logo
لبنان الرسمي يتحدث بلغة جديدة... فهل يستعيد مكانته عربيا؟

لبنان الرسمي يتحدث بلغة جديدة... فهل يستعيد مكانته عربيا؟

Independent عربيةمنذ 2 أيام
عانى لبنان خلال الأعوام الماضية عزلة عربية ودولية خانقة دفع ثمنها الشعب والاقتصاد والمؤسسات، البعض يقول إنها نتيجة هيمنة "حزب الله" على القرار السيادي وتحويل الدولة اللبنانية، ففُرض شبه حصار سياسي واقتصادي، لا سيما أن البلاد دخلت أيضاً في أزمات إقليمية امتدت من اليمن إلى سوريا والعراق، فتحولت من منصة للحوار والانفتاح إلى ساحة مفتوحة لتصدير الأزمات والمواد الممنوعة والخطابات العدائية.
لكن المرحلة الجديدة التي بدأت تتبلور بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة وتراجع هيبة الحزب داخلياً وخارجياً أعادت فتح النوافذ الموصدة، ومع انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية بدأت ملامح فك تدرجي لحقبة العزلة من خلال إعادة بناء علاقات لبنان مع محيطه العربي والدولي، ومحاولات إعادة هيكلة الدولة كمركز قرار مستقل.
من العزلة إلى المبادرة
يعتبر مقربون من الرئيس أن زياراته الأخيرة والتي شملت دولاً عربية عدة لم تكن بروتوكولية بل ضرورة سياسية بعد أعوام من التراكمات التي عززت القطيعة بين لبنان وأشقائه العرب، فالسياسات السابقة وتهريب الكبتاغون والاستخدام الأمني والسياسي للأراضي اللبنانية كلها عوامل أسهمت في تحويل لبنان إلى دولة منبوذة عربياً، ويؤكد هؤلاء أن الرئيس اختار كسر هذا المسار عبر لغة سياسية جديدة، وتعهدات بالسيادة والتزام واضح بمبدأ النأي بالنفس، فلا مكان في خطابه للهجوم على الخليج، ولا تبرير لعمليات التهريب، بل دعوة صريحة إلى استعادة الدولة هيبتها وحدودها في الداخل والخارج.
وينظر إلى الزيارة الأولى إلى السعودية كمؤشر حاسم بعد انتخابه بأسابيع، فبوابة الخليج فتحت من جديد، واللقاء مع القيادة السعودية حمل رسائل سياسية مفادها أن بيروت لم تعد منصة عدائية بل شريك في الأمن والاستقرار، وتلتها زيارات إلى قطر والإمارات والكويت أكدت أن العواصم الخليجية مستعدة للعودة شرط أن تستعيد الدولة اللبنانية زمام القرار، وأبرز تجليات هذا التحول كانت في زيارة البحرين، الدولة التي قطعت علاقاتها مع لبنان منذ عام 2021، ثم قررت في يوليو (تموز) 2025 إعادة فتح سفارتها، ولم يكن ذلك مجرد تطبيع دبلوماسي بل إعلان ثقة ضمني برئاسة لبنانية جديدة.
تنويع الشراكات اللبنانية مع دول المنطقة
زيارة القاهرة بدورها أعادت ترسيخ العلاقات مع دولة مركزية في المنطقة، فاللقاء مع الرئيس عبدالفتاح السيسي لم يكن عابراً بل حمل دعماً صريحاً لمؤسسات الدولة، وخصوصاً الجيش، ولخطة إصلاحية باتت ضرورة، أما في عمّان فتركز النقاش مع الملك عبدالله الثاني على ملفي النزوح السوري والطاقة، وهما ملفان إستراتيجيان لبلد يرزح تحت ضغط مالي وكهربائي خانق، فيما زيارة قبرص أعادت لبنان لمحيطه المتوسطي، سياسياً وأمنياً لا فقط جغرافياً، وقد عزز التعاون في ملفي الطاقة والهجرة غير الشرعية والدعم القبرصي لموقف لبنان داخل الاتحاد الأوروبي هذه الشراكة، وأما الجزائر فكانت مفاجأة دبلوماسية، فبعد عقدين من الغياب حظي الرئيس باستقبال دولة أُتبع بمخرجات اقتصادية مباشرة، وهذه الزيارة فتحت أفقاً جديداً لانفتاح لبنان على المغرب العربي.
التحرك وحده لا يكفي
في المقابل يقرا متابعون للشأن الداخلي أن الجولات الرئاسية مثلت نجاحاً دبلوماسياً مهماً لكنها تنذر بتحد أكبر داخلياً، فالدعم العربي مشروط بإصلاحات اقتصادية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وكبح الفساد وحسم مسألة السلاح غير الشرعي، وهي شروط يعتبرها الأشقاء العرب أساساً لعودة لبنان كدولة لا كساحة.
