logo
الذكاء الاصطناعي لا يحل المشكلة الحقيقية في خدمة العملاء

الذكاء الاصطناعي لا يحل المشكلة الحقيقية في خدمة العملاء

البيان١٧-٠٣-٢٠٢٥

أنجلي رافا
كم مرة تضطر إلى الاتصال بمكتب المساعدة في خدمة العملاء قبل أن تصل إلى نقطة الانهيار؟ كدت مؤخراً أن أصل إلى هذه الحالة عندما كنتُ أحاول الترتيب لتوفير خدمة اتصال إنترنت لمنزلي الجديد في وقت سابق من هذا العام. وكل مرة أحجز فيها موعداً للتركيب، أتلقى رسالة نصية آلية تُؤجل الموعد.
وقد تكررت العملية على مدى أسابيع لأدخل في حلقة مفرغة ومُحبطة. وقال أحد العاملين في مركز الاتصال مراراً وتكراراً في رد مُعدّ مسبقاً: «لا أرى هذا في سجلاتنا». كل ما كنتُ أتمناه هو الحصول على رد فعل بشري يخفف من إحباطي. بدلاً من ذلك، طُلب مني ملء استبيان حول مدى رضاي.
إن خدمة العملاء أحياناً ما تكون سيئة للغاية، لدرجة أنه من الصعب تصور أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستُحسّنها - عبر استجابات أسرع وملاحظات مُتخصصة إلى تحليلات تنبؤية وتوجيه ذكي. لكنني لستُ متأكدة من مدى فعاليتها.
إن الذكاء الاصطناعي يترسخ حضوره تدريجياً في هذا المجال. وحسبما تقول بليندا بارمار، الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات المؤسسية «ذي إمباثي بيزنس»، إن الذكاء الاصطناعي يساعد في إصلاح «نظام معطل» بسبب خفض التكاليف. وتضيف: «تم إنشاء مراكز الاتصال لإدارة العمليات، وليس الأشخاص».
لكن لغتهم معاملاتية تماماً ومصممة «لإزالة الطابع الإنساني عن بيئة التشغيل». وأحياناً ما يكون «الموظف» في مكالمته الستين خلال اليوم، وبالكاد يكون في وضع يسمح له بإظهار الود. لذلك، يقول بعض الخبراء إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد بالفعل في هذه المشكلة ويعزز رضا العملاء وولاءهم، بما في ذلك في التفاعلات مع برامج الدردشة أو رسائل البريد الإلكتروني.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل للتعرف على الإشارات العاطفية، وتحليل النصوص أو نبرة الصوت لاستشعار مدى الغضب أو الحزن. في حال اكتشاف أي شعور بالضيق، يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي الإبلاغ عن الموقف للمشرف أو تنبيه المستشار قبل تفاقم الأوضاع.
ويمكن بالتالي للنصوص البرمجية التكيف مع الأوضاع فوراً. تُجادل شركات التكنولوجيا بأن أدوات الذكاء الاصطناعي، أو الوكلاء، يجب أن تتولى المهام الشاقة والمتكررة لتوفير الوقت للعاملين البشريين للقيام بالعمل الأكثر أهمية، لكن من المهم في هذا السياق ضرورة تحسين كفاءة خدمة العملاء مع الحفاظ على العنصر البشري الأساسي.
تحاول بعض الشركات تحقيق هذا التوازن. على سبيل المثال، تستخدم شركة «أوكتوبس إنيرجي» في المملكة المتحدة الذكاء الاصطناعي التوليدي لنسخ المكالمات وتلخيص المحادثات وصياغة ردود البريد الإلكتروني التلقائية، مما يتيح للموظفين التركيز على حالات العملاء المعقدة.
