logo
نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران

نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران

الزمانمنذ 4 ساعات

القدس (أ ف ب) – منذ بدء الغارات الجوية على إيران الأسبوع الماضي، يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على جر الرئيس دونالد ترامب إلى الحرب وتبديد التردد لدى الرأي العام الأميركي حيال جدوى المشاركة في الضربات.
في اتصالاته اليومية وتصريحاته العلنية، يمزج أطول رؤساء وزراء إسرائيل عمرا في الحكم بين المديح والاحترام للرئيس الأميركي، ويحرص على التأكيد في الوقت نفسه أن الضربات على إيران تصب في مصلحة الأميركيين.
وتساءل نتانياهو خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأحد الماضي 'هل تريدون أن يمتلك هؤلاء أسلحة نووية والوسائل اللازمة لإيصالها إليكم؟'.
وقال لشبكة 'إيه بي سي نيوز' في اليوم التالي 'اليوم، تل أبيب. وغدا نيويورك'، متحدثا عن سعي إيران إلى تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى السواحل الأميركية في المستقبل.
جاءت حملته الإعلامية الواسعة بعد محادثات مكثفة بين نتانياهو وترامب لم يكن الانسجام سيد الموقف فيها باستمرار هذا العام، إذ استُقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مرتين في البيت الأبيض منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في كانون الثاني/يناير.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مصادر في الإدارة الأميركية لم تُسمها، الثلاثاء بأن نتانياهو طلب من ترامب في اجتماع بينهما في نيسان/أبريل قنابل خارقة للتحصينات أميركية الصنع قادرة على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، لكن طلبه قوبل بالرفض.
بعد انتخابه بفضل معارضته التدخلات الأميركية في الخارج ومواجهته 'دعاة الحرب' المفترضين في الحزب الديموقراطي، بدا ترامب مترددا في زج واشنطن في حرب أخرى في الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام.
ويُعارض جزء كبير من تحالفه اليميني 'مايك أميركا غرايت أغاين' ('لنجعل أميركا عظيمة مجددا')، المعروف اختصارا بـ'ماغا' MAGA، بشدة التدخل الأميركي، بمن فيهم نائب الرئيس جاي دي فانس ورئيسة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد وشخصيات إعلامية مؤثرة مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون.
لكن قطب العقارات السابق قال بوضوح الأربعاء إنه يفكر في الانضمام إلى الحملة الإسرائيلية مباشرة، ما أثار احتمال استخدام قنابل 'جي بي يو-57' GBU-57 الخارقة للتحصينات ضد محطة فوردو، أبرز منشأة لتخزين اليورانيوم تحت الأرض في إيران.
قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض عندما سُئل عما إذا كان قد قرر شن ضربات جوية أميركية 'قد أفعل ذلك وقد لا أفعل'.
وأوضح الخميس أنه سيتخذ قراره النهائي في هذا الشأن 'خلال الأسبوعين المقبلين'.
– نفوذ –
يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مركز 'تشاتام هاوس' للأبحاث بلندن يوسي ميكلبيرغ إن نتانياهو كان بارعا في تعامله مع ترامب، إذ استغل 'كبرياءه' وأجاد في الوقت نفسه اللعب على 'نقاط ضعفه'.
ويوضح لوكالة فرانس برس أنه بعد أن تلقى 'ضوءا برتقاليا' من الرئيس الأميركي سرا لشن الهجمات الجمعة الماضي، كان نتانياهو 'يعرف شخصية ترامب، وكان يعلم أنه قد ينضم إلى صفوفه إذا ما سنحت له فرصة إعلان النصر بطريقة ما أو ادعاء نوع من الفضل'.
وأشاد ترامب علنا بنجاح الحملة العسكرية الإسرائيلية التي جمعت بين اغتيالات محددة الأهداف لعسكريين بارزين، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وشن ضربات متكررة على مواقع نووية.
مع ذلك، يحذر إليوت أ. كوهين، وهو مستشار سابق مخضرم في وزارة الخارجية الأميركية وخبير بالعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن، من المبالغة في تقدير نفوذ نتانياهو الشخصي.
ويقول لوكالة فرانس برس 'أعتقد أن الأمر لا يتعلق بنفوذ نتانياهو بقدر ما يرتبط برؤية ترامب للبرنامج النووي الإيراني، وذكرياته عن مؤامرة لاغتياله دبرها عملاء إيرانيون عام 2024، ونجاح العمليات الإسرائيلية الأولية'.
وكانت وُجّهت اتهامات لرجل إيراني بالوقوف وراء مخطط مفترض لمحاولة اغتيال ترامب قبل انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ويوضح كوهين أن ضغط نتانياهو قد ينجح لأسباب عدة.
ويقول 'إنهم لا يطلبون شيئا سوى قصف فوردو'، في إشارة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض، و'لا أحد يتحدث عن غزو أو أي شيء من هذا القبيل'.
يضيف 'يدرك الكثير من الأميركيين، إن لم يكن معظمهم، أن إيران النووية خطرة للغاية، وأن النظام (الإيراني) معادٍ بشدة للولايات المتحدة'.
– الرأي العام –
أظهر استطلاع رأي أجرته مجموعة 'يوغوف' المتخصصة في الاستطلاعات لصالح مجلة 'ذي إيكونوميست' نهاية الأسبوع الماضي أن نصف الأميركيين يعتبرون إيران 'عدوا' لبلدهم، بينما يصفها ربع آخر بأنها 'غير ودية'.
لكن الاستطلاع خلص الى أن 16% فقط من الأميركيين 'يعتقدون أن على الجيش الأميركي التدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران'.
وبيّنت النتائج أن أغلبية الديموقراطيين (65%) والمستقلين (61%) والجمهوريين (53%) يعارضون التدخل العسكري.
وفي حديثه عبر بودكاست War Room ('غرفة الحرب') الأربعاء، عبّر بانون، الخبير الاستراتيجي السابق لترامب، عن غضبه الشديد من نتانياهو الذي قدّم 'مواعظ' لأميركا وبدأ حربا لا يستطيع إنهاءها بمفرده.
وقال 'لا تفكروا باللجوء إلينا لإنهاء هذه الحرب'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة مسؤولة
حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة مسؤولة

