
الإمارات ودول عربية تستقطب 77% من استثمارات قطاع الأدوية الأجنبية
كشف تقرير حديث صادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات "ضمان" عن استقطاب قطاع الأدوية في الدول العربية لـ184 مشروعاً استثمارياً أجنبيا، وذلك خلال الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني 2003 وحتى ديسمبر/كانون الأول 2024.
وفقا لوكالة أنباء الإمارات "وام" بلغت التكلفة الإجمالية لهذه المشروعات الاستثمارية نحو 5.4 مليار دولار، وساهمت المشروعات في توفير ما يزيد عن 25 ألف فرصة عمل.
وأكد التقرير القطاعي الأول لعام 2025 الصادر عن "ضمان" اليوم حول قطاع الأدوية في الدول العربية، الدور المحوري لدولة الإمارات العربية المتحدة التي جاءت ضمن أربع دول عربية كبرى – إلى جانب المملكة العربية السعودية والجزائر ومصر – استحوذت مجتمعة على النصيب الأكبر من هذه الاستثمارات، حيث اجتذبت هذه الدول الأربع 141 مشروعاً أجنبياً، أي ما يمثل 77% من إجمالي المشاريع، وبتكلفة استثمارية بلغت قرابة 3.9 مليار دولار، مشكلةً بذلك 71% من إجمالي التكلفة، كما أسهمت هذه المشاريع في توفير نحو 18,600 فرصة عمل، وهو ما يعادل 74% من إجمالي الوظائف التي أحدثتها الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع الحيوي على مستوى المنطقة.
وأوضح التقرير، الذي يركز على 4 محاور رئيسية هي "تطور ومستقبل مبيعات الأدوية حتى عام 2030، والتجارة الخارجية في الأدوية لعام 2023، والمشاريع الأجنبية في قطاع الأدوية، وتقييم مخاطر الاستثمار والأعمال في قطاع الأدوية عام 2025"، أن المملكة المتحدة تصدرت المقدمة كأهم دولة مستثمرة في المنطقة العربية، حيث نفذت 26 مشروعاً في خلال الفترة "2003-2024" بتكلفة استثمارية 811 مليون دولار، ووفرت أكثر من 3 ألاف وظيفة جديدة.
وأشار التقرير إلى استحواذ الشركات العشر الأولى على نحو 26% من عدد المشاريع الجديدة المنفذة، و48% من التكلفة الرأسمالية، و49% من مجمل الوظائف الجديدة، وتصدرت كل من شركة أسترازينيكا البريطانية وسانوفي الفرنسية المقدمة وفق عدد المشاريع بـ9 مشاريع لكل منهما مثلت 5% من الإجمالي، فيما تصدرت مجموعة فارما أوفرسيز المصرية المقدمة كأكبر مستثمر من حيث التكلفة الاستثمارية التقديرية بقيمة 500 مليون دولار وبحصة تخطت 9% من الإجمالي، بينما حلت شركة رافا للصناعة الكورية الجنوبية في المقدمة وفق عدد الوظائف المستحدثة بعدد 3 آلاف وظيفة، مثلت نحو 12% من الإجمالي.
وبين التقرير أن 6 دول عربية فقط هي "السعودية والكويت والإمارات ومصر والأردن والمغرب"، استثمرت في 25 مشروعاً بينياً في قطاع الأدوية بما يمثل نحو 14% من إجمالي المشاريع الأجنبية في القطاع خلال 22 عاما، وتجاوزت تكلفتها الاستثمارية 1.6 مليار دولار بما يمثل نحو 30% من مجمل تكلفة المشاريع الأجنبية في القطاع، ووفرت ما يزيد على 5 آلاف وظيفية ونفذتها 23 شركة عربية.
أما على صعيد مخاطر وحوافز الاستثمار والأعمال في قطاع الأدوية في 14 دولة عربية وفق وكالة فيتش، والتي تم رصدهما من خلال مؤشرين لتقييم المخاطر والحوافز لعام 2025، فقد جاءت الإمارات والسعودية والكويت وقطر في مقدمة الترتيب العربي كأكثر الدول العربية جاذبية للاستثمار في قطاع الأدوية، تلتها كل من المغرب والبحرين والجزائر ومصر على التوالي.
