
تقرير فرنسي عن "الإخوان المسلمين" يشعل جدلاً واسعاً
أثار تقرير حكومي فرنسي صدر حديثاً حول جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي في فرنسا، جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والديني، خصوصاً بعد عرضه في اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي برئاسة الرئيس
إيمانويل ماكرون
، يوم الأربعاء الماضي. تناول التقرير ما وصفه بـ"التغلغل الإخواني" داخل البنية الإسلامية في فرنسا، معتبراً هذا التغلغل تهديداً للتلاحم الوطني. وذكر قائمة من الكيانات التي قال إنها تُعد "امتدادات فكرية وتنظيمية للإخوان" في فرنسا، منها جمعية مسلمي فرنسا، ومجمع الكِندي في مدينة ليون، ومدرسة ابن خلدون في مرسيليا، وجمعية الإغاثة الإسلامية في فرنسا، إلى جانب منتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية، وغيرها.
أعد التقرير موظفون حكوميون رفيعو المستوى بناءً على طلب من الحكومة، فيما ركز على تقييم وجود "الإخوان المسلمين" داخل النسيج الإسلامي الفرنسي. وأشار التقرير إلى أن الجماعة تعتمد على تنظيم قوي يسعى، على المدى الطويل، إلى تعديل قواعد العلمانية والمساواة بين الجنسين في فرنسا. ورغم ذلك، شدد التقرير على أنه لا توجد أدلة تثبت نيّة الجماعة إقامة دولة إسلامية أو تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، لكنه حذر من تأثير متزايد لـ"الإخوان المسلمين" على الفضاء العام والسياسة المحلية. واقترح معدّو التقرير مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى "احتواء المخاطر الأيديولوجية وتنظيم علاقة الدولة مع مسلمي فرنسا بطريقة أكثر توازناً"، منها "تطوير خطاب حكومي يقوم على الفصل بين الإسلام ديناً، والإسلاموية مشروعاً سياسياً منغلقاً، ودعم الشخصيات والمؤسسات المسلمة ذات التوجه الجمهوري المعتدل". كما اقترحوا "ضبط التمويلات الأجنبية وتعزيز الشفافية في التعليم الديني والخيري، وتكثيف الرقابة على المؤسسات ذات الطابع المغلق (معزول)".
غياب الدقة حول "الإخوان المسلمين"
وعلى الرغم من عدم نشر التقرير كاملاً، فإن المقتطفات التي تسربت بشأنه كانت كافية لإشعال نقاش حاد على الساحة السياسية والدينية في فرنسا، فيما تنوعت ردات الفعل بين التأييد والإدانة. دعا البعض إلى اتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة، بينما حذر آخرون من أن التقرير قد يُستغل سياسياً ويشكل تهديداً لحقوق المسلمين في البلاد. وكان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، عبّر في بيان عقب صدور التقرير، عن قلقه من غياب تعريفات دقيقة للمصطلحات المستخدمة في التقرير الحكومي، مثل "الإخوان المسلمين" و"التغلغل الإسلاموي"، معتبراً أن ذلك يؤدي إلى خلط ضار يغذي الشكوك ضد مسلمي فرنسا. وأشار إلى أن تعميم الاتهامات على مؤسسات دينية وجمعيات وأفراد من دون أدلة واضحة يفتح الباب لوصم جماعي وتأجيج الكراهية، ما قد يضر بالتماسك المجتمعي. وطالب المجلس السلطات الفرنسية بالتحلي بالحكمة والتمييز في التعامل مع هذه القضية، مع ضرورة تجنّب الانجرار وراء أجندات إعلامية أو سياسية قد تؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية في البلاد.
في الجانب السياسي، تلقف قادة اليمين المتطرف التقرير لتكثيف الحملات ضد جماعة الإخوان المسلمين. وجاء في مقدمِهم
جوردان بارديلا
، رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي دعا في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" إلى اتخاذ إجراءات حاسمة. وطالب بارديلا بتصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً، بالإضافة إلى إغلاق 139 مسجداً و280 جمعية و21 مدرسة يزعم ارتباطها بـ"الإخوان"، وحل جميع المؤسسات ذات الصلة وملاحقة الأذرع الإدارية التابعة لها. كما دعا إلى طرد أئمة المساجد الأجانب الذين يُعتقد أنهم يروجون للكراهية داخل المجتمع الفرنسي، معتبراً ذلك جزءاً من استراتيجية مكافحة ما وصفه بـ"الإسلام السياسي المتطرف".