ويستخدم مطعم «تاكو بيل» التابع لشركة «يام براند» الذكاء الاصطناعي للتعامل مع طلبات السيارات، حتى يتمكن الموظفون من التركيز على التفاعلات الأكثر تعقيداً، لكن كيه كريثيفاسان، الرئيس التنفيذي لشركة تاتا كونسلتانسي سيرفيسز، أكبر شركة لتكنولوجيا المعلومات في الهند، قال لصحيفة فاينانشال تايمز إن التبني الأوسع للذكاء الاصطناعي التوليدي بين الشركات الكبرى قد يجعل معظم مراكز الاتصال عتيقة، خاصة إذا كانت الشركات قادرة على التنبؤ بالمكالمات قبل حدوثها وحل المشكلات بشكل استباقي.
هذا النهج من شأنه أن يجعل الكثيرين سعداء. ويُنظر إلى خدمة العملاء الجيدة بشكل متزايد على أنها تلك الخالية من الاحتكاك. ومن دخول صالة الألعاب الرياضية إلى ركوب الحافلة، فغالباً ما يكون الضغط على الهاتف الذكي هو كل ما هو مطلوب منك. والمحادثة البشرية تكون اختيارية. ومع ذلك، فحتى مع تقلص التفاعل البشري في بعض المجالات، فإنه لا يزال مهماً وليس فقط لأولئك الذين يمكنهم دفع علاوة على الاهتمام الشخصي، كما هي الحال في تجارة التجزئة الفاخرة.
وعلى الرغم من التحسينات السريعة للذكاء الاصطناعي، تُظهر أبحاث جديدة من كلية هارفارد للأعمال أننا لا نزال نقدر التعاطف البشري أكثر. وقد طُلب من ما يقرب من 3500 شخص تم استطلاع آرائهم مشاركة التجارب العاطفية، ثم عُرضت عليهم استجابات متعاطفة متطابقة، بعضها مصنف على أنه مكتوب من قبل الإنسان والبعض الآخر على أنه من صنع الذكاء الاصطناعي. أولئك الذين اعتقدوا أن إنساناً كتب الاستجابة شعروا بمزيد من الإيجابية والدعم والرضا، بل كان 30 - 50 في المائة على استعداد للانتظار لساعات للحصول على استجابة بشرية بدلاً من الاستجابة الفورية من جانب الذكاء الاصطناعي.
في كثير من الأحيان، يبدو ما يسمى «التعاطف المؤسسي» مزيفاً. في حين أن الذكاء الاصطناعي يُمكنه توفير تواصل عملاء متخصص، إلا أنه يُخاطر بأن يكون مُتطفلاً بدلاً من أن يكون مُتعاطفاً حقاً. فهل كانت رسالة البريد الإلكتروني الأخيرة التي أُرسلت إليّ من نتفليكس بشأن زيادة سعر الاشتراك ستكون أفضل لو أنها أقرّت بمزاجي السيئ ذلك الأسبوع بناءً على عاداتي في مشاهدة المسلسلات؟ ربما.
هل كنت سأثق بها أكثر؟ من المُستبعد. يحتاج العاملون في الأدوار التي تتطلب التعامل المباشر مع العملاء إلى الدعم والمكافأة على تعاطفهم واستجاباتهم الطبيعية لمواقف الحياة الواقعية أكثر من كفاءتهم. وكما تشير بليندا بارمار، فإنه ينبغي أن يكون هدف الذكاء الاصطناعي «تعزيز التواصل البشري، لا استبداله».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذكاء الاصطناعي عاجز أمام أزمات مهنة «خدمة العملاء»
الذكاء الاصطناعي عاجز أمام أزمات مهنة «خدمة العملاء»

