة ماغا أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، إلى تآكل علاقته بكبار مسؤولي الإدارة، وفي النهاية بالرئيس. وظهرت أولى علامات الاضطراب في شباط/ فبراير، عندما وصلت رسالة بريد إلكتروني إلى عناوين البريد في جميع وكالات الحكومة موجهة للموظفين الفدراليين لوصف إنجازاتهم الخمسة خلال الأسبوع الماضي. ويبدو أن ماسك أساء فهم عمل الحكومة الفدرالية والسلطة التنفيذية أو لم تكن لديه الفطنة الكافية، حيث لم يتم تبليغ المسؤولين البارزين في الوكالات الحكومية المهمة مقدما، كما أرسل البريد إلى قضاة ليسوا جزءا من السلطة التنفيذية.
ورغم التوتر، إلا أن ترامب ونائب مدير طاقمه ستيفن ميلر وقفوا مع ماسك. لكن وايلز ازداد انزعاجها من الصدامات بين دائرة ماسك وقادة الإدارة الآخرين. ومع سعي ماسك وفريقه في دائرة الكفاءة لخفض المنح الفدرالية وطرد البيروقراطيين الفيدراليين وإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أصبح بمثابة الخط الأول للهجوم الذي ركز عليه المعارضون لترامب. وفي المظاهرات التي عمت أنحاء البلاد، بدأت تظهر بين المتظاهرين لافتات كتب عليها 'لم يصوت أحد لإيلون ماسك'.
وقال مسؤول مطلع إن شعورا ساد في البيت الأبيض والكونغرس أن ماركة ماسك باتت مشكلة.
وفي الوقت نفسه، شعر ماسك مثل غيره من رجال الأعمال بخيبة أمل من سياسات ترامب وبخاصة التعرفات الجمركية. ففي نيسان/ أبريل عندما فرض الرئيس تعرفات جمركية تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، لجأ ماسك للتعبير عن استيائه من الرسوم إلى منصة إكس ووصف مستشار ترامب التجاري وحليفه القديم بيتر نافارو بأنه 'أحمق'. وفي جلسات خاصة، وجّه ماسك نداءات شخصية إلى ترامب لإلغاء التعريفات الجمركية. ولم يمتثل ترامب، ولم يتراجع إلا بعد أيام بعد انخفاض حاد في أسواق السندات.
وبعد فترة وجيزة، تحول توتر ماسك مع فريق ترامب التجاري إلى تبادل اللكمات خلال مشادة مع وزير الخزانة سكوت بيسنت، كما قال ستيفن بانون، الصحافي اليميني المؤثر والمستشار السياسي القديم لترامب.
وفي نيسان/ أبريل، عندما ذهب ماسك وبيسنت إلى المكتب البيضاوي لعرض حججهما حول تفضيلاتهما لمنصب مفوض مصلحة الضرائب الأمريكية بالإنابة، قرر ترامب دعم اختيار بيسنت، وهو ما كشفت عنه صحيفة 'نيويورك تايمز'. وبعد أن غادر بيسنت وماسك المكتب البيضاوي وبدءا السير في الردهة، تبادل الرجلان الإهانات، حسبما قال بانون، مضيفا أن بيسنت فتح موضوع مزاعم ماسك بأنه سيكشف عن أكثر من تريليون دولار من الإنفاق الحكومي المسرف والاحتيالي، وهو ما لم ينجح ماسك في تحقيقه.
وقال بانون في مقابلة: 'قال سكوت: أنت محتال. أنت محتال تماما'. ثم دفع ماسك كتفه في صدر بيسنت 'مثل لاعب الرغبي'، كما قال بانون، فرد عليه بيسنت بلكمة. تدخل عدة أشخاص لفض الشجار عندما وصل الرجلان إلى مكتب مستشار الأمن القومي، وتم إخراج ماسك من الجناح الغربي. وعندما سمع ترامب عن الحادث قال: 'هذا كثير' حسب بانون.
