logo
حصار السويداء واقع تؤكده شهادات أهل المدينة: لماذا تنفيه الحكومة السورية؟

حصار السويداء واقع تؤكده شهادات أهل المدينة: لماذا تنفيه الحكومة السورية؟

قد يكون من الواجب اليوم الإعتراف بإن الهوية والإنتماء السوريين قد دخلا مرحلة «الصراع على البقاء»، وإذا ما كانت هناك كتلة وازنة من السوريين، بمختلف تياراتهم ونخبهم وأحزابهم، تعمل كما «الرافعة» في انتشال كلاهما من الغرق، فإن كتلة، وازنة هي الأخرى، تشد بالأولى نحو أسفل، ولربما يطول الوقت قبيل أن تتضح محصلة الصراع بين الكتلتين، وإذا ما كانت لمعركة «الشد» آنفة الذكر أذرع خارجية، متراصفة هي الأخرى على جانبيها، فإنه يبدو صعبا تحديد تراصف «السلطة» التي يبدو «اتجاه شدها» عصيا على الفهم، فتارة يلحظ على سلوكها «تشجيع» هذا «الفريق»، ثم يلحظ، في أحيان أخرى، سلوكا يشي بـ «تشجيع» الفريق العامل على الجبهة الأخرى، وإذا ما كان الأمر غير ذلك، فكيف يمكن فهم سياسات الحكومية السورية المتبعة في أعقاب الإعلان عن اتفاق وقف» إطلاق النار»، الحاصل في السويداء منذ يوم الإثنين في الحادي والعشرين من شهر تموز الفائت؟
في اليوم التالي لهذا اليوم الأخير بدأت الأخبار الواردة من السويداء تشير إلى إن «احتياطي الطحين والوقود والعديد من المواد الغذائية «في المدينة قد «تجاوز الخط الأحمر»، بعيد «استهداف المهاجمين لصوامع القمح في قرية أم الزيتون»، وبعيد «منع الحواجز لمرور أي كمية من الوقود مهما صغر حجمها»، وفقا لصفحات ناشطين، ووفقا لصفحة «السويداء 24» المحلية، واللافت هنا أن طريقة التعاطي تلك لا تشير إلى وجود نوايا بتجاوز التداعيات التي خلفتها الأحداث الدامية التي تعرضت لها المدينة، وريفها، على امتداد نحو أسبوع. تقول أليس مفرج، وهي عضوة «هيئة التفاوض العليا» السورية السابقة وابنة مدينة السويداء، في منشور لها 27 تموز «نطالب مجلس الأمن والأمم المتحدة بإلزام السلطات الإنتقالية السورية بشكل جدي وفوري للسماح بدخول أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا (COI)، و الآلية الدولية المحايدة والمستقلة (IIIM) إلى محافظة السويداء وباقي المناطق السورية، والبدء بجمع الأدلة المتعلقة بجميع إنتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها عمليات القتل خارج نطاق القضاء»، ومن المؤكد هو أن تلك الدعوة تمثل أساسا من النوع الذي يمكن البناء عليه، إذا ما حسنت نيات الخارج وكذا نظيرتها عند الحكومة السورية، والإنطلاق للمحافظة على بقايا «خيوط الربط» الممسكة، بوهن، بين أجزاء النسيج السوري، ففي أعقاب انتشار الأخبار عن تصاعد الحصار المفروض على السويداء أعلنت العديد من النقابات المدنية والمهنية في هذي الأخيرة عن «قطيعتها مع النقابات المركزية في دمشق»، كما أعلن «مجلس نقابة المحامين» عن استقالة أعضاءه بالكامل «احتجاجا على ما يجري»، أما نقابة المهندسين فأصدرت بيانا نعت فيه العشرات من كوادرها الذين قضوا إبان أحداث العنف التي تعرضت لها المحافظة، ومثلها فعلت نقابتي المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين، والجميع أكد في بياناته «رفضه التجييش، والدعوات التكفيرية، وإيقاف التعامل مع المركز (دمشق) ريثما يزول الفكر المتطرف الذي يحتكرها»، وعلى الرغم من كل ذلك قالت الحكومة، على لسان نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، يوم 30 تموز، إن «مزاعم حصار السويداء كاذبة ومضللة»، وأضاف إن «الحكومة فتحت ممرات إنسانية لإدخال المساعدات وخروج المدنيين»، وفي محاولة للوقوف على الوضع الراهن أجرت «الديار» اتصالين مع كل من جميل حاتم، مؤسس «تجمع الشأن العام والسلم الأهلي»، و كمال العفلق، ناشط مدني، وكلاهما مقيم بالسويداء .