وتوقع التقرير زيادة تتجاوز 5% في مبيعات الأدوية في المنطقة العربية "19 دولة" إلى نحو 48 مليار دولار بنهاية عام 2025، مع توقعات باستمرار ارتفاعها لتتجاوز 59 مليار دولار عام 2030، كما أشار التقرير إلى التركز الجغرافي الكبير لتلك المبيعات في عدد محدود من الدول، حيث من المرجح أن تستحوذ 5 دول هي السعودية والإمارات ومصر والجزائر والكويت على 70% من إجمالي مبيعات الأدوية في المنطقة العربية بنهاية عام 2025.
وتوقع التقرير كذلك ارتفاع متوسط نصيب الفرد من مبيعات الأدوية في المنطقة العربية بمعدل 2.8% ليتجاوز 197 دولاراً بنهاية عام 2025.
وأشار التقرير إلى ارتفاع قيمة تجارة الدول العربية الخارجية في الأدوية بمعدل 10.5% إلى 23.4 مليار دولار عام 2023، مع استحواذ 5 دول هي الإمارات والسعودية ومصر والكويت والأردن على 74% منها، حيث ما زالت صادرات الدول العربية من الأدوية متواضعة، رغم ارتفاعها بمعدل 20% إلى 3.9 مليارات دولار عام 2023، وذلك مقارنة بوارداتها من الأدوية والتي ارتفعت بمعدل 9% إلى 19.5 مليار دولار، ليتجاوز عجز ميزان تجارة الأدوية 15.5 مليار دولار عام 2023.
وأضاف التقرير أن أهم 10 دول مصدرة إلى المنطقة خلال عام 2023، استحوذت على نحو 68% من مجمل واردات المنطقة من الأدوية بقيمة 13.3 مليار دولار، وتصدرت ألمانيا المقدمة كأكبر مصدر للمنطقة بقيمة 2.5 مليار دولار، فيما استحوذت قائمة أهم 10 دول مستوردة من المنطقة "منها 9 دول عربية" على 71% من مجمل الصادرات العربية بقيمة تخطت 2.7 مليار دولار، مع تصدر السعودية المقدمة كأكبر مستورد من المنطقة باستحواذها على نحو 14% من الإجمالي بقيمة تخطت 500 مليون دولار.
aXA6IDEwMy4xMDEuOTEuMTI4IA==
جزيرة ام اند امز
FI

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 38 دقائق
- العين الإخبارية
خلاف ترامب وماسك.. الملياردير يريد التواصل والرئيس ليس مهتما
خيم الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحليفه السابق الملياردير إيلون ماسك، على كواليس السياسة في واشنطن. وأفاد مسؤولون لـ"فرانس برس" بأن ماسك طلب الاتصال بترامب، لكن الرئيس "غير مهتم بذلك". ويشير ذلك إلى أن الرئيس وحليفه السابق قد لا يحلان خلافهما بشأن مشروع قانون شامل لخفض الضرائب في وقت قريب. وقال مسؤول في البيت الأبيض طلب عدم ذكر اسمه لـ"رويترز": "ليس هناك خطط لإجراء اتصال الجمعة بين الطرفين"، وذلك بعد أن قال مسؤول آخر في وقت سابق إن "ترامب وماسك سيتحدثان" الجمعة. وفي مقابلات مع عدد من وسائل الإعلام الأمريكية، قال ترامب إنه يركز على أمور أخرى. وأضاف ترامب لشبكة "سي إن إن" الجمعة "أنا لا أفكر حتى في إيلون. لديه مشكلة، المسكين لديه مشكلة". جذور الخلاف وواصل ماسك انتقاده لمشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي طرحه الجمهوريون ويتضمن أغلب بنود أجندة ترامب الداخلية. ورد ماسك بالقول "بالضبط" على منشور على "إكس" قال فيه أحد المستخدمين إن ماسك انتقد الكونغرس وترامب رد بانتقاد ماسك بشكل شخصي. وقال أشخاص تحدثوا إلى ماسك إن غضبه بدأ في الانحسار ويعتقدون أنه سيريد إصلاح علاقته مع ترامب. وتصاعد الخلاف بين ترامب وماسك الخميس عبر وسائل التواصل الاجتماعي في إشارة على انهيار التحالف الوثيق بين الرجلين. وألمح ترامب إلى أنه سينهي