
الهيدروجين الأخضر يدفع المغرب نحو الريادة الطاقية في إفريقيا وأوروبا
وأبرزت الصحيفة أن هذا التوجه الإستراتيجي يندرج ضمن رؤية المملكة لجعل الطاقات الخضراء، وخاصة الهيدروجين الأخضر، ركيزة أساسية لتصدير الطاقة النظيفة نحو الأسواق العالمية، خصوصًا الأوروبية.
وفي هذا الإطار، يشكل مشروع 'شبيكة' الطاقي نموذجًا بارزًا لهذا التحول، إذ من المرتقب أن تصل طاقته الإجمالية إلى 1 غيغاواط من الطاقة الشمسية والريحية، ويقع بالقرب من الساحل الأطلسي بجهة كلميم-واد نون.
ويهدف المشروع إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي لمياه البحر المحلاة، مع قدرة تحويل سنوية تقارب 200 ألف طن من الأمونياك الأخضر، تُوجه بشكل رئيسي إلى السوق الأوروبية، مما يعزز فرص المغرب في أن يصبح قطباً عالمياً في هذا المجال الواعد.
وأشارت الصحيفة إلى أن المغرب يسعى لرفع حصة الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي إلى 52 في المائة بحلول عام 2030، مقارنة بنسبة 37.6 في المائة حالياً، ما يعادل إنتاجاً يصل إلى 10 غيغاواط من الكهرباء النظيفة، وهو حجم كافٍ لإنتاج نحو مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر.
وبحسب التقديرات التي أوردتها 'لا راثون'، فإن المغرب قد يتجاوز إسبانيا بنسبة 30 في المائة في حجم إنتاج الهيدروجين بحلول عام 2050، كما يمكنه تغطية ما يصل إلى 5 في المائة من الطلب الأوروبي على هذا النوع من الطاقة.
ويراهن المغرب من خلال هذا المسار الطاقي الجديد على تعزيز مكانته كمصدر رئيسي للطاقات المتجددة، وتحقيق التنمية المستدامة، وكسب موقع متقدم في خارطة التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كازاوي
منذ 5 أيام
- كازاوي
الولايات المتحدة تطلق أكبر خطة استثمارية بالصحراء المغربية تقدر بخمس مليارات دولار
▪︎الولايات المتحدة تطلق أكبر خطة استثمارية بالصحراء المغربية تقدر بخمس مليارات دولار ▪︎تحول استراتيجي يعكس شراكة اقتصادية عميقة بين الرباط وواشنطن في خطوة تاريخية، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية يوم 31 يوليوز 2025 عن تخصيص 5 مليارات دولار لتمويل مشاريع تنموية كبرى في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، في إطار تحرك جديد من إدارة الرئيس دونالد ترامب لإحياء الجانب الاقتصادي من اتفاق دجنبر 2020. هذه المبادرة تُعدّ أكبر استثمار أميركي مباشر في الصحراء المغربية، وتشكل ترجمة عملية للاعتراف السياسي الأميركي بسيادة المغرب على هذه الأقاليم. بعد سنوات من الجمود خلال إدارة الرئيس جو بايدن، يأتي هذا القرار ليُعيد الزخم إلى العلاقات الاقتصادية بين الرباط وواشنطن، ويحوّل الشراكة إلى مشاريع ميدانية ملموسة. الدعم الأميركي يأتي بغطاء رسمي من وكالة الأمن القومي الأميركية (NSA)، ما يؤكد أن هذه الاستثمارات تحظى برعاية المؤسسات السيادية الأميركية العليا. المشاريع والقطاعات المستهدفة البنية التحتية والموانئ* إنجاز ميناء الداخلة الأطلسي بميزانية تناهز 1.2 مليار