شفق نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • شفق نيوز

حسّون في بلا قيود: إسرائيل من أقوى الدول النووية لكنها دولة مسؤولة

قال الدكتور أكرم حسّون عضو حزب أمل جديد الإسرائيلي إنّ إسرائيل تحصلت على معلومات سرية تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني كانت خافية عن دول العالم بل وحتى عن الهيئة الدولية للطاقة الذرية، مضيفا بأنّ " الموساد أقام عدة قواعد في إيران وكما قلت هنالك أشخاص قاموا بعمل كبير وأحضروا معلومات مهمة جدا من كبار القادة في داخل إيران" حسب تعبيره. وفيما يتعلق بتعاون إيران مع الهيئة الدولية للطاقة الذرية وسماحها لطاقم الوكالة بزيارة منشآتها مراراً وتكراراً، شكك عضو حزب أمل جديد الإسرائيلي في مصداقية إيران مشيرا إلى أنّ" شفافية إيران عديمة الفائدة لأنّ إيران تكذب" حسب وصفه. وفي رده على تكتم إسرائيل على ترسانتها النووية وعدم إفصاحها عنه، أكد أكرم حسون امتلاك إسرائيل للسلاح النووي بل يرى أنّ بلاده من أقوى الدول النووية في العالم، مشدداً في نفس الوقت على كونها دولة مسؤولة لا تتلاعب بمقدرات الناس أو بمقدرات الدول، حسب رأيه. وفي تعليقه على سياسة الصبر الإستراتيجي التي أظهرتها إيران في حروبها السابقة وإن كانت إسرائيل تملك إستراتيجية للخروج من الحرب الحالية مع إيران، قال أكرم حسون إنّ إسرائيل قررت دخول الحرب والقضاء على المنشآت النووية والصواريخ الإيرانية التي تشكل خطرا على إسرائيل مؤكدا أنّ "إسرائيل لن تخرج من هذه الحرب حتى تقضي على هذه الأمور" حسب قوله. ويرى عضو حزب أمل جديد قدرة بلاده على القضاء على منشأة فوردو الإيرانية لتخصيب اليورانيوم دون مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية. فكيف ينظر الدكتور أكرم حسون لدور الدين في السياسة في إيران؟ وما تبريره لاستهداف إسرائيل لمبنى الإذاعة والتلفزيون الإيراني؟ وما تقييمه لمقدرات الردع الإسرائيلية؟

نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران
نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران

الزمان

timeمنذ 4 ساعات

  • الزمان

نتانياهو يخوض معركة أخرى لجر ترامب إلى الحرب ضد إيران

القدس (أ ف ب) – منذ بدء الغارات الجوية على إيران الأسبوع الماضي، يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على جر الرئيس دونالد ترامب إلى الحرب وتبديد التردد لدى الرأي العام الأميركي حيال جدوى المشاركة في الضربات. في اتصالاته اليومية وتصريحاته العلنية، يمزج أطول رؤساء وزراء إسرائيل عمرا في الحكم بين المديح والاحترام للرئيس الأميركي، ويحرص على التأكيد في الوقت نفسه أن الضربات على إيران تصب في مصلحة الأميركيين. وتساءل نتانياهو خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأحد الماضي 'هل تريدون أن يمتلك هؤلاء أسلحة نووية والوسائل اللازمة لإيصالها إليكم؟'. وقال لشبكة 'إيه بي سي نيوز' في اليوم التالي 'اليوم، تل أبيب. وغدا نيويورك'، متحدثا عن سعي إيران إلى تطوير صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى السواحل الأميركية في المستقبل. جاءت حملته الإعلامية الواسعة بعد محادثات مكثفة بين نتانياهو وترامب لم يكن الانسجام سيد الموقف فيها باستمرار هذا العام، إذ استُقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي مرتين في البيت الأبيض منذ عودة الرئيس الجمهوري إلى السلطة في كانون الثاني/يناير. وأفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلا عن مصادر في الإدارة الأميركية لم تُسمها، الثلاثاء بأن نتانياهو طلب من ترامب في اجتماع بينهما في نيسان/أبريل قنابل خارقة للتحصينات أميركية الصنع قادرة على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، لكن طلبه قوبل بالرفض. بعد انتخابه بفضل معارضته التدخلات الأميركية في الخارج ومواجهته 'دعاة الحرب' المفترضين في الحزب الديموقراطي، بدا ترامب مترددا في زج واشنطن في حرب أخرى في الشرق الأوسط لا تحظى بشعبية كبيرة لدى الرأي العام. ويُعارض جزء كبير من تحالفه اليميني 'مايك أميركا غرايت أغاين' ('لنجعل أميركا عظيمة مجددا')، المعروف اختصارا بـ'ماغا' MAGA، بشدة التدخل الأميركي، بمن فيهم نائب الرئيس جاي دي فانس ورئيسة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد وشخصيات إعلامية مؤثرة مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون. لكن قطب العقارات السابق قال بوضوح الأربعاء إنه يفكر في الانضمام إلى الحملة الإسرائيلية مباشرة، ما أثار احتمال استخدام قنابل 'جي بي يو-57' GBU-57 الخارقة للتحصينات ضد محطة فوردو، أبرز منشأة لتخزين اليورانيوم تحت الأرض في إيران. قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض عندما سُئل عما إذا كان قد قرر شن ضربات جوية أميركية 'قد أفعل ذلك وقد لا أفعل'. وأوضح الخميس أنه سيتخذ قراره النهائي في هذا الشأن 'خلال الأسبوعين المقبلين'. – نفوذ – يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مركز 'تشاتام هاوس' للأبحاث بلندن يوسي ميكلبيرغ إن نتانياهو كان بارعا في تعامله مع ترامب، إذ استغل 'كبرياءه' وأجاد في الوقت نفسه اللعب على 'نقاط ضعفه'. ويوضح لوكالة فرانس برس أنه بعد أن تلقى 'ضوءا برتقاليا' من الرئيس الأميركي سرا لشن الهجمات الجمعة الماضي، كان نتانياهو 'يعرف شخصية ترامب، وكان يعلم أنه قد ينضم إلى صفوفه إذا ما سنحت له فرصة إعلان النصر بطريقة ما أو ادعاء نوع من الفضل'. وأشاد ترامب علنا بنجاح الحملة العسكرية الإسرائيلية التي جمعت بين اغتيالات محددة الأهداف لعسكريين بارزين، وتدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وشن ضربات متكررة على مواقع نووية. مع ذلك، يحذر إليوت أ. كوهين، وهو مستشار سابق مخضرم في وزارة الخارجية الأميركية وخبير بالعلاقات الدولية في جامعة جونز هوبكنز بواشنطن، من المبالغة في تقدير نفوذ نتانياهو الشخصي. ويقول لوكالة فرانس برس 'أعتقد أن الأمر لا يتعلق بنفوذ نتانياهو بقدر ما يرتبط برؤية ترامب للبرنامج النووي الإيراني، وذكرياته عن مؤامرة لاغتياله دبرها عملاء إيرانيون عام 2024، ونجاح العمليات الإسرائيلية الأولية'. وكانت وُجّهت اتهامات لرجل إيراني بالوقوف وراء مخطط مفترض لمحاولة اغتيال ترامب قبل انتخابه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ويوضح كوهين أن ضغط نتانياهو قد ينجح لأسباب عدة. ويقول 'إنهم لا يطلبون شيئا سوى قصف فوردو'، في إشارة إلى منشأة تخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض، و'لا أحد يتحدث عن غزو أو أي شيء من هذا القبيل'. يضيف 'يدرك الكثير من الأميركيين، إن لم يكن معظمهم، أن إيران النووية خطرة للغاية، وأن النظام (الإيراني) معادٍ بشدة للولايات المتحدة'. – الرأي العام – أظهر استطلاع رأي أجرته مجموعة 'يوغوف' المتخصصة في الاستطلاعات لصالح مجلة 'ذي إيكونوميست' نهاية الأسبوع الماضي أن نصف الأميركيين يعتبرون إيران 'عدوا' لبلدهم، بينما يصفها ربع آخر بأنها 'غير ودية'. لكن الاستطلاع خلص الى أن 16% فقط من الأميركيين 'يعتقدون أن على الجيش الأميركي التدخل في الصراع بين إسرائيل وإيران'. وبيّنت النتائج أن أغلبية الديموقراطيين (65%) والمستقلين (61%) والجمهوريين (53%) يعارضون التدخل العسكري. وفي حديثه عبر بودكاست War Room ('غرفة الحرب') الأربعاء، عبّر بانون، الخبير الاستراتيجي السابق لترامب، عن غضبه الشديد من نتانياهو الذي قدّم 'مواعظ' لأميركا وبدأ حربا لا يستطيع إنهاءها بمفرده. وقال 'لا تفكروا باللجوء إلينا لإنهاء هذه الحرب'.