معتبرين في المقابل أن غياب زيارات قادة عرب إلى بيروت حتى الآن يعكس ترقباً لخطوات تنفيذية، فالدعم السياسي قائم لكن التتويج الرسمي لا يزال معلقاً ريثما تثبت الدولة قدرتها على استعادة القرار الوطني وضبط قرار الحرب والسلم، وبرأيهم أن الرئيس عون أعاد موقع لبنان للواجهة، لكن الأهم أنه أعاد الحوار مع الأشقاء للغة العقل والمصالح المشتركة بعد أعوام من الخطابات الانفعالية، وزياراته لم تكن سعياً إلى التمويل فقط بل تأكيداً على انتماء لبنان السياسي والثقافي إلى الفضاء العربي، لكن على الدولة أن تواكب هذا التوجه بأفعال لا أقوال.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بوابة ذهبية
وفي هذا السياق علّق مدير "مركز المشرق للدراسات الإستراتيجية" سامي نادر على زيارة الرئيس جوزاف عون إلى السعودية قائلاً إن "الرياض بوابة ذهبية لعودة لبنان للحضن العربي"، معتبراً أن انطلاقة الرئيس من الرياض حملت رسالة واضحة بأن لبنان يريد إعادة تموضعه عربياً ودولياً عبر قرار لبناني مستقل.
ويرى نادر أن هذه الزيارة لم تكن بروتوكولية بل محملة بدلالات سياسية وإستراتيجية، وشكلت انعكاساً لإرادة داخلية جديدة، لكنه شدد على أن نجاح المسار الخارجي مرهون بالإصلاح الداخلي، وأن الخليج لن يمنح لبنان شيكاً على بياض ما لم تترجم الخطوات إلى قرارات حازمة.
توازن العلاقات أساسي
بدوره يرى العميد المتقاعد هشام جابر أن سياسة الرئيس الخارجية تمثل "تحولاً رسمياً مدروساً لإعادة تموضع لبنان من ساحة نزاع إلى دولة قرار"، مؤكداً أن الجولة التي شملت السعودية والبحرين والجزائر وقبرص والفاتيكان تعبر عن رغبة لبنانية واضحة في إعادة إنتاج السيادة وبناء شراكات عدة، وبحسب جابر فإن هذه الزيارات لا تهدف إلى بروتوكولات شكلية بل إلى خلق بيئة داعمة للاستثمارات، وفتح قنوات تعاون اقتصادي وإستراتيجي تخرج لبنان من عزلته.
لكن العميد المتقاعد خالد حمادة وجه انتقادات حادة لزيارة الرئيس إلى الجزائر، معتبراً أنها "قرار عشوائي وغير مدروس"، واعتبر أن الجزائر الغارقة في خلافات دبلوماسية مع فرنسا والمغرب وإسبانيا ليست الشريك الأنسب في لحظة تحتاج فيها بيروت إلى تأييد حلفائها داخل مجلس الأمن لتجديد ولاية الـ "يونيفيل"، مشدداً على أن الملفات التي طرحت مثل التعاون في الطاقة أو الإعمار لا ترقى إلى مستوى رئاسة الجمهورية، وكان الأجدى تكليف وزراء أو سفراء بها، وبالنسبة إليه فهذه العشوائية لا تبني سياسة خارجية رصينة، بل قد تعرقل الجهود اللبنانية بدل أن تدعمها.
كيف ينظر "الثنائي الشيعي" إلى زيارات الرئيس الخارجية؟
يؤكد الكاتب السياسي المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، قاسم قصير، أن "الثنائي الشيعي" أي "حزب الله" وحركة "أمل" ينظر بإيجابية إلى تحركات رئيس الجمهورية اللبنانية، معتبراً أن ما يقوم به الرئيس يصب في مصلحة لبنان العامة، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه البلاد على مختلف المستويات.
ويكشف عن أن "حزب الله" منفتح على النقاش والحوار حول هذا المسار، ويتفاعل بإيجابية مع أي جهد رئاسي يصب في مصلحة الاستقرار والانفتاح الخارجي، مؤكداً أن عدداً من الدول أبدى استعداداً واضحاً لدعم لبنان، منها العراق والجزائر وإيران، وربما دول أخرى في حال توفرت الظروف المناسبة.
وختم قائلاً "نحن مع أفضل العلاقات مع الدول العربية والإسلامية"، مشيراً إلى أن مسار التقارب بين إيران والسعودية لا يزال مستمراً، ويمكن البناء عليه من أجل التهدئة إقليمياً، مما ينعكس إيجاباً على لبنان.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل تنفذ الورقة الأمريكية لبنان من براثن حزب الله وسلاحه؟
هل تنفذ الورقة الأمريكية لبنان من براثن حزب الله وسلاحه؟