العين الإخبارية

time١٨-٠٣-٢٠٢٥

  • العين الإخبارية

الذكاء الاصطناعي عاجز أمام أزمات مهنة «خدمة العملاء»

في عدد من البلدان الغربية أصبحت معاناة المتعاملين مع خدمة العملاء أكثر من أي وقت مضى، بسبب الردود الآلية التي تعتمد الآن في غالبيتها على الذكاء الاصطناعي. ورصدت صحيفة "فايننشال تايمز"، واحدا من النماذج لسيدة تروي تجربتها في الأسابيع الماضية مع عملية الرد الآلي عبر خدمة العملاء. وتقول، "كدت أفقد صوابي عندما كنت أحاول توصيل جهاز إنترنت لمنزلي الجديد في وقت سابق من هذا العام". وتابعت بقولها ، "في كل مرة كنا نحجز فيها موعدًا للتركيب، كنا نتلقى رسالة نصية آلية تؤجل موعدنا، تكررت العملية على مدى أسابيع في حلقة مفرغة محبطة، وكان الرد الذي نحصل عليه عبر أحد مستشاري مركز الاتصال، وكان رده مُعد مسبقًا، "لا أرى هذا في سجلاتنا". واختتمت بقولها "كل ما كنت أتمناه هو رد فعل بشري يُقر بإحباطي، بدلًا من ذلك، طُلب مني ملء استبيان رضا". وغالبًا ما تكون خدمة العملاء سيئة للغاية لدرجة يصعب معها عدم الاعتقاد بأن أدوات الذكاء الاصطناعي ستحسنها - من استجابات أسرع وملاحظات مُخصصة إلى تحليلات تنبؤية وتوجيه ذكي، ولم يعد المتخصصون متأكدون من مدى فعاليتها. ويسيطر الذكاء الاصطناعي على هذا المجال جزئيًا لأن العديد من هذه العمليات قد جردت من التدخل البشري، حيث يعالج مشكلة ساهمت التكنولوجيا نفسها في خلقها. وتقول بليندا بارمار، الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات المؤسسية "ذا إمباثي بيزنس" لصحيفة فايننشال تايمز، إن الذكاء الاصطناعي يُسهم في إصلاح "نظام معطل" في خدمة العملاء، ناجم عن خفض التكاليف والأتمتة والهوس بالكفاءة. وتضيف، "أُنشئت مراكز الاتصال لإدارة العمليات، لا الأفراد". وترى الشركات أنها بإضافتها للأتمتة، قللت من معدلات التخلي عن الخدمة وقللت من متوسط أوقات معالجة الأزمات للعملاء، وترى هذه الشركات أن الموظف الذي يجري مكالمته الستين يوميًا، والذي يعاقب على الخروج عن النص المُحدد، لا يُجيد التعبير عن الود. ويقول بعض الخبراء إن الذكاء الاصطناعي يمكنه بالفعل المساعدة في هذه المشكلة وتعزيز رضا العملاء وولائهم، بما في ذلك في التفاعلات مع برامج الدردشة الآلية أو رسائل البريد الإلكتروني. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل للتعرف على الإشارات العاطفية، وتحليل النصوص أو نبرة الصوت لاستشعار الغضب أو الحزن. وإذا اكتشف الذكاء الاصطناعي وجود ضائقة، يمكنه إبلاغ المشرف أو تنبيه المستشار قبل تفاقم الوضع. يمكن للنصوص التكيف فورا. وتجادل شركات التكنولوجيا بأن أدوات الذكاء الاصطناعي، أو الوكلاء، يجب أن تعالج المهام المرهقة والمتكررة، مما يتيح للعمال البشريين القيام بالعمل الأكثر أهمية، والفكرة هي تعزيز كفاءة خدمة العملاء مع الحفاظ على العنصر البشري الأساسي. وتسعى بعض الشركات إلى تحقيق هذا التوازن، فعلى سبيل المثال، تستخدم شركة Octopus Energy في المملكة المتحدة الذكاء الاصطناعي التوليدي لنسخ المكالمات، وتلخيص المحادثات، وصياغة ردود البريد الإلكتروني التلقائية، مما يتيح للموظفين التركيز على حالات العملاء المعقدة. ويوفر مطعم Taco Bell التابع لشركة Yum Brand نظام ذكاء اصطناعي للتعامل مع طلبات السيارات، مما يتيح للموظفين التركيز على تفاعلات أكثر دقة. ولكن في العام الماضي، صرح ك. كريثيفاسان، الرئيس التنفيذي لشركة Tata Consultancy Services، أكبر شركة تكنولوجيا معلومات في الهند، لصحيفة Financial Times بأن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بين الشركات الكبيرة قد يعيق استخدام معظم مراكز الاتصال إذا تمكنت الشركات من التنبؤ بالمكالمات قبل حدوثها وحل المشكلات بشكل استباقي. وسيسعد هذا النهج الكثيرين، حيث ينظر إلى خدمة العملاء الجيدة بشكل متزايد على أنها خدمة سلسة. وحتى مع تراجع التفاعل البشري في بعض المجالات، لا يزال التواصل مهمًا، ليس فقط لمن يستطيعون دفع مبالغ إضافية مقابل الاهتمام الشخصي، كما هو الحال في تجارة التجزئة الفاخرة. aXA6IDEwNC4yNTIuMTMwLjE3OCA= جزيرة ام اند امز GB