يقول العفلق في رده على تصريح البابا، آنف الذكر، إن «مجرد الإعلان عن فتح معابر فهذا اعتراف بوجود حصار»، وأضاف أن «المعبر الوحيد الذي يصل المحافظة بمحيطها هو بصرى الشام»، قبيل أن يتابع فيقول إن «وسائل إعلام السلطة، التي تصور عشرات الشاحنات على ذلك المعبر وهي تنتظر الإذن بالدخول، تعمل على تصدير مشهد مضلل للخارج، لأن ما يدخل منها لا يزيد عن شاحنتين أو ثلاث يوميا، وهي بالكاد تحمل ما يكفي من حاجة بضع أفران وثلاثة مشافي لا تزال قيد الخدمة للتشغيل»، أما جميل حاتم فقدم صورة أشد سوادوية من تلك التي سبقتها، وقال «هناك حصار مطبق على السويداء، وكل ما يقوله المسؤولون في الحكومة عار عن الصحة»، وأضاف إن «قوات الحكومة، التي تحاصر المحافظة، لا تزال تمنع وصول المساعدات إلا بالحد الأدنى لتشغيل بعض الأفران وخدمة ثلاثة مستشفيات فقط»، وأضاف حاتم «طوابير الخبز وصلت إلى حدود غير مسبوقة في تاريخ السويداء، أما حركة السير فهي شبه مشلولة على وقع الشح في المحروقات، والعديد من المتاجر أغلقت أبوابها جراء خلوها مما تبيع»، قبيل أن يتابع حديثه فيقول «ثمة مشكلة أكبر لا يجري تسليط الضوء عليها، فالمحافظة الآن مهددة بخطر انتشار الأوبئة التي يمكن أن تنتج عن بقاء عشرات الجثث في العراء دون دفن، ولعل بقاءها يعتبر دليلا دامغا على شدة الحصار، حيث من المستحيل الوصول إليها بفعل المخاطر الأمنية التي يمكن أن تنجم عن الفعل>.
أعلنت منظمة «الهلال الأحمر» الدولية، يوم 28 تموز الفائت، عن تسيير قافلة إغاثات قالت إنها الرابعة حتى تاريخه، وقالت المتحدثة باسمها في حديث مع «سكاي نيوز»، إن «القافلة ضمت 40 طنا من الطحين، و27 ألف ليتر من المحروقات»، وأضافت «لكن المحافظة بحاجة إلى أكثر من ذلك بكثير»، كما سجلت في سياق حديثها شهادة تقول «حين مرور القافلة من معبر بصرى الشام إلى قلب المدينة كانت آثار العنف شاهدة، والمحال التجارية مغلقة، والحياة معطلة تماما»، كما ذكرت إن هناك» نحو 60 ألف شخص تركوا منازلهم»، في الوقت الذي أكد فيه مدير «وحدة التواصل والإعلام» في المنظمة، عمر المالكي، إن «المنظمة سوف تستمر في تسيير قوافلها لتلبية احتياجات العائلات وتخفيف معاناتها»، وإن المنظمة تدعو الحكومة السورية إلى «إعادة الخدمات العامة من ماء وكهرباء واتصالات وخدمات طبية» إلى المدينة وريفها، أما الأكاديمي يحيى العريضي، عميد كلية الإعلام بدمشق زمن النظام السابق والمعارض للأخير لاحقا وابن مدينة السويداء، فقال في لقاء على «هاشتاغ»، 28 تموز الفائت، إن «قوات الحكومة تشترط على بعثات الهلال الأحمر حضورها من انطلاقة القافلة إلى حين توزيعها، وهذا بالتأكيد عمل معيق لعمل تلك البعثات»، وأضاف في شهادته إن «34 قرية، هي ربع قرى محافظة السويداء، توحي مناظرها وكأن المغول أو التتار قد مروا بها»، قبيل أن يضيف إن «فاجعة السويداء كانت السبب الرئيسي وراء إطلاق (جبهة الإنقاذ السورية)»، التي كان العريضي أحد الموقعين على بيانها التأسيسي .
تؤكد السردية السابقة على أمرين اثنين، أولاهما أن المدينة تعيش أوضاعا صعبة تستدعي تدخلا حكوميا سريعا، أو أقله عدم إعاقة المنظمات الدولية التي عبرت عن استعدادها في المساعدة، وثانيهما الإعتراف بأن ثمة وجودا لـ»حصار» مفروض على المدينة، وهو، بهذا السبب أو ذاك، كما «السكين» الحادة أمام «قالب زبدة»، بحيث لا يلزم، للـ»الأيادي» الممسكة بقبضتها، كثير جهد تبذله للقيام بفعل من ذلك النوع .
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عزلة سياسية خانقة تطوّق حزب الله
عزلة سياسية خانقة تطوّق حزب الله