تقارير دولية
التحديثات الحية
الإسلام في فرنسا: نزاع الدولة والجمعيات الدينية
بدورها، دعت ماريون ماريشال، السياسية اليمينية المتطرفة والنائبة في البرلمان الأوروبي، في تغريدة على منصة إكس، إلى التوقيع على عريضة بعنوان "أوقفوا الإخوان المسلمين". وطالبت بحظر التنظيم وإغلاق مؤسساته كما فعلت النمسا (حظر البرلمان النمساوي، عام 2021، جماعة الإخوان المسلمين ومنعها من ممارسة أي عمل سياسي في البلاد، في سياق إجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف)، وطرد الأجانب المرتبطين به، إضافة إلى محاسبة المسؤولين الذين تواطأوا مع الجماعة لأهداف انتخابية. في المقابل، عبّر قادة في اليسار الفرنسي عن قلقهم مما وصفوه بـ"تصعيد إسلاموفوبي" داخل الخطاب السياسي الرسمي. وكتب
جان لوك ميلانشون
، زعيم "فرنسا الأبية"، على "إكس": "أُحذّر! هذه المرة، تخطت الإسلاموفوبيا حدها. اجتماع مجلس الدفاع برئاسة الرئيس يُعطي مصداقية لأفكار الهذيان. كفى! أنتم على وشك تدمير بلدنا".
استهداف حريات المسلمين
من جهته، اعتبر النائب عن حزب فرنسا الأبية في الجمعية الوطنية، رافاييل أرنو، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، التقرير "جزءاً من أجندة إسلاموفوبية متصاعدة تستهدف المسلمين في فرنسا". وأضاف أن التقرير "يعزز سردية مبالغاً فيها عن جماعة في تراجع فعلي"، موضحاً أن "الخطاب الرسمي يعاني من تناقضات؛ ففي الوقت الذي يُتهم فيه المسلمون بالانفصال، يُتهمون أيضاً بمحاولة اختراق المؤسسات الرسمية".
رافاييل أرنو: تجب مواجهة الهجمة المنظمة ضد المسلمين
ويُستهدف المسلمون، بحسب أرنو، "بغض النظر عن تصرفاتهم، ما يخلق مناخاً دائماً من الشك والتمييز"، منتقداً "غياب تقارير مشابهة عن تيارات دينية أخرى، مثل الكاثوليك المتشددين، رغم قوتهم التنظيمية وعلاقاتهم مع مؤسسات الدولة". وبرأيه فهذا "دليل على ازدواجية المعايير"، منتقداً أيضاً إعلان غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق والنائب في البرلمان الفرنسي، قبل أيام قليلة، نية حزبه "النهضة" الذي ينتمي إليه ماكرون، حظر الحجاب للفتيات تحت سن 15، معتبراً ذلك "محاولة لمجاراة الخطاب الشعبوي العنصري ضد المسلمين". ودعا أرنو إلى تعبئة سياسية أوسع لمواجهة ما وصفه بـ"الهجمة المنظمة ضد المسلمين"، مؤكداً استمرار حزبه "فرنسا الأبية" في الدفاع عن قيم العلمانية والعدالة.
