
ما يحصل في سوريا برسم ما يُرسم للبنان (نداء الوطن)
لقد كشفت الأحداث الأخيرة أن نظام الرئيس السوري أحمد الشرع ما زال هشًا على صعد عدة، وطنية وسياسية وإدارية ومؤسساتية وأمنية، فضلًا عن بروز ارتباك على مستوى القرار بين تقدم وتخبط وانكفاء، وبين رفع لواء الدولة الموحدة فوق أي اعتبار، وبين الاستعداد للتسليم بشراكة معينة مع بعض المجتمعات المتمايزة عن الأكثرية. وإن دل ذلك على شيء فعلى أن قرار تثبيت النظام الجديد في سوريا لم يرسُ بعد على نظرة ثابتة، وإن توافر الدعم الدولي له عبر رفع العقوبات والإفراج عن المساعدات وبوادر الاستثمارات.
ويقول دبلوماسي أوروبي في مجالسه الخاصة، وهو ينتمي لدولة حليفة للولايات المتحدة وتتماهى بنسبة كبيرة مع توجهات الرئيس دونالد ترامب، إن التجربة السورية ينبغي أن تكون أمثولة، إذ لا يمكن استبدال ديكتاتورية طائفية بديكتاتورية طائفية أخرى، علمًا أن المجتمع الدولي يتفهم الصعوبات في وجه النظام الجديد، لكنه لا يبرر أبدًا أي أخطاء كبيرة أو نافرة، بل يريد الوصول إلى استقرار معقول بالحد الأدنى في مرحلة أولى في سوريا وفي سائر الدول المضطربة في المنطقة، قبل الانتقال إلى مرحلة ترسيخ الاستقرار على أسس واقعية تكفل الديمقراطية والتنوع وحماية حقوق الأقليات، من خلال تثبيتها في الدساتير والقوانين كما هو حاصل في دول غربية عدة.
ويلفت إلى أن النموذج اللبناني هو اليوم الأكثر حساسية، ولا بد من إيلائه عناية معينة تكفل الهدوء على حدوده الجنوبية بشكل مستدام، كما تكفل الهدوء في الداخل على قاعدة تفاهمات معينة بين أبرز المكونات، وحينها ليس لدى المجتمع الدولي أي موقف مسبق سلبًا أو إيجابًا، بل سيسلّم بما يتفق عليه اللبنانيون. ويلفت إلى أن التطورات السورية يمكن أن تخدم لبنان في هذا الاتجاه، باعتبار لبنان بلدًا تشاركيًا تحت سقف الدولة الواحدة، وهذه التشاركية ليست عامل ضعف بقدر ما هي عامل قوة للبنان الدولة وللمكونات الرئيسية فيه على السواء.
ويقول: 'الصراع في المنطقة لم ينتهِ بعد، والأجواء توحي بمواجهات شتى، وإذا كانت إيران تراهن على صبر الأميركيين وعدم رغبتهم في خوض الحرب مجددًا، فإنها في الوقت عينه فقدت الكثير من أوراقها، ولذلك تتمسك بالورقة الأبرز بالنسبة لها، وهي 'حزب الله' المسلح.
وما لا يقوله الدبلوماسي الأوروبي، يقوله قيادي لبناني سيادي، إذ يلفت إلى أن 'حزب الله' في حالة ارتباك، بين تلبية الرغبة الإيرانية التصعيدية، وبين حساباته المدروسة ماليًا وشعبيًا وسياسيًا. ومن هنا، يبدو 'الحزب' أمام خيارات عدة، وهو يدرك أن الزمن تغير، لكنه يراهن على التعويض ما أمكن من خلال الضغط للحفاظ أو لتحصيل أكبر عدد من المواقع في الدولة والمؤسسات. لقد فقد الدعم غير المحدود من المحور بقيادة الجمهورية الإسلامية، بعد الضربات القاسية التي تلقتها حركة 'حماس' والخسائر الهائلة التي حلت به وقضت على أبرز قياداته وجزء كبير من بنيته العسكرية وبعد سقوط نظام بشار الأسد، والحملة الإسرائيلية الأميركية على المواقع النووية والاستراتيجية الإيرانية.