ليبانون ديبايت

timeمنذ 27 دقائق

  • ليبانون ديبايت

عزلة سياسية خانقة تطوّق حزب الله

'ليبانون ديبايت' يعيش حزب الله مرحلة عزلة داخلية هي الأشد منذ تأسيسه، بعد انهيار منظومة التحالفات السياسية التي بناها منذ عام 2005، والتي مثّلت لعقدين متتاليين قاعدة أساسية لتمكينه في المشهد الوطني. فقد خسر الحزب الغطاء المسيحي الذي وفره 'التيار الوطني الحر' والرئيس السابق ميشال عون منذ توقيع 'تفاهم مار مخايل'، مع تفكك التحالف قبيل نهاية العهد الرئاسي، ليستمر الخلاف حتى اليوم، في وقت بات فيه حتى حلفاؤه التقليديون في الساحة المسيحية، ومنهم آل فرنجية، يُظهرون تمايزاً عن موقفهم التاريخي الداعم للحزب. والأصعب على الحزب، وفق مصادر سياسية متابعة، هو تراجع الغطاء السني الذي أضفى عليه سابقاً شرعية سياسية ضمنية، بعد ابتعاد شخصيات بارزة مثل حسن مراد، وفيصل كرامي، وعبد الرحمن البزري، إلى جانب قيادات سنية أخرى. ومع انحسار الحاضنة الوطنية، يسعى الحزب لترميم موقعه عبر سلسلة لقاءات ثنائية مع شخصيات من مختلف الطوائف، وفي مقدمتهم حلفاؤه السابقون، بما في ذلك مساعٍ لإعادة وصل ما انقطع مع الأمير طلال أرسلان على الساحة الدرزية. غير أن معظم هذه المساعي تصطدم بموقف ثابت ومتكرر من هذه الشخصيات، يتمحور حول ضرورة التزام حزب الله بما التزم به لبنان في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، والعودة إلى الاتفاقات الوطنية والدولية، وفي طليعتها اتفاق الطائف وقرار مجلس الأمن رقم 1701، في ظل تبدل المعادلات الإقليمية والداخلية بشكل جذري. وفي هذا السياق، كتب الصحافي محمد بركات عبر منصة 'إكس' أن حزب الله 'يدور على الرؤساء والحلفاء والخصوم، ويجتمع بهم: من حسن مراد إلى طلال أرسلان وميشال عون وجبران باسيل وآل فرنجية… وغداً وليد جنبلاط وفيصل كرامي والأحباش وغيرهم… وسيسمع من الأقربين والأبعدين جملة واحدة: أن لبنان لم يعد يحتمل السلاح ومغامرات إيران'. وتضع هذه العزلة الحزب أمام اختبار سياسي غير مسبوق، يتزامن مع ضغوط دولية متصاعدة، أبرزها الدفع الأميركي نحو خطة لنزع سلاحه قبل نهاية العام، وقرارات حكومية تتعلق بتكليف الجيش اللبناني بتنفيذ هذه الخطة. وفي المقابل، يرفض الحزب علناً أي مسار يؤدي إلى تجريده من سلاحه، ما ينذر بمرحلة سياسية بالغة الحساسية، يكون أمامه فيها خياران لا ثالث لهما: القبول بتنازلات تُعيد دمجه في المشهد الوطني، أو المضي في تكريس عزلته على نحو دائم.