قضايا
حيرة الإخوان المسلمين بين السِّلم والعنف
فريد عمير: يغيب في التقرير تعريف دقيق لمصطلح "الإخوان المسلمين" في السياق الفرنسي
أما فريد عمير، رئيس "اتحاد الديمقراطيين المسلمين في فرنسا"، فرفض في تصريح لـ"العربي الجديد"، مضامين التقرير، مشيراً إلى غياب تعريف دقيق لمصطلح "الإخوان المسلمين" في السياق الفرنسي، ما "يفتح الباب أمام تصنيف أي مسلم ملتزم ضمن هذا الإطار بدون أساس قانوني واضح". وبرأيه، فإن التقرير يبالغ في الحديث عن "النفوذ" و"التهديد للوحدة الوطنية"، محذراً من أن هذا الخطاب يساهم في خلق "عدو داخلي" من المسلمين، وهو خطاب يشبه نظريات مؤامرة استُخدمت سابقاً ضد طوائف دينية أخرى في أوروبا. ونبّه من استغلال هذه التوجهات السياسية لتقييد الحريات الجمعوية للمسلمين (الحق في تشكيل جمعيات أو الانضمام إليها)، متوقعاً تصاعداً في السياسات الإسلاموفوبية، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، ما قد يؤدي إلى إغلاق المزيد من المساجد والمدارس وطرد الأئمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 ساعات
- العربي الجديد
تقرير فرنسي عن "الإخوان المسلمين" يشعل جدلاً واسعاً
أثار تقرير حكومي فرنسي صدر حديثاً حول جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي في فرنسا، جدلاً واسعاً على المستويين السياسي والديني، خصوصاً بعد عرضه في اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون ، يوم الأربعاء الماضي. تناول التقرير ما وصفه بـ"التغلغل الإخواني" داخل البنية الإسلامية في فرنسا، معتبراً هذا التغلغل تهديداً للتلاحم الوطني. وذكر قائمة من الكيانات التي قال إنها تُعد "امتدادات فكرية وتنظيمية للإخوان" في فرنسا، منها جمعية مسلمي فرنسا، ومجمع الكِندي في مدينة ليون، ومدرسة ابن خلدون في مرسيليا، وجمعية الإغاثة الإسلامية في فرنسا، إلى جانب منتدى المنظمات الشبابية والطلابية الإسلامية الأوروبية، وغيرها. أعد التقرير موظفون حكوميون رفيعو المستوى بناءً على طلب من الحكومة، فيما ركز على تقييم وجود "الإخوان المسلمين" داخل النسيج الإسلامي الفرنسي. وأشار التقرير إلى أن الجماعة تعتمد على تنظيم قوي يسعى، على المدى الطويل، إلى تعديل قواعد العلمانية والمساواة بين الجنسين في فرنسا. ورغم ذلك، شدد التقرير على أنه لا توجد أدلة تثبت نيّة الجماعة إقامة دولة إسلامية أو تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، لكنه حذر من تأثير متزايد لـ"الإخوان المسلمين" على الفضاء العام والسياسة المحلية. واقترح معدّو التقرير مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى "احتواء المخاطر الأيديولوجية وتنظيم علاقة الدولة مع مسلمي فرنسا بطريقة أكثر توازناً"، منها "تطوير خطاب حكومي يقوم على الفصل بين الإسلام ديناً، والإسلاموية مشروعاً سياسياً منغلقاً، ودعم الشخصيات والمؤسسات المسلمة ذات التوجه الجمهوري المعتدل". كما اقترحوا "ضبط التمويلات الأجنبية وتعزيز الشفافية في التعليم الديني والخيري، وتكثيف الرقابة على المؤسسات ذات الطابع المغلق (معزول)". غياب الدقة حول "الإخوان المسلمين" وعلى الرغم من عدم نشر التقرير كاملاً، فإن المقتطفات التي تسربت بشأنه كانت كافية لإشعال نقاش حاد على الساحة السياسية والدينية في فرنسا، فيما تنوعت ردات الفعل بين التأييد والإدانة. دعا البعض إلى اتخاذ إجراءات صارمة وحاسمة، بينما حذر آخرون من أن التقرير قد يُستغل سياسياً ويشكل تهديداً لحقوق المسلمين في البلاد. وكان المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، عبّر في بيان عقب صدور التقرير، عن قلقه من غياب تعريفات دقيقة للمصطلحات المستخدمة في التقرير الحكومي، مثل "الإخوان المسلمين" و"التغلغل الإسلاموي"، معتبراً أن ذلك يؤدي إلى خلط ضار يغذي الشكوك ضد مسلمي فرنسا. وأشار إلى أن تعميم الاتهامات على مؤسسات دينية وجمعيات وأفراد من دون أدلة واضحة يفتح الباب لوصم جماعي وتأجيج الكراهية، ما قد يضر بالتماسك المجتمعي. وطالب المجلس السلطات الفرنسية بالتحلي بالحكمة والتمييز في التعامل مع هذه القضية، مع ضرورة تجنّب الانجرار وراء أجندات إعلامية أو سياسية قد تؤدي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية في البلاد. في الجانب السياسي، تلقف قادة اليمين المتطرف التقرير لتكثيف الحملات ضد جماعة الإخوان المسلمين. وجاء في مقدمِهم جوردان بارديلا ، رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي دعا في مقابلة مع إذاعة "فرانس إنتر" إلى اتخاذ إجراءات حاسمة. وطالب بارديلا بتصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً، بالإضافة إلى إغلاق 139 مسجداً و280 جمعية و21 مدرسة يزعم ارتباطها بـ"الإخوان"، وحل جميع المؤسسات ذات الصلة وملاحقة الأذرع الإدارية التابعة لها. كما دعا إلى طرد أئمة المساجد الأجانب الذين يُعتقد أنهم يروجون للكراهية داخل المجتمع الفرنسي، معتبراً ذلك جزءاً من استراتيجية مكافحة ما وصفه بـ"الإسلام السياسي المتطرف". تقارير دولية التحديثات الحية الإسلام في فرنسا: نزاع الدولة والجمعيات الدينية بدورها، دعت ماريون ماريشال، السياسية اليمينية المتطرفة والنائبة في البرلمان الأوروبي، في تغريدة على منصة إكس، إلى التوقيع على عريضة بعنوان "أوقفوا الإخوان المسلمين". وطالبت بحظر التنظيم وإغلاق مؤسساته كما فعلت النمسا (حظر البرلمان النمساوي، عام 2021، جماعة الإخوان المسلمين ومنعها من ممارسة أي عمل سياسي في البلاد، في سياق إجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف)، وطرد الأجانب المرتبطين به، إضافة إلى محاسبة المسؤولين الذين تواطأوا مع الجماعة لأهداف انتخابية. في المقابل، عبّر قادة في اليسار الفرنسي عن قلقهم مما وصفوه بـ"تصعيد إسلاموفوبي" داخل الخطاب السياسي الرسمي. وكتب جان لوك ميلانشون ، زعيم "فرنسا الأبية"، على "إكس": "أُحذّر! هذه المرة، تخطت الإسلاموفوبيا حدها. اجتماع مجلس الدفاع برئاسة الرئيس يُعطي مصداقية لأفكار الهذيان. كفى! أنتم على وشك تدمير بلدنا". استهداف حريات المسلمين من جهته، اعتبر النائب عن حزب فرنسا الأبية في الجمعية الوطنية، رافاييل أرنو، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، التقرير "جزءاً من أجندة إسلاموفوبية متصاعدة تستهدف المسلمين في فرنسا". وأضاف أن التقرير "يعزز سردية مبالغاً فيها عن جماعة في تراجع فعلي"، موضحاً أن "الخطاب الرسمي يعاني من تناقضات؛ ففي الوقت الذي يُتهم فيه المسلمون بالانفصال، يُتهمون أيضاً بمحاولة اختراق المؤسسات الرسمية". رافاييل أرنو: تجب مواجهة الهجمة المنظمة ضد المسلمين ويُستهدف المسلمون، بحسب أرنو، "بغض النظر عن تصرفاتهم، ما يخلق مناخاً دائماً من الشك والتمييز"، منتقداً "غياب تقارير مشابهة عن تيارات دينية أخرى، مثل الكاثوليك المتشددين، رغم قوتهم التنظيمية وعلاقاتهم مع مؤسسات الدولة". وبرأيه فهذا "دليل على ازدواجية المعايير"، منتقداً أيضاً إعلان غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق والنائب في البرلمان الفرنسي، قبل أيام قليلة، نية حزبه "النهضة" الذي ينتمي إليه ماكرون، حظر الحجاب للفتيات تحت سن 15، معتبراً ذلك "محاولة لمجاراة الخطاب الشعبوي العنصري ضد المسلمين". ودعا أرنو إلى تعبئة سياسية أوسع لمواجهة ما وصفه بـ"الهجمة المنظمة ضد المسلمين"، مؤكداً استمرار حزبه "فرنسا الأبية" في الدفاع عن قيم العلمانية والعدالة. قضايا حيرة الإخوان المسلمين بين السِّلم والعنف فريد عمير: يغيب في التقرير تعريف دقيق لمصطلح "الإخوان المسلمين" في السياق الفرنسي أما فريد عمير، رئيس "اتحاد الديمقراطيين المسلمين في فرنسا"، فرفض في تصريح لـ"العربي الجديد"، مضامين التقرير، مشيراً إلى غياب تعريف دقيق لمصطلح "الإخوان المسلمين" في السياق الفرنسي، ما "يفتح الباب أمام تصنيف أي مسلم ملتزم ضمن هذا الإطار بدون أساس قانوني واضح". وبرأيه، فإن التقرير يبالغ في الحديث عن "النفوذ" و"التهديد للوحدة الوطنية"، محذراً من أن هذا الخطاب يساهم في خلق "عدو داخلي" من المسلمين، وهو خطاب يشبه نظريات مؤامرة استُخدمت سابقاً ضد طوائف دينية أخرى في أوروبا. ونبّه من استغلال هذه التوجهات السياسية لتقييد الحريات الجمعوية للمسلمين (الحق في تشكيل جمعيات أو الانضمام إليها)، متوقعاً تصاعداً في السياسات الإسلاموفوبية، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، ما قد يؤدي إلى إغلاق المزيد من المساجد والمدارس وطرد الأئمة.


