logo
وجهة نظر: القطاع المصرفي الكويتي... القوة الخفية وراء الفصل الاقتصادي المقبل في الخليج

وجهة نظر: القطاع المصرفي الكويتي... القوة الخفية وراء الفصل الاقتصادي المقبل في الخليج

في خضم تقلبات المشهد المالي العالمي، يظل أحد القطاعات في الخليج ثابتاً على أرضية صلبة: القطاع المصرفي الكويتي. فعلى الرغم من أنه غالبا ما يُظلل ببريق جيرانه، فإن الكويت بهدوء وبعناية بنت أحد أكثر النظم المصرفية في المنطقة مرونةً وسيولة وتنظيماً. واليوم، ومع توجّه المستثمرين المؤسسيين الأجانب (FIIs) ومستثمري الاستثمار الأجنبي المباشر (FDIs) نحو الأساسات الصلبة بدلاً من العناوين العريضة، تبرز الكويت كبوابة عالية النزاهة إلى مجلس التعاون الخليجي.
قوة الأرقام
وفقا لتقرير الاستقرار المالي لعام 2025، الصادر عن بنك الكويت المركزي، تعكس المؤشرات الأساسية للقطاع قصة من القوة المدروسة والرؤية الاستباقية، فقد بلغ معدل كفاية رأس المال (CAR)، وهو مقياس حاسم لقدرة البنوك على امتصاص الصدمات، نسبة %19.5، وهي من أعلى النسب في الخليج. للمقارنة، بلغ المعدل في الإمارات حوالي %17.6، وفي السعودية %18.2، وفي قطر %17.9. جميعها قوية، لكن الكويت تتصدر.
أما السيولة فهي مثيرة للإعجاب أيضا، فقد بلغ معدل تغطية السيولة (LCR) في الكويت %165، ومعدل التمويل المستقر الصافي (NSFR) وصل إلى %116، وكلاهما أعلى بكثير من الحدود الدنيا التي حددتها اتفاقية بازل 3. وعلى سبيل المقارنة، بلغ معدل LCR في السعودية نحو %140، وفي الإمارات حوالي 130–%135، ما يؤكد نهج الكويت المحافظ في الحفاظ على رأس المال.
ويعد معدل القروض المتعثرة (NPL) بالكويت من الأدنى في المنطقة عند %1.4، مقارنة بـ%1.7 في الإمارات، و%1.9 في قطر، ما يعكس سياسات الإقراض المتحفظة والرقابة الصارمة، وهي سمات تعزز ثقة المستثمرين على المدى الطويل.
الربحية والأداء
رغم أن حجم القطاع المصرفي الكويتي أصغر من نظيريه في السعودية والإمارات، فإن الربحية فيه لا تزال قوية، فقد نمت الأرباح الصافية على مستوى القطاع بنسبة %6 في عام 2025، لتصل إلى 1.78 مليار دينار، وارتفع هامش صافي الفائدة إلى %3.1، وبلغ العائد على الأصول (ROA) نسبة %1.52، فيما تجاوز العائد على حقوق الملكية (ROE) حاجز %11.5، وهي أرقام تضاهي أو تتفوق على مثيلاتها في دول الخليج، فالبنوك السعودية، على سبيل المثال، سجلت ROE بنحو %10.2، والإماراتية حوالي %9.8 خلال الفترة نفسها.
وانعكس هذا الأداء القوي على مؤشر البنوك الكويتية، الذي حقق مكاسب مضاعفة خلال الأشهر الـ12 الماضية، متفوقا على السوق العامة. ويُعزى ذلك إلى ارتفاع الطلب على الائتمان، والمبادرات الحكومية لدعم الإسكان، واستمرار تدفق الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية.
التحول الرقمي وتطور القطاع
في مجال التحول الرقمي، لم تتأخر الكويت عن الركب، فقد نمت المعاملات الإلكترونية بنسبة %22 سنويا، ما يعكس تبني المستهلكين للتكنولوجيا وثقتهم المتزايدة في قطاع التكنولوجيا المالية. وبينما وضعت الإمارات نفسها كمركز التكنولوجيا المالية في الخليج، اختارت الكويت نهجا أكثر هدوءا لكنه أكثر فعالية، عبر دمج أنظمة الدفع الرقمية، ومتطلبات الامتثال، وتحديثات أمن البيانات في البنوك التقليدية والإسلامية على حد سواء.
ومن اللافت أن البنوك التقليدية باتت تستحوذ على %55 من أصول القطاع، صعودا من %52 العام الماضي، ما يشير إلى تطور في تفضيلات العملاء وتنوع المنتجات والخدمات المصرفية.