وفي أواخر نيسان/ أبريل، أعلن ماسك انسحابه من واشنطن للتركيز أكثر على أعماله، وخاصة شركة تسلا التي كانت تواجه صعوبات مالية. وأكد ماسك أنه سيظل يقضي جزءا من وقته في واشنطن، وزعم حلفاؤه في وادي سيلكون أنه سيواصل متابعة شؤون دائرة الكفاءة الحكومية عن بعد.
مع ذلك، وأثناء غيابه، أتيحت لخصومه داخل الإدارة فرصة لتقويضه. وتعلق الأمر بجاريد إيزاكمان، الذي رشحه ترامب لمنصب مدير ناسا بناء على طلب ماسك. ويتمثل طموح ماسك في استعمار المريخ، وكان وجود حليف له على رأس ناسا هدفا رئيسيا له. إلا أن إيزاكمان قدم العديد من المساهمات السياسية للمرشحين الديمقراطيين، وهو ما يمثل عبئا على إدارة تعطي الأولوية للموالين.
وقبل أكثر من أسبوع بقليل، في اليوم الأخير لملياردير التكنولوجيا كموظف حكومي خاص، سلم سيرجيو غور، مدير شؤون الموظفين الرئاسيين، ترامب منشورات تظهر تبرعات إيزاكمان. وأبلغ ترامب ماسك بسحب ترشيح إيزكمان بسبب مخاوف بشأن ولائه.
ولم يكن دور غور مصادفة، كان مساعد ترامب المخضرم وقد اختلف مع ماسك طوال الفترة الانتقالية، واختلفا أيضا حول توصيات التعيينات. وتصاعدت التوترات بينهما في آذار/ مارس بعد اعتقاد ماسك أن غور هو من سرب خبرا لصحيفة 'نيويورك تايمز' عن اجتماع اشتبك فيه مع عدد من أعضاء مجلس الوزراء، وفقا لشخص مطلع على الوضع. وأضاف المصدر أن شكوك ماسك ازدادت لأن الخبر لم يذكر انتقاده لمكتب غور.
وأبلغ غور الآخرين برغبته في الانتقام من ماسك، عندما قرر ترامب سحب ترشيح إيزاكمان، وبدا القرار بمثابة ضربة موجعة لطموحات ماسك في مجال الفضاء. وقال ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم البيت الأبيض: 'سيرجيو عضو أساسي في الفريق، وقد ساعد الرئيس ترامب في تشكيل إدارة لا مثيل لها' وأضاف: 'بصفته مستشارا مخضرما، لا يوجد من هو أقدر منه على ضمان امتلاك الحكومة لأشخاص متوافقين مع مهمة جعل أمريكا عظيمة مجددا، والعمل على تنفيذ أجندة الرئيس'.
وعلى الرغم من التوترات المتصاعدة، قدم ماسك وترامب جبهة موحدة في ذلك اليوم، وأثناء وداع ماسك الرسمي من البيت الأبيض.
لكن عملية ضبط النفس انتهت عندما أخبر ترامب صحافيين بأنه يشعر بخيبة الأمل من ماسك وأثار أسئلة حول مستقبل العلاقة. وبعد انفجار الأزمة، شعر المسؤولون في البيت الأبيض أن هناك أملا في المصالحة، إلا أن ترامب أخبر شبكات التلفزة أنه ليس مهتما بالحديث مع ماسك وأنه سيبيع سيارة تسلا التي أهديت له من مالك الشركة.