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
ماذا بعد 80 عاماً على الحرب العالمية الثانية؟
فيما لا يعرف أحد إن كان العالم مُنقسمًا إلى قطبين، أم بلغ مرحلة تعدّد الأقطاب، أم لا يزال تحت عباءة نظام القطب الواحد، يحتفل (هذا العالم) بمرور الذكرى الثمانين على انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية والقضاء على النازية والفاشية، في حرب صنعت نظامًا دوليًا استطاعت فيه "القوى العظمى" ألا تدخل في حرب طاحنة في ما بينها لمدة 80 عاما، وهي أطول فترة في التاريخ الحديث والمعاصر. كانت لافتة للغاية العروض العسكرية الضخمة التي أقامتها موسكو في "عيد النصر"، وحضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب رؤساء دول حليفة، أهمهم الرئيس الصيني، فيما شاركت جيوش دول أخرى في الاستعراض الضخم، منها مصر، في رسالة واضحة من موسكو للدول الأوروبية والولايات المتحدة، أنّ عزلها غير ممكن، في محاولة للتذكير بدور روسيا (الاتحاد السوفييتي سابقا) التاريخي الذي لن يُمحى من الذاكرة في القضاء على النازية الألمانية. استوعبت العواصم الأوروبية الرسائل الروسية القادمة من ساحر الكرملين جيّدًا، حيث التقى رئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون، "عدو" الروس، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأخذه بالأحضان، قاصداً بذلك أنّ أوروبا لن تتخلّى عن كييف حتى لو أراد "العم سام" تقديمها للدب الروسي على طبق من ذهب لأجل إنهاء الحرب، خاصة في هذه المرحلة الحاسمة من المفاوضات بين موسكو وكييف. العالم مليء بالحروب والدمار، ولا تكاد قارة واحدة تعيش هادئة إلا في ما ندر أما برلين، فلا تزال بعد ثمانين عاما من نهاية الحرب العالمية "تطلب الغفران" عن ذنبها وتتحمّل مسؤوليتها عمّا حدث، ولا تزال تريد أن تدفع المزيد من التعويض لعلّ شعوب الدول المتضرّرة من الحرب تغفر وتنسى ألمانيا النازية. تأتي هذه الاحتفالات الكبرى في عواصم القرار العالمي والأوروبي وتبادل الرسائل، فيما النازية والهولوكوست وأوصاف الحرب العالمية لا تزال موجودة في مكان آخر من الأرض، وفيما لا أحد يريد أن يصف أنّ ما يحدث في بقعة صغيرة من الأرض (غزّة) فاق ما حدث في الحرب العالمية الثانية، وأنّ ما سقط من قنابل وصواريخ وقذائف، وما أُطلق من رصاص هو ضعف ما سقط على برلين وستالينغراد ولندن وهيروشيما وناكازاغي قبل 80 عاما. لقد أنتجت الحرب العالمية الثانية نظامًا دوليًا معقّدًا وغير قابل للضبط أو الانتظام، وقوى دولية عرفت جيّدًا كيف تستغل ضعف دول وشعوب أنهكتها الحروب، كي تبعد شبح الحرب عنها. وإن كان لا بدّ من الحروب، فلتكن بين دول "المستويين الثاني والثالث"، المسمّاة بالقوى الصاعدة والنامية ودول العالم الثالث، أو بين "القوى الكبرى" لكن على أراضي الآخرين، وذلك حتى يبقى نسق ما بعد الحرب العالمية الثانية ثابتًا، وتُرسم الخرائط والمخطّطات بدماء الشعوب الضعيفة فقط. صحيح أن لا حرب عالمية ثالثة يعيشها العالم حاليًا، ولو أنّ روسيا والصين لوّحتا بها أكثر من مرّة، كردّ على "استفزازات أميركا"، لكن العالم مليء بالحروب والدمار، ولا تكاد قارة واحدة تعيش هادئة إلا في ما ندر، ما يعني أنّه أصبحت للحرب أشكال أخرى ومناطق محدّدة، لذا، ربما نعيش الفصل الثالث من الحرب العالمية من دون القدرة على وصفها بـ"الحرب العالمية الثالثة" بشكل صريح. ربما نعيش الفصل الثالث من