صحيفة عاجل

timeمنذ 43 دقائق

  • صحيفة عاجل

هل تنفذ الورقة الأمريكية لبنان من براثن حزب الله وسلاحه؟

فريق التحرير أقرت الحكومة اللبنانية، إنهاء الوجود المسلح على كامل الأراضي اللبنانية، بما فيه «حزب الله»، ونشر الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، بغياب الوزراء الشيعة، عن اجتماع مجلس الوزراء، دون أن ينسحبوا من الحكومة، اعتراضاً على إصرار الحكومة على مناقشة الورقة، مطالبين بتثبيت وقف إطلاق النار قبل مناقشتها. وتناول اجتماع، الخميس، الذي استمر لأكثر من 4 ساعات في القصر الجمهوري، مضمون مذكرة حملها المبعوث الأمريكي توم باراك إلى المسؤولين اللبنانيين، تتضمّن جدولا زمنيا وآلية لنزع سلاح الحزب الذي كان قبل المواجهة الأخيرة مع إسرائيل. تضمّ المذكرة التي حملها المبعوث الأميركي، وفق وكالة الأنباء اللبنانية، 11 بنداً بداية من تنفيذ لبنان لوثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ"اتفاق الطائف"، والدستور اللبناني وقرارات مجلس الأمن، في مقدمها القرار 1701، والانهاء التدريجي للوجود المسلح الجميع الجهات غير الحكومية، بما فيها "حزب الله"، في كافة الأراضي اللبنانية، وصولا الى انتشار القوات اللبنانية الشرعية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود. كما تنص كذلك على انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تقدمت اليها خلال الحرب. كما تضم المذكرة المؤلفة من بنود عدة، وفق نص نشرته تفاصيل حول جدول وآلية نزع سلاح الحزب، بدءا بوقف تحركاته ونقل سلاحه على الأرض، وصولا إلى انتشار القوات اللبنانية الشرعية على مراحل في كل مناطق سيطرته، وتعزيز مراقبة الحدود. وتلحظ الورقة مرحلة لاحقة لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وبين لبنان وسوريا، ثم مرحلة تثبيت كل ذلك بمسار دبلوماسي لإعادة إعمار لبنان. كما تشير الورقة أيضا إلى ضمانات أمريكية وفرنسية في حال تم تنفيذ المطلوب من لبنان. وإضافة إلى الضغوط الأمريكية، يوجد مخاوف حيال إمكانية توسع إسرائيل في ضرباتها في لبنان رغم اتفاق وقف إطلاق النار. فيما يرجح أن هذين العاملين كانا وراء إعلان رئيس وزراء لبنان نواف سلام تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر سلاح حزب الله، قبل نهاية العام. فيما شدد التكليف الحكومي على أن تكون هذه الخطة بيد الجهات المحدّدة في إعلان الترتيبات الخاصة بوقف الاعمال العدائية وحدها، على أن يتم عرضها على مجلس الوزراء قبل نهاية الشهر الجاري لمناقشتها وإقرارها. يأتي ذلك فيما استبق الوزراء الشيعة انتهاء الجلسة بالانسحاب منها، اعتراضا على عدم تراجع الحكومة عن قرارها بسحب السلاح بحلول نهاية العام، وفق ما أوردت قناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله، بعد رفضهم النقاش في ورقة باراك. وأكدت الكتلة البرلمانية اللبنانية من جانب الوزراء الشيعة، أن "التسرع المريب وغير المنطقي" للحكومة ورئيسها في الموافقة على المطالب الأمريكية يشكل "مخالفة ميثاقية صريحة" ويمثل "ضربة لاتفاق الطائف"، الذي نص صراحة على حق لبنان في الدفاع عن نفسه. وطالب حزب الله، المدعوم من طهران، بأن تنسحب إسرائيل من 5 مرتفعات جنوب لبنان أبقت قواتها فيها بعد سريان وقف إطلاق النار، وأن توقف ضرباتها، من بين شروط أخرى، قبل نقاش مصير سلاحه داخليا ضمن استراتيجية دفاعية. وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، يواصل الجانب الإسرائيلي شن ضربات على مناطق مختلفة في لبنان، تشيرا إلى إنها تستهدف بنى تحتية للحزب ومستودعات أسلحة وقياديين ناشطين ضدّها. فيما تتوعد بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في لبنان ما لم تنجح السلطات في نزع سلاح الحزب.