حرب إيران تنعش الجماعات المسلحة.. مخاوف باكستانية من تصعيد إرهابي وشيك
حرب إيران تنعش الجماعات المسلحة.. مخاوف باكستانية من تصعيد إرهابي وشيك

الحركات الإسلامية

timeمنذ 5 ساعات

  • الحركات الإسلامية

حرب إيران تنعش الجماعات المسلحة.. مخاوف باكستانية من تصعيد إرهابي وشيك

في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين إسرائيل وإيران، بدأت المخاوف الإقليمية تتزايد من احتمالات تفكك بنية الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ولم يكن اللقاء الذي جمع رئيس أركان الجيش الباكستاني، الجنرال عاصم منير، بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب في البيت الأبيض إلا انعكاساً لهذه الهواجس المتراكمة، حيث أبدى منير قلقاً بالغاً من إمكانية استغلال الجماعات المسلحة، ذات الأجندات العابرة للحدود، لحالة الانهيار في طهران لتوسيع عملياتها الإرهابية، لا سيما على طول الحدود الإيرانية الباكستانية الممتدة لنحو 900 كيلومتر. هذه المنطقة، التي لطالما كانت نقطة توتر مزمنة بين البلدين، قد تتحول الآن إلى بؤرة صراع جديد بفعل التداعيات الأمنية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على إيران. الهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية، الذي بدأ بزعم القضاء على البرنامج النووي الإيراني، يبدو أنه يتجاوز تلك الأهداف الظاهرة، ويتضمن بعداً استراتيجياً أوسع يتمثل في محاولة إسقاط النظام في طهران أو على الأقل إنهاكه داخلياً. في هذا السياق، ترى باكستان أن استمرار العدوان على إيران لا يمثل فقط تهديداً للقانون الدولي، كما صرحت خارجيتها، بل يفتح الباب أمام سيناريو كارثي قد يعيد الإرهاب المنظم إلى الواجهة. وقد بدا هذا القلق جلياً في تصريح الرئيس ترمب عقب لقائه منير، حين قال إن "الباكستانيين ليسوا سعداء بأي شيء"، وهو تعبير مبطن عن عدم ارتياح إسلام أباد للتطورات الجارية، ورفضها لتورط عسكري أوسع في الإقليم. الجماعات المسلحة في هذه المنطقة الحدودية، وخصوصاً "جيش العدل"، سارعت لاستغلال حالة الفوضى، ووصفت الحرب الإسرائيلية على إيران بأنها "فرصة عظيمة". وكان هذا التنظيم، المصنف إرهابياً من قبل واشنطن ودول غربية، قد نفذ عدة هجمات دامية ضد أهداف عسكرية إيرانية في السابق، ويبدو الآن مستعداً لتوسيع نطاق عملياته، وربما إعادة ترتيب صفوفه واستقطاب المزيد من المقاتلين بدعوى مقاومة ما تصفه بـ"الاحتلال الفارسي". البيان الصادر عن الجماعة لم يكتف بالتحريض، بل دعا بشكل مباشر أفراد القوات المسلحة الإيرانية وأبناء بلوشستان إلى الانضمام إليها، في دعوة صريحة إلى التمرد والانشقاق الداخلي. القلق الباكستاني لا ينبع فقط من الجانب الإيراني، بل يتصل بخريطة أمنية أكثر تعقيداً، تشمل حدودها مع أفغانستان، التي ما تزال غير مستقرة رغم حكم طالبان، وأيضاً مع الهند، الخصم التقليدي لإسلام أباد. والآن، مع تمدد خطر الجماعات المسلحة البلوشية، يصبح احتمال فتح جبهة ثالثة على الحدود الإيرانية احتمالاً جدياً، وخصوصاً أن كثيراً من هذه الجماعات لا تميز في أهدافها بين قوات الأمن الإيرانية