وفي الوقت نفسه، استمر ماسك في زيادة التوتر عندما اتهم ترامب دون تقديم أدلة أنه متورط مع جيفري إبستين المتورط في قضايا جنس مع القاصرات وانتحر في زنزانته عام 2019. وحتى لو حدثت مصالحة، فلن تعود الأمور إلى ما كانت عليه، حسب اعتقاد مسؤولين في إدارة ترامب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
روسيا تغرّم مستخدمين تداولوا صوراً لهجمات المسيّرات الأوكرانية
بدأت السلطات في 12 إقليماً مختلفاً في روسيا بتطبيق المساءلة الإدارية بحق مواطنين شاركوا صوراً لآثار ضربات المسيرات الأوكرانية، سواء أكانوا من الصحافيين المحترفين أو من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب صحيفة كوميرسانت الروسية. ونقلت "كوميرسانت" في عددها الصادر الاثنين، عن مصدر في حكومة مقاطعة كالوغا الواقعة جنوب غرب موسكو ، قوله إن هيئة الرقابة الإدارية الفنية أحالت مطلع يونيو/حزيران الحالي 42 محضراً إلى محاكم الصلح في وقائع مخالفة حظر غرفة العمليات الإقليمية أي تداول للمعلومات حول آثار سقوط المسيرات. وحرّر محضران بحق وسيلتي إعلام وخمسة محاضر بحق مواطنين صوّروا الهجمات وتداولوا مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي وقت تتعلق فيه ثلاثة محاضر أخرى بتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، حرّرت المحاضر المتبقية بحق القائمين على قنوات على "تليغرام" ومجموعات على شبكة فكونتاكتي الروسية للتواصل الاجتماعي ، بالإضافة إلى صفحات شخصية. ورغم أنه لم يُكشف عن قيمة الغرامات على وجه الدقة، إلا أن قانون المخالفات الإدارية الإقليمي في مقاطعة كالوغا يحدّدها بمبلغ يتراوح بين ثلاثة آلاف روبل (37.5 دولاراً أميركياً) و200 ألف (2500 دولار أميركي). وقال نائب مدير ديوان حاكم المقاطعة إيليا زينوف لـ"كوميرسانت": "يجرى تحليل الحسابات في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وترصد المخالفات وتقدم المعطيات للإدارة. ليس من المهم من قام بالتصوير والنشر، لأن آثار الضربات تشكل أهمية كبيرة لمدبري الهجوم لتقييم نتائجه والتخطيط لهجمات مستقبلية". إعلام وحريات التحديثات الحية "إيه بي سي" توقف مراسلاً انتقد ترامب في منشور وأخضع شخص في مقاطعة تولا الواقعة جنوب موسكو، في نهاية مايو/أيار الماضي، للتحقيق بسبب تصويره مقطع فيديو ونشره على "تليغرام" يوثق هجوم المسيرات الأوكرانية على مدينة أليكسين في روسيا خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، مع تغريمه 25 ألف روبل (أكثر من 300 دولار أميركي). ومع ذلك، أوضح ناطق باسم المكتب الإعلامي في الحكومة المحلية أن هذه الحالة لا تزال فردية. أما الأقاليم الأخرى التي استحدثت مثل هذه الغرامات، فلم تفعّلها على أرض الواقع حتى الآن. ومنذ تعرض العاصمة الروسية موسكو لهجمات بمسيرات أثارت ضجة كبيرة في صيف عام 2023، بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بفرض حظر على المستوى الفيدرالي على نشر صور ومقاطع الفيديو للهجمات. حينها، أعدت مجموعة من أعضاء مجلس الاتحاد الروسي حزمة من التعديلات من شأنها استحداث المسؤولية عن نشر أي بيانات عسكرية، على أن تُحجب بطلب من النيابة العامة خارج إطار القضاء. إلا أن هذه المبادرة لم تُحَل إلى مجلس الدوما (النواب) حينها، وهو ما أرجعه ديوان الرئاسة الروسية إلى "التوازن بين حماية المعلومات وحريتها".


