
خسارة فادحة للإسلاميين في انتخابات نقابة الأطباء
أخبارنا :
عمان - إيهاب مجاهد
حققت قائمة «وطن» (مستقلين) بنقابة الأطباء فوزا كبيرا في انتخابات النقابة التي جرت الجمعة وحصدت فيها مقعد النقيب من خلال مرشحها د.عيسى الخشاشنة، وتسعة مقاعد في مجلس النقابة مقابل مقعدين لقائمة «طموح» (إسلاميين)، فيما لم تحصل قائمتا «الأقصى» (قوميين) و»إنجاز» على أي مقعد في مجلس النقابة.
وفاز بعضوية مجلس النقابة كل من الأطباء حازم القرالة ومظفر الجلامدة وطارق الخطيب ومحمد عبدالرحمن وصدام الشناق وياسر القضاة ومحمد الطراونة وشوفي صبحة (مكتب القدس) وشادي بني هاني وكاتبة الربضي، وعن قائمة الإسلاميين الطبيبان بلال العزام ومحمد الكوفحي.
ويعد النجاح الذي حققته قائمة «وطن» الأكبر من نوعه على مستوى مشاركة المستقلين في انتخابات النقابة، مقابل تراجع كبير للتيارين الإسلامي والقومي اللذين كانا يتناوبان السيطرة على مجلس النقابة في الدورات الانتخابية الماضية.
وحظي برنامج قائمة «الوطن» بدعم واسع من القطاعات الطبية، ويقوم على الدفاع عن حقوق الأطباء وتحسين شروط العمل، وإخراج النقابة من دوامة المنافسة السياسية التي أدت إلى تفاقم مشاكلها.
ويرى مراقبون أن فوز قائمة «الوطن» على حساب منافستها المدعومة من «الإخوان المسلمين» يعكس تحوّلات واضحة في المزاج النقابي والطبي، ويعد مؤشراً على فقدانها جزءاً من قاعدتها النقابية.
واعتبرت قائمة «وطن» أن هذا الفوز «انتصار للإرادة الحرة وللنقابة كمؤسسة مهنية يجب أن تبقى بعيدة عن الاستقطابات السياسية»، مؤكدة أن المرحلة المقبلة «ستشهد خطوات فعلية لتحسين أوضاع الأطباء والدفاع عن استقلالية النقابة، وإيجاد حلول عملية لمشاكلها.
وفي انتخابات الممرضين حصدت الكتلة المهنية المستقلة جميع مقاعد مجلس النقابة في انتخاباتها التي جرت الجمعة.
وحصل مرشح القائمة لمركز النقيب محمد الروابدة على 1169 صوتا وأحمد الحوراني على 1241 صوتا وزهير مسلم على 1173 صوتا وعبدالرؤوف العكايلة على 1081 صوتا ورائد ذيابات على 1075 صوتا ورانيا مريان على 1060 صوتا وأماني رمان على 1116 صوتا وعبدالله حيمور على 1012 صوتا وبشار ارشيدات 1101 صوت ومصطفى طلال على 1007 أصوات وجميل اللصاصمة على 987 صوتا. ــ الدستور

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- الغد
فتنة العصر (2): حين تسقط المعارضة
الدكتور محمد العايدي تلتزم الدولة الحديثة باحترام حرية التعبير، وتستجيب لمطالب الشعوب فيما لا يتعارض مع مصالح الدولة، ويعود بالنفع للصالح العام، وقد تستغل هذه المساحات من الحرية عند أصحاب النظرة الضيقة للتحول إلى نهج المعارضة، وكأن المعارضة غاية في ذاتها، وليست وسيلة للمطالبة بالحقوق المشروعة، وتنتهي بالحصول عليها ضمن القنوات القانونية، ولذا قد تصبح المعارضة سيف ذو حدّين: إما أن تكون ضميراً يقظاً ينير الطريق لبناء مجتمع سليم، أو تتحول إلى معول هدم وخنجر مسموم في خاصرة الوطن، وبين المعارضة الشريفة والخيانة المقنعة خيط خفيّ، يظهر من خلال السلوكيات والقيم التي لا تخفيها الشعارات، ولا تغطيها الأقنعة. اضافة اعلان فعندما تتماهى بعض الجهات المأزومة داخل الوطن مع الأبواق الخارجية لبث الفتنة، والتشكيك بالمؤسسات الوطنية، معنى ذلك نحن أمام خيانة مقنعة برداء الوطن، حيث تستخدم المنصات الخارجية للنيل من سمعة الوطن والتشكيك في إنجازاته بخاصة عندما تكون هذه الانجازات مرتبطة بمواقف إنسانية لا يمكن المساومة عليها، كالمساعدات التي يتم إرسالها إلى أهلنا في قطاع غزة المدمرة، فمثل هذه المواقف والتصرفات يجعلنا نعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمعارضة، متى تكون شريفة ومتى تسقط في الخيانة ؟ فالمعارضة الشريفة في جوهرها هي فعل ناضج ينبني على الشعور العميق بالمسؤولية، فهي تعارض من أجل أن تبني لا من أجل أن تهدم أو تشوه، وتدافع عن الثوابت الوطنية في الوقت الذي تطالب فيه بالإصلاح، وتمييز بين الدولة ككيان مقدّس لا يجوز المساس به أو العبث، وبين الحكومة كأداة قابلة للنقد والتقويم، فحين تطال المعارضة ثوابت الدولة، وتحرض على مؤسساتها فإنها لا تكون ساعتئذ معارضة، بل خيانة مقنعة بقناع الحرص، وتتغذى على نار الفتنة. المعارضة الشريفة قد تحاسب الحكومات على تقصيرها أو أدائها، فمن يعيش داخل وطنه ويقارع الرأي بالرأي، ويقف في وجه الخلل حباً في وطنه وخوفاً عليه، فهذا ترفع له القبعات، ولكنه لا يهاجم الأرض والتاريخ والرموز، ولا يتصيد في الماء العكر، ولا يختلق الوقائع ويضخم الأخطاء من أجل النيل من سمعة الوطن، والإخلال بصورته محلياً وعالمياً. نحن في عصر أضحى الإعلام فيه مفتوحاً حيث يستطيع الشخص من على شرفة منزله، وهو يحتسي فنجاناً من القهوة أن يوصل صوته للعالم، ويعبر عن رأيه بضغطة زر، ولذا من يريد أن يعارض لا يحتاج إلى فم مفتوح فقط، بل إلى ضمير حيّ واعٍ، فليس كل معارضة يقصد منها الإصلاح، ولا كل معارضة جديرة بالاستماع إليها، فالخيانة قد تتسلل من نافذة المصالح الشخصية والحسابات الفئوية، وتغلّف بثوب الحقوق والخوف على المصالح الوطنية، فندخل بسببها في فتنة العصر، التي تربك العقول، وتفقد البوصلة، وتغري البسطاء بشعارات منمقة، قد تفتك بالمجتمع وتمزق وحدته. والمعارضة الشريفة تعرف أن وقت الشدائد تُختبر المواقف وتنكشف النوايا، فهي تغلق كل الحسابات وتنسى الخصومات والمناكفات، وتضع الوطن في لحظات الشدة أولاً وثانياً وأخيراً، فلا قيمة لمعارضة لا ترى في الوطن ومصالحة خطاً أحمر، ولا كرامة لفكر يرفع شعارات وهو يتواطأ مع كل من يتربص بأمن البلاد واستقرارها. الأردن الذي أثقلته الجغرافيا بالتحديات واستطاع بحنكة قيادته الحكيمة أن يتخطى كل الصعاب، لا يخشى معارضة شريفة تريد للوطن خيراً، فكم من ناقد في وطننا قد ساهم في الإصلاح، ودفع بمسيرة الديمقراطية إلى الإمام، ولكنه لا يرضى في نفس الوقت أن يكون بوقاً لأجندات خارجية قد تنال من ثوابت الوطن وسمعته. وهنا نؤكد أن المعارضة الشريفة وجهاً آخر للوطنية، أما المعارضة المأجورة فهي صورة للخيانة، وإن ارتدت ثوباً نظيفاً، والوطن لا يحتاج إلى الذين يصرخون من الخارج ويسيؤون له بالهاشتاغات، بل هو يحتاج إلى من يبنيه من الداخل ويحمل همه في قلبه. وأخيراً السؤال الذي يجب أن يطرح بجرأة : متى تتحول المعارضة إلى خيانة ؟ الجواب بدون تعقيد: عندما تنتقل المعارضة من ميدان النقد إلى معسكر التحريض ضد الوطن ومؤسساته، عندما تتحدث بلغة التخوين والتحطيم، بدل أن تتحدث بلغة البناء والحرص، عندما تنتقل من المطالبة بالإصلاح إلى التحالف مع خصوم الوطن لإضعافه، عندما تخرج عن الثوابت بحجة الحرص على الوطن.


