
هزاع البراري يكتب : أمريكا بين المسألة الأوروبية والمسألة الشرق أوسطية
لم تكن تصريحات ترامب السينمائية إبان الحملة الانتخابية مجرد استعراض، فقد توهم أن جَلفه ولا دبلوماسيته في اجتماعات البيت الأبيض، كفيلة بحل أزمات العالم وإيقاف الحروب، وفرض السلام بالتهديد والإحراج و" الفهلوة السياسية " مستفيدا من فترة بايدن الرخوة، غير أن شيئا من هذا لم يحدث، فقد انهارات الهدنة في غزة وازدادت الحرب سوءا وبؤسا، وتمادت إسرائيل في انتهاك كل القوانين والأعراف والقيم الإنسانية، بل أن نتنياهو لم يُعر تعهدات ترامب أي اهتمام وواصل حروبه الطاحنة في المنطقة، وليس هذا وحسب، بل إن إسرائيل –نتياهو- دفعت أمريكا-ترامب- بالمشاركة العسكرية في حرب إسرائيل على إيران بعكس توجهات ترامب المعلنة أن أمريكا لن تخوض أي حرب، وأنه يسعى إلى سحب الجنود الأمريكان من عدد من بؤر النزاع، بل أن ترامب اضطر أيضا لتوجيه ضربات قوية للحوثيين في اليمن، وهذا يؤكد أن الواقع الشرق أوسطي السياسي والعسكري أكثر تعقيدا مما كان يتصور ترامب نفسه.
إذن السلام الأمريكي للعالم لم يتحقق حتى الآن، ولا يبدو قريب المنال، فبين تعقيدات الشرق الأوسط المزمنة، وتداخل المصالح الدولية فيه وتضادها، وبين الصراع الأمريكي الداخلي الذي يخوضه ترامب بسبب سياساته الضريبية، ومواجهة المهاجرين، ونزاعات الرسوم الجمركية مع دول العالم دون استثناء، فإن المسألة الأوروبية تبدو أكثر إلحاحاً وحساسية من أي مسألة أخرى، فأوروبا التي حكمت العالم شرقاً وغرباً قديماً، خضعت إبان الحرب العالمية الثانية لهيمنة أكبر مستعمراتها، فقد دفع الضعف الأوروبي في الحرب العالمية الثانية الذي وضعها على حافة هزيمة قاسمة، إلى الإرتهان للقرار الأمريكي، الذي أرسل الأساطيل والفرق العسكرية، وأسراب الطائرات لإنقاذ أوروبا وحمايتها من السقوط، فتحولت القارة العجوز من حاكمة عالمية إلى محمية أمريكية ومرتعاً للقواعد الأمريكية، وما كان حلف الناتو إلا تنظيماً وشرعنة بشكل ما لهذه الحماية الأمريكية لأوروبا، وبالتالي فإن ارتهان القرار الأوروبي للقرار الأمريكي هو نتيجة طبيعية لهذا الواقع الماثل على الأرض منذ عقود طويلة مضمت.
اليوم تساهم الحرب الروسية / الأوكرانية في تعرية الواقع الأوروبي الضعيف، حتى أن الاتحاد الأوروبي صار يماثل ما أصاب جامعة الدول العربية من ضعب وفقدان الفعالية، فلم تتجاوز المواقف الأوروبية الداعمة لأوكرانيا عن تصريحات مستجدية لتوجهات ترامب لإنهاء الحرب في أوروبا، إذ تسعى هذه التصريحات والبيانات الأوروبية للمطالبة بدور أوروبي في مفاوضات إنهاء الحرب، بل نزل سقف هذه المطالبات إلى درجة المطالبة بمشاركة الأوكرانيين في المباحثات الأمريكية / الروسية الرامية لإنهاء الحرب، وهذا يكشف مدى حالة الضعف والهشاشة التي وصلت إليها أوروبا أمام أمريكا. أمريكا التي قادت المواجهة ضد روسيا ومقاطعتها بشكل متطرف، ها هي نفسها تكسر هذه التابوهات وتقيم حوارا مباشر معها على مستوى القادة الكبار، في غياب أوروبي وأوكراني كامل.