ويعتبر أن العهد يخسر عند كل طلعة شمس بعضًا من رصيده، ويشعر من بنى آمالًا عليه حتى من شخصيات مستقلة وليس لها ارتباطات سياسية، بأن تلك الآمال في تراجع يقارب الخيبة. ولذلك، ماذا يمنع رئيس الجمهورية في لحظة ما أن يقول 'الأمر لي'، ومن خلاله للحكومة، في مسألة حصرية السلاح، على قاعدة إجراءات عملية ضمن جدول زمني محدد وخارطة طريق واضحة. وحينها، سيكون محصنًا بدعم شعبي هائل، يوازي ثلاثة أرباع اللبنانيين، ولن يجرؤ أحد على الحديث عن صلاحيات أو تعد على صلاحيات، طالما أن الهدف وطني والقرار الحازم هو أمنية الأكثرية الساحقة من اللبنانيين.
وحينها تستعيد الدولة سيادتها الكاملة تدريجًا، علمًا أن محاولة 'حزب الله' الاحتفاط ببعض من سلاحه أو مطالبته باستراتيجية دفاعية تريحه، لن يكون لها محل على الساحة السياسية، لا سيما وأن قوى أخرى ستطالب في حينه بالمثل، طالما أن مبرر السلاح الثقيل قد انتفى عمليًا. ومع رسوخ الاستقرار العتيد، ستكون الفرصة أمام اللبنانيين لإعادة قراءة الصيغة بما يخدم عدم إلغاء أحد، وبما يؤكد على الحقوق المشروعة لجميع المكونات اللبنانية بمعزل عن الأحجام والأرقام، وليتحمل كل مسؤوليته، لأن المسيحيين، كما يقول القيادي السيادي، لن يكونوا أبدًا مواطنين من فئة ثانية، ولن يسمحوا بإسقاط لبنان الميثاق، بل جلّ ما يريدونه هو الحفاظ على لبنان منزلاً بمنازل عدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
لِمَن ترك حزب الله السلاح في شمال الليطاني؟
أشار عضو تكتل الجمهورية القوية النائب سعيد الأسمر، مساء اليوم، إلى أن 'نزع السلاح غير الشرعي هو مطلبنا أولاً ومطلب لبنان قبل أن يكون مطلب الخارج'. وفي حديث عبر الـLBCI، أكّد الأسمر أنّه لديه ثقة بالرئيسين عون وسلام ولكن الطريقة المتّبعة غير مقنعة ولا يُعقل أن لا تكون هناك مهلة زمنية واضحة لنزع سلاح الحزب. وشدد في كلامه ألا سبب لتمسّك الحزب بالسلاح وألا سبب للدولة اللبنانية لأن تخاف من الحزب نفسه. وتسأل الأسمر: 'لِمَن ترك حزب الله السلاح في شمال الليطاني؟ ضدّ من يُريد استخدامه؟ وكيف يمكن الجلوس معه والتفاوض في ظل هذه الظروف؟'. وأوضح رفضه أي تأجيل للانتخابات النيابية وعلى أنه يجب أن تحصل بموعدها.


