
غريتا ثانبيرغ لبي بي سي: 'درسنا كل المخاطر، لكننا لن نتراجع عن الوصول لغزة'
BBC
غريتا ثنبيبرغ تتحدث لبي بي سي عربي من على متن سفينة "مادلين" المتجهة إلى غزة
من عرض البحر الأبيض المتوسط، وفي رحلة تبدو مجهولة المصير، تحدثت الناشطة في مجال التغير المناخي، غريتا ثانبيرغ، لبي بي سي نيوز عربي وهي على متن سفينة "مادلين" التابعة لتحالف أسطول الحرية بعد يوم من إبحارها من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية جنوبي إيطاليا، وهي محملة بمساعدات إنسانية ومتوجهة صوب غزة.
بصوت هادئ ولكن مفعم بالإصرار، قالت لي غريتا إن "المعنويات مرتفعة" بين فريق المتطوعين على متن السفينة رغم إدراكهم أن "المخاطر وحالة عدم اليقين كبيرة".
تقول: "نحن نعي تمامًا حجم المخاطر، ولكننا توصلنا إلى قناعة مفادها أن خطر عدم القيام بأي شيء أكبر بكثير من المخاطر التي تنطوي عليها هذه المهمة. ما نفعله لا يُقارن إطلاقًا بما يواجهه الفلسطينيون يوميًا فقط لمجرد محاولة البقاء على قيد الحياة."
وتضيف: "نحن سفينة تحمل مساعدات إنسانية. لا نحمل أسلحة. نحن متطوعون سلميون من جميع أنحاء العالم، ونسافر في المياه الدولية، وهو حقنا الكامل ونهجنا، وسنتمسك به. هدفنا الوصول إلى غزة، لكن بالطبع ندرك حالة عدم اليقين، خصوصًا بعد ما حدث مع القوافل السابقة. ومع ذلك، نحن مصممون على مواصلة المهمة."
أثناء إجرائي المقابلة مع غريتا، كانت تقف على سطح السفينة، في نقطة مرتفعة تُطل مباشرة على البحر المفتوح. وخلفها، كنت أرى الأمواج تمتد بلا نهاية، والرياح تُداعب شعرها بخفة بينما تواصل السفينة تقدمها في المياه الدولية. لم تكن المقابلة طويلة، لكن كلماتها كانت واضحة ومباشرة، وتنطق بنبرة مفعمة بالعزيمة.
تقول: "لقد درسنا جميع المخاطر المحتملة لهذه المهمة بدقة. سواء كان ذلك احتمال الاعتراض، أو الاحتجاز في الميناء، أو التعرض إلى هجمات بأشكال مختلفة من قبل قوات الجيش الإسرائيلي أو حلفائه."
وفي 2 مايو/ آيار الماضي، تعرضت سفينة "الضمير" التابعة أيضا لتحالف أسطول الحرية إلى هجوم بطائرتين من دون طيار قبالة سواحل مالطا، حمل منظمو الرحلة إسرائيل مسؤولية تنفيذه. لكن لم يصدر حتى الآن أي رد إسرائيلي رسمي بشأن هذا الاتهام.
أما سفينة "مادلين"، فهي السفينة رقم 36 التي تبحر في إطار المحاولات المتكررة لتحالف أسطول الحرية لإيصال المساعدات إلى غزة، منذ انطلاقه في 2008 عندما كان وقتذاك يحمل اسم "حركة غزة الحرة". ومنذ ذلك الحين، لم تنجح سوى خمس سفن فقط في الوصول فعليا إلى شواطئ غزة محملة بكميات رمزية من المساعدات الإنسانية.
على متن "مادلين"، التي تحمل 12 شخصا من بينهم أربعة من الطاقم، تتجه شحنة من الأدوية والغذاء لسكان غزة، في رحلة من المتوقع أن تستغرق أسبوعا ما لم تواجه اعتراضا أو عطلا تقنيا. ويقول المشاركون في الرحلة، ومن بينهم الممثل ليام كانينغهام والبرلمانية الأوروبية ريما حسن، إن المساعدات تحمل معها رسائل خطتها الأيادي لدعم سكان غزة والتضامن معهم.
