logo
"ورد" بعمر غض.. ناجية من مجزرة أودت بوالدتها و5 من أشقائها في غزة

"ورد" بعمر غض.. ناجية من مجزرة أودت بوالدتها و5 من أشقائها في غزة

الغدمنذ 6 أيام

الطفلة الفلسطينية ورد الشيخ خليل، ابنة الأعوام الخمسة، والناجية من مجزرة "وحشية" ارتكبها الجيش الإسرائيلي، لم تتعلم حروف الأبجدية الأولى بعد، لكنها روت بصوتها المرتجف وكلماتها البريئة فصلا من فصول "الإبادة الجماعية" التي تستهدف أطفال قطاع غزة منذ 20 شهرا.
اضافة اعلان
فمن وسط لهيب النيران التي التهمت معظم أفراد عائلتها، فجر الاثنين، نجت الطفلة ورد بروحها من جحيم خلفته صواريخ إسرائيلية سقطت على رؤوس نازحين معظمهم أطفال ونساء، في مدرسة "فهمي الجرجاوي" التي تؤويهم في مدينة غزة.
ورغم الخوف والإصابات التي تعرض لها جسدها الصغير، بقيت عيناها الصغيرتان تبحثان بين الدمار عن وجه تألفه أو أحد من أفراد عائلتها يمسك بيدها وينجو معها بعيدا عن هذه المحرقة، وفق ما قالته للأناضول بكلمات متقطعة.
لكنها لم تجد أحدا، فلم تكن تعلم أن النيران التهمت والدتها و5 من أشقائها أكبرهم 16 عاما، وأصبحت أجسادهم التي كانت تنبض بالحياة قبل دقائق من وقوع المجزرة، جثثا محترقة ومتفحمة ومقطعة.
بينما يمكث والدها وشقيقها السادس في المستشفى لإصابتهم البليغة جراء هذه المجزرة، التي أسفرت عن استشهاد 31 فلسطينيا بينهم 18 طفلا و6 سيدات، وفق ما أكده المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان الاثنين.
وتداول ناشطون فلسطينيون مقطعا مصورا على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما التقطت طواقم الإسعاف والدفاع المدني الطفلة ورد، قالت فيه لفرق الإنقاذ إنها تركت بعض أفراد عائلتها تحت الركام، دون أن تعرف إن كانوا أحياء أم أمواتا، وقبل أن يُفجع قلبها الصغير برحيلهم.
وعلى مدى نحو 20 شهرا من الإبادة في غزة، استهدفت إسرائيل عشرات مراكز الإيواء، بينها مدارس وجامعات وساحات مستشفيات ومناطق صنفها الجيش الإسرائيلي "آمنة"، ما أسفر عن استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات رسمية.
وبحسب بيان المكتب الحكومي، فإن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل متعمد وممنهج نحو 241 مركزا للإيواء والنزوح القسري منذ بدئه الإبادة الجماعية بقطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
** الطفولة تروي الإبادة
عادت الطفلة ورد برفقة شقيق والدها "إياد" إلى موقع المدرسة حيث لم يتبق إلا الدمار ورماد من احترق، بعد ساعات من نجاتها.
حاولت البحث عن أي شيء يعود لأشقائها أو والدتها، فوجدت فردتين من حذائين الأولى تعود لوالدتها والثانية لإحدى شقيقاتها فالتقطتهما وبدأت البكاء.
وبدموع تنساب على وجهها البريء، تتمتم الطفلة ورد بكلمات محاولة وصف الحدث بدقة، قائلة "إخوتي وأخواتي ماتوا"، في إشارة إلى استشهادهم بصاروخ إسرائيلي.
وتابعت بكلمات متقطعة: "أنا كنت بالرمل.. تحت.. بالدفن"، ربما في إشارة إلى سقوط ركام المدرسة عليها وخروجها منه.
وأضافت: "صحيت من النوم لقيت (رأيت) النار كبيرة (ممتدة وواسعة)".
