
الجزائر تحكم على صنصال بالسجن خمس سنوات بسبب "المساس بوحدة أراضيها"
حكمت محكمة جزائرية على الكاتب بوعلام صنصال الذي يبلغ من العمر 80 عاماً، بالسجن خمس سنوات، بعد اتهامه بـ"المساس بوحدة أراضي البلاد".
وأوقفت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال العام الماضي، بعد أن قال خلال مقابلة مع وسيلة إعلام فرنسية يمينية متطرفة، إن فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية، منحت الجزائر مساحة كبيرة من الأراضي، بينما منحت المغرب مساحة قليلة جداً، وقال إن هناك مدناً جزائرية كانت تاريخياً جزءاً من المغرب.
وأمضى الكاتب الفرنسي الجزائري فترة في المستشفى بسبب تدهور حالته الصحية خلال فترة احتجازه.
وقد أثارت قضية صنصال موجة من الدعم بين المثقفين والسياسيين، مثل الكاتب النيجيري الحائز على جائزة نوبل وولي سوينكا، والروائي الهندي البريطاني سلمان رشدي، ومسؤولين فرنسيين.
ووعد أحد رؤساء البلديات المحافظين في إحدى ضواحي باريس بتوزيع نسخ مجانية من كتب صنصال على الشباب الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً، معتبراً أن الحكم على المؤلف في الجزائر يشكل هجوماً على حرية التعبير.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحفي: "آمل أن تتمكن السلطات الجزائرية العليا من اتخاذ قرارات إنسانية لإعادة حريته (صنصال) والسماح له بتلقي العلاج من المرض الذي يحاربه".
وقال ماكرون في فبراير/ شباط الماضي، إن "الاعتقال التعسفي لبوعلام صنصال، بالإضافة إلى وضعه الصحي المقلق، هو أحد العناصر التي يجب تسويتها قبل استعادة الثقة (بين البلدين) بالكامل".
ووجد الكاتب نفسه في قلب خلاف دبلوماسي متفاقم، إذ قالت لجنة من المناصرين له في فرنسا مؤخراً، إنه "أصبح رغماً عنه بيدقاً في العلاقة المضطربة بين باريس والجزائر".
وفي الماضي، كانت الجزائر مستعمرة فرنسية قبل أن تخوض حرب استقلال شرسة، ونالت في النهاية استقلالها عام 1962.
ولطالما كانت العلاقات بين البلدين منذ فترة طويلة، لكنها وصلت إلى مستوى جديد من التدهور العام الماضي، عندما دعمت فرنسا مطالبة المغرب بالصحراء الغربية، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم.
وردّت الجزائر على ذلك بسحب سفيرها من باريس، وقبل ثلاث سنوات، قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب.
وعقب صدور حكم المحكمة يوم الأربعاء، ناشد محامي صنصال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بإظهار "إنسانيته" تجاه الكاتب.
ويُعرف صنصال بآرائه المناهضة للإسلاميين، وانتقاداته الصريحة للحكومة الجزائرية، بينما يرى منتقدوه أنه مقرب من اليمين المتطرف، في محاولة لتهدئة تحيزهم.
ووصفت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية، صنصال بأنه "مناضل من أجل الحرية ومعارض شجاع للإسلاموية".
ويقال إن الكاتب يبلغ من العمر 75 عاماً، لكن دار غاليمار للنشر تقول إن عمره 80 عاماً.
ومن أشهر أعمال صنصال رواية "2084"، وهي رواية عن التطرف الديني، وفازت بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية للفرنكوفونية قبل عقد من الزمن.
