
اعترافات ومراجعات (102).. يهود الظاهر.. حنين إلى الماضي
والذى يتصفح الكتاب يشعر بأن شيئًا ما قد حدث فى هذا العالم لينقلب التعايش المشترك إلى نفورٍ وعداء، ويتحول الاندماج السكانى إلى قطيعة يلتقى فيها رفاق الأمس فى ميادين القتال بفعل الحركة الصهيونية وتأثيرها المدمر على الحالة النفسية والسلوك الإنسانى فى هذه المنطقة من العالم منذ مؤتمر بازل، وكتاب تيودور هرتزل عام ١٨٩٧ عن دولة يهودية يعلن عن قيامها بعد نصف قرنٍ من ذلك التاريخ، وهو ما حدث بالفعل رغم التضحيات العربية والفلسطينية.
ويدهش القارئ وهو يتصفح هذا الكتاب المتميز الذى نسجل هنا تقديرنا لمؤلفته واللغة التى كتب بها والأفكار التى انطلق منها هذا الكتاب بصفحاته التى تزيد عن ثلاثمائة وخمسين تبدو بمثابة ضربة قوية لروح التعصب الصهيونى والعنصرية الإسرائيلية التى نشهدها هذه الأيام، فالكتاب يوثق بوضوح لحالة التعايش المشترك بين أبناء مصر، يهودًا ومسيحيين ومسلمين.
وكيف احتضنت الأغلبية العددية باقى أبناء الوطن ولم يعكّر صفو ذلك النسيج المتناغم إلا التدخلات الأجنبية وموجات التعصب التى كانت تجتاح العلاقة بين الشرق المسلم والغرب الأوروبى لأسبابٍ واهية من بقايا الحروب الصليبية والمواجهات فى الأندلس ومراكز التدخل فى صقلية ومالطة وغيرهما من شرق وجنوب المتوسط، إن أهمية هذا الكتاب تكمن فى توقيته، فلقد عكفت الباحثة بأمانة شديدة وموضوعية واضحة وحيادٍ كامل على تصفح ملفات اليهود فى القاهرة، خصوصًا فى حى الظاهر الذى أرخت له الكاتبة فى تأصيل نظرى يذكر لها.
ولقد أمضيت ساعاتٍ مع هذا الكتاب فى سعادةٍ غامرة، لأن كثيرًا من سطوره توحى بما يجب أن ننتبه له وندركه، وهو أن اليهود كانوا جزءًا لا يتجزأ من الحضارة العربية الإسلامية المسيحية، ووصل بعضهم إلى مراكز عليا فى الدولة ولم تنشأ روح العداء إلا بميلاد الحركة الصهيونية التى بشّر بها غلاة اليهود المتطرفون الذين طرقوا باب نابليون بونابرت ومحمد على باشا، ثم الخلفاء العثمانيين، خصوصًا فى القرن الأخير للخلافة، حيث كانت تركة الرجل المريض هى موضوع النزاع بين الورثة الأوروبيين وبعض دول البلقان.