العقود الحكومية مع شركات ماسك، والتي تشمل شركة "سبيس إكس" ووحدتها الفضائية "ستارلينك". وارتفع سهم تسلا الجمعة، وعوضت الشركة بعض الخسائر الفادحة التي تكبدتها في الجلسة السابقة عندما انخفضت 14 بالمئة وخسرت 150 مليار دولار من قيمتها، وهو أكبر انخفاض يومي في تاريخ الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية. صمت الحلفاء والتزم حلفاء ماسك البارزون الصمت إلى حد كبير خلال الخلاف. لكن أحدهم، وهو المستثمر جيمس فيشباك، دعا ماسك إلى الاعتذار. وقال فيشباك في بيان "أظهر الرئيس ترامب لطفا وصبرا في وقت كان فيه سلوك إيلون مخيبا للآمال ومقلقا للغاية". ومول ماسك جزءا كبيرا من حملة ترامب الانتخابية الرئاسية، ثم جرت الاستعانة به كأحد أبرز مستشاري الرئيس الأمريكي بعد ذلك، وقاد جهودا واسعة ومثيرة للجدل في الوقت نفسه لتقليص حجم القوى العاملة الاتحادية وخفض الإنفاق. وبدأت الخلافات بينهما قبل أيام عندما انتقد ماسك مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي طرحه ترامب. وغادر ماسك إدارة الكفاءة الحكومية قبل أسبوع. وندد ماسك بمشروع القانون، الذي يضم معظم أولويات ترامب الداخلية، ووصفه بأنه "شر مقيت" من شأنه أن يضيف الكثير إلى ديون البلاد البالغة 36.2 تريليون دولار. خيبة أمل والتزم ترامب الصمت في البداية بينما كان ماسك يحاول نسف مشروع القانون، لكنه خرج عن صمته الخميس، قائلا للصحفيين إنه "يشعر بخيبة أمل شديدة" تجاه ماسك. وأضاف ترامب "أنا وإيلون ربطتنا علاقة رائعة. لا أعرف ما إذا كنا سنظل كذلك بعد الآن". وتبادل الرئيس وحليفه السابق الانتقادات اللاذعة على منصتيهما للتواصل الاجتماعي منصة "تروث سوشيال" التابعة لترامب، و"إكس" التابعة لماسك. وكتب ماسك الذي أنفق ما يقرب من 300 مليون دولار لدعم ترامب وجمهوريين آخرين في انتخابات العام الماضي "لولاي لخسر ترامب الانتخابات". غضب ماسك وثار غضب ماسك عندما رفض ترامب مطلع الأسبوع ترشيحه لحليفه جاريد أيزاكمان لتولي إدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا". وقال مصدران مطلعان إن سيرجيو جور رئيس مكتب شؤون الموظفين في البيت الأبيض هو الذي ساهم في تحريض ترامب ضد أيزاكمان بتسليط الضوء على تبرعاته السابقة لديمقراطيين. وأضاف المصدران أن ماسك وجور على طرفي نقيض منذ أن وجه ماسك انتقادا لجور بسبب وتيرته في التعيينات في اجتماع للوزراء في مارس/آذار الماضي. ووفقا لـ"رويترز"، يمكن أن يزيد خلاف يطول أمده من صعوبة احتفاظ الجمهوريين بالسيطرة على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، إذا امتنع ماسك عن تقديم الدعم المالي أو نأى كبار قادة الأعمال في وادي السيليكون بأنفسهم عن ترامب. احتوء ترامب غير أن "فرانس برس"، قالت إن ماسك بذل جهودا لاحتواء التصعيد، بعدما لوح بسحب المركبة الفضائية "دراغون" من الخدمة، علما بأنها تعد ذات أهمية حيوية لنقل الرواد التابعين لناسا إلى محطة الفضاء الدولية، بعد تهديد ترامب بإمكان إلغاء عقود حكومية ممنوحة لرجل الأعمال. لكن لم يتّضح بعد كيف يمكن إصلاح العلاقة بين الرجلين. حزب جديد وزاد من خلاف الحليفين السابقين، تصريحات ماسك بأن أمريكا في حاجة إلى حزب سياسي جديد. جاء ذلك بعد يوم من سؤاله في استطلاع رأي لمتابعيه على موقع "إكس" عما إذا كانت هناك حاجة لحزب يمثل "80 بالمئة في الوسط". وإطلاق ماسك استطلاعات للرأي لمعرفة إن كان عليه تشكيل حزب سياسي جديد يشكل تهديدا كبيرا من جانب رجل قال إنه مستعد لاستخدام ثروته لإطاحة مشرعين جمهوريين يعارضون رأيه. aXA6IDgyLjI3LjIxOC44NCA= جزيرة ام اند امز LV


