صراع السلطات النقدية.. هل أصبح مصرف سورية المركزي تحت مظلة وزارة المالية؟
في
الاقتصاد السوري
، لم يعد التداخل بين وزارة المالية والمصرف المركزي مجرد تفصيل تقني، بل بات عنواناً لخلل يهدّد جوهر الاستقلالية النقدية. فرغم أنّ القانون ينصّ على استقلالية مصرف سورية المركزي، إلا أنّ الواقع يكشف عن علاقة ملتبسة يغلب عليها التدخل المباشر في السياسات النقدية. فوزارة المالية، التي يُفترض أن تكون جهة تنسيقية في الإطار المالي العام، تحوّلت، بحسب خبراء، إلى اللاعب الأكثر تأثيراً في قرارات المصرف، من تعيين المديرين إلى التحكّم بخطط التمويل والسيولة. هذا التداخل، كما يصفه اقتصاديون، لا يهدد فقط كفاءة السياسة النقدية، بل يُفرغ فكرة "استقلالية المصرف" من مضمونها، ويُضعف ثقة المستثمرين ببيئة المال في البلاد.
تدخلات تُقوّض الاستقرار
يرى الباحث الاقتصادي يونس كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ العلاقة بين وزارة المالية ومصرف سورية المركزي ليست حالة استثنائية، "بل تمثل نموذجاً لتشابك عام يسود العلاقة بين مختلف الوزارات، نتيجة غياب وضوح السلطات، وانعدام المؤسساتية والقوننة". فمثلاً، تمارس وزارة الاقتصاد نوع التدخل نفسه الذي تمارسه وزارة المالية، بل قد تكون تدخلاتها أكثر عمقاً بفعل طبيعة عملها. هذا التداخل، بحسب وصفه، "ينعكس سلباً على مجمل السياسات النقدية وعلى قدرة البنك المركزي على تنفيذ توجهات واضحة".
لكن ما يستدعي الوقوف عنده، وفقاً لكريم، هو "التساؤل عما إذا كانت هذه التدخلات تخدم فعلاً مصلحة الاقتصاد، أو تسهم في جذب الاستثمارات كما يُروّج". ويشير إلى أنّ "معظم الرسائل المتداولة حالياً تحمل طابعاً سلبياً نتيجة استمرار هذا النهج". من جهة أخرى، يعتبر أنّ "ضعف احترافية البنك المركزي في ضبط السياسة النقدية يقابله تقصير مماثل من وزارة المالية في وضع خطة شاملة أو تصور استراتيجي، ما يُنتج حالة من التداخل والفوضى بين السياسات النقدية والمالية معاً". وهذا ما يكشف زيف شعارات الاستقلالية الاقتصادية والرأسمالية المتداولة، بحسب قوله، معتبراً أنها "مجرد ألفاظ لتغطية العجز المؤسسي، وهي أيضاً مخالفة للقانون". ويرى كريم أنّ "ضعف استقلالية مؤسسات الدولة، وتغوّل الوزارات، وعدم وجود حوكمة واضحة، كل ذلك يُخيف المستثمرين، وينعكس سلباً على بيئة الاستثمار".
أما نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد، فيقول في تصريحه لـ"العربي الجديد" إنّ استقلالية مصرف سورية المركزي "تُعد عنصراً حاسماً في استقرار الاقتصاد الوطني، لكنها تواجه تهديدات فعلية نتيجة تدخلات وزارة المالية التي تؤثر في السياسة النقدية بما يخدم أهدافها قصيرة الأجل، ما يُقوّض قدرة المصرف على تحقيق استقرار الأسعار وضبط سعر الصرف". هذا التداخل "غير الشفاف"، وفق وصفه، يُفقد المصرف استقلاليته النقدية الفعلية، ويضعف الثقة بالمنظومة المالية، ويعقّد عملية اتخاذ القرار. ويشدد محمد على ضرورة وجود آليات واضحة تضمن استقلالية المصرف، وتتيح تقويم أدائه من خلال مؤشرات اقتصادية موضوعية كالأسعار، والتضخم، والبطالة، والنمو، دون المساس بمهامه.