وأكملت وصفها للمشهد: "كانت النار مولعة"، مشيرة إلى أنها أصيبت بحروق في يدها.
وأردفت فيما لم تتوقف عن البكاء كلما استذكرت الواقعة، أن الصاروخ الإسرائيلي سقط عليهم، وبدأت بذكر أسماء أشقائها الشهداء قائلة: "محمد وعبد وأمل وسلوان وماري" إضافة إلى والدتها.
وأشارت إلى أنها وفي محاولتها للنجاة، اضطرت إلى المشي بجانب لهيب النيران المشتعلة.
وعن أمنياتها، قالت الطفلة ورد: "كل إخوتي ماتوا، نفسي نرجع مع بعض".
** نجاة والدها وشقيقها
تقول الطفلة ورد إنها شاهدت والدها للمرة الأولى مصابا داخل سيارة الإسعاف بعد نقلها إليها، كما أنها علمت هناك أن شقيقها أيضا على قيد الحياة.
وأضافت عن ذلك: "رأيت بابا وأنا بالإسعاف، كان وجهه مجروحا".
وقال عمها إياد في حديث للأناضول، إن والد ورد لجأ إلى هذه المدرسة بعدما فقد منزله جراء الإبادة الإسرائيلية المتواصلة.
وأضاف أنه لم يتمكن من الوصول إلى منطقة الاستهداف خلال ساعات الليل بسبب خطورة الأوضاع الأمنية واشتداد القصف الإسرائيلي.
وأوضح أنه وصل إلى المدرسة المستهدفة مع طلوع الشمس ليفاجأ بخروج زوجة شقيقه وأطفالهما الخمسة جثثا متفحمة ومقطعة من تحت الركام.
وأشار إلى الحالة النفسية السيئة التي تعانيها الطفلة ورد، بعدما فقدت معظم أفراد عائلتها، ونجاتها من هذه المجزرة "الوحشية".
** الطفولة بغزة
تجدر الإشارة إلى أن ورد قضت نحو عام ونصف من عمرها الغض في حرب إبادة جماعية وسط القصف الإسرائيلي العنيف ومشاهد الموت وحصار التجويع.
وعلى غرار أكثر من مليون طفل بغزة، عاشت ورد حياة التشرد والنزوح لأكثر من مرة هربا من جحيم الهجمات الإسرائيلية.
ورغم صغر سنها، لم تنخرط الطفلة بأنشطة ترفيهية وتعليمية تعزز تطورها ونموها العقلي والجسدي، وهو ما حُرم منه أطفال غزة أيضا بسبب الإبادة الإسرائيلية.
وكبرت الطفلة خلال تلك الأشهر على دوي الانفجارات وشعور الخوف المتواصل، والجوع الذي نهش أجساد عشرات الآلاف من أطفال غزة ما أصابهم بسوء تغذية.
ورغم دخول كميات "محدودة" من المساعدات الإنسانية مساء الأربعاء، قالت حركة حماس إن ما دخل منها لا يمثل سوى أقل من عشر الحد الأدنى المطلوب لتلبية الاحتياج العام للقطاع.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، كان من المفترض خلال أكثر من 84 يوما من الحصار والإغلاق الكامل، أن يدخل إلى قطاع غزة ما لا يقل عن 46 ألفا و200 شاحنة محمّلة بالمساعدات والوقود لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان الفلسطينيين.
ومع ذلك، تروج إسرائيل في الأيام الأخيرة لرواية مضللة تزعم سماحها بإدخال "مساعدات"، في حين يظهر الواقع أن ما دخل فعليا لا يتجاوز 100 شاحنة، أي أقل من 1 بالمئة من الاحتياجات الأساسية، وفق بيان صدر عن المكتب السبت.
ويحتاج قطاع غزة يوميا إلى 500 شاحنة مساعدات إغاثية وطبية وغذائية عاجلة، و50 شاحنة وقود كحد أدنى منقذ للحياة وسط تفاقم المجاعة، وفق المكتب الحكومي.
ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت نحو 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.-(الأناضول)