4 تحديات تواجه إعادة بريطانيا للاجئين إلى فرنسا
4 تحديات تواجه إعادة بريطانيا للاجئين إلى فرنسا

Independent عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • Independent عربية

4 تحديات تواجه إعادة بريطانيا للاجئين إلى فرنسا

دخل الاتفاق بين لندن وباريس لإعادة "لاجئي القوارب" من المملكة المتحدة إلى فرنسا حيز التنفيذ يوم أمس الثلاثاء، ولكن تطبيقه يواجه أربعة تحديات رئيسية قد تفرغه من محتواه وتجعله بلا جدوى، وبخاصة إذا اجتمعت مع بعضها. أولى الصعوبات تتمثل باتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية التي أسهمت بريطانيا في صياغتها، وعندما قررت حكومة المحافظين السابقة في لندن ترحيل اللاجئين إلى دولة رواندا الأفريقية قبل بضعة أعوام، اصطدمت بهذه الاتفاقية. المحكمة الأوروبية استناداً للاتفاقية منعت إقلاع أول طائرة لترحيل اللاجئين من مطار هيثرو في يونيو (حزيران) 2022 بحجة أن البلد الأفريقي ليس آمناً، واليوم تهدد الاتفاقية ذاتها تنفيذ صفقة (واحد مقابل واحد) بين لندن وباريس. الصفقة التي وقعها رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير إلى المملكة المتحدة في 8 يوليو (تموز) الماضي، تمنع إعادة أي مهاجر تقدم بطلب لجوء ولم تبت لندن بطلبه نهائياً. وحسم السلطات البريطانية المختصة في طلبات اللجوء قد يستغرق وقتاً في ظل تراكمها منذ تطبيق "بريكست" 2020، بينما الوقت المتاح لإعادة أي مهاجر وفق اتفاق لندن وباريس لا يتجاوز ثلاثة أشهر يبدأ احتسابها بمجرد وصوله إلى شواطئ إنجلترا، وغالبية القادمين يتقدمون بطلبات لجوء فور نزولهم أراضي بريطانيا. يقول وزير الداخلية في "حكومة الظل" كريس فيلب، إن هذه المسألة تعد "ثغرة قانونية سهلة" سيستغلها محامو المهاجرين لجعل المعاهدة بلا جدوى، أما رد الحكومة فجاء عبر مسؤولة أمن الحدود أنجيلا إيجل، حين قالت إن كل مهاجر يتبين بطلان حجته لطلب اللجوء سيرحل على الفور، لكنها لم تقل كيف ستسرع الحكومة البت في طلبات اللجوء وتتجنب وصولها إلى القضاء للبت في أية اعتراضات عليها. واتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية تمنح فرنسا وأي دولة في الاتحاد الأوروبي فرصة التدخل في تحديد قائمة المرحلين من المملكة المتحدة، لذلك تتعالى أصوات اليمين البريطاني المطالبة بالانسحاب من الاتفاقية، وعلى رأس قائمة الداعين لهذا اليوم النائب وزعيم حزب "ريفورم" نايجل فاراج الذي يشكك أصلاً بجدوى خطط الحكومة العمالية لضبط الحدود ووقف تدفق المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) بعيداً من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تأهبت مكاتب محاماة ومنظمات حقوقية لإغراق السلطات البريطانية