ومن المقرر أن تنشر روايته القادمة "الحياة Vivre"، في مايو/ أيار المقبل، التي ستحكي قصة مجموعة من الأشخاص، تم اختيارهم لاستعمار كوكب جديد مع اقتراب نهاية العالم على الأرض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
ترامب يحرم هارفارد من استقطاب الطلاب الأجانب
شفق نيوز/ أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، أنها أبطلت حق جامعة هارفارد الأميركية في تسجيل الطلاب الأجانب، في خضم نزاع متفاقم بين البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق. واعرب ترامب عن استيائه من الجامعة التي تخرّج منها 162 فائزا بجوائز نوبل، لرفضها طلب إدارته إخضاع عمليات التسجيل والتوظيف لهيئة إشراف، على خلفية اتّهامه إياها بأنها "مؤسسة يسارية متطرفة معادية للسامية" ومنخرطة في "أيديولوجيا اليقظة (Woke)" التي لا ينفك يوجّه إليها انتقادات حادة، بحسب "فرانس برس". وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم إلى رابطة "آيفي ليغ" التي تضم 8 من أشهر جامعات البلاد: "بمفعول فوري، تم إبطال الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب بجامعة هارفارد"، في إشارة إلى النظام الرئيس الذي يُسمح بموجبه للطلاب الأجانب الدراسة في الولايات المتحدة. وفي الشهر الماضي، هدّد ترامب بمنع الجامعة من تسجيل الطلاب الأجانب إذا لم توافق على طلب الإدارة الخضوع لإشراف سياسي. وكتبت نويم في رسالتها: "كما شرحت لكم في رسالتي في أبريل/نيسان، فإن تسجيل الطلاب الأجانب هو امتياز". وشدّدت الوزيرة على "وجوب أن تمتثل كل الجامعات لمتطلبات وزارة الأمن الداخلي، بما فيها متطلبات الإبلاغ بموجب أنظمة برنامج الطلاب والزائرين، للاحتفاظ بهذا الامتياز". وشكّل الطلاب الأجانب أكثر من 27% من المسجّلين في هارفارد في العام الدراسي 2024-2025، وفق بيانات الجامعة.


موقع كتابات
منذ 4 أيام
- موقع كتابات
عندما أرادوا ترشيح الرئيس لجائزة نوبل في الاقتصاد
في التسعينيات وبعد تحويل وزارة التخطيط الى هيئة التخطيط، دعانا رئيس الهيئة حينها الى اجتماع. وكان موضوع الاجتماع هو اطلاعنا على خبر عظيم ، انه النية بترشيح رئيس الجمهورية لنيل جائزة نوبل في الاقتصاد !! نعم هكذا وبكل بساطة.. السبب هو انجازه العظيم عندما اقترح ان يدفع كل مواطن يراجع اي دائرة مبلغ مئة دينار قبل السماح له بالدخول لانجاز معاملته.. قال السيد رئيس الهيئة ان ذلك الاجراء غيّر وضع موازنة الدولة من العجز الى الفائض وهو انجاز غير مسبوق يستحق جائزة نوبل في الاقتصاد… مع ان الراتب في تلك الفترة كانت ثلاثة آلاف دينار او أقل.. حيث كان راتبي ثلاثة آلاف دينار مع خدمتي وشهادتي ووظيفتي.. اي ان أجري اليومي كان مئة دينار فقط… ان الانسان ليصاب بالحيرة من الجهل والسذاجة التي تحكم عقول بعض الناس. كيف يدفع الشخص مئة دينار مع ان أجره مئة دينار؟؟؟ ثم ان منح نوبل او الترشيح لها لايتم بهذه الطريقة ، اي ان تُرسل دولة ما رسالة الى لجنة نوبل لترشيح رئيسها… لجنة نوبل غير حكومية وهي تدرس التاريخ العلمي للمرشحين والذين قد ترشحهم جامعات كبرى او مراكز ابحاث مهمة. بعضهم بدأ نشاطه العلمي في عمر الثلاثينيات وحصل على نوبل في عمر السبعينيات … يبدو ان الجهل مركب اضافة الى تملق الرئيس والنفاق السياسي.. الجهل العلمي الذي لم يستطع ادراك ان مقترح الضريبة آنف الذكر هو أمر مخزي ويدعو الى الشعور بالخجل لانه ضريبة على شعب معوز وجائع ومحاصر وانه نوع من الأتاوات القسرية التي تنم عن انفصال الحاكم عن الواقع.. اضافة الى الوجه الآخر للجهل وهو جهل قواعد الترشيح لجائزة نوبل… ثم ان هذه الضريبة تعرضت الى سوء تطبيق اضاف لها بعداً سيئاً آخر، حيث أخذوا يطالبون حتى الشخص الذي يحضر اجتماعاً في احدى الدوائر بان يدفعها مع انه ليس مراجعاً. (وقد حصل الأمر معي عندما ذهبت الى وزارة الصناعة لحضور اجتماع لجنة في مكتب الوكيل ولكن احد موظفي الاستعلامات وكان يرتدي اللون الزيتوني ،طالبني بدفع الضريبة وعندما اخبرته بأني عضو لجنة لدراسة مشروع يخص وزارتكم ، كرر مطالبته بالدفع واتهمني بمعارضة قرارات الرئاسة.. عندها قررت عدم حضور الاجتماع وعدم الدفع.. اتصل بي احد المدراء العامين معتذراً من سلوك ذلك الرجل ذو الزي الزيتوني سيء الصيت وقال انه رجل ريفي من حواشي بغداد ويريد أن يثبت انه مخلص للدولة اكثر من اهل تكريت.). في البلدان العاقلة لايتم فرض اي ضريبة او رسوم الا بعد دراسة اثارها على الافراد والمجتمع والاقتصاد والنمو وكذلك أثرها على الاستقرار السياسي والأمني.. لذلك كله نرى ان معظم الدول الكبرى تواجه عجزاً في الموازنة ولكنها تلجأ الى الاقتراض بدل فرض الضرائب لانها تعلم عواقب ذلك على الاوضاع الاقتصادية..