ويعود اسم السفينة نسبة إلى "مادلين كلاب" وهي أول وأصغر امرأة فلسطينية في غزة امتهنت الصيد عام 2014. ويقول المتطوعون إنهم اختاروا الاسم للتعبير عن تضامنهم ودعمهم لفئة الصيادين والنساء في غزة و كرمز للصمود والتحدي.
Getty Images
الناشطة السويدية غريتا ثانبيرغ تشارك في رحلة "مادلين" التابعة لتحالف أسطول الحرية المتجهة صوب غزة لإيصال المساعدات
"الأصدقاء في غزة ينتظرون وصولنا"
وبينما تتابع "مادلين" رحلتها في البحر المتوسط، تؤكد غريتا أن الفريق على تواصل دائم مع "الأصدقاء والرفاق" في غزة، الذين ينتظرون وصولهم إلى سواحل القطاع، وتشير إلى أن هناك شعورا "بالإنجاز" لدى الفريق فقط لأنه استطاع اتخاذ خطوة الإبحار بالفعل.
تقول: "أحد أكبر المخاطر في مهمات كهذه هو أن نُحتجز في الميناء بسبب الحروب البيروقراطية، وقد نجحنا في تجاوز هذه العقبة. وجودنا الآن في عرض البحر يُعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح. لكن بالطبع هذه المهمة لا تقتصر علينا نحن الموجودين على متن السفينة."
لم تتحدث إلي غريتا بصفتها ناشطة عالمية معروفة، بل كمتطوعة تؤمن بما تفعل. قالت لي، بنبرة هادئة ولكن حازمة، إن عزيمة الفريق للوصول إلى غزة لم تتزعزع رغم كل التحديات.
تقول، "المعنويات مرتفعة عالية . نؤدي مهامنا اليومية، ونُكثّف تدريباتنا على اللاعنف بشكل مكثف. نحن ملتزمون بمواصلة مهمتنا".
وتقول: "الأمر ليس متعلقاً بنا أو بالمهمة بحد ذاتها، بل بالدافع وراء ما نقوم به. نحن نفعل هذا لأن حكوماتنا أخفقت في التحرك. المؤسسات والشركات وكل الجهات التي يُفترض أن تمثلنا لا تتدخل، بل متواطئة في الإبادة الجماعية الحالية. لهذا كان لزاماً علينا أن نتحرك. فالمسألة تتعلق بالفلسطينيين، بمعاناتهم وبالشجاعة التي يظهرونها يومياً"، على حد قولها.
وقال الجيش الإسرائيلي الاثنين 2 يونيو/ حزيران، في رد مقتضب على الإذاعة الإسرائيلية بشأن إبحار السفينة مادلين: "نطبق الحصار البحري الأمني على غزة ومستعدون لمجموعة من السيناريوهات"، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.
Getty Images
السفينة "مادلين" تبحر إلى غزة محملة بكميات رمزية من المساعدات الإنسانية
"وماذا إذا لم تصلوا إلى غزة؟"
كيف توازن غريتا بين كونها ناشطة في مجال التغير المناخي وبين انخراطها في قضايا سياسية شائكة كالحرب في غزة؟ قالت بهدوء وثقة: "أنا ناشطة، لأنني أُدافع عما هو صائب. أُدافع عن حق الجميع في الوجود، وعن العدالة، وعن الحرية. لا يمكننا أن نفصل بين الأزمات؛ فأسباب المعاناة الإنسانية مترابطة، سواء كانت ناجمة عن التغير المناخي، أو القمع السياسي، أو الاحتلال، أو حتى الإبادة الجماعية. إذا كنا ندّعي أننا نهتم بالمناخ والعدالة ومستقبل البشرية، فلا يمكن أن نتجاهل معاناة الشعوب المهمشة اليوم. النضال من أجل العدالة لا يتجزأ."
واستكملت غريتا إجابتها متسائلة باستنكار "السؤال ليس لماذا نهتم بالقضية الفلسطينية؟ بل كيف لا نهتم؟ كيف يمكننا أن نغضّ الطرف عن كل هذا الألم ونتظاهر بأننا نكافح من أجل عالم، أيّا كان سبب المعاناة الإنسانية التي نشهدها اليوم – سواء كانت القنابل، أو انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أو التدهور البيئي، أو القمع السياسي، أو حتى الإبادة الجماعية... علينا أن نواجه أسباب هذه المعاناة."