بالاعتراضات القانونية على ترحيل اللاجئين بأسباب وحجج مختلفة، من بينها تقديم طعن في المعاهدة المبرمة مع باريس أمام القضاء ليعطلها أو يلغيها بشكل عام، وهذه مبادرة تعهدت بها منظمة Care4Calais الخيرية التي تعمل على مساعدة اللاجئين في المملكة المتحدة وفرنسا وبلجيكا. هناك أيضاً ضرورة إثبات عمر المهاجر المؤهل للترحيل، حيث لا تشمل الاتفاقية القصر إلا إذا كانوا برفقة ذويهم، وحسم ادعاء اللاجئ بأن سنه أقل من 18 سنة يحتاج إلى فحوصات وتدقيق يستغرق أسابيع وأشهر أحياناً. التحدي القانوني الآخر هو إجمالي الوقت اللازم لإجراء كل الفحوصات الأمنية والطبية لكل من يصل البلاد قبل تبليغ باريس بنية لندن إعادته إلى فرنسا، فهذا التبليغ يجب أن يتم خلال 14 يوماً فقط من وصول المهاجر إلى سواحل إنجلترا، فإن تعذر ذلك لأي سبب سقط حق بريطانيا بإعادته وأصبح مشكلة داخلية. مع التبليغ يجب أن تزود بريطانيا فرنسا بكل المعلومات حول اللاجئ المراد ترحيله، وجمع البيانات عن "لاجئي القوارب" ستعتمد المملكة المتحدة فيه على نفسها، حيث يقيد نفاذها إلى السجلات الفرنسية والأوروبية ذات الشأن. وتلزم الاتفاقية باريس بالرد على طلب إعادة المهاجر خلال 28 يوماً من استلام تبليغ لندن، ولن يبارح اللاجئ الأراضي البريطانية حتى وصول رد فرنسا وإن تأخر عن المهلة المحددة، وبالتالي لا تملك المملكة المتحدة من أوراق الضغط لاستعجال الرد إلا تكرار رسائل التبليغ أو الغضب وإرسال إشعار بإنهاء الاتفاق. وحتى هذا الإنهاء مشروط وفق المعاهدة، فهو يقتضي منح أي طرف للآخر مهلة شهر كامل لتطبيقه، وفي حال أراد أي منهما تعليق تطبيق المعاهدة وليس إنهاء العمل فيها فهو يحتاج أيضاً إلى إمهال الآخر مدة أسبوع. إضافة إلى الوقت وحقوق الإنسان والاعتراضات القانونية هناك أيضاً تحدي إثبات جدوى "اتفاق واحد مقابل واحد" مع فرنسا، فهو موقت وينتهي في 11 يونيو 2026، كذلك فإنه يخضع لإعادة النظر شهرياً عبر لجنة مختصة. وتأمل لندن من خلال الاتفاق في إعادة أكبر عدد من اللاجئين كي تؤكد نجاعته، أولاً في وقف القوارب المبحرة من شواطئ فرنسا، وثانياً في تقليص أعداد نزلاء فنادق اللاجئين التي تثير نقمة البريطانيين وباتوا يتظاهرون ضدها. الأرقام التي يستهدفها الاتفاق مع فرنسا محدودة التأثير مقارنة بإجمالي القادمين، حيث وصل أكثر من 25 ألف مهاجر عبر القوارب منذ بداية العام، وهذا يزيد بنسبة 49 في المئة على عدد الواصلين خلال الفترة ذاتها في 2024. وينص الاتفاق على إعادة مهاجر لا يحق له البقاء في بريطانيا مقابل قبول آخر لديه مبررات اللجوء إليها، والتأكد من هذه المبررات وفق وزيرة الثقافة الفرنسية ليزا ناندي، لن يكون فقط في لندن وإنما ستراجعه باريس بطريقتها أيضاً.