ساحة التحرير
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
ترامب و'السلام بالقوّة'.. تلطيف للاستعمار؟حسن صعب
ترامب و'السلام بالقوّة'.. تلطيف للاستعمار؟ حسن صعب* بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الترويج لما يُسَمّى 'فرض السلام من خلال القوّة' قبل وصوله مرّة أخرى إلى سدّة رئاسة البيت الأبيض بأشهر عدّة؛ وهو كَرّر الإعلان عن هدفه هذا بعد تسلّمه زمام منصبه، وذلك ليؤكّد على قراره إنهاء الحروب المُستعِرة في أوكرانيا وغزة على وجه الخصوص، داعياً إلى مَنحه جائزة نوبل للسلام لأنه سينجح حتماً في وقف 'قتل الناس الأبرياء وإرساء السلام'! لكن مفهوم 'السلام باستخدام القوّة' ليس جديداً، أو خاصاً بالرئيس الأمريكي؛ بل هو مفهوم أو عبارة قديمة تعني أن قوّة السلاح هي العنصر اللازم لتحقيق السلام. وهذه العبارة قديمة جدًا، اشتهر باستخدامها العديد من القادة، بدءًا من الإمبراطور الروماني هادريان في القرن الأوّل الميلادي، وحتى رونالد ريغان في ثمانينيات القرن العشرين. وكثيرًا ما ارتبط هذا المفهوم بالواقعية السياسية. 'السلام من خلال القوّة'! إنّ أطروحة ترامب (السلام من خلال القوّة) ما هي إلّا تتويجٌ لمسارٍ تاريخيٍّ طويل لتطوُّر 'مبادئ القوّة' في الاستراتيجية الأمريكية عبر عقود مُتمادية من الزمن، انطلاقًا من مبدأ 'فنّ خلق القوّة' الذي أوضحه أستاذ الاستراتيجيا، لورنس فريدمان، في كتابه 'تاريخ الاستراتيجية'، إذ عَرّفها بأنها: 'فنُّ خلق القوّة، وهو فنٌّ يصعب إتقانه أو الإمساك به'. وهو المبدأ الذي ظلّ سائدًا حتّى مطلع عقْد الأربعينيات من القرن الماضي، قُبَيْلَ الحرب العالميّة الثانية. ثمّ جرى التنظير بعد ذلك لمبدأ 'استخدام القوّة'، وهو المبدأ الذي تُوِّجَ بإلقاء القنبلتين النوويّتين على مَدينتي هيروشيما وناكازاكي في اليابان خلال تلك الحرب (1945)، وأدّى إلى انتهاء الحرب واستسلام اليابان. وهو ما كان يعني أمريكيًّا تحقيق 'السلام من خلال القُوّة'. في سياق إعلانه عن وقف النار في غزة، في (15/1/2025)، قال الرئيس الأمريكي 'المنتخب' دونالد ترامب: 'سنواصل الترويج للسلام عبر القوّة في المنطقة، والبناء على زَخم وقف إطلاق النار لتوسيع اتفاقات السلام'، ليَفتح بهذا قوس أسئلة لن يُغلق في المستقبل المنظور عن إمكانية فَرْض 'السلام' عنوة، وما إذا كان هذا المسلك القسري سيفيد 'ثقافة السلام'، أم سينتهي إلى تمهيد الطريق لحرب جديدة؟ للوهلة الأولى، قد يقبل الكثيرون كلام ترامب هذا، ولو مع تهديده باستخدام القوّة العسكرية الغاشمة، وذلك باعتبار أن الغاية تُبَرّر الوسيلة؛ والغاية هنا هي وقف الحروب والصراعات وإراقة الدماء، وفَرْض 'السلام'، حسب المواقف المُعلنة لترامب قبل وصوله إلى سدّة رئاسة الولايات المتحدة. لكن من يُدَقّق في أبعاد تلك المواقف 'الترامبيّة' المُغَلّفة بدوافع إنسانية، يُدرك مدى ارتباطها الوثيق أو العضوي بمُحَدّدات وآليات صنع القرار السياسي الأمريكي، أوّلاً، كما بأهداف الولايات المتحدة الكونيّة والإقليميّة؛ فضلاً عن ضرورة انسجام هذه المواقف مع الاستراتيجية الإسرائيلية التوسعيّة التي تبغي أيضاً فَرْض 'السلام' على دول وشعوب المنطقة عبر القوّة المُطلقة وغير المُقَيّدة، لا بقوانين