والباكستانية، وتتبنى خطاباً انفصالياً عرقياً عابراً للحدود. إقليم بلوشستان، الذي يمتد على الجانبين الإيراني والباكستاني، يمثل بيئة خصبة لهذه التنظيمات نظراً لتهميشه التاريخي وضعف التنمية، فضلاً عن شعور سكانه بانعدام العدالة السياسية والاقتصادية. في باكستان، كثيراً ما استهدفت الجماعات البلوشية مشاريع البنية التحتية الصينية في ميناء جوادر، في إطار ما يعرف بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني. وقد أعربت الصين بدورها عن قلقها العميق من أي تصعيد في هذه المنطقة، خشية أن يؤدي ذلك إلى تهديد استثماراتها الاستراتيجية، خصوصاً أن جوادر يعد نقطة ارتكاز رئيسية في مشروع "الحزام والطريق" العالمي الذي تتبناه بكين. في المقابل، تبنت الهند موقفاً أقرب إلى الحياد في التصعيد الإسرائيلي، وهو ما أثار تحفظات في باكستان التي ترى في الصمت الهندي تقاطعاً مصلحياً مع إسرائيل في مواجهة إيران. العلاقات الوثيقة بين نيودلهي وتل أبيب ليست جديدة، لكنها تكتسب الآن بُعداً جديداً في ظل الحرب، حيث يُنظر إلى الهند كطرف مستفيد من إضعاف إيران، لا سيما في إطار التنافس الإقليمي على النفوذ والطاقة والممرات البحرية. على الأرض، تشير تقديرات أمنية إلى أن المسلحين البلوش قد يستخدمون فوضى الصراع لتوحيد صفوفهم تحت ما يُسمى بـ"حركة بلوشستان الكبرى"، وهي فكرة طوباوية بالنسبة للبعض، لكنها تبقى مصدر رعب حقيقي لطهران وإسلام أباد، لما تعنيه من احتمال تمزيق وحدتهما الجغرافية عبر مشروع انفصالي مشترك. ويري مراقبون أنه في حال اندلعت هذه الحركة فعلياً، فستشكل تهديداً استراتيجياً يتجاوز حدود المواجهة مع الجماعات المسلحة، ليصل إلى تحدي فكرة الدولة ذاتها. باكستان، التي تعاني من صراعات داخلية مزمنة وتوترات مذهبية وسياسية، تدرك تماماً أن أي انهيار أمني في إيران لن يبقى محصوراً في أراضيها. وبالنظر إلى تشابك العلاقات بين الجماعات المتطرفة العابرة للحدود، فإن أي فراغ في السلطة في طهران قد يتحول سريعاً إلى ساحة اختبار للجماعات المسلحة، التي يمكن أن تعيد إحياء التحالفات القديمة مع تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، أو تخلق نسخاً جديدة منهما بمسميات محلية وإقليمية. وبناء على تجارب سابقة في سوريا والعراق، فإن انهيار الأنظمة المركزية غالباً ما يؤدي إلى بروز الجماعات المتطرفة كبدائل مسلحة تملأ الفراغ وتفرض أجنداتها. ويشير مراقبون إلي أن كل هذه المؤشرات تضع باكستان في مواجهة استحقاقات أمنية حساسة، فهي تحتاج إلى مضاعفة الجهد الاستخباراتي وضبط الحدود، دون أن تتورط في صراع مفتوح مع إيران أو تدخل في مواجهة غير مباشرة مع إسرائيل، كما ستكون مضطرة لتنسيق أمني مكثف مع القوى الكبرى، لا سيما الصين والولايات المتحدة، لحماية مصالحها ومنع انهيار الاستقرار في إقليم بلوشستان. وفي الوقت نفسه، يبدو أن الرهان الوحيد الممكن حالياً هو على التهدئة السياسية والدبلوماسية، لأن أي خيار عسكري سيُشعل المنطقة أكثر، ويفتح الباب أمام موجة جديدة من الإرهاب يصعب احتواؤها في المستقبل القريب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store