وجهة طبيعية للاستثمار الأجنبي
تتمتع الكويت بأسس تجعلها مؤهلة لاستقطاب وإدارة رأس المال الأجنبي بفعالية، فهي تقدم إعفاء ضريبيا على الشركات لمدة تصل إلى 10 سنوات، مع إمكانية إعادة الأرباح بالكامل، وتملكا أجنبيا بنسبة %100 في العديد من القطاعات، ومناطق صناعية مدعومة.
والأهم أن البنية التحتية المصرفية في الكويت جاهزة بالفعل لاستيعاب تدفقات رأسمالية ضخمة، فإذا تمكنت الكويت من اجتذاب حتى %10 من التدفقات السنوية للاستثمار الأجنبي المباشر التي تستقطبها السعودية والإمارات وقطر – أي حوالي 5 مليارات دولار سنويا – فإنها تستطيع ضخها في الاقتصاد دون الحاجة إلى إصلاحات هيكلية كبرى.
وقد يؤدي ذلك إلى نمو غير نفطي يتراوح بين 10 و13 مليار دولار خلال خمس سنوات، لا سيما في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية، والطاقة النظيفة، واللوجستيات، وكلها مدعومة بنظام مصرفي يتمتع بسيولة مرتفعة ومخزون وقائي من رأس المال.
ثقافة الاستقرار والرقابة
من أبرز مزايا الكويت – وغالبا ما يتم تجاهلها – الثبات التنظيمي. ويُحسب لبنك الكويت المركزي، وهيئة أسواق المال، ووزارة المالية، تنسيقهم المتماسك وتركيزهم على سلامة الميزانيات وجودة الائتمان والشفافية على حساب التوسع العشوائي، على خلاف ما نراه في بعض أنحاء المنطقة.
هذا لا يعني غياب الطموح، بل إنه طموح محسوب. فرؤية الكويت 2035 تشمل إصلاحات واسعة لتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتسريع نمو القطاعات غير النفطية، مع توقع أن يكون القطاع المصرفي في صلب هذا التحول.
مقارنة خليجية: الجودة قبل الحجم
من السهل النظر إلى الكويت كلاعب صغير مقارنة باقتصاد السعودية البالغ تريليون دولار أو البنية التحتية المتقدمة في الإمارات، لكن الأرقام تشير إلى أن الكويت تتفوق من حيث الجودة، إن لم يكن من حيث الحجم. فإجمالي الأصول المصرفية الكويتية يبلغ حوالي 375 مليار دولار، مقابل 950 مليارا في السعودية و900 مليار في الإمارات، إلا أن الكويت تتمتع بنسبة رأسمال أعلى، ومعدلات تعثر أقل، واحتياطات سيولة أقوى.
فكر فيها على أنها ليست ملاكما ثقيل الوزن، بل رياضيا دقيق الأداء – لا يهدف إلى إثارة الضجة، بل إلى تقديم أداء مستقر ومتوقع ومستدام.
عملاق هادئ قيد التكوين
في منطقة تكثر بها الإعلانات الصاخبة وتغيب الأسس الحقيقية، تبرز الكويت كاستثناء. فقطاعها المصرفي ليس الأعلى صوتا، لكنه من الأكثر مرونة وشفافية وجاذبية للمستثمرين في الشرق الأوسط.
وفي وقت يواجه الاقتصاد العالمي تحولات ما بعد الجائحة، وارتفاع أسعار الفائدة، وتقلبات جيوسياسية، يقدم الإطار المصرفي الكويتي ما هو نادر: الثقة. وبالنسبة للمستثمرين العالميين، قد تكون هذه أثمن الأصول على الإطلاق.
* الرئيس التنفيذي لشركة دو كابيتال في سي، ومحاضر زائر في ريادة الأعمال، ومؤسس الغرفة الإسلامية العالمية للتجارة والصناعة عبر الإنترنت. وهو أيضاً متحدث عالمي في مجالات الاستراتيجية وتطوير الشركات الناشئة، ويُعرف برؤاه في الاقتصاد وبناء منظومات أعمال مبتكرة، وأخلاقية، وقابلة للتطوير.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«الوطني» يحذّر من الاحتيال المصرفي من بوابة «واي فاي»... المطارات والمقاهي
«الوطني» يحذّر من الاحتيال المصرفي من بوابة «واي فاي»... المطارات والمقاهي