الذكاء الاصطناعي لا يحل المشكلة الحقيقية في خدمة العملاء
الذكاء الاصطناعي لا يحل المشكلة الحقيقية في خدمة العملاء

البيان

time١٧-٠٣-٢٠٢٥

  • البيان

الذكاء الاصطناعي لا يحل المشكلة الحقيقية في خدمة العملاء

أنجلي رافا كم مرة تضطر إلى الاتصال بمكتب المساعدة في خدمة العملاء قبل أن تصل إلى نقطة الانهيار؟ كدت مؤخراً أن أصل إلى هذه الحالة عندما كنتُ أحاول الترتيب لتوفير خدمة اتصال إنترنت لمنزلي الجديد في وقت سابق من هذا العام. وكل مرة أحجز فيها موعداً للتركيب، أتلقى رسالة نصية آلية تُؤجل الموعد. وقد تكررت العملية على مدى أسابيع لأدخل في حلقة مفرغة ومُحبطة. وقال أحد العاملين في مركز الاتصال مراراً وتكراراً في رد مُعدّ مسبقاً: «لا أرى هذا في سجلاتنا». كل ما كنتُ أتمناه هو الحصول على رد فعل بشري يخفف من إحباطي. بدلاً من ذلك، طُلب مني ملء استبيان حول مدى رضاي. إن خدمة العملاء أحياناً ما تكون سيئة للغاية، لدرجة أنه من الصعب تصور أن أدوات الذكاء الاصطناعي ستُحسّنها - عبر استجابات أسرع وملاحظات مُتخصصة إلى تحليلات تنبؤية وتوجيه ذكي. لكنني لستُ متأكدة من مدى فعاليتها. إن الذكاء الاصطناعي يترسخ حضوره تدريجياً في هذا المجال. وحسبما تقول بليندا بارمار، الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات المؤسسية «ذي إمباثي بيزنس»، إن الذكاء الاصطناعي يساعد في إصلاح «نظام معطل» بسبب خفض التكاليف. وتضيف: «تم إنشاء مراكز الاتصال لإدارة العمليات، وليس الأشخاص». لكن لغتهم معاملاتية تماماً ومصممة «لإزالة الطابع الإنساني عن بيئة التشغيل». وأحياناً ما يكون «الموظف» في مكالمته الستين خلال اليوم، وبالكاد يكون في وضع يسمح له بإظهار الود. لذلك، يقول بعض الخبراء إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد بالفعل في هذه المشكلة ويعزز رضا العملاء وولاءهم، بما في ذلك في التفاعلات مع برامج الدردشة أو رسائل البريد الإلكتروني. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل للتعرف على الإشارات العاطفية، وتحليل النصوص أو نبرة الصوت لاستشعار مدى الغضب أو الحزن. في حال اكتشاف أي شعور بالضيق، يمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي الإبلاغ عن الموقف للمشرف أو تنبيه المستشار قبل تفاقم الأوضاع. ويمكن بالتالي للنصوص البرمجية التكيف مع الأوضاع فوراً. تُجادل شركات التكنولوجيا بأن أدوات الذكاء الاصطناعي، أو الوكلاء، يجب أن تتولى المهام الشاقة والمتكررة لتوفير الوقت للعاملين البشريين للقيام بالعمل الأكثر أهمية، لكن من المهم في هذا السياق ضرورة تحسين كفاءة خدمة العملاء مع الحفاظ على العنصر البشري الأساسي. تحاول بعض الشركات تحقيق هذا التوازن. على سبيل المثال، تستخدم شركة «أوكتوبس إنيرجي» في المملكة المتحدة الذكاء الاصطناعي التوليدي لنسخ المكالمات وتلخيص المحادثات وصياغة ردود البريد الإلكتروني التلقائية، مما يتيح للموظفين التركيز على حالات العملاء المعقدة. ويستخدم مطعم «تاكو بيل» التابع لشركة «يام براند» الذكاء الاصطناعي للتعامل مع طلبات السيارات، حتى يتمكن الموظفون من التركيز على التفاعلات الأكثر تعقيداً، لكن كيه كريثيفاسان، الرئيس التنفيذي لشركة تاتا كونسلتانسي سيرفيسز، أكبر شركة لتكنولوجيا المعلومات في الهند، قال لصحيفة فاينانشال تايمز إن التبني الأوسع للذكاء الاصطناعي التوليدي بين الشركات الكبرى قد يجعل معظم مراكز الاتصال عتيقة، خاصة إذا كانت الشركات قادرة على التنبؤ بالمكالمات قبل حدوثها وحل المشكلات بشكل استباقي. هذا النهج من شأنه أن يجعل الكثيرين سعداء. ويُنظر إلى خدمة العملاء الجيدة بشكل متزايد على أنها تلك الخالية من الاحتكاك. ومن دخول صالة الألعاب الرياضية إلى ركوب الحافلة، فغالباً ما يكون الضغط على الهاتف الذكي هو كل ما هو مطلوب منك. والمحادثة البشرية تكون اختيارية. ومع ذلك، فحتى مع تقلص التفاعل البشري في بعض المجالات، فإنه لا يزال مهماً وليس فقط لأولئك الذين يمكنهم دفع علاوة على الاهتمام الشخصي، كما هي الحال في تجارة التجزئة الفاخرة. وعلى الرغم من التحسينات السريعة للذكاء الاصطناعي، تُظهر أبحاث جديدة من كلية هارفارد للأعمال أننا لا نزال نقدر التعاطف البشري أكثر. وقد طُلب من ما يقرب من 3500 شخص تم استطلاع آرائهم مشاركة التجارب العاطفية، ثم عُرضت عليهم استجابات متعاطفة متطابقة، بعضها مصنف على أنه مكتوب من قبل الإنسان والبعض الآخر على أنه من صنع الذكاء الاصطناعي. أولئك الذين اعتقدوا أن إنساناً كتب الاستجابة شعروا بمزيد من الإيجابية والدعم والرضا، بل كان 30 - 50 في المائة على استعداد للانتظار لساعات للحصول على استجابة بشرية بدلاً من الاستجابة الفورية من جانب الذكاء الاصطناعي. في كثير من الأحيان، يبدو ما يسمى «التعاطف المؤسسي» مزيفاً. في حين أن الذكاء الاصطناعي يُمكنه توفير تواصل عملاء متخصص، إلا أنه يُخاطر بأن يكون مُتطفلاً بدلاً من أن يكون مُتعاطفاً حقاً. فهل كانت رسالة البريد الإلكتروني الأخيرة التي أُرسلت إليّ من نتفليكس بشأن زيادة سعر الاشتراك ستكون أفضل لو أنها أقرّت بمزاجي السيئ ذلك الأسبوع بناءً على عاداتي في مشاهدة المسلسلات؟ ربما. هل كنت سأثق بها أكثر؟ من المُستبعد. يحتاج العاملون في الأدوار التي تتطلب التعامل المباشر مع العملاء إلى الدعم والمكافأة على تعاطفهم واستجاباتهم الطبيعية لمواقف الحياة الواقعية أكثر من كفاءتهم. وكما تشير بليندا بارمار، فإنه ينبغي أن يكون هدف الذكاء الاصطناعي «تعزيز التواصل البشري، لا استبداله».