العين الإخبارية
منذ 3 ساعات
- العين الإخبارية
«مؤسسة غزة».. تمويل محتمل «يورط» أمريكا في «فوضى» المساعدات
تم تحديثه السبت 2025/6/7 03:11 ص بتوقيت أبوظبي طالما ثارت تساؤلات حول مصادر تمويل "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة، والتي عُهد إليها بتوزيع المساعدات في القطاع. وقال مصدران مطلعان ومسؤولان أمريكيان سابقان إن وزارة الخارجية الأمريكية تدرس منح 500 مليون دولار للمؤسسة الجديدة. واعتبرت "رويترز" أن تلك الخطوة "من شأنها أن تورط الولايات المتحدة بشكل أعمق في جهود المساعدات المثيرة للجدل التي شابها العنف والفوضى". وأضاف المصدران والمسؤولان السابقان، الذين طلبوا جميعا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الأمر، أن الأموال المخصصة لمؤسسة غزة الإنسانية ستأتي من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي يجري دمجها في وزارة الخارجية الأمريكية. غموض التمويل ولا تكشف المؤسسة، المسجلة في سويسرا، ومؤسسة SRS، المسجلة في الولايات المتحدة الأمريكية، عن مصادر تمويلهما بعشرات ملايين الدولارات. وقبل أيام قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد صراحة في الكنيست إن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هي من تمول هذه الآلية المثيرة للجدل. كما أكدت هيئة البث الإسرائيلية أن حكومة نتنياهو تمول المؤسسة. وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإن الحكومة حولت 700 مليون شيكل، أي أكثر من 200 مليون دولار أمريكي، لآلية توزيع المساعدات في غزة. نفي نتنياهو وسارع مكتبا رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير المالية إلى النفي بالقول: "دولة إسرائيل لا تمول المساعدات الإنسانية لسكان غزة". وبدأت "مؤسسة غزة الإنسانية" عملياتها قبل أكثر من أسبوع، بعدما رفعت إسرائيل جزئيا الحصار المطبق الذي حرم السكان من مساعدات حيوية. إلا أن توزيع المساعدات شهد فوضى عارمة مع تقارير عن سقوط ضحايا بنيران إسرائيلية قرب المراكز. aXA6IDgyLjI5LjIxMS4xMDYg جزيرة ام اند امز LV


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
الجامعات والحكومة.. أيهما أكثر حاجة للآخر؟
الجامعات والحكومة.. أيهما أكثر حاجة للآخر؟ خلال الأونة الأخيرة، انتشرت مقولة أن الجامعات الأميركية «تعتمد على التمويل الفيدرالي»، وكأنها مستفيدة سلبية من سخاء الحكومة. إلا أن الواقع أقرب إلى العكس: فالحكومة الفيدرالية تعتمد على الجامعات لإجراء البحوث التي تحافظ على صحة وأمان أمتنا الأميركية وقدرتها على التنافس الاقتصادي. وإذا سبق لك اتباع إرشادات التنقل باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، فقد استفدت من تكنولوجيا طورتها وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بالشراكة مع علماء الجامعات. كما أن أداة تحرير الجينات الثورية «كريسبر»، التي على وشك أن يعالج الأمراض الوراثية، وُلدت من رحم أبحاث جامعية ممولة بمنح من المعاهد الوطنية للصحة. ومن