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
ولاية مانحة للموازنة الأميركية.. كاليفورنيا تواجه سطوة ترامب بسلاحها الاقتصادي
اعتاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن يهدّد ويبتزّ الدول الغنية والفقيرة على السواء، حليفة كانت أو خصمة أو عدوّة، لتحقيق مكاسب يتوخى حصدها منذ البداية. رجل الأعمال الساعي إلى "عقد الصفقات تحت تأثير القوّة" يبدو أنه بعيد حتى اللحظة عن تسوية الأوضاع في ولاية كاليفورنيا التي تدفع الآن ثمن سياساته الجامحة المتصلة بالهجرة. والسبب في قوة موقف هذه الولاية أنها تُعد إحدى أهم "الولايات المانحة" لسلطة واشنطن المركزية. فالولايات المتحدة التي لطالما كانت في طليعة الدول المانحة عالمياً، تجد نفسها في الداخل "تستعطي" كاليفورنيا وبعض الولايات الأُخرى لدعم موازنتها الفيدرالية. التصعيد بين ترامب وحاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم بلغ ذروته خلال الأيام الثلاثة الماضية، ولا سيما بعدما كتب الرئيس على منصة "تروث سوشال" (Truth Social) السبت الفائت، أنه "إذا لم يتمكن حاكم كاليفورنيا، غافن نيوسوم، ورئيسة بلدية لوس أنجليس، كارين باس، من القيام بعملهما، فإن الحكومة الفيدرالية ستتدخل وتحل مشكلة أعمال الشغب والنهب بالطريقة التي ينبغي حلها!". وبعد نشر الحرس الوطني في لوس أنجليس، أشار ترامب إلى أن "المظاهرات اليسارية المتطرفة" لن يُسمح بها، ووجّه الشكر للحرس الوطني على ما سمّاه "العمل الممتاز"، داعياً إلى حظر ارتداء الكمامات في التظاهرات. كما شدّد ترامب، وفق تقرير أوردته صحيفة فايننشال تايمز، على أن نشر 2000 جندي في لوس أنجليس بدون إذن من الولاية هو خطوة لتحدي سلطات الولاية الديمقراطية ومعالجة ما وصفه بـ"اضطرابات مرتبطة بالهجرة". وفي المقابل، وصف حاكم كاليفورنيا نشر الحرس الوطني بأنه "استفزاز متعمّد" وانتهاك لسيادة الولاية، وطالب بسحب القوات فوراً. كما اتهم ترامب بإساءات سلطوية، ويستخدم هذا الواقع لصالحه بحملة مالية تحذيرية تهدّد بتجميد المساهمات الضريبية الفيدرالية للولاية، وهي مبادرة صادمة نظراً لحجم الأموال التي تموّل بها كاليفورنيا الخزينة الفيدرالية. ووصف خطوة ترامب بـ"الاستفزاز الخطير الذي سيزيد التوتر"، محذراً من استخدامها أداةً سياسية ضد الولاية. وعبر منصة "إكس" (X)، رد نيوسوم على تهديدات ترامب بتجميد التمويل، فكتب في تغريدة له أن "سكان كاليفورنيا يدفعون فواتير الحكومة الفيدرالية. ندفع ضرائب تزيد بأكثر من 80 مليار دولار عما نتلقاه. ربما حان الوقت لإيقاف هذه الضرائب". Californians pay the bills for the federal government. We pay over $80 BILLION more in taxes than we get back. Maybe it's time to cut that off, @realDonaldTrump . — Gavin Newsom (@GavinNewsom) June 6, 2025 عناصر القوة الاقتصادية التي تتميز بها كاليفورنيا منذ نشأة الولايات المتحدة، شكّلت كاليفورنيا أحد أبرز محركات الاقتصاد الأميركي. لكنها الآن، باتت أكثر من مجرد ولاية مزدهرة، فهي عملاق اقتصادي مستقل يرفد الموازنة