دولار. الهدف: تحويل الداخلة إلى منصة لوجستية عالمية تربط غرب إفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة، وتعزيز مكانة المغرب كمحور للتجارة الدولية. الطاقة المتجددة * مشاريع كبرى لطاقة الرياح والطاقة الشمسية. دعم إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الموجه للتصدير نحو أوروبا. توفير طاقة نظيفة مستدامة تُمكّن من جذب صناعات متطورة إلى المنطقة. السياحة والفلاحة * تطوير البنية التحتية السياحية وبناء منتجعات صحراوية عالية المستوى. إطلاق مشاريع زراعية حديثة تعتمد على تقنيات ري متطورة وتحلية مياه البحر. استصلاح آلاف الهكتارات لزراعة الطماطم والفواكه الحمراء الموجهة للتصدير. هذه الخطة لا تمثل مجرد تمويل تنموي، بل هي خطوة استراتيجية نحو: تحويل الأقاليم الجنوبية إلى قطب اقتصادي إقليمي يربط إفريقيا جنوب الصحراء بأوروبا والأطلسي. دعم مشروع الجهوية المتقدمة الذي أطلقه المغرب لتسريع التنمية وتحقيق العدالة المجالية. تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة في مجالات الأمن الطاقة واللوجستيك. إن ضخ هذا التمويل الهائل تحت إشراف مباشر من مؤسسات سيادية أميركية يُرسل رسالة واضحة: الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء لم يعد مجرد موقف سياسي، بل أصبح مشروعًا تنمويًا وتنفيذيًا يرسّخ الاستقرار ويُحدث تحوّلًا اقتصاديًا عميقًا في المنطقة. ▪︎بقلم: عبد الهادي فدودي فاعل سياسي


لكم
منذ 5 أيام
- لكم
ديواني: اعتماد الحافلات الكهربائية في المغرب يطرح تحديات متعددة
في هذا الحوار، يقارب جمال ديواني، رئيس مجموعة الجماعات الترابية لأكادير الكبير المكلفة بالنقل والتنقل الحضري، الأهمية الاستراتيجية للتنقل الكهربائي في النقل العمومي الحضري. كما يقارب مع موقع 'لكم'، الشروط الكفيلة بترسيخ هذا النمط بشكل مستدام في المغرب، مؤكدا أن المملكة تمتلك مؤهلات قوية لتطوير نموذجها الخاص، وأن خيار الحافلات الكهربائية لم يُدرج بعد ضمن خطة تحديث النقل بالحافلات للفترة ما بين 2025 و2029. وفي ما يلي نص الحوار: بداية، كيف تنظرون إلى مسألة التنقل الكهربائي في ظل السياق المغربي؟ في ظل الضغوط المتزايدة الناتجة عن التوسع العمراني، وارتفاع معدلات استخدام المركبات، والنمو الديموغرافي، وأمام التحديين الكبيرين في العصر الحديث، وهما الطاقة والبيئة، أصبح قطاع النقل العمومي الحضري تقاطعا لعدة رهانات متداخلة: اقتصادية، واجتماعية، وأمنية وصحية. وبوصفها حجر الأساس للبنية التحتية للمدن الذكية، باتت وسائل النقل الكهربائي تمثل رهانا استراتيجيا حقيقيا، لاسيما في المغرب، وخاصة في مدينة أكادير التي دخلت مرحلة واسعة من مشاريع التنقل الحضري. والتقدم التكنولوجي سيكون عاملا حاسما في تسهيل هذا الانتقال الحتمي نحو نموذج يقوم على تقارب السياسات القطاعية ومرونة الحلول الممكنة. بعيدا عن الامتثال للمعايير البيئية فقط من أجل تصدر مؤشّرات 'الحياد الكربوني'، تفرض الطبيعة العرضانية للتنقل الكهربائي ضرورة التنسيق بين مختلف