١٤-٠٥-٢٠٢٥
الشرع: سوريا لن تكون إلا ساحة للسلام ولكل طوائفها
وجه الرئيس السوري أحمد الشرع مساء اليوم الأربعاء، كلمة إلى الشعب السوري بعد لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السعودية ورفع العقوبات عن البلاد. وفي ما يلي أبرز ما جاء في كلمة الرئيس السوري أحمد الشرع: أيها الشعب السوري، لقد مرت سورية بمرحلة مأساوية في تاريخها الحديث تحت حكم النظام الساقط، قُتل فيها الشعب وهُجّر الناس، وغُيّبوا في سجون الظلام، وارتفعت أصوات المعاناة عاليا. كما هُدّمت مقدرات الدولة، ونُهبت بأيدي السراق القتلة، وتحولت سوريا إلى بيئة طاردة ومنفرة لأهلها ولجيرانها وللمنطقة والعالم، نُبذت سوريا وانزوت بعيدا عن أشقائها وأبنائها وجيرانها. باتت سوريا الحضارة غريبة عن تاريخها المشرف، وبعيدة عن أصالتها، وتأخرت عن مصاف الدول، وهناك في إدلب العز، وفي ظل الثورة السورية المباركة، كان يُبنى مستقبل سوريا الجديدة. تحررت البلاد وفرح العباد، وفرح معهم أشقاؤنا في الدول المجاورة، بل والعالم بأسره، وعادت روح الانتماء لشعبنا، وظهر جليّاً حرص الشعب على دولته الجديدة. حرصت الدول الشقيقة وشعوبها على مشاركة السوريين فرحتهم، وبدأت نافذة الأمل تطل وتشرف على مستقبل واعد، غير أن سوريا مكبلة بأعباء الماضي وآهاته. خلال الستة أشهر الماضية، وضعنا أولويات العلاج للواقع المرير الذي كانت تعيشه سوريا، وواصلنا الليل بالنهار، فمن الحفاظ على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي، وفرض الأمن وحصر السلاح، إلى تشكيل الحكومة واللجنة الانتخابية. تم الإعلان الدستوري وعقد المؤتمر الوطني، وإلغاء القوانين الجائرة، وتحرير السوق، وتقييم الواقع المؤسساتي، ووضع اليد على الخلل وطرق علاجها، وتزامن مع كل هذا جولات مكوكية للدبلوماسية السورية للتعريف بواقع سوريا الجديد. شاركت سوريا الجديدة في أهم المنتديات والمؤتمرات الدولية، ورفعت علمها في الأمم المتحدة، ونجحت في فتح أبواب مغلقة، ومهدت الطريق لعلاقات استراتيجية مع الدول العربية والغربية. لقد زرت الرياض قبل عدة أشهر، والتقيت الأمير ولي العهد محمد بن سلمان، ووعدني ببذل وسعه للسعي لإزالة العقوبات عن سوريا، ورأيت في عينيه وعيون شعبه حبا كبيرا. ثم زرت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وقف مع الشعب السوري وتحمل ودولته الكثير خلال أربعة عشر عاماً، واستضاف فيها ملايين السوريين مع كل ما تحمله من أعباء. رأيت أيضا الحب والود والفرح والاستعداد التام لأن تقف سوريا على أقدامها، ثم زارني وزرت الشيخ تميم بن حمد (أمير قطر) الذي صبر مع الشعب السوري بموقف يسجله التاريخ، ومنذ لحظة التحرير وهو يقف بجوارنا. ثم زرت الشيخ محمد بن زايد (رئيس الإمارات) الذي سارع بفتح أبواب الإمارات العربية المتحدة لإخوانه السوريين، وأبدى استعداده التام لفعل كل ما يلزم لتنهض سوريا من جديد. وكان أول من بارك لنا الملك حمد بن عيسى، ملك مملكة البحرين، وكذلك