الفيدرالية بمليارات الدولارات، ويتحكم فعلياً في معادلة الإنفاق والإيرادات. ومع تصاعد التوترات السياسية بين الحكومة الفيدرالية برئاسة دونالد ترامب وحاكم الولاية الديمقراطي غافن نيوسوم، طفت إلى السطح مجدداً أسئلة جوهرية حول موقع كاليفورنيا في الاقتصاد الفيدرالي، وحدود علاقتها بواشنطن، وهل يمكن للولاية فعلاً أن تلوّح بسلاحها الضريبي إذا اشتد الخلاف السياسي. ومع أنّ تصريحات نيوسوم ليست جديدة من حيث المضمون، لكنها تلوّح للمرة الأولى بسلاح الامتناع عن تمويل الخزينة الفيدرالية، وهو ما يعتبر سابقة سياسية خطيرة تمس بوحدة دولة اتحادية تمثل أكبر اقتصاد في العالم. كاليفورنيا اقتصادياً بالوقائع والأرقام وفقاً لبيانات "مكتب التحليل الاقتصادي" الأميركي (BEA)، ناهز الناتج المحلي الإجمالي لكاليفورنيا 4.2 تريليونات دولار عام 2024، ما يجعلها الولاية صاحبة أكبر اقتصاد في البلاد، والرابعة عالمياً إذا ما قورنت بالدول. وبفارق واضح، تتجاوز كاليفورنيا اقتصادات المملكة المتحدة والهند من حيث حجم الناتج المحلي، وتقترب من ألمانيا. كما يقطن في الولاية أكثر من 39 مليون نسمة، وتُعد مركزاً عالمياً لصناعات التكنولوجيا (وادي السيليكون) والسينما (هوليوود) والزراعة والطاقة المتجددة والبحث العلمي. وتتخذ من كاليفورنيا مقراً أكثر من 50 شركة من الشركات المدرجة على لائحة مجلة "فورتشن" (Fortune 500) وأبرزها "إنتل" (Intel) و"ميتا" (Meta) وغوغل" (Google) و"آبل" (Apple) و"ديزني" (Disney). وفي تفاصيل أبرزها المكتب في تقريره: اقتصاد دولي التحديثات الحية قانون ترامب الكبير: هل يدفع الأميركيون ثمن التفاوت الطبقي؟ 1 - وادي السيليكون يمثل الوادي الممتد من سان خوسيه إلى سان فرانسيسكو، قلب الابتكار الرقمي العالمي. إذ تصدّر الشركات التقنية الكبرى من هناك منتجات وخدمات تجذب تريليونات من العائدات سنوياً وتُدر ضرائب ضخمة للحكومة الفيدرالية. 2 - الزراعة تمتلك كاليفورنيا أكبر قطاع زراعي في البلاد، بإنتاج سنوي يتجاوز 50 مليار دولار. وتصدّر منتجاتها إلى جميع الولايات وإلى أكثر من 150 دولة. وتشكل الزراعة، إلى جانب الصناعات الغذائية، مصدراً مهماً للضرائب والعمالة. 3 - الترفيه والإعلام هوليوود ليست فقط رمزاً للثقافة الشعبية، بل تمثل صناعة بمليارات الدولارات تُغذي السياحة والإعلام، وتسهم في تعزيز "القوة الناعمة" الأميركية. 4 - البحث العلمي والتعليم العالي تخرّج جامعات مثل "ستانفورد" (Stanford) و"يو سي بيركلي" (UC Berkeley) و"كالتيك" (Caltech) الآلاف من الباحثين والعلماء، وتستقطب تمويلاً فيدرالياً ضخماً للأبحاث، لكنها في المقابل تولّد عائدات اقتصادية عالية. اقتصاد دولي التحديثات الحية حاكم كاليفورنيا: البيت الأبيض لا يملك سلطة فرض ضرائب أحادية كاليفورنيا مموّل رئيسي للخزينة الأميركية إلى ذلك، تُظهر بيانات "مركز الميزانية وأولويات السياسات" (CBPP) أن كاليفورنيا تساهم بأكثر من 480 مليار دولار سنوياً في الإيرادات الفيدرالية، بينما تتلقى فقط نحو 400 مليار دولار على شكل إنفاق فيدرالي، بما