ولا بقِيم أخلاقية؛ من دون التقليل من تأثير العامل الشخصي المُرتبط بسعي ترامب المحموم لتتويج نفسه صانعاً للسلام في العالم، عبر منحه جائزة نوبل للسلام، في أقرب فرصة! والقصد هنا القول إن شعار ترامب المُلتبس ليس من إبداعاته الشخصية، كما أوحى بذلك، بل هو تعبير مُلتوٍ أو مُلطّف عن استراتيجية جديدة – قديمة للولايات المتحدة، تسعى من خلالها للخروج من نفَق الأزمات الداخلية 'الوجودية'، المالية والاقتصادية بالخصوص (تجاوزت ديون أمريكا الحكومية سقف 36 ألف مليار دولار)؛ كما من التحدّيات الخارجية لهيمنتها شبه المُطلقة على السياسة والاقتصاد في العالم، والتي بدأت بالتداعي خلال السنوات الأخيرة. وتطبيق أجندة إدارة ترامب بفَرْض 'السلام' (أو الاستسلام) يتم، في بعض مساراته، عبر استثمار 'الإنجازات' التي يُحقّقها الحلف الأمريكي – الإسرائيلي، تحديداً في منطقة الشرق الأوسط (من غزة ولبنان وسوريا إلى اليمن)، أو عبر التهديد باستخدام القوّة ضدّ إيران، بذريعة منعها من إنتاج سلاح نووي، بحيث تخضع الدول أو القوى الرافضة للهيمنة الأمريكية – الإسرائيلية، وتوافق على طروحات السلام 'الترامبيّة' الملغومة، فتُوفّر بذلك على الولايات المتحدة دفع فواتير الحروب المُكلِفة أو الصراعات المُتمادية في الشرق الأوسط، وتؤمّن لها، في الوقت عينه، بيئة مُستقرّة وآمنة لمصالحها الحيويّة (النفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، الأسواق الاستهلاكية..)؛ ناهيك عن ترسيخ وجود وبقاء الكيان الإسرائيلي الشاذ في نسيج هذه المنطقة إلى الأبد! 'مبدأ' ترامب: بين القانون والسياسة من المؤكّد أن العالم (الشعوب المُستضعفة والمَقهورة بالخصوص) بات منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية – والتي خَلّفت عشرات ملايين الضحايا (أكثر من 60 مليون شخص) – يرفض استخدام القوّة العسكرية بلا ضوابط، ومن أجل تحقيق أهداف سياسية استئثارية، حيث ثبّتت المؤسسات الدولية التي نشأت بعد الحرب هذه المسألة ضمن مواد ميثاق هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات والمنظّمات الدولية والإقليميّة ذات الصلة. لقد جرت صياغة مبدأ حظر استعمال القوّة أو التهديد باستعمالها في ميثاق هيئة الأمم المتحدة على الشكل التالي: 'يمتنع جميع أعضاء منظمة الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوّة، أو استعمالها ضدّ سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي وجه آخر لا يتّفق ومقاصد الأمم المتحدة (الفقرة 3 من المادة 2 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة). ويكمن الشيء الرئيسي في مضمون مبدأ حظر استخدام القوّة أو التهديد باستخدامها في حظر الحرب العدوانية، أي حظر اللجوء إلى الحرب في العلاقات بين الدول… وقد جاء في الإعلان الصادر في عام 1970م أن ' الحرب العدوانية تُعتبر جريمة ضدّ السلام 'وهي تجرّ المسؤولية الصارمة إلى الحرب في العلاقات بين الدول… أما مجلس الأمن الدولي، المعني بالتدخّل العسكري أو ما يسبقه من أشكال تدخّل أخرى، فيقول في المادة 41: لمجلس الأمن أن يقرّر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلّب استخدام القوّات المسلّحة لتنفيذ قراراته؛ وله أن يطلب إلى أعضاء 'الأمم