الاقتصاد الأمريكي بين مسارين.. وأداء المطاعم السريعة يكشف الفجوة
الاقتصاد الأمريكي بين مسارين.. وأداء المطاعم السريعة يكشف الفجوة

البيان

time١٣-٠٢-٢٠٢٥

  • البيان

الاقتصاد الأمريكي بين مسارين.. وأداء المطاعم السريعة يكشف الفجوة

أعلنت سلسلة مطاعم ماكدونالدز عن نتائجها المالية للربع الأخير من العام، وقد أظهرت نتائج جيدة بشكل عام بفضل الأداء القوي للمطاعم خارج الولايات المتحدة. ومع ذلك، يواجه السوق الأمريكي تحديات واضحة. حيث سجلت شركات المطاعم الأمريكية انخفاضاً في المبيعات مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وأصبح المستهلكون يطلبون كميات أقل في كل زيارة. وقد حاولت إدارة الشركة تبرير هذا الانخفاض بمشكلة تلوث البصل ببكتيريا «إي كولاي» التي أثرت على السلامة الغذائية، إلا أن المحللين يشيرون إلى أن السوق الأمريكي وقطاع المطاعم السريعة بشكل عام يعاني من تباطؤ مستمر منذ فترة طويلة. وكان قطاع المطاعم السريعة شهد ارتفاعاً حاداً في الأسعار خلال فترة انتشار وباء كورونا، مما اضطره لاحقاً إلى التراجع عن هذه السياسة وتقديم عروض وجبات مخفضة لاستعادة العملاء. لكن التحدي الأساسي يكمن في الوضع المالي الصعب الذي يعيشه المستهلكون من ذوي الدخل المحدود في الولايات المتحدة. وكشف كريس كمبنسكي، الرئيس التنفيذي لـماكدونالدز، عن حجم المشكلة، مشيراً إلى ركود واضح في السوق وتراجع إنفاق محدودي الدخل بأكثر من 10 % في الربع الأخير. وتزداد الأزمة تعقيداً لأن هذه الفئة تشكل نسبة أكبر في قطاع المطاعم السريعة. ويسير الاقتصاد الأمريكي حالياً في مسارين مختلفين، وهو ما ينعكس على أداء سلاسل المطاعم الخمس الأبرز، حيث كانت «تاكو بيل» الأفضل أداءً، نظراً لتقديمها وجبات بأسعار اقتصادية، مما يجعلها خياراً مفضلاً للمستهلكين الباحثين عن أفضل قيمة غذائية مقابل السعر. والسؤال هنا: هل تجاوز المستهلكون من ذوي الدخل المنخفض أصعب مراحلهم الاقتصادية؟ فرغم أن معدل التضخم في أسعار الوجبات خارج المنزل قد تراجع من مستوياته القياسية التي بلغت 9% قبل عامين إلى 3.6% في ديسمبر الماضي، إلا أن المؤشرات لا تزال مقلقة. ويظهر مسح جامعة ميشغن المعروف لقياس ثقة المستهلك أن التحسن في المعنويات الاقتصادية اقتصر على الفئات ذات الدخل المتوسط والمرتفع، بينما لم تشهد الشرائح الأقل دخلاً أي تحسن ملموس. وهذا يشير إلى أن الطريق لا يزال طويلاً وشاقاً أمام الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود قبل أن يتمكنوا من تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية. من ناحية أخرى، وفي متابعة لتحليل العلاقة بين أسعار النفط والتضخم، والذي ركز على تأثير أسعار الطاقة على معدل التضخم المتوقع في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، نجد أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت يتبنى استراتيجية تهدف إلى خفض عوائد السندات طويلة الأجل، معتمداً على دور محوري متوقع لانخفاض أسعار الطاقة. ويشير التحليل إلى عامل ثالث محتمل —النمو الاقتصادي— يؤثر على التضخم وأسعار الطاقة بدلاً من افتراض وجود علاقة سببية مباشرة بينهما. ويدعم ذلك أن تكاليف الطاقة تشكل 7 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي، مع تأثير محدود نسبياً على مؤشرات التضخم. وللتحقق من مدى اتفاق الآخرين مع هذا الرأي، تواصلت مع خبراء اقتصاديين ومتخصصين في سوق السندات. وأيّد ريك ريدر، المسؤول عن استثمارات بتريليونات الدولارات في بلاك روك، رأي