أشقاؤنا في الكويت وسلطان عمان، ولا أنسى ملك الأردن عبد الله بن الحسين، وترحيبه الحار وموقف المملكة بالقضايا الساخنة. كذلك الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، رأيت بعينيه حرصه على نهضة سوريا وإعمارها، وكذلك ليبيا والجزائر والمغرب والسودان والأشقاء في اليمن السعيد، ودولة الرئيس محمد شياع السوداني (رئيس الوزراء العراقي) الذي أبدى رغبته في إعادة العلاقات السورية العراقية. ثم كان لقاؤنا بالرئيس ماكرون (الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون)، الذي أبدى استعداده مبكرا لرفع العقوبات عن سوريا، ومعه في ذلك أهم دول الاتحاد الأوروبي كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، كما سارعت بريطانيا إلى رفع العقوبات عن سوريا الحبيبة. أيها الشعب، لقد كانت وحدتكم وحبكم لبلدكم وتضحياتكم لأجلها، وإظهار فرحتكم بسوريا الجديدة، والتفافكم حول قيادتها، ذا أثر كبير في التأثير بالرأي العالمي. إن تفاعل الجاليات السورية في الخارج ومساهمتهم البناءة في المطالب برفع العقوبات كان له أثر كبير. أيها السوريون، إن تلاحم الشعب ووحدته بين الداخل والخارج، وقربه من أشقائه وحسن جواره، هو رأس مال قوي لسوريا. اليوم نشهد ثمرة ذلك عيانا وواقعا، فليس هناك أجمل من الأخوة الصادقة والمحبة العفوية بين الدول وشعوبها. إنني اليوم لا أحتفل برفع العقوبات عن سوريا فحسب، بل فرحتنا تكمن في الأخوة الصادقة وعودة المشاعر الجياشة بين شعوب المنطقة. إن وحدة القرار والتوجه لا يخيبها الله، فقد صدق الأمير محمد بن سلمان بما وعد به، وصدق الرئيس أردوغان بمحبته، وصدق الأمير تميم بوفائه، وصدق الشيخ بن زايد بلهفته، وسائر الحكام صدقوا جميعا بمشاعرهم. وقد استجاب الرئيس ترامب لكل هذا الحب، فكان قرار رفع العقوبات قرارا تاريخيا شجاعا. أيها السوريون، إن الطريق لا يزال أمامنا طويلاً، فاليوم قد بدأ العمل الجاد، وبدأت معه نهضة سوريا الحديثة، لنبني سوريا معاً نحو التقدم والازدهار والعلم والعمل. من هذا المنطلق نؤكد أن سوريا تلتزم بتعزيز المناخ الاستثماري وتطوير التشريعات الاقتصادية وتقديم التسهيلات الكفيلة بتمكين رأس المال الوطني والأجنبي من الإسهام الفاعل في إعادة الإعمار والتنمية الشاملة. نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات. إن سوريا تعاهدكم أن تكون أرض السلام والعمل المشترك وتكون وفية لكل يد امتدت إليها بخير. سوريا بعد اليوم لن تكون ساحة لصراع النفوذ ولا منصة للأطماع الخارجية ولن نسمح بتقسيم سوريا ولن نفسح المجال لإحياء سرديات النظام السابق لتفتيت شعبنا، سوريا لكل السوريين. سوريا لكل السوريين بكل طوائفها وأعراقها ولكل من يعيش على هذه الأرض المباركة، التعايش هو إرثنا عبر التاريخ وإن الانقسامات التي مزقتنا كانت دائماً بفعل التدخلات الخارجية، واليوم نرفضها جميعا. لقد علمتنا المحن أن قوتنا في وحدتنا وأن طريق النهوض لا يعبد إلا بالتكاتف والعمل الجاد.