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لا دم في غزة ولا دماء عربية
لا دم في غزة ولا دماء عربية

رؤيا نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • رؤيا نيوز

لا دم في غزة ولا دماء عربية

تستغيث غزة وتطلب الدم، بعد الكوارث التي وقعت على القطاع، حيث استشهد عشرات الآلاف، وتم جرح مئات الآلاف وهدم البيوت، وتدمير البنى الصحية. تخرج مديرة دائرة المختبرات الطبية وبنوك الدم بغزة إعلاميا وتقول ان غزة تواجه نقصا في أرصدة بنوك الدم في كل المستشفيات، وأن مستشفيات غزة تحتاج لوحدات دم من الخارج بشكل عاجل وأدوات فحص وحفظ الدم، وزاد من الكارثة هنا أن سوء التغذية في القطاع أثر بشكل كبير على عدد المتبرعين بالدم. فوق أزمة الجوع ينهار القطاع الصحي بشكل كامل، وهذه الاستغاثة طلبا للدم تأتي في توقيت تمنع فيه اسرائيل وصول المساعدات الغذائية والطبية، بل تقتل الذين يتجمعون للحصول على الغذاء، وتقتل الفلسطينيين بشكل بطيء من خلال منع تلقي العلاج الطبي، وقد نشرت مؤسسات طبية دولية معلومات تتوقع استشهاد مائتي ألف فلسطيني خلال الاعوام المقبلة بسبب عدم تلقي العلاج الصحي، فالذي يحتاج وحدة دم ولا يجدها يرحل، والذي بحاجة الى قسطرة قلب ولا يجدها يرحل، وهكذا يمكن تخيل اسباب الرحيل عن الحياة بسبب توقف الخدمات الصحية. لا ترى احتلالا عبر التاريخ يقصف المستشفيات إلا في قطاع غزة، تحت ذرائع مختلفة، ولا تجد احتلالا يقصف المدارس الا في قطاع غزة، فيما يتفرج العالم. نحن بحاجة الى اطلاق حملة كبرى للتبرع بالدم في الأردن ومصر، ودول ثانية، والبحث عن حل لإيصال المستلزمات الطبية التي تتعامل مع الدم، والمستلزمات التي يحتاجها الغزيون للعلاج، بدلا من الموت البطيء والمتدرج، تحت وطأة المرض والجوع والقصف، وهو امر يتواصل في الوقت الذي تضيع فيه حياة الناس فيما التفاوض مستمر، نسخة وراء نسخة، نسخة من هنا، ونسخة معدلة من هناك، وشرط مقبول وشرط مرفوض، ووسيط نشيط ووسيط غير مهتم، فينا يتم حصد ارواح المئات يوميا، واذا استمر التفاوض بلا نهاية ستدخل الحرب عامها الثالث، ضد شعب اعزل، لم يبق له بيت، ولا وظيفة، ولا حياة. يتم سفك دماء الغزيين، ولا يجدون دمًا لتعويض الجرحى، لا من داخل فلسطين الممنوع على اهلها ارسال رغيف خبز الى قطاع غزة، ولا من العرب ودول العالم المتنورة التي تتفرج على مقتلة الاطفال والنساء والرجال واغلبهم من غير المحاربين اصلا، فيسكت العالم على مقتلة المدنيين، والعقاب الجماعي الذي يتنزل عليهم، بذرائع مختلفة، فيما الهدف النهائي تحويل القطاع الى جهنم الحمراء، تمهيدا لإفراغه من اهله، نحو مهاجر جديدة، برضاهم او حتى عنوة. قطاع غزة بحاجة الى جسر جوي طبي بالدرجة الاولى، وايصال المساعدات الصحية والطبية، وادخال اجهزة حفظ الدم، والتبرع بالدم ايضا، ولا يعقل ان يقف كل العالم عاجزا عن فعل شيء، لاننا لسنا امام حالة نقص بالدم، وربما نحن امام حالة غياب الدم من الوريد العربي، فلم يعد هناك دماء تستحي، ولا تشعر بالغيرة. لا دم في مستشفيات غزة، ولا دماء عند العرب للتبرع بها ايضا، وتحت مظلة الفرق بين الحالتين، يمكن القول ان الوريد العربي بات جافاً بكل ما تعنيه الكلمة.