يجعلها "ولاية مانحة" (Donor State) بامتياز، حيث تدفع أكثر مما تستلم. وبحسب دراسة حديثة لمعهد "روكفلر"، كل دولار يدفعه سكان كاليفورنيا للحكومة الفيدرالية يعود إليهم بـ 74 سنتاً فقط. في المقابل، ولايات مثل كنتاكي أو ميسيسيبي تحصل على ما بين 1.3 دولار إلى دولارين عن كل دولار تدفعه. وهذا الفائض الضريبي يُستخدم عادة لتمويل برامج فيدرالية مثل "ميديك أيد" (Medicaid) والدفاع والبنية التحتية والمساعدات الاجتماعية في ولايات أخرى. ماذا لو انفصلت كاليفورنيا عن الولايات المتحدة؟ بقيادتها الديمقراطية، تمثل كاليفورنيا نموذجاً مضاداً للإدارة الجمهورية بقيادة ترامب، سواء في سياسات الضرائب والمناخ والهجرة أو الحقوق المدنية. وبالتالي، فإن الصراع بين واشنطن وساكرامنتو ليس مجرد خلاف إداري، بل مواجهة أيديولوجية لها تبعات اقتصادية. من ذلك أن الولاية اتخذت الولاية خطوات مستقلة في حماية البيئة تتجاوز المعايير الفيدرالية، مما دفع إدارة ترامب سابقاً إلى الطعن في "استقلالية كاليفورنيا التنظيمية"، وهدّد بسحب التمويل الفيدرالي عن برامج النقل والبنية التحتية. ورغم أن فكرة انفصال كاليفورنيا غير دستورية وغير واقعية عملياً، فإن النقاشات النظرية حول "كاليكست" "Calexit" تعكس الشعور المتصاعد بأن الولاية قد تعيش فعلياً بمنطق "دولة داخل الدولة". وفي حال توقفت كاليفورنيا عن تحويل ضرائبها الفيدرالية حتى جزئياً، فإن ذلك يؤدي إلى عجز فوري في الموازنة الفيدرالية، انخفاض في قدرة الحكومة على تمويل البرامج الاجتماعية، توترات قانونية حول دستورية الإجراء. لكن بالمقابل، قد تواجه كاليفورنيا عقوبات أو تخفيضات حادة في التمويل الفيدرالي المتعلق بالبنية التحتية، التعليم، والصحة. ورغم قوتها الاقتصادية، تواجه الولاية عدداً من التحديات التي قد تؤثر في قدرتها التمويلية. ومن ذلك أزمة الإسكان والتشرد التي تضاعفت في العقد الأخير، بما يضغط على الميزانية المحلية. وتُضاف إلى ذلك الكوارث البيئية كالحرائق والجفاف، والتي تكلفها المليارات سنوياً. وكذلك الهجرة غير النظامية التي تستنزف الموارد والخدمات، وهجرة الشركات بسبب الضرائب المرتفعة.

العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
تحذير من الكونغرس الأميركي: قد نفلس في هذا التوقيت
أعلن مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي (CBO)، مساء الاثنين، أن قدرة الحكومة الفيدرالية على تمويل التزاماتها المالية قد تنفد بين منتصف أغسطس/آب ونهاية سبتمبر/أيلول 2025، إذا لم يُرفع سقف الدين القانوني. وأوضح المكتب في مراجعته الشهرية للميزانية أن وزارة الخزانة ستستنفد ما يُعرف بـ"الإجراءات الاستثنائية" التي تستخدمها منذ بداية العام لتجنب تجاوز السقف المحدد للاقتراض. وبهذا التحذير، يكون ما يُعرف بـ(X-Date) أو "تاريخ X" قد تأخر أسبوعين عن تقديرات مارس/آذار الماضي، ما يمنح المشرعين وقتاً إضافياً للتوصل إلى تسوية سياسية قبل الدخول في حالة تخلف محتملة عن السداد، بحسب بلومبيرغ. و(X-Date) هو مصطلح يُستخدم في الولايات المتحدة للإشارة إلى اليوم