"وماذا إذا لم تصلوا إلى غزة؟" كان هذا سؤالي الأخير الذي طرحته على غريتا، فقالت بابتسامة: "حينها، على الأقل، سأشعر أننا حاولنا، وأننا واصلنا السعي، ومهما كانت الاحتمالات، علينا أن نستمر. علينا أن نبذل كل ما في وسعنا. لأن اللحظة التي نتوقف فيها عن المحاولة، هي اللحظة التي نفقد فيها إنسانيتنا وأملنا".
وكان متطوعون في تحالف أسطول الحرية قد قالوا لبي بي سي في وقت سابق إنهم يستعدون لرحلة جديدة للاتجاه لغزة حال لم تصل المساعدات الإنسانية المحملة على متن "مادلين" إلى وجهتها النهائية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 4 ساعات
- الأيام
ما الذي يربط ترامب وماسك رغم الخلاف؟
BBC تطورت علاقة ترامب وماسك في السابق، إلا أنها ساءت مؤخراً بشكل كبير لا يبدو أن الخلاف بين اثنين من أقوى مليارديرات العالم سينتهي قريباً، خصوصاً بعد أن زعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجمعة، أن إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، "فقد عقله". وعلى الرغم من أن المراقبين توقعوا منذ فترة طويلة أن ترامب وماسك سيختلفان في نهاية المطاف، إلا أن قلة توقعوا سرعة وضراوة الخلاف بينهما على وسائل التواصل الاجتماعي. يشار إلى أن المكالمة الهاتفية التي كان من المقرر إجراؤها بينهما الجمعة لم تتم، ويقال إن ترامب يفكر في بيع سيارة تسلا الحمراء التي اشتراها من شركة ماسك في مارس/ آذار. وقد يكون لخلافهما بشأن الإنفاق الحكومي الأمريكي آثار بعيدة المدى على الصناعة الأمريكية. ومنذ أن أعلن ماسك دعمه الكامل للرئيس ترامب عقب محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل أقل من عام، ازداد تشابك المصالح السياسية والتجارية بين الرجلين. وأصبح الرجلان يعتمدان على بعضهما البعض، في عدة مجالات رئيسية - بما في ذلك التمويل السياسي، والعقود الحكومية، وعلاقاتهما الشخصية - ما يعني أن إنهاء التحالف بينهما من المرجح أن يكون فوضوياً. وهذا يُعقّد تداعيات خلافهما، ويضمن أنه أينما اتجه الخلاف، سيظلان مرتبطين - ولديهما القدرة على الإضرار ببعضهما البعض بطرق متعددة. تمويل الحملات الانتخابية على مدار العام الماضي، كانت تبرعات ماسك لترامب والجمهوريين الآخرين هائلة - إذ بلغ مجموع التبرعات 290 مليون دولار وفقاً لموقع (أوبن سيكريتس) لتتبع تمويل الحملات الانتخابية. وزعم ماسك، الخميس، أن الرئيس فاز في الانتخابات بفضله، واشتكى من "نكران الجميل". وهناك مثال مضاد واضح. ففي وقت سابق من هذا العام، أنفق ماسك 20 مليون دولار في سباق قضائي رئيسي في ولاية ويسكونسن، ومع ذلك، خسر مرشحه الجمهوري المختار بفارق 10 نقاط مئوية في ولاية فاز بها ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ومع ذلك، تُعدّ تبرعات ماسك مبلغاً ضخماً من المال سيُفوّت على الجمهوريين في سعيهم للحفاظ على تفوقهم في الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2026. وربما كانت هذه مشكلة يواجهوها على أي حال. إذ أن ماسك كان قد صرّح في وقت سابق بأنه سيُساهم "بشكل أقل بكثير" في الحملات الانتخابية في المستقبل. ولكن هل يُمكن أن يدفع خلاف ماسك مع البيت الأبيض ليس فقط إلى الانسحاب، بل إلى إنفاق أمواله لدعم معارضة ترامب؟ وألمح [ماسك] بذلك، يوم الخميس عندما نشر استطلاع رأي على منصة إكس X، عبر التساؤل "هل حان الوقت لإنشاء حزب سياسي جديد في أمريكا يُمثّل فعلياً نسبة 80 في المئة من الطبقة المتوسطة؟" العقود الحكومية والتحقيقات BBC كيف تحول ترامب من مالك لسيارة تسلا إلى ناقد لها ثم إلى راغب في بيعها؟ دخلت شركات ماسك، بما في ذلك سبيس إكس وشركتها الفرعية ستارلينك وتسلا، معاملاتٍ تجاريةً ضخمةً مع الحكومة الأمريكية. وحصلت شركة سبيس إكس وحدها على عقودٍ حكومية أمريكية بقيمة 20.9 مليار دولار منذ عام 2008، وفقاً لتحليل أجرته بي بي سي لتقصي الحقائق. وأدرك ترامب أن هذا الأمر يمنحه نفوذاً على أغنى رجل في العالم. ونشر على موقع "تروث سوشيال" التابع لترامب، يوم الخميس "أسهل طريقة لتوفير المال في ميزانيتنا، مليارات الدولارات، هي إنهاء الدعم الحكومي وعقود إيلون ماسك. ولطالما فوجئت بأن بايدن لم يفعل ذلك!" في المقابل، هدد ماسك بالرد بإيقاف تشغيل مركبة سبيس إكس دراغون، التي تنقل رواد الفضاء والإمدادات إلى محطة الفضاء الدولية. لكنه تراجع لاحقاً عن هذا التهديد. عملياً، يُعد إلغاء العقود الحكومية أو الانسحاب منها عملية قانونية معقدة وطويلة، ومن المرجح أن تواصل الحكومة الأمريكية، في الوقت الحالي وفي المستقبل، التعامل التجاري مع شركات ماسك بشكل كبير. إذ لا يمكن لأي شركة أخرى غير سبيس إكس تصنيع صواريخ دراغون وفالكون 9، والتزمت ناسا بعدد من رحلات محطة الفضاء والقمر باستخدام مركبات سبيس إكس. وعلى الرغم من هذه الشراكات التجارية، يواجه ماسك وشركاته أيضاً تحقيقات من عدد من الوكالات الحكومية - أكثر من 30 وكالة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في فبراير/ شباط - وقضايا تنظيمية مثل الموافقة على سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي اقترحتها تسلا. شخصيات داخل الحكومة ووادي السيليكون عندما كُلّف ماسك بإنشاء إدارة كفاءة الحكومة لخفض التكاليف (دوج) Doge، كأحد محركات التغيير الرئيسية التي وضعها ترامب داخل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، مُنح صلاحيات واسعة لاختيار موظفيه. ووفقاً لقوائم مسربة لموظفي إدارة كفاءة الحكومة، عمل العديد منهم سابقاً في شركات ماسك. وعلى الرغم من مغادرة ماسك (دوج) قبل أسبوع، لا يزال العديد من الموظفين في وظائفهم الحكومية. كما يرتبط بعض موظفي (دوج) بعلاقات وثيقة مع معسكر ترامب. فقد كانت كاتي ميلر - التي عملت في إدارة ترامب الأولى ومتزوجة من نائب رئيس موظفي البيت الأبيض الحالي ستيفن ميلر - المتحدثة باسم إدارة كفاءة الحكومة. ومع ذلك، أفادت شبكة سي إن إن CNN أن السيدة ميلر تركت الحكومة أيضاً الأسبوع الماضي، وتعمل الآن بدوام كامل مع ماسك. وهناك آخرون في إدارة ترامب قد تُختبر ولاءاتهم بسبب هذا الخلاف. كديفيد ساكس، الذي عيّنه ترامب مستشاره الأول في مجال الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، المُقرّب من ماسك، والذي عمل معه قبل عقود في شركة باي بال. وفي شركة إكس (تويتر سابقا)، كان العديد من المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون، إلى جانب مؤثري عالم ماغا، يختارون أحد الجانبين، ويُحللون الرسائل المتبادلة بين الرئيس وأغنى رجل في العالم. كما أجرت شركة يوغوف لاستطلاعات الرأي استطلاعاً سريعاً يوم الخميس، سألت فيه المشاركين "ستصطفون إلى جانب من؟". وأشارت النتائج إلى أن 70 في المئة من الجمهوريين المشاركين في الاستطلاع اختاروا ترامب، مُقارنةً بأقل من واحد من كل عشرة اختار ماسك.