الرأي

timeمنذ 17 ساعات

  • الرأي

«الوطني» يحذّر من الاحتيال المصرفي من بوابة «واي فاي»... المطارات والمقاهي

ضرورة إغلاق الانضمام التلقائي للشبكات العامة وعدم حفظ بياناتها على الهاتف جدّد بنك الكويت الوطني تحذيراته للعملاء، من مخاطر استخدام شبكات «الواي فاي» العامة، مع التركيز بشكل خاص على المخاطر المتزايدة في المطارات والمقاهي، بالتزامن مع نشاط موسم السفر خلال فترة الصيف، في إطار دعمه المتواصل لحملة التوعية المصرفية «لنكن على دراية»، التي أطلقها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت. وتهدف الحملة إلى تعزيز الثقافة المالية وزيادة الوعي بمبادئ الأمان الرقمي لدى مختلف شرائح المجتمع، وتتضمن رسائل توعوية حول كيفية حماية أنفسهم من عمليات الاحتيال، والإعلانات المزيفة، واختراق التطبيقات المصرفية، مع التشديد على ضرورة الإبلاغ عن أي عمليات مشبوهة. وحذّر «الوطني» من القيام بأي عمليات مصرفية أو بنكية، من خلال استخدام شبكات «الواي فاي» في الأماكن العامة، لأنها غير آمنة ولا يوجد عليها حماية، ويمكن اختراقها بسهولة، حيث من الشائع وجود شبكات «الواي فاي» العامة متعددة بنفس الاسم. ومع تزايد أعداد المسافرين، أصبحت شبكات «الواي فاي» المجانية في المطارات والفنادق والمقاهي هدفاً رئيسياً للمحتالين، وينصح «الوطني» بضرورة استخدام برامج حماية من الاختراقات والفيروسات وتأمين اتصال الإنترنت، مع التأكد من الروابط والإعلانات التي تبثها هذه الشبكات، إضافة إلى ضرورة إغلاق «الواي فاي» عند عدم استخدامها وإغلاق الانضمام التلقائي لهذه الشبكات، مع عدم حفظ بياناتها على هاتفك للاتصال بها تلقائياً، حتى تتجنب أي محاولة لاختراق هاتفك، والوصول إلى حساباتك المصرفية والشخصية والمعلومات الحساسة. وتعد جهود «الوطني» في توعية عملائه راسخة وركيزة أساسية في إستراتيجيته ودائماً ما يستخدم كافة قنوات التواصل معهم لتوعيتهم بضرورة الاحتفاظ بأرقامهم السرية وبيانات حساباتهم المالية والشخصية وعدم تقديمها لأي شخص يدعي اتصاله من طرف البنك. ويسخر «الوطني» كافة إمكاناته الهائلة في التواصل مع العملاء وجميع قنواته الإلكترونية، التي تحظى بمتابعة هي الأكبر على مستوى البنوك الكويتية، لدعم حملة جهود بنك الكويت المركزي في حماية العملاء والاقتصاد. ويعد «الوطني» داعماً وشريكاً رئيسي لكل حملات ومبادرات البنك المركزي، التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي المالي ونشر التوعية المصرفية بين شرائح المجتمع، ودأب البنك بصفته أكبر المؤسسات المالية في الكويت والمنطقة على تنظيم مختلف الفعاليات التي تساهم في توعية المجتمع بكل القضايا التي تهم القطاع المصرفي وتنظيم الفعاليات والدورات التدريبية في مجال مكافحة عمليات الاحتيال والجرائم المالية.