طاقة
التحديثات الحية
منحة 146 مليون دولار لتمويل الكهرباء في سورية
وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية، قد أبدى عبر منشور له على منصة "لينكد إن" عدم رضاه عن أداء المصارف العامة، معلناً قرب إطلاق خطة "شاملة وعميقة" بالتعاون مع مصرف سورية المركزي. وحول ذلك، يشير كريم إلى أنّ هذا التدخل لا يمثل خروجاً عن المألوف، بل استمراراً لمحاولات وزارة المالية للهيمنة على البنك المركزي، موضحاً أنّ التشابك بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد ومصرف سوررية المركزي نابع من القانون نفسه. ويضيف أنّ هذه الوزارات باتت تتعامل مع البنك المركزي على أنه مجرد منفّذ للسياسات، لا جهة مستقلة ذات قرار.
ويعتبر كريم أنّ "الدور الأخطر يتمثل بخضوع البنك المركزي لرغبات وزارة المالية في ما يتعلق بتمويل عجز الحكومة"، مشيراً إلى أنّ الوزارة تُقرّر متى يُطبَع النقد أو يُجمّد، وتتحكم بخطط السيولة وسلوك السوق. ويؤكد أنّ "هذا النمط من العلاقة ظل قائماً في كل العهود، ما يجعل المركزي عاجزاً عن فرض أي هوية مؤسساتية مستقلة، ويُحوّله في نظر الناس إلى ذراع من أذرع وزارة المالية".
شكوك بإمكانات مصرف سورية المركزي
من جهة أخرى، ينبّه كريم إلى أنّ "صمت مصرف سورية المركزي أمام هذا التغوّل، وعدم صدور أي تصريح أو موقف رسمي، عزّز القناعة العامة بأنّ الحاكم لا يملك صلاحياته الفعلية، بل يعمل تحت غطاء السلطة التنفيذية ووفق حدود الضوء الأخضر السياسي". ويتابع بأنّ "قوة المركزي لا تُستمد من القوانين، بل من الدعم الشخصي الممنوح من رأس الدولة للحاكم، ما يُضعف دور المؤسسة ويفرغها من مضمونها السيادي".
ويتفق معه محمد بالقول إنّ "إصرار وزير المالية على التحدث باسم المصرف وتغييبه عن المشهد، قد يكون محاولة لتعزيز السيطرة على السياسة النقدية وتوجيه الرسائل السياسية والاقتصادية للرأي العام، وقد يعكس أيضاً عدم ثقة الوزارة بقدرة المصرف على إدارة الملفات النقدية باستقلالية".
تعطيل الدور الأكاديمي
وتكمن الإشكالية الأكبر، بحسب كريم، في "غياب أي صوت مستقل أو مراجعة نقدية داخل البيئة الوزارية أو خارجها، حيث اختفت المداخلات التي كانت تصدر عن وزارة الاقتصاد مثلاً، كذلك إنّ غياب صوت الجامعات والأبحاث والأصوات الفكرية أفقد القطاع المالي التوازن، وحرم القرارات النقدية أي رقابة معرفية أو تحذير مهني مبكر". وفي هذا السياق، يشير إلى أنّ "فقدان هذا الضوء المعرفي التراكمي أدى إلى جمود نقدي واضح، فلا سياسات جديدة تُناقش، ولا محاور تُفتح، بل اختلط الفعل بالتخطيط، وغابت أي مسافة بين التنفيذ والقرار، ما أسهم في تكريس التدهور".
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
سورية تنفذ أول تحويل مصرفي دولي عبر نظام سويفت منذ 14 عاماً
ولم ينفِ كريم وجود خلل واضح في السياسات النقدية لدى مصرف سورية المركزي، "فهو لا يستخدم أدوات رئيسية مثل الفائدة أو الاحتياطي الإلزامي لضبط الإقراض، ما أضعف قدرته على مواجهة التضخم"، موضحاً أنّ "السيولة باتت محصورة إلى درجة أنها حوّلت التضخم الجامح إلى تضخم كامل متجمّد، حيث الأسعار مرتفعة، لكن السوق فاقد للسلع الأولية، وهي حالة ركود تضخمي خطيرة"، مشيراً إلى "تآكل الثقة بالبنوك، كذلك باتت المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية تتجنّب التعامل معها، مفضّلة تحويل أموالها عبر قنوات خارجية وغير رسمية". ويعتبر أنّ هذه "الديناميكية لا تُهدد فقط مصداقية الجهاز المصرفي، بل أيضاً قدرة البلاد على التعافي وإعادة الإعمار".