السياسات القطاعية وتقييم فعاليتها. كما أن عددا من العوامل الظرفية تسهم في رسم المسارات الممكنة نحو نموذج جديد ومستدام للتنقل، علاوة على أن تعدد الفاعلين، وتنوع الأهداف، ومستوى تطور سلاسل القيمة المحلية، وقوة تأثير الجهات الترابية، وتسارع الرقمنة، جميعها عناصر تعقّد مهمة بناء هذا النموذج الجديد. كيف تتطور تجربة التنقل الكهربائي في النقل العمومي على المستوى الدولي في ظل السياق المغربي؟ قطاع النقل مسؤول عن حوالي ربع الانبعاثات العالمية من ثاني أوكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة، إلى جانب أضرار صحية تقدّر بنحو تريليون دولار سنويا. وبالتالي، لم يعد تبني التنقل الكهربائي ترفا، بل ضرورة، خاصة في النقل الحضري. ومنذ 2016، أطلقت مجموعة البنك الدولي من خلال 'الصندوق العالمي لإزالة الكربون من النقل' (GFDT) برنامجا لدعم 32 دولة في انتقالها نحو التنقل الكهربائي، من خلال تمويل البنيات التحتية، وتحديث الأساطيل (خصوصا الحافلات الكهربائية)، وتوفير الاتصال الرقمي، وتقنيات التشغيل الآلي المتقدمة. وقد استثمرت ما يقارب 2.3 مليار دولار في مشاريع تشمل التنقل الكهربائي، جزء منها خُصص للدول النامية. وتُعد الهند، والشيلي، والبرازيل، والسنغال، من النماذج التي شرعت في اعتماد أنظمة نقل حضري تعتمد الطاقة النظيفة، رغم ارتفاع التكاليف الأولية، وذلك بفضل وفورات الحجم وتكاليف التشغيل والصيانة المنخفضة للحافلات الكهربائية. وفي الولايات المتحدة، التزمت مدينة 'لوس أنجلوس' بتحويل جميع حافلاتها (2300 حافلة) إلى كهربائية بحلول عام 2030. ورغم تباين وتيرة الانتقال من بلد إلى آخر، إلا أن المسار يبدو واضحا ولا رجعة فيه. فرغم محدودية استخدام الهيدروجين الأخضر، يشهد سوق النقل الكهربائي نموا متسارعا على الصعيد العالمي. وما هي الشروط اللازمة لترسيخ نظام مستدام للحافلات الكهربائية في المغرب؟ الكهرباء هي الطاقة الطبيعية للمترو والترامواي، وسوق الحافلات يشمل أنواعا عدة: الهجينة، القابلة للشحن، وتلك التي تعمل بالبطاريات – وهي الأكثر رواجا حاليا بفضل مزاياها: الهدوء، والكفاءة، واحترام البيئة. مع نهاية 2024، خططت المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبي لاستثمار 4.6 مليار يورو في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية بهدف تقوية سلاسل القيمة الأوروبية، خصوصاً أمام المنافسة الأسيوية. لكن، رغم التطور الكبير في مدى البطاريات وأدائها، فإن تكلفة تصنيعها لا تزال مرتفعة بسبب الطلب المتزايد على المواد الخام الأساسية مثل الليثيوم، والنيكل، والكوبالت، والفوسفاط، والمنغنيز. كما تطرح سلاسل توريد قطع الغيار، وحساسية البطاريات للظروف المناخية، وحلول إعادة التدوير قضايا مركزية لضمان استدامة الحافلات الكهربائية. اختيار الحافلة الكهربائية إذن ليس قرارا سهلا، بل هناك تحديات متعلقة بالفاتورة الطاقية (التي يمكن أن تكون ذات مصدر شمسي)، والبنية التحتية (محطات الشحن البطيئة في المستودعات، الشحن السريع عبر البانتوغراف، أو أثناء التوقفات القصيرة على الخط…). في ظل كل هذا، هل يمكن للمغرب تطوير نموذج خاص به في هذا المجال؟ خلال العقدين الماضيين، رسّخ المغرب مكانته كقوة إفريقية رائدة في تطوير صناعة المركبات الكهربائية. فغنى أراضيه بالمواد الأولية الضرورية لصناعة البطاريات، واستراتيجيته الطاقية الخضراء، واندماجه القوي في سلاسل القيمة العالمية، وقربه من السوق الأوروبية، وشراكاته الاستراتيجية لتطوير منظومات صناعية قطاعية، كلها عناصر تدعم هذا التوجه. وقد شكل افتتاح أول وحدة إنتاج مواد بطاريات الليثيوم-أيون في الجرف الأصفر انطلاقة لمنظومة صناعية قادرة على تجهيز ما يصل إلى مليون مركبة كهربائية سنويا. فالمغرب لا يسعى فقط إلى تبني التنقل الكهربائي استجابة لالتزاماته البيئية، بل يطمح أيضا إلى خلق الشروط المواتية لاستدامته. وما موقع الحافلات الكهربائية في النموذج الاقتصادي الجديد للنقل العمومي؟ أطلقت الدولة، عبر 'صندوق دعم إصلاحات النقل الطرقي الحضري وما بين المدن' (FART)، خطة كبرى لتحديث قطاع الحافلات للفترة 2025-2029، بدعم من الفاعلين المحليين (مجموعة الجماعات، مجلس الجهة، شركات التنمية المحلية…). وبميزانية تفوق 1.2 مليار دولار، تشمل الاستثمارات تجهيزات متطورة (حافلات ذكية)، تقنيات حديثة (أنظمة التشغيل والمعلومات للمسافرين، التذاكر الإلكترونية…)، وبنيات تحتية (مراكز صيانة، مواقف، مركز تحكم…)، لكن، لأسباب تدبيرية وميزانية، لم تحظَ الحافلات الكهربائية بالأولوية في هذه المرحلة، ما يثير تساؤلات عدة حول رهانات هذا الخيار. السلطات تميل غالبا إلى الحذر في التوفيق بين الابتكار والاستقرار، والرهان على تعويض شامل للحافلات التقليدية بأخرى كهربائية يعد مجازفة، ومع التغيرات التكنولوجية السريعة (كل سنتين تقريبا للبطاريات)، تواجه القرارات الاستثمارية مخاطر كبيرة نتيجة التعايش القسري بين نظامين متنافسين. ما لم نبلغ نقطة التحول الحاسمة، أي انتصار أحد النموذجين من حيث المردودية والكفاءة، فإن مستقبل الحافلات الكهربائية سيتوقف على الفاعلين القادرين على التأثير في المتغيرات القائمة. أما تبني موقف الانتظار فيُعد تفويتا لميزة تنافسية وقطعا مع مستقبل النقل العمومي الحديث. وما الوضع الحالي لمشروع المرسوم المتعلق بخطة النقل؟ في انتظار صدور المرسوم المنظم لإعداد خطط النقل، الذي يمثل أداة مهمة للتخطيط الاستراتيجي، يفترض أن تبادر المجالس الجهوية إلى دراسة أنظمة التنقل الخاصة بها وفقا لخصوصياتها. والمطلوب أيضا من السلطات المحلية المسؤولة عن النقل العمومي أن تضطلع بدور محوري في تنفيذ الحافلات الكهربائية وضمان شروط نجاحها. كما أن الاستفادة من مراكز الصيانة الحديثة والبنيات الحضرية الموجودة تتيح فرصة لتجريب هذا النوع من الحافلات، ولو على خطوط محدودة، تمهيدا للتعميم. لا بد من التأكيد على أن إعمال مقاربة مندمجة تشمل مختلف الوزارات المعنية، والجماعات الترابية، والمقاولات الخاصة، والمجتمع المدني، كفيلة بتهيئة بيئة مواتية لتعزيز التنقل الكهربائي في المغرب.