وزير الخزانة بيسنت. مؤكداً أن خفض أسعار الطاقة سيؤدي إلى تراجع عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات، إذ تُعد الطاقة عاملاً رئيسياً في التضخم نظراً لتأثيرها الواسع على مختلف القطاعات. غير أن هذا الرأي لم يلق إجماعاً بين الخبراء. فقد قدم بول آشورث، كبير الاقتصاديين في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، تحليلاً مختلفاً، مشيراً إلى أن التضخم يرتبط بالتغيرات في الأسعار وليس بمستوياتها. مضيفاً أن العلاقة القوية المفاجئة بين مستويات أسعار الطاقة والتضخم المتعادل تثير التساؤلات، لأن النظرية الاقتصادية تشير إلى أن التغير في أسعار النفط، وليس مستواه، هو ما يؤثر في توقعات التضخم. وفي السياق نفسه، قال جيمس آثي من مجموعة مارلبورو المالية: «رغم ضعف الحجة من الناحية النظرية، إلا أن البيانات التجريبية تظهر تأثيراً واضحاً. فالنظرية الاقتصادية تفترض أن ارتفاع أسعار النفط اليوم يجب أن يُفهم كمؤشر على انخفاض محتمل في التضخم مستقبلاً، نظراً لظاهرة «معدل أو متوسط الارتداد» وتأثيرات «سنة الأساس». وبالتالي، يفترض ألا يكون لتغيرات أسعار الطاقة تأثير يُذكر بعد السنوات الأولى على تعويضات التضخم والعوائد الاسمية. لكن الواقع العملي يظهر ارتباطاً قوياً بين أسعار الطاقة ومختلف مستويات أسعار الفائدة». أما أوليفييه بلانشارد، من معهد بيترسون، فيطرح وجهة النظر الاقتصادية السائدة، والتي تؤكد أن معدلات التضخم طويلة الأجل تتأثر بعوامل أساسية أخرى أكثر أهمية، مثل: تباطؤ النمو الاقتصادي، وتعزيز الثقة في استقلالية البنك الفيدرالي، وخفض العجز في الميزانية. ويحدد بلانشار ثلاثة عوامل رئيسية للتأثير على التضخم: أولها وأهمها تباطؤ النمو الاقتصادي، يليه تعزيز الثقة في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وأخيراً خفض العجز في الميزانية. ويستند في تحليله إلى دراسة أجراها مع الرئيس السابق للفيدرالي بن برنانكي، حيث يشير إلى أن موجة الارتفاع الأخيرة في أسعار الطاقة أظهرت أن تأثيرها على التضخم يكون مؤقتاً ولمرة واحدة. ويتوقع بلانشار أن ينطبق نفس المنطق على انخفاضات أسعار الطاقة، مما سيؤدي إلى تراجع مؤقت في معدلات التضخم. ورغم أن هذا التراجع المؤقت قد يدفع البنك الفيدرالي إلى اتخاذ موقف أكثر مرونة تجاه أسعار الفائدة، إلا أن بلانشار يشكك في أن يكون هذا كافياً لإحداث تغيير جوهري في سعر الفائدة على السندات لأجل عشر سنوات. من جهته، أكد لاري سامرز، وزير الخزانة الأمريكي الأسبق، أن الحكومة يجب أن تركز على سياسة أسعار الفائدة وإدارة العجز المالي. لافتاً إلى أن العامل الحاسم في تحديد التضخم هو الطلب الكلي الاسمي، الذي يتأثر بشكل مباشر بالسياستين المالية والنقدية، محذراً من أن اعتبار أسعار الطاقة عاملاً رئيسياً في التضخم طويل الأجل أو أسعار الفائدة سيكون تكراراً للأخطاء التي ارتُكبت في عام 2021. وهكذا نجد أنفسنا أمام معضلة: من جهة، تظهر البيانات التجريبية ارتباطاً واضحاً بين معدلات التضخم المتعادل وأسعار الطاقة، ومن جهة أخرى، لا يوجد تفسير اقتصادي مقنع لهذا الارتباط. وبينما يفضل بيسنت الاعتماد على حقيقة الارتباط الإحصائي، يميل معظم المحللين إلى تفضيل المنطق الاقتصادي النظري. وسيتوقف الحسم بين وجهتي النظر على تطور أسعار الطاقة في السنوات القادمة، وهو أمر يصعب التنبؤ به، خاصة مع عدم وضوح مدى قدرة السلطة التنفيذية على التحكم في هذه الأسعار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store