استشارات مشروطة
ولم يغفل كريم التطرق إلى تآكل
الليرة السورية
وظهور سعرين للصرف، الرسمي وغير الرسمي، قائلاً إنّ هذا الازدواج أفرز بيئة استثمارية مشوّشة، مشيراً إلى أنّ المستثمرين باتوا يرفضون الاقتراض من البنوك المحلية أو إيداع أموالهم فيها خوفاً من الحجز أو فقدانها، ما يُجهض أي مشروع اقتصادي مستقل. ويعتبر أنّ "كل هذه المؤشرات مجتمعة وضعت سورية خارج نطاق التمويل المؤسسي الحقيقي، إذ لا يمكن الحديث عن بيئة اقتصادية منتجة أو متوازنة دون وجود مصرف مركزي مستقل، شفاف، ويتمتع بثقة داخلية وخارجية. ومن دون هذه الشروط، إن أي حديث عن بناء اقتصاد جديد سيبقى معلّقاً في الهواء".
بدوره يشدد نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، على أنّ تقويم أداء المصرف "يجب أن يتم من خلال أدوات موضوعية، أبرزها تحليل المؤشرات الاقتصادية كنسب التضخم والنمو والبطالة، إضافة إلى السماح بتقديم مشورات علمية من وزارة المالية، شرط ألا تنتهك استقلالية المصرف". ويرى أنّ الآليات الشفافة لتقييم السياسة النقدية ستُعزز المساءلة وتمنع التداخلات غير المرغوبة.
ويعتبر محمد أنّ "انعكاسات هذا التدخل ليست محصورة بالإطار المؤسساتي فقط، بل تطاول المواطن العادي أيضاً، إذ تبدأ بارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، وتمتد إلى تهديد الاستقرار الاقتصادي ككل. ففقدان الثقة في النظام المالي يدفع بالمواطن إلى التردد في الادخار أو الاستثمار، ما ينعكس سلباً على حركة السوق والنمو العام، ويُقيّد أي فرصة لتحريك العجلة الاقتصادية في ظل واقع هش ومتقلب"، وفق قوله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
تونس تعزز موارد الخزينة بأموال 400 ألف حساب بنكي غير نشط
اعتباراً من يوليو/ تموز المقبل ستُحيل سلطات تونس الحسابات البنكية غير النشطة إلى خزينة الدولة، في إجراء يُعد الأول من نوعه بعد أن أُقرّ ضمن قانون الموازنة الذي صادق عليه البرلمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وبموجب البند الذي أقرّه البرلمان، ستحيل السلطات الحسابات المالية التي لم يقم أصحابها بأي عمليات مالية عليها خلال السنوات الـ15 الماضية، سواء كانت حسابات ادخار أو حسابات جارية أو ودائع. كما يشمل الإجراء أيضاً أسهم البورصة وعقود التأمين على الحياة. ويثير دخوله حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة جدلاً في تونس، بسبب غياب المعلومات الكافية حول عدد الحسابات المعنية به، والمبالغ المتوقع إحالتها إلى خزينة الدولة. وفي هذا السياق، أوضح مقرر لجنة المالية في البرلمان التونسي ، عصام شوشان، أنّ مجلس نواب الشعب صادق على بند إحالة الحسابات غير النشطة إلى خزينة الدولة، بعد إقرار الضمانات الكافية التي تتيح للمودعين أو ورثتهم أو أصحاب الحق إمكانية استرجاع أموالهم في حال التفطن إلى الحسابات المنسية. وقال شوشان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ الهدف من هذا البند توفير مصادر جديدة للخزينة وإدخال الأصول المجمدة وغير النشطة ضمن الدورة المالية، مشيراً إلى أنّ وزارة المالية اقترحت، في بداية مناقشة الإجراء، تحويل الحسابات التي لم تجر عليها أي عمليات خلال 10 سنوات، غير أنّ البرلمان طالب بتمديد الفترة إلى 15 عاماً. ولم يقدم مقرر لجنة المالية بيانات دقيقة عن عدد الحسابات غير النشطة المعنية بالإحالة، مقرّاً بأنّ المبالغ المرجو تحصيلها "قد لا تكون كبيرة، إلا أنّ إدخالها في الدورة الاقتصادية عبر خزينة الدولة يُعد أمراً مهماً"، وفق قوله. في المقابل، قدّر الخبير المحاسب المختص في الشأن البنكي سفيان الوريمي، عدد الحسابات