الذي تنفد فيه قدرة وزارة الخزانة الأميركية على الوفاء بالتزاماتها المالية ما لم يُرفع سقف الدين. ومنذ إعادة تفعيل سقف الدين في بداية عام 2025، لجأت وزارة الخزانة الأميركية إلى مناورات محاسبية خاصة لتوفير السيولة، منها تأجيل استثمارات صناديق التقاعد الفيدرالية وتحريك احتياطيات مؤقتة. إلا أن هذه الوسائل مؤقتة بطبيعتها، بحسب مكتب الميزانية في الكونغرس، ويُتوقع أن تُستنفد بالكامل في وقت ما بين 15 أغسطس/آب و30 سبتمبر/أيلول إذا لم يصدر قرار تشريعي جديد. وتأتي هذه المناورة وسط تعقيدات سياسية في الكونغرس، حيث أرفق الجمهوريون مقترح زيادة سقف الدين بحزمة تخفيضات ضريبية ضخمة ضمن مشروع قانون يُعرف باسم "الفاتورة الجميلة الواحدة"، الذي يخضع حالياً للنقاش في مجلس الشيوخ. تحذيرات متكررة من سقف الدين وترافق تحذير مكتب الميزانية مع بيانات مماثلة صدرت الشهر الماضي عن وزارة الخزانة الأميركية، أكدت خلالها أن قدرة الدولة على تغطية التزاماتها قد تنفد في أغسطس ما لم يبدأ التحرك. ودعا وزير الخزانة سكوت بيسنت الكونغرس إلى إقرار رفع سقف الدين البالغ حالياً 36.1 تريليون دولار، قبل منتصف يوليو/تموز، لتجنب أي اضطراب مالي. ويخشى المستثمرون من أن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يدفع وكالات التصنيف إلى خفض التصنيف الائتماني الأميركي كما حدث في أزمة 2011، ما يرفع تكاليف الاقتراض ويزعزع استقرار أسواق المال العالمية. اقتصاد دولي التحديثات الحية عاصفة الاقتصاد الأميركي: ارتفاع التضخم وتباطؤ التوظيف بسبب التعرفات ورغم أن تأجيل (X-Date) أسبوعين يُخفف الضغط عن المشرعين مؤقتاً، إلا أن السياق السياسي لا يزال مضطرباً. فقد ربط الجمهوريون رفع سقف الدين بموافقة الكونغرس على حزمة ضرائب جديدة من إدارة ترامب، بينما يتهم الديمقراطيون المعارضة بتكرار لعبة الابتزاز المالي. ويأمل البيت الأبيض تمرير مشروع القانون قبل بدء عطلة الكونغرس الصيفية، وسط مخاوف من أن أي اضطراب في الخزانة قد يتزامن مع التزامات ضخمة في نهاية الربع الثالث، تشمل رواتب، ومدفوعات دفاعية، وفوائد على الدين العام. وتدخل أزمة سقف الدين مرحلة حاسمة، خصوصاً مع تحذيرات صريحة من المؤسسات الفيدرالية من أن الولايات المتحدة قد تواجه تخلفاً مؤسسياً عن الدفع لأول مرة منذ عقود. وبينما يتبادل الطرفان السياسيان الاتهامات، تواصل الأسواق مراقبة كل تطور، مع ميل بعض المستثمرين إلى تسييل الأصول الأميركية الحساسة للتحوط من احتمال حدوث أزمة. ويخشى الخبراء أن تؤدي أي إشارة سلبية من الكونغرس أو تأخير إضافي إلى موجة بيع في السندات وتراجع في ثقة الأسواق الناشئة بالدولار عملةً مرجعيةً. وتشير توقعات مكتب الميزانية في الكونغرس إلى أن تكاليف خدمة الدين العام في العام 2025 قد تتجاوز تريليون دولار. هذا الرقم يفوق الإنفاق المتوقع على الدفاع، كما أنه أكبر من الإنفاق غير الدفاعي على البنية التحتية والمساعدات الغذائية وبرامج أخرى تحت إشراف الكونغرس. وكان ارتفاع أسعار الفائدة هو العامل الذي أدى إلى زيادة تكاليف خدمة الدين.