إليكم النصّ الأصلي لورقة برّاك
إليكم النصّ الأصلي لورقة برّاك

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 37 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

إليكم النصّ الأصلي لورقة برّاك

حصلت "نداء الوطن" على النصّ الأصلي والحرفي (بنسخته الإنكليزية) لـ "مذكّرة: اقتراح لتمديد وتثبيت إعلان وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل الصادر في تشرين الثاني 2024، من أجل تعزيز حل دائم وشامل" المعروف بـ "ورقة برّاك". وتنفرد بنشر النص كاملًا باللغة العربية (الترجمة عبر تقنية الـ AI) على الموقع الإلكتروني. تتألف المذكرة من ثلاثة فصول، الأول للبنان وإسرائيل، والثاني والثالث للبنان وسوريا. وتتضمّن اقتراحًا مفصّلًا لتمديد وتثبيت وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني 2024، بهدف تعزيز حل دائم وشامل لتصعيد الأعمال العدائية، والتطبيق الكامل للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولقرارات المجلس السابقة. وتزداد أهمية هذا الاقتراح في ظل تنامي الشكاوى بشأن الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار الحالي، بما في ذلك الغارات الجوية والعمليات عبر الحدود، التي تهدد بانهيار الوضع الهش القائم. ولتفادي المأزق أو التصعيد غير المنضبط، من الضروري أن تلتزم جميع الأطراف بإطار مراقب يتضمن معايير امتثال واضحة. كما تتناول هذه المذكرة مقترحات إضافية لتعزيز حل شامل للخلافات الإقليمية والثلاثية التي أعاقت الاستقرار. للاطلاع على الورقة بنسختها الانكليزية، إضغط هنا. للاطلاع على الورقة بنسختها العربية المترجمة، إضغط هنا. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

مرقص: هناك اتصالات سياسية لإنجاح جلسة الحكومة اليوم
مرقص: هناك اتصالات سياسية لإنجاح جلسة الحكومة اليوم

ليبانون 24

timeمنذ 8 ساعات

  • ليبانون 24

مرقص: هناك اتصالات سياسية لإنجاح جلسة الحكومة اليوم

قال وزير الإعلام بول مرقص ، الأربعاء، أن هناك اتصالات سياسية لإنجاح جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها، اليوم الخميس. وفي حديث عبر شبكة " سكاي نيوز عربية"، قال مرقص إن "موعد جلسة الوزراء ثابت لاستكمال مناقشة بند حصر السلاح"، مشيراً إلى أن "الحكومة تنطلق في نقاشها لبند حصر السلاح من البيان الوزاري الخاص بها"، وأضاف: "أستبعد أي رد من الحكومة على حزب الله خلال جلسة الخميس، ومفهوم التضامن الوزاري يعني احترام القرارات الحكومية، ولكُل وزير حق الاعتراض أو التحفُّظ على القرارات الحكومية". إلى ذلك، قال مرقص في حديث عبر قناة " الجزيرة" إنه "جرى تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام الحالي"، وأضاف: "مجلس الوزراء يحتفظ بحقه في وضع تعديلات على مضامين الورقة الأميركية، وهناك ضمانات ضمن الورقة تقترح إدانة أي خروق إسرائيلية لدى مجلس الأمن". وذكر مرقص أنَّ "تحقيق الاستقرار مرتبط بوقف الاعتداءات الإسرائيلية"، وأضاف: "إذا لم يتم حصر السلاح سيبقى الاستقرار هشاً".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store