«الوطني» يحذر من القيام بعمليات مصرفية باستخدام «الواي فاي» في المطارات
«الوطني» يحذر من القيام بعمليات مصرفية باستخدام «الواي فاي» في المطارات

الجريدة

timeمنذ 20 ساعات

  • الجريدة

«الوطني» يحذر من القيام بعمليات مصرفية باستخدام «الواي فاي» في المطارات

في إطار دعمه المتواصل لحملة التوعية المصرفية «لنكن على دراية»، التي أطلقها بنك الكويت المركزي بالتعاون مع اتحاد مصارف الكويت، يجدد بنك الكويت الوطني تحذيراته للعملاء من مخاطر استخدام شبكات «الواي فاي» العامة، مع التركيز خصوصاً على المخاطر المتزايدة في المطارات والمقاهي، بالتزامن مع نشاط موسم السفر خلال فترة الصيف. وتهدف الحملة إلى تعزيز الثقافة المالية وزيادة الوعي بمبادئ الأمان الرقمي لدى مختلف شرائح المجتمع، وتتضمن رسائل توعية عن كيفية حماية أنفسكم من عمليات الاحتيال، والإعلانات المزيفة، واختراق التطبيقات المصرفية، مع التشديد على ضرورة الإبلاغ عن أي عمليات مشبوهة. ويحذر «الوطني» من القيام بأي عمليات مصرفية أو بنكية من خلال استخدام شبكات «الواي فاي» في الأماكن العامة، لأنها غير آمنة ولا توجد عليها حماية ويمكن اختراقها بسهولة، فمن الشائع وجود شبكات «الواي فاي» العامة متعددة بنفس الاسم. ومع تزايد أعداد المسافرين، أصبحت شبكات «الواي فاي» المجانية في المطارات والفنادق والمقاهي هدفاً رئيسياً للمحتالين، وينصح «الوطني» بضرورة استخدام برامج حماية من الاختراقات والفيروسات وتأمين اتصال الإنترنت، مع التأكد من الروابط والإعلانات التي تبثها هذه الشبكات، مشدداً على ضرورة إغلاق «الواي فاي» عند عدم استخدامها وإغلاق الانضمام التلقائي لهذه الشبكات مع عدم حفظ بياناتها على هاتفك للاتصال بها تلقائياً، حتى تتجنب أي محاولة لاختراق هاتفك والوصول إلى حساباتك المصرفية والشخصية والمعلومات الحساسة. وتعد جهود «الوطني» في توعية عملائه راسخة وركيزة أساسية في استراتيجيته ودائماً ما يستخدم كل قنوات التواصل معهم لتوعيتهم بضرورة الاحتفاظ بأرقامهم السرية وبيانات حساباتهم المالية والشخصية وعدم تقديمها لأي شخص يدعي اتصاله من طرف البنك. ويسخّر البنك كل إمكاناته الهائلة في التواصل مع العملاء وجميع قنواته الإلكترونية التي تحظى بمتابعة هي الأكبر على مستوى البنوك الكويتية لدعم حملة جهود بنك الكويت المركزي في حماية العملاء والاقتصاد. ويعتبر «الوطني» داعماً وشريكاً رئيسياً لكل حملات ومبادرات بنك الكويت المركزي، التي تهدف إلى رفع مستوى الوعي المالي ونشر التوعية المصرفية بين شرائح المجتمع. ودأب البنك بصفته أكبر المؤسسات المالية في الكويت والمنطقة على تنظيم مختلف الفعاليات التي تساهم في توعية المجتمع بكل القضايا التي تهم القطاع المصرفي وتنظيم الفعاليات ودورات التدريب في مجال مكافحة عمليات الاحتيال والجرائم المالية. ويلتزم «الوطني» باعتباره أحد أكبر المؤسسات المالية في المنطقة بمسؤوليته المجتمعية تجاه المجتمعات التي يعمل بها، كما أن البنك سبّاق دائماً في أخذ زمام المبادرة لتقديم كل سبل الدعم للحملات المهمة والاستراتيجية مثل حملة «لنكن على دراية» التي تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني والمجتمع.