لكم
منذ 7 أيام
- لكم
تقرير: المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا خلال 2024
برز المغرب في عام 2024 كوجهة استثمارية صاعدة على مستوى القارة الإفريقية، محتلا المرتبة الثالثة عشرة في تصنيف الدول الأكثر استقبالا للاستثمار الأجنبي المباشر، وفقا الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) لعام 2025. وأوضح التقرير أن المغرب سجل خلال عام 2024 أداء لافتا على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث بلغت تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى المملكة حوالي 1.64 مليار دولار أمريكي، ما يعادل نحو 15.8 مليار درهم مغربي، محققا بذلك نموا بنسبة 55 بالمائة مقارنة بعام 2023 الذي سجل فيه 1.4 مليار دولار. وبحسب تقرير الأونكتاد، فقد تمكن المغرب من احتلال المركز الثاني على مستوى شمال إفريقيا، خلف مصر التي تصدرت القارة بـ46.6 مليار دولار بفضل اتفاق تمويلي ضخم مع صندوق أبوظبي للتنمية، ومتقدما على الجزائر التي استقطبت 1.43 مليار دولار، وتونس بـ936 مليون دولار. وأشار تقرير الاستثمار العالمي إلى أن المغرب يستفيد من عدة عوامل مهيكلة، أهمها استقراره السياسي والاقتصادي، والتصنيفات الإيجابية التي يحظى بها من قبل وكالات التصنيف الائتماني، وهو ما أسهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب في السوق المغربية. وأبرز التقرير ذاته أن المغرب يستند إلى نسيج اقتصادي متنوع، حيث شكلت المناطق الصناعية المتكاملة مثل طنجة المتوسط، والقنيطرة، ومنطقة 'أتلانتيك فري زون' عناصر رئيسية في جذب المستثمرين، لاسيما في قطاعات السيارات، والطيران، والإلكترونيات. كما سلط التقرير الضوء على بروز المغرب كمركز مالي إقليمي من خلال مبادرة 'كازابلانكا فاينانس سيتي'، التي تمثل رافعة مؤسساتية مهمة في توجيه الاستثمارات نحو البلاد. مع ذلك، لا يزال المغرب، وفق تقرير الأونكتاد، يواجه مجموعة من العراقيل البنيوية التي تحول دون بلوغه أقصى طاقاته الاستثمارية. إذ أشار التقرير إلى استمرار التعقيدات الإدارية والتنظيمية، وارتفاع تكلفة الولوج إلى العقار الصناعي، فضلا عن غياب الوضوح القانوني والضريبي في بعض القطاعات، إلى جانب التأثير السلبي للاقتصاد غير المهيكل في عدد من سلاسل القيمة. وعلى الرغم من هذه الإشكاليات، فقد بين التقرير أن المغرب تمكن من الحفاظ على ثقة المستثمرين الدوليين في سياق عالمي موسوم بعدم الاستقرار الجيوسياسي وارتفاع كلفة التمويل، وهو ما يعكس مرونة بنيته الاقتصادية. ويأتي هذا الأداء المغربي في إطار طفرة عامة على مستوى القارة الإفريقية، إذ سجلت إفريقيا رقما قياسيا في حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغ 97 مليار دولار في عام 2024، أي بزيادة قدرها 75 بالمائة مقارنة بعام 2023، حسب ما أفاد به تقرير الاستثمار العالمي للأونكتاد. وتُعزى هذه القفزة بشكل أساسي إلى مشروع رأس الحكمة المصري الذي ضخ وحده نحو 35 مليار دولار. ومع استبعاد هذا المشروع، تبقى الزيادة المسجلة في عموم القارة مهمة، إذ تجاوزت نسبة 12 بالمائة لتصل قيمة الاستثمارات إلى نحو 62 مليار دولار. وعلى صعيد التوزيع الجغرافي، أوضح تقرير الأونكتاد أن شمال إفريقيا كانت المنطقة الأبرز من حيث نمو الاستثمارات، بقيادة كل من مصر، والمغرب، وتونس. وقد ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية في شمال القارة بنسبة 12 بالمائة في 2024، بينما تراجعت في باقي المناطق الإفريقية. وتجدر الإشارة إلى أن المغرب برز بشكل خاص في استقطاب الاستثمارات ذات الصلة بالطاقة المتجددة، وخاصة مشاريع