المتحدة' تطبيق هذه التدابير؛ ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجويّة والبريدية والبرقية واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات، وقفاً جزئياً أو كلّياً، وقطع العلاقات الدبلوماسية. فهل هذا ما يُطَبّقه ترامب في اليمن وغزة، أو تجاه إيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية، ودول أخرى في العالم؟! ولا ننسى هنا استهزاء ترامب سابقاً بمؤسسة الأمم المتحدة وغيرها من المؤسّسات الدولية التي لا تتّفق معه في أفكاره أو سياساته التوسعيّة والحربيّة، وسعيه حالياً لإضعاف تلك المؤسسات مالياً، على خلفيّة فشله في الإمساك بها بشكل كامل. فقد اقترح ترامب، في مشروع ميزانية السنة الماليّة 2026، تعليق غالبيّة المساهمات الأمريكية الإلزامية وجميع المساهمات الطوعيّة لهيئات الأمم المتحدة. وجاء في مُذكّرة توضيحيّة لمشروع ميزانية البيت الأبيض: 'تعليق الميزانية لغالبيّة المساهمات الإلزامية وجميع المساهمات الطوعيّة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، بما في ذلك الميزانية العادية للأمم المتحدة واليونسكو ومنظّمة الصحّة العالمية'. ويتوافق هذا القرار مع الأمر التنفيذي للرئيس الأمريكي بمراجعة مُشاركة البلاد في المنظّمات الدولية ووقف تمويل تلك التي 'لا تتماشى مع أولويّات الإدارة'! وفي فبراير/ شباط الماضي، وقّع الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والأونروا. ومنذ تولّي الرئيس الجمهوري لمنصبه في 20 يناير 2025، أصدَر سلسلة قرارات بالانسحابات من عدّة منظّمات، حيث سبَق أن أمَر بانسحاب الولايات المتحدة من منظّمة الصحّة العالمية واتفاقية باريس للمناخ؛ ناهيك عن تهديد ترامب للمحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات عليها، لأنها أدانت حليفه، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، وأصدرت مذكّرة اعتقال بحقّه. أيضاً، وفي خطوة تعكس مدى 'التزام' إدارة ترامب بمبدأ 'السلام من خلال القوّة' المُستوحى من حقبة ريغان، أعلن ترامب، خلال كلمة له في المكتب البيضوي برفقة وزير الدفاع بيت هيغسيث، منح شركة 'بوينغ' عقداً بقيمة 20 مليار دولار لتطوير مُقاتلة 'أف 47' من الجيل السادس لمصلحة القوّات الجويّة الأمريكية، التي تأتي ضمن برنامج 'الهيمنة الجوّية للجيل التالي'، مُشيداً بقدرات المُقاتلة الجديدة، إذ قال إنها 'ستكون الأكثر تقدّماً والأكثر فتكاً. ونحن على ثقة من أنها تتفوّق، بشكل كبير، على قدرات أي دولة أخرى'، مُعتبراً أن 'أعداء أميركا لن يتوقّعوا هذا أبداً. ونأمل ألّا نضطرّ إلى استخدامها'؛ فيما شدّد هيغسيث على أن تطوير المُقاتلة الجديدة 'يبعث برسالة واضحة إلى حلفائنا أنّنا لن نرحل، وإلى أعدائنا أنّنا قادرون على استعراض قوّتنا حول العالم من دون عوائق لأجيال مُقبلة'! كذلك، وفي شباط/ فبراير الماضي، وافق الرئيس ترامب على إعادة شحن قنابل ثقيلة (إم كيه – 84) إلى 'إسرائيل' التي تخوض حرب إبادة شعواء ضدّ الشعب الفلسطيني، وكانت إدارة جو بايدن قد أوقفتها، وذلك تحت شعار كرّره ترامب في المناسبة، بأن القرار يُعبّر عن إيمانه بـ 'السلام عبر القوّة'! هذه القرارات 'الترامبيّة' المُتغطرسة ليست سوى تعبير عن الفشل الأمريكي في السيطرة