وجهة نظر: القطاع المصرفي الكويتي... القوة الخفية وراء الفصل الاقتصادي المقبل في الخليج
وجهة نظر: القطاع المصرفي الكويتي... القوة الخفية وراء الفصل الاقتصادي المقبل في الخليج

الجريدة

timeمنذ 2 أيام

  • الجريدة

وجهة نظر: القطاع المصرفي الكويتي... القوة الخفية وراء الفصل الاقتصادي المقبل في الخليج

في خضم تقلبات المشهد المالي العالمي، يظل أحد القطاعات في الخليج ثابتاً على أرضية صلبة: القطاع المصرفي الكويتي. فعلى الرغم من أنه غالبا ما يُظلل ببريق جيرانه، فإن الكويت بهدوء وبعناية بنت أحد أكثر النظم المصرفية في المنطقة مرونةً وسيولة وتنظيماً. واليوم، ومع توجّه المستثمرين المؤسسيين الأجانب (FIIs) ومستثمري الاستثمار الأجنبي المباشر (FDIs) نحو الأساسات الصلبة بدلاً من العناوين العريضة، تبرز الكويت كبوابة عالية النزاهة إلى مجلس التعاون الخليجي. قوة الأرقام وفقا لتقرير الاستقرار المالي لعام 2025، الصادر عن بنك الكويت المركزي، تعكس المؤشرات الأساسية للقطاع قصة من القوة المدروسة والرؤية الاستباقية، فقد بلغ معدل كفاية رأس المال (CAR)، وهو مقياس حاسم لقدرة البنوك على امتصاص الصدمات، نسبة %19.5، وهي من أعلى النسب في الخليج. للمقارنة، بلغ المعدل في الإمارات حوالي %17.6، وفي السعودية %18.2، وفي قطر %17.9. جميعها قوية، لكن الكويت تتصدر. أما السيولة فهي مثيرة للإعجاب أيضا، فقد بلغ معدل تغطية السيولة (LCR) في الكويت %165، ومعدل التمويل المستقر الصافي (NSFR) وصل إلى %116، وكلاهما أعلى بكثير من الحدود الدنيا التي حددتها اتفاقية بازل 3. وعلى سبيل المقارنة، بلغ معدل LCR في السعودية نحو %140، وفي الإمارات حوالي 130–%135، ما يؤكد نهج الكويت المحافظ في الحفاظ على رأس المال. ويعد معدل القروض المتعثرة (NPL) بالكويت من الأدنى في المنطقة عند %1.4، مقارنة بـ%1.7 في الإمارات، و%1.9 في قطر، ما يعكس سياسات الإقراض المتحفظة والرقابة الصارمة، وهي سمات تعزز ثقة المستثمرين على المدى الطويل. الربحية والأداء رغم أن حجم القطاع المصرفي الكويتي أصغر من نظيريه في السعودية والإمارات، فإن الربحية فيه لا تزال قوية، فقد نمت الأرباح الصافية على مستوى القطاع بنسبة %6 في عام 2025، لتصل إلى 1.78 مليار دينار، وارتفع هامش صافي الفائدة إلى %3.1، وبلغ العائد على الأصول (ROA) نسبة %1.52، فيما تجاوز العائد على حقوق الملكية (ROE) حاجز %11.5، وهي أرقام تضاهي أو تتفوق على مثيلاتها في دول الخليج، فالبنوك السعودية، على سبيل المثال، سجلت ROE بنحو %10.2، والإماراتية حوالي %9.8 خلال الفترة نفسها. وانعكس هذا الأداء القوي على مؤشر البنوك الكويتية، الذي حقق مكاسب مضاعفة خلال الأشهر الـ12 الماضية، متفوقا على السوق العامة. ويُعزى ذلك إلى ارتفاع الطلب على الائتمان، والمبادرات الحكومية لدعم الإسكان، واستمرار تدفق الاستثمارات في مشاريع البنية التحتية. التحول الرقمي وتطور القطاع في مجال التحول الرقمي، لم تتأخر الكويت عن الركب، فقد نمت المعاملات الإلكترونية بنسبة %22 سنويا، ما يعكس تبني المستهلكين للتكنولوجيا وثقتهم المتزايدة في قطاع التكنولوجيا المالية. وبينما وضعت الإمارات نفسها كمركز التكنولوجيا المالية في الخليج، اختارت الكويت نهجا أكثر هدوءا لكنه أكثر فعالية، عبر دمج أنظمة الدفع الرقمية، ومتطلبات الامتثال، وتحديثات أمن البيانات في البنوك التقليدية