الأيام
منذ يوم واحد
- الأيام
'غزة لم تعد جحيماً فقط، بل أصبحت أسوأ'
Getty Images قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهيئة لبي بي سي إن غزة أصبحت أسوأ من الجحيم على الأرض. وفي مقابلة أجرتها بي بي سي في مقر اللجنة بجنيف، قالت رئيسة المنظمة ميرْيانا سبولياريتش إن "الإنسانية أخفقت" بينما يشاهد العالم أهوال الحرب في القطاع. وفي غرفة قريبة من واجهة عرضت عليها ثلاث جوائز نوبل للسلام حصلت عليها اللجنة، سألنا سبولياريتش عن تصريحاتها في شهر أبريل/نيسان حين وصفت غزة بأنها "جحيم على الأرض"، وما إذا كان هناك شيء قد تغيّر منذ ذلك الحين، فأجابت: "لقد أصبح الأمر أسوأ، لا يمكننا الاستمرار في مشاهدة ما يحدث، إنه يتجاوز أي معيار قانوني أو أخلاقي أو إنساني مقبول"، وأضافت: "مستوى الدمار، مستوى المعاناة، والأهم من ذلك، حقيقة أننا نشهد شعباً يُجرد بالكامل من كرامته الإنسانية، يجب أن يصدم ذلك ضميرنا الجماعي". وأكدت على ضرورة أن تبذل الدول المزيد لإنهاء الحرب، ووقف معاناة الفلسطينيين، وضمان إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. كلماتها، التي بدا واضحاً أنها اختارتها بعناية شديدة، تحمل ثقلاً أخلاقياً كبيراً كونها صادرة عن رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر. إذ أن الصليب الأحمر الدولي، منظمة إنسانية عالمية تعمل منذ أكثر من 150 عاماً على تخفيف المعاناة خلال الحروب، كما أنها الجهة الراعية لاتفاقيات جنيف، وهي مجموعة من القوانين الإنسانية الدولية التي تهدف إلى حماية المدنيين وغير المقاتلين. وأحدث نسخة من تلك الاتفاقيات، هي اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تم تبنيها بعد الحرب العالمية الثانية بهدف منع تكرار المجازر بحق المدنيين. وفي حين تبرر إسرائيل ما تقوم به في غزة على أنها دفاع عن النفس، تقول سبولياريتش إن ""لكل دولة حق في الدفاع عن نفسها، ولكل أم الحق في أن ترى أطفالها يعودون إليها، ولا يوجد أي مبرر لأخذ رهائن، ولا يوجد أي مبرر لحرمان الأطفال من الغذاء أو الرعاية الصحية أو الأمان"، مشيرة إلى أن "هناك قواعد تحكم الأعمال القتالية، وعلى كل طرف في أي نزاع احترامها". وعند سؤالها عمّا إذ كان ذلك يعني أن هجوم عناصر من حماس وفصائل أخرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز حوالى 250 رهينة بحسب السلطات الإسرائيلية، لا يبرر تدمير إسرائيل لقطاع غزة وقتل أكثر من 50,000 فلسطيني؟، فأجابت: "لا يوجد أي مبرر لانتهاك أو تفريغ اتفاقيات جنيف من مضمونها، ولا يُسمح لأي طرف بخرق القواعد مهما كانت الظروف، وهذا أمر مهم، لأن القواعد نفسها تنطبق على كل إنسان بحسب اتفاقيات جنيف، الطفل في غزة يتمتع بالحماية ذاتها التي يتمتع بها الطفل في إسرائيل". Reuters وأضافت سبولياريتش: "أنت لا تعرف أبداً متى قد يكون طفلك هو الطرف الأضعف، وسيحتاج لهذه الحماية". وتُعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر مصدراً موثوقاً للمعلومات بشأن ما يحدث في غزة، خصوصاً مع منع إسرائيل لوسائل الإعلام الدولية، بما فيها بي بي سي، من إرسال صحفيين إلى القطاع. وتشكل تقارير