الشرق الجزائرية
منذ 3 ساعات
- الشرق الجزائرية
المكابرة الإيرانية إلى أين؟؟؟
كتب عوني الكعكي: هناك محادثات سوف تعقد في اسطنبول بين الترويكا الأوروبية: بريطانيا وفرنسا وألمانيا على مستوى نواب وزراء الخارجية في مبنى القنصلية الإيرانية العامة. قبل الموعد المقرّر عقده صدر عن وزير خارجية إيران عباس عراقجي أن بلاده ستدافع خلال الاجتماعات عن «حقوقها النووية» بما في ذلك تخصيب اليورانيوم، وأنّ بلاده لا تزال قوية وموضوع التخصيب سيستمر، وتأتي محادثات اسطنبول في سياق استكمال لمحادثات سابقة، واعتبر أنه على العالم أن يدرك أنّ موقفنا واضح ولم يتغيّر. وأبدى استعداد طهران الدائم للمضي قدماً في برنامجها النووي. هذا التصريح يؤكد أنّ مراكز القوى في إيران مختلفة مع بعضها البعض، وتنقسم الى أكثر من جبهة: – جبهة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، ويقف معه الحرس الثوري. وهذه الجبهة هي جبهة متشددة. – جبهة رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان والحكومة، أي وزير الخارجية وبقيّة الوزراء. وهذه الجبهة هي جبهة صورية لا تقدّم ولا تؤخر، لأنّ القرار يصدر من عند المرشد. – جبهة الجيش الذي ليس له وجود لأنّ الحرس الثوري يسيطر على كل شيء بدءاً بموازنة الدولة ومداخيلها التي يتصرّف بها كما يشاء. مصيبة هذه الصورة أنها لا تريد أن تعترف أن الأمور تغيّرت خاصة بعد الهزائم التي مُني بها محور المقاومة أو ما يسمّى بـ«أذرع إيران» في المنطقة: أولاً: عملية «البيجر» واللاسلكي التي أسقطت حزب الله، وأصبح الحزب الذي أجبر إسرائيل في يوم من الأيام على الانسحاب من لبنان عام 2000، وكانت أوّل مرة في تاريخ إسرائيل أن تنسحب من أراضٍ عربية احتلتها بالقوة من دون قيد ولا شرط. والأنكى من ذلك، أن هناك 11 فرصة منذ دخول الحزب كمساند لجبهة غزة ومجيء المندوب الأميركي آموس هوكشتين يعرض خلالها انسحاب إسرائيل من 23 موقعاً موضع خلاف بين لبنان وإسرائيل، بدون أي شرط، بالإضافة الى إعادة النظر بالترسيم البحري الذي جرى بين لبنان وإسرائيل، تلك كانت فرصة تاريخية. أما اليوم، فإنّ إسرائيل وبالرغم من قبولها بوقف إطلاق النار، فإنها تقتل وتدمّر يومياً، حتى إن جنوب الليطاني أصبح شبيهاً لغزة أي إنه ممحي ولا يوجد فيه منزل واحد ظلّ صامداً. ثم اغتيال قائد الحزب شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله، الذي اغتيل بعملية عسكرية دنيئة بقنابل تخترق جميع الدفاعات. والطامة الكبرى سقوط بشار الأسد وهروبه بطريقة مخزية. لا شك أن سقوط سوريا قطع طريق الإمداد بين طهران وبيروت، وأصبح الحزب معزولاً تماماً. أمام كل هذه المتغيّرات لا يزال بعض المسؤولين يدلون بتصريحات تبيّـن أنهم يعيشون في عالم «لا لند» أي في الفضاء. إسرائيل الشيطان الأصغر. واعترفوا بهزيمتكم وأعيدوا النظر بمواقفكم.


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
حزب الله: مُستعدّون للحوار حول الاستراتيجيّة الدفاعيّة... مُلتزمون بتنفيذ الـ" 1701" ولا ينفعنا سوى وحدتنا الوطنيّة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب *لفت عضو المجلس السياسي في حزب الله الوزير السابق محمود قماطي، خلال الاحتفال التكريمي أقامه الحزب للشهيد المفقود علي عفيف نحلة في مجمع الإمام المجتبى- السان تيريز، أن "المشروع على المنطقة كبير وخطير جدا، ولا ينفعنا في لبنان سوى الوحدة الوطنية"، معتبرا ان "كل من يريد ضرب هذه الوحدة أو خرقها، فهو يخدم إسرائيل والمخطط التآمري على المنطقة". وقال: "لذلك دعوتنا واضحة ونوعية، بأن علينا أن نتحد كلبنانيين لخدمة الكيان اللبناني، وفي مقدمتنا جميعا المقاومة التي تدافع عن سيادة لبنان، علما أننا لسنا ذراعا لخدمة أي دولة في العالم، فنحن ذراع وعضد وسواعد وسلاح وقوة الوطن، وسندافع عن هذا الوطن