والأمر المؤكد هو أن الرفض أو على الأقل عدم الاهتمام كان رد فعل هذه القوى التى سعت كثيرًا حتى تحقق حلم الدولة اليهودية، وظهرت إسرائيل كيانًا معتديًا منذ اليوم الأول لميلادها، وسوف نلاحظ من سطور هذا الكتاب أن الباحثة نجحت ـ بجهدٍ كبيرـ فى إبراز الصورة الحقيقية للوجود اليهودى فى أحد أحياء القاهرة فى العصر الملكى تحديدًا، لذلك سوف يأخذ هذا الكتاب القيم مكانه اللائق بين الدراسات المتخصصة فى علم الاجتماع السياسى وتوصيف الحالة المصرية وتوثيق أحداثها بنزاهة وموضوعية وحياد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
الإبادة والتهجير تخطاهما الزمن
هل كان المستكشفون الذين هاجموا القارة الاميركية وأفنوا سكانها، يخبرون شعوبهم، -إن كان للشعب وزن في ذلك الزمن- أنهم أبادوا الابرياء الغافلين واستولوا على بلادهم؟!.الشعوب ليس لها رأي ولا تُستفتى أصلاً، في السياسة الخارجية لانظمتها، الى وقت قريب، فكيف ستعلم بالجرائم التي ارتكبها الاوروبيون في اميركا واستراليا، ومن بعدها في آسيا وأفريقيا، قبل الحرب العالمية الأولى وبعد الحرب العالمية الثانية؟!.جرائم الغرب و أميركا لا تكاد تحصى، ولو كانت شعوبهم رأت جرائمهم، في ذلك الحين، كما يرونها اليوم، لوقفوا لهم ولحاولوا منعهم، ولكنهم نفذوا ما أرادوا..!! ولم يبق من الشعوب الأصلية في أميركا واستراليا ونيوزلاندا إلا القليل، وحتى أنهم حاولوا تكرار الإبادة في أفريقيا وآسيا!!.نَهَم وطمع الاوروبيين، جعلهم يحاولون تكرار جرائمهم السابقة، على شعوب العالم الاسلامي الذي قاتلهم قرون طويلة وانتصر عليهم، عادوا لاستخدام الاساليب التي استخدموها سابقاً، وغرهم في ذلك سهولة إبادة السكان الاصليين وراء "بحر الظلمات" دون أن يراهم أحد أو ينقل أخبارهم أحد، وحتى لو وصلت الأخبار، مجردة بلا صورة حية، لا تحرك مشاعر الناس إلا بمقدار 20% ثم تتلاشى في بضعة أيام، ثم هذه النسبة تنتقل الى انعدام الشعور إذا رأى شعب القراصنة الخيرات والذهب الذي جاؤوا به، من بلاد السمن والعسل كما روجوا لشعوبهم، مع أنها كانت لشعوب اميركا الأصليين، بلاد الموت والاجرام. لذلك القراصنة الجدد الذين يغزون بلادنا بعقلية القراصنة الاوائل، أمامهم عقبتان: عقبة قديمة رأوها في الحروب الصليبية، وهي عقيدة القتال، ثم "الزمن"، حيث تطورت وسائل المواصلات والاتصالات، وصارت وسائل الاتصال الحديثة تكشف للجمهور أدق دقائق ما يفعله المجرمون..أما لماذا هذا الحديث، لأن القراصنة الجدد كانت حملاتهم الاستعمارية على أفريقيا وآسيا، مدفوعة بهاجسهم أنهم يستطيعون إبادة الشعوب القريبة منهم وتفريغ بلادهم واستعمارها كما فعلوا في استراليا وغيرها، ولم يحم شعوب منطقتنا، إلا (الصراع الدولي)، ولو انفرد الفرنسيون في الجزائر لأبادوهم واصبحت بلادهم فرنسية، وكذلك ليبيا، والكلام ينسحب على مستعمرات بريطانيا، والصراع الدولي الآن في أوجه، ما يعرقل خطط اميركا في تنفيذ التطهير العرقي، في ظل صمود المقاومة ومناصرة شعوب الغرب لها..التواطؤ من الحكومات الغربية عن الابادة في غزة، يعني أنها متواطئة، وكل من يتصل بهذه الحكومات من كوادرها أو من عبيدها حول العالم، متواطئ، ويريد تكريس الإبادة على رؤوس الاشهاد، وفي هذا الزمن، ليتمكنوا من تخويف شعوب العالم، والدول المعتدلة، وأعداءهم الدوليين، لتستمر هيمنتهم على العالم، لكن الشعوب تسمع وترى وتتفاعل وتصرخ وتأبى السكوت، وستظل تناضل حتى تدحر قوى الشر الغربية التي تزلزلت قواعدها على المستوى الدولي والشعبي، وهي في طريقها الى الانهيار التام..