أكثر من 300 موظف يعملون لدى الصليب الأحمر في غزة، 90 في المئة منهم فلسطينيون، جزءاً مهماً من سجل الحرب. وتتحدث سبولياريتش يومياً مع قائد فريق اللجنة في غزة، كما يُعد المستشفى الجراحي التابع للجنة في رفح أقرب منشأة طبية إلى المنطقة التي شهدت مقتل العديد من الفلسطينيين أثناء عملية توزيع المساعدات من قبل مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل. وعلى غرار الأمم المتحدة، لا تشارك اللجنة الدولية في العملية الجديدة لتوزيع المساعدات، إذ تقول إن أبرز عيوب هذه العملية هو اجبار عشرات الآلاف من المدنيين الجائعين على المرور داخل منطقة حرب نشطة. وقالت سبولياريتش إنه "لا يوجد أي مبرر لتغيير وكسر شيء يعمل، واستبداله بشيء لا يبدو أنه يعمل". وفي الأيام الأخيرة، تعرض الفريق الجراحي في مستشفى الصليب الأحمر في رفح لحالة من الإنهاك الشديد مرتين على الأقل نتيجة تدفق المصابين أثناء توزيع الغذاء. وأكدت سبولياريتش أنه "لا يوجد مكان آمن في غزة، لا للمدنيين، ولا للرهائن. هذه حقيقة، حتى مستشفانا ليس آمناً، لا أتذكر حالة مشابهة رأينا فيها أنفسنا نعمل في وسط العمليات العسكرية". Getty Images وقبل بضعة أيام، أُصيب طفل صغير برصاصة اخترقت نسيج خيمة المشفى أثناء علاجه. وتابعت سبولياريتش أنه "لا يوجد لدينا أمن حتى لموظفينا، إنهم يعملون 20 ساعة في اليوم، يرهقون أنفسهم، ولكن الوضع يفوق قدرة البشر". وقالت اللجنة إن فرقها الجراحية في رفح استقبلت خلال ساعات قليلة فقط صباح الثلاثاء 184 مصاباً، من بينهم 19 توفوا لحظة وصولهم، و8 آخرون توفوا متأثرين بجراحهم لاحقاً. وكان ذلك أعلى عدد من الإصابات في حادثة واحدة منذ إنشاء المستشفى الميداني قبل أكثر من عام. ووقع الحادث عند الفجر، إذ قال شهود فلسطينيون وأطباء من اللجنة إن مشاهد القتل كانت مروعة حين فتحت القوات الإسرائيلية النار على فلسطينيين اقتربوا من موقع توزيع المساعدات الجديد جنوب غزة، بينما وصف شاهد أجنبي المشهد بـ"المجزرة الكاملة". في المقابل، قدمت إسرائيل رواية مختلفة تماماً. ففي بيان رسمي، قالت إن "مشتبه بهم" اقتربوا من القوات الإسرائيلية "من خارج المسارات المحددة"، مضيفة أن قواتها "أطلقت نيران تحذيرية، وتم توجيه طلقات إضافية بالقرب من بعض المشتبه بهم الذين واصلوا التقدم نحو القوات". وقال متحدث عسكري إن السلطات الإسرائيلية تحقق في ما جرى، ونفى إطلاق النار على فلسطينيين في حادثة مماثلة يوم الأحد. وقالت سبولياريتش إن اللجنة تشعر بقلق عميق تجاه الخطاب الداعي إلى النصر بأي ثمن، والحرب الشاملة، وتجريد البشر من إنسانيتهم. وأضافت: "نحن نشهد أموراً ستجعل العالم مكاناً أكثر بؤساً، ليس فقط في هذه المنطقة، بل في كل مكان، لأننا نُفرغ القواعد التي تحمي الحقوق الأساسية لكل إنسان من معناها". وحذرت سبولياريتش من مستقبل مظلم للمنطقة في حال عدم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، مؤكدة أن "هذا أمر مصيري للحفاظ على طريق نحو السلام في المنطقة، إذا دمرنا هذا الطريق إلى الأبد، فلن تجد المنطقة أبداً الأمن والاستقرار. ولكن يمكننا إيقاف ذلك الآن، لم يفت الأوان بعد". ودعت سبولياريتش