أيال زامير قائد الأركان المعارض للسيطرة الكاملة على غزة
أيال زامير قائد الأركان المعارض للسيطرة الكاملة على غزة

Independent عربية

timeمنذ 6 ساعات

  • Independent عربية

أيال زامير قائد الأركان المعارض للسيطرة الكاملة على غزة

انضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، الذي يعارض السيطرة الكاملة على قطاع غزة، إلى صف طويل من الجنرالات الذين اختلفوا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. قال زامير لنتنياهو خلال اجتماع محتدم يوم الثلاثاء الماضي إنه يخشى من تعريض حياة الرهائن المتبقين للخطر، ومن تبعات جر الجيش المنهك للبقاء طويلاً في قطاع غزة، على رغم أنه من المتوقع أن يسيطر على المناطق المتبقية من القطاع المحاصر إذا صدرت له الأوامر بذلك. وفي تصريحات أدلى بها أمس الخميس في وقت كان مجلس الوزراء الأمني المصغر يستعد فيه للاجتماع مع نتنياهو، دافع زامير عن حقه في إبداء الرأي نيابة عن الجيش، ووصف ثقافة النقاش بأنها "جزء لا يتجزأ من تاريخ الشعب اليهودي". لكنه قال أيضاً إن بوسع الجيش الآن ترسيخ واقع أمني جديد على الحدود، وأضاف "هدفنا هو هزيمة 'حماس'، ومواصلة العمل مع وجود رهائننا في صدارة اهتماماتنا". أما صورته في أعين الفلسطينيين فتبدو مختلفة تماماً، إذ عرفوه بالفعل خلال أحداث شهدها القطاع في عام 2018، وقتل فيها أكثر من 150 شخصاً، والآن يعتبرونه مهندس الدمار الشامل في القطاع. مهمة صعبة يرى مايكل ميلشتين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان للأبحاث الشرق الأوسطية والأفريقية في جامعة تل أبيب، أن "التحدي الذي يواجهه (زامير) الآن، الذي يتمثل في الترويج لمبدأ أو سياسة لا يدعمها حقاً، سيكون بالغ الصعوبة". ومع ذلك، يقول ميلشتين إن زامير في وضع يؤهله للدفاع عن وجهة نظره بصفته السكرتير العسكري السابق لنتنياهو، الذي رقاه بعد ذلك إلى نائب رئيس هيئة الأركان العامة في 2018، ثم رئيساً للأركان في مطلع هذا العام. وأضاف أنه بخلاف بعض كبار قادة الجيش الآخرين، لم تشب سمعة زامير شائبة في ما يتعلق بالأخطاء الأمنية الكارثية التي مكنت حركة "حماس" من قيادة هجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي ينظر إليه على أنه أسوأ فشل عسكري لإسرائيل. تأييد شعبي ويقود زامير الجيش أيضاً في وقت يتمتع فيه الآن بقدر كبير من التأييد الشعبي بعد توجيه ضربات قاصمة لجماعة "حزب الله" اللبنانية العام الماضي، والقضاء على جزء كبير من البرنامج النووي الإيراني وقيادات "الحرس الثوري" في يونيو (حزيران) الماضي. أعاد حجم نجاحات إسرائيل في الصراعين ترسيخ سمعتها باعتبارها القوة العسكرية المهيمنة في الشرق الأوسط، مما فجر موجة من "الفخر الوطني" بسبب الضربات القاصمة التي وجهت لـ"حزب الله" وإضعاف إيران. وعلى رغم أن الانقسامات السياسية الداخلية انعكست في أن الثقة بنتنياهو لم تتجاوز 40 في المئة في استطلاع رأي أجري الشهر الماضي، كان أكثر من 68 في المئة من المشاركين في ذلك الاستطلاع يثقون بزامير. لكن في