أوروبا تغير نبرتها.. وإسرائيل في مرمى المراجعة
أوروبا تغير نبرتها.. وإسرائيل في مرمى المراجعة

الغد

timeمنذ 4 ساعات

  • الغد

أوروبا تغير نبرتها.. وإسرائيل في مرمى المراجعة

اضافة اعلان الجمعة الماضية، وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء سنغافورة صرح الرئيس الفرنسي ماكرون بما يلي:"إذا لم يكن هناك ردّ يتناسب مع حجم الكارثة الإنسانية خلال الساعات والأيام المقبلة، فمن الواضح أنه يجب تشديد الموقف الجماعي (الأوروبي)، وتطبيق ما التزمنا به من قواعد، أي وضع حد (لاتفاقية) تتطلب احترام حقوق الإنسان، وهو ما لا يحدث الآن، وتطبيق العقوبات".موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخير لم يصدر من فراغ، بل شكّل تتويجاً لمسار طويل من التململ الأوروبي تجاه سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإذا كان ماكرون قد وضع صوته على الطاولة مؤخراً، فإن القرار الأهم والأكثر دلالة كان إعلان كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن إطلاق عملية مراجعة رسمية لمدى التزام إسرائيل باتفاقية الشراكة الأوروبية، وهي اتفاقية تربطها معايير واضحة تتعلق باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية.هذا الإعلان لم يكن ليحدث لولا تراكمات سابقة وإشارات قوية جاءت من عواصم أوروبية مختلفة، كان أبرزها ربما رسالة رسمية من حكومتي إسبانيا وإيرلندا في فبراير من العام الماضي، طالبت المفوضية الأوروبية بإعادة النظر في التزام إسرائيل بتلك الاتفاقية، لكن الرسالة ظلت دون صدى يُذكر، إلى أن جاءت الرسالة المفصلية واللافتة من وزير الخارجية الهولندي كسبار فيلدكامب، في السادس من مايو، وهو سفير سابق في تل أبيب ويمثل حكومة تعد من أكثر الحلفاء الأوروبيين قرباً من إسرائيل تاريخياً.هنا بالتحديد بدأت ملامح التحوّل، إذ لم يعد ممكناً تجاهل أن المزاج الأوروبي يتغير، حتى في الدول التي طالما وفّرت الغطاء السياسي والأخلاقي لإسرائيل.فالوضع الإنساني في غزة تخطى كل حدود الاحتمال، وباتت مشاهد الموت والدمار والمجاعة اليومية التي تتسرب إلى الرأي العام الأوروبي كافية لكسر صمامات الصمت والتواطؤ، وتشكل امتحانا قاسيا لأوروبا أمام القيم الإنسانية التي تتباهى بها.حتى رئيس التشيك، المعروف بولائه المطلق لإسرائيل، قالها صراحة: "الوضع الإنساني في غزة لا يُطاق". وهذا ليس مجرد تصريح عابر، بل إعلان عن بداية مراجعة في العلاقة مع حكومة اليمين الإسرائيلي، التي تمادت في عدوانها دون حسابات أو روادع.لكن رغم كل تلك المعطيات في زحزحة واضحة في المزاج الأوروبي الرسمي، إلا أن هذه المراجعة، على أهميتها الرمزية، تصطدم بجدار سياسي واقعي: الاتحاد الأوروبي لا يتحرك إلا بإجماع دوله الأعضاء، وهو إجماع يصعب تحقيقه في ظل صعود قوى يمينية متطرفة في أكثر من عاصمة، فمن البرتغال إلى فرنسا، ومن هولندا إلى ألمانيا، يزداد حضور الشعبويين الذين يرفضون مقاربة حقوق الإنسان كمعيار في السياسات الخارجية، ويرون في إسرائيل شريكاً استراتيجياً في قضايا مثل الأمن والهجرة و"حماية الهوية".أما في الخلفية، فثمة تغيرات أعمق في توازنات العالم، فالولايات المتحدة، الحليف التاريخي لإسرائيل، تتصرف اليوم بلا بوصلة واضحة في تحديد من هو الحليف ومن هو العدو، ولا من هو الشريك ومن هو الخصم، هذا التخبط الأميركي ينعكس على حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، الذين وجدوا أنفسهم مراتٍ كثيرة في موقع المتلقي لقرارات لم يكونوا جزءاً من صناعتها.في كل هذا المشهد المتقلب، تظل إيران حاضرة في العقل الأميركي كرقم صعب لكن ضمن دائرة أهداف مصلحية، فواشنطن لا تريد فعلياً كسر إيران، بل احتواءها، وهي تدرك أن طهران، مثل أنقرة، تمثل عنق الزجاجة في الجغرافيا السياسية للمنطقة.ولذلك، لم تعد المسألة مسألة شعارات أو محاور، والذكاء السياسي اليوم يُقاس بقدرة الدول على قراءة اللحظة، والتعامل معها بهدوء واتزان.ومن هنا، تبرز دول في الشرق الأوسط، كنماذج لعقل الدولة الذي لا ينفعل مع الموجة، بل يقرأها ويحللها ويتحرك بمقدار، مدركاً أن إدارة المصالح تتطلب أعصاباً باردة، وأدوات مرنة، لا شعارات مرتفعة ولا مواقف صاخبة.