الصحة العامة إلى الابتكارات التكنولوجية المتقدمة ووصولاً إلى الأمن القومي، اتخذت الجامعات الأميركية مساراً هادئاً لتصبح ركائز التقدم والازدهار الوطني. إلا المزيد من الإنجازات باتت معرضة للخطر، في وقت تستخدم فيه إدارة ترامب التمويل الفيدرالي كأداة لضبط الجامعات في مسائل لا علاقة لها بمهامها البحثية. فقد تم تقليص التمويل الجديد من المعاهد الوطنية للصحة بأكثر من ملياري دولار منذ يناير الماضي، دون احتساب مليارات الدولارات الأخرى في شكل منح مجمدة في عدة جامعات، من بينها جامعة نورثويسترن، حيث أعمل. ويقترح الرئيس دونالد ترامب خفض ميزانية تمويل المعاهد الوطنية للصحة بنسبة 40% العام المقبل، إضافة إلى تخفيض بنسبة 56% لمؤسسة العلوم الوطنية. ولتوضيح حجم التأثير، يُظهر تحليل أجراه اقتصاديون في الجامعة الأميركية أن خفض التمويل الفيدرالي للأبحاث بنسبة 25% فقط قد يؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة مماثل لما حدث خلال فترة الركود الكبير. وإذا استمر هذا النهج، سيكون المجتمع بأسره هو الخاسر الأكبر. وكانت الشراكة بين الحكومة والجامعات حجر الأساس في الابتكار الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية، حين ساهمت الاستثمارات الفيدرالية في العلوم الأكاديمية في تحقيق إنجازات كالرادار، والمضادات الحيوية، والحاسوب. ومنذ ذلك الحين، ساهم دعم واشنطن للأبحاث الجامعية في تعزيز التقدم الذي لا تستطيع الصناعة الخاصة تمويله أو لا ترغب في تمويله، حيث إن، المنح الفيدرالية هي التي تجعل الأفكار الجريئة، مثل فك شفرة الجينوم البشري أو علاج السرطان بالخلايا التائية «كار-تي»، والتي تتطلب صبراً واستكشافاً مدفوعاً ممكنة التنفيذ. وكانت بعض المختبرات التابعة للشركات الكبرى، مثل مختبرات بيل، تتابع هذا النوع من الأبحاث الجوهرية، إلا أنها توقفت عن ذلك، لأن المساهمين سئموا من انتظار تحوّل الاكتشافات إلى أرباح. وإذا لم تواصل الجامعات استكشاف هذه الآفاق، فلن يفعل أحد، وسيكون الوضع أسوأ. ولا يعتبر تمويل الأبحاث الفيدرالي منحة للتعليم العالي، بل إنه استثمار استراتيجي، فالحكومة لا تموّل مختبرات الجامعات لتحسين أوضاعها المالية، بل لدعم أفضل الأفكار والعقول من أجل تلبية الأولويات الوطنية. وتُمنح هذه التمويلات من خلال عمليات تنافسية للغاية للعلماء الأكثر كفاءة، سواء كانوا يدرسون علاجات السرطان أو مواد طاقة جديدة. أما الاكتشافات الناتجة، فتتخطى حدود الجامعات لتعود بالنفع على المجتمع بأسره، في شكل أدوية جديدة، وشركات ناشئة، وقدرات عسكرية متقدمة. وقد وُصفت هذه الشراكة بأنها من أكثر الشراكات إنتاجية في تاريخ أميركا، لسبب وجيه، فالعوائد الاقتصادية كانت هائلة، من بينها شركة «غوغل»، التي نشأت من مشروع بحثي لطالب دراسات عليا في جامعة ستانفورد، موّلته جزئياً مؤسسة العلوم الوطنية. كما تعود جذور صناعات بأكملها في مجالي التكنولوجيا الحيوية والأدوية إلى إنجازات جامعية مولتها المعاهد الوطنية للصحة. وفوائد هذه الشراكة للأمن القومي بالغة الأهمية، فقد اعتمدت وزارة الدفاع على باحثين جامعيين لتطوير ابتكارات مثل المواد المتقدمة، ونظارات الرؤية الليلية، والحوسبة الكمومية. ولا يمكن التقليل من شأن تأثير ذلك على مجال الصحة العامة، فالأبحاث الأكاديمية المدعومة