البنكية المعنية بالإجراء بنحو 400 ألف حساب، مؤكداً أن الحسابات المسجلة باسم القُصّر وغير البالغين غير معنية إلا عند بلوغهم سن الرشد القانونية. ويُقدّر عدد الحسابات البنكية في تونس بأكثر من 10 ملايين حساب، وفق بيانات البنك المركزي التونسي ، حيث يسجل عدد الحسابات نمواً بمعدل 1.7% خلال 5 سنوات الماضية. ويُقدّر عدد الحسابات الجارية غير المستعملة بما بين 10 و15% من مجموع الحسابات. اقتصاد عربي التحديثات الحية محاولات متعثرة لإغاثة نمو اقتصاد تونس وأكد الوريمي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ البنوك والمؤسسات المالية في تونس أشعرت العملاء، الذين يملكون حسابات غير نشطة، بإمكانية إحالة أرصدتهم إلى الخزينة العامة، كما تم نشر البيانات الخاصة بذلك في الجريدة الرسمية، لافتاً إلى أنّ هذا الإجراء معمول به في دول أخرى، مثل فرنسا، التي تحيل الأرصدة إلى صندوق الودائع الحكومي. كما بيّن أنّ استرجاع الأرصدة ممكن بعد الاعتراض من قبل المودعين أو ورثتهم، وذلك خلال 15 سنة من تاريخ تنفيذ قرار الإحالة. وشدد على أهمية تسهيل إجراءات البحث عن بيانات الأرصدة غير النشطة، من خلال إطلاق منصة متخصصة تضمن حقوق المودعين، لا سيما أنّ عملية الإحالة ستتحول إلى إجراء سنوي. من جانبه، أشار رئيس منظمة إرشاد المستهلك لطفي الرياحي، إلى وجود حسابات تعود لأشخاص لا يملكون ورثة، وتبقى أحياناً مفتوحة لسنوات بعد وفاتهم، ما يؤدي إلى تراكم الفوائض. وتعتمد تونس في تمويل موازنتها لهذا العام على الإيرادات الضريبية والديون الداخلية، التي تُجمع من خلال إصدار السندات والصكوك، إلى جانب المساعدات الخارجية. وتمثل الإيرادات الضريبية الجزء الأكبر من موارد الموازنة بقيمة تبلغ 15.5 مليار دولار. كما ضاعفت تونس هذا العام من حجم القروض الداخلية لتصل إلى 7.08 مليارات دولار مقارنة بـ3.57 مليارات دولار العام الماضي، بينما سيتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في عام 2025، مقارنة بـ5.32 مليارات دولار في 2024.


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
الأسهم التركية تستعيد جاذبيتها بدعم من صناديق المؤشرات
تشهد صناديق المؤشرات المتداولة التركية، والمُدرجة في الأسواق العالمية، تدفقات مالية تعكس اهتمامًا متجددًا من المستثمرين الدوليين بسوق الأسهم التركي، وذلك رغم أن السوق لم يستفد من موجة الارتفاع التي شهدتها أسواق الدول الناشئة هذا العام. فقد استقطب صندوق " iShares MSCI Turkey EFT" الذي يتتبع أداء مؤشر "أم أس سي أي تركي" وتبلغ قيمته السوقية 154 مليون دولار، وتدفقات بقيمة 21.4 مليون دولار في يونيو/حزيران الجاري، ما يجعله في طريقه لتسجيل أفضل أداء شهري منذ عامين. وساهم الأداء الإيجابي لهذا الصندوق وغيره من الصناديق المشابهة في تعزيز مؤشر بورصة إسطنبول 100، الذي يحقق بدوره أفضل أداء شهري له منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وشهدت الأسهم التركية هذا العام تقلبات ملحوظة نتيجة الاضطرابات السياسية وتوقف سياسة التيسير النقدي. غير أن تراجع التضخم وتحسن التوقعات بخفض أسعار الفائدة جعلا السوق أكثر جذبًا تدريجيًا للمستثمرين. وفي هذا السياق، أشار جان أوكسون، كبير المتداولين في شركة Global Securities بإسطنبول، إلى أن "المستثمرين الأجانب أبدوا اهتمامًا ملموسًا بالأسهم التركية هذا العام، على عكس التقلّب المستمر في مزاج المستثمرين المحليين"، مضيفًا أن التوقعات الإيجابية بشأن خفض الفائدة، وتراجع التضخم في مايو/أيار، إضافة إلى الحماية النسبية من تداعيات الحرب التجارية الأميركية، كلها عوامل تعزز الرهانات