الهيدروجين الأخضر والأمونيا النظيفة، وهو ما ورد بوضوح في القسم المخصص للمشاريع القطاعية في تقرير الأونكتاد. وقد شهدت المملكة المغربية خلال عام 2024 إطلاق مشروع كبير لإنتاج الأمونيا الخضراء والوقود الصناعي النظيف، بدعم من مستثمرين قادمين من الصين، وفرنسا، والإمارات، والمملكة المتحدة. كما أشار تقرير الأونكتاد إلى توجه المغرب الحثيث نحو تعزيز موقعه في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، من خلال وضع استراتيجيات قطاعية واضحة، وتوفير حوافز استثمارية مركزة. في الوقت نفسه، بين تقرير الاستثمار العالمي أن قيمة الاستثمارات في مشاريع ميدانية جديدة في إفريقيا تراجعت بنسبة 37 بالمائة لتستقر عند 113 مليار دولار في 2024، مقارنة بـ178 مليار دولار في 2023، في حين سجلت زيادة بنسبة 12 بالمائة في شمال إفريقيا وحدها. ومن بين القطاعات التي شهدت نموا، تميز قطاع الطاقات المتجددة بتوقيع سبعة عقود رئيسية بلغت قيمتها مجتمعة نحو 17 مليار دولار، لا سيما في مجال الكابلات الكهربائية البحرية، ومزارع الرياح والطاقة الشمسية، وذلك طبقا للإحصاءات الواردة في تقرير الأونكتاد. أما فيما يخص التدفقات الاستثمارية العابرة للحدود، فقد كشف التقرير أن عمليات الاندماج والاستحواذ الدولية أصبحت ذات تأثير سلبي على مجمل الاستثمارات في القارة، وأن هذه العمليات التي كانت تمثل نحو 15 بالمائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في إفريقيا خلال السنوات الماضية، شهدت انخفاضا حادا بل وتحولت إلى صافي سلبي. ومع ذلك، فإن المغرب، بحسب التقرير، لم يتأثر بهذه التحولات بشكل كبير نظرا لاعتماده الأكبر على المشاريع الميدانية والاستثمارات الجديدة، وليس فقط على صفقات الاستحواذ. وفي السياق العالمي، أشار تقرير الاستثمار العالمي إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعت عالميا بنسبة 11 بالمائة لتصل إلى 1.5 تريليون دولار خلال سنة 2024، وهي السنة الثانية على التوالي التي تشهد فيها الأسواق تراجعا في هذا النوع من التدفقات. وأوضح التقرير أن البيانات الظاهرية التي توحي بارتفاع طفيف بنسبة 4 بالمائة هي في الواقع مضللة، حيث ترتبط بتدفقات غير مستقرة مرت عبر دول تلعب دور معابر مالية دون أن تعكس أنشطة استثمارية حقيقية على الأرض. وفي تصريحات رسمية ضمن التقرير، أكدت ريبيكا غرينسبان، الأمينة العامة للأونكتاد، أن الاستثمار أصبح اليوم مؤشرا جوهريا على طبيعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها العالم، ودعت إلى إعادة توجيه التدفقات الاستثمارية نحو مسارات أكثر استدامة وشمولا، خاصة في المجالات الرقمية، والطاقة النظيفة، والبنية التحتية الذكية. من جانب آخر، أبرز التقرير تحولا في ملامح الاتفاقيات الاستثمارية الدولية، حيث أشار إلى تراجع الاعتماد على آلية التحكيم بين المستثمرين والدول في الاتفاقيات الحديثة، إذ أن 45 بالمائة من هذه الاتفاقيات الموقعة خلال السنوات الخمس الماضية لا تتضمن هذا البند، وهو ما يعكس تحولا نحو اتفاقيات قائمة على التيسير والتعاون بدلا من التركيز على الحماية الصارمة لرؤوس الأموال. كما أشار التقرير إلى تصاعد أهمية 'السلوك الاستثماري المسؤول'، إذ أن نحو نصف الاتفاقيات الاستثمارية الحديثة تضمنت إشارات إلى قضايا مثل مكافحة الفساد، والبيئة، والحوكمة، والتنمية الاجتماعية، وإن كانت هذه الإشارات في الغالب غير ملزمة قانونيا. ومع ذلك، بدأت بعض الاتفاقيات في تبني التزامات صريحة وملزمة تجاه المستثمرين، وهو ما من شأنه تعزيز قدرة الدول على توجيه الاستثمارات بما يخدم أهدافها الإنمائية الشاملة.