الغد
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- الغد
الوحدة في الاختلاف والتعددية
"التعددية" كقيمة، وفي بُعدها الحقوقي والسياسي والاجتماعي، تعني "مشروعية التعدد"، أي حق الجميع في التعايش السلمي، والاختلاف الفكري والثقافي والعقائدي، والتعبير عن ذلك دون خوف من الآخر. أما نقيضها فهو الإقصاء، وجوهره رفض الآخر وتهميشه. اضافة اعلان هذا المفهوم، كما هو مُعرَّف، مكفول دستوريًا؛ حيث يضمن الدستور حقوق المواطنين في الاعتقاد والتعبير والمشاركة السياسية، ويعترف بالتنوع الثقافي والاجتماعي كجزء من الهوية الوطنية. لكن، على أرض الواقع، يتعرض هذا المفهوم للتأويل أو التوظيف السياسي، وأحيانا للتشويه المقصود، يقابله أيضا ضعف في "إدارة التعددية" من قبل صانع القرار في الدولة. المؤسف حقا أن "التعددية" تُركت لفترة طويلة، من قبل الأطراف الفاعلة سياسيًا وحقوقيًا ومدنيًا في المجتمع، دون دفاع حقيقي ومبدئي عنها، في الوقت الذي أصرّت فيه القوى التقليدية على معاملة "التعددية" على أنها تهديد للأصالة والهوية الوطنية. وللأمانة، فإن بعضًا من هذا التخوف مفهوم، ولم يأتِ من فراغ؛ بل تأثر بالموجات الأيديولوجية العالمية التي حاولت أسقاط مفاهيم مرتبطة بالتعددية على المجتمعات العربية، دون مراعاة للسياقات الدينية والثقافية والاجتماعية. إلى جانب ذلك، لا شك أن التغيرات الإقليمية المتسارعة، ومخططات التهجير، ساهمت في خلق توتر واستنفار لدى العديد من التيارات الوطنية، تخوفًا على استقرار الثوابت أو محاولات المساس بالهوية الوطنية، والاستقرار السياسي للبلد. كل هذه المخاوف، وإن كانت مشروعة، لا تبرر تأجيل فتح النقاش حول "التعددية"، بمفهومها الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأهمية الدفاع عنها ورفض تغوّل أي تيار على الآخر، أو ممارسة الإقصاء داخل المجتمع، كواحدة من أهم مفاصل الإصلاح في الدولة. ثقافيًا واجتماعيًا، الوصفة السحرية للدفاع عن الهوية الوطنية وتعزيز أصالتها موجودة أمامنا؛ فلا نحتاج أكثر من التشبث بإرثنا الثقافي والحضاري، واستثمار التنوع الثقافي والجغرافي والعرقي، للتأكيد على أصالة هويتنا الوطنية وامتدادها التاريخي وعمق جذورها في هذه المنطقة. أما سياسيا، فلنعترف إننا كنا رهينة لاختزال مفهوم التنوع السياسي في ثنائية "إسلاميين" و"غير إسلاميين"، حيث أُبعِد مفهوم التعددية كمساحة شاملة للتوجهات السياسية المختلفة، واستمر الصراع في صورة مواجهة بين تيارات محافظة وإسلامية، دون أن تترك الساحة لتبلور مشروع وطني ديمقراطي واضح، يساهم في تعزيز مفهوم التعددية السياسية بالمعنى الواسع. وإذا كنا نتحدث عن التعددية السياسية، فما الذي يمنع أن تنشط لدينا أحزاب خارج هذه الثنائية لملء الفراغ الموجود؟ كالأحزاب السياسية ذات القضية الواحدة (Single-Issue Parties)، التي تركز في برامجها السياسية على قضية محددة واحدة، تعتبرها محور نشاطها السياسي. لدينا في الأردن ما يكفي من القضايا الشائكة؛ كالدفاع عن الحريات، والبطالة، وشح المياه، وسوء التخطيط الحضري للمدن، والتغول على الأراضي الزراعية، والتعدي على الغابات، وتدني مستوى خدمات التعليم والصحة. هذه القضايا، رغم عدم تصدرها المشهد الأيديولوجي، تبقى ملفات ملحة تتطلب حضورا سياسيا حقيقيا يعبر عنها. ضعف الإدارة المتعلق بالتعددية، أو غيابها في هذا التوقيت بالذات، وترك الفراغ الحاصل الذي ليفاقم التأويل والتوظيف، ويضعف فرص تبلور حياة سياسية قائمة على التنوع والاختلاف، لن يقتصر أثره على المشهد السياسي فحسب، بل سيمتد إلى البعد الثقافي والاجتماعي، مهددًا النسيج المجتمعي بتعميق الاستقطاب وتعزيز ثقافة الإقصاء، مما يجعل أي حديث عن الإصلاح خارج التاريخ.