الإيجابية على السوق التركي، وفقاً لـ"بلومبيرغ". كما أسهمت الثقة في استمرار وزير المالية محمد شيمشك في انتهاج سياسات اقتصادية تقليدية في دفع مؤشر بورصة إسطنبول 100 للارتفاع بنسبة 3.1% خلال يونيو/حزيران، ما ساعد على تقليص الخسائر المسجلة منذ بداية العام إلى 5.4%. في المقابل، ارتفع مؤشر" أم أس سي أي" للأسواق الناشئة بنسبة 14% منذ بداية 2025. أما صندوق المؤشرات التركي المُدرج في نيويورك، فقد ارتفع بنسبة 0.7% خلال يونيو/حزيران، بعد تراجعات استمرت 4 أشهر أفقدته نحو 17% من قيمته. كما اجتذب صندوق iShares MSCI Turkey UCITS، المُدرج في لندن، تدفقات بلغت 1.8 مليون دولار خلال الشهر الجاري. مع ذلك، يرى سيباستيان كاهلفيلد، مدير المحفظة في شركة "DWS Investment GmbH" في فرانكفورت، أن هذه التدفقات ما زالت "ذات طابع تكتيكي أكثر منها استراتيجية طويلة الأمد، مشيرًا إلى أن استمرار مسار تطبيع الاقتصاد التركي قد يعيد الأمل بارتفاع التقييمات السوقية في المستقبل. وتبقى التوقعات بخفض أسعار الفائدة ، ربما في يوليو/تموز المقبل، قائمة، وهو ما عزز من أداء أسهم البنوك، خاصة بعدما أظهرت بيانات شهر مايو/أيار تراجعًا في التضخم عن توقعات الخبراء. كما أن التهدئة الإقليمية المحتملة، في حال استمرار الهدنة بين إيران وإسرائيل، قد تخفف من المخاطر الجيوسياسية المحيطة. اقتصاد دولي التحديثات الحية تركيا تدعم الإيداع بالليرة لتعزيز عملتها وكبح التضخم وبحسب بيانات البنك المركزي التركي التي جمعتها "بلومبيرغ"، ضخ المستثمرون الأجانب صافي 637 مليون دولار في سوق الأسهم التركية حتى 20 يونيو/حزيران، بعدما سجلوا صافي انسحاب بقيمة 2.5 مليار دولار خلال عام 2024. في السياق ذاته، قال عدنان العربي، مدير صندوق في شركة Barings Emerging EMEA Opportunities لـ"بلومبيرغ"، إن السوق التركي يضم "فرصًا استثمارية حقيقية". وبيّن أن الصندوق، الذي خفّض تعرضه للأسهم التركية العام الماضي، اختار هذا العام نهجًا أكثر "انتقائية" في إعادة الدخول إلى السوق. وفي تطوّر بارز خلال نهاية يونيو/حزيران، شهدت بورصة إسطنبول ارتفاعًا ملحوظًا في أحجام التداول، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ بداية العام، بالتزامن مع تنامي تدفّق رؤوس الأموال الأجنبية عبر صناديق المؤشرات المتداولة. وأظهرت بيانات "بلومبيرغ" أن المستثمرين الأجانب ضخّوا صافي 637 مليون دولار في الأسهم التركية حتى 20 يونيو/حزيران، بعدما سجلوا صافي انسحاب بلغ 2.5 مليار دولار خلال عام 2024، فيما ارتفع مؤشر بورصة إسطنبول 100 محققًا أفضل أداء شهري له منذ نوفمبر/تشرين الثاني، مدفوعًا بهذه التدفقات وحالة التفاؤل بتبدّل السياسات الاقتصادية والنقدية. كما تُظهر البيانات الصادرة عن هيئة أسواق المال التركية، أن حصة الأجانب من الأسهم المتداولة في بورصة إسطنبول سجّلت ارتفاعًا ملحوظًا خلال يونيو/حزيران، لتبلغ أعلى مستوياتها منذ نحو 18 شهرًا، في مؤشر واضح على عودة تدريجية للثقة الخارجية في الاقتصاد التركي. ويأتي هذا الانتعاش في ظل تزايد التوقعات بخفض قريب في أسعار الفائدة، وسط مؤشرات قوية من البنك المركزي على أن التضخم بات تحت السيطرة نسبياً، بعد أشهر من السياسة النقدية المتشددة. ويُلاحظ أن معظم التدفقات الأجنبية تركزت في قطاعات البنوك والصناعة والسلع الاستهلاكية، وهي القطاعات الأكثر حساسية لأي تغييرات في السياسة النقدية. ويرى محللون أن استدامة هذا الاتجاه مرهونة باستمرار التوجه الإصلاحي، وتجنّب أي تدخلات سياسية قد تؤثر سلباً على استقلالية البنك المركزي أو تعرقل جهوده في إعادة بناء مصداقية السياسة النقدية.

العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
واشنطن تطلب دعماً دولياً لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" وسط تحذيرات أممية من عسكرة المساعدات
طالبت وزارة الخارجية الأميركية ، اليوم الجمعة، بدعم دولي لمؤسسة غزة الإنسانية، في الوقت الذي ترفض فيه مؤسسات أممية دعم هذه المؤسسة، وتؤكد أنها تساهم في "عسكرة المساعدات الإنسانية عالميا". وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية تومي بيغوت في مؤتمر صحافي: "قلنا منذ اليوم الأول إننا منفتحون على الحلول الإبداعية التي تؤدي إلى تقديم المساعدات الإنسانية بشكل آمن لأولئك الموجودين في غزة وتحمي في الوقت نفسه إسرائيل، وهذا الدعم هو مثال لسعي الرئيس ترامب ووزير الخارجية لتحقيق السلام والحرية". ووجه عدد من الصحافيين أسئلة لبيغوت حول عدم كفاية الوجبات في مدة أكثر من شهر لسكان غزة التي يعيش فيها نحو مليوني شخص، كما أشار آخرون إلى عمليات قتل الفلسطينيين المدنيين أثناء توجههم للحصول على المساعدات الإنسانية، غير أنه رد قائلا: "دعمنا للمؤسسة يأتي تماشيا مع دعوة الرئيس دونالد ترامب لتقديم المساعدات بطريقة لا تسمح لحركة حماس بنهبها. نرى حقيقة أن هناك 46 مليون وجبة جرى توزيعها، وهذه أخبار جيدة". أخبار التحديثات الحية واشنطن تدرس منح 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية ودعا المسؤول الأميركي إلى العودة إلى الجيش الإسرائيلي في ما يخص التحقيقات التي أطلقها حول مقتل المدنيين، كما اتهم تقارير أخرى تنتقد المشاهد الفوضوية في ملف المساعدات الإنسانية ومؤسسة غزة بأنها "تستند إلى دعاية حماس". وتابع: "نريد في النهاية أن نرى المساعدات تصل إلى سكان غزة". وأردف: "ما نركز عليه في الوقت الحالي هو الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار والوقوف مع حق إسرائيل في الدفاع وحماية نفسها.. وندرس ما يحدث في غزة، وهذا جزء من سبب التزام الرئيس بحصول سكان القطاع على المساعدات وهدفه في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار من أجل ازدهار طويل الأجل للجميع في المنطقة، مع حقيقة أن غزة قد عانت بشكل كبير على أيدي حماس". وقال بيغوت، خلال المؤتمر الصحافي، إن "الولايات المتحدة قررت دعم مؤسسة غزة الإنسانية بقيمة 30 مليون دولار"، وذلك في الوقت الذي ترفض فيه مؤسسات أممية والأمم المتحدة دعم هذه المؤسسة، مؤكدة أنها تساهم في "عسكرة المساعدات الإنسانية عالميا". وكانت وكالة رويترز أفادت بأن الولايات المتحدة ستقدم هذا المبلغ لمؤسسة غزة الإنسانية من خلال منحة للوكالة الأميركية الدولية للتنمية وذلك بموجب "توجيه ذي أولوية" من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأنه جرى صرف دفعة أولية قدرها 7 ملايين دولار، وقد يُوافَق على منح شهرية قيمتها 30 مليونا. وكشفت "رويترز" أن وزارة الخارجية أعفت مؤسسة غزة الإنسانية من التدقيق الذي يطلب عادة من المنظمات التي تتلقى منحا من الوكالة للمرة الأولى، فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة دعم مؤسسة غزة بنحو 500 مليون دولار سنويا.