والإسلامية على حد سواء. ومن اللافت أن البنوك التقليدية باتت تستحوذ على %55 من أصول القطاع، صعودا من %52 العام الماضي، ما يشير إلى تطور في تفضيلات العملاء وتنوع المنتجات والخدمات المصرفية. وجهة طبيعية للاستثمار الأجنبي تتمتع الكويت بأسس تجعلها مؤهلة لاستقطاب وإدارة رأس المال الأجنبي بفعالية، فهي تقدم إعفاء ضريبيا على الشركات لمدة تصل إلى 10 سنوات، مع إمكانية إعادة الأرباح بالكامل، وتملكا أجنبيا بنسبة %100 في العديد من القطاعات، ومناطق صناعية مدعومة. والأهم أن البنية التحتية المصرفية في الكويت جاهزة بالفعل لاستيعاب تدفقات رأسمالية ضخمة، فإذا تمكنت الكويت من اجتذاب حتى %10 من التدفقات السنوية للاستثمار الأجنبي المباشر التي تستقطبها السعودية والإمارات وقطر – أي حوالي 5 مليارات دولار سنويا – فإنها تستطيع ضخها في الاقتصاد دون الحاجة إلى إصلاحات هيكلية كبرى. وقد يؤدي ذلك إلى نمو غير نفطي يتراوح بين 10 و13 مليار دولار خلال خمس سنوات، لا سيما في قطاعات مثل الرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية، والطاقة النظيفة، واللوجستيات، وكلها مدعومة بنظام مصرفي يتمتع بسيولة مرتفعة ومخزون وقائي من رأس المال. ثقافة الاستقرار والرقابة من أبرز مزايا الكويت – وغالبا ما يتم تجاهلها – الثبات التنظيمي. ويُحسب لبنك الكويت المركزي، وهيئة أسواق المال، ووزارة المالية، تنسيقهم المتماسك وتركيزهم على سلامة الميزانيات وجودة الائتمان والشفافية على حساب التوسع العشوائي، على خلاف ما نراه في بعض أنحاء المنطقة. هذا لا يعني غياب الطموح، بل إنه طموح محسوب. فرؤية الكويت 2035 تشمل إصلاحات واسعة لتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتسريع نمو القطاعات غير النفطية، مع توقع أن يكون القطاع المصرفي في صلب هذا التحول. مقارنة خليجية: الجودة قبل الحجم من السهل النظر إلى الكويت كلاعب صغير مقارنة باقتصاد السعودية البالغ تريليون دولار أو البنية التحتية المتقدمة في الإمارات، لكن الأرقام تشير إلى أن الكويت تتفوق من حيث الجودة، إن لم يكن من حيث الحجم. فإجمالي الأصول المصرفية الكويتية يبلغ حوالي 375 مليار دولار، مقابل 950 مليارا في السعودية و900 مليار في الإمارات، إلا أن الكويت تتمتع بنسبة رأسمال أعلى، ومعدلات تعثر أقل، واحتياطات سيولة أقوى. فكر فيها على أنها ليست ملاكما ثقيل الوزن، بل رياضيا دقيق الأداء – لا يهدف إلى إثارة الضجة، بل إلى تقديم أداء مستقر ومتوقع ومستدام. عملاق هادئ قيد التكوين في منطقة تكثر بها الإعلانات الصاخبة وتغيب الأسس الحقيقية، تبرز الكويت كاستثناء. فقطاعها المصرفي ليس الأعلى صوتا، لكنه من الأكثر مرونة وشفافية وجاذبية للمستثمرين في الشرق الأوسط. وفي وقت يواجه الاقتصاد العالمي تحولات ما بعد الجائحة، وارتفاع أسعار الفائدة، وتقلبات جيوسياسية، يقدم الإطار المصرفي الكويتي ما هو نادر: الثقة. وبالنسبة للمستثمرين العالميين، قد تكون هذه أثمن الأصول على الإطلاق. * الرئيس التنفيذي لشركة دو كابيتال في سي، ومحاضر زائر في ريادة الأعمال، ومؤسس الغرفة الإسلامية العالمية للتجارة والصناعة عبر الإنترنت. وهو أيضاً متحدث عالمي في مجالات الاستراتيجية وتطوير الشركات الناشئة، ويُعرف برؤاه في الاقتصاد وبناء منظومات أعمال مبتكرة، وأخلاقية، وقابلة للتطوير.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store