بكل مكوناته وشعبه، ولن نخضع لأحد ولن نتنازل عن قوة وطننا وأهلنا وشعبنا مهما هددوا وتوعدوا ونددوا، لأنه إن تنازلنا عن قوتنا وسلاحنا، فهذا يعني زوال لبنان". وشدد قماطي على أن "هناك أولوية واحدة وتاريخية، لا بد أن تطغى على كل شيء، حيث إن لبنان في خطر، وهو مهدد من كل الجهات، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، ومهدد بالزوال بصيغته. وهذا ما أعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حينما قال "إن لبنان مخير بين الوصاية "الإسرائيلية" أو الوصاية السورية"، وهذا ما قاله المبعوث الأميركي توم براك أنه "إذا لم يخضع لبنان، فيمكن أن يكون جزءا من بلاد الشام"، أي أن لبنان ينتهي ويصبح جزءا من سوريا، وكل هذا لا يسمعه اللبنانيون الذين يطغى على عقولهم الحقد والضغينة والكراهية، وبناء على كل ذلك، يجب أن نكون جميعنا كلبنانيين إلى جانب الجيش اللبناني، للدفاع عن الوطن وكيانه وعزته وسيادته، وعن الصيغة اللبنانية الفريدة في هذه المنطقة". وأكد أننا "مستعدون للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، وكيف تكون المقاومة ركنا أساسيا من سياسة الدفاع عن لبنان إلى جانب الجيش اللبناني، ولن ننخدع بشعار حصرية السلاح الذي لا يعني المقاومة التي تدافع عن لبنان مع الجيش اللبناني، لأن حصرية السلاح، هي لحماية الأمن الداخلي اللبناني من السلاح المتفلت ومن المافيات والأفراح والأتراح، ومن السلاح الذي بيد الأحزاب التي لا تقاتل دفاعا عن لبنان، ولم تلعب يوما دور مقاومة للدفاع عن لبنان ضد عدو خارجي". وختم قماطي مؤكدا أن "المقاومة كانت وستبقى قوة وسيادة ودرة ومجد لبنان، شاء من شاء وأبى من أبى، ولن نقبل بالخطاب الذي يصور المقاومة أنها مشكلة الوطن، فهذه المقاومة وجدت لكي تحمي البلد والوطن وشعبه واقتصاده وازدهاره واستقراره". *اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ايهاب حمادة، في حديث اذاعي، "أن ما يجري هو "أسلوب من أساليب السياسة الأميركية الحديثة، التي تجمع بين الطمأنة وتمرير الرسائل"، مشددا على أن "حزب الله لا ينظر إلى الأميركي كوسيط أو طرف محايد، بل يعتبره صاحب مشروع حقيقي في المنطقة، حيث إن الكيان "الإسرائيلي" يشكل الذراع الممتدة له". وأشار إلى أن "المشروع الأميركي الثابت والوحيد يتمثل في نزع نقطة القوة في المنطقة، وفي لبنان، من خلال اعتماد سياسة العصا والجزرة. ونحن في حزب الله غير معنيين بالورقة الأميركية، بل بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، والرئيس بري يمثل موقف حزب الله على المستويين الديبلوماسي والسياسي. وردّ الدولة اللبنانية يرتكز على حقوق اللبنانيين". وأكد حمادة أن "ما قدمه الرئيس جوزاف عون باسم الدولة اللبنانية واضح، ويبدأ بمندرجات القرار 1701، وفي مقدمها الانسحاب "الإسرائيلي"، وموقف بري متقدم في هذا السياق، ونحن غير معنيين بأي كلام آخر". وفي ما يتعلق بحصرية السلاح، قال حمادة: "نحن غير مختلفين على المبدأ، لكن الإشكالية تكمن في تمكين الدولة، وفي صياغة استراتيجية خارجية تنتج استراتيجية دفاعية قادرة على حماية لبنان واللبنانيين"، مضيفا "الكرة اليوم في ملعب "الإسرائيلي"، ويجب وقف الاعتداءات قبل الحديث عن حصرية السلاح. فالسلاح بات يساوي الوجود والأولوية هي للضمانات". وأوضح أن "وحدة اللبنانيين تعد من أهم نقاط القوة، إلى جانب وجود المقاومة والجيش، في إطار ثلاثية تعبر عن منطق الأمور وتترجم في الواقع"، مضيفا "سنواجه إذا فرضت علينا الحرب، فالأعزل لا يستطيع الدفاع عن نفسه. "الإسرائيلي" يسعى للقضاء على كل مفردات القوة في لبنان، وقد عبرنا عن جهوزيتنا ولن نسلم له". وختم حمادة: "المواجهة مع الجيش اللبناني هي ضرب من المحال، ومن يدعو إلى نزع سلاح المقاومة بالقوة، إنما يدعو إلى حرب أهلية في لبنان".