قادة الدول للتحرك، قائلة: "على قادة الدول الالتزام بالتحرك. أنا أناشدهم أن يفعلوا شيئاً، أن يفعلوا المزيد، وأن يستخدموا كل ما في وسعهم، لأن ما يحدث سيرتد إليهم وسيطاردهم وسيصل إلى أبوابهم". وتُعد اللجنة الدولية للصليب الأحمر الجهة الراعية لاتفاقيات جنيف، خاصة الاتفاقية الرابعة التي أُقرت بعد الحرب العالمية الثانية لحماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة. وأكدت سبولياريتش أن هجمات عناصر من حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تبرر ما يجري حالياً، إذ "لا يُسمح لأي طرف بخرق القواعد، مهما كان". وأطلقت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة رداً على هجوم عناصر من حماس، أسفر عن مقتل حوالي 1,200 شخص واحتجاز 251 آخرين كرهائن بحسب السلطات الإسرائيلية. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما لا يقل عن 54,607 أشخاص في غزة، منهم 4,335 منذ استئناف إسرائيل لهجومها في 18 مارس/آذار، بحسب وزارة الصحة في القطاع. وفي ختام المقابلة، دعت سبولياريتش إلى وقف فوري للعدوان، وقالت: "لا يمكننا الاستمرار في مشاهدة ما يحدث، إنه تحدٍ الإنسانية، وسيطاردنا جميعاً". وأضافت أن "على كل دولة الالتزام باستخدام الوسائل السلمية المتاحة لديها للمساعدة لتغيير ما يحدث اليوم في غزة".


برلمان
منذ 2 أيام
- برلمان
دراسة: التمرين المنتظم في الشتاء يحافظ على مستويات فيتامين D
الخط : A- A+ إستمع للمقال كشفت دراسة بريطانية حديثة أن المواظبة على ممارسة التمارين الرياضية خلال فصل الشتاء تساهم في الحفاظ على مستويات فيتامين D، دون الحاجة إلى مكملات غذائية، حيث أشرف على الدراسة، التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، باحثون من جامعات باث وكامبريدج وبرمنغهام، وشملت مشاركين بالغين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. وأوضح الدكتور أولي بيركين، الباحث الرئيسي من جامعة باث، أن هذه الدراسة 'هي الأولى التي تثبت أن التمارين الرياضية وحدها قادرة على الحماية من الانخفاض الشتوي في مستويات فيتامين D'. وخضع المشاركون لبرنامج رياضي داخلي دام عشرة أسابيع، تضمّن أربع حصص أسبوعياً شملت التمرين على جهاز المشي والدراجات الهوائية الثابتة، إلى جانب جلسات مكثفة متقطعة. وبيّنت النتائج أن من مارسوا الرياضة سجلوا انخفاضاً أقل بنسبة 15% في مستويات فيتامين D، مقارنة بانخفاض بلغ 25% لدى من لم يمارسوا أي نشاط بدني. وأظهرت الدراسة أيضا أن التمارين الرياضية ساعدت في الحفاظ على 'الشكل النشط' لفيتامين D، وهو العنصر الحيوي لصحة العظام والعضلات والأسنان، كما يلعب دوراً مهماً في دعم الجهاز المناعي. وفي هذا السياق، شدّد الدكتور بيركين على أن النشاط البدني 'يوفر فوائد متعددة لا تقدمها مكملات الفيتامين D'، مشيرا إلى أن التمارين تمثل وسيلة طبيعية فعالة خصوصا في أشهر الشتاء. من جانبه، وصف البروفيسور ديلان طومسون، من جامعة باث أيضا، النتائج بـ'الفائدة المزدوجة'، مؤكدا أن التمارين تمثل استراتيجية فعالة للحصول على فيتامين D، لا سيما لدى الأشخاص الذين تكون المكملات أقل فعالية في أجسامهم.