الوقت نفسه، تعرض الجيش الإسرائيلي لانتقادات متزايدة من الخارج، بما في ذلك من حلفاء غربيين رئيسين، بسبب إدارته للحرب في قطاع غزة في ظل الدمار الهائل وشبح المجاعة وسقوط عدد كبير من القتلى والمصابين المدنيين. ووسع زامير بالفعل نطاق الحرب على قطاع غزة منذ أن حل محل هرتسي هاليفي، الذي استقال من المنصب في يناير (كانون الثاني) الماضي، بسبب تبعات الهجوم الذي شنته "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وبعد أن انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار مع "حماس" في مارس (آذار) الماضي، صعدت عملياتها البرية في أنحاء قطاع غزة، وقال زامير في خطاب للقوات "سنواصل حتى نكسر قدرة العدو القتالية، حتى نهزمه أينما عملنا". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) جندي دبابة بدأ زامير مسيرته العسكرية الطويلة في سلاح المدرعات، بعد انضمامه إليه في عام 1984، بقيادة الدبابات، في وقت كانت فيه القوات الإسرائيلية منغمسة بشدة في احتلالها جنوب لبنان. وأدار لاحقاً وحدة للتدريب والعقيدة العسكرية، مساهماً في صياغة الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، قبل أن يتولى قيادة اللواء السابع في الجيش ثم الفرقة 36. وبصفته قائداً للقيادة الجنوبية بين عامي 2015 و2018 كان مسؤولاً عن كيفية تعامل الجيش مع احتجاجات أسبوعية استمرت لأشهر، وشارك فيها آلاف من سكان غزة الذين كانوا يقتربون من السياج الأمني مع إسرائيل. وفرضت إسرائيل الحصار الجزئي على البضائع والأفراد منذ عام 2005، ثم أقامت السياج عندما سحبت جيشها ومستوطنيها من القطاع الساحلي. وقتل أكثر من 150 محتجاً خلال تلك التجمعات الأسبوعية، وبينما قال الفلسطينيون إن القتلى كانوا من العزل، بينما وصفتهم إسرائيل بمثيري الشغب. وقال باسل، مكتفياً بذكر اسمه الأول، في اتصال هاتفي "بالنسبة إلينا لا فرق بين القيادات الإسرائيلية، زامير مثله مثل الآخرين مجرم حرب". وباسل من سكان غزة وكان يبلغ من العمر 16 سنة، عندما أصيب في احتجاجات عام 2018. بين القيادتين السياسية والعسكرية في المقابل، أشاد نتنياهو ووزراء إسرائيليون بسجل زامير الحافل عند تعيينه، لكن سرعان ما ظهرت صعوبة الموازنة بين مطالب القيادة السياسية واحتياجات جيش منهك. وبحلول أبريل (نيسان) الماضي كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تنشر تقارير عن صدامات بين رئيس هيئة الأركان ووزراء بالحكومة، وخصوصاً من ينتمون إلى اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم، الذين طالبوا بنهج أكثر صرامة في غزة. ومنذ بداية الحرب يعبر جنرالات إسرائيليون عن مخاوفهم من صراع مفتوح مع استدعاء قوات الاحتياط مراراً، وتولي الجيش إدارة جيب مدمر يقطنه سكان ساخطون. وقال ميلشتين "من الناحية العسكرية، مهمة احتلال غزة ليست بأكملها معقدة، لكن من الواضح تماماً أنه بمجرد اكتمال هذا الاحتلال سيكون جيش الدفاع الإسرائيلي مسؤولاً عن مليوني فلسطيني".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store