ربما أدرك ترامب أن المسألة الشرق أوسطية لم تنضج بعد من أجل فرض حالة من السلام أو الهدن طويلة الأمد، ولعله سيترك الأمور لبعض الوقت حتى تتموضع بعض القوى، وتأخذ المنطقة وقتاً إضافياً لانقشاع الغبار وتحسن الرؤية أكثر، وأدرك أيضا أن المسألة الأوروبية صارت أكثر وضوحاً وإلحاحاً، وأن استتباب الأمر في القارة العجوز سيلقي بظلاله حتماً على الوضع في الشرق الأوسط، بالتأكيد أن التسوية هناك ستتضمّن تسويات وتنازلات وربما مكافآت هنا– في الشرق الأوسط -، شيء ما يتعلق بسوريا وإيران ولبنان، إذن سنجد أن مفاتيح الحل والحلحلة في أوروبا والشرق الأوسط مخبأة في جليد آلاسكا الأمريكية التي كانت يوماً ما روسية!!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
قمة ألاسكا.. بين تفاؤل ترامب ومخاوف أوروبا وأوكرانيا
عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس عن اعتقاده بأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين مستعد للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وكثّف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون جهودهم هذا الأسبوع لمنع أي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا ينجم عن قمة ألاسكا اليوم الجمعة من شأنه أن يُعرّض أوكرانيا لهجوم في المستقبل. تصريحات ترامب قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض 'أعتقد أن بوتين سيحقق السلام، وكذلك زيلينسكي'. وقلل ترامب من أهمية الحديث عن وقف إطلاق النار الذي قد تفضي إليه القمة، وتكهن باحتمال عقد اجتماع ثان يضم مزيدا من القادة. وأضاف: 'أعتقد أنه سيكون اجتماعا جيدا، لكن الاجتماع الأهم سيكون الاجتماع الثاني الذي نعقده. سنعقد اجتماعا مع الرئيسين بوتين وزيلينسكي بحضوري، وربما ندعو بعض القادة الأوروبيين. ربما لا. لا أعرف ذلك'. وأشار ترامب إلى أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا بعد المحادثات، لكنه لا يعلم هل سيكون مشتركا أم لا. وأوضح في مقابلة سابقة مع 'فوكس نيوز' بأنه ستكون هناك تنازلات بشأن الحدود والأراضي. وأوضح أن 'هذا الاجتماع أشبه بلعبة شطرنج. الاجتماع (الأول) يمهد لاجتماع ثان، ولكن هناك احتمال 25 بالمئة بألا يكون هذا الاجتماع ناجحا'. ووفق ترامب فإن التوصل إلى اتفاق بين بوتين وزيلينسكي سيكون بيدهما، مضيفا 'لن أتفاوض على اتفاقهما'. ماذا قال بوتين؟ تحدث بوتين في وقت سابق إلى كبار وزرائه ومسؤولي الأمن في إطار الاستعداد للقاء ترامب في أنكوريج بولاية ألاسكا، والذي قد يحدد معالم نهاية أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وأفاد بوتين في تعليقات بثها التلفزيون بأن واشنطن 'تبذل، في رأيي، جهودا حثيثة وصادقة لوقف الأعمال القتالية وإنهاء الأزمة، وإبرام اتفاقيات تصب في مصلحة جميع الأطراف المعنية في هذا الصراع'. وأوضح أن هذا يحدث 'من أجل تهيئة ظروف طويلة الأمد للسلام بين بلدينا