عمون
٠٣-٠٧-٢٠٢٥
- عمون
الممرات والطرق القديمة والجديدة
"كما هو منشور ومعلن في الإنترنت، فقد قاد الجنرال الفرنسي نابليون بونابرت على الولايات العثمانية (مصر والشام) حملة فرنسية بجيش قوامه ٣٦ ألف مقاتل عام ١٧٩٨–١٨٠١، وهي إحدى مظاهر التنافس آنذاك الفرنسي البريطاني، ولقطع طريق بريطانيا–الهند والسيطرة على مصر لتصبح قاعدة استراتيجية، ونشر الأفكار الثورية الفرنسية في المنطقة. وقد فشل في اقتحام عكا، وكان نابليون يبحث عن دعم اليهود في حملته، وفي عام ١٧٩٩ أصدر نابليون بيانًا يدعو فيه اليهود إلى العودة إلى فلسطين. وعلى الرغم من الانتصارات العسكرية الأولية، انتهت الحملة في النهاية إلى الفشل، رغم أنها أول غزو للشرق الأوسط منذ الحروب الصليبية." وفي عام ٢٠١٣ أطلقت الصين مشروعًا اسمه "الحزام والطريق" Belt and Road Initiative، لإحياء "طريق الحرير القديم" عبر مشاريع بنى تحتية ضخمة – برية وبحرية – تربطها بأوروبا وآسيا وأفريقيا. "طريق الحرير القديم" هو شبكة طرق برية وبحرية بدأت من الصين ومرت عبر آسيا الوسطى وبلاد فارس حتى وصلت إلى الشرق الأوسط وأوروبا، وشملت طرقًا فرعية وصلت إلى شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، واستُخدم منذ القرن الثاني قبل الميلاد وحتى القرن الخامس عشر الميلادي. وأهم المدن والمناطق على الطريق: تشانغان (شيان الحالية – الصين) سمرقند وبخارى (أوزبكستان) مرو (تركمانستان) تبريز وأصفهان (إيران) بغداد ودمشق (العراق وسوريا) القدس وعكا (بلاد الشام) القاهرة والإسكندرية (مصر) القسطنطينية (إسطنبول – تركيا) وصولًا إلى البندقية وروما (إيطاليا) السلع المتبادلة: من الشرق إلى الغرب: حرير، ورق، بارود، شاي، خزف من الغرب إلى الشرق: ذهب، فضة، زجاج، صوف، عنبر، كتب دينية وفلسفية وقد كان له أثر ثقافي وديني، وعزّز الاحتكاك الحضاري، وأثّر في الفنون واللغات. وكان طريق الحرير البحري ممتدًا من الموانئ الصينية عبر بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي مرورًا بالهند، ووصل إلى الجزيرة العربية وشرق أفريقيا والبحر الأحمر. وفي ٩ أيلول عام ٢٠٢٣، كما هو منشور: "أعلن الرئيس الأمريكي السابق، السيد جو بايدن، عن خطط لبناء ممر للسكك الحديدية والشحن يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي والتعاون السياسي لدى الأطراف. ومن شأن الممر، الذي جرى تحديده في القمة السنوية لمجموعة العشرين لأكبر الاقتصادات في العالم، السبت 9 من أيلول، أن يساعد في تعزيز التجارة، وتوفير موارد الطاقة، وتحسين الاتصال الرقمي. مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي آنذاك، السيد جيك سوليفان، قال إن الخط سيشمل الهند والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والأردن، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي". "من جهتها، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، أنّ المشروع 'أكبر بكثير من مجرّد سكك حديد أو كابلات'، مشيرة إلى 'جسر أخضر ورقمي بين القارات والحضارات'."