الحرب العالمية من دون القدرة على وصف ذلك بـ"الحرب العالمية الثالثة" بشكل صريح واليوم، هذا النظام الدولي بعلاقاته ونظرياته ومؤسّساته، بدوله وبأفراده، بقواه الكبرى والمتوسّطة والضعيفة، بمنظماته الدولية، والذي وُلد في سياق الحرب، لا يُريد أن يرى أنّ حربًا في غزّة، وكلّ فلسطين أيضًا، فتكت بالبشر والحجر والشجر، وجوّعت أزيد من مليون إنسان، وقتلت أكثر من خمسين ألفا، مُعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ولا يريد أن يرى أنّ حصار إسرائيل لقطاع غزّة فاق حصار الألمان لمدينة ستالينغراد في السنوات، وفي كلّ شيء، وأنّ المجاعة بسبب الحرب الأخيرة فاقت كلّ مجاعات أوروبا خلال الحرب العالمية، ولا يريد أن يعرف أنّ الهولوكوست الحقيقي هو الذي يحدث اليوم في هذه البقعة. والحديث هنا عن حرب لم تبدأ قبل سنتين، بل عن إبادة مستمرة منذ أزيد من 77 عاما. لقد وُلدت بعد الحرب العالمية الثانية دولة هي عبارة عن برميل بارود متفجّر غير قابل للضبط، اعتبرتها ألمانيا بمثابة كفّارة عن ذنوبها، قائمة على أسس عنصرية دينية وعرقية، ولا يمكن لها الاستمرار إلا على الحروب والدماء في الشرق الأوسط بكامله، وربما في العالم كلّه، وهذه الدولة اليوم هي الخطر الفعلي والحقيقي الحالي والقادم. من المؤكّد أنّ نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد صالحًا لهذا العالم، وأنّ موازين القوى لا بُدّ أن تُضبط وفق قواعد أخرى، كما أنّ استمرار العيش على أطلال المحرقة النازية وعلى مظلومية اليهود في أوروبا (وهما حدثان لا يمكن إنكارهما) بات تجارة مربحة وعملية ابتزاز علنية ومباشرة من إسرائيل لكلّ العالم، فيما هي، ومن معها، ترتكب أفظع المحارق والمجازر التي تُنقل عبر الشاشات، لكن لا أحد، من صُنّاع هذا النظام الدولي، يريد أن يرى أو يسمع. إنّ المشكلة الحقيقية ليست في تشخيص أعطاب النظام الدولي والإقرار بفشله وعجزه وعواره، بل هي في كيفيّة إصلاح هذه الأعطاب، وإعادة ضبط القوى وموازينها، بما يسمح بتحقيق ولو قليل من الشعارات والأحلام التي بُني عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية، وسيكون من الترف والمثالية الحالمة القول إنّ الدبلوماسية والحوار بين الدول الكبرى قادران على خلق نظام دولي جديد في الوقت الحالي. في المقابل، لن تكون هناك أيّة مفاجأة إن تغيّر النظام الدولي عبر حرب عالمية جديدة، من دون أن يدري أحد إن كانت ستكون حربًا لإسقاط قوى عظمى وبناء عالم جديد بأقطاب متعدّدة أو من دون أقطاب، أم حرب نهاية العالم، خاصة أنّ حرب أوكرانيا أعادت التذكير بأنّ الكوكب فيه من السلاح النووي ما يكفي لإبادتنا جميعاً.


BBC عربية
منذ 4 أيام
- BBC عربية
"منطقة ممنوعة على المسلمين".. مضامين عنصرية في ملصقات علقت بمدينة أورليان الفرنسية تثير غضبا
فتحت السلطات الفرنسية تحقيقاً في مزاعم التحريض على الكراهية على أساس الدين عقب ظهور ملصقات معادية للإسلام وأخرى يمينية متطرفة في مدينة أورليان. واحتوت الملصقات التي عثر عليها في وسط أورليان وفي حرم جامعة أورليان، على رسائل معادية للمسلمين. ومن بين العبارات التي تضمنتها الملصقات " دخلت منطقةً ممنوعة على المسلمين" و "من أجل مجتمع خال من المسلمين". وظهرت في الملصقات رموز مختلفة تدلل على عدة ممنوعات وتحظر الحجاب والصلاة في الأماكن العامة واللحية والذبح الحلال. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.