على العالم عموماً، وبالخصوص على العديد من المؤسّسات الدولية التي تؤدّي أدواراً مهمّة في منع الحروب والصراعات، أو الحد من تأثيراتها السلبية على مختلف الصعد، وبما يتناقض مع النهج الأمريكي الأحادي، غير القانوني وغير الأخلاقي، والذي بات ترامب ومسؤولو إدارته يُجاهرون به على الملأ، عبر فرض 'السلام' من خلال القوّة العسكرية الأمريكية حصراً، ومن دون أي قيود أو ضوابط. يقول المحلّل السابق في الاستخبارات الأمريكية، جورج بيب، إن الترويج لمفهوم السلام من خلال القوّة 'يتخطّى على الأرجح مجرّد شعار'، بنظَر إدارة دونالد ترامب، والتي لم تكن قد باشرت مهامها بعد في أواخر العام الماضي. ويضيف المسؤول في معهد كوينسي للدراسات، الذي يدعو إلى الحد من النزعة العسكرية: 'إحساسي العميق هو أنهم جدّيون في استخدام هذا المفهوم كمبدأ يتّبعونه'. لكنّه شدّد على ضرورة إيجاد توازن في هذه المُقاربة، موضحاً أن (الرئيس الأسبق) ريغان اتّبع نهجاً مزدوجاً يقوم على تعزيز القوّات المسلّحة بموازاة 'دبلوماسيّة ذكيّة'، من أجل تعزيز السلام والاستقرار مع الاتحاد السوفياتي. ويُحذّر الخبير: 'إن مَضيتم بعيداً جداً في مد غصن الزيتون، فقد يستغل خصومكم ذلك. لكن في المقابل، إن مضيتم بعيداً جداً في موقف حربي، فقد ينتهي بكم الأمر إلى الحرب من خلال القوّة بدل السلام من خلال القوّة'. خلاصة يختلف الخبراء حول جدوى خيار ما يسمّى 'السلام من خلال القوّة'. ففيما يرى بعضهم أن القوّة ليست الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام، وأن السلام الحقيقي يأتي عبر التفاهم والاعتراف المتبادل بالفوائد التي يعود بها السلام على الأطراف المعنيّة؛ يؤكّد البعض الآخر أن فرض السلام عبر القوّة العسكرية قد ينجح في أماكن ويفشل في أماكن أخرى. ويبقى الأساس في هذا الأمر هو تحقيق العدل وعدم وجود غايات ضيّقة أو مصالح خاصة لدى الأطراف المولجة بفرض السلام، سواء داخل كلّ بلد يُعاني من نزاعات بَيْنيّة، أو بين دول مستقلّة وذات سيادة. وعلى أيّ حال، لن تكون الولايات المتحدة، وتحديداً في عهد دونالد ترامب الثاني، والتي تتحالف مع 'إسرائيل' ودول استعمارية مُتوحّشة تُشبهها، وتعتمد الابتزاز والتهديد لسرقة موارد الدول، مثالاً يُحتذى من قِبَل دول العالم، وتحديداً لجهة نشر وفرض السلام بأدوات عسكرية، تُحرّكها ذهنيّات مُنغلقة، ودوافع سياسية، ومطامع اقتصادية ومالية لا حدود لها، بموازاة استهتار إدارة ترامب، والولايات المتحدة، بالمؤسّسات الدولية والإقليميّة المعنيّة بحلّ النزاعات ووقف الحروب وفرض السلام، لكن على أساس رفع الظلم والاحتلال، وتحقيق العدل والإنصاف بين الدول والمجتمعات. أخيراً، وحتى يكون للحقيقة نصيب من شعار ترامب السابق الذكر، يجب استبداله بشعار 'الاستثمار من خلال القوّة'، والذي ينسجم مع عقليّة رجل العقارات الانتهازي، والمُنتشي بفائض القوّة العسكرية لدى بلاده، والذي يعتبر قضية غزة مجرّد صفقة تجارية 'رائعة' أو مُربحة؛ وكذلك الأمر بالنسبة للسعودية وقَطَر ومصر (قناة السويس)، وصولاً إلى قناة بَنما وجزر جرينلاند وكندا، وكلّ بلد أو منطقة توجد فيها ثروات تسيل لعاب الرئيس 'القوي' و'الاستثنائي' في تاريخ أمريكا… والعالم! كاتب وباحث سياسي 2025-05-13