السوسنة
٣٠-٠٦-٢٠٢٥
- السوسنة
طائفية أم سياسة
العالم العربي والإسلامي فريسة يتنازعها مفترسان، كل واحد منهم يريدها له وحده، ويحارب ليبعد منافسه، ويستعمل لذلك كل الوسائل غير المشروعة بما فيها تسخير الشعوب ومعتقداتهم لحشدهم معه، وكذلك مواردهم لتمويل حروبه مع المنافس، ومستعد أن يضحي بالشعب المحتل من أجل تفوقه على منافسه!!.أما كيف يستطيع المحتل أن يخضع السواد الأعضم من الشعب له دون مقاومة، بل ويجاهد مع المحتل ليستمر تحت الاحتلال، حتى أن بعض المضبوعين يرفض الحرية ويمقت أهلها وبنفس طائفي، وهنا يغتنم المستعمر وسيلة تشبه بالضبط طقوس ذبح الأضحية!! فعندما يأتي "المستعمر" لالتهام الشعوب ومقدراته.. مجرد أن يقول "الله أكبر"، تضطجع الضحية وتستسلم للذبح!!! لذلك من الوسائل السياسية التي اتبعها المتنافسان، هو الدين!! فدرسوه جيداً، ثم درسوا التاريخ الثقافي للمسلمين، وكيف تعاطوا مع الدين، فعرفوا نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم، وما الذي يجمعهم وما الذي يفرقهم، وبناء عليه، صنعوا فِرقاً وجماعات يدعون لهم ويشرعنون الواقع الذي صنعوه وتحت مظلة الدين الذي اختطفه المستعمر. الطائفية هي من أشد الأسلحة التي استعملها الاستعمار الغربي فتكاً في زمننا، والتي بدأت تظهر بشكل جلي بعد خمود طويل بعد الحروب الصليبية، لكن الاستراتيجية الاستعمارية الحديثة طورت أساليبها فتخفت عن العامة، وظهرت في الأنظمة الحاكمة، وامتطت السياسية كليهما!! وليست أي سياسة، السياسة الاستعمارية، التي أخرجت كل نقاط الضعف في الثقافة الاسلامية، وليس في الدين طبعاً!! فجعلت تديّنهم المنحرف يغرقهم في رمال الاستعمار، بدلا من أن يوقفهم على ارض صلبة (وهي الدين الحق) تمكنهم من الصمود بوجه أعدائهم المتوحشين.. المحزن أن الطائفيين لا يرون أمامهم إلا خيارين.. إما أن يدخلوا حظيرة أميركا وربيبتها، أو حضيرة فرنسا وحلفائها..، والضابط في اختيارهم هو: أي الفريقين قدم لهم السلاح أولاً ليقاتلوا أخوانهم في الدين والوطن، أما لماذا أقول فرنسا لأنها هي التي تلعب على التيار الشيعي لتحتفظ بمستعمراتها، وتحقق تفوقها على أميركا، التي تستثمر بما يسمى الدول السنية، فالفرنسيون يدعمون حركات تضغط على دولها، لتقاوم النفوذ الأميركي وتنعي على السنة باتباعهم الاميركان حلفاء الكيان، وأما الاميركان فيدعمون أنظمة تقمع شعوبها لإدخالهم تحت المظلة الأميركية... وترفع شعار حاربوا الشيعة!!. لذلك الدول في العالم الاسلامي لا يصدق عليها وصف "طائفية"، ولا حتى الشعوب باستثناء اتباع المستعمرين مروجي الطائفية، لأن الطائفية لا تخدم الشعوب بل تخدم الدول المتنفذة، فالشعوب ليس لها أساس تبني عليه انجازاتها لأنها لا تملك دولة مستقلة، فقط هي تنادي بانتمائها الطائفي وغالباً ما يصب في صالح الدول التي تخطط للسيطرة، ولها مصالح وأهداف تسعى لتحقيقها، وأما الشعوب التي "تتنافخ" طائفياً فليس لها أهداف إلا إذلال منافسها الطائفي دون أن تحصل على مكاسب لبناء دولة مستقلة، ونتائج هذا التنافخ الطائفي واضح أنه لم يحصل على أي مكسب سياسي لأنه لم يتعامل بالسياسة وليس له هدف سياسي ، وهذه بلاد المسلمين التي قاتل طائفيوها تنوء تحت الفشل والفقر والتخلف، رغم ذلك يشعرون أنهم انتصروا طائفياً، كما حصل في العراق وسوريا!! والحقيقة أن من يحركهم سياسياً هو الذي انتصر وانهزمت الطائفية لانها لم تقدم لشعوبها أي مكسب، فمن ليس له أهداف سياسية يسعى لها، سيكون أداة من أدوات أحد الاطراف التي تسعى لمكاسب سياسية، وتترك الطائفية التي أحلّت أهلها دار البوار.. كلا طرفي النزاع يستخدم الطائفية لمصالحه، يبقى شيء واحد وهو الشعوب، يهمها التحرك السياسي الذي يأتي بمكاسب على الارض ويوحد العرب والمسلمين، ونحن كشعوب لنا اتجاه واحد هو (فلسطين) فمن يعيننا على اقتلاع المحتل منها ومن المنطقة، وبناء دول لها استقلال سياسي، فهنا مصلحتنا، والذي يحرّم علينا مجرد الحديث عن اتجاهنا السياسي وقضايانا فليس لنا معه مصلحة لا سياسية ولا طائفية..