من معاهد الصحة الوطنية تمهد الطريق لعلاجات لأمراض، مثل التصلب الجانبي الضموري، والزهايمر، والسرطان. وباختصار، لا يمكن أن تستغني الحكومة الفيدرالية عن الجامعات في المجالات العلمية والتكنولوجية، بل إنها تعتمد على مختبرات الجامعات إلى حد كبير في أبحاث القطاع الخاص وتطويره، إذ أن المختبرات لا تكتفي بتدريب الكفاءات البشرية، بل تقوم أيضاً بالاكتشافات العلمية الأساسية التي تُحوّلها إلى تطبيقات ومنتجات تجارية مربحة. والمفارقة أن الجامعات، رغم كل هذا العطاء الكبير الناتج عن الأبحاث الممولة فيدرالياً، لا يزداد اعتمادها على أموال الحكومة، بل تُظهر البيانات أن حصة التمويل الفيدرالي على الأبحاث الجامعية انخفضت خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2012، كانت الأموال الفيدرالية تغطي نحو 61٪ من إجمالي الأبحاث في الجامعات الأميركية، أما اليوم، فهي تغطي حوالي 55% فحسب، أي أن الدعم الفيدرالي يتراجع رغم ازدياد الحاجة إلى البحث العلمي، وفي وقت تُكثّف فيه دول منافسة مثل الصين استثماراتها في العلوم. وعلى النقيض، فإن الحكومة الفيدرالية هي التي تعتمد بشكل متزايد على الأوساط الأكاديمية. وتنفذ حصة متنامية باطراد من أبحاث وتطوير الولايات المتحدة الآن في الجامعات، وأصبح قطاع البحث العلمي، الذي يُعد محرّكًا رئيسيًا لازدهارنا الاقتصادي، يعتمد بشكل كبير على مختبرات الجامعات. ويحمل هذا التحول تداعيات كبيرة على السياسات العامة، فهو يعني أن تخفيضات التمويل الفيدرالي للأبحاث تُقلّص يُبطئ علاجًا مُحتملًا لمرض باركنسون، أو خلايا شمسية من الجيل التالي، أو التكنولوجيا التي قد تمنحنا ميزة تنافسية على المنافسين. وللأسف، فإن الدعم الفيدرالي للأبحاث والتطوير ظلّ يتراجع لعقود. فخلال ستينيات القرن الماضي، أنفقت واشنطن ما يقارب 2% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي على البحث العلمي، أما اليوم، فهي تنفق فقط نحو ثلث تلك النسبة. والنتيجة أن كثيرًا من الأبحاث طويلة الأمد والأساسية تواجه مستقبلًا تمويلياً غير مضمون. والأسوأ من ذلك أن إدارة ترامب بدأت تُسيّس تمويل الأبحاث، حيث يهدد هذا النهج قصير النظر بتقويض شراكة أثمرت إنجازات أنقذت أرواحاً وغيّرت العالم. إن تقويض منظومة البحث الجامعي لدينا هو بمثابة التخلي عن ريادتنا في الابتكار، في وقت نحتاج فيها إلى هذه الريادة أكثر من أي وقت مضى. في النهاية يهدف دعم البحث الجامعي إلى ضمان مستقبل الأمة، لذلك يجب التفكر في كيفية تعزيز الشراكة بين الحكومة والجامعات، لا إضعافها، وهذا يعني صياغة سياسات فيدرالية أكثر ذكاءً تُجدّد التزامنا بالعلم. كما ينبغي على الكونغرس والبيت الأبيض ضمان تمويل متسق وقوي للعلوم، ومقاومة إغراء استخدام أموال البحث كسلاح سياسي. وينبغي عليهما توسيع نطاق البرامج التي تُشجع المواهب الشابة على دخول المجالات العلمية، لا إلغاؤها. كما يجب عليهما توضيح أن المنح المُقدّمة لعلماء الجامعات ليست إنفاقاً ربحياً، بل استثمار في الصالح العام، استثمار يُؤتي ثماره في الاكتشافات الطبية، وتقنيات تولد فرص العمل، والمزايا العسكرية، والنشاط الاقتصادي، وهي عوائد لا يُمكننا تفويتها. *عالِمة الأحياء التنموية والخلايا الجذعية في جامعة نورث وسترن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»