وفي أوروبا وفي العالم أجمع، حال توصلنا في المراحل المقبلة إلى اتفاقيات في مجال الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية'. وأشارت تعليقاته إلى أن روسيا ستثير قضية الحد من الأسلحة النووية في إطار مناقشة واسعة النطاق حول الأمن لدى اجتماعه مع ترامب. وحسبما قال مساعد في الكرملين فإن بوتين وترامب سيناقشان أيضا 'الإمكانات الهائلة غير المستغلة' للعلاقات الاقتصادية الروسية الأميركية. وذكر مسؤول بارز في شرق أوروبا طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الأمر، أن بوتين سيحاول صرف انتباه ترامب عن أوكرانيا في المحادثات من خلال عرض إحراز تقدم محتمل في مجال الحد من الأسلحة النووية أو شيء متعلق بالأعمال. وعبّر المسؤول عن أمله 'بألا ينخدع ترامب بالروس، فهو يفهم كل هذه الأمور الخطيرة' مشيرا إلى أن هدف روسيا الوحيد هو تجنب أي عقوبات جديدة ورفع القائمة بالفعل. مخاوف أوروبية وأوكرانية تسيطر روسيا على حوالي خُمس مساحة أوكرانيا، ويخشى زيلينسكي ودول أوروبية من أن يعزز أي اتفاق تلك المكاسب الروسية ويكون مكافأة لبوتين على جهوده المستمرة منذ 11 عاما للاستيلاء على أراض أوكرانية، ويشجعه على التوسع أكثر في أوروبا. وصرّح دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي قائلا بأنه 'ستكون الساعات المقبلة حاسمة كونها قد تحدد ما ستؤول إليه الأمور. أجرى ترامب مكالمات جيدة للغاية أمس مع دول أوروبية لكن ذلك كان بالأمس'. وأكد زعماء أوروبيون أن ترامب أبدى استعداده للانضمام إلى الضمانات الأمنية لكييف خلال اجتماع اللحظة الأخيرة مع الزعماء الأوروبيين وزيلينسكي الأربعاء، لكنه لم يتطرق إلى ذلك علنا بعد ذلك. وقمة ألاسكا هي أول قمة روسية أميركية منذ يونيو 2021، وتأتي في واحدة من أصعب اللحظات بالنسبة لأوكرانيا في الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين منذ العملية العسكرية الروسية الشاملة في فبراير 2022. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال بعد الاجتماع الأربعاء إن ترامب أصرّ على ألا يكون حلف شمال الأطلسي جزءا من الضمانات الأمنية الرامية إلى حماية أوكرانيا من الهجمات المستقبلية في تسوية ما بعد الحرب. ولفت ماكرون إلى أن ترامب قال أيضا إن الولايات المتحدة وجميع الحلفاء الراغبين يجب أن يكونوا جزءا من الضمانات الأمنية. وفي السياق ذاته، قال مسؤول أوروبي لرويترز إن ترامب قال خلال الاتصال المرئي إنه على استعداد لتقديم بعض الضمانات الأمنية لأوروبا، دون أن يتطرق إلى ماهية هذه الضمانات. وهدد ترامب الأربعاء بأنه ستكون هناك 'عواقب وخيمة' ما لم يوافق بوتين على إحلال السلام في أوكرانيا، وحذر من فرض عقوبات اقتصادية ما لم يسفر اجتماعه يوم الجمعة عن إحراز تقدم. ومن المرجح أن تقاوم روسيا مطالب أوكرانيا وأوروبا، وسبق أن أعلنت أن موقفها لم يتغير منذ أن حدده بوتين لأول مرة في يونيو 2024.


العرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- العرب اليوم
كايا كالاس تؤكد أن أي محادثات بين ترامب وبوتين تفقد جدواها في غياب أوكرانيا
قالت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، في مقابلة مع موقع سكاي نيوز عربية، إن الرئيس الروسي "غير جاد" بشأن السلام مع أوكرانيا، وذلك قبل أيام من لقائه با لرئيس الأميركي دونالد ترامب في ألاسكا. وأضافت كالاس: "أعتقد أنه من المهم أن نفهم أن بوتين يلهو ويلعب.. إنه يريد صورة مع أكثر شخص تأثيرًا على وجه الأرض، الرئيس دونالد ترامب، ثم يريد تأجيل العقوبات". وأوضحت لسكاي نيوز عربية، أنه خلال اجتماع طارئ عبر الفيديو لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عقد الاثنين، تم التأكيد على أن استمرار روسيا في الظهور بمظهر المفاوض قد يمنع تهديدات الرئيس ترامب بفرض عقوبات جديدة من أن تتحقق، مشيرة إلى أن البيت الأبيض سبق أن لوّح بفرض عقوبات غير محددة على موسكو إذا لم توافق على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقالت كالاس: "السؤال هو، ماذا سيجني الآخرون من هذا الاجتماع؟ إذا كان الرئيس زيلينسكي حاضرًا، سيكون هناك تفاوض، وإذا كان الأوروبيون موجودين، سيكون هناك تفاوض أيضا". ورغم استبعاد أوروبا فعليا من عملية السلام من قبل البيت الأبيض، يطالب وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بوقف إطلاق نار غير مشروط قبل التوصل لأي اتفاق سلام. وأضافت كالاس: "لكي ينجح أي اتفاق، يجب أن يكون الأوكرانيون طرفا فيه، لأن روسيا هي من هاجمت أوكرانيا.. الحرب تجري على الأراضي الأوروبية والأوكرانية، وبالتالي يجب أن يوافق الأوكرانيون على أي اتفاق يتم التوصل إليه". الوضع في غزة وتطرقت كالاس أيضا إلى الموقف الأوروبي من الوضع في غزة، واصفة إياه بأنه "خطير للغاية"، وقالت: "القرار الأخير لمجلس الأمن الإسرائيلي بشأن توسيع العملية العسكرية في غزة مدان على نطاق واسع في أوروبا، وكذلك قتل الصحفيين في غزة". وعند سؤالها عن إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل، أوضحت: "لدينا 27 دولة عضوًا لكل منها وجهات نظر مختلفة، لكن ما نتفق عليه جميعًا هو دعم حل الدولتين، وضرورة تحسين الوضع الإنساني". وأضافت: "لهذا نضغط على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات وتوفير الإغاثة الإنسانية التي يحتاجها الناس، لأن الوضع لا يمكن تحمله على الإطلاق". قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


صراحة نيوز
منذ 5 ساعات
- صراحة نيوز
لافتة 'أوقفوا قتل الأطفال' تُثير جدلًا سياسيًا في افتتاح كأس السوبر الأوروبي
صراحة نيوز- أثار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) جدلاً واسعاً بعدما عُرضت لافتة ضخمة على أرض الملعب قبيل انطلاق مباراة كأس السوبر الأوروبي، كُتب عليها: «أوقفوا قتل الأطفال – أوقفوا قتل المدنيين»، في خطوة اعتبرها البعض مخاطرة سياسية من جانب الاتحاد. وجاءت اللافتة خلال مراسم افتتاح المباراة التي أقيمت الأربعاء على ملعب فريولي في مدينة أوديني الإيطالية، والتي انتهت بتتويج باريس سان جيرمان باللقب بعد فوزه على توتنهام بركلات الترجيح 4-3، عقب انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 2-2. وبحسب تقرير نشرته صحيفة 'تلغراف' البريطانية، وُضعت اللافتة أمام اللاعبين خلال اصطفافهم على أرضية الملعب، وشارك في الحفل طفلان لاجئان من غزة، أحدهما كان ضمن مراسم توزيع الميداليات. وأوضح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان صدر عشية المباراة أن الطفلة تالا (12 عاماً)، وهي فتاة فلسطينية تعاني من مشاكل صحية، نُقلت إلى ميلانو لتلقي العلاج بسبب نقص المعدات الطبية في غزة. وقد انضمت إلى رئيس اليويفا ألكسندر تشيفرين في توزيع الميداليات. كما شارك الطفل محمد (9 سنوات)، الذي فقد والديه في غارة جوية على غزة. ورغم أن قوانين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحظر عرض أو الترويج لأي رسائل سياسية خلال المباريات أو في محيط الملاعب، فقد أشار اليويفا إلى أن اللافتة لم تذكر أي نزاع بعينه، مضيفًا أن أطفالًا من مناطق نزاع مختلفة حول العالم، من بينها أفغانستان والعراق ونيجيريا وفلسطين وأوكرانيا، شاركوا أيضًا في مراسم الافتتاح.