خرافة "الأمة اليهودية" الواحدة (3)
خرافة "الأمة اليهودية" الواحدة (3)

الغد

timeمنذ 4 ساعات

  • الغد

خرافة "الأمة اليهودية" الواحدة (3)

اضافة اعلان تعتبر فكرة «الشعب اليهودي» الواحد مُحورية في العقيدة اليهودية، بوصفها تعبيراً دينياً يشير إلى طائفة المؤمنين المخلصين الذين يتوجهون بإيمانهم إلى الله تعالى، «إله بني إسرائيل» وحدهم، وفق عهد ديني قائم بينهما، حسب ما تُروّج له اليهودية الأرثوذكسية، المُسيطرة على الحياة الدينية بالكيان المُحتل، وشريك الصهيونية المُخلص في المشروع الاستعماري الاستيطاني بفلسطين المحتلة.لكن اليهودية ليست مرادفة للديانة اليهودية، وإن كانت الديانة اليهودية تشكل جزءاً من اليهودية، في ظل الربط بين اليهودية بوصفها ديانة واليهودية باعتبارها مسمى لجماعة بشرية، بحيث تمثل اليهودية، بالنسبة للسّاسة الصهاينة، الوحدة التي توصف بكونها ديانة قومية تـُعبر عن ثقافة مستقلة ذات طابع متميز يختلف عن باقي المجتمعات المحيطة بها، مما يخالف تاريخ اليهود بمراحله المختلفة، وما مر به من تشتت وفرقة، دفعا هذه الجماعة البشرية للبحث عن «وطن مقدس» في نصوص التوراة والتلمود، التي صاغته بمقولة «أرض الميعاد»، فيما رسخته الصهيونية بمزاعم «الأحقية التاريخية والدينية» في فلسطين المحتلة.ويمكن هنا اعتبار عناصر مفهوم اليهودية بمثابة «هويات» يهودية متعددة ومركبة وليست هوية واحدة، وقد تكون مجرد تسميات، نظراً للأسس التي يقوم عليها تعريف اليهودية: دينية، قومية، أو دينية قومية، ولموقع تعريف اليهودية بين الواقعية والمثالية. ولذا؛ فإن استخدام مفهوم «الهويات» اليهودية أو أعضاء الجماعات اليهودية قد يُعبر بشكل أفضل عن نموذج أكثر تركيبية وتفسيراً لواقع أعضاء الجماعات اليهودية، ويصف التغيرات التاريخية والثقافية والدينية التي دخلت على هذه الهوية وحولتها إلى هويات مختلفة.وهنا؛ نجد أن ثمة تسميات ومصطلحات متعددة ومتداخلة في مفهوم اليهودية، مثل السامية، على سبيل المثال، والعبرانيون، وبنو إسرائيل، والموسويون، وغيرها، فاليهودية مسمى أطلق على جماعات بشرية وليست عرقية كما تحاول اليهودية أو الصهيونية تصويرها، يرتبط بدلالته أكثر من عناصره.وقد ظهر هذا المفهوم في مرحلة معينة من مراحل تطور مجموعة بشرية معينة، كان يشار إليها بتعبيرات أو تسميات أخرى، مثل الإسرائيليون (نسبة إلى الاسم البديل ليعقوب بن إبراهيم)، والعبرانيون (نسبة إلى العبور)، فيما يعتقد بأن أصل تسمية اليهودية مشتق من مملكة يهوذا مملكة الجنوب التي عاصمتها القدس بعد انقسام مملكة سليمان بن داوود عليهما السلام، أو مشتق من «يهوذا» أحد أسباط يعقوب الإثنى عشر أو من إله اليهود «يهوه»، أو من الذين هادوا، أي تابوا ورجعوا، وهذا التعدد يؤكد مدى الخلط والالتباس الذي يحيط بالمفهوم، وهذا لا يعني أن تلك التسميات القديمة قد بادت بل إنها تطورت، مثل العبرية التي اقترنت باللغة، و»إسرائيل» التي باتت الكيان الصهيوني.كما ارتبط المفهوم في بعض الأحيان بالأصل العرقي، وكأنه تسمية لجنس بشري بذاته، اقترن بمجموعة بشرية يعتبرها البعض قومية، بينما ينظر آخرون إلى اليهودية على أنها ثقافة، أو نسق من الأفكار لمجموعات بشرية منتشرة في مجتمعات مترامية، بما يشي باقتران مفهوم اليهودية بتسميات فرعية ارتبطت بتطور جماعة بشرية معينة فكرياً وحركياً، بحيث لا يمكن القول أن له دلالة محددة لأمر محدد واحد وإنما مفهوم معقد ومركب.ولتعزيز البعد الديني في نفوس المستوطنين اليهود؛ ربطت الصهيونية بين عقيدة «الماشيح» أو المسيح المخلص وبين مدينة القدس. «فالماشيح» في الفكر اليهودي ليس إنساناً عادياً، بل سماوياً خلقه الله تعالى قبل الدهر على أن يبقيه في السماء إلى حين تأزف ساعة إرساله في نهاية التاريخ أو «سبت التاريخ» فيظهر في جبل ميرون في الجليل ومن ثم يتوجه من هناك سيراً على الأقدام إلى القدس، التي اكتسبت لدى المتدينين قيمة دينية وفق ذلك الاعتقاد، إبان تجميع شتات اليهود المنفيين والعودة بهم إلى الأرض المقدسة وتحطيم أعداء «إسرائيل» في معركة «هرمجدون»، فيعم السلام بظهوره ويتخذ أورشليم عاصمة له تمهيداً لإعادة بناء «الهيكل»، المزعوم.لا تزال تلك «الأساطير» المُؤسسّة للكيان الصهيوني، هي الحاكمة، فكراً وسلوكاً عنصرياً عدائياً توسعّياً ينحو أكثر للغلوّ والتطرف، ولن تنخلع عنه إلا بصمود الشعب الفلسطيني وثبات مقاومته، فالجيوب الاستيطانية الإحلالية، مهما طال عمرها الافتراضي، مصيرها الزوال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store